المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جوانب معتمة للحياة في غزة (3): انعكاسات خطيرة لانتشار ثقافة العنف



د. محمد اسحق الريفي
24/04/2009, 11:55 AM
جوانب معتمة للحياة في غزة (3)
انعكاسات خطيرة لانتشار ثقافة العنف

أ.د. محمد اسحق الريفي

عندما تنتشر ثقافة العنف في المجتمع الغزي، تتولد قيم سلبية خطيرة لدى المواطنين، ويدفعون الثمن باهظاً، والقضية هنا ليست فقط قضية تبني أنماط حياة راقية تحمي المواطنين من الخشونة والغلظة في التعامل، بل هي كذلك قضية مواجهة الانعكاسات الخطيرة لانتشار ثقافة العنف على كل جوانب الحياة في المجتمع الغزي.

فانتشار العنف في المجتمع يولد قيم اجتماعية ووطنية سلبية خطيرة ينتج عنها سلوكيات تضر بالمواطَنة الصالحة وتعزز الأنانية لدى المواطنين، ما يجعلهم يعيشون في عراك مستمر مع بعضهم البعض، في الشارع والأسواق والمدارس والجامعات، وحتى في المساجد، ولا سيما أن الغزيين يعيشون ظروفاً قاسية في منطقة ضيقة مكتظة جداً بالسكان، ويتعرضون لقمع العدو الصهيوني وممارساته الإجرامية وخصوصاً الحصار. ومن أخطر تلك القيم السلبية: الاستخفاف بالحياة الإنسانية، الأنانية وإيثار النفس على الآخرين، تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، عدم المسؤولية، كره الآخرين، الاستقواء المنطوي على الاستخفاف بحقوق المواطنين الخاصة والحقوق العامة، اتخاذ الاعتبارات الشخصية والحزبية مرجعية للمواقف والسلوك.

وهذه القيم السلبية موجودة في المجتمع الغزي منذ سنوات عديدة، ولكنها تكرست في المجتمع الغزي في السنوات الأخيرة بسبب الحصار والحرب الصهيونية على غزة، ونتج عنها أنماط سلوكية خطيرة وهلع دائم لدى نسبة كبيرة من المواطنين. فمثلاً، يستخدم المزارعون الغزيون الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية والهرمونات الزراعية بطريقة غير صحية وغير قانونية، ولا يتبعون شروط استخدام تلك المواد، وذلك لزيادة المحصول الزراعي وتسريع إنضاج الثمار، ما يؤدي إلى إصابة المواطنين بأمراض عديدة، وزيادة معدل الإصابة بأمراض السرطان في المجتمع الغزي لحد يفوق أمثاله في مناطق أخرى من العالم العربي.

واعتاد الغزيون على التقليل من أهمية الإجراءات الوقائية لضمان السلامة في كثير من جوانب الحياة، ما يؤدي إلى وفاة أعداد كبيرة وإصابة آخرين بإصابات متفاوتة من حيث خطورتها. ففي كل عام يسقط العشرات من المواطنين قتلى بسبب قيادة الدراجات النارية بطيش ودون التزام بقوانين القيادة وإجراءات السلامة والوقاية، وذلك رغم تكثيف شرطة المرور لحملة مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، وملاحقتها للعابثين بحياة المواطنين وحياتهم.

ولا يقتصر تقليل الغزيين من أهمية إجراءات الوقائية والسلامة على الجوانب المدنية، بل يشمل كذلك الجوانب الأمنية والعسكرية، ولا سيما إبان العدوان الصهيوني، حيث يتهافت المواطنون على الموت تهافتاً. فمنهم من يندفع بصورة جنونية نحو الأماكن والسيارات المقصوفة، معرضين أنفسهم للهلاك. ومن المقاومين من يستهتر بالتعليمات الأمنية التي يزودها به قادته، فيصبح عرضة للاغتيال بسهولة، ومنهم من يستخدم صواريخ محلية الصنع غير متقنة الصناعة والتوجيه، فترتد على بيوت المواطنين، وتقتلهم وتصيبهم. وهناك حوادث عديدة أدى إليها التعامل غير الحكيم أو العبثي مع المتفجرات والصواريخ، ولكن مع الأسف الشديد، لا توجد معلومات إحصائية دقيقة وموثقة حول الحوادث المدنية والعسكرية.

قيادة السيارات فن وذوق، ولكنها في غزة فوضى وعنف، حيث يتبع السائق عند قيادته لسيارته سياسة "لي الأذرع" مع السائقين، فيأخذ حقه وحق غيره من السائقين والمارة، ويتوقف في الطريق أو يسير في الاتجاه المعاكس دون أي ضوابط، ناهيك عن فوضى العربات التي تجرها البغال والحمير، ما يسبب معاناة قاسية للمواطنين، ويساهم في تكريس القيم السلبية. ومن المعلوم أن هناك فئة من العملاء أسند إليهم العدو الصهيوني مهمة تنغيص الحياة على الفلسطينيين، عبر نشر الفوضى وانتهاك القانون وإفساد النظام، لأن مجتمع تسوده الفوضى والعنف لا يمكن أن ينتصر.

إن قدرة شعبنا الفلسطيني على حسم الصراع مع العدو الصهيوني مرهونة بنجاحنا في بناء جيل فلسطيني يتسم بالوعي والعلم والإيمان، فكما يقول أستاذ الجغرافيا الصهيوني أرنون سوفير: "إن السيادة على أرض (إسرائيل) لن تُحسَم بالبندقية أو القنبلة اليدوية، بل ستُحسَم من خلال ساحتين: غرفة النوم والجامعات، وسيتفوق الفلسطينيون علينا في هاتين الساحتين خلال فترة غير طويلة".

24/4/2009

علي محمد عبده
25/04/2009, 01:59 AM
سأل الله أن يهدي النفوس فما عانته فوق العقل والتصور فمهلا يااخي فلسوف تتحضر هذه القلوب وعامل الزمن جزء من العلاج---------------------د-علي

د. محمد اسحق الريفي
25/04/2009, 12:35 PM
أخي الكريم علي محمد عبده،

لا بد من تشخيص المشكلة حتى يتم حلها.

كان الله في عون شعبنا الفلسطيني المجاهد.

تحياتي

مصطفى عودة
25/04/2009, 10:44 PM
الدكتور الريفي الموقر
ما تعرض له من مشاكل وتجاوز (الاستخفاف بالحياة ،الانانية ، عدم المسؤلية، كره الاخرين) هي سمات عامة للمجتمعات العالمية لتهميش الدور الانساني العاطفي الذي اكلته الصناعة والتزاحم والتنافس الحسدي، وسرعة نمو الاتصالات والاعلام ــ مسلسلات ،افلام ،رسوم متحركة..ــ، وشيوع ظاهرة الجريمة النابعة من عدم احترام الانسان ــ قلة ايمان وقلة دين والاهم غياب القانون العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ــ ،والعبثية في الفهم والتصرف ـ مسرح العبثabsurd .
*************

(الاستقواء المنطوي على الاستخفاف بحقوق المواطنين الخاصة والحقوق العامة، اتخاذ الاعتبارات الشخصية والحزبية مرجعية للمواقف والسلوك.)
اعتقد ان مرد الشق الاول يعود لغياب القانون والمحاسبة الصارمة بعد الاعلام والتذكير،اما الشق الثاني فهو تعبير عن الذات والانتماء والغاء التفرد او التخصص او المقدرة الفردية في مجال ما وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب مما يؤدي الى تدهور الانتاج وقهر الاكْفاء واهل الاختصاص وتردي القيم.
********************
ارتفاع الاصابة بالسرطان فهو بشكل عام مرتفع عندنا وفي الاردن ومصر بسبب النفايات الذرية ومفاعل ديمونا والماء الثقيل في حيفا.
في الزرقاء مثلا حيث دفنت اسرائيل براميل سامة من مفاعلها الذري وفي المفرق شمال الاردن ترتفع الاصابات ربما اكثر من عندنا فقد تمت توسعة مشفى السرطان بالقرب من الجامعة الاردنية 100% قبل سنوات.
وقد كتبت قبل ايام على رابط مستقل "انشاء المنتدى الزراعي لصحة الاعضاء والقراء" استشعارا بعظم المشكلة الغذائية وتدهور الوضع الصحي على العموم بسبب الاستخدام المفرط للمبيدات والمخصبات الزراعية الكيميائية. اين وزارة الزراعة الغزية؟؟
حدث مثل هذا في بحر الارال في روسيا في تمانينيات هذا القرن حيث انتهى البحر والقطن وبقي الملح والسرطان.
**************

فوضى الشوارع والسيارات والازمة المرورية لاننا لم نعتد على النظام ولم نتربى على احترام اداب الشارع. وهي مشكلة عامة لكن حدتها تظهر في شوارع غزة اكثر من غيرها لتردي قيم النظام في الذهن وفهم (حارة كل من يده له).
***************

وفي زاوية معتمة اخرى يظن الشخص ان حياته ملك له وليست مشتركة مع الاخرين ،له قسم منها لكن معظمها للاخرين.ويفهم بعضهم ان شخصه ليس اعتباريا وانه يمثل نفسه عندما يستهتر بها ويلقي بها في مهاوي الردى،وفي هذا ضرر واضرار بالمعنويات واحداث فراغ يحتاج الى زمن طويل لملئه ،وفي هذا خسارة ما بعدها خسارة.

حمى الله هذا الجمع الطيب اينما كانوا وتحت اي سماء استظلوا.

نحو غزة اكثر امنا ومحبة ونظام