المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المهزلة الطائفية المفضوحة للنظام المصري ضد حزب الله



جورج حداد
20/04/2009, 10:58 AM
جورج حداد*

أتحفنا النظام المصري مؤخرا بمسرحية طائفية ممجوجة خرج بها على الرأي العام المصري والعربي والعالمي، متهما حزب الله بتحضير "انقلاب شيعي" في مصر. وتأتي هذه المسرحية بعد الفشل الذريع لمؤامرة الحصار والعدوان الاسرائيلي الوحشي ضد الجماهير الشعبية الفلسطينية البطلة، الصامدة في غزة، وهي المؤامرة التي شارك ويشارك فيها النظام المصري ذاته. ونجد من الضروري القاء نظرة على "الخلفية التاريخية" لهذه المسرحية الطائفية:

منذ مئات السنين، وبالاخص في مرحلة الاستعمار العثماني للبلاد العربية، اصبح الانقسام الطائفي احد مقومات ومرتكزات السلطات المستبدة. ومع ان العثمانيين كانوا ابعد ما يكون عن حقيقة الدين الاسلامي السمح، وبسبب انتحالهم المذهب السني الكريم، فقد اصبحت الفئات الميسورة والوجهاء السنة ـ العرب اقرب الى السلطة ومواقع النفوذ وتحقيق المصالح الاقتصادية والمالية والتجارية؛ بينما أزيح الشيعة الى "الاطراف" وشغلوا مواقع هامشية جدا في الحياة السياسية والاقتصادية. وحينما انهارت الامبراطورية العثمانية، فإن الشرائح العليا السنية كانت اقرب الى التفاهم مع الاستعمار الجديد الاوروبي من اجل "وراثة" الحكم التركي البائد. في حين كان الشيعة المهمشون اقرب الى الثورة على الوضع الاستعماري الجديد. ونذكر هنا ان ثورة العشرين في العراق كانت بالدرجة الاولى ثورة المناطق الشيعية الفقيرة، ومعارضة الانتداب الفرنسي في لبنان منذ البداية قامت بالاغلب على اكتاف الشيعة (حركة ادهم خنجر وصادق حمزة، اللذين فرا الى جبل الدروز في حوران سنة 1922 وكان لجوئهما الى حماية سلطان باشا الاطرش هو الشرارة التي اطلقت الثورة السورية الكبرى في 1925 ـ 1927، وآخر منطقة ظلت تقاوم الفرنسيين حينذاك هي منطقة العرقوب في جنوب لبنان وكانت غالبية المقاتلين الثوار في تلك المنطقة من الدروز والشيعة).

وبعد الحرب العالمية الثانية تحولت مصر والسعودية وتركيا (السنية السلطة) وايران (الشيعية) الى مواقع ومراكز نفوذ للاستعمار الغربي. وللاسف ان المؤسسة الاكليركية (مؤسسة رجال الدين وليس الدين) السنية، التي يتم تعيينها من قبل السلطة في العادة، ظلت موالية للسلطة في بلدانها وللامر الواقع الموالي للاستعمار الغربي. اما المؤسسة الاكليركية الشيعية في ايران، المستقلة نسبيا عن السلطة وذات الارتباطات الشعبية، فوقفت بشدة ضد السلطة الموالية للاستعمار الغربي واسرائيل. وحينما عجزت القوى التقدمية والوطنية الايرانية (الشيوعيون وانصار محمد مصدق وغيرهم) عن اسقاط نظام الشاه، نجحت الحركة الاكليركية الشيعية الايرانية في تصدر المقاومة الشعبية لنظام الطاووس واسقطته في الشارع، ليس بقوة الدبابات وانقلاب عسكري نخبوي ـ أقلوي (على الطريقة الناصرية او البعثية)، بل بقوة ارادة الجماهير الشعبية الواسعة. وشكل سقوط الشاه زلزالا سياسيا في المنطقة اهتزت له وتزعزعت كل السلطات العربية الموالية للغرب وخصوصا منها ذات الطابع السني. فتآمرت كلها لدفع نظام صدام حسين الى الحرب ضد ايران لاحتلالها وتفكيكها، وحصر واخماد اللهيب الثوري الذي اطلقته المؤسسة الاكليركية الشيعية، التي ـ ودون التخلي عن وظيفتها وعقيديتها وطقوسيتها الدينية ـ تحولت الى ما يشبه "منظمة ثورية سياسية". وتسببت هذه الحرب بمآس لا توصف للشعبين الشقيقين. وطرحت اميركا حينذاك شعار "الاحتواء المزدوج" لكل من ايران والعراق. ولكن هذا الشعار نجح في العراق؛ ولم تستطع جميع الدول العربية حماية العراق المظلوم من الاحتلال الاميركي البشع. ولكن بالمقابل فإن سياسة الاحتواء الاميركية لايران فشلت فشلا ذريعا. وخلال الحرب العراقية ـ الايرانية، بذلت الستراتيجية الاميركية محاولات محمومة لتوريط ايران مع اسرائيل، وهو ما انكشف في ما يسمى "فضيحة ايران غيت". ولكن هذه المحاولات ادت الى نتائج عكسية، إذ ان المؤسسة الاكليركية الشيعية، وردا على تلك المحاولات، اصبحت اكثر جذرية في المواجهة مع اميركا واسرائيل، فاتخذت قرارا بالرد على خطر الاحتواء الاميركي ـ الاسرائيلي، على طريقة "الهجوم هو خير طريقة للدفاع"؛ فكان ظهور المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله في لبنان من ضمن هذا النهج الثوري؛ ويتأكد اكثر فأكثر ان تأسيس حزب الله المقاوم هو من ضمن خطة لمواجهة ستراتيجية "شيعية" شاملة مع اسرائيل والصهيونية العالمية وحليفتها الستراتيجية الامبريالية الاميركية. وهذا بحد ذاته يعتبر عاملا جديدا، بالغ الاهمية، على كل المستويات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، على المسرح الدولي. وفي خلال سنوات معدودات تحول حزب الله من قوة مقاومة محلية محدودة، مثله مثل اي تنظيم مقاومة فلسطيني في الساحة الفلسطينية، الى قوة عسكرية ـ سياسية كبرى تضاهي اسرائيل وتقف ندا لند بوجهها وتنتصر عليها، وهو ما لم تستطعه الجيوش العربية مجتمعة والمقاومة الفلسطينية بأسرها طوال اكثر من ستين سنة من المواجهة مع اسرائيل. وسواء اعجب ذلك ام لم يعجب مختلف الدول العربية المتخاذلة، فإن القيادة الاكليركية الشيعية (الايرانية ـ العراقية ـ اللبنانية) نجحت في نقل مركز الثقل في الصراع الدائر في المنطقة من العراق والخليج، والتآمر وحشد القوى ضد ايران، الى المواجهة مع اسرائيل. ولسوء حظ القيادات والسلطات "السنية" الموالية للغرب، فإن محور هذه المواجهة صار يتمثل في حزب الله "الشيعي"، وليس حتى في المقاومة الفلسطينية "السنية"، التي اصبح دورها، على كل اهميته، دورا ثانويا، متفرعا وملحقا بدور حزب الله.

وقد نجحت اميركا واسرائيل والانظمة العربية في شق الساحة الفلسطينية، وشنت الحرب الظالمة على غزة من اجل سحق بقايا المقاومة وفرض الاستسلام التام على الشعب الفلسطيني المظلوم، بهدف التفرغ التام للمواجهة مع حزب الله، ومع ايران، بحجة انهما يعرقلان السلام الاسرائيلي ـ العربي (ومن ضمنه الفلسطيني)، وبهدف تأطير الدول العربية "السنية" (ومعها تركيا) خلف اسرائيل في معركة حاسمة مع حزب الله وايران. ولكن هذه الخطة الجهنمية اصيبت بالتواءين كبيرين:

الاول ـ اقليمي، يتمثل بالصمود البطولي لجماهير الشعب الفلسطيني في غزة مما حرم السيد محمود عباس من امكانية التخلص من المعارضة الفلسطينية والتوقيع على صك الاستسلام باسم السلام، والانضمام "المريح" الى الجبهة الاميركية ـ الاسرائيلية ـ العربية في مواجهة حزب الله وايران.

والثاني ـ وهو اخطر بكثير هو الالتواء الدولي، حيث ان روسيا افهمت اميركا بأنها لن تقف مكتوفة الايدي ولن تسمح بتوجيه ضربة ستراتيجية لجارتها ايران بدون الاخذ بالاعتبار المصالح الروسية والامن القومي الروسي بالذات، وليس فقط الامن القومي الاميركي والاسرائيلي. اي ان روسيا طالبت اميركا بالاحجام عن توجيه ضربة عسكرية الى ايران، و ـ في اسوأ الاحتمالات ـ بالعودة الى "روح اتفاقية يالطا": "اذا اردتم اخذ ايران ومنطقة الخليج، فليكن ذلك بالتفاهم والمفاوضات؛ وبالمقابل: اتركوا لنا افغانستان واسيا الوسطى واوروبا الشرقية!".

وأسقط في يد اميركا، وامتنعت عن الجعجعة ضد ايران واخذت تفتش في "دفاترها القديمة" وتبحث عن السبل للتفاهم مع طالبان، من اجل ايجاد موانع "محلية" امام توسع النفوذ الروسي ـ الايراني المنسق، العائد حتما الى افغانستان. كما اخذت تبحث عن السبل للتفاوض مع ايران من جهة، ومع روسيا من جهة ثانية.

امام هذا المأزق الستراتيجي الدراماتيكي لاميركا واسرائيل والانظمة العربية الموالية لهما؛ عادت كل عوامل التفجير لتتجمع حول المواجهة بين اسرائيل وحزب الله الذي تقف وراءه بقوة المؤسسة الاكليركية الشيعية (العالمية).

وفي هذه المواجهة المصيرية تقف الدول العربية كلها على الهامش (لا بالعير ولا بالنفير؛ كما يقول المثل العربي القديم) فلا جامعة الدول العربية كلها ولا مصر ولا اية دولة عربية تمتلك الان مقدار شعرة من التأثير في قرار الحرب والسلم العربي ـ الاسرائيلي، الذي تقلص وانحصر في قرار الحرب والسلم بين لبنان واسرائيل، او الاصح بين حزب الله واسرائيل.

ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يجن جنون هذه الانظمة العربية المفلسة، لانها تعرف انها مهما تملقت او تملق بعضها حزب الله، فلن تصيب عنده اي نصيب في ان تصبح لها كلمة مسموعة لديه، في ما يخص القرارات الستراتيجية. وقد فات الاوان ان تتخذ جامعة الدول العربية قرارا بارسال "قوات ردع عربية" الى لبنان كما فعلوا سنة 1976، فجاءت تلك القوات "الشقيقة" وأمنت الغطاء السياسي والعسكري والامني لقتل كمال جنبلاط وتغييب الامام موسى الصدر وتحجيم ولجم الحركة الوطنية اللبنانية، بشقيها "اليساري ـ القومي" و"الشيعي"، واعادة تركيب النظام الطائفي اللبناني. الان لو دخلت كل الجيوش العربية الى لبنان فلن تستطيع ان ترفع اصبع بوجه اصغر مقاوم في حزب الله، الذي (مع احتفاظه التام بطابعه العقائدي ـ المذهبي الشيعي) كسب ثقة كل القوى الوطنية في لبنان، من القوميين العرب والناصريين والشيوعيين الى المسيحيين المعتدلين بقيادة تيار الجنرال ميشال عون، كما ـ وهذا في منتهى الاهمية والخطورة بالنسبة للانظمة العربية المتخاذلة ـ كسب ثقة الجيش اللبناني ذاته، الذي اصبح جزءا لا يتجزأ من ستراتيجية المقاومة في لبنان.

لقد وصلت الانظمة العربية الى درجة من الافلاس السياسي والعسكري انها تحولت ـ بالرغم من كل دكتاتوريتها ـ الى انظمة كاريكاتورية هزلية لا اكثر ولا اقل. ومن الطبيعي ان مثل هذه الانظمة الهزلية، العاجزة عن ان ترفع رأسها بوجه نتنياهو وليبيرمان واحقر مستوطن يهودي، واصبحت تهتم بمصير "جلعاد شاليط" اكثر من اسرائيل ذاتها، ـ هذه الانظمة لن يصدر عنها الا المهازل، لتبرير استمرار وجودها. والمسرحية التي خرج بها مؤخرا النظام المصري الفاسد والمتهافت، ضد حزب الله، ليست سوى مهزلة سخيفة يريد بها ارضاء نفسه بأنه لا يزال قادرا ان "يفعل شيئا" في المواجهة بين اسرائيل وحزب الله. الا انه صح فيه المثل القائل "صمت دهرا، ونطق كفرا". فالنظام المصري الذي وقع اتفاقية "كامب دايفيد" يريد ان يفهم اميركا واسرائيل انه لا يزال "صالحا للخدمة!". ولكن نظام مبارك اصبح اعجز بكثير من ان يستطيع تقديم هذه الخدمة لاسرائيل. واذا كان يعتقد فعلا انه قادر على ان يفعل شيئا، فهو فعلا يضحك على نفسه قبل ان يضحك على الجماهير الشعبية المصرية المناضلة التي آن الاوان ان تقول كلمتها في المشاركين في الحصار على غزة وحرمان اطفالها انفسهم من زجاجة الحليب وحبة الدواء. يا للعار!
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل

مصطفى عودة
20/04/2009, 10:08 PM
يا استاذ جورج
لماذا تتوارى عنا او تبتعد او تزهد في امتاعنا بانتاجك الفكري.؟ انا شخصيا استفيد من كتاباتك ،فلم تحرمنا من ذلك؟؟
لك تحياتي

مصطفى عودة
20/04/2009, 10:30 PM
(منذ مئات السنين، وبالاخص في مرحلة الاستعمار العثماني للبلاد العربية، اصبح الانقسام الطائفي احد مقومات ومرتكزات السلطات المستبدة. ومع ان العثمانيين كانوا ابعد ما يكون عن حقيقة الدين الاسلامي السمح، وبسبب انتحالهم المذهب السني الكريم..)

استخدام مصطلح الاستعمار لوصف الدولة او الامبراطورية العثمانية لانها ضمت البلاد العربية لجبهة التصدي للغرب وتحقيق التوسع بالقوة العسكرية في اوروبا ،لا يخدم المقال او الهدف الاساس منه ،ذلك لان تركيا المسلمة كانت تواجه انظمة الحكم العلمانية الغربية التي استغلت الدين لتحقيق ماربها السياسية والاقتصادية والتوسعية الاحلالية الاستيطانية للعالم العربي.


(وفي خلال سنوات معدودات تحول حزب الله من قوة مقاومة محلية محدودة، مثله مثل اي تنظيم مقاومة فلسطيني في الساحة الفلسطينية، الى قوة عسكرية ـ سياسية كبرى تضاهي اسرائيل وتقف ندا لند بوجهها وتنتصر عليها، وهو ما لم تستطعه الجيوش العربية مجتمعة والمقاومة الفلسطينية بأسرها طوال اكثر من ستين سنة من المواجهة مع اسرائيل).

الا يمكن اعتبار معركة الفرقان فارقا عسكريا وسياسيا يمكن ان يضاف الى المقاومة الفلسطينية؟؟

جورج حداد
21/04/2009, 09:50 AM
استخدام مصطلح الاستعمار لوصف الدولة او الامبراطورية العثمانية لانها ضمت البلاد العربية لجبهة التصدي للغرب وتحقيق التوسع بالقوة العسكرية في اوروبا ،لا يخدم المقال او الهدف الاساس منه ،ذلك لان تركيا المسلمة كانت تواجه انظمة الحكم العلمانية الغربية التي استغلت الدين لتحقيق ماربها السياسية والاقتصادية والتوسعية الاحلالية الاستيطانية للعالم العربي.
رد جورج حداد:
الاخ العزيز الاستاذ مصطفى عودة
في امثالنا الشعبية مثل يقول: ما كل ما يلمع ذهبا؛ والامبراطورية العثمانية، والقبيلة الاقطاعية ـ العسكرية العثمانية القديمة قد تبنت الاسلام ليس لاجل الانضمام الى الشعوب العربية ـ الاسلامية ودعم قضاياها العادلة والمحقة، بل لاجل الانضمام الى اعداء الشعوب العبية ـ الاسلامية ونهبها واستعبادها واستعمارها؛ فلنراجع تاريخنا بتمعن وروية فسنرى ان العثمانيين كانوا دوما حلفاء لليهود الخزر منذ ايام مملكة اليهود الخزر على بحر قزوين، كان الخزر يغزون على الروس والبلغار (قبل ان يتحولوا الى المسيحية الشرقية) ويسبون نساءهم بالتعاون مع العثمانيين، ويبيعون "الصيد" الى اليهود "العرب" الذين يبيعون الحريم الى الامراء والقواد المسلمين؛ وحينما توحد الروس بعد تبنيهم المسيحية الشرقية وتأسيس اول دولة لهم، فإن اول ما فعلوه هو تحطيم الدولة اليهودية الخزرية وطردهم، فلجأوا الى العثمانيين حلفائهم؛ واما البلغار الذين كانوا اضعف، فقد تبنوا الدين الاسلامي الحنيف واستنجدوا بالعرب المسلمين ليحمونهم من الخزر (راجع رسالة ابن فضلان) ولكن العرب لم ينجدوهم؛ واخيرا ـ وبنصيحة من اليهود الخزر ـ فإن العثمانيين تبنوا الاسلام من اجل السيطرة على الامبراطورية الاسلامية ونهب خيراتها، ومن اجل الغزو على الشعوب الاوروبية الشرقية باسم الاسلام؛ وقد نشأ تحالف موضوعي: عثماني (اسلامي كاذب) ـ يهودي خزري ـ اوروبي غربي (مسيحي كاذب) ضد شعوب اوروبا الشرقية (المسيحية الشرقية) وضد الشعوب العربية ـ الاسلامية غير العثمانيين؛ وتجلى ذلك تماما في الحروب الصليبية التي شنتها اوروبا الغربية ضد المسيحيين الشرقيين (البلغار واليونان والصربيين والروس والارمن) وضد المسلمين العرب والاكراد والفرس؛ وحينما احتل الصليبيون القسطنطينية فإن اليونانيين هربوا الى شمالي سوريا واستنجدوا بالعرب والاكراد المسلمين؛ وبعد الحروب الصليبية، وعودة اليونانيين الى القسطنطينية نشأت افضل العلاقات بين الاندلس والقسطنطينية، وشكلت الاندلس والقسطنطينية فكي كماشة حضارية عربية ـ اسلامية ومسيحية شرقية، اخذت تطبق على اوروبا الغربية؛ فنشأ حينذاك (بوساطة اليهود الخزر) تحالف استعماري بين اوروبا الغربية والعثمانيين لاجل تدمير القسطنطينية والاندلس؛ فدمر العثمانيون القسطنطينية واستعمروها امام اعين الاوروبيين الغربيين، ودمر الاوروبيون الغربيون الاندلس؛ ومن ثم هاجم العثمانيون اللاد العربية واستعمروها لصالح الرأسمالية اليهودية والاستعمار الغربي. فبعد اقل من عشرين سنة على معركة مرج دابق (1516م) وقع السلطان العثماني الملقب سليمان القانوني اتفاقيات "الامتيازات الاجنبية" مع الدول الاستعمارية الغربية (اول اتفاقية وقعت سنة 1535 مع فرانسوا الاول ملك فرنسا) ومارس العثمانيون استعمار البلاد العربية لصالح الاستعمار الغربي. وكانت اوروبا الغربية تتواطأ مع العثمانيين لكشف وسحق اي تحرك تحرري في المنطقة العربية وظهر ذلك بجلاء حين قيام حركة محمد علي باشا؛ فبعد ان وصلت قوات ابرهيم باشا الى الاناضول عمد القناصل الاوروبيون الغربيون الى تحريض الطوائف المسيرة من قبلهم (كالطائفييين الموارنة والدروز في لبنان وسوريا) ضد القوات المصرية، التي قطعت عنها الامدادات، وقطعت عليها طريق الرجعة؛ وحينما تراجعت قوات ابراهيم باشا متجنبة السير بمحاذاة الشاطئ اللبناني لتجنب الاصطدام بالموارنة الذين كانوا يتربصون بها، ومر في الداخل السوري، وقعت تلك القوات المنهكة في قبضة النمتمردين الدروز، الذين ذبحوا اكثر من 20 الف من قوات ابرهيم باشا الذين هم من الفلاحين المصريين الفقراء الذين تجندوا مع ابرهيم باشا للتخلص من النير العثماني البغيض؛ واذا راجعت تاريخ العثمانيين في فلسطين المنكوبة فستجد ايضا ان الادارة العثمانية كانت (مثل الامم المتحدة) تصدر القرارات التي تمنعاليهود من الاقامة في القدس، ولكن على الارض يقوم الباشوات ببيع الاراضي وبيع "الاقامات" للمستوطنين الصهاينة الاوائل، وهو ما فضحه تماما نجيب العازوري الذي كان موظفا لدى العثمانيين في القدس، فلاحقوه واضطر الى الهرب الى مصر ومن ثم الى فرنسا حيث كتب كتابه المعروف "يقظة الامة العربية" الذي صدر سنة 1904م.

سمير فياض
21/04/2009, 05:31 PM
اخي الاستاذ مصطفي

ان الاحتلال التركي لبلادنا لمدة 402 عاما كان الاقذر فقد قسمنا الى طبقات وشنق احرارنا واخذ اجدادنا للمنافي وسفر برلك
كله باسم الدين زائد اغتصابه لكيليكا والاسكندرون التي زيد مساحتهما اضعاف عن مساحة فلسطين
اما حزب الله فهو يمثل عزتنا وبمقاومته استرد بعض كرامتنا
لك احترامي

أحمد الفهد
23/04/2009, 10:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم،
حضرة الأستاذ المحترم جورج حداد،
تحية وبعد،
لي ملاحظات نقدية على قراءتك التاريخية أرجو أن يتسع لها صدرك، سأوردها بأكبر قدر من الإيجاز.
(1) ترجمتي للخلفية التاريخية التي جاءت في مقالتكم لقضية خلية حزب الله في مصر هي: أن الحركات الأصيلة والثورات في العالم العربي كانت دائماً شيعية، أو أنها لم تكن سنية لأن العرب (السنة) كانوا دائماً موالين للسلطة سواء أكانت وطنية أم أجنبية. ومن هنا يأتي إلماحكم المباشر إلى أن ما حدث بين حزب الله ومصر ما هو إلا امتداد لهذه العلاقة المتناقضة وحلقة أخرى من جذرية وأصالة العمل الثوري الشيعي وتخاذل الموقف "السني" وتآمره.
بالنسبة لي، خلفية القضية تتمثل بكل بساطة في الصراع الإقليمي الذي تقف كل من مصر وإيران فيه في خندقين مختلفين.
إذا استثنينا لبنان، والعراق، فإن نسبة الشيعة -أبان الحرب العالمية الأولى وانسحاب تركيا العثمانية من المنطقة- من عدد السكان في بقية بلدان الوطن العربي التي استقلت عن الاستعمار الأوروبي، مثلاً: مصر وليبيا وتونس والمغرب والجزائر والسودان وموريتانيا والأردن وفلسطين وسوريا والجزيرة العربية، كانت = صفر. وإذا كانت تساوي صفراً فكيف سينطبق التحليل التاريخي في مقالتك عليها؟
في حقيقة الأمر، القاعدة الأكثر أرجحية في التحليل العلمي تقول إن الأقليات الصغيرة تميل إلى تملق السلطة الحاكمة والمستعمر وخطب ودهما والتحالف معهما أكثر من "الأقلية" التي تمثل غالبية السكان، وذلك حماية لمصالحها ووجودها أمام الأقلية الأكبر. هذه قاعدة حُكمت على أساسها شعوب كثيرة دون شرح مطول.
(2) كنت سأتسائل عن تعبير "انتحلوا" في قولكم "...أن العثمانيين .... انتحلوا المذهب السني". ولكن جاء ردك على الأخ مصطفى عودة ليجيب عن التساؤل ولكن ليطرح تساؤلات أشد استغراباً منها مثلاً: على أي أساس يقدم الخزر اليهود النصح للأتراك باعتناق الإسلام؟
(3) كتبت حضرتك أن محمد مصدق والشيوعيين عجزوا عن إسقاط الشاه (حيث نجحت الأكليريكية الشيعية فيما بعد)، وهذا يناقض حقائق التاريخ: فمصدق نجح في ثورته وهرب الشاه إلى بغداد ومن ثم إلى روما. وكان من أول أعمال مصدق تأميم النفط الإيراني وسحب الاعتراف بإسرائيل. وتم إسقاط حكومة مصدق بعملية شهيرة مشتركة للمخابرات الأمريكية والبريطانية أُطلق عليها اسم "أجاكس" وأشار بعض المؤرخين الذين يعتد بهم إلى أن رجال الدين في إيران لم يكونوا خارج اللعبة، ولكن لينجحوا بعد مصدق بـ 25 سنة بإسقاط الشاه.
(4) جاء في مقالتكم " بذلت الستراتيجية الأميركية محاولات محمومة لتوريط إيران مع إسرائيل، وهو ما انكشف في ما يسمى "فضيحة ايران غيت"". وقد ثبت من مصادر عدة غير ذلك، وعن تزويد إسرائيل لطهران بالأسلحة حتى قبل إيران غيت.
(5) وجاء فيه أيضاً " القيادة الاكليركية الشيعية (الايرانية ـ العراقية ـ اللبنانية) نجحت في نقل مركز الثقل في الصراع الدائر في المنطقة من العراق والخليج، والتآمر وحشد القوى ضد ايران، الى المواجهة مع اسرائيل".
أستاذنا الكريم! لو كنت أنا مدافعاً عن إيران لم أقدمت على هذا الزعم الصعب. فالسياسات الإيرانية في أفغانستان والعراق كانت عاملاً مساعداً وشريكاً في تدمير البلدين وتحطيم آمال شعبيهما ومقتل مليون ونصف عراقي وتشريد الملايين وكوراث وخسائر غير قابلة للحساب مهما كانت الآلة الحاسبة. وعلى العكس مما تفضلتم به، لقد انتقل مركز الصراع والاهتمام طيلة السنوات الست الماضية إلى العراق والخليج على حساب القضية الفلسطينية.
(6) تجاهلتم في تحليلكم وسردكم عنصراً مهما وهو المقاومة العراقية التي رفعت رأس الأمة عالياً وأسقطت النظريات الاستعمارية وعمت فوائدها حتى على إيران نفسها. وبتقديري لا يمكن اليوم الحديث عن أي متغير في المنطقة دون أخذ العراق ومقاومته بعين الاعتبار، وخاصة أنها "الإلتواء" الأهم الذي ألمَّ بالخطط الاستعمارية.
(7) كذلك قللتم من شأن المقاومة الفلسطينية في لبنان وفلسطين بطريقة مقصودة، وقلتم إن قوات الردع العربية جاءت عام 1976 كي تؤمن "الغطاء السياسي والعسكري والامني لقتل كمال جنبلاط وتغييب الامام موسى الصدر وتحجيم ولجم الحركة الوطنية اللبنانية" في تجاهل لا يقبله العدل للمقاومة الفلسطينية.
شاكراً لكم سعة صدركم،
أحمد الفهد

جورج حداد
26/04/2009, 09:21 PM
الاخ العزيز الاستاذ احمد الفهد المحترم
اود اولا ان اشكرك على هذه المداخلة العلمية والموضوعية القيمة، التي تنضح بالصدق والاخلاص؛ واسمح لي بالرد بما يلي:
ـ1ـ في حديثي عن الارتباط بالسلطة بما في ذلك السلطة الاستعمارية، انا لم اتحدث عن الجماهير السنية، بل عن الفئات الميسورة والوجهاء والشرائح العليا والاكليركية السنية. وطبعا انكم توافقونني الرأي انه هناك فارق جوهري بين التعريفين.
ـ2ـ اتفق معك انه يوجد في الاقليات الصغيرة والمتوسطة اتجاه قوي للتفاهم مع السلطات القائمة وتملقها وخدمتها من اجل الحصول على مكاسب على حساب الاكثرية، والسلطات "الوطنية" اللاوطنية والاستعمارية كانت على الدوام تستفيد من هذا الاتجاه. ولكن بالاضافة الى هذا الاتجاهالاقلوي، فإن التجربة التاريخية تبين لنا ان هذه الاقليات قد افرزت ايضا اتجاها مناقضا تماما، هو الاتجاه الثوري والوطني والقومي الاكثر وعيا والاكثر راديكالية. وفي هذا الصدد نشير الى دور الادباء المسيحيين العرب في النهضة العبية الحديثة، ودور الثوريين المسيحيين في تكوين الاحزاب اليسارية والقومية (بصرف النظر عن الانحرافات السلطوية اللاحقة) كالاحزاب الشيوعية وحزب البعث والحزب القومي السوري والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها. وهذا ما جعل الكتلة البشرية المسيحية عرضة لضغط مضاعف: أ ـ ضغط العامل الطائفي الموجود تقليديا في المجتمعات العربية. ب ـ ضغط القمع الموجه الى القوى اليسارية من قبل السلطات الاستعمارية والاحتلالية والدكتاتورية. واننا نرى بأم العين ان الكتلة البشرية المسيحية العربية تذوب وتختفي بالتدريج وخصوصا في البلدان التي يشتد فيها الصراع كفلسطين ولينان والعراق. واذا اعتبرنا ان الشيعة هم اقلية (علما انهم في الاطار اللبناني لوحده ليسوا اقلية، وكذلك في الاطار العراقي لوحده) فإننا لا نستطيع الا ان نرى ان الشيعة اللبنانيين والعراقيين كانوا على الدوام خزانا جماهيريا ضخما للمعارضة والحركات الثورية. وهذا ينطبق بالخصوص على لبنان، حيث ان الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية في بيروت وقبل 1976 الاحياء الشيعية في بيروت الشرقية (ابرج حمود والنبعة والكرنتينا)، فإنها تحولت الى قلاع حقيقية للمقاومة الفلسطينية. وهذا ما دفع الاجهزة المشبوهة اللبنانية واجهزة المخابرات العربية (جدا عربية!!!) والمخابرات الاميركية والاسرائيلية لتنظيم حرب المخيمات "الشيعية" ـ الفلسطينية في الثمانينات من القرن الماضي، من اجل زرع الشقاق بين الجماهير الشعبية الشيعية والمقاومة الفلسطينية، وابعاد الشيعة عن الالتزام بالقضية الفلسطينية. وقد نجحت هذه الكؤامرة في حينها نجاحا جزئيا ومؤقتا. الا ان "نجاحها" ذاته كان احد الحوافز لانشقاق "حركة امل" الشيعية التي قادت حرب المخيمات، ولانطلاق "المقاومة الاسلامية" بقيادة "حزب الله" الشيعي، الذي تحول الى قوة اقليمية رئيسية بوجه اسرائيل، جعلها تترحم على ايام وجود المقاومة الفلسطينية ذاتها في لبنان.
ـ3ـ تساؤلك عن الانتحال الديني من قبل العثمانيين هو في محله تماما. واجيب على هذا التساؤل بما يلي: أ ـ في نهاية القرن الرابع كانت الديانة المسيحية قد اصبحت ديانة رسمية للدولة الرومانية ـ البيزنطية؛ وفي نهاية القرن السابع كانت الديانة الاسلامية قد اصبحت ديانة رسمية للدولة العربية ـ الاسلامية الناشئة. وكون ديانة ما تصبح ديانة رسمية لدولة ما، يعني ان جاذبية تلك الديانة لم تعد تقتصر على الدعوة الرسالية فقط، بل واصبحت تشمل المصلحة ايضا. وبشكل ما يصبح الانتماء الى الدين بحافز المصلحة عبئا اخلاقيا وانسانيا واخيرا سياسيا على الديانة المعينة بوصفها رسالة انسانية. واعتقد اننا نتفق على هذه النقطة. ب ـ ان حوض بحر قزوين وامتداده الشمالي بأتجاه السهوب الروسية الشاسعة، هو المحيط الاقرب للارض العربية، وحوض البحر الابيض المتوسط، مهد الديانتين المسيحية والاسلامية، ومركز الدولتين المسيحية والاسلامية، اللتين كانتا تضمان فيما تضمان، الجماعة اليهودية ذات القاعدة الشعبية المترجرجة والقيادة الدينية والمالية والسياسية المصلحية والانتهازية واللامبدئية. وكانت هذه الديانات الثلاث تتسابق لكسب المنتسبين الجدد، بالدعوة من جهة، وبالاغراءات المصلحية من جهة ثانية. وفي بدايات تلك المرحلة (نهاية القرن السابع وما بعد) كان الخزر والعثمانيون والبلغار القدماء (بلغار الفولغا) والروس وثنيين. وكان البلغار والروس ينتشرون في اراض واسعة وغنية، ويعتمدون على الزراعة والصيد والحرف في معيشتهم، ولذلك استطاعوا لاحقا تطوير دولة ذات حضارة راقية. وقد تبنى البلغار القدماء (بلغار الفولغا) الدين الاسلامي بدون ان يكون لهم اتصال جغرافي مع الدولة العربية الاسلامية، واعلنوا الاسلام دينا رسميا لدولتهم سنة 922م. اما الروس فظلوا جماعات مشتتة لا يجمعها دين واحد ولا دولة واحدة حتى ما بعد النصف الثاني من القرن العاشر. اما الخزر والعثمانيون، فكانوا قبائل اقطاعية محاربة تعيش على الغزو والسلب والنهب؛ وكان ضحاياهم الدائمون والمباشرون: البلغار والروس. وقد تبنى الخزر الديانة اليهودية، واسسوا مملكة الخزر اليهودية في محيط بحر قزوين، واقاموا علاقات تجارية قوية مع الدولة العربية الاسلامية، التي كانت جل تجارتها خاصة الدولية بيد اليهود "العرب"، الذين كانت لهم اليد الاولى في تهويد الخزر من اجل التجارة بالذات. وكانت عاصمة المملكة الخزرية "ايتيل" مركزا تجاريا مهما. وكان فيها حي "اسلامي" شبه مستقل (راجع رسالة ابن فضلان) يتزعمه زعيم تركي؛ وكان التجار "المسلمون ـ العرب" (لا يقول لنا ابن فضلان من هم هؤلاء التجار "المسلمون ـ العرب"، وانا ارجح انهم التجار اليهود "العرب"، وخدمهم طبعا، لان التجارة الخارجية في الدولة العربية ـ الاسلامية كانت بيد اليهود "العرب")؛ ـ كانوا يأتون الى هذا الحي ويقيمون ثم يرحلون بدون ان يسألهم احد شيئا. وكانت علاقة الزعيم التركي لهذا الحي "الاسلامي" التجاري ابلملك اليهودي الخزري مباشرة. وكانت اهم تجارة تمر من المملكة الخزرية الى الدولة العربية ـ الاسلامية، بواسطة التجار اليهود، هي تجارة الحريم والغلمان، الذين كان يتم سبيهم من قبل الخزر والعثمانيين من البلغار والروس والروم الشرقيين (الاغريق والمقدونيين). هذا هو الاساس "المصلحي" الذي دفع الخزر الى تبني الديانة اليهودية. وبعد ان تبنى الروس الديانة المسيحية في النصف الثاني من القرن العاشر واسسوا على الاثر دولتهم الموحدة، دون الانضمام الى بيزنطية، فإن اول عمل دولي قاموا به هو تدمير مملكة الخزر اليهودية. وفي هذه المرحلة بالذات، وبعد ان فقد العثمانيون ركيزتهم السابقة في الدولة الخزرية، قاموا بتبني الديانة الاسلامية ليس بدافع القناعة الدينية بل بدافع حساب المصالح، نظرا للنفوذ الذي كان اليهود "العرب" لا يزالون يتمتعون فيه في الدول العربية ـ الاسلامية. وقد تابع العثمانيون، بعد "اسلامهم المصلحي"، وبالتعاون مع الخزر، تابعوا سياسة الغزو والسلب والنهب ضد البلغار "المسلمين" وضد الروس. وهذا ما دفع البلغار المسلمين للتخلي عن اسلامهم، وتبني المسيحية، بسبب "الاسلام المزيف" للقبائل الغازية العثمانية. وفيما بعد تحولت الامبراطورية العثمانية، وخصوصا الاستانة، الى اكبر مركز تجمع للمتمولين اليهود الخزر، الذين كانوا هم "المفتاح" الفعلي لـ"الباب العالي". ومن مركزهم الجديد هذا عملوا مع اوروبا الغربية لاسقاط الاندلس، ولاستعمار البلاد العربية ووضعها تحت الجزمة العثمانية مئات السنين، ثم تسليمها بلادا قاعا صفصفا للاستعمار الغربي والصهيونية العالمية. ولا تزال تركيا الى اليوم اهم بلد "اسلامي" مساند لاسرائيل (وبالاذن من مسرحية "الشاطر حسن" للسيد رجب طيب اردوغان).
ـ4ـ انت محق تمامافي ان الوطني الايراني العظيم محمد مدق وصل الى السلطة، وفر الشاه في وقتها. ولكنني انا ايضا، من زاوية النظر التاريخية التي احلل من خلالها، محق في ما ذهبت اليه. لان الثورة بزعامة مصدق قد فشلت بالنتيجة امام المؤامرة التي قادها عميل السي اي ايه زاهدي. وتم سجن محمد مصدق، واغتيال الزعيم الوطني المرموق حسين فاطمي وهو قيد الاعتقال، كما تم تطهير الجيش الايراني واعدام مئات الضباط الشيوعيين والوطنيين والدمقراطيين من خيرة ابناء الشعب الايراني، وتحولت ايران الشاه من جديد الى قاعدة للامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية لمدة اكثر من ربع قرن اخرى، الى ان استطاعت الاكليركية الشيعية تأليب وتحريك الشارع الايراني من جديد واسقاط الشاه بلا رجعة هذه المرة. اما لجهة وجود بعض رجال الدين الشيعة الى جانب الشاه، فهذا شيء "طبيعي"، ولكن المؤسسة الاكليركية الشيعية في ايران كانت تاريخيا اقرب الى نبض الشارع، بعيدة عن الشاه وضده.
ـ5ـ طبعا ليس في نيتي الانتقاص من اهمية المقاومة العراقية البطلة ضد الاحتلال الاميركي الغاشم. وانا افهم بالمقاومة المقاومة ضد العدو القومي، وليس الغرق في النزاعات الطائفية، ولو كان بذرائع "وطنية" و"قومية". الا اننا لا يمكن ان نرى الحقائق التاريخية حتى لو اردنا النظر، او فرض علينا النظر من خلال غربال: والحقيقة التاريخية تقول لنا ان اميركا والصهيونية العالمية، بعد احتلال افغانستان، قامت باحتلال العراق وتمزيقه وارتكاب المجازر البشعة، من اجل تحويله الى قاعدة مستقرة لمتابعة الهجوم على ايران واسقاطها، ومن ثم التفرغ لتصفية الحساب مع "المقاومة الاسلامية" بقيادة حزب الله في لبنان، وتصفية الحساب مع حماس في فلسطين، وبذلك تفتح الطريق نهائيا لولادة "الشرق الاوسط الكبير الجديد" كما "بشرتنا" غونداليزا رايس. ولكن اببروز القوي للمقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله في لبنان، وتسجيل اول انتصار بالانسحاب الاسرائيلي غير المشروط من الجنوب والبقاع الغربي المحتلين، ادى من جديد الى شد الاهتمام الى القضية المركزية للصراع وهي الصراع العربي ـ الاسرائيلي، بسبب دخول عامل نوعي جديد، وهو ان اسرائيل اصبحت لاول مرة في تاريخ وجودها المشؤوم، مهددة في صميم هذا الوجود.
ـ6ـ انا لم انتقص البتة من الاهمية والقيمة التاريخية للمقاومة الفلسطينية البطلة. ولكن اي مراقب لا يستطيع الا ان يلاحظ ان مركز الثقل في الصراع العربي ـ الاسرائيلي قد انتقل من المقاومة الفلسطينية الى المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله، اولا بفضل السياسة الاستسلامية التي انتهجتها قيادة منظمة التحرير وسلطة عباس التي تخلت عن فلسطين التاريخية من اجل وعد بتحقيق دويلة فلسطينية لن تجد النور ابدا؛ وثانيا بفضل الستراتيجية القتالية والتسليحية والتعبوية والسياسية الخلاقة والفعالة التي انتهجها حزب الله، والتي استفاد فيها بدون ادنى شك من كل اخطاء الماضي من قبل الانظمة العربية ومن قبل المقاومة الفلسطينية ذاتها.
وتقبل انت وجميع الاخوة من الكتاب الاكارم والقراء الاعزاء في واتا كل المحبة والتقدير والاحترام

ضياء الدين البري
26/04/2009, 10:13 PM
أتحفنا النظام المصري مؤخرا بمسرحية طائفية ممجوجة خرج بها على الرأي العام المصري والعربي والعالمي، متهما حزب الله بتحضير "انقلاب شيعي" في مصر. وتأتي هذه المسرحية بعد الفشل الذريع لمؤامرة الحصار والعدوان الاسرائيلي الوحشي ضد الجماهير الشعبية الفلسطينية البطلة، الصامدة في غزة، وهي المؤامرة التي شارك ويشارك فيها النظام المصري ذاته. ونجد من الضروري القاء نظرة على "الخلفية التاريخية" لهذه المسرحية الطائفية:


..........



السلام عليكم .. مجرد راي ..

الاستاذ جورج حداد

تحية طيبة

وكما ان هناك راي , هناك راي اخر ,


كتابتك عن التاريخ لايجادلك فيها الا اهل الدراسات التاريخية ,
ولكن اود ان احادثك من خلال بداية طرحك , والتي بداتها ,
بتسمية الوضع القائم الان بانه مسرحية طائفية , وكما اعطيت
لنفسك الحق في ابداء رايك من هذه الزاوية , وهذا المفهوم ,
اود ان اؤكد لك بان كتابتك بهذا المضمون لا ولم يجد من يتفاعل
معك ولا معه , لاننا الان في هذا الجو المتقلب نحتاج من يضمد
ويعالج بدلا من التجريح , ويصحح بدلا من التشويه , ويقرب ويتقرب
بدلا من السعي للتفرقه المسمومة , اننا كشعوب لسنا محتاجين لهذه
النوعية من الكتابات , لاننا نعاني عدم المصداقية في معظم مايعلن عنه ,
محتاجين لمن يكتب ويخاطب طرفي النزاع بمحبة للوطن ككل وليس بالعنصرية
المستفزة , العنصرية التي اخرتنا قرونا بسبب تجزيء الوطن الواحد الي
اقليات , وهذا مااراده اعداء هذه الامة واكده من يكتب ليؤكد هذه التفرقه
العنصرية بين ابناء الجسد الواحد ,
انني من ارض الكنانة اناشدك والذين ينهجون نهجك , ان يتمهلوا ويسعوا
لبث روح المحبة بين ابناء الوطن الواحد , بدلا من بث روح العداء والكراهية,
كلنا جسد واحد , وروح واحدة , ومهما اختلفنا في الراي لابد وان نراعي
المصلحة العامة لهذا الوطن الغالي , وان كان ولابد , اقول راي دون ان ا قصد
التجريح في مسؤل او شعب , فنحن بقدر محبتنا للكنانه وزعيمنا بقدر محبتنا
واعتزازنا بالوطن الكبير وقادته وشعوبه , وهذا هو دستورنا نحن اهل الكنانه .

اشكرك اخي
وللجميع تحياتي

مصطفى عودة
28/04/2009, 10:44 PM
[وهذا ما دفع الاجهزة المشبوهة اللبنانية واجهزة المخابرات العربية (جدا عربية!!!) والمخابرات الاميركية والاسرائيلية لتنظيم حرب المخيمات "الشيعية" ـ الفلسطينية في الثمانينات من القرن الماضي، من اجل زرع الشقاق بين الجماهير الشعبية الشيعية والمقاومة الفلسطينية، وابعاد الشيعة عن الالتزام بالقضية الفلسطينية. وقد نجحت هذه الكؤامرة في حينها نجاحا جزئيا ومؤقتا. الا ان "نجاحها" ذاته كان احد الحوافز لانشقاق "حركة امل" الشيعية التي قادت حرب المخيمات، ]

تقصد حافظ الاسد وملك السعودية.

باهر هاشم الرجب
12/05/2009, 10:33 PM
الأخ الأستاذ ضياء الدين البري المحترم
تحية حب عراقية خالصة من قلب عراقي موجوع ومجروح
اضم صوتي الى صوتك واناشد الأخوة المشرفين الأعزاء على التصدي لمثل هذه الكتابات التي من شأنها تفريق الأمة العربية لا جمعها لأن الطائفية تولّد البغضاء والألم
وبدوري اشكر الأستاذ جورج واتمنى عليه أن يكتب لتوحيد الصف العربي المسلم بشيعته وسنته مع المسيحي لا للهجوم على اهل السنة وشق الصف المسلم
فلسطين في قلب كل عراقي منذ الأزل وكذا مصر وسوريا والأردن والسعودية ولبنان وتونس والسودان وكل بلاد العرب وأكرر العرب هي بلادنا واهلنا ولا نرضى اية كلمة جارحة على اي بلد عربي شقيق .
ليعيننا الله على الإستعمار الثلاثي الألفي (امريكا ايران اسرائيل) ومَن والاه
وما حدث في بلدي اكبر دليل و صورة واضحة لكل متسائل.