المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدس العربي ترصد اللحظات الأخيرة لإعدام ابو عدي



غالب ياسين
08/01/2007, 09:33 AM
صدام قال لمحاميه: انا صدام حسين وسأموت في بلدي.. لاتطلبوا وساطة الزعماء العرب.. رفض زيارة رغد له وسط الامريكيين الاوغاد
طالب البعثيين بمبايعة عزت الدوري. حض علي الجهاد واستمرار المقاومة. صلي وقرأ القرآن. وأوصي بتسليم مصحفه لنجل عواد البندر
القدس العربي ترصد اللحظات الأخيرة لإعدام ابو عدي: دخل حالة تصوف. شرب ماء مخلوطا بالعسل. رفض تناول حبوب الخوف
08/01/2007

عمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين: تؤشر اللحظات الاخيرة في حياة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين علي انه استعد جيدا من الناحية الذهنية والنفسية والدينية وكذلك البدنية لتنفيذ حكم الاعدام بحقه مما يفسر مستوي الهدوء والصلابة التي تميز بها الرجل خلال التنفيذ وظهرت للرأي العام عبر اللقطات المصورة.
ووفقا لما شهد به احد محامي الرئيس العراقي الراحل لـ القدس العربي فقد تم ابلاغ الرئيس صدام بموعد تنفيذ الاعدام بحقه قبل عشر ساعات علي الاقل من لحظة الصفر حيث كانت الجهات الرسمية تخطط لارعاب الرجل وتدمير معنوياته النفسية حتي يظهر مترددا وخائفا وراجيا اثناء التنفيذ وهو المخطط الذي انعكس تماما بعدما ظهر صدام متماسكا وصلبا رافضا ارتداء القناع الاسود فيما ارتدي الجلادون الذين اعدموه قناعا اسود في مفارقة غير مسبوقة، كما يقول المحامي الاردني زياد الخصاونة الذي ترأس هيئة الدفاع عن صدام لاكثر من عام ونصف.
وقد سمع الخصاونة من مدراء سجون في الاردن خلال عطلة العيد ما يفيد بان من يعدم يغطي رأسه بالعادة فيما يكشف الجلاد واعوانه رؤوسهم اما ما حصل مع صدام كان العكس تماما.
وعقد محامو صدام خلال عطلة العيد سلسلة من الاجتماعات والاتصالات بحضور ابنته رغد وخلال هذه الاجتماعات لوحقت المعلومات التي تكشف تفاصيل اللحظات الاخيرة لاعدام الرئيس العراقي، حيث اطلعت القدس العربي علي جزء من هذه المعلومات التي تداولها المحامون وعلي رأسهم المحامي العراقي الرئيسي في محكمة صدام خليل الدليمي الذي يقيم الان ما بين عمان ودمشق حفاظا علي حياته.
وقد تم ابلاغ صدام قبل عشر ساعات علي الاقل من موعد التنفيذ ومن قبل حراسه الامريكيين ومترجمهم الرئيسي وهو امريكي من اصل عراقي تولي ابلاغ الرئيس بجزئية تسليمه قريبا لحكومة المالكي تمهيدا لتنفيذ قرار الاعدام الذي كان قد وقع قبل 24 ساعة من قبل نوري المالكي.

العشاء الأخير

صدام في تلك الليلة سئل من قبل الحراس ما اذا كان يريد تناول العشاء الاخير، فاجاب بانه يريد ذلك وتمكن من تناول وجبته الاخيرة التي تضمنت كمية من الارز الموصوف بارز الشعرة الذي كان يحبه الرئيس دوما مع قطعة من اللحم المشوي، واشترط صدام ان تتضمن وجبته الاخيرة ست كاسات من الماء الساخن المخلوط بالعسل.
وقد احضر الحراس للرئيس الراحل ما يريد وبعد العشاء طلب منهم تسليم نسخته من المصحف الشريف لبندر عواد البندر وهو محام شاب ونجل لعواد البندر رئيس محكمة الثورة الذي يحاكم الي جانب صدام، وقيل للرئيس وقتها بان نسخة المصحف الكريم وغيرها من المتعلقات الشخصية ستسلم للمحامي خليل الدليمي في وقت لاحق وتبين بان نسخة صدام من القرآن الكريم تضمنت وضع خطوط ودوائر بخط يده علي كل موقع ظهرت فيه الاحرف الثلاثة العين والراء والباء كلمة عرب .
ولم يسلم المصحف لمن اوصي له صدام به علما بان المحامي صالح العرموطي ابلغ القدس العربي في وقت سابق بان الجلادين الذين اعدموا صدام احرقوا نسخته من المصحف بقصد اهانته كما علم لاحقا بان بندر البندر يحاول حتي هذه اللحظة الحصول علي النسخة التي اوصي له بها الرئيس الراحل.
ولاتوجد معلومات دقيقة عن الفترة التي تفصل ما بين تناول صدام حسين للعشاء الاخير وبين لحظة تنفيذ الاعدام حيث يرجح المحامي الخصاونة وفق المعطيات التي توفرت له بان التنفيذ تم قبل الوقت الذي اعلن عنه فجر يوم السبت.
لكن صدام رفض في اللحظات الاخيرة عرضا من الحراس والجلادين بالدخول الي الحمام ودورة المياه قبل تسليمه لتنفيذ الاعدام وقد قدر الحراس آنذاك بان تناول الرجل لكمية كبيرة من المياه المخلوطة بالعسل يتطلب دخول دورة المياه قبل تنفيذ الاعدام، لكن صدام رفض العرض، وقال بالحرف انه يريد ان ينتقل الي ما بين يدي الله وهو يحتفظ بوضوئه، خصوصا وانه انتقل ما بعد العشاء الي لحظة التسليم الي قراءة القرآن والادعية والصلاة.
ويقول المحامون الذين يلاحقون اسرار اللحظات الاخيرة بان موكلهم المغتال صدم الحراس الامريكيين عندما رفض دخول دورة المياه واصر علي الذهاب للمشنقة متوضئا وآخر ما فعله صدام قبل تحركه من زنزانته الامريكية هو اداء الصلاة وتسليم نسخة المصحف لمن رافقه من الحراس خلال الانتقال حتي يتم تسليمها لنجل عواد البندر.

رفص تناول حبوب الخوف

كما رفض صدام تناول حبوب وادوية عرضت عليه في اللحظات الاخيرة وهي حبوب يسميها الامريكون بحبوب الخوف وتؤكد المشاهد التي ظهر فيها الرئيس الراحل قبل اعدامه بلحظات علي منصة المشنقة استعداده الذهني والنفسي الكبير لتنفيذ حكم الاعدام كما يشهد الخصاونة، وتؤكد ايضا تمتعه بلياقته الذهنية والنفسية التي تظهر استعداده الكبير لمثل هذه اللحظة خصوصا وانه تمكن من محاججة الجلادين واستيعاب الموقف بصلابة والرد والتعليق وارسال رسائل عقائدية وسياسية في نفس الوقت.
ويبدو من سياق المعلومات التي جمعتها القدس العربي من محاميه وافراد في عائلة الرئيس العراقي بان الرجل ومنذ اتخاذ قرار اعدامه من قبل المحكمة الجنائية ورفض الاسئناف ايقن بوجود مخطط لتنفيذ الاعدام في مطلع العام الجديد وقد سمع بعض المحامين ومنهم فوزي ودود والدليمي صدام عدة مرات وهو يقدر بان الرئيس جورج بوش سيسارع في اعدامه بسبب حساباته الانتخابية وعشية انتخابات الكونغرس، مشيرا عدة مرات الي ان اي لحظة سيتم تسلميه فيها لحكومة المالكي ستعني الانتقال لمستوي تنفيذ الاعدام، وهو امر قال صدام لمحاميه انه لم يعد يهتم به وانه مستعد جيدا له.
وبهذا المعني تتوفر قرائن عملية علي احساس الرئيس الراحل بان قرار الاعدام سيكون سياسيا وله علي الاغلب جذور ودوافع سياسية تتقاطع مع الدوافع الطائفية وهي مسألة تنبه لها الرئيس صدام مبكرا عبر سلسلة من الحوارات السياسية والتحليلية التي خاضها مع المحامين في اللحظات القليلة التي اتيحت للطرفين معا علي هامش المحاكمة وتحديدا بعد قرار الاعدام بقضية الدجيل.
واستنادا الي المحاميين الخصاونة والعرموطي فقد اظهر صدام حسين وجود رؤية سياسية شاملة عنده لما يجري خلال المقابلات التي كانت تجري مع المحامين بعد قرار الاعدام، حيث تراخت السلطات الامريكية التي تسجنه وتحرسه قليلا في مثل هذه اللقاءات مع المحامين، وذلك من الاسباب المركزية التي دفعت الرجل للاقتناع بان تسليمه للحكومة الطائفية التي تستهدفه ولخصومه امر لا بد منه في النهاية، ولذلك ايضا امر الرئيس صدام بعد قرار المحكمة الجنائية باعدامه بانتقال كافة صلاحياته الحزبية والعسكرية لنائبه عزت ابراهيم الدوري.

نشاط وإرسال رسائل

ويقول شهود وخبراء ومتابعون ان صدام حسين نشط في ارسال الرسائل والتقديرات واحيانا التعليمات بعد قرار الاعدام مستغلا التساهل الامريكي في عقد لقاءات بينه وبين بعض المحامين بل كرس صدام مجمل وقته هنا لترتيب ملف الحزب والمقاومة للمرحلة التي تليه.
ومع الاستعداد النفسي والايماني لتقبل لحظة الاعدام والتعامل معها كأمر واقع لا محال كان صدام حسين يحاول قدر الامكان ترتيب الاوضاع فيما بعده آمرا بمبايعة عزت الدوري امينا عاما للحزب وقائدا لفصائل المقاومة وللجيش العراقي ووارثا لوظائفه والقابه بمجرد تنفيذ حكم الاعدام به، وهو ما حصل فعلا بتراتبية حزبية مثيرة حيث اعلن الناطق الرسمي لحزب البعث والذي يدعي الدكتور ابو محمد عن هذه المبايعة في تصريح خص به القدس العربي .
وفي لحظات الاجتماع او الاتصال بالمحامين القليلة التي رتبت قبل تنفيذ الاعدام رتب صدام حسين ما يمكن ترتيبه قدر الامكان فكتب وصية مكتوبة لافراد عائلته قال المحامي العرموطي انها لم تسلم للورثة بعد كما امر بمبايعة عزت الدوري وحض علي الجهاد واستمرار المقاومة واصدر بخط يده رسالته الاخيرة وابلغ المحامي ودود فوزي بان النهاية اقتربت وطلب منه ان يشكر باسمه جميع المحامين الذين وقفوا معه خلال محاكمته ويشكر عوائلهم.
وكان الشكر الخاص بالمحامين والذي حمله المحامي ودود لزملائه من الاردنيين والتونسيين والعرب والاجانب بمثابة فصل النهاية وفق قناعات الرئيس الذي كان يتوقع تنفيذ الاعدام في اقرب وقت ممكن، كما فهم المحامون من رسالة الشكر الشفوية التي وصلتهم فردا فردا عبر المحامي ودود الذي كان آخر عضو في هيئة الدفاع يقابل صدام حسين قبل 24 ساعة من تنفيذ الاعدام دون ان يعلم الرجلان بان التنفيذ اصبح وشيكا.
وقد استشعر صدام بان التنفيذ بات وشيكا، كما يلمح الخصاونة عندما مكن الامريكيون كبار المعتقلين من اجراء اتصالات هاتفية مع عائلاتهم وعندما قدموا عروضا بالموافقة علي تنظيم زيارات عائلية لهم وهذه العروض استفاد منها برزان التكريتي وعواد البندر وطارق عزيز وطه ياسين رمضان، الا ان صدام رفض رفضا قاطعا الاستفادة من هذه العروض التي برزت وقدمت خلال العشرين يوما التي تضمنتها فترة تمييز قرار الاعدام بعد ان رفض الاستئناف.

رفض زيارة رغد

ولصدام هنا موقف وقناعات محددة نقلها المحامي الدليمي لزملائه مؤخرا فقد رفض صدام خلال مرحلة التمييز تلقي اتصال هاتفي من ابنته رغد وزوجته ساجدة رغم موافقة الامريكيين علي ذلك، كما رفض قيام رغد بزيارته في سجنه رغم انها تحمست لذلك، وحصلت فعلا علي اذن امريكي بترتيب الزيارة تحت لافتة عائلية وانسانية.
وعندما استغرب المحامون من موقف صدام ورفضه استقبال ابنته رغد كان جوابه لهم علي النحو التالي: أنا لا احترم الامريكيين وتعهداتهم وبطبيعة الحال احتقر الطائفيين الجدد فهل تقبلون بان تأتي ابنة صدام لزيارته وسط هؤلاء الاوغاد من المحتلين واذنابهم؟ واعترض صدام علي استفسار المحامين بحدة متسائلا ما اذا كانوا يقبلون بوجود ابنته وسط الاوغاد والمجرمين؟
وفي هذه الاثناء سمح الامريكيون لطارق عزيز بالتحدث مع زوجته فولييت وابنه زياد، ولطه رمضان بالتحدث مع شقيقته وابنائها ولبرزان بالتحدث مع افراد في عائلته، لكن صدام رفض التحدث او الزيارة، وكان يخطط لبرنامج اعدامه كما يريده وفقا لما يلاحظه الخصاونة.
وفي سياق الترتيبات نفسها نقل المحامون في الايام الاخيرة عن صدام وجهة نظره السياسية فيما وصلت اليه الامور فالرجل قال بوضوح للمحامين انه لم يعد يهتم بوظيفة رئيس الجمهورية وان هذه الوظيفة تفقد مضمونها وتأثيرها في ظل وجود الاحتلال، وان الاولوية بالنسبة له هي حصريا المقاومة وزوال الاحتلال.
ونقل عن صدام ايضا في ايامه الاخيرة قوله بان العراق الان لم يعد هو العراق الذي حكمه حزب البعث وبالتالي فعلي قادة وكواد الحزب ان يفهموا ذلك جيدا، حسب تغيرت الدنيا ويوجد شركاء لهم هم كل من يقاوم ونقل عنه تقديره بان العودة للعراق القديم لم تعد متاحة او ممكنة وعلي المقاومة ان تفهم ذلك وان اهتمامه يركز علي عراق خال من الاحتلال وآمن ومستقر لن يكون بكل الاحوال نفس العراق القديم.

حالة تصوف

ولدي المقربين من صدام ومحاميه قناعات بان الرجل دخل منذ اعوام طويلة في حالة تصوف وتدين وقد برز موقف عبر عن ذلك بوضوح عندما طلب صدام من المحامين قبل نحو عامين تزويده برسائل خاصة كان قد اعتاد مواطن اردني متدين علي ارسالها له من احدي المدن الاردنية، وقد قابل المحامون هذا المواطن في عمان وطلب منهم ارسال تحياته لصدام كما طلب منهم نقل نصيحته للرئيس صدام بالمثابرة علي اداء الصلاة في وقتها وعندما نقلت هذه النصيحة لصدام عبر المحـــامين طلب منهم مقابلة صدقه الاردني في عمان وتحيته وتذكيره بان صدام حسين يواظب علي اداء الصلاة في وقتها منذ زمن طويل، متمنيا علي الصديق الاردني ان لا يقطع عنه الرسائل خلال مرحلة السجن.
ويتناقل المقربون لدائرة صدام وقائع متعددة تحت عنوان رفضه المطلق لأي افكار او اي مقترحات تنطوي علي حلول من شأنها الخروج من العراق بعد ان مارست ابنته رغد ضغوطا عنيفة مع عدة اطراف عربية لكي تقترح مغادرة والدها لبلاده، الامر الذي رفض صدام مجرد مناقشته عدة مرات.
وقد تجلي هذا الرفض عندما عاد محامو صدام من رحلة لهم الي الولايات المتحدة حيث رفع احد المواطنين العراقيين دعوة قضائية هناك واقترح محام امريكي انضم الي فريق الدفاع استغلال نصوص بالقوانين الامريكية تسمح بمغادرة صدام للعراق علي اساس النظر في دعوة قضائية ضده واخري ضد الاحتلال في المحاكم الامريكية وعلي اساس اخراج الرجل من بغداد تمهيدا لحل ما ينتهي بتأمين اقامة له خارج العراق تعاملا مع مبادرات طرحت في هذا الاتجاه من قبل عدة دول عربية من بينها البحرين والامارات واليمن وحتي مصر.
آنذاك كان المحامي الامريكي متحمسا للفكرة وتجاوبت معها ابنة صدام رغد وبدأ المحامون في عمان بسلسلة مطالعات قانونية بعد الحصول فيم ا يبدو علي ضوء اخضر امريكي يستعد للاستماع والنقاش لكن صدام هنا فاجأ الجميع بان رفض الاقتراح ايضا فقال عبارة مشهورة نقلت علي لسانه مضمونها.. لست موسوليني ولا نابليون انا صدام حسين ولن اخرج من العراق بارادتي، ثم اضاف ولدت وعشت في العراق واريد ان اموت فيه.
وبهذه الطريقة قطع صدام الطريق علي اي مناقشات يمكن ان تقترح عليه اي حلول وسطية، لكنه لم يكتف بذلك بل طلب من المحامين في حادثة معروفة له تجنب مناشدة اي من الزعماء العرب قائلا انه يقدر ظروفهم وطبيعة الضغوط عليهم كما رفض مناشدة اي من المؤسسات والدول الاجنبية فيما يخصه شخصيا، وفي حادثة اخري طلب من المحامين عقد جلسات تفصيح قانونية لبرزان التكريتي بعد جلسة المحكمة الشهيرة التي ناشد فيها التكريتي القاضي، مشيرا لمرضه بالسرطان وحاجته للعلاج وهي مناشدة اغضبت صدام حسين كثيرا وعبر عن غضبه بالتفاتة بكامل جسده لبرزان داخل قفص الاتهام ومطالبته بالجلوس في مشهد معروف وشاهده الجميع وبعد ذلك طلب صدام من المحامين تفصيح برزان ومنعه من تقديم المناشدات فظهرت كما لاحظ المحامون انفسهم الاعتراضات والمداخلات القانونية التي تميزت بالفصاحة عند برزان.