المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذف ألف ضعفاء الآخرة وإثبات ألف ضعفاء الدنيا



أبو مسلم العرابلي
25/04/2009, 09:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الثانية والعشرون

حذف وإثبات ألف أضعافوردت "أضعافاً" مرتين؛ ثبتت الألف في إحداهما، وحذفت في الثانية؛
في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَـاـعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(245) البقرة.
وفي قوله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعَـاـفًا مُضَـاـعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(130) آل عمران.
في الأولى يزداد القرض الحسن زيادة كبيرة، وعلى ذلك ثبتت ألف المد فيها.
وفي الثانية يقطع مضاعفتها النهي عنها، وبيان حرمتها، وعدم فلاح صاحبها؛ وعلى ذلك كان حذف ألفها.
ولنفس السبب حذفت ألف مضاعفة كذلك.

أبو مسلم العرابلي
25/04/2009, 11:59 AM
ووردت "ضعافاً" مرة واحدة؛ حذفت فيها الألف؛
في قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَـاـفًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(9) النساء.
ضعافًا أي ضعفاء عن القيام بقضاء حاجاتهم، والإنفاق على أنفسهم، لعدم بلوغهم مبلغ الرجال، ووجود هؤلاء واقع تحت تحقق "لو" الشرطية؛ فعلى ذلك سقطت الألف منها.

ووردت "ضعفاء" في أربعة مواضع؛ حذفت الألف في موضعين، وثبتت في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ(266) البقرة.
في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ(91) التوبة.
القاعدة في الرسم ألا تكتب ألفين متتالين لأن المدين المتتاليين يعدان مدًا واحدًا.
ولذلك جرى ترجيح الحذف لصورة الهمزة.
والقاعدة في رسم الكلمات أن يراعى كيفية الابتداء بها، والوقوف عليها.
والقاعدة في كتابة الهمزة المتطرفة في نهاية الكلمة التي يوقف عليها بالسكون؛ أن تكتب بحركة ما قبلها، فإن كان ما قبلها حرف مد، وهو ساكن سكونًا ميتًا؛ أن تكتب الهمزة على السطر، وهذه الهمزة التي تكتب على السطر، أو فوق حروف المد الثلاثة؛ هي من الإضافات على الرسم القرآني.
ولما كانت كتابة الكلمة على أصل الوقف والسكون، وهو يفيد الانقطاع؛ كان ضعف الضعفاء من النوع الذي ينقطع؛
ففي الموضع الأول ضعف الصغار ينقطع ببلوغ مبلغ الرجال، والقدرة على العمل والكسب.
وفي الموضع الثاني ينقطع ضعف الفقراء بحصول الغنى، وانقطاع الفاقة.

أما الضعف في الموضعين الثالث والرابع فهما من النوع الذي لا ينقطع؛
في قوله تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَـاـؤا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا(21) إبراهيم.
وفي قوله تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَـاـؤا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنْ النَّارِ(47) غافر.
الهمزة المتطرفة لا تعرف حركتها إلا عند مواصلة القراءة، وهمزة الضعفاء مضمومة في هذين الموضعين، فكتبت الهمزة على الواو على وضعية الاستمرار؛ لأن هؤلاء كانوا ضعفاء في الدنيا، فاستمر ضعفهم في الدنيا والآخرة، وكان الوصف لهم بالضعفاء في الحديث الذي جرى بينهم في الآخرة.
وحذفت الألف الأولى على تساوي هؤلاء الضعفاء في المصير الذي انتهي بهم في نار جهنم،
وزيدت ألف بعد الهمزة علامة أن دركات هؤلاء الضعفاء غير متساوية؛ فكل واحد منهم على حسب أعماله في الدنيا، فقارون مثلاً؛ اقترف من الإثم أكثر بكثير من جنود فرعون، ومن تولى قتل الأطفال بأمر فرعون غير من كان عمله في حراسة فرعون فقط، أو كان يعد طعامه وشرابه.

أبو مسلم العرابلي
25/04/2009, 02:14 PM
ورد الفعل "يضاعف" في تسعة مواضع؛ وقد حذفت ألفه في الجميع؛
وكان منها بصيغة المبني للمعلوم (يُضَاعِفُ) في خمسة مواضع، وهي في مضاعفة الحسنات. لأن الخير ينسب إلى الله تعالى؛ وواحدة بصيغة المبني للمجهول للمصدقين الذي يخفون صدقاتهم ولا يجاهرون بها؛
في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَـاـعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة.
وفي قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَـاـعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَـاـعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) النساء.
وفي قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَـاـعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد.
وفي قوله تعالى: (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَـاـعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَـاـتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَـاـعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) الحديد.

وبصيغة المبني للمجهول (يُضَاعَفُ) في ثلاثة مواضع، وهي في مضاعفة السيئات، لأن السوء والشر لا ينسب في القول إلى الله عز وجل؛
في قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَـاـعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) هود.
وفي قوله تعالى: (يُضَـاـعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (يَـاـنِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَـاـحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَـاـعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) الأحزاب.
ويرجع حذف ألف "يضاعف" إلى أن هذا الفعل من الجذر "ضعف" وعلى استعمال هذا الجذر؛ فإن فعل يضاعف يفيد إزالة الضعف الذي يعتري الأنفس.
وذلك أن رغبات الإنسان لا تقف عند الحد الذي ينالها فيه، بل تتطلع نفسه إلى ما فوق ذلك؛ فإن نال ما يستحق من أجر وثواب؛ قال ذاك حقي فنلته، وقد يرى أنه يستحق أكثر من هذا، وظلت نفسه تتطلع إلى المزيد؛ فمضاعفة الخير والحسنات والعطاء له فوق ما يستحق من أجر وثواب، يرضي النفس ويطمئنها، ويقطع عنها السخط بوقوف العطاء على حد استحقاق العمل فقط.
وإن كان أخذ ما يستحقه من العقاب على أفعاله، فإن يجفف عن نفسه أنها لم تعاقب بأكثر من ذلك، وخاصة إذا كان يتوقع من العذاب فوق ذلك؛ فمضاعفة العذاب له يقطع عليه تهوين العذاب على نفسه ليخف عليها ألمها، وهذا الشعور بقلة العذاب لا يريده الله له أيضًا في الآخرة؛ فلا يكون منهم إلا السخط على أنفسهم، وعلى من كان سببًا في كفرهم وشركهم.
وفي كلتا الحالتين؛ أريد بمضاعفة الحسنات أو السيئات؛ القطع على المحسن استقلال الأجر والثواب، والقطع على المعذب استقلال ما ناله من عذاب؛ وعلى ذلك سقطت ألف المد منها.
والله تعالى أعلم.