المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسافةُ بين الصوت و الصورة !!!



حليمة الغفولي
21/04/2009, 12:04 AM
حين تقدمت سوزان بويل تحمل سنواتها ال 47 على كتفيها المتهدلين بجسمها الممتلئ وشعرها الأشعث و هندامها الممعن في البساطة قبل أيام على خشبة مسرح غلاسكو كعضوة مشاركة في برنامج المواهب الموسيقية البريطاني ، لم يجد أعضاء لجنة التحكيم الثلاثة أي حرج في إظهار تأففهم وسخريتهم من هذه القروية الأسكتلندية ، ومن حقها البسيط في الحلم بأن تصير مغنية ، لدرجة أن صاحب فكرة البرنامج سألها لاذعا بما معناه : على أي كوكب تنوين أن تحققي ذلك ؟
رد فعل الجمهور لم يكن بأرحم من اللجنة ، خصوصا حين سُئلت عن مثلها الذي تقتدي به في عالم الفن فردت بكل ثقة وبساطة : إلين بايج لتتعالى ضحكات السخرية من جميع الحاضرين دون اسثناء.
بَيد أن سوزان و بعد لحظات فقط قلبت كل الموازين لصالحها و أحدثت المفاجأة بصوتها العميق الأخاذ الذي غطى على مظهرها القروي وأدهش جميع الحاضرين بمن فيهم لجنة التحكيم وجعلهم يقفون تقديرا لها و إعجابا بصوتها ، هذا الإعجاب الذي ترجموه إلى تصفيقات ملأت أرجاء المسرح الكبير ، لتتحول تعابير السخرية و الإمتعاض إلى تعابير الذهول و الصدمة ، و يعلن أعضاء لجنة التحكيم عن أنها موهبة لا تصدق و أكبر مفاجأة حدثت لهم .


و أنا أشاهد هذا المقطع بكل تناقضاته قفزت إلى مخيلتي صورة غوانينا المدججات بقنابل السيليكون و الكولاجين ، اللواتي حولتهن مباضع جراحي التجميل إلى ملكات جمال و منحتهن قوالبَ تتماشى مع كل الأزياء ، بيد أنها لم تستطع أن تصلح نشاز حناجرهن وتجعُّد أوتارهن الشاردة أو تمنحهن أصواتا تستطيع أن تجد لها طريقا لطبلات آذاننا .
سوزان بويل التي إعتمدت على صوتها وحده في الوصول إلى القمة عاطلة عن العمل ، عزباء و وحيدة ( لم يقبِّلها أحد في حياتها ) على حدِّ تعبيرها ، وعندنا المتسلّحات بالكولاجين المحشوّات بأنصاف أوزانهن من السيليكون تعتمدن على التعري و التلوي و الهز وكل ضروب الإغراء لاستمالة الجماهير ، رغم أن دواخلهن فارغة جوفاء لا تقل فراغا أو تفاهة عمن صنعوا منهم نجمات .
فكم يا ترى من القبلات وأشياء أخرى دفعتها المحسوبات على الفن عندنا للحصول على لقب فنانة ؟


خلاصة :

لكلٍّ موهبةٌ لا تنبغي لغيره .


و دقِّي يا مزيكا .. دقِّي عنق الفن المحترم و حوليه إلى أطلال نرثي عندها الزمن الجميل.