المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ............06........



ضيف الجيلاني
20/04/2009, 01:20 PM
أصوات متباينة وصخب يرتفعان في مستودع الشركة..جمهور من العمال احتشد أمام باب المستودع.. أعناق تشرئب وأخرى تنشد استراق النظر من ثغرة قد تجدها في صفوف هذا الجار البشري الهائل..الأمر على غير العادة !! لم أر طيلة السنتين التي باشرت فيها العمل في هذه الشركة مشهدًا كالذي أراه اليوم..
بغتة تأتي سيارة اسعاف تنعق في محيط المكان ترفع عقيرتها بصوت مزعج مخيف, بدأت ملامح الحدث تتشكل..لعلّه حادثٌ.!؟
هرعت إلى المكان أستطلع الأمر في فضول وذعر,لا أعلم ما الذي جعل الذعر يتسلسلل إليّ..
ـ أبي!! أبي!!
تذكرت أن أبي متواجد بداخل هذا المستودع الذي طالما نعته الكل بأنه مشؤوم..ــــ ما الذي جرى؟ إن الحاجز البشري الذي يسدّ فوهة المستودع لا يسمح لسيارة الاسعاف أن تدلف إلى المكان!! ألقيت بجسمي المتهالك في هذا البحر البشري المتلاطم..
ــ العم أحمد!! الرجل الطيب!! ـ ماله؟ ــ لقد أسقطت عليه الرافعة......؟
ماذا؟ العم أحمد؟ لقد تجمد الدم في عروقي ؟؟واعتراني ذهول وكأن الصاعقة سقطت على رأسي!! ربّاه إنه أبي؟؟
لا أدري لم جعلت أبي الضحية الممكنة؟؟ ـ وكأن أبي لم يقنع من هذه الحياة بما تجمّع له من مصائب ورزايا ـ مع وجود أكثر من أحمد في المكان؟؟ تشتت أفكاري ووقفت واجما في مؤخرة الحشد لا أدري ماذا أفعل؟
ـــ نعم لن يكون غير أبي؟! إنه الرجل العجوز الوحيد؟؟ والطيب الوحيد في المستودع؟؟ لاأدري لم اعتراني خجل ممزوج بتأنيب غير مبررين!! لِمَ أعتبره طيبًا بين فريق من العاملين؟ ألأنه أبي؟؟
أوقفت سيل أفكاري المشوشة المضطربة, كنت أزاحم بمنكبيّ الحضور ولم أشعر إلاّ وأنا داخل المستودع!! أعاين مشهدًا ما رأيته إلاّ في الأفلام التلفزيونية!!
شابٌّ لم أتمثّله يبكي ويصيح: لقد قتلته!! لقد قتله!! لقد قتلت عمي أحمد الرجل الطيب!! وممرضان يستعينان بثلة من العمال يسعون لانتشال جثة هذا الأحمد الطيّب..لقد ردم تحت (كراتين) السكر المعلب!!
.......................................
فجأة تناهى إلى خلدي المضطرب أنني لم أخطىء حين اعتقدت أنّه أبي!! نعم كانت الضحية أبي!! بدأت أسترجع كلمات كانت تقصف سمعي قبل أن أقف على المشهد( ــ مسكين كان رجلاً مثالا للطيبة! يالهذا الشاب الممسكين,كيف سيعيل أخواته الستة!!..ألسته!! الرقم كان المفتاح الذي فك شيفرة هذا اللغز الحزين)
ــ لقد انتشلوه.. لم يكن غير جثّة هامدة..ارتسمت على ملامحها المشوّهة بفعل الحادثة.علامات بؤس وشقاء ظلاّ يطاردان هذا الرجل البائس!!
الحضور منذهلون لوجومي وصمتي وسكوني!!
بائسًا عاش وحزينًا أمضى ستة عقود من الزمن!! الزوجة الضريرة التي كانت سندًا له في مأساته أشفقت عليه ورحلت!! نعم رحلت لتتركه يواجه مستقبلاً شقيًا رصيده فيه ست بنات وشيخوخة مبكّرة يُضاف إليها دخل محدود..وو....
.................................
رعشة مفاجئة أصابتني واضطراب في بصري ووهن سرى في جسمي...شلّّّ حركتي وتفكيري....ولم أشعر إلاّ وأنا أفرّ من المشهد البائس فرار جندي مهزوم..لأستجمع قوى وأحشد طاقة لمستقبل لالون له يصنعه الرقم ستة.... وأغمي علي...
ضيف الجيلاني

ضيف الجيلاني
20/04/2009, 01:35 PM
صباح الخير أخي لخضر...
لقد وعدتك بالقصة التي حدّثتك عنها!! الموضوع تهلهل في فكري,ولم أستطع أن استجمع منه غير هذه البقايا..... تحياتي الخالصة ولا تنس ما طلبته منك .