المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دموعهم .... كانت دماء .



عبد المالك المؤذن
27/04/2009, 01:32 AM
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء
لم تكن الدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلم – مختارا - مفاتيح قصور الحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية ‘فرناندو’ FERNANDO و’إيسابيلا’، ESABEL من جنس الدموع التي كانت تذرفها عيون الموريسكوس ليل نهار . فشتان ما بين الأولى والثانية . فامير غرناطة ذرفت عيناه دموع الطفل عندما تختطف منه لعبته المفضلة . دموع لحظات آمن أنها ستجف لاحقا , بعد الخروج سالما من غرناطة الى " أندرش " ANDARAXيقود الجمل وما حمل , ممتنا لوزيره ورفيق الرحلة" ابن كماشة " نجاحه في عقد صفقة امتيازات سرية مع الملكين الكاثولكيين , موهما العامة أن تسليم غرناطة يتم وفق معاهدة السلام وليس الاستسلام .
ان الدموع التي ذرفتها عيون الموريسكوس كانت دماء , لم يروا بعد ارتحال الأمير وحاشيته الا الدماء ولا شيء غيرها . لم تكن معاهدة غرناطة الا ستارا سيرفع قريبا ليكشف عن مسرح الجريمة المنظمة , وارهاب الدولة , ويفضح نوايا الغدر والخيانة .. لملوك الصليب , ورهبان الكنيسة . وما سيلحق بالمسلمين المتخلفين من مجازر وفنون التعذيب, فداء وقربانا للصليب . وصدق قول ربنا سبحانه فيهم , اذ يقول :" لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ..’ ويقول أيضا "إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا أيديهم وألسنتهم بالسوء .."
هل تعلم كيف كانوا يعذبون؟!!.. هل سمعت بمحاكم التفتيش .؟. لم يتمكن أحد ليقدم لنا التفاصيل الدقيقة والصورة الواضحة لهاته المحاكم التي خطط لها مطران طليطلة الكاردينال خمينيس JIMENEZ سنة 905 هج. لكن بعد مرور أربعة قرون على سقوط الأندلس، وقد أرسل نابليون حملته إلى أسبانيا وأصدر مرسوماً سنة 1808 م بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الأسبانية. يتحدث أحد الضباط الفرنسيين ويعطينا الصورة التي تجعل القارئ يسبح في بحر من الدماء من بداية القصة الى نهايتها . يقول الضابط الفرنسي :
"أخذنا حملة لتفتيش أحد الأديرة التي سمعنا أن فيها ديوان تفتيش، وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئاً يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهماً باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن الضابط "دي ليل" استمهلني قائلاً: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!!. قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئاً مريباً. فماذا تريد أيها الضابط ؟!.. قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها.
عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة – وكنا نرقب الماء – فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير.
أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة.
وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفاً، وقال لي: يا بني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة. قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟!.وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها.
وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض.
رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتـقزز طوال حياتي.
رأينا غرفاً صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممداً بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي.
وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها.
كان السجناء رجالاً ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم ، وهم في الرمق الأخير من الحياة.
كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعاً عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء.
أخرجنا السجناء إلى النور تدريجياً حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحاً، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهداً يبكي الصخور.
ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين،
ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت.
وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة.
كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إرباً إرباً.
كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين.
وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم .
الا تجدون أيها الاخوة في قصة الضابط الفرنسي ما يبرر استغاثة الموريسكوس -في القصيدة المنشورة - بالدولة العلية القوية , تطلب تدخلها بالضغط على فليبي الثالث بافساح الطريق أمامها للعبور الى خارج الوطن في سبيل احياء الدين وانباته في القلوب من جديد .؟؟؟؟؟

http://www.wata.cc/forums/imgcache/6492.imgcache.jpg (http://www.arabswata.org/up/uploads/images/wata3db29f34b1.jpg)

أمير غرناطة يركع بين يدي الملكين ويسلم مفتاح غرناطة