المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور ألمانيا في ظل أزمة الغاز بين روسيا و أوكرانيا



سهير قاسم
08/01/2007, 05:35 PM
مقر عملاقة الغاز الروسية "غازبروم" في موسكو

أعادت أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا وتداعياتها المحتملة على ألمانيا مشروع مد خط أنابيب الغاز عبر بحر البلطيق ودور المستشار السابق فيه إلى واجهة الأحداث من جديد.

قرار الحكومة الروسية بتعليق تزويد أوكرانيا بالغاز لم تظهر أثاره بشكل واضح على إمدادات الغاز في ألمانيا بعد. فالمخزون الاحتياطي الألماني الحالي من الغاز يكفي لسد حاجة البلاد لمدة خمسة وسبعون يوما، حسب ما ذكرت كلاوديا كيمفرت، من المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، ولكن الازمة واردة في المستقبل على ضوء حساسية العلاقة الروسية ـ الاوكرانية، حسب تعبير الخبيرة الاقتصادية، لاسيما وان ألمانيا تستورد ثلث احتياجاتها من الغاز من روسيا والذي يمر بدرجة أساسية عبر الأراضي الاوكرانية.




السؤال المطروح في ظل النزاع الروسي الاوكراني الأخير الذي انتهى بشكل مفاجئ ـ دون أن يعني ذلك عودة الوئام الى علاقات البلدين ببعضهماـ هو الى أي حد يعكس قرار الحكومة الألمانية السابقة مصالح ألمانيا بعقدها اتفاقا مع روسيا لمد خط أنابيب الغاز عبر بحر البلطيق وكذا حرص المستشار السابق جيرهارد شرودر على تنفيذ هذا المشروع ثم تولي منصب في الشركة المنفذة بعد خروجه من الحكومة؟



لاشك ان توصيل الغاز مباشرة من روسيا الى ألمانيا عبر بحر البلطيق يقلل من تبعية ألمانيا ومن أية انعكاسات محتملة قد تنشأ على خلفية أي خلاف بين روسيا و أوكرانيا أو بولندا إذا ما كانت الأنابيب تمر عبر أراضي هذين البلدين أو أي منهما. وصحيح ان وضع ألمانيا كان يبدو حتى الان أفضل في حالات الخلافات التي تحدث بين روسيا ودول وسط أوروبا. لكن مد أنابيب الغاز الى ألمانيا عبر بحر البلطيق، من قبل الشركة التي من المزمع ان يتولى رئاسة مجلس إدارتها المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر، لا يعني بالضرورة ان ذلك سيصب في مصلحة ألمانيا تماما.



فهذه الخطوط لن تعوض استمرار تدفق النفط الروسي على المدى الطويل في حالة انقطاع الإمدادات التي تمر عبر اليابسة. إذا ان حاجة أوروبا من الغاز سوف يرتفع بحلول عام 2020 الى 150 في المائة وبالتالي فان استيراد الغاز الروسي ـ حتى في ظل وجود خطوط الإمداد عبر بحر البلطيق ـ لن يكفي سوى لسد جزء من هذا الاحتياج المتزايد. وهذا يعني ان تامين الطاقة لأوروبا وبالذات الغاز لن يتحقق فقط من خلال إنشاء خطوط إمداد جديدة بين روسيا وأوروبا ولكن من خلال تنويع مصادر الحصول على هذه المادة مثلا من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وبالتالي ضرورة مد خطوط الى موانئ هذه الدول.



كما أن مصالح ألمانيا لا تقتصر فقط على تأمين احتياجاتها من الطاقة بل إنها تشارك في تحمل مسؤولية استقرار الاحتياطي الأوروبي من الطاقة سواء في دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك الدول المنضوية حديثا في الاتحاد أو في أوروبا عموما. كما انه ليس من المقبول مثلا ان تغض ألمانيا النظر عن مسؤوليتها تجاه بولندا ودول البلطيق وأوكرانيا عندما تغلق موسكو محبس أنابيب الغاز الى هذه الدول.



إذا الاتفاق السريع الذي حدث بين روسيا وأوكرانيا كان بالتأكيد من مصلحة ألمانيا. ولكنمن المؤكد أيضا أن تولي شرودر لمنصب رئيس مجلس إدارة شركة الغاز الألمانية ـ الروسية المسئولة عن مد أنابيب الغاز عبر بحر البلطيق يفقده الحيادية المطلوبة للقيام بدور الوسيط في أية خلافات قد تحدث مستقبلا بين روسيا وجاراتها من دول المعسكر الشرقي السابق.

سهير قاسم
10/01/2007, 01:42 PM
تسعى المستشارة الألمانية ميركل خلال أول زيارة لها إلى موسكو إلى الموافقة بين شراكة ألمانيا الإستراتيجية مع روسيا وضرورة عدم دون تجاهل نقاط الخلاف معها حول تراجع الديمقراطية والحرب المنسية إعلاميا في الشيشان.



بعد انتخابها أول مستشارة في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية أعلنت أنجيلا ميركل عن عزمها على مواصلة السياسة الألمانية الخارجية في الكثير من محاورها الرئيسية مثل العلاقة الخاصة مع باريس، والدور الألماني داخل الإتحاد الأوروبي، علاوة على إحياء "الصداقة الإستراتيجية" مع واشنطن بصفتها الحليف الأطلسي الأكبر. غير أن ميركل أعطت في الوقت نفسه إشارات لا لبس في رسالتها السياسية حول ضرورة تحقيق المزيد من "التوازن في منظومة العلاقات الألمانية على الصعيد الدولي عامة، والأوروبي خاصة"، وهو ما عبرت عنه بقولها: "أريد تحقيق النجاح، يجب أخذ موقف كل بلد في الحسبان، وإذا نسي أحد بلداً ما ومصالحه فإننا لن نصل إلى أي نجاح". وفي هذا الإطار يبدو أن ميركل تحرص على تمثيل أفضل لدول شرق أوروبا الصغيرة في عملية اتخاذ القرار السياسي الأوروبي من أجل تبديد مخاوفها المبررة من عودة الهيمنة و"الإمبريالية الروسية".

سهير قاسم
10/01/2007, 01:43 PM
نقاش حي دون تجاهل اختلاف وجهات النظر

ميركل أمام نصب الجندي المجهول في العاصمة الروسية وارسو على الرغم من أن براغماتية ميركل أجبرتها على إختيار الطريق الوسط بين ممارسة النقد المباشر وتكريس علاقات خاصة مع شركائها على غرار سلفها شرودر، إلا أن المراقبين ينظرون بترقب إلى أسلوب ومحتوى تعاطيها مع روسيا خلال زيارة اليوم، وخاصة حين تطرح مواضيع شائكة على بساط البحث مثل التراجع في تطور الديمقراطية في روسيا في السنوات الأخيرة والحرب البشعة المنسية إعلاميا التي يشنها الكرملين من أجل إحكام سيطرته على الشيشان، علاوة على صياغة موقف دولي مشترك للتعاطي الفاعل مع التصعيد الأخير في أزمة الملف النووي الإيراني. ومن جانبها أعلنت ميركل أنها تسعى خلال زيارتها الأولى لموسكو إلى "نقاش حي من دون تجاهل اختلاف وجهات النظر مع الشريك الروسي".

سهير قاسم
10/01/2007, 01:43 PM
فقدان الثقة في الشريك الروسي؟

روسيا قوة عظمى بمواردها الطبيعية لا شك أن أزمة الغاز الأخيرة بين وروسيا و أوكرانيا التي لم تطال الدول الأوروبية بشكل مباشر، كانت كفيلة بلفت أنظار هذه الدول إلى خطورة تبعيتها لموسكو وشدة اعتمادها عليها فيما يتعلق بتزويدها بأحد أهم مصادر الطاقة الحيوية المتمثلة بالغاز الطبيعي، لاسيما بعد أن اتضح أن موسكو قد تلجأ إلى التلويح بسلاح النفط واستخدامه كوسيلة ضغط سياسي من أجل خدمة سياستها الخارجية كما فعلت مع أوكرانيا. وفي هذا السياق يعتقد المراقبون أن روسيا سعت للضغط علي أوكرانيا ليس بهدف تحقيق عائد مادي من وراء محاولتها بيعها الغاز لها بأسعار مرتفعة، وإنما عقابا لها لمحاولتها الخروج عن فلك موسكو وسعيها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كما عزز من هذا الاعتقاد الاتفاق الذي توصل إليه البلدان من أجل حل الأزمة والذي لم يجلب مكاسب مادية كبيرة لموسكو.

سهير قاسم
10/01/2007, 01:44 PM
قلق ألماني من "التطور السلطوي" في روسيا

روبرشت بولنز، رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الألماني، وعضو الحزب الديمقراطي المسيحى الحاكم، ووفقاً لرؤية روبرشت بولنز، رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الألماني، وعضو الحزب الديمقراطي المسيحى الحاكم، فإن "التطور في روسيا في السنوات الأخيرة مقلق جداً"، مشيراً إلى "تقييد الحريات العامة وحقوق المواطنة، وتشديد قوانين مراقبة عمل ونشاطات المنظمات غير الحكومية". غير أن بولنز المعروف بحنكته السياسية، والذي يعد أحد أكثر السياسيين رصانة ومهنية في التعاطي مع الملفات الساخنة في العلاقات الدولية، اشار في مقابلة أجراها معه التلفزيون الروسي أمس إلى أن "العرض الروسي بتخصيب اليورانيوم الإيراني على الأراضي الروسية يمثل فرصة لحل أزمة الملف النووي الإيراني بطريقة سلمية".

سهير قاسم
10/01/2007, 01:45 PM
روسيا قوة عظمى بمواردها الطبيعية

خط أنابيب في روسيا لا غرو أن المستشار شرودر إرتبط بصداقة خاصة مع الرئيس الروسي بوتين الذي وصفه شرودر بأنه "ديمقراطي لا شك فيه"، وهو ما أثار سجالاً حاداً حول طبيعة تقييم شرودر للنزعات السلطوية التي شهدتها روسيا تحت حكم بوتين. وهنا ينبغي الإشارة إلى خطوة ذات أبعاد تتجاوز العلاقات الروسية- الألمانية، وهي التوقيع على اتفاق لبناء خط أنابيب لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا بطول 1200 كم من حقول فايبورغ في شمال شرق روسيا، بكلفة تتجاوز 4 مليارات يورو. هذا الخط الذي تبلغ طاقته التصديرية 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، أثار تساؤلات وتقديرات متباينة حول حدود هذه الشراكة وما ينتج عنها من تبعية ألمانية من إمدادات الطاقة الروسية.
أما الجانب الروسي فهو يسعى إلى تعزيز حضور روسيا الدولي عبر تعزيز علاقاتها الثنائية، والتوقيع على مزيد من الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول الأوربية وإنجاز الكثير من العقود والاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والعسكرية مع محيطها الآسيوي وخاصة قوي المستقبل القريب الصين والهند. لذاك فهو يأمل من خلال زيارة ميركل في "استمرارية التطور في الشراكة الإستراتيجية" وفقاً لتعليق أحد مساعدي بوتين أمس. كما يرى الجانب الروسي أن "توسيع التعاون الاقتصادي سيكون في بؤرة محادثات ميركل مع الرئيس الروسي بوتين".

"شراكة إستراتيجية" وليس "صداقة إستراتيجية"

: "شراكة إستراتيجية" وليس "صداقة إستراتيجية" وفي معرض تحليله لآفاق زيارة ميركل نوه المختص في الشئون الروسية، إنغو مانتويفل، إلى دقة تعبيرات ميركل وتفريقها بين "الشراكة الإستراتيجية" و"الصداقة الإستراتيجية" في وصفها للتطور المستقبلي في العلاقات الروسية الألمانية. فطالما لا تتقبل روسيا قيم الحرية والديمقراطية التي تميز الهوية الأوروبية المعاصرة، فإنه من الصعب استخدام تعبير الصداقة في هذا السياق، على حد قول ميركل. غير أن مانتويفل يشير إلى وعي ميركل بــ"أهمية الدور الروسي كقوة عظمى بمواردها الطبيعية، علاوة على ثقلها السياسي وامتلاكها حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي". وفيما يتعلق برد فعل بوتين على هذا التغيير الطفيف في العلاقات الروسية الألمانية، نوه مانتويفل إلى أن "بوتين سياسي برغماتي. فبالرغم توقع عدم إرتياحه لذلك، إلا أنه سيتقبله، لأنه لا يقف عائقاً أمام دمج وتفعيل دور روسيا كقوة عظمى بمواردها الطبيعية في منظومة الاقتصاد العالمي".