المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياسة والدفاع عن الإسلام



نظام الدين إبراهيم أوغلو
21/04/2009, 12:12 PM
السياسة والدفاع عن الإسلام
نظام الدين إبراهيم أوغلو
محاضر في جامعة هيتيت / تركيا
nizamettin955@hotmail.com
تعريف السياسة والإسلام:
تنظيم حياة العائلة والمجتمع والدولة ثمّ المحافظة على كيانها من الأعداء لأجل تأمين السعادة والآمان والإطمئنان لهم. والسياسة في الإسلام هي رعاية وحماية شؤون الأمة في داخل وخارج الدولة المسلمة. وتكون الدولة هي المسؤولة عن هذه التنظيم والرعاية وإسعاد الأمة مباشرة. والأفراد مكلفون في تأييد وطاعة أوامر الحكام المسلمين الصالحين.
وكلمة الإسلام مأخوذ من فعل سَلِمَ (سِلمٌ وسَلام وسلامة)، والسَِلم ضد الحرب، والمعنى العام لكلمة الإسلام هو الإستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. وهو تسليم كامل من الإنسان لله في كل شؤون الحياة.
وسياسة الإسلام مبنية على السلم في العالم. والغاية الإساسية في إستخدام المسلمين قوة الجيش هو من أجل ردع وصد قوة الإعداء المهاجمة الظالمة والمعتدية على عزتهم وشرفهم وكرامة دينهم ووطنهم.
لقد استفاد حكام المسلمين وقوات جيشهم الباسل في سياستهم الجبارة من توصيات القرآن والكريم وأقوال وأحاديث والقرارات السياسية الحكيمة لنبي محمد (ص)، بالإضافة إلى تجارب حضارات الأمم السابقة، والتطبيقات العملية لحروب الجيوش الإسلامية منذ عهد الرسول محمد (ص) وأصحابه الكرام وإلى نهاية الخلافة العثمانية، مما جعلت لهم قوات عسكرية قوية وقيادات حكيمة قائمة على إحترام الناس والعدالة والمساواة. بالإضافة إلى عدم ظلم وقتل المواطنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ مع المعاملة الحسنة لأسرى الحروب، وعدم تدمير البلد من البنية التحتية والمصانع والبساتين، وعدم سلب أموالهم ونحوها، ولذا السبب حكمت الإمبرطورية الإسلامية لأكثر من 14 عصراً، وإن عاشت فترات الفتور بسبب ضعف وظلم بعض أمرائهم.
تعريف الدفاع: صد هجمات الأعداء، ويكون عن طريق توفير العدة والعدد من التقنية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة وبالعدد الكافي من الجيوش مع تفوقهم العسكري، بالإضافة إلى مهارة وثقافة ودهاء القياديين والعسكريين في الحرب مستفيدين من كافة تجارب الأمم والعلوم (من علم الإقتصاد والسياسة والإجتماع والجغرافية وعلم النفس وعلم السلوك والتكنولوجيا الحديثة ونحو ذلك). وشجّع الإسلام الأخذ بالأسباب وعدم التولي يوم الزحف فقال الرسول (ص): اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : يا رسول الله وما هُنَّ ؟
قال ( الشرك بالله، والسحرُ وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكلُ مال اليتيم، وأكلُ الربا، والتولي يوم الزحف وقذفُ المحصناتِ الغافلاتِ المؤمنات) رواه البخاري .
تعريف الحرب: هي النزاع المسلح القائم بين دولتين فأكثر، تقدم عليه أحداهما برضاها وتجبر غيرها عليه، وهي ذريعة تتوسل بها الدول لتحقيق مأرب سياسية أو إقتصادية أو إقليمية .
قول الشيخ محمود غريب: هو عالم مصري جليل كان رحمه الله إمام وخطيب جامع البنية في بغداد، كان يقول في خطاباته وفي دروس الوعظ عند الإستفسار عن الأمور السياسة، فكان يجيب لهم: إسألوني كلّ شيء سأجيب لكم إلاّ موضوعين الأولى الغيب، ولا يعرف الغيب إلاّ الله. والثاني السياسة إصطلاح غير إسلامي مبنية على الخداع وتغطية الحقائق عن الناس ونحن بعيدون عنها ولا نعرفها. نحن مسؤولون عن نقل حقائق الشريعة الإسلامية ومسؤولون عن الدفاع لهذه الحقائق أمام الله تعالى، وإن تعارضت مصالح السياسيين المنافقين.
قول الإمام الدهلوي: إعلم أنه يجب أن يكون في جماعة المسلمين خليفة لمصالح لا تتم إلاّ بوجوده.
ويمكن تقسيم سياسة الدولة إلى صنفين:
1ـ ما يرجع إلى سياسة المدينة، من ذب الجنود التي تغزوهم وتقهرهم وكف الظالم عن المظلوم، وفصل القضايا ونحوه.
2ـ ما يرجع إلى سياسة الملة (الأمة)، وذلك أن تنويه دين الإسلام على سائر الأديان لا يتصور إلاّ بأن يكون في المسلمين خليفة يذكر على من خرج من الملة، وأرتكب ما نصت على تحريمه أو ترك ما نصّت على إفتراضه أشدّ الإنكار .
إدارة الحكم في الإسلام:
لقد إختلفت الأراء على حكم الدّين بالسياسة، لقد إعتبر بعض الفرق الإسلامية السياسية أنها من الأمور الدينية والعقائدية كما نجد في عهد الرسول والخلفاء الراشدين، والبعض الأخر إعتبره من الأمور الدينية والدنيوية في آن واحد يمكن أن نجد هذا عند الأمويين والعباسيين والعثمانيين في إستخدام الجيش في نظام خاص خارج نطاق الخلافة مرتبطة بالخلافة وفي بعض الأحيان حتى أنهم كانوا يعصون الخلافة ويقفون ضدهم. وهناك جماعة من المتصوفين والزهاد إعتبروها من الأمور الدنيوية والشيطانية لأنها مبنية على الكذب والنفاق.
ومعظم المسلمين يؤيدون القسم الأول، أن لا نبعدهم عن الأمور الدينية والعقائدية وأن تكون السياسة والجيش تحت سلطة الخلافة من أجل الحفاظ على الأمة الإسلامية من الأعداء والمنافقين والعمل من أجل تطرير ورقي هذه الأمة.
بما أن الأمة الإسلامة تفرقت وتمزقت إلى دويلات صغيرة، وبسبب صعوبة توحيد هذه الأمة علينا أن نشكل لكل دولة ما يلي:
أـ الأنظمة أو سُلطات الإداريّة : تنقسم إلى ثلاثة وهي كالأتي
1ـ السّلطة التّشريعية (الحكومات الدّستورية والسّياسيّة). 2ـ السّلطة القضائية (رجال القضاء الّذين يُشرّعون الدّستور للدولة). 3ـ السّلطة التّنفيذية (الولاة وقوّاة الجيش والشّرطة وجُباة الضّرائب ونحوه). ففي الوقت الحاضر في كافة الدّول الإسلاميّة لم نجد البندين الأوّلين، أي أنّ القيادتين السيّاسيّة والقضائيّة عاطلة، لذا يجب إرجاعها وإلاّ سنبقى كما نحن الآن ضعفاء عبدة الإستعماء متمزقين وأطعمة شهية ومائدة غنية لأعداء المسلمين.
ب ـ الحكم الإداري كما عند الأنبياء:
يمكن جعل الحكم لأحد هذين النظامين:
الأول ـ نظام الحُكم الإنتخابي
فنرى هذا النظام عند الأنبياء الّذين أنتخبوا من قبل الله تعالى وهم الأكثريّة ومن ضنهم نبينا محمد (ص) ثم قبله الأمة الإسلامية ليكون رئيساً وقائداً لهم. وكذلك نجد هذا النظام عند الخُلفاء الراشدين في إنتخاب أهل الحلّ والعقد وهم أشراف البلد لهم وبعدها تأييد وإنتخاب الشّعب لهم، وهو المرجّح والمُطبّق في العصر الحاضر في الحكومات والجمهوريّات الدّيمقراطيّة وهم الأكثريّة، علماً أنهم لا يأخذون النظام الإسلامي كدستور لهم، لذا نجد النواقص الكثيرة في التطبيق العملي.
الثاني ـ نظام الحكم الوراثي
وهم الّذين يأتون من بعد أبائهم، وهم الأقليّة كما نرى في أنبياء القرآن مثل نبوة إبراهيم ثمّ جاء النّبي إسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف، وفي نبوة سُليمان وبعده داود، وكذلك في نبوة زكريّا وجاء بعده يحيى عليهم السّلام، وقد إشترط في الرّياسة والحكم توفير العقل والبوغ والدراية والعلم وتطبيق العدالة والمساواة والآمان بين الشعب.
إذن فلا فرق بين إدارة الحكم في النظامين أعلاه. وحتى لو أسمينا بأسماء أخرى بل الإسلام ينظر إلى توفّر شروط الحاكم العادل ودستور عادل لا يظلم أحداً والتي بين لنا الفقهاء في كتب الفقه من عقل ورشد وعلم وعدالة في الحكم وعدالة في القانون ومساواة وحريات ونحو ذلك. وقوله تعالى (ومن أحسن من الله حُكماً لقومٍ يوقنون) المائدة 50 .(ولمّا بلغ أشدّه آتيناه حُكماً وعلماً وكذلك نجزي المُحسنين) يوسف 22، (ففهمناها سُليمان وكُلاً آتيناه حُكماً وعلماً) الأنبياء 79، (ولمّا بلغ أشدّه وأستوى آتيناه حُكماً وعلماً) القصص 14 .
آيات وأحاديث عن الحرب والسياسة:
من الآيات:
1ـ (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).
2ـ (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدّين لله فإن إنتهوا فلا عُدوان إلاّ على الظالمين).
3ـ (فمن إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم، وإتقوا الله وإعلموا أن الله مع المتقين).
5ـ (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وإعلموا أن الله مع المتقين).
6ـ (وليأخذوا أسلحتهم).
7ـ (وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل).
8ـ (وإن جنحوا للسلم فإجنح لها وتوكّل على الله إنه هو السميع العليم).
9ـ (فإِما تَثقفَنهم في الحرب فَشَرِّد بهم مَن خَلفَهُم لعلَّهم يذَّكرون).
من الأحاديث:
1ـ( الحرب خدعة).
2ـ (لاتتمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموهم فإصبروا) متفق عليه.
3ـ (سيروا بسم الله في سبيل الله وقاتلوا أعداء الله، ولا تعلوا ولا تغدروا ولاتمثلوا ولا تقتلوا وليداً) حديث صحيح.
4ـ (لاتزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم يأتي أمر الله وهم ظاهرون للناس) رواه البخاري وأحمد.
5ـ (لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوءهم حتى يُقاتل آخرهم المسيح الدجال) رواه أبو داود.
6ـ (لن يبرح هذا الدّين قائماً تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى الدجال) رواه أبو داود.
7ـ ويقول لأجل الأسرى (إستوصوا بالأسرى خيراً). وآيات وأحاديث كثيرة.
أحاديث عن المقومات الأساسية في الدفاع : وهي الهجرة والجهاد والشّهادة.
(لاتتمنّوا لقاء العدوّ وإسألوا الله العافية وإذا لقيتموهم فأصبروا وإعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السّيوف) متفق عليه. (عينان لاتمسّهما النّار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتتْ تحرسُ في سبيل الله) رواه التّرمذي. (سيدُ الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجلٌ قام الى إمام ظالمٍ فأمره ونهاه فقتلهُ) الحاكم بسند صحيح. (ألا إنّ سلعة الله غالية ألا إنّ سلعة الله الجنّة) رواه الترمذي. (ما ترك قوم الجهاد إلاّ ذُلّوا) رواه أحمد. (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) رواه أبو داود وأحمد وإبن ماجة. (من قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو في سبيل الله) متفق عليه. (للشهيد عند الله ستّ خصال: يُغفر له في أوّل دُفعة، ويرى مقعده من الجنّة ويُجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر، ويُضعُ على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خيرٌ من الدّنيا وما فيها ويُزوّج إثنتين وسبعين زوجةً من الحور العين ويشفع في سبعين من أقربائه) رواه التّرمذي وإبن ماجة. (لاتزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ حتى تقوم السّاعة) رواه إبن ماجة والحاكم .
كما نرى أنّ الدّين الإسلامي لايوصي بالحرب ولا يُشجع على الحرب، وإذا أُضطُرّ المسلمون على الحرب عليهم بتحضير العدد والعّدّة والقيادة الحكيمة والثّبات في الدّفاع وعدم الزّحف يوم الحرب. وكذلك لايُحب الظّلم ولا التّعدي على حدود الله والإنسان وغصب الأرض ونحو ذلك.
والجهاد حسب رأي العلامة الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه الفتاوى ج1 ص 286 يكون على عدة أنواع: (الجهاد بالقلم واللّسان، والجهاد بالسّيف والسّنان، والجهاد الفكري والتّربوي والإجتماعي، والجهاد الإقتصادي والسّياسي والعسكري).
أحاديث في ما يتعلق بالحاكم أو الرئيس الأمثل عند توليه الحكم:
فقد روى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم) رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسل: (ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة) رواه مسلم، وقوله عليه السلام: (ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة) رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسل: (ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم إلا من رضي وتابع) رواه مسلم والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم) رواه الحاكم، وعن جرير بن عبد الله قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم) متفق عليه. في عصرنا الحاضر كلّ الشروط غير موجودة عند أكثر حكامنا وعلماءنا، ولهذا أذلنا الله كما أذل أقواماً من قبلنا، ففسحقوا فحق عليهم غضب الله.
بعض المواضيع السياسية والعسكرية:
1ـ المعاهدات والإتفاقيات والمباحثات الدّبلوماسية.
2ـ أخذ القرارات السياسية في الأوضاع الراهنة.
3ـ تهيأة العدد والعدة وتصنيع التكنولوجيا الحديثة.
4ـ التربية والتعليم في العلوم العسكرية.
5ـ التخطيط من أجل كيفية مقاومة الأعداء وبأقل خسارة في الحرب.
6ـ الإتفاقية أو الصّلح بين الأطراف.
7ـ السّلام العالمي وحقوق الإنسان.
8ـ الحرب وكيفية الهجوم والدّفاع عن النفس.
9ـ الميليشيات والحروب الدّاخلية؟
10ـ مقاومة الأرهاب.
11ـ الإبادة الجماعية.
12ـ موضوع اللاّجئين الساسيين والأسرى. ومواضيع أخرى كثيرة.
13ـ المقاومة الشّعبية.
14ـ غسل الدّماغ.
15ـ الحروب الباردة والحروب النفسية.
بعض الإصطلاحات السياسية والعسكرية:
"مبدأ، شعار، رمز، متخلف، بدائي، حر، مستقل، تنظيم، منظمة، حكم، حكام، زعيم، قوة، خفّة، سرعة، دبلوماسي، دبلوماسية، إستنكار، ذم، رياسة، طغيان، دكتاتور، دكتاتورية، تحريض، قتل، هجوم، حرب، إبادة جماعية، قهر، صلح، سلم، شورى، تشاور، إجتماع، تصويت، مستعمر، إستعمار، دولة مستعمرة، دول إستعمارية، تأميم، تشكيل، تصريح، تضارب، تفويض، إجتياح، إنقلاب، ثورة، إرهاب، قائد، محنك، لاجيء، مقاومة، كفاح، نضال، ميثاق، تحالف، إنتهازي، خائن، مؤامرة، إضراب، إضطهاد، رفض، شكليّات، إرتباط، ممثل دولة، ديمقراطية، وحدة، حرية، مساواة، عدالة هجوم، حرب، معركة دامية، نصر، هزيمة، هدنة، صلح، إتفاق، معسكر، إحتلال، أمر عسكري، مرتزقة، قادة، قيادة، تطوع، حصار إقتصادي، حصار عسكري، حصار سياسي، دفاع، إجتياح، نفير عام، ثغرة، تطويق، نزاع مسلح، تجنيد، جيش، عسكر، معسكر، أسطول، قاذفة، قنابل، مدرعة، دبابة، طائرة مقاتلة، مقاومة الطائرات، قاعدة جوية، قاعدة عسكرية، قائد عسكري، غواصة، أسلحة ثقيلة، أسلحة خفيفة، وحدة، فوج، فصيل، كتيبة، لواء، فرقة، فيلق، قائد الفرقة العسكرية، رئيس أركان العام للجيش، عرض عسكري، جندي، مراسل، مساعد، مشاة، بحري، جوي، بري، نائب عريف، عريف، رئيس عرفاء، نائب ضابط، ضابط، مرشح، ملازم، ملازم أول، نقيب، رائد، مقدم، عقيد، عميد (لواء)، فريق، فريق ثان، فريق أول، المشير، المهيب".
مؤمرات على الإسلام والمسلمين:
المؤامرات مازالت مستمرة منذ عهد الرسول محمد (ص) وإلى عصرنا الحاضر. ومن المؤمرات الحديثة هي:
عندما إجتمع رئيس الوزراء البريطاني السابق جلادستون في مجلس العموم وقال لأعضائه: أيها الأعضاء لن نستطيع القضاء على الإسلام إلاّ إذا قضينا على ثلاثة أركان وهي كالآتي:
1ـ القضاء على هذا المصحف: وقام أحد أعضائه ومزّق المصحف من بين يديه، وقال له لا يا أحمق لم أردت هذا وإنما أردت تمزيق آياته من صدور المسلمين.
2ـ القضاء على صلاة الجمعة: إنّ هذا لشيء عجيب، المسلمون يجتمعون فيها دون أن يدعوهم أحد، ويلتزمون بكلام إمامهم. ونحن ندعو المدعويين ونعاقب الذي لا يحضر مع هذا لا يأتون ولا يلتزمون بكلامنا.
3ـ القضاء على المسجد الحرام (العرفات): وهذا خطر أكبر، لأنه يحضر ويجتمع كافة المسلمين فيها.
وإذا نظرنا إلى نتائج هذا القرار، نجده قد حققوها بعد مكر شديد وعمل جاد ودؤوبن فأستطاعوا القضاء على المصحف وتركناها على الرفوف ونقرأئها عند العزاء ولقراءة حضوض ومستقبل الأفراد بسبب لهونا بمباراة كرة القدم وتعقيب الموذا ومشاهدة الأفلام الخلاعية في التلفزينات والإنترنيت وإلتهينا في محلات الخمور ولعب القمار والبذخ والإسراف في الأموال وتركنا الفضيلة وقراءة الكتب. والسياسين بدلاً من تشويق الشباب على الصلاة منعوهم من الصلاة وصلاة الجمعة ومنعوا الأئمة من الخطب في المواضيع التي تمس مصالح السياسيين. وأخرجوا المشاكل في الحج من ظهور نبي جديد ومهدي المنتظر ومشاكل سياسية كثيرة ومتعددة في كل عصر..
الحضارة الحديثة وتأثيرها السلبي على هزيمة المسلمين سياسياً وعسكرياً:
لقد واجه المسلمون في العصر الجديد عصر التكنولوجيا والفضاء والميلانيوم مشاكل ومآسي كثيرة بسبب تقلب نعمة هذا التقدم الحضاري عليهم، فبدأت الحروب الصليبية والصهيونية من أطراف معادية للإسلام كما أبدأؤها في عهد الرسول محمد (ص)، وبعد سلال من الحروب والمؤامرات المكثفة إستطاعوا من إسقاط الخلافة الإسلامية وتمزيق أمتها إلى دويلات ثم أستعمروها بشكل مباشر أو غير مباشر بإشتراك المسلمين المنافقين من الشعوب والسياسيين والحكام، سواء بالعمل معهم أو بالسكوت على ظلمهم.
والله تعالى يبلغنا أنه لامحال فالدّين الإسلامي محفوظ وسيرجع إن شاء الله كما في قول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، وقال أيضاً (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي إرتضى لهم وليبدلن بعدُ من خوفهم أمناً يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً) . فالله تعالى بلا شك هو حامي هذا الدين الحنيف كما ذكرنا أعلاه ولكن متى وكيف وأين ـ لا يعلمه إلاّ الله تعالى.
ولكننا يمكن أن نعرف أسباب النصر والعزة، أو عكسها أسباب الهزيمة والذّل من خلال القرآن والسنة عند التمسك بالعروة الوثقى بإخلاص وسعينا وتخطيطنا لأسباب النصر والفلاح وبالدعاء والتوكل عليه. عند طاعة أوامر الله يمكن للمسلمين أن يتحدوا كافة الأفكار السياسية والفلسفية والعلمية والعقائدية وحتى القوى العسكرية والتكنولوجيا الحديثة، الهادفة إلى هدم الدين الإسلامي في كل زمان ومكان، إذا أتحدّ المسلمون بقلب سليم.
أسباب فشل سياسة حكام المسلمين:
قبل الحديث عن الفشل السياسي للامة الاسلامية (حكام المسلمين) لابد من التطرق إلى الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل والى الانحراف الذي هوى بالأمة من القمة الشامخة إلى الحضيض الذي تعاني منه الآن.
قال تعالى: )ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون( وقال تعالى : )فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) من خلال هاتين الآيتين تتضح أسباب الفشل والانحراف في حياة هذه ألامه ، فقد بدأت بوادر هذا الفشل في حياتنا منذ العهد الأموي، فقد اختلفت سياسة هذه الدولة عن خط سير الخلافة الراشدة، فكان أول تغيير فاجأه الناس هو الانتقال من الحكم الشوري إلى الحكم الوراثي، بالرغم من انه لا يوجد نص يلزم الناس بشكل معين من الحكم. بل ألزم الحاكم بتنفيذ شريعة الله وأن يكون حاكماً إسلامياً عاقلاً وعادلاً لايفرق بين أحد. ولهذا كان هناك منعطفا تاريخيا في حياة المجتمع الإسلامي، فظهر بعد الحكم الأموي وإلى سقوط الخلافة العثمانية، أمران أساسيان: وهما
الأول : استقرار الملك الوراثي بدلا من الخلافة. ثانيا: التخلي التدريجي من جموع الأمه عن مراقبة أعمال الحاكم، وانصرافها التدريجي إلى أمورها الخاصة. ولذلك اجتمع الملك وتقاعس الرعية فمن هنا كان الخطر الذي هدد الحياة السياسية للامه الاسلاميه. فظهر (العنف السياسي) والذي كان يتعامل به الأمويين مع المعارضة، والتي تمثلت في :الشيعة، والخوارج، والزبيريين، وبعضها نشأ متأخرا نتيجة لاجتهادات دينيه كلاميه (كالمعتزلة)، كما كان هناك الموالي من الفرس الذين شكلوا جبهة مناوئه لسياسة الدولة الامويه في معظم فترات تاريخهم. فكانت ثورات هذه الأحزاب تقابل بقوه وحزم، فاتهم معظم المؤرخين الدوله الامويه بالاستبداد السياسي. ثم جاء العباسيون، ليسيروا على خط الانحراف الذي سبقتهم إليه الدولة الامويه، بل زادوا عليه ان أصبحت سياستهم في الملك بحته يتولون الحكم بالدور ولو جاء الدور على صبي في العاشرة.
وهكذا توالت الأحداث على المسلمين في الشرق والغرب وامتلأت الجيوب بالأموال وزاد الفساد السياسي، والقلوب تغفو والأيدي ترخي قبضتها من حبل الله المتين .
أسرار نصرة الأمة الإسلامية الموحدة على الطّغاة والأعداء في التاريخ الإسلامي:
1ـ إذا نظرنا من النّاحية العددية فهم أكثر منّا بالعمليّة الحسابيّة // فيُقابلهُ قوّة إيماننا مع تعاون جنود الله من الملائكة معنا فسوف تتعادل المعادلة الحسابيّة. فقال تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله واللهُ مع الصّابرين) ، (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود، فأرسلنا عليهم ريحا ًوجنوداً لم تروها) وهي الملائكة التي نزلت في ثلاث غزوات بدر والأحزاب وحُنين لنصرة المؤمنين، وإلى يوم القيامة سيرسل الله تعالى إلى الجيوش المؤمنة لأنّه أوعدهم على ذلك.
2ـ وإذا نظرنا من ناحية العدّة والأسلحة والتّكنولوجيا والصّناعة فهم أقوى منّا // ولكن تُقابل هذهِ المعادلة الجهّاد والتّضحية والإيثار وهذا غير موجود عند الأعداء.
3ـ وإذا نظرنا إليهم سوف يظهر لنا أنّهم أغنى منّا في الأقتصاد والثّروة الماليّة (أي أقوياء من الناحية المادية فقط) // لو نظرنا إلى واقع الأمر نحن أغنى منهم ولكنّهم أصبحوا أغنياء بثرواتنا. ومع هذا نحن كمسلمين أغنى منهم من الناحية المادية بالإضافة إلى الناحية المعنوية، لأنّنا نصبر على العيش البسيط والإكتفاء بطعام واحد ونعرف كيف نطعم الجائع من أجل إرضاء الله، ونعرف الشكر دون العصيان على شظف العيش، مقابل ذلك الأعداء لا يعرفون كل ذلك ولا يستطعون الصّبر على طعام واحد، لذا غنانا وقوتنا يكمن في هذه أيضاً.
4ـ كذلك هم في السّياسة والدّبلوماسية العسكرية يتبيّن أنّهم يفوقوننا بخدعهم ومكرهم // وفي هذهِ الحالة أيضاً قوّتنا في هذه الأمور تفوق الأعداء، لأننا نحن نظلم و نقتل ونشرد بدون حق، وعبر التاريخ نجد أنّ أصحاب الحق والمباديء السامية هم المنتصرون وإن تبين نصرتهم في أول الأمر. ثمّ نحن كمؤمنين نؤمن بعدالة الله تعالى وبنصرته لنا، ولكن إذا كنا في إستقامة معه كما أمرنا الله (فإستقم كما أُمرت) ، فإذا سعينا ووحدنا صفوفنا وأطعنا أوامر الله وأخذنا كافة أسباب النصر والنجاح سواء كأفراد أو جماعات، لما إنتظرنا شفاعة الأعداء والحكام والعلماء المنافقين.
وقد يسأل سائل لماذا لا ننتصر الأعداء ما دمنا عباد الرحمن وأكثر قوة منهم؟ وقد يكون الجواب: لأننا كمسلمين قد فقدنا الولاء لله تعالى وطاعة أوامره وفقدنا الأخلاق الفاضلة وإحترام الأخرين. وخاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية فكثر الفساد العقائدي والأخلاقي والنفسي والمالي عند أكثر الناس وحتى عند رؤساء وأمراء ووزراء ووكبار شخصيات الدولة بالإضافة إلى عامة الشعوب الإسلامية، وهكذا إزدادت الجرائم والقتل والظلم والزنا والظلم والكذب والإفتراء وشرب الخمور ولعب القمار وإسراف الأموال ونحو ذلك. فكيف يمكن لله تعالى أن ينصرنا ويقبل دعاءنا وأن لا يذلنا عند القوم الكافرين، كما نعلم أنّ الله يقول في لسان نبينا محمد (ص) (الظالم سيفي أنتقم به)، وبعد فعل كل هذه الموبقات ألم نكن ملعونين عند الله؟ كما لعن الله من قبلنا الشياطين ومن الإنس فرعون وهامان ونمرود وقارون وأقوام عاد ولوط وإرم وبني إسرائيل ونحوهم، ألم يحق علينا كذلك غضب الله؟.
هذا هو السبب بالإضافة إلى ذلك أفعالنا تجاوز فسق الأعداء، فأصبحنا من أكذب الأقوام وأشدّ الناس إفراطاً في القومية والمذهبية والطائفية، وأكثر الشعوب حباً للشهوات والمحرمات بإستثناء الفئة القليلة من العلماء والأمراء والصالحين من الناس. وحتى تركنا أسباب النجاح والفلاح كما أمرنا الله تعالى وتوكلنا في العلم والصناعة والإنتاج والتكنولوجيا على الأعداء.
وقد تريدون الإثبات على ذلك: أنظروا إلى حال الحكام والوزراء والأمراء وأولادهم وأقاربهم عندما يخرجون إلى خارج بلدهم؟ وأنظر إلى حياتنا اليومية ووضعنا وتعاملنا مع بعضنا في البيت مع الأطفال والأزواج وفي خارج البيت مع الأصدقاء والمجتمع والدولة. فهل نحن أمة موحدة؟ وهل الشعوب الإسلامية تحب بعضها؟ وهل الفساد المالي عندنا أكثر أقل من الدول الأوروبية؟ وأسئلة كثيرة يمكن أن نسألها. فأين بقي قول الله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة) (وأين بقي قول الرّسول (ص) (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وآيات كثيرة حول الأخلاق الفاضلة.
أفضل حل للإنتصار والعيش السعيد بعزة وكرامة هو الإلتزام والرّجوع إلى القرآن والسنة وأن نواعد الله تعالى بالتوبة وعدم الرّجوع إلى الفساد أبداً، وأن يعفو عنا وينصرنا على أعدائنا وأعداء الله إلى يوم القيامة.
الدواء الشافي للخلاص من مؤمرات وتحديات الأعداء:
قال (ص) (إنّ الله ما خلق داء إلاّ خلق له دواء). والمثل العربي يقول (إنّ لكل عقدة حلاّل) (لكل داء دواء إلاّ الحماقة). والرسول الأكرم يقول (تفائلوا بالخير تجدوه) ويقول أيضاً (إنّ مع العسر يسراً) فلو قرأنا القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة الصحابة لوجدنا الجواب الشافي والكافي لكافة الأسئلة المطروحة أو التي تدور على أذهاننا عن الحرب وسياسة الدولة والأفراد والدفاع والجهاد ونحو ذلك.
وللمسلمين المتدينين ميزة خاصة لا نجده في بقية الأديان أنهم لا ييأسون من رحمة الله تعالى وأنهم يواصلون السعي والإجتهاد والجهاد وبالصبر الجميل وبإخلاص تام لأجل النجاح والنصر إلى يوم القيامة وإن كانت أعدادهم قليلة وإن طالت عليهم الحروب عليهم، فقال تعالى (ياأيها الذين آمنوا إصبروا وصابروا ورابطوا) . وقال الرسول (ص) (إنتظار الفرج بالصبر عبادة)، وقال الرسول (ص) في حديث أخر (لاتزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ حتى تقوم السّاعة) رواه إبن ماجة والحاكم. وقال تعالى في عدم يأس هؤلاء المسلمين (فإنه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون)، فالمسلمون إبتداء من القرن السادس إلى القرن التاسع عشر تقريباً عاشوا ملتزمين بمبدأ واحد ومنهج واحد وأيدي واحدة وقوة واحدة، فرأوا سعادة الدنيا والأخرة والإستقلال والكرامة والعزة.
وعند وضع المبادىء السامية توضع لصالح الأمة والشعب لا لصالح الأشخاص والجماعات الصغيرة، كما نرى عند حكومات الدول الإسلامية لأن في الأول عدالة ومساواة وحريات لذا تكون باقية وطويلة العمر أما في الثاني إغتصاب الحقوق والحريات وظلم الشعوب لذا تكون قصيرة العمر فتذهب مع ذهاب الأشخاص والجماعات.
وإنني متفائل على نصر المسلمين إن شئنا أو أبينا عاجلاً أو آجلاً بسبب وعد الله تعالى للمسلمين والله لا يخلف الميعاد كما ذكرنا في الأيات أعلاه على حفظه وإستخلاف المؤمنين في هذا الأرض، ولكن النصر المؤزر مرتبط بالمسلمين وعلى رجوعهم إلى فطرتهم السليمة وأن يتركوا النفس اللوامة وأن يتعلموا دينهم بشكل صحيح دون التأثر بحكام وشيوخ وعلماء فسقة وفجرة يشجعونهم على التفرقة والتعصب.
وما تخص حمل راية الإسلام إذ يقول الله تعالى (إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها) رواه أبو داود والحاكم والبيهقي. فإذا سعينا وإجتهدنا لأجل إرضاء الله تعالى وإرضاء أنفسنا سنحصل على السعادة الدنيوية والأخروية.
والفرقة والجماعة الناجية لحمل راية الإسلام لا يشترط فيها كونه عربي أو فارسي أو تركي أو أفريقي وأوروبي ونحو ذلك بل (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وفي عصرنا الحاضر المسلمون خانوا أمانة الله بشكل عام ولم يدافعوا عنها ولم ينصحوا الأمة (كل حزب بما لديهم فرحون) . (آلا إن حزب الله هم المفلحون) . (بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله) . (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديد) ، وقول الرسول (ص) عن عبادة بن الصامت قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المكره والمنشط، فبايعناه، فقال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان). فإذا لم نفي عهد الله تعالى فسوف يعطي هذه الراية إلى قوم غيرنا قد أسلموا على عهد جديد وأحسنوا إسلامهم وآمنوا بالله إيماناً قوياً على صدق.
هناك من الشعوب المسلمة وحتى غير المسلمة في عصور عديدة وأزمان مختلفة يشكون عن تخلف في العلم وتخبط في السياسة وإضطراب في الإقتصاد وتدهور في الأخلاق وبلبلة في الأفكار وزعزعة في العقائد وضعف في التربية وخواء في الروح وإختلاف في الصفوف والغايات والأهداف فضلاً عن الوسائل والطّرائق، ولقد إزدادت هذه الشكوى بعد القرن التاسع وبشكل خاص عند الشعوب المسلمة، فلو أطاعوا الله تعالى وطبقوا أوامره لأنحلت كافة مشاكلهم. وأقول هذا وأنا على يقين وأتحدى الذين يدعون عكس ذلك، وأقول لهم أية دولة إسلامية بعد سقوط الخلافة الإسلامية نجحوا في حل هذه المشاكل بعد إحلالهم قوانين الشريعة بقوانين مدنية وإسلامية ناقصة أو متطرفة.
الواجبات الملقاة على عاتق المسلمين
يقع عليهم تطبيق ثلاث واجبات فقط طبعاً بعد التوكل والدعاء عليه وبعدها يقع على الله تعالى وهم غير مسؤولين عن عاقبتها:
1ـ العمل على تحرير أفراد المسلمين من العبودية: وبتعبير أخر التمسك بمصدر القوة العلمية، والإقتصادية والعسكرية، ويكون بالتعليم والتعلم والإجتهاد والسعي وتنشأة القياديين العسكريين علماً بأن الجهل في أمور الله تعالى لا يشكل معذرة للخلاص من جزاء الأخرة، لأنّ كافة الأديان السماوية يأمر بالتعلم على الأقل لضروريات الدين وحتى أنزل الأنبياء وبلغوا الناس وواصل العلماء بتبليغ وتذكير الأوامر إلى يومنا هذا. والتعلم في الإسلام عبادة كبيرة وضرورة دينية فلا يمكن الغنى عنه، فلو أخذنا مثالاً على ذلك لو خالف شخص قروي أو أمي قوانين المرور ومرّ من وسط الشارع بعد إضاءة الضوء الأحمر فهل يمكن له التخلص من الجزاء المادي أو الجسدي لاسمح الله بسبب جهله لإشارات المرور؟ طبعاً لأنه من ضروريات قوانين الدولة فيجب عليهم التعلم ومثل ذلك في بقية القوانين.
والرسول (ص) يقول (كاد الفقر أن يكون كفراً) والخليفة عمر (رض) يقول (لو كان الفقر إنساناً لقتلته).
2ـ العمل على تحرير الأراضي الإسلامية من أيدي الطغاة والظالمين: وبتعبير أخر التمسك بمصدر القوة البشرية الموحدة لأجل الإستقلال، لأن الذي لا أرض له ولا وطن ولا لغة ولا إيمان لا يمكن أن يتكلم لغته ثم لا يمكن إستمرار حضارته لأنه ليس له وطن.
وتكوين وحماية الوطن يحتاج إلى شعب وجماعة وأمة موحدة وجيش كبير وإقتصاد كبير وتكنولوجيا عالية يستطيع من أن يحمي نفسه.
3ـ تطبيق الحكم الإسلامي بالتمام: لأنّ الشعوب قد طبقوا كافة القوانين ففشلوا في إسعاد شعوبهم، مثل الشيوعية والإشتراكية والديمقراطية والرأسمالية والليبراليا والدكتاتورية والملكية والسلطنة القائمة على النظام الوراثي ونحو ذلك.
وإصلاح النفوس والمجتمعات كما علمه الله تعالى لنا (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً). (الأقربون أولى بالمعروف)، وقال الرسول (الدين النصيحة....) وغيرها من الآيات والأحاديث. مع عدم الإفراط والتفريط في أوامر الله تعالى وحتى عدم التوكل المفرط بالله تعالى من دون العمل. بالإضافة إلى ذلك عدم تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
لماذا نريد الإسلام؟
1ـ لأن فيها شورى. قال تعالى ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون). وقال عليه الصلاة والسلام (إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه). وفيها أهل الحل والعقد وهم يشكلون أشراف وعلماء وكبار شخصيات الدولة فيحلون كافة مشاكل الدولة والمجتمع والأفراد.
2ـ لأن فيها الرجوع إلى القرآن والسنة عند إختلافهم، وهما دستور الله تعالى فليس فيها نازع شخصي أو قومي. وخدمة الأفراد والمجتمعات عندهم عبادة كبيرة ويسابقون في الخيرات لا لأجل الشهرة والرياء بل لأجل إرضاء الله تعالى.
3ـ فيها نظام الديمقراطية الخاصة بالأمة الإسلامية والقائمة على المبادئ السامية والعلم والدراية والحرية والمساواة. ويوضع التشريع من أجل الشعب وما يريده الأكثرية يحكم به إذا كان في قياس الأحكام الإسلامية.
4ـ لأن فيها العدالة، عندما يخطأ الخليفة أو الوالي يقف أمام المحكمة ويعطي الحساب، كما رأينا عند الخلفاء الراشدين ومن بعدهم الطيبين من الخلفاء.
5ـ لأن فيها دستور عادل وشامل يحكم فيها على الكل بالتساوي دون تفريق بين قوي وضعيف ولا بين ذو مقام عال وبين موظف بسيط.
6ـ لأن فيها حماية حقوق الأفراد من الغصب والإعتداء والقتل والإنتحار وفين آمان وإطمئنان وراحة النفوس.
7ـ لأن فيها الضمان الإجتماعي والمالي والصحي، لهذا فرض الزكاة وشوق الصدقة والقرض الحسن، وشجع الأيدي العاملة وأصبحوا عمال منتجون وصناع ماهرون لأنهم ينظرون إلى العمل أنها عبادة، وأرباب العمل مثل ذلك لا يظلمون عمالهم ولا يستغلونهم في العمل أكثر من طاقتهم ولا بإعطاء أجور زهيدة لهم ولا إحتكار للبضائع ولا البيع الفاحش عندهم.
8ـ لأن في الإسلام الشعور بالمسؤولية والأخلاق الفاضلة، وفيها التعاون والوحدة والإخلاص مع كل أمر.
9ـ لأن فيها سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية عادلة وفيها حقوق الإنسان والمرأة والأطفال والتعايش الثنائي لا الثلاثي القائم على الفساد.
10ـ لأن فيها عزة وكرامة والعيش الكريم وليس فيها ذل وكفر وفساد.
11ـ لأن فيها الحاكمية لله تعالى.
12ـ وأخيراً فيها سعادة في الدنيا وسعادة أبدية في الأخرة.
آيات على إثبات الدين الإسلامي أخر الأديان:
( ومن يَبتغِ غَيْر الإِسْاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).(إنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ) ، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْ عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). قول أبي المعالي الجويني رحمه الله: " فالقول الكليّ: أنَّ الغرض إستيفاء قواعد الإسلام طوعاً أو كرهاً، والمقصد الدين، ولكنه لما استمد استمراره من الدنيا، كانت هذه القضية مرعّية" (5) . ومنها: قول أبي العباس ابن تيمية رحمه الله: " فالمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نَعِموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدِّين إلا به من أمر دنياهم" (6). قال الشيخ محمد العثيمين تعليقا على كلام أبي العباس رحمهما الله: " إذاً ، المقصود شيئان: إصلاح الدين، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر الدنيا ؛ فلسنا منهيين عن إصلاح الدنيا، فلإسلام ليس رهبانية .. الإسلام دين حقٍّ يعطي النفوس ما تستحق، ويعطي الخالق ما يستحق". وقوله: " جميع الولايات في الإسلام مقصدها أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا؛ فإنَّ الله تعالى إنما خلق الخلق لذلك، وبه أنزل الكتب وبه أرسل الرسل ، وعليه جاهد الرسول والمؤمنون … " (7) . وحيث إنَّ السياسة الشرعية واجب ديني ، فقـد كانت المرحلة الأخيرة من مراحل ( الجهاد ) بعد الدعوة إلى الإسلام : الدعوةُ إلى الخضوع لأحكام الشريعـة ؛ تحقيقاً لمقصد : سياسة الدنيا بالدين ؛ وهذا الحكم من مسلمات الشريعة، وهو غاية العدل أن يخضع البشر لحكم خالقهم ، فبه يتخلصون من ظلم العباد، وبه يقدّرون خالقهم حق قدره: ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ)، وينزهونه عن صفات النقص التي لا تليق بجلالـه وعظمته ، كالعبث والفوضويـة (8)؛ التي استنكرها الله تعالى في مثل قوله سبحانه: ( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى)، أي: بلا أمر ولا نهي ولا عقيدة ولا شريعة؛ وبه يعرف الإنسان الغاية التي خلق لأجلها (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). قول الله تعالى: (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ). وقوله سبحانه: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) . وقوله جل وعلا: (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)، وقوله عز وجل: (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ). وقوله: (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)، وقوله تعالى: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ* أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)، وغيرها من الموازنات التي وردت في القرآن الكريم. وهذا المنهج قد سلكه علماء الإسلام ودعاته ، في مؤلفاتهم، وبحوثهم ودراساتهم ، في القديم والحديث (1) .
دوافع وأساب وقوع الحروب عبر التاريخ: قد تكون لأجل
1ـ عامل ديني: من إجبار القوة الشريرة الشعوب على تبديل دينهم أو التدين على حسب قوانينهم ، والتبشير الديني أحد وسائلهم، وتأييد المنافقين والطغاة في التسامح معهم شجعهم على تبديل أديان الفقراء والمحتاجين في أكثر الدول المتخلفة، علماً أنّ الدين الإسلامي لم يجبر ولم يكره أي فرد لتبديل دينه لأسباب مالية وأمور دنيوية مغرية.
2ـ عامل إستعماري: لأجل السيطرة عليهم ثم نهب ثروات ذلك البلد، بإستعمال القوة العسكرية.
3ـ عامل إقتصادي: من أجل بقاءهم أغنياء فتحارب وتهاجم الدول الكبيرة على الدول الضعيفة فتستولي على ثرواتهم الثمينة من الذهب والفضة والحديد واليورانيوم والبترول أو السيطرة على الطرق البرية أو البحرية التجارية المهمة عندهم.
4ـ عامل سياسي: وذلك لأجل الهيمنة والسيطرة على دول التي تحقق لهم أهداف سياسية على الصعيد العالمي.
5ـ عامل ثقافي: ويكون بالغزو العلمي والثقافي على العالم، لأجل السيطرة عليهم بهذه العلوم والأفكار الثقافية، كما نعلم ان المسيشرقون هم الذين يهيئون هذا الطريق ويبثون السموم على حضارات الأمم.
6ـ لمرض نفسي: مثل الحسد والكبر والحقد والعجب بالنفس وحب إستعمال الشدة والقسوة والتدمير والخراب والقتل.
7ـ لمرض شهوي: لتطمين حالته الروحية والشخصية كشهوة السلطة والنفوذ على العالم وشهوة كسب الأموال الطائلة أو لأجل تطبيق أفكاره وأيدولوجيته على الناس.
ونقول للذين يؤذون المظلومين والمؤمنين بأن غضب الله عليهم وأنهم لا يفلحون أبداً لا في الدنيا ولا في الأخرة، وهناك آيات وأحاديث كثيرة على ذلك وإليكم بعضاً منها:
(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما أكتسبوا فقد إحتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) الضحى 9ـ 10.
قال (ص) (من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب) رواه البخاري.
(إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته) متفق عليه. (وما للظالمين من حسبهم ولا شفيع يطاع) غافر 18. (وما للظالمين من نصير) الحج 1.
أنواع الحروب:
1ـ الحروب النفسية والروحية: ويكون بإدخال الخوف والرّعب على فلوب الأعداء، وبأساليب كثيرة وحسب الظروف والأسلوب التي يفهمه العدو.
2ـ الحروب الإقتصادية والمالية: ويكون بتدمير إقتصاد العدو، بالحصار أو بضرب المعامل والمصانع ثمّ الإستيلاء على إقتصادهم بشكل مباشر أو غير مباشر. ويجب أن نعلم أن القوة العسكرية يكمن في داخل القوة الإقتصادية.
3ـ الحروب الفكرية والثقافية: ويكون بنشر الأفكار الهدامة وإدخال عنصر النفاق والتفرقة بين صفوف الأعداء. والأعداء معلوم لدى المسلمين كتيارات لتنصير المسلمين والأحزاب الشيوعية الهادمة للأديان والرأسمالية والماسونية وإدخال نظريات وأفكار باطلة على الدين الإسلامي.
4ـ الحروب العسكرية والسياسية: ويكون بإستعمال قوة الجيش ضدّ الأعداء لردّ شرهم وإستلائهم على الأراضي الإسلامية.
5ـ الحروب التربوية والأخلاقية: ويكون بإفساد المجتمعات من الناحية الأخلاقية وإضعاف روابطها العائلية والإجتماعية وبطرق شتى منها إبعادهم وحدة صفوفهم ونحو ذلك.
6ـ الحروب الجرثومية. 7ـ الحروب الذّرية. 8ـ حرب العصابات وحرب الشوارع والحرب البارد. 9ـ الحروب الكيميائية. 10ـ الحروب النووية. 11ـ الحروب الهجومية. 12ـ الحروب الوقائية والدفاعية. ونحو ذلك.
الحركات المعادية للإسلام عبر التاريخ: كثيرة أهمها:
1ـ الحركة الصهيونية العالمية
هم من الكتابيين، ولكن القوميين منهم شكلوا جمعية صهيونية لضرب كافة الشعوب لأجل خدمة شعبهم المختار كما يدّعون، وهم يعيشون في أوروبا وأسيا وأفريقيا، وبعد إكتشاف أمريكا هاجر 6.5 مليون يهودي إلى أمريكا، وهم أغنى أمم الأرض مادة، فسيطروا على البنوك بعد إكتشافهم له وسيطروا على الصحف والمجلات والمطابع الكبيرة وعلى أجهزة الإعلام العالمية وكذلك سيطروا على المصانع الكبيرة ودور الخيالة ومعامل البترول والأسلحة. وإشتغلوا بالسحر وتجارة بناتهم والتجارة المحرمة لأجل الكسب الكثير. وقد إنفردوا عن بقية الأقوام، من الكبرياء في القومية والإدلال في النسب والجشع والعبودية وشهوة المال وتعاطي الربا، ومن مزياهم أيضاً الخضوع عند الضعف والبطش وسوء السيرة عند الغلبة والختل والنفاق والقسوة والكذب والتزوير والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل والصّد عن سبيل الله، وظهور طبقات الناس بينهم. وبسبب عدم إستجابة دينهم على مطاليب الحياة مما أدى إلى إسلام قسم كبير منهم، أما القسم الأخر فأختاروا طريق النفاق وسوء الأخلاق وإشعال الفتن بين الناس وقتل المعادين لهم.
وهم مسؤولون عن كافة المشاكل والفتن الدولية، فهم مسؤولون عن إرساء قواعد الشيوعية إلى روسيا وثورة 1917م. ومسؤولون عن الثورة الفرنسية وعن إنقسام المانيا وعن سقوط الدولة العثمانية عن طريق جمعية الإتحاد والترقي وتحريض العرب عليهم، وهم مسؤولون عن إشعال الحربين العالمين. بالإضافة إلى إغتيالات الشخصيات الكبيرة. لمزيد من المعلومات أنظر كتاب الإسلام وبنو إسرائيل لرفعت أتلخان.
2ـ الحركة الصّليبية العالمية.
وهم النصارى لقد عاشوا في مصر وحبشة والشام وقسطنطينية ورومانيا واوروبا الغربية. لقد ظهرت الحركة الصليبية في القرن السادس الميلادي، ونشأة في ظل الأمبراطورية الرومانية في وقت تحجرت فيه الديانة اليهودية. وفشلت هذه الإمبراطورية لأسباب كثيرة منها: إضطهاد الكنيسة للعلم وقتل العلماء، وإسرافهم في عبادة القديس، وإنهارت دعائم الأخلاق وإنتشر الفساد لإكتساب المال من أي وجه، وكذلك سادت الظلم وكثرت الضرائب وإزدادت البدع والخرافات الجاهلية الوثنية. وظهور طبقات الناس والرهبانية وعزل النساء، وعدم إحترام حقوقها بالإضافة إلى ذلك لم يجب دينهم على كثير من الأسئلة المتعلقة بالدنيا والأخرة، مما أدى إلى دخول كثير منهم إلى الإسلام، وكا للزحف الغربي الصليبي في أوائل القرن التاسع عشر تاثيراً كبيراً على تفكيك الإسلام، ولقد صمم الغرب الصليبي الزاحف أن يهدم ويدمر كلّ شيء ولكن بأسلوب غير إسلوب التتار والصليبيين القدماء، لقد إتجه إلى تدمير العقائد والأفكار وهدم القيم والأخلاق وتحطيم الأداب والتقاليد بمعاول خفية لا تراها الأعين بسرعة .
3ـ الجمعيات الماسونية.
يمكن تعريفها أنها جمعيات يهودية سياسية ظهرت رسمياً قبل الحرب العالمية الأولى، وأصبحت مركزهم في سويسرا في مدينة بازل، ولكن بشكل غير رسمي بدأت في عهد الصحابة بقيادة عبدالله بن سبأ اليهودي أظهر إسلامه ثم نشر الفتنة الكبرى، وهو ومعهم اليهود خططوا في سم الرسول (ص) وقتله وقتلوا عثمان وعلي وعمر بن الخطاب وعمر بن العزيز ونحوهم بكثير، ويهود دونمة (الذين غيروا دينهم) فدخلوا جمعية الإتحاد والترقي وقضوا على الدولة العثمانية. وبعد ذلك وسعوا نشاط الجمعية فأدخلوا المسيحيين والمسلميين لخدمة أغراض وأهداف الصهيونية. وتنقسم إلى أربعة أقسام:
1ـ جمعية التجار والصناع (روتاري).
2ـ جمعية الأطباء والمحامين والمثقفين (ليون).
3ـ جمعية الأطفال والشباب (ليو).
4ـ جمعية التعارف والسفر (دينرس) أي أكلة العشاء.
منتشرة في كافة أنحاء العالم وبشكل رسمي، ويرجحون الأعوان من الأذكياء والأوفياء وغير المتدينيين، ويأخذون من كافة الأديان والقوميات وبمغريات عالية، وهم يهربون الأطفال عن طريق العصابات يغسلون دماغهم ويرسلونهم كعملاء إلى كل مكان لتحقيق أمالهم.
ما بعد سقوط الخلافة الإسلامية وتطبيق أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية:
انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها.
والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضى بالأمر الواقع مع استحالة تغييره، حتى تبقى الأمة رازحة تحت نير دول الكفر، دول الظلم والطغيان، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة. بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية، ومن الاشتغال بالسياسة. لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام. ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته. ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر، وتعيد مجد الإسلام.
وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر.
ولذلك كان لا بد من أن تثقف الأمة الثقافة الإسلامية، ودوام سقيها بالأفكار والأحكام السياسية، وبيان انبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر. وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس. وهذا التثقيف السياسي، سواء أكان تثقيفاً بأفكار الإسلام وأحكامه، أم كان تتبعاً للأحداث السياسية فإنه يوجد الوعي السياسي، ويجعل الأمة تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى.
الاشتغال بالسياسة فرض على المسلمين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ما صلوا» وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر، أو أمير جائر» وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وعن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» . وقال تعالى:(ألم. غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون).
فهذه الأحاديث والآية الكريمة دليل على أن الاشتغال بالسياسة فرض. وذلك أن السياسية في اللغة هي رعاية الشؤون. والاهتمام بالمسلمين إنما هو الاهتمام بشؤونهم، والاهتمام بشؤونهم يعني رعايتها، ومعرفة ما يسوس به الحاكم الناس. والإنكار على الحاكم هو اشتغال بالسياسة، واهتمام بأمر المسلمين، وأمر الإمام الجائز ونهيه هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم، ومنازعة وليّ الأمر إنما هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم.
فالأحاديث كلها تدل على الطلب الجازم، أي على أن الله طلب من المسلمين طلباً جازماً بأن يهتموا بالمسلمين، أي أن يشتغلوا بالسياسة. ومن هنا كان الاشتغال بالسياسة فرضاً على المسلمين.
والاشتغال بالسياسة، أي الاهتمام بأمر المسلمين إنما هو دفع الأذى عنهم من الحاكم، ودفع الأذى عنهم من العدو. لذلك لم تقتصر الأحاديث على دفع الأذى عنهم من الحاكم، بل شملت الاثنين. والحديث المروي عن جرير بن عبد الله أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ النصح لكل مسلم» جاء فيه لفظ النصح عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو عنه.
وهذا يعني الاشتغال بالسياسة الداخلية في معرفة ما عليه الحكام من سياسة الرعية من أجل محاسبتهم على أعمالهم، ويعني أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية في معرفة ما تبيته الدول الكافرة من مكائد للمسلمين لكشفها لهم، والعمل على اتقائها، ودفع أذاها. فيكون الفرض ليس الاشتغال بالسياسة الداخلية فحسب، بل هو أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية، إذ الفرض هو الاشتغال بالسياسة مطلقاً، سواء أكانت سياسة داخلية أم خارجية. على أن آية ]ألم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون[ تدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بالسياسة الخارجية، وتتبعهم للأخبار العالمية. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب فقال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فيكف غلب المجوس الروم؟ وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم: فأنزل الله ]ألم. غلبت الروم[ وهذا يدل على أن المسلمين في مكة حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية كانوا يجادلون الكفار في أخبار الدول، وأنباء العلاقات الدولية. ويروى أن أبا بكر راهن المشركين على أن الروم سيغلبون، وأخبر الرسول بذلك فأقره الرسول على هذا، وطلب منه أن يمدد الأجل، وهو شريكه في الرهان. مما يدل على أن العلم بحال دول العصر، وما بينها من علاقات أمر قد فعله المسلمون، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم .
وإذا أضيف إلى ذلك أن الأمة تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولا يتيسر لها حمل الدعوة إلى العالم إلاّ إذا كانت عارفة لسياسية حكومات الدول الأخرى، وهذا معناه أن معرفة سياسة العالم بشكل عام، وسياسة كل دولة تريد حمل الدعوة إلى شعبها، أو رد كيدها عنا، فرض كفاية على المسلمين، لأن حمل الدعوة فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة فرض، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلاّ بمعرفة سياسة العالم، وسياسة الدول التي نعنى بعلاقاتها لدعوة شعبها، أو رد كيدها. والقاعدة الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) لذلك كان الاشتغال بالسياسة الدولية فرض كفاية على المسلمين.
ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة شرعاً بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة كان فرضاً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول.
على أن أعمال الحكام مع الدول الأخرى هو من السياسة الخارجية، فتدخل كذلك في محاسبة الحاكم على أعماله مع الدول الأخرى. وقاعدة (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) تدل على أن الاطلاع على أعمال الدولة، وما تقوم به من رعاية شؤون الأمة في الحكم، وفي العلاقات الخارجية أمر واجب، لأنه لا يمكن أن يتمكّن من الاشتغال بالسياسة الداخلية والخارجية، أي محاسبة الحكام على أعمالهم الداخلية والخارجية إلاّ بمعرفة ما يقومون به من أعمال، لأنه إذا لم تعرف هذه الأعمال على حقيقتها لا يمكن محاسبتهم عليها، أي لا يمكن الاشتغال بالسياسة.
ومن هذا كله يتبين أن الاشتغال بالسياسة سواء السياسة الداخلية أو السياسية الخارجية فرض كفاية على المسلمين جميعاً إن لم يقوموا به أثموا.
إقامة الأحزاب السياسية فرض كفاية:
إن محاسبة الحكام التي أمر الله المسلمين بها تكون من الأفراد، بوصفهم أفراداً. وتكون من التكتلات والأحزاب بوصفها تكتلات وأحزاباً.
والله سبحانه وتعالى كما أمر المسلمين بالدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، أمرهم كذلك بإقامة تكتلات سياسية من بينهم، تقوم بوصفها تكتلات بالدعوة إلى الخير، أي إلى الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، قال تعالى : (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) أي لتوجدوا أيها المسلمون جماعة منكم، لها وصف الجماعة، تقوم بعملين: عمل الدعوة إلى الإسلام، وعمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا الطلب بإقامة الجماعة هو طلب جازم، لأن العمل الذي بينته الآية لتقوم به هذه الجماعة هو فرض، على المسلمين القيام به كما هو ثابت في الآيات والأحاديث الكثيرة. فيكون ذلك قرينة على أن الطلب بإقامة الجماعة طلب جازم. وبذلك يكون الأمر الوارد في الآية للوجوب، وهو فرض على الكفاية على المسلمين، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وليس هو فرض عين، لأن الله طلب من المسلمين أن يقيموا من بينهم جماعة، لتقوم بالدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يطلب من المسلمين في الآية أن يقوموا كلهم بذلك، وإنما طلب منهم أن يقيموا جماعة منهم لتقوم بهذا الفرض، فالأمر في الآية مسلط على إقامة الجماعة وليس مسلطاً على العملين.
والعملان هما بيان لأعمال الجماعة المطلوب إيجادها، فيكون وصفاً لنوع الجماعة المطلوب إيجادها.
والجماعة حتى تكون جماعة تستطيع مباشرة العمل بوصف الجماعة، لا بد لها من أمور معينة حتى تكون جماعة، وتظل جماعة وهي تقوم بالعمل.
والذي يجعلها جماعة هو وجود رابطة تربط أعضائها، ليكونوا جسماً واحداً، أي كتلة. ومن غير وجود هذه الرابطة لا توجد الجماعة المطلوب إيجادها، وهي جماعة تعمل بوصفها جماعة. والذي يبقيها جماعة وهي تعمل هو وجود أمير لها، تجب طاعته. لأن الشرع أمر كل جماعة بلغت ثلاثة فصاعداً بإقامة أمير لهم. قال صلى الله عليه وسلم : «لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلاّ أمروا أحدهم».
وهذان الوصفان اللذان هما وجود الرابطة بين الجماعة، ووجود الأمير الواجب الطاعة يدلان على أن قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة) يعني لتوجد منكم جماعة، لها رابطة تربط أعضائها، ولها أمير واجب الطاعة، وهذه هي الجماعة أو الكتلة أو الحزب أو الجمعية أو أي اسم من الأسماء التي تطلق على الجماعة، التي تستوفي ما يجعلها جماعة، ويبقيها جماعة وهي تعمل. وبذلك يظهر أن الآية أمر بإيجاد أحزاب أو تكتلات أو جمعيات أو منظمات أو ما شاكل ذلك.
أما كون الأمر في الآية بإيجاد جماعة هو أمر بإقامة أحزاب سياسية فذلك آتٍ من كون الآية عينت عمل هذه الجماعة، وهو الدعوة إلى الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعمل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر جاء عاماً فيشمل أمر الحكام بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وهذا يعني وجوب محاسبتهم. ومحاسبة الحكام عمل سياسي، تقوم به الأحزاب السياسية، وهو من أهم أعمال الأحزاب السياسية.
لذلك كانت الآية دالة على إقامة أحزاب سياسية لتدعوا إلى الإسلام، ولتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتحاسب الحكام على ما يقومون به من أعمال وتصرفات.
ويجب أن تكون هذه الأحزاب علنية غير سرية، لأن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، والعمل للوصول إلى الحكم عن طريق الأمة تكون علنية وصريحة، ولا تكون في السر والخفاء، حتى تؤدي الغرض المطلوب منها.
ويجب أن تكون أعمال هذه الأحزاب غير مادية، لأن عملها هو القول، فهي تدعو إلى الإسلام بالقول، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالقول، لذلك يجب أن تكون وسائلها سلمية، ولا تستعمل السلاح، ولا تتخذ العنف وسيلة لعملها. لأن حمل السلاح في وجه الحاكم غير جائز لورود الأحاديث الناهية عن ذلك، ولذلك يمكن أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة الحكام دون إشهار السلاح عليهم، لذلك يجب أن تكون وسائل سلمية، ويمنع أن تكون مادية.
أسباب فشل سياسة الأمة الإسلامية
قبل الحديث عن الفشل السياسي للامه الاسلاميه لابد من التطرق إلى الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل والى الانحراف الذي هوى بلامه من ألقمه الشامخة إلى الحضيض الذي تعاني منه الآن.
قال تعالى: )ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون( وقال تعالى : )فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) من خلال هاتين الآيتين تتضح أسباب الفشل والانحراف في حياة هذه ألامه ، فقد بدأت بوادر هذا الفشل في حياتنا منذ العهد الأموي ، فقد اختلفت سياسة هذه الدولة عن خط سير الخلافة الراشدة ،فكان أول تغيير فاجأ الناس هو الانتقال من الخلافة الشوريه إلى الملك. بالرغم من انه لا يوجد نص يلزم الناس بصوره معينه من الحكم.إنما الحاكم ملزم بتنفيذ شريعة الله ويصبح من ثم حاكما شرعيا له على الناس حق السمع والطاعة . وبهذا كان هناك منعطفا تاريخيا في حياة المجتمع الإسلامي. فظهر في العهد الأموي أمرين أساسيين هامين:
الأول : استقرار الملك الو راثي بدلا من الخلافة. ثانيا: التخلي التدريجي من جموع ألامه عن مراقبة أعمال الحاكم،وانصرافها التدريجي إلى أمورها الخاصة. ولذلك اجتمع الملك وتقاعس الرعية فمن هنا كان الخطر الذي هدد الحياة السياسية للامه الاسلاميه. فظهر (العنف السياسي ) والذي كان يتعامل به الأمويين مع المعارضة ،والتي تمثلت في :
الشيعة، والخوارج، والزبير يين، وبعضها نشأ متأخرا نتيجة لاجتهادات دينيه كلاميه ( كالمعتزلة)، كما كان هناك الموالي من الفرس الذين شكلوا جبهة مناوئه لسياسة الدولة الامويه في معظم فترات تاريخهم. فكانت ثورات هذه الأحزاب تقابل بقوه وحزم، فاتهم معظم المؤرخين الدوله الامويه بالاستبداد السياسي.
ثم جاء العباسيون ، ليسيروا على خط الانحراف الذي سبقتهم إليه الدولة الامويه ، بل زادوا عليه ان أصبحت سياستهم في الملك بحته يتولون الحكم بالدور ولو جاء الدور على صبي في العاشرة.
وهكذا توالت الأحداث على المسلمين في الشرق والغرب وامتلأت الجيوب بالأموال وزاد الفساد السياسي ،والقلوب تغفو والأيدي ترخي قبضتها من حبل الله المتين.
** وقد أثرت السياسة العباسية في اختيار الحاكم على قوة الدوله، كالمؤامرات والخلاف على الملك والاستعانة فيما بعد بالفرس والأتراك(الذين افسدوا كل القيم السياسية الاسلاميه ) وتزايد العنف في معاملة الخصوم السياسيين وتحول الى مذابح.
فانهارت الدولة العباسية في الشرق والامويه في الغرب ، حتى برزت إلى الوجود الدولة العثمانية.
وبالرغم مما قامت به الدولة العثمانية من جهود لخدمة المسلمين، إلا أن سياسة الدولة العسكرية والتي بها نوع من الحزم الزائد الذي يصل إلى حد الاستبداد أصبح من الأمور المعتادة والتي يمارسها العسكريون عندما يتولون شؤون الساسة.
علاوة على نظام تعيين الولاة في الدولة العثمانية والذي يهدف إلى تركيز السلطة في يد الخليفة، وعدم استقلال الولاة بولاياتهم كما حدث في عهد الدولة العباسية. لذلك استقرت هيبتها في نفوس الأتباع والأعداء على حد سواء.
كذلك ساسة الإقطاع الذي كان معمولا به في عهد الدولة العثمانية والذي كان له دور كبير في طابع الاستبداد السياسي وبالتالي نوع من الظلم الاجتماعي والخ ومن التخلف العقدي نشأت كل ألوان التخلف التي أصابت العالم الإسلامي علميا وحضاريا وسياسيا وحربيا.
كما أصبحت الديمقراطية المزعومة والتي كان لها ممارسات في بلادها الاصليه مجرد تمثيلية مضحكه عند الأمة الاسلاميه لم تجعل للامه رقابه حقيقية على السلطة الحاكمة، وأصبح السلطان لا يمثل الامه بل يمثل مصالحه الشخصية. ونشأ الفساد في الأحزاب التي نشأت أصلا من اجل خدمة الوطن والإصلاح السياسي.
فأصبحت الامه الاسلاميه تستورد المبادئ والنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خارج الإسلام، في حين إن هذه الأمور منهيا عنها نهيا جازما من ان نستمدها من عند غير المسلمون.
قال تعالى) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). وظل الدين يزحزح حتى انتهى الأمر عند المثقفين إلى المفهوم الكنسي للدين (العلاقة بين العبد والرب مكانها القلب ولا صلة لها بواقع الحياة) .فظهرت العلمانية في الدولة الاسلاميه منذ سليمان القانوني وانتهت بإعلان كمال أتاتورك إنهاء الخلافة الاسلاميه سنة (1924 هـ. حيث تحولت الدولة العثمانية الى علمانية لاقيمه لها عند المسلمين بعد انتهاء الخلافة وانقطاع الحبل المتين الذي جمع شمل المسلمين .(وأصبحت السياسة والحكم قائم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة) وبدأ الغرب في السيطرة على مقاليد الحكم والسياسة سواء بصوره مباشره عن طريق الاحتلال أو بصورة خفيه عن طريق الهيمنة على أنظمة الحكم في العالم الإسلامي، وإعداد طبقة من أبناء أهل البلاد يعدونهم ويسلمونهم مقاليد الحكم في بلادهم على ان يكونوا مجرد أدوات في يد الغرب النصراني يقومون بخدمة مصالحه وينفذون مخططاته في ضرب الإسلام والقضاء على الامه الاسلاميه.
بعض مصادر عن العلوم السياسية والعسكرية:
1ـ الأحكام السلطانية ـ لألماوردي. 2ـ كتب الأغاني ـ لأبي فرج الأصفهاني. 3ـ سياسة نامة ـ لنظام الملك. 4ـ العقد الفريد ـ لإبن عبد ربه. 5ـ الإسلام في مواجهة التحيات المعاصرة ـ للإمام أبو الأعلى المودودي. 6ـ سموم الإستشراق والمستشرقين ـ لأنور الجندي. 7ـ المستشرقون والإسلام ـ د. حسين الهواري. 8ـ أوروبا والإسلام ـ د. عبدالحليم محمود. 9ـ التبشير والإستشراق ـ لمحمد عزت الطهطاوي. 10ـ غسل الدماغ ـ د. محمد فخري الدّباغ.
والله الموفق