المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تاريخ اليهود



نبيل الجلبي
29/04/2009, 04:26 PM
تاريخ اليهود
1- نشأة اليهود:

الأب الأكبر لشعوب كثيرة ومنها اليهود والعرب إبراهيم عليه السلام. أنجب إبراهيم ابنه إسماعيل الذي تنحدر منه العرب المستعربة، وأنجب إبراهيم أيضاً إسحاق الذي أنجب يعقوب(إسرائيل)، وهو أصل بني إسرائيل. وكان ليعقوب اثـنا عشر ولداً منهم يوسف عليه السلام.
وذكرت قصة هؤلاء الإخوة الاثني عشر في سورة يوسف، وفيها دلالة واضحة على بدء امتداد العرق اليهودي النامي في الحقد والحسد والبغضاء والكذب والبهتان، فأحداث هذه القصة نقرؤها وكأننا نعيش الواقع ونلمس أساليب الغدر والاحتيال اليهودي.
2- بنو إسرائيل في مصر:
عاش بنو إسرائيل في مصر كما جاء في نهاية قصة يوسف عليه السلام ،ولكنهم لم يستطيعوا أن يحافظوا على حب المصريين لهم، فكرههم المصريون لسوء أخلاقهم،حتى وصل كرههم هذا إلى حد الاضطهاد والاستعباد وانتهاك الإنسانية، حتى أن واحداً من فراعنة مصر أمر بأن يذبح كل مولود منهم ذكراً وتسبى الإناث، كان يفعل ذلك سنة ويتركه سنة أخرى.
شاء الله تعالى أن يخرج بني إسرائيل من الذل الذي لم يقعوا فيه إلا لسوء أخلاقهم وأنانيتهم. أرسل الله رجلاً من بني إسرائيل هو موسى عليه السلام بدين اليهودية ومعه أخوه هارون عليه السلام فذهبا إلى فرعون ليدعواه إلى توحيد الله وترك ادعاء الأُلوهية ، وطلبا منه إرسال بني إسرائيل ، وأراه موسى معجزة العصا التي تتحول إلى ثعبان ، ومعجزة اليد البيضاء ، { فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى* فقال أنا ربكم الأعلى} النازعات ، ثم كان اللقاء والتحدي بين موسى والسحرة ، فغلبهم موسى فآمنوا به ، وعذبهم فرعون وقتلهم .
ثم أمر الله نبيه موسى أن يسري ببني إسرائيل ليفروا من فرعون وقومه واتجهوا ناحية البحر الأحمر، واتبعهم فرعون بجنوده فأمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر ففعل فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، ومرّ بنو إسرائيل وعبروا البحر ثم عبر وراءهم فرعون وجنوده فانطبق البحر عليهم وغرقوا.
3- مواقف اليهود مع موسى :

1-خرجوا من مصر واتجه بهم إلى صحراء سيناء ليتوجهوا لفتح الأرض المقدسة، فلما ابتعدوا عن حياة الترف ثاروا على موسى وهارون وقالوا : (أخرجتمانا من مصر إلى هذا الفقر ؛ لكي نموت وأولادنا ومواشينا من العطش؟!) قال تعالى :
{ فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين }.البقرة 60
2- قال سبحانه : { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}.الأعراف من الآية 138
3- ذهب موسى لمناجاة ربه عند الطور وخلّف عليهم هارون لمدة أربعين يوماً فتمردوا عليه وعبدوا العجل الذي صنعه لهم السامري من الذهب، قال عز وجل: { ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال بئس ما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين }.الأعراف 150
4-قال عز من قائل : { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثـناكم من بعد موتكم لعلّكم تشكرون } البقرة 55 ـ 56….منتهى المعاندة ، ونعمٌ تتلو نعماً ولكن اليهود هم اليهود.
5- قال سبحانه : { وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} الاعراف 160ولكنهم كفروا بهذه النعمة وطلبوا الفول والعدس والبصل فقيل لهم { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} البقرة 61 نكران المعروف والمعاندة صفة متأصلة فيهم .
6- وأمرهم الله بذبح بقرة وشددوا على أنفسهم بالسؤال عن لونها وصفاتها فشدد الله عليهم.
7- أُمروا أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كانت آنذاك في أيدي العماليق قال تعالى: { قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها} المائدة 22 ثم قالوا له بكل وقاحة : { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } المائدة من الآية 24، فكان عقابهم التيه أربعين سنة : {قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين}.المائدة 26

4- دخول الأرض المقدسة :
توفي موسى صلى الله عليه وسلم ، وبعد مدة التيه أمرهم نبيهم بالقتال فتولى أكثرهم ورضي منهم القليل وهذا هو الانقسام الأول ،قال عز من قائل { وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ً} البقرة من الآية 247، فانقسم القليل مرة أخرى فلم يرض أكثرهم بقيادة طالوت ورضي منهم القليل ، ثم إن طالوت خرج بهؤلاء فقال : { إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا } البقرة من الآية 249 وهكذا انقسموا مرة ثالثة فمضى طالوت بصفوة صفوة الصفوة من بني إسرائيل للقاء العدو في الأرض المقدسة (العماليق) وكان قائد العماليق جالوت ، ولكن بني إسرائيل انقسموا للمرة الرابعة فقال أكثرهم { لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله }.البقرة من الآية 249
ثم قاتل طالوت بهؤلاء فقط جيش جالوت فهزمهم وقـُتل جالوت على يد شاب صغير من اليهود هو داود الذي آتاه الله الملك والنبوة فيما بعد .


5- أنبياء بني إسرائيل :
أرسل الله إليهم أنبياء كثيرين جداً ، فكانوا كما قال الله : { ففريقا كذبتم وفريقاً تقتلون }.البقرة من الآية 87
ومن أنبيائهم : ( موسى – هارون – داود – سليمان – يحيى – عيسى....... وغيرهم ) .
ومن الأنبياء الذين قتلوهم :
1- ( حزقيال ) : قتله قاض من قضاتهم لأنه نهاه عن منكرات كان يفعلها .
2- ( أشعيا ) : قتله (منس ) أحد ملوك اليهود بأمر نشره على جذع شجرة ؛ لأنه كان ينصحه ويعظه بترك السيئات .
3- ( أرميا ) : قتله اليهود رجماً بالحجارة لأنه أكثر من توبيخهم .
4- (يحيى ) : قتله ( هيرودس ) أحد ملوكهم ؛ لأنه كان يريد الزواج من ابنة أخيه فعارضه يحيى عليه السلام وبين تحريم ذلك فقتله (هيرودس ) .
5- ( زكريا ) : دافع عن ابنه يحيى وعارض زواج البنت بعمها فقتله ( هيرودس )
أيضًا .
6- حاولوا قتل (عيسى) وظنوا أنهم قتلوه قال تعالى :
{ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم }.النساء من الآية 157
و هذا قليل من كثير جدًا ، فقد قال رسول الله عليه وسلم : ( قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًا من أول النهار في ساعة واحدة ، فقام مائة وسبعون رجلا منهم فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعًا من آخر النهار).

وأكثر من ذلك ... فقد كانوا السبب الأول في وفاة محمد صلى الله عليه وسلم فلقد توفي متأثرًا بالسمّ الذي وضعوه له في طعامه يوم خيبر.
هذا هو خلق اليهود مع خير خلق الله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فكيف بغيرهم ؟

6- صفات اليهود من القرآن الكريم ومن التاريخ :
لا بد لمن يريد دراسة هذا الجنس القذر من الناس أن يعرف صفاتهم وأقوال الأنبياء فيهم ، وقول الله عز وجل عنهم في القرآن الكريم . ويمكننا تلخيص هذه الصفات فيما يلي :
1- موالاة الباطل ضدّ الحق : كما نرى في غزوة الخندق ( انظر الفصل التاسع من هذا البحث ) .
2- نقض العهد : نقضوا عهودهم مع الله ومع الأنبياء ومع محمد صلى الله عليه وسلم،
{ أو كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم }.البقرة من الآية 100
3- سوء أدبهم مع الله ومع النبيين : ومن الأدلة على ذلك أقوالهم التي ذكرت في القرآن الكريم مثل: {يد الله مغلولة} المائدة من الآية 64،{ اذهب أنت وربك فــقاتــلا إنا هاهنا قاعدون} المائدة من الآية 24، { إنّ الله فقير ونحن أغنياء } آل عمران من الآية 181 ، ولما قيل لهم :
{ خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا } البقرة من الآية 93 ، وقالوا كلامًا غير لائق على الله وأنبيائه ، كما سيأتي في الفصل التالي إن شاء الله ، وحرفوا التوراة قال سبحانه : {كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} البقرة من الآية 75، وحرفوا الإنجيل للنصارى أيضًا كي يضلوا .
4- قتل الأنبياء والصالحين : كما تقدم .

5- الحقد والحسد وعدم الاعتراف بالحق : فهم يعلمون أنّ الإسلام حق وأنهم على باطل ، ولكنه الحسد يملأ قلوبهم أن كان النبي من العرب ولم يكن من بني إسرائيل ، قال عز وجل :
{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا } النمل من الآية 14.
6-إثارة العداوة والفتن بين الناس : فهم الذين أججوا نار العداوة والحروب الضروس بين الأوس والخزرج، وهم السبب الأكبر في فتنة مقتل عثمان بن عـفان ، وهم سبب الحربين العالميتين أيضًا .
7- معتقدات اليهود وتعاليمهم :
في هذا الفصل نرى ما يقول اليهود عن الله والأنبياء ، وكيف يحقدون على البشرية كلها وبالأخص المسلمين . فاليهود يقولون :

1- الأجانب غير اليهود كلاب .
2- الأمم الخارجة على دين اليهود ليست كلابًا فحسب ، بل حميرًا أيضًا.
3- بيوت غير اليهود زرائب للحيوانات.
4- محرم على اليهودي أن ينجي أحدًا من الأجانب .
5- الذي يقتل أجنبيًا (أي غير يهودي) يكافأ بالخلود في الفردوس .
6- لا يغفر إله اليهود للذي يرد مالا مفقودًا للأجانب .
7- السرقة غير جائزة من الإنسان (اليهودي) ، وأما الخارجون على اليهود فسرقتهم جائزة .
8- الربا محرم بين اليهود ، ومباح تعاطيه مع غير اليهود .
9- مصرح لليهودي أن يقرض أولاده بالربا من أجل تمرينهم ليذوقوا حلاوة الربا ويمارسونه مع غير اليهود .
10- حياة غير اليهودي ملك لليهودي ، فكيف بماله ؟
11- اليمين التي يؤديها اليهودي للأجنبي لا قيمة لها ولا تلزم اليهودي بشيء ؛ لأنه لا أيمان بين اليهودي والحيوان.
12- يجوز لليهودي أن يشهد زورًا .
13- مباح بل واجب غش الأجنبي غير اليهودي .
14- الزنا بغير اليهود مباح ذكورًا وإناثًا .
15- اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض غير اليهودية المتزوجة ؛ لأن كل عقد زواج عند غير اليهودي باطل. فالمرأة غير اليهودية بهيمة ولا عقد بين البهائم.
16- لليهود مناسبتان أحدهما عيد الفطائر الممزوجة بالدماء البشرية.
17- تتميز أرواح اليهود عن غيرها بأنها جزء من الله، كما أن الابن جزء من أبيه ، وأرواح اليهود عزيزة عند الله، وذلك غير باقي الأرواح.
18- اليهودي معتبر عند الله أكثر من الملائكة فإذا ضرب أممي يهوديًا فكأنما ضرب العزة الإلهية ويستحق الموت.
19- خلق الله الأجنبي على هيئة إنسان فقط؛ ليكون لائقًا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا من أجلهم.
20- إن الله يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء !
21- إن تعاليم الحاخام لا يمكن نقضها أبدًا ولو بأمر الله!
22- سأل يعقوب (صلى الله عليه وسلم) ربه: لماذا خلقت غير شعبك المختار؟ قال: لتركبوا ظهورهم وتمتصوا دماءهم وتحرقوا أخضرهم وتلوثوا طاهرهم وتهدموا عامرهم. (تعالى الله عن ذلك).
23- وينسب اليهود لداود عليه السلام قوله في الأرض المفتوحة: أخرج الشعب الذي فيها وضعهم تحت مناشير وفوارج حديد وفؤوس حديد وأمّرهم في أتون ، وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون.
24- يقضي الله ثلاث ساعات من نهار يلعب مع ملك الأسماك إلا أنه توقف عن اللعب بعد تدمير الهيكل في أورشليم ، فلم يعد لله جلد على اللعب والرقص كما كان يفعل في الأزمنة السابقة ، وأول رقصة رقصها الرب كانت مع حواء بعد أن برجها وزينها وسرح شعرها بنفسه!!!!!
أما بعد تدمير الهيكل فإنه لم ينقطع عن البكاء والنحيب والصراخ قائلاً: "الويل لي لأني تركت بيتي ينهب وهيكلي يحرق وأولادي يشتتون." (تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا).
25- عيسى بن مريم (صلى الله عليه وسلم) موجود في لجات الجحيم بين القار والنار وأمه مريم أتت به من العسكري باندار سفاحًا، والكنائس النصرانية بمثابة قاذورات وأساقفتها أشبه بالكلاب النابحة، وقتل المسيحي من الأمور المأمور بها ، ومن الواجب دينًا أن يلعن اليهودي ثلاث مرات رؤساء المذهب النصراني.
هذا ما يقوله اليهود وما يطبقونه في حياتهم ، ولكننا إذا تكلمنا عن اليهود فلا بد أن نذكر أن قليلاً منهم معتدلون ، فقد قال الله : { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل } آل عمران 75 وقال سبحانه :
{ ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } آل عمران 113 ، { وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } آل عمران من الآية 115.

8-الحاقدون على اليهود:

لا عجب بعد الاطلاع على أقوال اليهود في الناس أن يتعرضوا لكثير من الاضطهاد، فقد كرههم الناس واضطهدوهم لسوء أخلاقهم على مر العصور ومن ذلك:
1- استعباد الفراعنة والمصريين لهم كما تقدم.
2 - سلط الله عليهم (بختنصر) فسار إليهم بجيش كبير ودخل بيت المقدس وأمعن في القتل والإذلال والتعذيب لليهود، وقد حكاه القرآن: { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوًا كبيرًا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار} الإسراء الآية 4ـ5، وكانت المرة الثانية على يد (تيطس) الروماني ففعل بهم ما فعل بختنصر ، والطبائع هي الطبائع والنفوس هي النفوس.
3 - الألمان في العصر الحديث عذبوهم وأبادوا كثيرًا منهم في وحشية وضراوة وإذلال وقهر، فآوتهم جمعية الاتحاد والترقي كما سيأتي.
9- اليهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
كان اليهود قبل البعثة النبوية يتوعدون مشركي العرب بأنه أظل زمان يبعث فيه نبي آخر الزمان وأنهم سيتبعونه وينتصرون به على العرب { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} البقرة من الآية 89. وكانت لهم عدة مستوطنات في جزيرة العرب أهمها خيبر ذات الحصون المنيعة ، والمدينة (يثرب) ، وكانوا في يثرب ثلاثة أقسام وهم:
1* بنو قينقاع.
2* بنو النضير.
3* بنو قريظة.
هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى يثرب فسميت المدينة المنورة، وكان فيها الأوس والخزرج فأسلم أكثرهم وسمّوا بالأنصار بعدما كادت الحروب بينهم أن تبيدهم وما كان السبب في هذه الحروب غير اليهود. وعاهد الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود على ألا يكره أحد على اتباع أي دين وألا يعتدي أحد من اليهود والمسلمين على الآخر، وأن يتعاونوا جميعًا لصد أي اعتداء على المدينة.ولما سمع اليهود أن نبيًا قد بُعث أتوا إليه يتأكدون من صدقه فأوصافه عندهم في كتبهم، فأسلم قليل منهم ، ومن هؤلاء الحصين بن سلام الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه عبد الله ، وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود: ماذا تعدون الحصين بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا ، وعالمنا وابن عالمنا، وحبرنا وابن حبرنا. فخرج عليهم وقال: يا قوم اتبعوه فإنكم تعلمون أنه النبي الذي في كتبهم وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: شرنا وابن شرنا، وجاهلنا وابن جاهلنا . (منتهى الجحود والكذب، واليهود هم اليهود).
وقد أعرض أكثر اليهود عن اتباع الحق، من ذلك أن سيد بني النضير حيي بن أخطب وأخوه ياسر بن أخطب أتيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذا يسألانه عن صفاته فأجابهم، وسألوه أن يريهم خاتم النبوة بين كتفيه فأراهم إياه ثم ذهبا، فسأل ياسر أخاه حيي: أهو هو؟ قال : نعم. قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته ما بقيت!!!!
وقد حارب اليهود المسلمين خفية، فكانوا هم السبب في ظهور المنافقين وإشاعة الشائعات والشبهات، وقد أثاروا الناس عندما حول الله قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام وحاولوا كثيرًا إعادة الأوس والخزرج إلى حروبهم الأولى. وكل ذلك كان يسكت عنه المسلمون، حتى كانت الخيانة ونقض العهود والمواثيق.
1* نقض بني قينقاع للعهد سنة 2 هـ:
ذهبت امرأة مسلمة إلى سوق الذهب التابع لبني قينقاع، فراوغها اليهود على خلع الحجاب فأبت، فتحايلوا حتى أسقطوا منها حجابها فبدت سوءتها وجعلوا يضحكون منها، فصرخت وسمعها رجل مسلم فأتى وقتل اليهودي الذي فعل ذلك فتجمع اليهود عليه وقتلوه. وكان هذا بمثابة نقض العهد..فمضى المسلمون في جيش وحاصروا بني قينقاع خمسة أشهر ثم نزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالخروج من المدينة، فخرجوا واتجهوا إلى الأردن وهلك أكثرهم هناك، وكانت هذه الخيانة بعد غزوة بدر في العام الثاني للهجرة.
2* مقتل كعب بن الأشرف:
كان كعب بن الأشرف من أشد اليهود حنقًا على الإسلام والمسلمين، وإيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما سمع بخبر انتصار المسلمين في بدر انطلق يهجو المسلمين (وكان شاعرًا) ويمدح المشركين، وذهب إلى مكة وأخذ يبكي قتلى المشركين ويدعوهم إلى حرب المسلمين فسأله أبو سفيان أديننا أحب إليك أم دين محمد؟ فقال: أنتم أهدى سبيلا. وفي ذلك أنزل الله: { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} النساء 51. وأخذ كعب يهجو نساء الصحابة ويؤذيهن بسلاطة لسانه وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لكعب بن الأشرف ؟ فإنه آذى الله ورسوله ) فانتدب له محمد بن مسلمة وجماعة معه فقتلوه.
3* نقض بني النضير للعهد سنة 4هـ:
ذهب النبي عليه الصلاة والسلام إلى بني النضير يطلب منهم معاونة المسلمين في دفع إحدى الديات، فرحبوا به وأجلسوه عندهم، ثم نادوا أحدهم وأمروه أن يلقي عليه صخرة من فوقه ليبدو كحادث طبيعي فأخبر الله نبيه بذلك فخرج عليه الصلاة والسلام كأنما خرج لحاجته، ثم استنفر المسلمين فحاصروا بني النضير وأخرجوهم من المدينة وقد أنزل الله في هذا الحصار قوله {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار} الحشر 2 .
وكان المسلمون يتحرجون من قطع النخل فأنزل الله { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} الحشر 5 .
هكذا كان المسلمون أشد رحمة بشجر اليهود منهم ، وتوجه بني النضير إلى أكبر مستوطنة يهودية في الجزيرة العربية وهي خيبر.
4* نقض بني قريظة للعهد سنة 5هـ:
كان بنو قريظة مسالمين لولا أن وفدًا من يهود خيبر قدموا إليهم وحرضوهم على الخيانة ثم ذهبوا إلى قريش فحرضوهم أيضا على قتال المسلمين فجمع المشركون أحزابًا وحاصروا المدينة فكانت غزوة الخندق (الأحزاب) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مطمئنا من جهة الجنوب لأن فيها حصون بني قريظة المنيعة، ولكن لما علم بخيانتهم أرسل نعيم بن مسعود ليوقع بينهم وبين الأحزاب ففعل ،ثم أرسل الله على الأحزاب ريحا قلعت خيامهم فاضطرتهم للرحيل إلى بلادهم وترك المدينة وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه قائلا (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) فمضى المسلمون إليهم وحاصروهم حتى طلبوا الصلح ونزلوا على حكم سعد بن معاذ فأمر بقتل الرجال وسبي النساء والأطفال، فنفذ فيهم حكمه.
5* فتح خيبر سنة 7هـ:
بعد صلح الحديبية الذي كان سنة 6هـ تفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهود خيبر الذين أثاروا الفتن وأكثروا من الفساد. وفي السنة السابعة من الهجرة سار إليهم في جيش من الصحابة وأعطى الراية لعلي بن أبي طالب، ففتح المسلمون حصون خيبر حصنًا حصنًا، ثم صالح رسول الله عليه الصلاة والسلام أهلها على أن يزرعوا أرضها فتكون لهم نصفها وللمسلمين نصفها.
6* موقـف اليهود مع عبد الله بن رواحة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر ليخرص نخلها - أي يقدر ما تحمله من بلح - فيـجـبي منها حق الدولة كل سنة، وقد حاولوا ذات مرة أن يفسدوا ذمته، فجعلوا له حليًا من حلي نسائهم وقالوا له: هذا لك فخفف عنك، وتجاوز عن بعض ما تفرضه علينا.. فقال عبد الله: [يا معشر اليهود إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذلك بحاملي أن أحيف عليكم. وأما ما عرضتم علي من الرشوة فإنها السحت، وإنا لا نأكلها] فقالوا له : بهذا قامت السموات والأرض.
10- اليهود حتى إنهاء الخلافة الإسلامية :
ظل اليهود في خيبر حتى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخرجهم منها، وهكذا طهرت الجزيرة العربية من رجز اليهود.
عاش اليهود بين المسلمين لهم حقوق الذميين وعليهم واجباتهم ولم يظلمهم المسلمون فقد أجرى عمر رضي الله عنه لليهود من بيت مال المسلمين رزقـًا للمحتاج لما رأى يهوديًـا يتسول ولم يثبت أن المسلمين ضيقوا عليهم في عملهم أو عبادتهم، ولكن اليهود لما رأوا ثـلمة في المسلمين بدؤوا في الدس والوقيعة وإثارة الفتن والاختلاف بين المسلمين.
أسلم عبد الله بن سبأ اليهودي نفاقـًا وظل يعمل لفرقة المسلمين واختلاف كلمتهم حتى أدى عمله أخيرا إلى مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومنذ ذلك الحين قامت الفتنة بين المسلمين وكان المسلم يقتل أخاه المسلم لأسباب تافهة، وهذا ما يريده اليهود.
وبعد زمن طويل قامت الدولة العثمانية، التي ظلت تدافع عن الإسلام عدة قرون، و فتحت بلاداً كثيرة في أوروبا وأهمها القسطنطينية التي بشر الرسول صلى الله عليه و سلم بفتحها، ولكن مر على هذه الدولة عصور ضعف استغلها اليهود، فقد حاولوا أن يرشوا السلطان العثماني عبد الحميد بالملايين مقابل أن يعطي لهم فلسطين فقط ليعيشوا فيها بعد تشتت، فقال لهم: لا تحاولوا اتخاذ أي خطوة أخرى في سبيل الحصول على فلسطين فهي ليست ملكي بل ملك لأمتي الإسلامية التي عانت من أجلها و روت الأرض بدماء أبنائها فلن أتخلى عن شبر من فلسطين، واحتفظوا بملايينكم لأنفسكم.
11- القضاء على الخلافة الإسلامية:
بدأ اليهود في إشاعة الشائعات ضد السلطان عبد الحميد حتى تصوره الناس سلطانـًا ظالمًا فاسقـًا فاجرًا متوحشًا، وأنشأ اليهود جمعية الاتحاد والترقي فخدعوا بها الناس وعزلوا السلطان عبد الحميد، وتولى أمر المسلمين يهودٌ تحت اسم جمعية الاتحاد والترقي، وبدأت الدول الاستعمارية الأوروبية تنهش الدول الإسلامية وتتقاسمها وتقطعها أجزاءً، فضاعت البلقان وألبانيا وليبيا والمغرب دون أن تحرك الجمعية ساكنًا. وبدلاً من أن يرى الناس ما تدعو إليه هذه الجمعية من الحرية والمساواة والعدالة حلّ عليهم الظلم والاستبداد والقسوة، وكانت رأس الأفعى .. اليهودي مصطفى كمال أتاتورك الذي حطم الدولة العثمانية وألغى الخلافة الإسلامية، فصار المسلمون رعية بلا راع وأصبحوا كالقطيع الذي تاه من الراعي فنهبته الذئاب والوحوش.
تعاونوا جميعًا على مخطط رهيب لتدمير الخلافة وتركيا. وقد سارع مصطفى كمال في تنفيذه على الشكل التالي:
1* إلغاء الخلافة الإسلامية وفصل تركيا عن باقي أجزاء الدولة العثمانية، فحطم بذلك الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
2*أعلن العلمانية وفصل الدين عن الدولة مقلدًا بذلك بعض الدول الغربية ومبعدًا الإسلام الذي يخشاه الغرب واليهود عن الميدان.
3* اضطهد علماء الدين أبشع اضطهاد وقتل منهم العشرات وعلق جثثهم على أعواد الشجر.
4* أغلق كثيرًا من المساجد وحرم الأذان والصلاة باللغة العربية وأجبر الشعب على تغيير الزي الوطني ولبس الزي الأوروبي.
5* ألغى وزارة الأوقاف ومنع الصلاة في جامع أيا صوفيا وحوله إلى متحف.
6* ألغى المحاكم الشرعية وفرض القوانين المدنية السويسرية.
7* فرض العطلة الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة حتى لا يصلي أحد فريضة الجمعة ويتجمع المسلمون حول شعيرة إسلامية.
8* ألغى استعمال التقويم الهجري واستبدله بالتقويم الغربي الميلادي.
9* ألغى قوانين الميراث والزواج والأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية وحرم تعدد الزوجات والطلاق وساوى بين الذكر والأنثى في الميراث.
10 شجع المرأة التركية والفتاة والشاب على الدعارة والفجور وأباح النكرات، وضرب بنفسه المثل الأعلى على انحطاط الخلـُق والإدمان على الخمر والفساد والانحلال.
11* قضى على التعليم الديني في الجامعة والمدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية ومنع تأسيس المدارس الخاصة لتعليم الأطفال القرآن أو أي شيء من الدين.
12* استبدل بالحروف العربية التي استخدمها الأتراك طوال ألف سنة الحروف اللاتينية ليقطع ماضي الشعب التركي عن حاضره ومستقبله.
13* سعى إلى حذف الكلمات العربية من اللغة التركية إمعانًا في البعد عن العروبة والإسلام.
14* فتح باب تركيا على مصراعيه ليدخل من علماء اليهود وحاخاماتهم الذين نبذتهم ألمانيا واستقبلهم بكل ما أوتي بحسن الكياسة ونبل الخلق وكرم الضيافة والرفق واللين والإنسانية، واستعان بهم لتنظيم التعليم على الأساليب التي يريدونها. واستدعى ما يزيد على أربعين أستاذًا من اليهود لتوسيع أقسام الجامعة في حين طارد العلماء والمفكرين الأتراك في كل مكان.
15* أسس حزب الشعب ومارس عن طريقه عملية الإرهاب والبطش بالشعب التركي المسلم. ويحسن بنا هنا أن ننقل ما ذكرته دائرة المعارف الماسونية عن مصطفى كمال حيث تقول: [ إن الانقلاب الذي قام به الأخ العظيم مصطفى كمال أتاتورك أفاد الأمة. فقد أبطل السلطنة وألغى الخلافة وأبطل المحاكم الشرعية وألغى دين الدولة الإسلام وألغى وزارة الأوقاف... أليس هذا الإصلاح هو ما تبتغيه الماسونية في كل أمّة ناهضة ؟ فمن يماثل أتاتورك من رجال الماسونية قديمًا وحديثًا؟!].
12- القضاء على محاولات الإصلاح في تركيا:
أدرك الشعب التركي الذين يدين 98% منه بالإسلام أن حالة تدهور الأوضاع في تركيا لا حل لها إلا بالرجوع إلى الإسلام، تحقق أول أمل لهم عندما ناصروا (عدنان مندريس) حتى نجح في الانتخابات فأصبح رئيسًا للوزراء، وبدأ يعمل لإعادة الإسلام إلى البلاد تدريجيًا فقام بما يلي:
1* أعاد للشعب حرية الرأي وحرية النقد وحرية الدين.
2* حول أذان الصلاة إلى اللغة العربية بعد أن ظل ربع قرن باللغة التركية. وفرح الشعب كثيرًا بهذه الخطوة، حتى كان الناس يبكون بحرارة عند سماعهم المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر، وينحرون الذبائح فرحًا وابتهاجًا.
3* سمح لرجال الدين بالدفاع عن الإسلام والدعوة إليه بالقلم واللسان.
4* سمح بتعليم اللغة العربية ودراسة القرآن الكريم في جميع مراحل الدراسة.
5* أنشأ عشرات آلاف مسجد في تركيا، وأعاد المساجد -التي حولتها الحكومة السابقة إلى مخازن- إلى أماكن للعبادة.
6* سحب سفير تركيا لدى إسرائيل وأعاد سفير إسرائيل إلى إليها.
أطاح اليهود بعدنان مندريس وبحكومته وقدموه للمحاكمة، فحُكم عليه بالإعدام، وأعدم سنة 1961م. وهكذا قضوا على محاولة الإصلاح الإسلامي في تركيا.
وفي التسعينات قام نجم الدين أربكان بتنظيم صفوف الإسلاميين وكوّن حزب الرفاه الإسلامي وخاض به غمار الانتخابات ففاز فوزًا عظيمًا مما اضطر العلمانيين بالاعتراف بفوز الحزب، وقام أربكان برئاسة الوزارة التركية شهورًا قليلة سمح فيها بالتعليم الإسلامي والحجاب الإسلامي والتقارب مع الدول الإسلامية والحركات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وقام بإصلاحات اقتصادية كبيرة، فكان رد فعل الجيش التركي والجنرالات الموالية لليهود من أصل الأتراك الدونمة (يهود أظهروا إسلامهم ونخروا في عظام الخلافة العثمانية حتى أسقطوها وأقاموا الحكم العلماني) أن أقاموا له ولحزب الرفاه المحاكم حتى أسقطوا الوزارة وألغوا حزب الرفاه رغم أنه أكثر الأحزاب التركية شعبية وأصواتًا في المجالس البلدية والنيابية، وقد قام أربكان بتشكيل حزب آخر وقام بشكوى لمنظمة حقوق الإنسان الأوروبية لحرمانهم من ممارسة حقوقهم الدستورية الذي تنص عليها كافة القوانين العلمانية في أوروبا وتركيا. وقد أقام وزير الدفاع التركي في الوزارة الجديدة معاهدة دفاع مشترك مع عدو الله والمسلمين الكيان الصهيوني، وبالرغم من ذلك فقد انسحب الرئيس التركي من مؤتمر القمة الإسلامي لما أحس أن الحاضرين قد اتفقوا على إدانة (شفوية فقط) لليهود على ممارستهم الوحشية ضد الشعب الفلسطيني. ،ومازال الصراع السياسي والحضاري بين المسلمين والعلمانيين. قال تعالى:
{ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم الله نوره ولو كره الكافرون } التوبة 32.
13- وعد (بلفور) والاستيلاء على فلسطين:
كان اليهود يتطلعون إلى فلسطين وإلى الاستيلاء عليها، حتى كان وعد (بلفور) رئيس وزراء بريطانيا بإنشاء وطن لليهود في فلسطين سنة 1948م، وتسميته إسرائيل الصغرى، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى سنة 1997م وهي الأرض ما بين النيل والفرات.
بدأت الهجرات اليهودية إلى فلسطين، وصار اليهود يتوافدون إليها من كل بقاع العالم حتى بلغ عدد المهاجرين اليهود عام 1933م ثلاثين ألفـًا، واستمروا في التدفق حتى بلغ اثنين وستين ألفـًا عام 1935م. وهنا أحس أهل فلسطين بالخطر اليهودي فأعلنوا الإضراب العام سنة 1936م وصارت الأمور تتطور وتتفاقم.
14- إعلان قيام الدولة اليهودية(إسرائيل):
أعلن اليهود سنة 1948م قيام الدولة اليهودية، وفور هذا الإعلان بعث الرئيس الأمريكي (هاري ترومان) باعترافه بهذه الدولة، ثم سارع الاتحاد السوفييتي بالاعتراف بها أيضًا وتتابع الاعتراف الدولي. وفي عام 1949م أصبحت إسرائيل عضوًا في الأمم المتحدة.
وقفة مع تسمية الدولة اليهودية بإسرائيل:
إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق صلى الله عليه وسلم، والإسرائيليون هم ذريته، فمنهم يهود ومنهم غير اليهود. أما اليهود فهم أصحاب دين قد يتبعه الإسرائيليون أو غيرهم. فليس كل يهودي إسرائيلي، وليس كل إسرائيلي يهودي.. اليهود أصحاب دين والإسرائيليون قبيلة أو عِرق .والمفروض أن تسمى دولتهم الدولة اليهودية؛ لأنها تستوعب اليهود فقط سواءً كانوا من بني إسرائيل أم من غيرهم، ولكنهم أوهموا الناس بأن دولتهم قومية لبني إسرائيل. فهم إذا سموا دولتهم باسم ديني لقيل لهم: فلماذا لم ترضوا بدولة المسلمين الدينية ورضيتم بدولة دينية أخرى؟! فاليهود يحاربوننا لأجل ديننا فقط. فقط. فقط. ليس لأننا عرب وهم إسرائيليون.
15- حرب عام 1948م (إخلاء فلسطين):
في اليوم التالي لإعلان قيام إسرائيل قامت خمسة جيوش لخمس دول عربية هي [مصر- سوريا- الأردن- العراق- لبنان] بهجوم عسكري لتحرير فلسطين من عصابات اليهود، فتم اتفاق وقف إطلاق النار وأجري اتـفاق ينص على عودة الفلسطينيين المبعدين إلى ديارهم، وهانحن ننتظر هذه العودة لمدة ستين عامًا.. حتى الآن!!!


عن موقع رابطة أدباء الشام

عبدالقادربوميدونة
29/04/2009, 05:29 PM
شكرا لك الأخ نبيل الجلبي على هذه الرحلة التاريخية العامرة بالمعلومات المفيدة والتي توضح كثيرا مما غمض على البعض من المسلمين ولا سيما الشباب ..وكذا تبين الحقائق عن تاريخ اليهود ومكائدهم التي لا ولن تنتهي ..
غيرأن هناك في هذا البحث بعض الأخطاء والمبالغات غيرالصحيحة أرجوأن يتنبه لها البعض.. ويتناقش حولها أعضاء " واتا " المحترمون ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي بسببهم أي مقتولا كما ورد في بداية البحث

" فقد كانوا السبب الأول في وفاة محمد صلى الله عليه وسلم فلقد توفي متأثرًا بالسمّ الذي وضعوه له في طعامه يوم خيبر. "
..الخ ..

عماد الدين علي
29/04/2009, 07:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الفاضل عبد القادر بوميدونة المحترم ، تحية طيبة وبعد ..
قصة وضع السم من قبل اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم معروفة ومشهورة في كتب الحديث ، أما كون السم هو المسبب الرئيسي لموته ، فقد أجاب عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ورد في الصحاح وغيرها وهو :
قال عروة: قالت عائشة رضي الله عنها:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم).
(أبهري) عرق مرتبط بالقلب إذا انقطع مات الإنسان]
أما في مسند الامام أحمد :
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا روح حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أمه:
-أن أم مبشر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه فقالت بأبي وأمي يا رسول الله ما تتهم بنفسك فإني لا أتهم إلا الطعام الذي أكل معك بخيبر وكان ابنها مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا لا أتهم غيره .
فلا شك أنهم قتلة الأنبياء والصالحين والأبرياء والأطفال على مر العصور
والله المستعان

محمد إسماعيل بطرش
30/04/2009, 12:05 AM
كاتب الموضوع : محمد إسماعيل بطرش المنتدى :
منتدى اللغة العبرية
ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
محمد إسماعيل بطرش
ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
من يراجع تاريخ اليهود يتبادر له السؤال التالي:

ما هو الخطأ غير الطبيعي الذي ترزح تحت نيره الشخصية اليهودية منذ أقدم العصور و إلى الآن ؟ لماذا لم تستطع كل شعوب العالم تمثُّل اليهود رغم أن البشرية في كل بقاع الأرض مزيج من العديد من الأجناس و الثقافات استطاعت أن تجعل من مواريثها المتعددة بل و المختلفة نسقا موحدا تذوب فيه المعالم التي تؤدي إلى التفرقة و التمايز؟

يعتقد المسيحيون أن بني آدم يرزحون تحت نير الخطيئة الأصلية التي اقترفها آدم عليه السلام و أتى المسيح عليه السلام ليخلصهم من ربقة الخطيئة الأصلية، فكاد له اليهود عند الرومان و حكموا عليه بالصلب. أما بالنسبة لليهود، فيذكر القرآن الكريم كيف تنكروا لرسالة موسى عليه السلام عندما عاد من ميقات ربه ليجدهم عاكفين على عبادة العجل الذهبي فباءوا بغضب الله و لعل هذا هو الإثم الذي أحاق بهم و السبب الذي جعلهم يتشردون في كل بقاع الأرض دون أن تهضمهم دورة الحياة الطبيعية التي ينصهر فيها الناس فبقوا معقدا بشريا خارج دورة التفاعل الإنساني الطبيعي الذي تذوب فيه السمات الخاصة ضمن المتحد الذي يحتضنهم . لماذا لم تستطع أية حضارة هضم الجماعة اليهودية التي عرفت بكثرة انتقالها بين شعوب الأرض، و ما هو هذا الإثم الذي جر عليهم كل ما لحق و يلحق بهم من وبال. هل السبب في الوسط الذي انتقلوا و ينتقلون إليه أم في أنفسهم؟ سؤال حري بالبحث. لماذا لا يقيم من يناصر اليهود وطنا لهم بينهم؟ لماذا لم تستطع الشيوعية جعل اليهود مواطنين أمميين رغم أن ماركس كان يهوديا؟ و لماذا لم تستطع المسيحية التي غيرت طبيعتها بانتقالها إلى الغرب من حل الإشكال اليهودي رغم أن المحافظين الجدد هم حصيلة الدس الصهيوني؟

استطاع اليهود إدخال الدسيسة في المسيحية بتحميلها كتاب اليهود الذي انتحله رابيوهم على موسى عليه السلام كما استطاعوا تبرئة أسلافهم من صلب المسيح بقرار من البابا السابق.

عرفت شعوب الشرق و الغرب هجرات عديدة تمازجت فيها الشعوب و الثقافات و القوميات لتتخذ بالنهاية اسم الأرض التي يسكنوها و التي فرضت عليهم نمط الحياة التي يعيشونها. أما اليهود فبقوا في كل متحد انتقلوا إليه معقدا منفصلا. إلى متى سيبقى اليهود على هذه الحال؟ هل السبب كامن في كل شعوب الأرض أم في أنفسهم؟ هل لنا أن نفتش عن السبب رغم أن اليهود أنفسهم أحرى بهم أن يفتشوا عن السبب و أن يسعوا لفك عقدتهم التي سببت و تسبب كل مشاكل العالم منذ وجودهم و إلى الآن؟

لعل السبب هو المعتقد اليهودي لا كما أتى به موسى عليه السلام بل كما صاغوه هم لأنفسهم ليبقوا شذاذ آفاق إلى يوم الدين.

اتخذ اليهود لأنفسهم إلها خاصا بهم دون بقية الناس هو يهوه و اعتبروا أنفسهم شعبه المختار فعزلوا أنفسهم عن باقي البشر في مسكنهم و معاشهم و أسلوب حياتهم و بقوا على هذه الحال حتى الآن.

ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا في كل العالم منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أستراليا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين و هم غرباء عن الأرض و السكان الأصليين الذين سميت البلاد باسمهم فلسطين منذ أقدم العصور و إلى الآن؟

ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.

في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.

كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود) إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.

تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:

الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذي اختصوه منذ البدء لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.

فيما يلي أقدم للقراء ترجمة لما أوردته موسوعة الإنكارتا عن تاريخ اليهود كما تعرضه الثقافة الغربية، أرجو الاطلاع عليه مع الإبقاء في الذاكرة السؤال بل و الأسئلة التي ذكرتها فيما سبق.

لماذا كان اليهود يعتبرون شذوذا في أي مجتمع حلوا به في المراحل التاريخية حتى الآن، منذ إقامتهم في مصر لدى فرعون، حتى احتلالهم أرض كنعان و بنائهم الهيكلين البائدين و حتى سبيهم من قبل نبوخذ نصّر ثم تشتيتهم في كل بقاع الأرض منذ 2500 سنة و حتى الآن و رغم عودة بعضهم لاحتلال بعض أراضي فلسطين لإقامة دولة الاغتصاب الصهيونية ) إسرائيل) بدعم من الولايات المتحدة و روسية مع حساب الزمن التاريخي الذي كان لهم في فلسطين و ذلك الذي قضاه معظمهم و ما يزالون في كل بقاع الأرض لنقدم السؤال التالي : أي حق لليهود في فلسطين؟

لماذا نترك اليهود يقتلون و يدمرون في بلادنا دون عقاب؟

لماذا يكفّر الغرب الظالم عن تمييزه العنصري ضد اليهود على حساب العرب و الفلسطينيين الذين هم سكان البلاد الأصليين منذ أقدم العصور و ليسوا مجرد عابرين شأن العبرانيين؟

إذا كان الإثم اليهودي ما يزال فاعلا في بني إسرائيل فذلك شأنهم و شأن مفكريهم أن يجدوا حلاّ لقضيتهم و ليس لنا أن نتحمل إصرهم.

لم يسئ المسلمون لليهود رغم كل إساءاتهم لهم. نحن لسنا ضد اليهود كبشر و لا نريد أن نأخذ حق الله منهم فالله وحده هو صاحب الحق و يذرهم في طغيانهم يعمهون، لكن بأس الله شديد. و الآن إلى الترجمة:

الصهيونية و إسرائيل من انتاج الاستعمار الأوربي- الأميركي الجديد

في عام 1948 أنشئ على أرض فلسطين العربي كيان غريب الوجه و اللسان و المعالم اسمه (إسرائيل) إثر نكبة حلت ببلاد العرب وضع فصولها و مراحلها الإنكليز و قام بتحقيق بنودها الروس و الفرنسيون و الأمريكان. و اليوم يوجد في غربي فلسطين دولة سكانها من تجمع شتات اليهود من كل أنحاء العالم استورد معظمهم من أوربة الشرقية.

تاريخ اليهود و التوراة

اليهود-عبر التاريخ-قوم سكنوا في ظروف مختلفة بين أقوام متعددة. و خلافا لما كانت عليه كل الانتقالات بين الشعوب لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو ربما سياسية بقي اليهود معقدا غير قابل للتمازج و الانحلال في المتحدات الإنسانية التي أقاموا بينها, فنشأ عن هذا كل ما أحاط باليهود عبر العصور من مشكلات نالتهم قبل كل شيء كما كان لها تأثير فيما خلفته تلك الأحوال من منطلقات استغلتها شعوب و أمم أخرى - لحاجة في نفس يعقوب- ذريعة تغطي بها مآرب استعمارية تسيطر فيها على ثروات الشعوب الأخرى سبيلا للاستعمار الجديد القديم باسم الديمقراطية أو معاداة السامية أو الشرق الأوسط الجديد و غير ذلك كثير.

في محاولة لفهم المشكلة اليهودية كان لا بد علينا من مراجعة تاريخ اليهود في العالم القديم و الحديث. أما بالنسبة لنا كشرقيين فإننا لا نفهم كثيرا مما آلت إليه المشكلة اليهودية في العالم لأن اليهود لم يكن لهم تاريخ طويل بيننا. مضى على اليهود في الشتات أكثر من 2500 سنة مما يعدون، و هم في الأصل قوم لم تستطع أية أرض و أي شعب أن تجعلهم يتفاعلون معها شأن البشر الطبيعيين لعلة في أنفسهم جعلتهم ز تجعلهم غير قابلين للتعايش. معظم تاريخ اليهود جرت أحداثه و تطوراته في العالم الغربي الذي طلع علينا مؤخرا بحل للمشكلة اليهودية على حساب الفلسطينيين الذين سميت البلاد باسمهم لأنهم كانوا و ما زالوا شعب تلك الأرض المقدسة بما وضع الله رب العالمين فيها من مقدسات تهم كل الأديان السماوية الأصلية و غير المحرفة.

لذلك اتخذت مرجعا غربيا هو موسوعة الإنكارتا أساسا لهذه الدراسة فالقضية اليهودية قضية غربية بامتياز و لا يمكن فهم تطوراتها بغير الرجوع إلى مصادرها التي نشأت فيها و تطورت لتنشئ في قلب الشرق الأوسط العريق بقدمه كيانا هجينا اسمه (إسرائيل) لا يمكن له الوجود أو الاستمرار في غير البيئة التي تطور و نشأ فيها و هي بلاد الغرب حيث يفهم الغربيون ما قاموا بصنعه منذ النشأة الأولى. فاليهود أو الصهاينة نسيج غريب عن منطقة الشرق الأوسط صغيره و كبيره، و حتى جديده أو ما يمكن للاستعمار القديم الجديد أن يطلق عليه من مسميات.

اليهود بحسب موسوعة ال(إنكارتا -2005) قوم نشأوا على ميثاق بينهم و بين إلههم الخاص بهم دون باقي الأمم - (يهوه) أو Jehova و هو اسم إله الشعب العبري الذي تٌرجم بشكل مغلوط عن النص القياسي العبري و يتألف هذا الاسم من مقطعين من حروف ساكنة لعدم وجود أحرف علة مكتوبة في العبرية (يهوه) و عند تحريك حروفه الساكنة بصوتيات كلمة تعني السيد، و قضية ما كانت تعنيه صوتيات هذه التسمية لا تزال قضية مساءلة، إذ في تفسير النصوص التي وردت فيها هذه التسمية كسفر الخروج 20:7 و اللاويين 4:11 تبدو التسمية أكثر قداسة عن أن تلفظ فكأنما هي المحرّم (تابو) لذلك استبدلتها النصوص المكتوبة للقراءة الجهرية بكلمة السيد و هي التي وردت في كتابة تصويت الحروف الساكنة التي وردت فيها لتذكر القراء بأن الاسم الأصلي محرم على النطق به. و لم يدرك التراجمة العبريون ما قصد إليه الكتبة فأوردوا التسمية كما هي – يهوه- معتبرين أن تصويتها قسم جوهري لا ينفصل عنها، مغفلين أن لفظها كان أمرا محرما، و من ذلك صدرت ترجمتهم لذلك الاسم يهوه. لكن شاهدا من آباء الكنيسة اليونانية يري أن أشكال (ياب و ياو) و هي أشكال تقليدية و كذلك الصيغ المختصرة لكلمات (ياه) كما في المزامير 68:4 مثلا و( ياهو) إنما هي أسماء علم و تدلل على أن الاسم كان في الأصل منطوقا بلفظة (يهوه) الذي يدلل بحسب علم الصرف العبري على ضمير الشخص الثالث المفرد لفعل (هو يكون)، و يشرح المترجمون القدامى ذلك الفعل بمعنى تجريدي هو أنا أكون و في الشكل المكتوب (هو الذي يكون) أو الموجود بشكل مطلق. فهذا هو إله اليهود.

أما اليهودية فهي التراث الديني لليهود المعروفين أيضا بقوم إسرائيل و هي واحدة من التقاليد الدينية القديمة، و لم تكن لفظة اليهودية و الدين اليهودي معروفة في اللغة العبرية القديمة و تكلم اليهود عن التوراة – على أنها التعاليم المنزلة على إسرائيل و التي انتدبت لهم وجهة نظر و طريقة حياة كذلك – (هلاخاه) و هي الكلمة المشتقة من العبرية بمعنى الذهاب و أصبحت تفيد الطريق أو الممر و تشمل القانون اليهودي و التقاليد و الممارسة.

كانت اليهودية هكذا في كل أشكالها التاريخية قبل تحديثها و تتضمن نظاما تراثيا متكاملا يحيط بالفرد بكليته و بالوجود الاجتماعي لليهود. واليهودية نظام تكريسي، كل شيء فيه يجب يكون تحت حكم الإله، أي بموجب النماذج الموحى بها في النظام الكوني و وفق الشرع. و قد نشأت المسيحية كواحدة من بين عدة إيديولوجيات يهودية متنافسة في فلسطين القرن الأول كما أخذ الإسلام في بدايته جزئيا من بعض المصادر اليهودية- كما تزعم الموسوعة. و لأن معظم اليهود منذ القرن السابع فما فوق قد عاشوا ضمن إطار ثقافي إما مسلم أو مسيحي فقد كان لهاتين الديانتين تأثير في التاريخ اللاحق لليهودية.

نشأت اليهودية في أرض إسرائيل بينما وجد اليهود في حين ما في كل أرجاء العالم تقريبا إما نتيجة لهجرات طواعية أو لإبعاد قسري في الشتات. ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أوقيانوسيا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين؟

المبادئ الأساسية و المصادر: لم تكن اليهودية كتقليد ديني غني و معقد من نسق واحد قط، غير أن أشكالها التاريخية المتنوعة كانت تشترك في سمات معينة، أكثرها اعتمادا أنها كانت ديانة توحيدية تؤمن بإله ارتقائي واحد على النسق الارتقائي الذي قامت عليه حضارة الولايات المتحدة الأميركية في فهمها لفلسفة الوجود .و ذلك الإله خالق الكون و مسيّره بحكمته. و على أساس هذه الوحدانية قام الاعتقاد أن العالم ملموس و هادف لأن ذكاء إلهيا واحدا يديره فما من شيء تمارسه الإنسانية عبثا، بل كل شيء له مغزى لأن الله موجود فيما خلق-بحسب الإرتقائية الأميركيةTranscendentalism)). و يبدو عقل الله في التقليد اليهودي في كلا الترتيب الطبيعي عبر الخلق و التنظيم الاجتماعي- التاريخي لليهود - عبر الوحي. و نفس الإله الذي خلق العالم تجلى للإسرائيليين عند جبل سيناء و حصيلة ذلك التجلي كانت التوراة التي هي التوجيهات الموحى بها، و إرادة الله للناس عٌبِّر عنها بالوصايا العشر التي على الناس أن ينظّموا حياتهم فيما بينهم و مع الله بموجبها . و بالحياة وفق قوانين الله و الرضوخ للإرادة الإلهية تستطيع الإنسانية أن تصبح جزءا منسجما من الكون.
الميثاق: المفهوم الرئيس الثاني لليهودية هو الميثاق أو العهد و هو اتفاق تعاقدي بين الله و الشعب اليهودي. و بحسب التقليد اختص الإله الخالق نفسه بعلاقة ذاتية مع الشعب اليهودي في سيناء على أن يعتبروا الله ملكَهم و شرعهم الوحيد لموافقتهم على إطاعة قوانينه كما أن الله بدوره يعتبر الإسرائيليين شعبه المختار المختص برعايته.و كان كلا مؤلفي التوراة و التقليد اليهودي فيما بعد يعتبرون هذا الميثاق ذا مضمون كوني لأن يهوه و بعد محاولات متكررة فاشلة مع إنسانية عاصية ممن خلق تحوّل الله عن عصاة الناس إلى قسم خاص من خلقه هم شعب إسرائيل ليكونوا مملكة كهنة و يكون نظامهم الاجتماعي النظام الأمثل الذي نشأ وفق القوانين الإلهية ليصبح مثالا يٌحتذى للجنس البشري، و بذلك تكون إسرائيل وسيطا بين الله و الناس، يمثل كل منهما الآخر، فهم يمثلون الله على الأرض بينما يمثّلهم الله في السماء، و لعل هذا أصل العنصرية في التاريخ.

في هذه الفقرة نجد الأثر الذي تركه الفكر اليهودي في الفكر الأمريكي ما جعل نجمة داوود شعارا يوضع على الدولار و مرتكزا للمحافظين الجدد يبرر لهم دعم إسرائيل المطلق في العصر الحديث.

تحدد فكرة الميثاق أيضا الطريقة التي يٌنظر فيها بحسب العرف اليهودي لكلا الطبيعة و التاريخ إذ يكون الرفاه الإسرائيلي معتمدا على إطاعة الوصايا العشر الإلهية، و أن كلا الأحداث الطبيعية و التاريخية التي تصيب الإسرائيليين إنما تصدر عن الله متأثرة بسلوكهم الديني. و بذلك يرتبط السلوك البشري مباشرة بالمقدّر الإنساني و يركز هذا المنظور على عدالة الله في اليهودية لأن ما أصاب اليهود فرديا و جماعيا غالبا ما كان بشكل معاناة، و كثير من الفكر الديني اليهودي منذ سفر أيوب فما بعد كان تعبيرا عن مسألة تأكيد العدالة في وجه الظلم الظاهري. و بمرور الزمن عُدلت الفكرة بالاعتقاد بأن الفضيلة و الطاعة لا بد من مكافأتها و أن الخطيئة ستعاقب بعذاب الله للخطائين بعد الموت و بذلك تسدد المظالم في هذا العالم. فإهانات التسلط الأجنبي و التهجير القسري من أرض إسرائيل الذي عاناه الشعب اليهودي سيصلُح أيضا في آخر الزمان عندما سيرسل الله مسيحه الملك الذي هو فرع من بيت داوود الملكي ليعتق اليهود من العبودية و يعيدهم إلى أرضهم. فالخلاص منذ القديم كان خصلة من الفكر اليهودي. كما أن انتظار قدوم المسيح كان يتكثف بشكل خاص إبان المحن، و في النهاية رُسمت العلاقة بين فكرة الخلاص بالمسيح و مفهوم التوراة، فالفرد اليهودي عن طريق دراسته و حفاظه على وصايا الله العشر يمكنه تقريب وصول المسيح و بذلك يتخذ عمل كل فرد أهمية كونية، و هذا ما يرسخه مفهوم المحافظين الجدد في دعمهم لإسرائيل بلا حدود بعد أن كرس الصهاينة دسيستهم في المسيحية بعد تبرئه البابا اليهود من دم المسيح .

التقليد الرابيني: رغم أن كل أشكال اليهودية كانت متجذرة في التوراة المنتحلة التي يشير اليهود إليها باسم تاناك و هي التسمية الجانبية التي يخصون بها الأقسام الثلاثة: التوراة الخماسية، الأنبياء أو الأدب النبوي، و الكتبة أو الكتابات الأخرى. و قد يكون من الخطأ الظن بأن اليهودية هي ببساطة دين العهد القديم، فاليهودية المعاصرة هي بكليتها مشتقة من الحركة الرابينية في القرون الأولى من العصر المسيحي في فلسطين و بابل و هي لهذا تسمى اليهودية الرابينية و كلمة رابي تعني في الآرامية و العبرية ) معلم), وأكد الرابيون و هم من تخصصوا في دراسة الكتب و التقاليد الخاصة، أن يهوه كان قد أنزل على موسى عليه السلام في جبل سيناء نسختان من التوراة إذ بالإضافة إلى النسخة المكتوبة أنزل عليه نسخة أخرى شفهية و هي التي انتقلت بكلمة شفهية في سلسلة متصلة من المعلم –كما يريد - إلى التلميذ وحفظت بين المعلمين أنفسهم. فبالنسبة للرابيين كانت التوراة الشفهية مغلقة في الميشنا التي تتعلَّم أو تحفظ، و أقدم وثيقة من الأدب الرابيني حررت في فلسطين في حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، بينما أنشأت الدراسة الرابينية اللاحقة للميشنا في فلسطين و بابل تلمودين للدراسة دعيا أيضا الجيميرا و هي كلمة آرامية لنفس المعنى تحتوي تفاسير موسعة للميشنا. و التلمود البابلي الذي حرر في حوالي القرن السادس قبل الميلاد أصبح الوثيقة الأساس لليهودية الرابينية.

تضمنت الكتابات الرابينية الأولى شروحات تفسيرية و وعظية على الكتابات في الميدراشيم بالإضافة إلى عدة ترجمات آرامية للكتب الخمس المنتحلة على موسى و كتب مكتوبة أخرى هي التارغوم أي الترجمات كما تتضمن الكتابات الرابينية في العصور الوسطى دسترة القانون التلمودي و ما هو أكثر سلطة مرجعية منه هو كتاب ترتيب الطاولة (شولهان آروخ) تأليف يوسف بن أفرايم كارو. و تشير دراسة التوراة إلى دراسة كل هذه المراجع و ليس التوراة الخماسية الكتب في معناها الضيق.

العبادة و الممارسات: بالنسبة لليهودي المتدين كل الحياة عبارة عن عمل مستمر في عبادة الله. " إنني أبقي الله دائما أمامي" المزامير 8/16 و هو شعر مدون على الجدار الأمامي لكثير من الكنس اليهودية ما يميز بجدارة الورع اليهودي.

يئس يهوه أن يجد من يعبده فخلق بني إسرائيل ليكونوا شعبه المختار من دون العالمين و هم بهذا يعتبرون Henotheisticإذ جعلوا من أنفسهم شعبا مختارا لإله اخترعوه لأنفسهم بعد أن تنكروا لموسى عليه السلام و تركوا ما دعاهم إليه من عبادة الله رب العالمين فهم يقرّون بأن للناس إلها أو آلهة غير يهوه الخاص بهم وحدهم و الذي لا يشاركهم فبه أحد من الناس على وجه الأرض. فلا توجد عنصرية أكثر بعد هذا، كما أن يهواهم هذا جعل بني إسرائيل وسيطا بينه و بين باقي الأمم إذ هم يمثلونه وحدهم كما أنه هو يمثلهم وحده و بذلك تكون كل أحداث التاريخ و الطبيعة تتأثر بيهواهم هذا و بسلوكهم الديني تجاهه، و هذه هي العلاقة السببية بين اليهود و قدرهم. أما تاريخهم كشعب فيرجع إلى 3000 سنة خلت و ربما أكثر و أنهم كانوا يسكنون في كل أقسام العالم حيث كان لهم تأثيرهم الخاص فيه، إذ أثر الدين اليهودي كما أرادوا له في كل من المسيحية بتحميلها توراتهم المزيفة التي كتبوها بأيديهم كعهد قديم و في الإسلام كما في إسرائيليات بعض المفسرين، بينما يبين لنا القرآن الكريم تحريفهم للكتاب و ليهم ألسنتهم بالذكر و أن مثلهم كما يقول القرآن الكريم في سورة الجمعة:" مثل الذين حٌمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله و الله لا يهدي القوم الظالمين"، كما أثر اليهود أيضا في تاريخ العالم الغربي و حياته الروحية في شهود يهوه والمحافظين الجدد.

من هم اليهود؟

ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.

و في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.

كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.

تاريخ اليهود:

تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:

الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذين منذ البدء اختصوه لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.

الآباء و الأمهات: تبدأ الحكاية بتوجه يهوه إلى رجل يدعى أبرام و سمي فيما بعد إبراهيم و أمره أن يترك بيته فيما بين النهرين و يتوجه إلى أرض كنعان حيث ينتظره و سلالته فيها قدَر غريب. و بما أن إبراهيم و زوجته سارة كانا يخالفان ما كان عليه قومهما في مجتمع وثني بينما إبراهيم و زوجته لم يكونا كذلك بل كانا مؤمنين بيهوه الذي أبرم لهما وعدا بتوجيه ذريتهما لتوريثهم أرض كنعان و كان الختان رمز ذلك الوعد الذي ما يزال اليهود يؤمنون به و يمارسونه حتى يومنا هذا.

أما موضوع أولاد إبراهيم و زوجته سارة الذين يقدسون يهوه و شأن اختلافهم عن بقية الناس فما يزال يستمر عبر قصص أعقابهم المختارين من ابنهم إسحاق و زوجته ريبيكا و ابنهما المفضل يعقوب و زوجتيه راشيل و ليّه و أن هؤلاء جميعهم يلاقون المخاطر خارج أسرتهم المقدسة لله. فهذه القصص وضعت لتعتبر مبينة أصول الشعب اليهودي و يشير كثير من اليهود إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم آباء و أمهات الشعب اليهودي جاعلين الذبيح إسحاق و ليس إسماعيل.

العبودية في مصر: و تتتابع الحكاية الكتابية بالأبناء الإثنى عشر ليعقوب الذي كانت له أربع زوجات مختلفات ما جعل الأبناء العشرة يكرهون واحدا منهم هو يوسف و يبيعونه رقيقا إلى مصر حيث أظهر موهبته في تفسير الأحلام التي أخرجت مصر من محنتها ما جعل الفرعون يستوزره حيث انضم إليه إخوته و زوجاتهم و أولادهم في مصر و في مصر تكاثر أولاد يعقوب الذي سمي بعد ذلك بإسرائيل الاسم الذي يعني الشخص الذي يصارع يهوه لأجله أو الشخص الذي يصارع مع يهوه أو صراع يهوه، و مع مرور الزمن بدأ المصريون يرون فيهم تهديدا لهم لذلك اتخذوهم رقيقا و تتخذ القصة تسمية أبناء يعقوب بالإسرائيليين أمرا مسلما به ما يحفظ لهم هوية تميزهم عن المصريين إذ هم شعب يهوه المختار.

الخروج: بعد أن أمضى الإسرائيليون قرنين من الزمان في العبودية في مصر اختار الله لهم موسى الذي كان قد فر من مصر ليخرج أبناء إسرائيل من العبودية. و يتفاوض موسى مع الفرعون لتحرير الإسرائيليين لكنه فشل، ما جعل الله ينزل بالمصريين عشرة كوارث أليمة أذن الفرعون لهم بعدها بالرحيل، غير أن المصريين قرروا مطاردتهم لكنهم عندما وصلوا إلى البحر الأحمر في مطاردتهم شق الله البحر بمعجزة ليجتاز بنو إسرائيل ثم أعاده ليغرِق المصريين عن بكرة أبيهم. و رغم أن المؤرخين لا يستطيعون تمحيص أي من هذه القصص، يعظم اليهود قصة خروجهم المعجزة من مصر و يسمونها بالخروج على أنها الحادثة التي شكلت نقطة تحول في التاريخ اليهودي. و يحتفل اليهود بالخروج بطرق شتى و بخاصة في عيد العبور لذكرى آخر وجبة تناولوها قبل مغادرتهم مصر. و أصبح الخروج حادثة مركزية في التاريخ اليهودي لأنه يدعم علاقة كامل شعبهم بيهوه. فعبر هذه الحادثة يبدي يهوه اهتمامه بهم بطريقة غير عادية، فالخروج يمثل بداية ارتحالهم الجماعي الذي انتهى بإقامتهم في أرض كنعان.

وصايا موسى: بعد خروجهم من مصر بدأ الإسرائيليون رحلة الأربعين سنة في صحراء سيناء في الطريق إلى أرض كنعان و هناك أنزل الله على موسى الوصايا العشر، تلك المبادئ التي ضبطت حياة اليهود حتى الآن، لكن أحكاما عديدة أضيفت إلى هذه الوصايا العشر في كل مرافق الحياة تتناول الشؤون المدنية و القضايا الجنائية و كيفية العبادة و ما يأكلون و ما يمتنعون عنه و متى و كيف يستريحون و كيف يديرون شؤون مجتمعهم و أمورا كثيرة أخرى. و يعتقد المؤرخون أن هذه القواعد و النظم ظهرت عبر العديد من القرون لأنها تمثل مدارس مختلفة من الفكر. غير أن الزمن الذي أصبحت فيه قانونا ربما يكون في القرن الرابع قبل الميلاد بينما يرى اليهود أن هذه الأحكام إنما كانت تعاليم ملزمة تنزلت من الله على موسى عليه السلام، و أن هذه القوانين كانت مصممة لتميز الإسرائيليين و نسلهم عن باقي الأمم، فالعديد منها تأمر الشعب اليهودي عدم اتباع طرق الشعب الكنعاني و بخاصة في الأمور الجنسية، و أحيانا تبدو هذه القوانين أنها وضعت لخدمة المجتمع اليهودي التي وجدت له. فاليهود المحافظون مستمرون في تطبيق الكثير منها اليوم بالرغم من التعديلات التي طرأت عليها عبر القرون. و من بين هذه الوصايا تعليمات لموسى عليه السلام بإقامة هيكل أو خيمة يستطيع فيها كهنة اليهود ممارسة الطقوس و تقديم الأضاحي ليهوه، و أن هذا الهيكل هو المكان الذي يتم فيه الاتصال بيهوه.

الإسرائيليون في أرض كنعان: و بأمر إلهي للأسباط الإثنى عشر كان لقبيلة واحدة لكل من أبناء يعقوب أن تتيه في الصحراء أربعين سنة و التي بعدها سيحتل جيل جديد أرض كنعان، و أتى يوشع بعد موسى كقائد . و بحسب أحد النصوص الكتابية، قاد يوشع الإسرائيليين إلى أرض كنعان و أقام فيها ولايات متحالفة موزعا على كل واحدة منها قطعة من الأرض، بينما بحسب ما توضحه نصوص كتابية أخرى و يتفق عليه المؤرخون أن الأمور لم تسر بهذه السهولة إذ كان على الإسرائيليين أن يقاتلوا مع آخرين للسيطرة على أرض كنعان التي سموها فيما بعد أرض إسرائيل.

لفترة ما يقارب مئتي عام بعد وصولهم أرض كنعان كان اتحاد القبائل الإسرائيلية يعمل كتحالف عسكري حيث كانت القبائل تتداعى للقتال في وجه التهديد الخارجي و بخاصة من الفلسطينيين – الشعب الذي كان يسكن القسم الجنوبي من أرض كنعانز و عند نهاية هذين القرنين ظهر نبي اسمه صموئيل كقائد روحي للإسرائيليين، غير أن التهديد المستمر من قبل الفلسطينيين ما تطلب وجود ملك يوحد القبائل و يكون قائدا عسكريا للشعب ككل.

مملكة إسرائيل:لم ينجح شاءول أول ملك في عيون مؤلفي الكتاب، بل كان داوود الملك الناجح الذي حقق الأهداف الحربية و وسع المملكة، و رغم أن معظم المؤرخين لا يقرون نصوص منجزات داوود إلا أنهم يتفقون على وجود ملك اسمه داوود حكم في حوالي العام 1000 قبل الميلاد على مملكة صغيرة نسبيا، و في عهده ظهرت القدس كمدينة مركزية للشعب الإسرائيلي و يسميها الكتاب عاصمة مملكة داوود الذي حكم مدة أربعين سنة قام في نهايتها الصراع على من يخلفه. اختار داوود ابنه سليمان الذي استطاع السيطرة بعد نزاع مع أخيه من أبيه أبشالوم و يصف الكتاب سليمان بالحكمة و النجاح و أثناء حكمه أقيم معبد في القدس أصبح الهيكل المركزي لشعب إسرائيل و استبعاد المعابد الأخرى.

انقسام المملكة: انتسب كل من داوود و سليمان إلى قبيلة يهودا و شغلت منطقتهم القسم المركزي من المملكة بينما كثير من القبائل الأخرى و بخاصة تلك التي كانت تسكن الأقسام الشمالية من المملكة كانت مستاءة من بروز قبيلة يهودا. و بعد موت سليمان حوالي العام 920 قبل الميلاد انقسمت المملكة قسمان –شمالي يدعى إسرائيل و جنوبى يدعى يهودا أصبحا منفصلين سياسيا رغم اتصالهما اقتصاديا و اجتماعيا.

دخل وجود مملكتين صغيرتين في خطط الممالك الأخرى للسيطرة و بخاصة الآشوريين في الشمال الشرقي و المصريين في الجنوب الغربي، و للحفاظ على البقاء احتاج ملكا إسرائيل و يهودا لمناصرة أعداء أعدائهم عليهم و لعبوا ذلك الدور بنجاح إلى حد ما.

هزم الآشوريون مملكة إسرائيل حوالي العام 720 قبل الميلاد و طبقوا الممارسة المعتادة ضد المغلوبين بترحيل النخبة خارج البلاد و استجلاب بدائل لهم من أماكن أخرى. و كثير من هؤلاء المرحلين سكنوا ما بين النهرين و امتزجوا بالشعوب المحلية، و عاش من بقي من هؤلاء المرحلين في صور يهودية و مسيحية كالقبائل العشرة الضائعة من قوم إسرائيل، بينما أولئك الذين حلوا محلهم امتزجوا مع بقية الشعب الإسرائيلي و تبنوا عناصر من الهوية الإسرائيلية و بخاصة أمر ميثاقهم مع يهوه.

أما مملكة يهودا فقد سلمت من الغزو الآشوري و تابعت تطور مفهومها الديني فيما يتعلق بالهيكل في القدس بنفسها .و منذ القرن الثامن قبل الميلاد فما فوق طورت المملكة مفهوم الإله الواحد يهوه في حين كان تعدد الآلهة أمرا شائعا، فأنبياء يهودا أصروا على أن قدر المملكة لا يعتمد على القوة العسكرية و حسب بل على حالة علاقة المملكة بيهوه و بخاصة بمدى تجنب المجتمع عبادات تعدد الآلهة كما اعتنوا أيضا بفقرائهم و مساكينهم.

الأسر البابلي: اجتاح البابليون من الشرق مملكة يهودا في مطلع القرن السادس قبل الميلاد فيما اعتبره سكان يهودا علامة على فشل في الدين من جهتهم، إذ دمر البابليون الهيكل في القدس ككارثة ما يزال كثير من اليهود يحفظون ذكراها بصيام يوم يعرف بيوم التاسع من آب، و كذلك نفى البابليون العديد من صفوة مجتمعهم بما فيهم الكهنة الذين كانوا يديرون المعبد. و بدأ هذا النفي الفترة التي تعرف بالسبي البابلي. و في هذا المجتمع من المنفيين بدأ الشتات اليهودي منذ أقدم عصوره، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن الحياة اليهودية في الشتات في قرونه الأولى، غير أن أرض إسرائيل بقيت مركز الحيلة اليهودية مدة قرون كثيرة.

لا يصف الكتاب الغزو البابلي على أنه قوة كبيرة سيطرت على دولة أصغر، بل كعلامة من يهوه على أن مملكة يهودا ما كانت تلتزم التقى الخالصة، كما يفسرون النفي على أنه عقوبة على خطيئتهم و ليس كسياسة استعمارية للتحكم بعدو مهزوم. و بحسب هذا التفسير، يمكنهم استعادة المملكة و استمرار الميثاق إذا تاب أهل يهودا. كما أن هذا التفسير بإمكانه إزالة الحدود الجغرافية من الميثاق بجعل اليهود قادرين على خدمة يهوه في أي مكان من الأرض. و لا يعرف المؤرخون كم من اليهود يعتقدون بهذا التفسير الأخير كما لا يعرفون أنه قد أصبح العرف المعتبر رسميا للقادة الدينيين للمجتمع و أنه يبيح للعديد من اليهود الحفاظ على هويتهم المميزة برغم تشتتهم.

الحكم الفارسي: هزمت الإمبراطورية الفارسية البابليين في حوالى العام 540 قبل الميلاد، بعد قرابة خمسين سنة من الفتح البابلي و ألحقت أرض إسرائيل بإمبرطوريتهم. سمح الفرس للمنفيين بالرجوع فبعضهم عادوا غير أن الكثيرين آثروا البقاء في الشتات.

كان الفرس يحكمون بأسلوب الولايات المستقلة محليا، سامحين لمن احتلوهم بحكم أنفسهم ضمن الإطار العام للقانون الإمبريالي الفارسي. أعيد بناء الهيكل ثانية في القدس قرابة نهاية القرن السادس قبل الميلاد ليصبح مرة أخرى المكان المركزي لعبادة اليهود و بقي كذلك حتى دمره الرومان في العام 70 و كثير من فصول الكتاب التوراتي المزعوم أٌلِّفت و حررت بشكلها الأخير أثناء هذين القرنين من الحكم الفارسي، و من الواضح أن اليهود قد تشربوا الكثير من التراث الفارسي.

العصر اليوناني (الهيلينيستي): هزم الإسكندر الأكبر الإمبراطورية الفارسية بدوره في أواسط القرن الرابع قبل الميلاد. و لفترة تقارب من قرنين بقي اليهود تحت حكم الإٌسكندر و من تلاه في الولايات التي فتحها و هذه الفترة بين قهر الإسكندر للإمبراطورية الفارسية و نشوء السيادة الرومانية في شرق البحر الأبيض المتوسط في العام 31 قبل الميلاد تعرف بالحقبة الهيلينيستية.

قي غضون هذه الحقبة سيطرت الثقافة اليونانية في منطقة شرق الأبيض المتوسط و الشرق الأدنى كما يحدثنا بذلك المؤرخون و استمر اليهود يستمتعون بحكمهم الذاتي في إقليم جودية و في هذه الحقبة كتبت كتب كثيرة في الكتاب المقدس أو أخذت صيغتها النهائية.

كانت المواجهة مع اليونانية مبيدة للتاريخ و الهوية اليهودية إذ وجد العديد من اليهود التراث اليوناني عميق الجاذبية فتشربوا عن قصد الكثير من أفكاره عن الحياة، بينما رفضه يهود آخرون و بخاصة في العبادة اليونانية و تصوير الكثير من الآلهة و اتخاذ الجسم البشري معيارا للكمال، فهم لم يعترضوا و حسب على تعدد الآلهة، بل اعترضوا أيضا على الإيمان بالكائنات البشرية و الخبرة البشرية أكثر من إيمانهم بالمقدسات معيارا لكل الأشياء. لكن تمثل حتى اليهود هؤلاء الكثير من التراث اليوناني.

إن المواقف المختلفة تجاه اليونان أحدثت توترا في المتحد اليهودي في يهودا، و ذلك التوتر أدى إلى حرب أهلية أصبحت تمردا على الحكم اليوناني بعد أن منع الملك انطيوخس الرابع العبادة اليهودية و هتك قدسية المعبد بوضع تمثال للإله اليوناني زيوس فيه. نجح اليهود في تمردهم و اعتبروا نجاحهم معجزة. إن أعادة تكريس المعبد في العام 165 قبل الميلاد يحيونه في عيد الهنوكا. توصل اليهود إلى فترة استقلال نسبي امتدت من سنة 142 إلى سنة 63 قبل الميلاد تحت حكم أسرة هسمونيان أو المكابيين الذين قادوا تمردهم.

الحكم الروماني: في العام 63 قبل الميلاد ضم الرومان يهودا إلى إمبرطوريتهم المتطورة، فأصبحت يهودا مكانا التقى فيه التراث اليهودي باليوناني ثم بالروماني وسط توتر كبير، واثناء حكم المكابيين و الرومان ظهر العديد من الجماعات أو المذاهب اليهودية، و لكل فرقة من هؤلاء وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بالإله أو بالآخرة كما بالمعبد و نواح أخرى من الدين. وكان أشهر هذه الفرق الفريسيون و السدوسيون و فيما بعد أوائل المسيحيين.

يعتقد كثير من المؤرخين أن الفريسيين قاوموا اليونانيين و أبقوا طقوس الهيكل حية. كم يبدو أن السدوسيين شكلوا طبقة كهنوتية أريستوقراطية. و على خلاف الفريسيين الذين يعتقدون بالحياة الآتية و بالمسيح بينما اعتقد السدوسيون أن على الناس جني أكثر ما يستطيعون في هذه الحياة الدنيا كما بدأت المسيحية أيضا كفرقة يهودية إذ أعلن يسوع أن ملكوت الله آت لكنه أغضب الفريسيين بتعاليمه التي خافوا أن تضلل الناس عن اتباع القانون اليهودي، و يسوع بدوره فضح الفريسيين. و بعد صلب المسيح بقي تلاميذه قسما من أكبر المتحدات اليهودية لفترة و بعدها تحولوا ليشكلوا مجموعة دينية مميزة.

كانت سياسة الرومان في يهودا غير مستوية إذ هم حكموا أحيانا من خلال ملوك يهود كهيرود و في أحيان أخرى عبر حكام عسكريين من الرومان كبيلاطوس بونطيوس و مع الزمن تطور لدى اليهود استياء كبير من الحكم الروماني و في العام 70 اندلعت ثورة مكشوفة سحقها الرومان في العام 73 عندما احتلوا مسعدا، القاعة التي احتلها آخر المرابطين اليهود. و أثناء الحرب في العام 70 دمر الرومان المعبد في القدس و ما يزال اليهود يحيون ذكرى التدمير هذه مع ذكرى التدمير الأول للمعبد من قبل البابليين بالصيام و الصلاة في اليوم التاسع من آب.

نهاية الحقبة التوراتية أو الكتابية: أثناء فترة الحكم الروماني بدا أن الكتاب العبري قد بلغ شكله النهائي، فلم تضف إلى القانون الكتابي أية كتب جديدة بعد ذلك و لم تحدث أية محذوفات، فمنذ القرن الأول حتى اليوم يقدس اليهود و يدرسون المجموعة المقدسة من 39 كتابا كلها كتبت بالعبرية ما عدا بضعة أقسام كانت قد كتبت بالآرامية. عند نهاية الحقبة الكتابية انقسم اليهود إلى مجموعات تمارس الدين اليهودي بطرقهم الخاصة، و من هذه الفوضى ظهرت في القرن الأول مجموعة من القادة الدينيين يدعون بالرابيين و على مدى القرون المتلاحقة أعطى الرابيون لليهودية الشكل الذي يجب على اليهود ممارسته حتى يومنا هذا إذ أرضخ الرابيون كل قاعدة من القانون لفحص و تأويل خاص و طوروا المجموعة الضخمة من القوانين الشفهية التي سموها هالاكا أي الذهاب و هذه القوانين الشفهية كانت قد دونت في القرن الأول من القرون الخمسة بعد الميلاد و أصبحت قسما من التلمود و الميدراش. اتصفت تفاسير الرابيين باهتمام عميق بإنجاز القوانين و الآداب الكتابية إذ طوروا الاعتقاد بعدم الفعالية السياسية مصرين على أن الخلاص يكون فقط بنزول المسيح الذي يستطيع استعادة السيطرة على أرض إسرائيل.

حياة اليهود في الشتات: بدأ الشتات بالفتح البابلي في القرن السادس قبل الميلاد، و فهم العديد من اليهود أن وجودهم خارج أرض إسرائيل هو عقاب من الله بالنفي لقاء خطاياهم و هم يعتقدون أنهم غير قادرين على الرجوع حتى يخلصهم الله بإرسال المسيح. و مع الزمن فسر بعض اليهود النفي على أنه لا يعتمد على الجغرافية و على رأيهم أن النفي هو ابعاد عن الله و يمكن حدوثه حتى في أرض إسرائيل خاصة عندما ساد فيها غير اليهود، بينما فهم يهود آخرون أن حياتهم في الشتات هي خروج و أنهم اختاروا العيش خارج أرض إسرائيل.

لما يقرب من 2500 سنة تابع اليهود حياتهم خارج أرض إسرائيل، و في السنين الأولى من الشتات أقاموا متحدات أساسية في آسية الصغرى و شمال أفريقية و شبه جزيرة العرب بينما انتشروا بعد ذلك في كل بقاع الأرض و تفاعل كل متحد منهم مع الثقافة المحلية و أصبحت الحياة اليهودية و تراثهم بالنتيجة متنوعا. فبشكل خاص طور يهود أوربة و يهود حوض البحر الأبيض المتوسط بما فيه إسبانية طرقا مختلفة في ممارسة الدين اليهودي و صفات خاص بهم كيهود. فاليهود الأوربيون خارج إسبانية يسمون أشكيناز و هي تسمية عبرية لألمانية، بينما يهود إسبانية و بقية حوض البحر الأبيض المتوسط يسمون سفرديم من الكلمة العبرية لأسبانية.

القرون الأولى للشتات: لا يعرف المؤرخون شيئا عن حياة اليهود في القرون الأولى للشتات فأثناء الأسر البابلي حافظ قسم من اليهود بنجاح على هويتهم و تراثهم الخاص غير أن ظروف هذه المتحدات بقيت سرا و لا توجد معلومات كثيرة عن حيلتهم في الإمبراطورية الفارسية فما نعرفه حقا أن بعض اليهود كانوا يتوقون للعودة بينما بقي آخرون منهم في إيران حتى القرن العشرين، و تصبح الصورة أوضح فيما بعد أثناء فترة الحكم اليوناني و الروماني عندما تطورت المتحدات اليهودية في الاسكندرية بمصر و في سيرين بليبيا و في أنطاكية بسورية و في روما بإيطالية و في مدن أخرى في آسية الصغرى. تكلم اليهود في معظم هذه المتحدات اللغة اليونانية السائدة و أسسوا ديانتهم على الترجمة اليونانية لكتابهم العبري المعروفة بالسبعينية و كل واحدة من هذه المتحدات قد طورت كما يبدو شكلها الخاص من الدين اليهودي الذي كان يختلف عن دين قادة الرابيين في فلسطين حيث أطلق الرومان رسميا اسم فلسطين على إقليم يهودا في القرن الثاني قبل الميلاد. كان بعض اليهود مرتاحين تماما في عيشهم تحت حكم الإمبراطوريتين اليونانية و الرومانية بينما استاء اليهود الآخرون في إقامتهم بين أتباع الديانات الوثنية الأخرى أو لعدم احترامهم في الثقافات السائدة الأخرى. ففي فلسطين و في الشتات كانت ثورة اليهود غير ناجحة ضد الحكم الروماني. فسيمون بار كوخبا قاد ثورات في القدس في القرن الثاني لاقت دعما من يهود المنطقة، وقبل تدمير المعبد في القدس في العام 70 أرسل كثير من يهود الشتات نقودا لدعم المعبد كانت كمصدر تضامني لليهود كأمة. غير أنه بعد تدمير المعبد لم يعد ليهود الشتات هذه الرسالة الاتحادية و لم يكن لهم شيء مشترك خلافا للحفاظ على الهوية اليهودية المميزة.

المتحد البابلي: كان أفضل ازدهار للمتحد الشتاتي في بابل، فالبارثيون الذين حكموا بابل و بقية ما بين النهرين حتى 224 قد منحوا اليهود حكما ذاتيا معتبرا و حياة اقتصادية و دينية لاقت استجابة مفضلة. عانى اليهود في بابل فترة قصيرة من الاضطهاد في القرن الثالث، لكن بعد عهد فارسي عرف بالساساني هزم البارثيين، استعاد اليهود حالا حرياتهم الأساسية و استمر متحدهم بالنمو و الازدهار لفترة ألف سنة أخرى، فازدهر تعليم الرابيين في الأكاديميات الدينية البابلية و قدموا تفاسير للقانون الشفهي و تفاسير للتوراة، فالتعليقات على القانون الشفهي في بابل أنتج التلمود البابلي وهو النص العبري و الآرامي الذي اعتبر أساس اليهودية، فاليهودية الرابينية التي كانت قد تطورت في بابل كانت أكبر تطور في شكل اليهودية التي أصبحت سائدة في قلسطين في القرن الثاني يرجع في قسم كبير منه للاعترلف الروماني بالرابيين كقواد دينيين و سياسيين لليهود.

انتشار المسيحية: تبدلت الحالة الاجتماعية و السياسية لليهود بشكل ملحوظ في القرن الرابع بعد تحول الإمبراطور قسطنطين إلى المسيحية، فتحوله أشار إلى عملية جعلت المسيحية الديانة الرسمية للإمبرطورية الرومانية و اعتبر اليهود مدمرين لرفضهم الاعتراف بيسوع على أنه هو المسيح. و كثير من قادة الكنيسة و الامبرطورية اعتقدوا أنه لا ينبغي السماح لليهود بالبقاء في الإمبرطورية الرومانية إذا هم استمروا في ممارسة دينهم. حيث اعتبر اليهود قادرين على تلويث الإيمان الصحيح الذي رفضوه غير أن هذه الحال نبذت لصالح وجهة نظر قدمها اللاهوتي المسيحي القديس أوغسطين, فمثل كل المسيحيين الآخرين، كان القديس أوغسطين يعتقد أن اليهود يستحقون الإهانة و التحقير و لكن بدلا من الجدل يشأن تدميرهم أو إجبارهم على تغيير دينهم، كان يعتقد أن عليهم أن يعيشوا في حالة فقر و تحقير. و بهذه الطريقة يمكن معاقبة اليهود على رفضهم الاعتراف بالوحي الجديد بالمسيح و قد يصلحون شهودا على تفوق المسيحية. و برغم قظاظة هذا الموقف إلا أنه أفاد في إنقاذ اليهود في العهد المسيحي من الإبادة.

أنشأ قسطنطين عاصمة جديدة في بيزنطة التي هي الآن اسطنبول بتركية في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية و سمى المدينة القسطنطينية، و بعد سقوط روما على يد الغزاة في العام 476 انكمشت الإمبراطورية الرومانية في الغرب لكنها بقيت قوية في الشرق و أصبحت تعرف بالإمبراطورية البيزنطية و اختلفت المواقف تجاه اليهود في الإمبراطورية الرومانية الغربية و في الولايات التي تبعتها بينما كان في الإمبراطورية البيزنطية عدد أكبر من اليهود تحت حكمها مما كان في الولايات في الإمبراطورية الرومانية الغربية و كانت تتصرف بفظاظة أشد معهم فاليهود تحت الحكم البيزنطي كانوا يجدون صعوبة أكبر في كسب عيشهم و بين العقبات الأكثر أنهم كانوا ممنوعين من بناء كنس جديدة أو إقامة مكتب عام لهم.

تحت الحكم الإسلامي: نشأ الإسلام دينا موحدا آخر في الجزيرة العربية في القرن السابع و فتحت القوات الكثير من أقاليم الإمبراطورية البيزنطية في القرنين السابع و الثامن. رحب اليهود بالتغيير في الحكم، و رغم أنهم كانوا يلقون عوائق دينية و اقتصادية تحت الحكم الإسلامي إلا أن أحوالهم تحسنت. فالفتوحات الإسلامية امتدت من بابل إلى مصر و فلسطين. و للمرة الأولى في التاريخ كان المركزان الرئيسيان للحياة اليهودية في بابل و فلسطين تحت حكم واحد، غير أن التوازن قد انتقل إذ أصبحت بابل هي المركز الثقافي و التراثي الأهم. و منذ القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر حدثت إنجازات ثقافية كبيرة في العالم الإسلامي و بخاصة في بابل ساهمت و استفادت من تلك المنجزات. فالأكاديميات في بابل كان يرأسها رابيون بارزون ساهموا في تأليف التلمود البابلي ليكون النص الرسمي للدين اليهودي. كما أنهم وضعوا التقاليد البابلية نظاما يحتذى في كل عالم اليهودية، إذ جعلوا من الدراسة المثل الأعلى للتدين. وأبرزهم كان سعديا بن يوسف الذي كان من عقلاء القرن العاشر الذي ترجم الكتاب العبري إلى اللغة العربية – لغة الأراضي الإسلامية فمن خلال هذه الترجمة و تعليقه على الكتاب باللغة العربية أوجد سعدية أدبا يهوديا بالعربية و أصبح الأول من بين كثير من الفلاسفة اليهود في العالم الإسلامي. فالفيلسوف موسى الميموني من مصر بزّ سعدية في الأهمية مستفيدا من الروح الريادية لسعدية إذ رفع الميموني عالم العلم اليهودي إلى ارتفاعات خيالية في القرن الثاني عشر. فيهود العالم الإسلامي نقلوا أيضا المؤلفات الفلسفية للبلدان القديمة و الإسلامية إلى المسيحيين الأوربيين فهم ترجموا العديد من التراث الفلسفي من العربية إلى العبرية كما ساعد يهود آخرون في ترجمتها من العبرية إلى اللاتينية التي كانت اللغة المكتوبة للمثقفين الأوربيين في ذلك الزمان.

تحت الحكم المسيحي: من القرن الثامن إلى أواخر العصور الوسطى بقيت الثقافة راكدة و غير مميزة في أوربة المسيحية بينما ازدهرت في العالم الإسلامي إذ بدءا من القرن الثامن شجع ملوك الفرنجة و حكام الإمبراطورية الرومانية المقدسة اليهود على الإقامة في بروفنس التي هي الآن قسم من جنوبي فرنسا و أرض الراين التي هي الآن قسم من ألمانيا و متحدات إيكس و مرسيليا أصبحت مراكز باكرة للحياة اليهودية الأوربية و حافظت على أهميتها لقرون. نتج تشجيع الاستيطان اليهودي عن اعتبار أن لليهود مهارات اقتصادية نافعة و بخاصة كتجار. و لاعتبار أنهم لا يملكون أرضا و لا يعملون كفلاحين لدى سادة إقطاعيين فإنهم اعتمدوا مباشرة على الحكام الأوربيين لحمايتهم، ز ذلك الاعتماد عنى أن بإمكان الحكام أن يعهدوا لليهود بالامتيازات الاقتصادية بأمان بدون أي تهديد لقوتهم الخاصة. رفعت تلك الامتيازات الخاصة الاستياء الذي كانت تشعر به الجماهير الأوربية تجاه اليهود من قبل و هو استياء تجذر في الفروق الدينية. لكن التدابير لم تؤدي إلى أية اضطهادات لليهود لعدة قرون لاحقة.

تبدلت حالة اليهود الأوربيين في عام 1096 في الحملة الصليبية الأولى التي كان هدفها انتزاع السيطرة على الأراضي المقدسة (فلسطين) من الحكام المسلمين، و بينما كانت الجيوش الصليبية تتجمع اتجه عداءهم الديني نحو المتحدات اليهودية في أرض الراين بتذبيح الناس و تدمير المستوطنات و لم تتمكن السلطات المحلية من إيقاف الصليبيين الهائجين. ففي بعض المتحدات فضل اليهود ألانتحار الجماعي على الوقوع في أيدي الغوغاء و افتتح الصليبيون عهدا جديدا لحياة اليهود الأوربيين.

أواخر العصور الوسطى من 1096-1492: بعد أن بدأت الحرب الصليبية و أثارت العداء على اليهود أصبحت المتحدات اليهودية الناجية في أواسط و شمال أوربة أكثر انعزالا عن محيطها الثقافي و رغم أن اليهود ما زالوا يمارسون درجة من السيطرة على شؤونهم الدينية و الثقافية إلا أنهم لم يجرؤوا على التفكير بما هو أبعد من أعرافهم الدينية، ركز الأدب مبدئيا على التلمود إذ أنتج علماؤهم تفاسير جديدة و تذكارية للتلمود البابلي زادت من شهرته و تفهمه لدى اليهود الأوربيين. هذا بالإضافة إلى الاتجاهات التصوفية الصليبية التي ظهرت بين اليهود الأوربيين الذين اتجهوا نحو الداخل راغبين في اتصال أكثر مباشرة مع الإله. و الشكل الأكثر أهمية من التصوف اليهودي كان القبالة التي تطورت في إسبانية حيث كتب الشعراء اليهود مرثيات و مناحب في ذكرى تضحيات اليهود الذين قتلوا في عام 1096 و طور يهود ألمانيا لغة خاصة بهم باتت تعرف باليديش التي بدأت كلهجة محلية للغة الألمانية المتكلمة في ذلك الزمان متفرعة عنها لتصبح اللغة اليهودية المميزة مكتوبة بالأحرف العبرية.

الاضطهاد: عاش اليهود ظروفا فظيعة بعد الصليبيين فاتهامهم بقتل المسيحيين و بخاصة الأطفال لاستخدام دمائهم لبعض الأغراض الطقسية بات أمرا شائعا ، و رغم أن القادة المسيحيين كانوا بشكل دوري ينكرون هذه التهم الدموية لأنها باطلة إلا أنها بقيت حتى القرن العشرين. و كثير من قادة الكنيسة أوجبوا مبدأ القديس أوغسطين على إرغام اليهود على العيش أذلاء محتقرين حتى منع مجلس الكنائس الكاثوليكية الرومانية المنعقد عام 1179 و 1215 اليهود من استخدام المسيحيين كما منع المسيحيين من السكن مع اليهود أو في جوارهم ملوما اليهود بلبس شارة خاصة تميز وضاعتهم كما منعوهم من الظهور بين الناس في عيد الفصح أو في المناسبات المسيحية الدينية الأخرى و كان لهذه المجالس تأثير دائم على الحيلة الاقتصادية لليهود بمنع المسيحيين من اقتراض أو إقراض المال فيما بينهم بفائدة و ترك هذا نشاط إقراض النقود كلية لليهود تماما كما أن أعمالا أخرى أبعدتهم عن مجالات أخرى من النشاط الاقتصادي. و قبل نهاية القرن الثاني عشر عاش يهود أوربة على نطاق واسع كمرابين و باعة متجولين.

طردهم من أوربة الغربية: وضعهم كمرابين ولّد عداء أكبر تجاه اليهود و لعب دورا في طردهم التدريجي من غرب و أواسط أوربة. طرد اليهود من انكلترا بعد إلغاء كل ديونهم في عام 1290، كما طردوا من فرنسة في عام 1306 لكن سمح لبعض منهم بالعودة إلى فرنسة عام 1394 كما أن الأراضي الألمانية في الإمبراطورية الرومانية المقدسة طردت اليهود على فترات عبر القرن الخامس عشر.

تكاثفت العداوة تجاه اليهود الأوربيين نتيجة للموت الأسود الطاعون البوبوني الوبائي من عام 1347 إلى 1351 الذي أباد ما يقرب من ثلث سكان أوربة و رغم أن الوباء قتل اليهود أيضا إلا أنهم وجدوا اليهود جاهزين لحمل التهمة بأنهم سببوا الوباء بتسميمهم مياه الآبار و في كثير من المناطق كان رد فعل الأوربيين بطرد الجماعات اليهودية و تدمير مساكنها, و قبل أواسط القرن الخامس عشر لم يبق أحد من اليهود في أوربة الغربية كما أن الكثير من الأراضي الألمانية طردت اليهود أيضا.

خامسا :الهجرة إلى بولندا: طٌرد معظم اليهود من غربي و وسط أوربة في الألف و الثلاثميات و الأربعميات من السنين إذ ارتحلوا غربا إلى بولندة حيث أنشأوا فيها ما بات يعرف بأكبر متحد يهودي في حينه. و في القرون الأولى بعد وصولهم نجا اليهود من الاضطهاد و العنف الذي كانوا يلقونه في أي مكان آخر في أوربة. كانت بولندة حينئذ أكثر منطقة تنوعا عرقيا و لغويا و دينيا في أوربة. طور اليهود في القرنين السادس و السابع عشر في بولندة حياة فارهة دينيا و اقتصاديا إذ حلقوا طرقا جديدة لدراسة التلمود و دراسة معمقة لتعليل القانون و الشرع اليهودي. ففي مدن مثل كاركوف و لفيف ( أوكرانيا اليوم) و بوزنان برز اليهود كتجار و مرابين و في شواهد قليلة كأطباء.

العصر الذهبي قي إسبانية: دخل اليهود عصرا ذهبيا في إسبانية في القرنين الثاني و الثالث عشر بينما كان اليهود في الشمال يعانون الاضطهاد. ففي إسبانية فقط ازدهر اليهود متعددي الثقافات في شمال إسبانية و ركز كثير من عقلائهم كما في أي مكان آخر في أوربة على العلم التلمودي كما تلقى اليهود في إسبانية دراسة في الفلسفة و العلوم و الشعر و قواعد اللغة العبرية و حتى في بعض التاريخ. و كان إبراهام بن عزرا المتعدد الثقافة في القرن الثاني عشر و العديد من أتباع الميموني الذي كان مولودا في إسبانية أنتج مؤلفات عديدو في كل هذه المجالات فكتاب الزّهر ، المؤلف الأساس في التصوف اليهودي أو القبّالة كان قد ألِّف في إسبانية في القرن الثالث عشر. و هذا المؤلف – سفر الزّهر أو كتاب الروائع أصبح حجر الزاوية في كل الفكر التصوفي اليهودي فيما بعد. كما ازدهر اليهود في إسبانية في المجالات السياسية و الاقتصادية أيضا. كان المسيحيون قد استرجعوا كامل إسبانية تقريبا من المسلمين في عام 1248 و حلق هذا فرصا لليهود. كان كثير من اليعود يتكلمون العربية-لغة سكان المنطقة المهزومة و كان لديهم خبرة واسعة في تقديم الخدمات الإدارية للحكومة فمكنتهم طلاقتهم بالعربية أن يكونوا تراجمة بين السكان العربيي اللغة و الإسبانيي اللغة.

لم يدم العصر الذهبي لليهود في إسبانية طويلا فأثناء القرن الرابع عشر أصبحت أنظمة الأديرة المسيحية قوية بشكل متزايد في إسبانية و بشكل دوري كانوا يعظون ضد اليهود، كما أن الموت الأسود حفّز الجماهير ضدهم أيضا. ففي عام 1391 قاد الوعظ ضد اليهود إلى مهاجمة كثير من المتحدات اليهودية و لكي يفروا من الموت قبل كثير منهم أن يتعمد و ينقلب إلى المسيحية. كما أن كثيرين آخرون تحولوا إلى المسيحية بدون إجبار مكشوف.

الاستجواب و الطرد من إسبانية: أدى التحول المطرد للعدد الكبير من المتحولين إلى المسيحية من اليهود إلى اختفاء المتحدات اليهودية المتبقية في عام 1492فبعض المنقلبين أصبحوا مسيحيين مخلصين و تكاملوا بنجاح مع المجتمع السائد بينما متحولون آخرون احتفظؤى رغم إخلاصهم بعلاقات مع أقربائهم و أصدقائهم الذين كانوا يمارسون شكلا ما من اليهودية. و عرف المتحولون من اليهود الذين استوروا يمارسون الدين اليهودي أما بسبب العادة أو الالتزام باسم المرّانو. و نشأت المشكلات عندما أصبح عدد المنقلبين و أعقابهم بارزا في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في إسبانية و في الدوائر الحكومية فاعتقد قادة هذه المؤسسات أن من الجوهري أن يحددوا إخلاص من دعوهم المسيحيين الجدد للحفاظ على الحياة. ففي عام 1478 تقدم الملك فردينند الخامس و ملكته إيزابلا باستفسار لإسبانية عن حالة المنقلبين ألى المسيحية حديثا سواء أكانوا سابقا يهودا أم مسلمين.

لم يكن الاستجواب كما يظن، بل كانت لجنة الاستجواب هي المسؤولة الوحيدة عن تحديد ما إذا كان المتحوّل الجديد غير مخلص فبمجرد تعميدهم لا يحق لهم الرجوع إلى دينهم السابق و كان المسيحيون المعمدون فقط هم المعرضين لسلطات الاستجواب. و رغم صعوبة خلوه من الفساد لم يكن الاستجواب عنيفا كما يظن فما من أحد يؤدي حماقة في الاستجواب عندما دفاع المرء عن تهمة عدم يهوديته يكون في الغالب أمرا مستحيلا.

في عام1492 استرد فرديناند و إيزابلا آخر قطعة من الإقليم الإسباني الذي كان تحت الحكم الإسلامي فقررا طرد كل اليهود و المسلمين ممن بقوا على دينهم و لتجنب أمر الطرد اختار كثير من اليهود التحول إلى المسيحية رغم أن عشرات الآلاف اختاروا الرحيل، معظمهم ارتحلوا إلى البرتغال المجاورة و كثيرون ذهبوا شرقا إلى إيطالية و إلى أراضي الإمبراطورية العثمانية بما فيها اليونان و شمال أفريقية و فلسطين و تركية. كانت البرتغال لهم إقامة مؤقتة إذ في العام 1497 قرر الملك مانويل الأول إجبار اليهود على اعتناق المسيحية في البرتغال و لأنه لم يقم استجوابا مباشرا لهم بقي كثيرون منهم يمارسون يهوديتهم سرا قدر ما استطاعوا و مع الزمن رجع أعقابهم جهارة إلى يهوديتهم خارج شبه الجزيرة الإيبيرية - (إسبانية).

أنهى الطرد من إسبانية و التحول إلى المسيحية في البرتغال واحدا من أقدم المتحدات اليهودية و أغناها. و مع ذلك فإن كثيرين من هؤلاء اليهود و المورانو المطرودين استبقوا هويتهم الإسبانية أو السفردينية حيثما أقاموا لاحقا. كما كان طرد اليهود من إسبانية قد أنهى الطرد الجماعي لليهود من البلدان الأوربية على الأقل حتى الأربعينات من الحقبة النازية. لكن طرد اليهود من المدن الأوربية الكبرى استمر من وقت لآخر حتى بداية القرن العشرين.

القرنين السادس عشر و الثامن عشر: حدثت تغيرات كثيرة في أوربة من الفرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر و هذه التغييرات أثرت في العلوم و الديم و الفلسفة و الحياة الصناعية و الاقتصادية. و كان لها تأثير على حياة اليهود و فكرهم كذلك، و كانت أولا قد جعلت أوربة الغربية تعود إلى قبول اليهود.

العودة إلى أوربة الغربية: في بداية القرن السادس عشر كان في بولندة أكبر كثافة يهودية في العالم. و لم يكن هنالك أي يهود يسكنون معظم الأراضي غرب بولندة، لكن هذه الحالة تغيرت في القرن السابع عشر عندما بدأ اليهود يهاجرون رجوعا إلى الولايات الألمانية و إلى شرق فرنسة، و كذلك فعل كثير من المارانو الذين حافظوا سرا على شكل ما من الهوية اليهودية في شبه الجزيرة الإيبرية (إسبانية و البرتغال) و كانوا قادرين على استئناف التزامهم المكشوف باليهودية في هولندة و جنوبي فرنسة و في مدينة هامبورغ الألمانية.

استقر كثير من المارانو في هولندة و بخاصة في أمستردام التي منحتهم حرية العبادة و فرصا اقتصادية كثيرة. دخلت هولندة عصرا جديدا من الازدهار التجاري باستقلالها عن إسبانية في عام 1648. و في جنوب فرنسة تطورت متحدات المارانو في مدن موانئ بوردو و بايون. و في هامبورغ المركز التجاري الهام أصبحت ملجأ للاجئين من أقسام أوربة الأخرى و رحبت باليهود الذين أصبحوا ممولين و مستوردين و بناة سفن. و كمسيحيين سابقا كان المارانو أول يهود لهم ثقافة عامة واسعة و تأثير في إحدى اللغات الأوربية على الأقل، ففي طرق كثيرة كانوا أول يهود حديثين و علامة للمستقبل و هم رغم ضآلة عددهم كان لهم تأثير مباشر على يهود المناطق الأخرى.

زيادة التحمل الديني: أثناء القرن السابع عشر غيرت الثورة العلمية و أول دوافع الثورة الصناعية طرق كثير من الفكر و السلوك الأوربي، فالثورة العلمية جلبت تفاسير لادينية للطريقة التي يعمل بها العالم الطبيعي كما جلبت الثورة الصناعية أشكالا جديدة من التنظيمات الاقتصادية. كانت الحروب الدينية بين الكاثوليك و البروتستانت قد شغلت أوربة في القرن السادس عشر لكنها انتهت في القرن السابع عشر في استيطانات أدت إلى قبول أكبر، برغم الأحقاد، للاختلافات الدينية. فالتجارة الأوربية مع آسية و كذلك قيام المستعمرات الأوربية في الأمريكتين جلبت التفاعل مع الثقافات الأخرى. و الأكثر من ذلك، تعرف أكبر بالعالم القديم من اليونان و الرومان ما جعل العديد من الحقائق العامة قيد المساءلة.

لذلك كان القرن السابع عشر فترة انفتاح عقلي أعظم و فرصا اقتصادية و له تأثير هائل على كل سكان القارة الأوربية. فالمنجزات العلمية و الاعتماد على التعليل العلمي و الاطلاع على الثقافات غير الأوربية أدى إلى احترام جديد لحقوق الإنسان أثناء القرن الثامن عشر – فترة عرفت بعصر التنوير.

النقاش في حقوق اليهود: كانت الانتقالات السياسية أبطأ في الحدوث عبر كل القرن الثامن عشر تقريبا، فكان اليهود الأوربيون فاقدي الحقوق و الحماية الشرعية كمواطنين. و قبل نهاية القرن تطلبت هذه الحال إعادة نظر. استمر التفكير التنويري بالانتشار بين النخبة من أوربة و جعل الوسط التنافسي للثورة الصناعية أمرا مكلفا جدا استبعاد أي واحد له موهبة.

ففي إنكلترة و هولندة و فرنسة و قسم من بروسيا ( ألمانية الآن) و النمسا تجاوبت أصداء الجدل بين السياسيين و رجال الفكر فيما يخص الوضعية السياسية لليهود. ناقش البعض أن على اليهود أن يغيروا طريقة تفكيرهم و تصرفهم قبل منحهم حقوقا مدنية متساوية بينما شعر آخرون أن اليهود يحتاجون أولا الدافع و الفرصة السانحة لتغيير طرقهم، فهم كان يطلب منهم لفترة طويلة أن يسكنوا في أحياء منفصلة و بسبب القيود على حجمها و تسهيلاتها فأن كثيرا من هذه الأحياء الخاصة أصبحت أزقة مكتظة. هذا بالإضافة إلى حصر المهن التي يستطيع اليهود ممارستها جعلت كثيرين منهم باعة متجولين. كما أن دينهم تطلب منهم لبس أثواب معينة كلبس التزيت تزيت ذي الأهداب للرجال ما يميزهم عن باقي الناس من غير اليهود كما أن ثقافتهم كانت محصورة بدراسة الكتب المقدسة.

في الجدال حول الحقوق المتساوية اتفق كلا الجانبين على أن اليهود كي يصبحوا أكثر أوربية في اللغة و المظهر و الثقافة لكي يساهموا في للمجتمع الأكبر و يستفيدوا من التفاعل معه، بدأ عقلاء اليهود و رجال الأعمال الذين ساهموا في حركة توسعة الحضارة الأوربية إلى اليهود يطالبون بالمساواة بصوت مرتفع و كنتيجة لهذه الحركة اليهودية المستنيرة (الهسكالاه) كانوا قد بدأوا من قبل بتغيير لغتهم و مظهرهم بقيادة الفيلسوف اليهودي مويى مندلسون في برلين فأصبحوا مساهمين مهمين في الحوار بينما هم يساهمون في حركة التنوير الأوربية.

التحرر و الإصلاح: البحث في حقوق اليهود كان له أعمق التأثير في فرنسة التي تناولت مسألة من ينبغي له أن يكون مواطنا في يقظة الثورة الفرنسية 1789-1799. و كان أطول جدال يخص اليهود. كثير من الثوارعارضوا منح حق المواطنة لليهود مجادلين أن هوية اليهودي كشعب مميز جعلتهم غير مناسبين لمواطني فرنسة بينما أراد آخرون منح اليهود حقوقا متساوية مجادلين أن حقوقا كهذه قد تؤدي إلى تغيير في الهوية اليهودية كما جادل أحد السياسيين و الثوار الفرنسيين بقوله :" إن اليهود كأمة هم لا شيء و لكنهم كأفراد هم كل شيء و يجب عليهم أن يكونوا فرنسيين" و هذا الوضع حمل اليوم و في عام 1791 منحت فرنسا اليهود كامل الحقوق المتساوية، سياسة باتت تسمى تحرير اليهود.

كانت فرنسا أول دولة منحت التحرير لليهود بينما ناقشت الدول الأوربية الأخرى الموضوع لكن لم تمنح أية واحدة منها التحرير لليهود في القرن الثامن عشر. أما في القرن التاسع عشر تكاثرت منح التحرير عبر أوربة. و قبل عام 1871 مع تحرير ألمانية لليهود كانت كل دولة في أوربة منحتهم التحرير ما عدا روسية. و في كل الحالات كان المتوقع من اليهود أن يتركوا سمة هويتهم الإثنية باعتناقهم اللغة القومية اليديش أو اللادينو – لغة يهود السفرديم الإسبان و أن يقبلوا البلد الذي يسكنون فيه بدلا من إسرائيل و كان على اليهود أن يصبحوا مجموعة دينية بين المجموعات الدينية العديدة الأخرى في أوربة.

ظهرت مراكز ثقافية و إبداعية يهودية كنتيجة للتحرير و أصبحت المدينة البروسية برلين المركز الرئيس للثقافة اليهودية الحديثة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كما ظهرت مراكز هامة في كونغسبرغ – الآن كاليننغراد بروسية و في همبورغ و فرانكفورت أم مين في ألمانية و في باريز بفرنسة. و أثناء القرن التاسع عشر حصل اليهود المحررون على بروز في فينا و بودابست عاصمتي النمسا و هنغارية. و في هذه المدن الأوربية هجر اليهود لغة اليديش لغتهم الكلامية و العبرية لغتهم المكتوبة. و بدأوا يلبسون مثل الناس الآخرين حيث تخلى الرجال عن الجدائل ( البيوت) و النساء عن الشعر المستعار ( الشيتل).

نسخة جديدة من اليهودية تسمى الإصلاح تطورت مع التحرير أثناء القرن التاسع عشر نابذة تلك النواحي من اليهودية التقليدية التي تبدو غير متآلفة مع وضعية اليهود الثقافية و السياسية الحديثة. أصبحت اليهودية الإصلاحية بسرعة متبناة من قبل أغلبية اليهود في ألمانية كما اتبعها يهود آخرون في مناطق أخرى أيضا . أزال إصلاحيو اليهودية كل الصلوات التي تدعو إلى إعادة بناء الدولة اليهودية في فلسطين و التي تشير إلى اليهود كأمة. كما أكدوا أن كثيرا من الطقوس في اليهودية التقليدية لم يعد لها علاقة بحياة اليهود الحاضرة لأتها وضعت حاجزا بين اليهود و الناس ألآخرين و هم اعتبروا فقط المكونات الأخلاقية لليهودية الإجبارية و اعتبروا العناصر الأخرى ممكن تركها.

كما هو متوقع ، أوضح تحدي الإصلاح رد فعل قوي من قبل الممثلين لليهودية التقليدية الذين دعوا أنفسهم يهودا مستقيمين. رفض المستقيمون أي تغيير في الدين اليهودي و كثير منهم رفضوا كامل برنامج التحديث مصرين على إبعاد اليهود عن الثقافة الغربية و مراكزها التعليمية.

الهازيدية في أوربة الغربية: كانت روسية قد ضمت معظم القطر البولندي بما فيه أوكرانية في أواخر القرن الثامن عشر ملحقة بها عددا كبيرا من السكان اليهود بهذه العملية، و قبل ذلك كانت الثقافة التقليدية ليهود بولندة تجري مسارها بينما كانت روسية عندها تحكم من قبل القياصرة الذين لم يمارسوا تحريرا سياسيا كبقية بلدان أوربة، غير أن الثقافة اليهودية كانت قد تغيرت بالفعل في أواخر القرن الثامن عشر و التاسع عشر. حركة إحياء دينية هامة عرفت بالهازيدية كانت قد ظهرت في بادولية ( الآن في أوكرانية) في أواسط ال 1700 و أتباعها عرفوا بالهازيدية.

رغم أن كثير من الناس يربطون اليوم الهازيدية بأكثر العناصر تقليدية من الحياة اليهودية إلا أنها في الأصل مثلت تحولا هاما في التقاليد. باحثين عن طرق جديدة لحقن المغزى الديني في الحياة اليهودية، تحدت الهازيدية سلطة القيم التقليدية للكهنة الذين رفعوا الدراسة التلمودية فوق كل ما عداها و بشكل فعال معظم الرجال و كل النساء مصرة على أن نواحي كثيرة من سعي الإنسان قدم فرصا سانحة لتقديس الحيلة و بلوغ التعرف إلى حضور الله من النشاط الديني بالصلاة إلى الغناء و الرقص و الأكل و العمل فحولت الهازيدية ،بقيادة مجموعة من القادة يسمون رابيين، الحياة اليهودية في كل أوربة الشرقية.

و هذه الحركة المعارضة التي أقامتها بين الرابيين التقليديين جلبت شعورا بالهوية المذهبية ليهود أوربة الشرقية الذين كانوا من قبل موحدين.

التحديث و التجزئة: من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر كان اليهود الأوربيون شغبا موحدا ثقافيا و دينيا و لغويا، غير أنهم منذ العام 1750 إلى 1850 فإنهم تشرذموا إلى عدة مجموعات و فئات. و منذ العام 1850 لا تزال أغلبية اليهود تتكلم اليديش، بينما في الأماكن الأخرى يتكلمون الألمانية و الفرنسية و الهنغارية و الإنكليزية و بشكل متزايد البولندية و الروسية. و في عام 1750 كان كل اليهود تقريبا يمارسون اليهودية التقليدية بينما بحلول العام 1850 كان أغلبية اليهود في أوربة المركزية و الغربية لا يفعلون ذلك و اليهود في أوربة الشرقية كانوا قد انقسموا إلى الهازيديين و مناقضي الهازيدية و اليهود اللادينيين الذين تتزايد أعدادهم.

بقيت اليهودية الرابينية التراث حية و قوية في أوربة في القرن الثامن عشر، لكن اليهود بدأوا أيضا بالتفرع إلى العلوم و الفنون الأوربية، للمرة الأولى أصبحوا مساهمين مباشرين في الثقافة اللايهودية على نطاق واسع ، و بشكل مماثل توجهت الفلسفة اليهودية نحو تحديات الفكر الأوربي و تنويره بطريقة جدية للمرة الأولى، فالفلاسفة اليهود كمنلسون في ألمانية كتب باللغات الأوربية و صارع بالخليج الظاهر بين الأفكار الحديثة و التراث النصي اليهودي.

القرن التاسع عشر: ثمة أيدلوجيات سياسية جديدة رافقت تحرير اليهود ى التحولات المرافقة للتحولات في الحيلة اليهودية أثناء القرن التاسع عشر، فالإيدولوجيات المعروفة بالقومية المرتكزة على الشعور المتحدي بين الناس الذين يشتركون بالتراث أثبت عدائيته لتكامل اليهود في الحياة الأوربية. فالقوميون رأوا في تكاملهم تلويثا للتراث الموروث لأمتهم. و رغم أن القوميين خسروا بالنتيجة المعركة ضد تحرير اليهود،فإنهم أخروا عملية التحرير في كثير من الأماكن.

بدأ اليهود بعد تحررهم اكتساب بروز في مناطق كثيرة ذات سلوك تراثي. فعدد اليهود في الجامعات و الذين يعملون في مجالات مهنية زاد إلى مستويات خارج نسبة تمثيلهم في السكان. توصل اليهود في بعض الأماكن تمثيلا بارزا في الحكومة القومية و المحلية، كما أنهم أصبحوا أيضا رجال أعمال ناجحين و أصحاب بنوك. فسلالات الأسر البنكية كبيت روتشيلد بلغوا ثروة و قوة خيالية. و كان هذا النجاح لطالبي التحرير للخير أو على الأقل غير ضار، أما بالنسبة لمعارضي التحرير فقد مثلت هذه التطورات تحقيق أسوأ مخاوفهم.

ا. معاداة السامية العرقي: كونهم فقدوا الجدال في التمسك بالتحرير، فإن معارضي حقوق اليهود المدنية و التكامل السياسي طورت جدليات لتبرير طي التحرير. ففي السبعينيات 1870 اتخذ كره اليهود شكلا جديدا سمي ضد السامية. و نحتت هذه العبارة عام 1879 واصفة ضد السامية بأنها معارضة اليهود على أسس عرقية. و أكد معادوا السامية أن اليهود يشكلون عرقا مميزا جسّد مميزات مختلفة عن، و خطرة على، المجموعة الأوربية السائدة التي يسمونها العرق الآري. و لأن معاديي السامية ينظرون إلى هذين النوعين العرقيين على أنهما غير مناسبين، فإنهم يعتقدون أن سلامة المجتمع الأوربي تعتمد على عزل اليهود عن الآريين. فهم عارضوا السماح لليهود بالمشاركة في أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية أوربية أو أن يمارسوا أية قوة سياسية. و هم فضلوا بذل أقصى الجهود لمنع اليهود من الزواج من غير اليهود.

إن معاداة السامية مضافة إلى المقاومة القومية ضد اليهود قادت إلى ظهور أحزاب سياسية على برامج تحرم اليهود من كل الحقوق المدنية، و أحزاب كهذه ظهرت في فرنسة و ألمانية و هنغارية النمساوية. و بالرغم من عدم نجاحها في كسب مناصب سياسية إلا أن الأحزاب المعادية للسامية رتبت كسب بضعة انتصارات انتخابية أكثرها أهمية عمدة فيينا عام 1897 في الوقت الذي كان فيها عدد كبير من السكان اليهود الذين تمثلوا تماما بالتكامل مع الثقافة النمساوية.

لم تجد معاداة السامية لها طرقا داخلية إلى أوربة الشرقية غير أن القومية الروسية كانت شديدة الكراهية لليهود. فبعد مقتل القيصر الكسندر الثاني عام 1881 اندلعت مذابح سميت بالبرامج التدميرية عبر القسم الجنوبي من الإمبراطورية الروسية. و رغم أن ما من أحد من اليهود كان قد قتل نسبيا في اندلاع 1881 مقارنة بالانتفاضات التي اندلعت في البرامج اللاحقة، إلا أن هذه البرامج وضعت نهاية لأمل اليهود في أن يصبحوا مواطنين روسيين. ما أدى إلى تحول العديد من اليهود إلى المسيحية تجنبا لتضحيتهم من قبل المقطوعيات الجديدة الناشئة على اليهود في الجامعات و المهن.

الصهيونية و ردود الفعل الأخرى على معاداة السامية: معظم اليهود الذين تصرفوا كردة فعل على الاندلاعات المضادة لليهود كانت بالهجرة إلى بلدان أخرى. و من بين أولئك الذين بقوا، بعضهم استجاب للدعوة السياسية الخجولة و الأحوال الاقتصادية باعتناق الاشتراكية, بينما القلة الآخرون يدأوا جميعهم يعملون باتجاه عودة اليهود إلى وطنهم في فلسطين الذي كان وقتئذ تحت الحكم العثماني. و الجهود لخلق دولة يهودية مستقلة في فلسطين باتت تعرف بالصهيونية باسم تلة صهيون في القدس التي كان المعبد القديم مقاما عليها. و الصهيونية كانت تعني رفض إمكانية تكامل اليهود في العالم الغربي.

كانت ردود الفعل اليهودية الأساسية لمعاداة السامية في أوربة الغربية مختلفة عن تلك التي وجدت في أوربة الشرقية. فبعض اليهود الفرنسيين و الألمان نابذين الخرج العرقي نادوا بتسريع عملية التغريب بين اليهود كي يضيِّقوا الفروق بين اليهود و غير اليهود، بينما استجاب يهود آخرون لخلق منظمات سياسية لمقاومة معاداة السامية و للدفاع عن المكاسب السياسية التي كانوا قد حصلوا عليها. و عدد صغير جدا منهم توصلوا إلى نفس النتيجة عن طريق صهاينة الشرق الذين ما كان يمكن لأوربة أن تكون مكانا يرحب باليهود، بقيادة الكاتب و الصحفي تيودور هرتزل، إذ بدأ هؤلاء اليهود يتململون طلبا لدولة يهودية، و كان هرتزل قد غطى في فرنسة قضية دريفوس في جريدة بفيينا. و معاداة السامية كانت قد أطلقت عنان معاداة السامية في فرنسة بالاتهامات ضد ألفريد دريفوس اليهودي الضابط في الجيش ما أقنعت هرتزل و آخرين بأن الحقوق اليهودية يمكن تأمينها فقط في دولة يهودية.

نبذت الأغلبية العظمى من اليهود في القرن التاسع عشر الصهيونية فبعضهم و بشكل عاطفي تماما اعتقدوا أن الصهيونية الأسف على شكي قبلي قديم من اليهودية جعلته الحداثة بائدا و هم أصروا على المسألة أليهودية كما كانت تسمى لأمد طويل و التي كانت التحسن الأخلاقي لليهود و الأمم من غيرهم على حد سواء. ففي عالم أفضل قد لا يكون هنالك مكان لمعاداة السامية و بحسب هذا الطرح لا لزوم لفصل اليهود عن باقي البشر. كان هذا الحال الرسالة المركزية للإصلاح اليهودي الذي نبذه القوميون أو الصهاينة من مكونات الهوية اليهودية بشكل كامل.

الثقافة اليهودية: إن المواضيع السياسية للتحرير و مسألة الإصلاح الديني كانت تستلزم ثقافة يهودية في القرن التاسع عشر، غير أن الثقافة اليهودية ازدهرت أيضا في مجالات أخرى حيث برز اليهود ككتاب في الأدب الدنيوي الذي أغنوا به الأدب الإنكليزي و الفرنسي و الألماني بالروايات و القصص القصيرة و الأشعار و المقالات. ففي بريطانية كان هنالك بنيامين دزرائيلي الذي انقلب إلى المسيحية و كتب روايات شعبية قبل أن يصبح رئيسا للوزارة، كما كان هنالك هنريش هاينه الذي تحول أيضا إلى المسيحية لكي يحصل على درجة في القانون بألمانية و الذي أصبح واحدا من أكثر المحبوبين من الشعراء الألمان.

كما أن الأنواع الأدبية الحديثة تطورت أيضا باللغة العبرية و بخاصة باليديش. و رغم أن الأدب العبري لم يكن يقرأه أحد في ذلك الزمان ، إلا أن اليديش أقام ثورة في عادات التفكير و القراءة اليهودية. إذ أصبح هذا الأدب أداة فعالة في تحديث فكر اليهودفي شرقي أوربة و بخاصة في رقعه درجة الوعي الطبقي بين اليهود و في ترقيته المثل الاشتراكية. كما أثر أيضا في كونه وسطا فعالا و أحيانا وحشيا في النقد الاجتماعي. فالكتاب باليدشية كسلمون رابينوفيتش الذي اتخذ اسم شولوم أليشم استعمل التهكم و السخرية لحفز اليهود على إعادة تشكيل حياتهم السياسية و الثقافية. و طوال تلك الحقبة استمر اليهود التقليديون بإنتاج مؤلفات في الدراسة التلمودية.

انتهى القرن التاسع عشر بحياة يهودية متململة في أوربة و بمجتمع يهودي متجزئ بين وجهات النظر السياسية و الدينية، و لم يستطيعوا أن تكون لهم استجابة موحدة للتحديات العديدة التي ظهرت لاعتبار أن اليهود الأوربيون كانوا بيأس منقسمين فيما يتعلق بالأمور المركزية التي كانت تواجه المجتمع اليهودي.

القرن العشرين: واجه اليهود تحديات غير مسبوقة في أوربة حال بداية القرن العشرين. فهل كان بإمكانهم البقاء كيهود؟ و هل كان عليهم حتى أن يحاولوا؟ هل كانت الصهيونية هي الجواب أم كانت الاشتراكية بالوعد بحياة أفضل أم بالتوسع بالديموقراطية تحت النظام الليبرالي هي ذلك؟ ناقش اليهود تلك الموضوعات في أوربة الغربية بينما تجاهل يهود أوربة الشرقية تلك الإيديولوجيات و هاجروا إلى شال أمريكا و بخاصة بعد برامج عام 1881.

الهجرة من أوربة الشرقية: من عام 1881 إلى عام 1914 ترك أوربة 5و2 مليون يهودي مع ما يقرب من 2 مليون ذهبوا إلى الولايات المتحدة الأميركية. و آلاف أخر توجهوا إلى الأرجنتين و أوستراليا و كندا و جنوب أفريقية، بينما آخرون هجروا أوربة الشرقية إلى أماكن قريبة من فلسطين كفرنسة و ألمانية و بريطانية.

لم يجلب المهاجرون معهم مالا و معارف أقل بالبلاد الجديدة التي نزلوا فيها لكنهم فضلوا النجاة من الفقر و المهانة في أوربة الشرقية و يعوا لبناء حياة جديدة لأنفسهم و أسرهم و كثيرون ممن أتوا من روسية كانوا قد شكلوا عناصر فاعلة في مجتمعهم اليهودي بتمسكهم بمعتقدهم الديني التقليدي لكنهم كانوا أيضا متغافلين عن قادتهم الرابيين بالعودة إلى فلسطين. كان هؤلاء القادة ينظرون إلى الحياة الأمريكية بخوف لأنهم رأوا فيها اختلافا جذريا عن ثقافتهم بتطلبها من اليهود تمثل النسق الأمريكي و فقد الهوية اليهودية.

الهجرة إلى أمريكة: انضم المهاجرون من أوربة الشرقية إلى ما يقرب من 250 ألف يهودي كانوا فيها من قبل، فبعض السابقين كانت لهم أصول سفردينية كلاجئين من محاكم التفتيش، لكن معظمهم نشأوا في أراض تتكلم الألمانية من أواسط أوربة و حميعهم كانوا قد ارتحلوا طلبا للحقوق المدنية و الفرص الاقتصادية . و قبل 1891و بعد عقد من البرناج الروسي فاق عددهم من كانوا قد انتقلوا إلى الولايات المتحدة قبل 1881، و المهاجرون الجدد كانوا سيئي الاستعداد للتكامل مع الأشكال الموجودة من العبادة اليهودية التي كانت في معظمها كنس إصلاحية يديرها رابيون يتكلمون الإنكليزية و لذلك فإنهم باشروا شكل حيلتهم الدينية الخاص بهم مشكلين الحركة المحافظة في اليهودية التي كانت مصممة للحفاظ على بعض عناصر التراث و اعتناق الأفكار الحديثة أيضا.

لم يعتنق أحد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة الفكرة الصهيونية، فمعظم اليهود كانوا يرغبون أن يصبحوا متكاملين مع السياق الأمريكي بالسرعة الممكنة و كثيرون منهم اختاروا مهنة المحاماة أو الطب كهدف بالدراسة في الجامعات العامة كوسيلة. بينما أصبح آخرون مقاولين بارزين – روادا في الصناعات الترفيهية في الولايات المتحدة كمثال. و رغم أن بعض المهاجرين و أنسالهم بقوا غارقين في الفقر إلا أن معظمهم شقوا طريقهم إلى الطبقة الوسطى الأمريكية و استمتعوا بالراحة السياسية و المادية غير المسبوقة في الحياة اليهودية حتى ذلك الزمن، فبعض اليهود عبروا عن ذلك بأن هذه الراحة إنما كانت على حساب علمهم التراثي.

أوربة قبل الحرب العالمية الثانية: ساءت الأحوال في أوربة بالنسبة لليهود أثناء أوائل القرن العشرين. فمعاداة السامية بقيت قوة قادرة أججت القومية و الشعور الوطني أوارها خلال الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 . فالإمبراطوريتين النمساوية الهنغارية و العثمانية سقطتا و الشعوب المكبوتة تحت حكمهما حصلت على اسقلالها. و كثير من هذه الدول القومية حصرت حقوق سكان الأقليات تحت حكمها بما فيهم اليهود. كان الألمان قد عانوا من انهزامهم المدمر في الحرب التي أججت مشاعر المرارة التي ساعدت النازيين بالتوصل إلى السلطة بدعامة معاداة السامية في برنامج حزبهم. كما أن الثورة الروسية عام 1917 أوصلت البلشفيك للسلطة و تبنت دولة الاتحاد السوفييتي سياسة مناهضة للأديان هددت استمرار الحياة اليهودية و كذلك التقاليد التراثية الأخرى.

دمر الضغط الشديد في الثلاثينيات الآمال الاقتصادية لملايين الناس في أرجاء العالم ما أدى إلى التفتيش عن كبش فداء. و كثير رأوا اليهود لذلك. و أكذوبة سميت بروتوكولات حكماء صهيون سرت في روسية في أواخر 1800 و نشرت عام 1905 تدعي الكشف عن خطط سرية لليهود بقهر العالم. و بعد ترجمته إلى عدة لغات في القرن العشرين أثبتت هذه التلفيقة جدواها لدى الكثيرين من معاديي السامية بما فيهم القائد الألماني أدولف هتلر ما زاد كراهية اليهود، و عبر كل هذه الأحداث ناقش اليهود كيفية الرد و ما إذا كان عليهم أن يعبروا عن أنفسهم كيهود.

التوتر المتزايد في ألمانية جعل العديد من اليهود يضاعفون جهودهم لتمثل الثقافة الحيطة بهم بينما رجع يهود آخرون إلى مجتمعهم اليهودي ملزمين أنفسهم بدراسة يهودية أكبر كما أن الصهيونية كسبت دعما برغم بقائها أقلية مميزة حتى بعد تسلم الحزب النازي المعادي للسامية السلطة في عام 1933. و بالرغم من تنامي التوتر في ألمانية فإن اليهود من بولندة تابعوا هجرتهم بأعداد رغم صغرها لكنها كانت ذات دلالة لألمانية. فالواصلون الجدد جعلوا التوتر أكبر لأنهم كانوا على نطاق واسع غير متمثلين و يصدمون الألمان الحديثين ، فاليهود و غير اليهود على السواء صدموا الألمان بكونهم مختلفين بشكل غير مقبول.

أما في الاتحاد السوفييتي فمعظم أشكال الحياة اليهودية مرت بتدهور سريع في وجه العدائية الحكومية. فإن كامل بنية الحياة اليهودية التقليدية كانت قد اختفت تقريبا خلال عقد من زمان ثورة 1917 فالحكومة جرمت النشاط الصهيوني أيضا بالنشر أو التعليم بالعبرية. و رغم أن بعض أشكال الأدب باليديشية كانت مسوح بها في فترة فإن مركز الثقافة اليديشية قد انتقل صوب بولندة. و في بداية القرن العشرين كان أكثر من 5 ملايين يهودي قد سكنوا في الإمبرطورية الروسية و قبل الثلاثينات 1930 أقل من 3 ملايين يهودي كانوا يسكنون في الاتحاد السوفييتي و الكثير من الثقافات اليهودية الملحقة لروسية القيصرية كانت قد جفت.

كانت بولندة قد خرجت من الحرب العالمية الأولى كدولة مستقلة. و العديد من مجتمعاتها اليهودية بقيت سليمة و اتسعت بعد الحرب بإضافة اللاجئين من الاتحاد السوفييتي، أصبحت بولندة مركز الحياة اليهودية في أوربة الشرقية أثناء فترة ما بين الحربين من 1918-1939. فهي كانت تعج باليهود من كل نوع-علمانيين و هازيديين، اشتراكيين و رأسماليين، أحرار و محافظين. و المؤرخون اليهود و البولنديين ناقشوا بمرارة كم كانت بولندة مضيافة لمجتمعاتها اليهودية في هذه الفترة. و إجمالا يبدو التقرير مختلطا بشكل تقريري، فقد ساهم اليهود بشكل فعال في المؤسسات الديموقراطية البولندية و هم تقدموا ثقافيا و سياسيا، و بنفس الوقت واجه اليهود استياءا بينا من كل المستويات الاجتماعية و غالبا ما كانوا يلقون تحبيذا بينا. و برغم ذلك ، كان لليهود في بولندة ثقافة مزدهرة حتى غزو الألمان لبولندة في عام 1939 ببدء الحرب العالمية الثانية.

الحرب العالمية الثانية و المحرقة: لقد بدل ظهور الاشتراكية القومية-النازية- تاريخ اليهود إلى الأبد. فمباشرة بعد أن أصبح هتلر مستشارا ألمانيا في عام 1933 انطلقت الحكومة النازية لطي تحرير اليهود، حارمة إياهم من الحقوق المدنية الأساسية، منكرة عليهم الوصول إلى العمل، و منشئة مقاطعة على أعمال اليهود. كانت هذه الإجراءات مقدمة للتدمير الذي تلا أثناء الحرب العالمية الثانية.

اتخذ النظام النازي منظوره على إعادة فتح المناطق التي كانت تحت السيطرة الألمانية في بولندة و تشيكوسلوفاكية و منطقة البلطيق. و بالنتيجة وجه العهد طموحاته إلى اختلال كل أوربة و أثناء الحرب نجح في ذلك تقريبا: فكثير من البلاد الأوربية أصبحت تحت الاحتلال الألماني و بدأت قوات الاحتلال الألمانية عملية إبادة اليهود الأوربيين. و كان ما سمي بالحل الأخير ترحيل اليهود إلى معسكرات الموت. فالنازيون و مساعديهم قتلوا قرابة 6 ملايين من اليهود خافضة عدد ثلثي اليهود في أوربة الذين كان عددهم 6و9 مليون قبل الحرب. مبيدين أكثر من 90% من الثلاثة ملايين من يهود بولندة و قتلوا نسبا مساوية من يهود دول البلطيق.

إن إبادة اليهود الأوربيين عرف بالمحرقة مدمرين ثقافة كاملة فالثقافة التي تتكلم اليديشية في شرق أوربة المعروفة بأدبها و مسرحها لم يبقى لها أثر. و قي عام 1939 كان هنالك ما يقارب 10 مليون يتكلمون اليديشية و في العام 2000 بقي أقل من مئة ألف خارج المجتمع الهازيدي يتكلمونها و معظمهم من كبار السن. أبادت المحرقة كامل المجتمعات الهزيدية مزيلة العديد من الأكاديميات التلمودية الكبرى و قاتلة العديد من أعظم كتاب الأدب اليدشي. و رغم أن النازيين لم ينجحوا في قتل كل يهود أوربة إلا أنهم نجحوا في تدمير معظم البنى التحتية الثقافية التى أنتجها اليهود قط.

الهجرة إلى فلسطين: من بقي حيا بعد المحرقة اتخذوا طريقهم إلى بلدان عدة بعد الحرب العالمية الثانية. و معظمهم توجه إلى فلسطين حيث كان االمجتمع اليهودي على وشك إقامة دولة بحشد أكبر عدد ممكن من اللاجئين و بخاصة الشباب و الأقوياء. كان المجتمع اليهودي ينمو باستمرار في فلسطين بعد إقامة أول المستوطنات الصهيونية فيها في الثمانينيات 1880. و من 1880 و حتى الحرب العالمية الثانية كان معظم اليهود الذين هاجروا قد انتقلوا إلى مكان آخر، لكن عدة وجبات من الهجرة إلى فلسطين مع هجرة بقايا المحرقة زادت عدد اليهود في فلسطين إلى أكثر من 600 ألف قبل 1947يقودهم ديفيد بن غوريون الروسي المولد تابع الصهاينة حلمهم بدولة يهودية مستقلة برغم المعارضة القوية للعرب الذين كانوا يسكنون فلسطين و ما حولها.

خلق إسرائيل: في تشرين الثاني عام 1947 هيئة الأمم التحدة المنشأة حديثا صوتت بتقسيم فلسطين خالقة دولة يهودية و دولة عربية في عام 1948 حيث كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عقب إخراج الأتراك العثمانيين في عامي 1917 و 1918). لم يرضي قرار التقسيم أيا من الجانبين رغم أن قادة الصهاينة قبلوا به بينما رفضه العرب الذين كانوا يسكنون فلسطين لأكثر من ألفي سنة من الشتات اليهودي، و كانت الحرب لا بد منها و بدأت في أيار 1948و بمجرد مغادرة القوات البريطانية أعلن بن غوريون استقلال دولة إسرائيل. و سيطرت القوات الإسرائيلية في الحرب العربية الإسرائيلية من عام 1948-1949 و قامت دولة إسرائيل و الصراع العربي الإسرائيلي.

نظر معظم اليهود إلى إنشاء إسرائيل الحديثة كحادثة عظيمة في التاريخ اليهودي رغم أن أقلية صغيرة عارضت وجوده فبالنسبة للكثيرين مثلت لهم مكانا قد يكون اليهود فيه دائما متحررين من الاضطهاد كما أنها بالنسبة للبعض الآخر مثلت أيضا تحقيق التنبؤات القديمة بأن الشعب اليهودي سيحكمون أنفسهم مرة أخرى في أرضهم الخاصة بهم.

و الرؤى المتنوعة لإسرائيل وضعت حالا قيد الاختبار، فاليهود من العالم العربي اتخذوا طريقهم إلى إسرائيل بعشرات الآلاف: كثيرين منهم كانوا قد طردوا من بيوتهم في شمالي أفريقية و من الشرق الأوسط و حوالي 300 ألف كانوا قد وصلوا قبل 1951. كما آلاف أخر أتوا أيضا من إيران حيث كان اليهود يقيمون منذ نهاية الأسر البابلي و امتصاص اليهود من الأراضي العربية اختبر قدرة الدولة على العيش وفق وعدها بقبول كل اليهود كما أن الدولة قررت استيعاب كل اليهود بدون أن تتذمر اقتصاديا لكن كلما وصل مهاجرون أكثر كلما كان الطلب على الموارد يشكل توترا كبيرا يتململ حتى يومنا هذا فاللاجئون ما زالوا يتوافدون إلى إسرائيل و معظمهم من روسيا مؤخرا جاعلين سكانها ما يقارب 6 ملايين في العام 2000.

بالنسبة للكثيرين من اليهود كانت أحداث أوائل الخمسينات 1950أثبتت لهم أن الحلم الصهيوني كان حقيقة معتضدة. و بالرغم هذه النشوة المؤقتة فإن تأمين وجود الدولة يستلزم جهدا كبيرا و مع الوقت أصبح الأمن الإسرائيلي البؤرة المركزية في النشاط السياسي عبر الشتات و بقي كذلك حتى الآن.

الحالة المعاصرة: التدمير على نطاق واسع للمجتمع اليهودي الأوربي و هجرة اليهود من الأراضي العربية و النمو الهائل للمجتمع اليهودي الأميركي و قيام إسرائيل قد غير طبيعة الشعب اليهودي في النصف الأخير من القرن العشرين فأغلبية اليهود يعيشون اليوم في أماكن مختلفة عن الأماكن التي كان يسكنها أجدادهم و إحدى النتائج أن كل نواحي الحياة السياسية و الثقافية و الدينية قد تبدلت فإن تبديل مواقعهم قد خلق ضغوطات هائلة بين اليهود فالناس ذوي التوجهات الشديدة الاختلاف دينيا و ايديولوجيا الذين كانوا يعيشون في بلاد مختلفة و يتكلمون لغات مختلفة يسكنون الآن في نفس المكان في المدن الكبرى بإسرائيل و الولايات المتحدة و بالضورة يتكلمون نفس اللغات إما العبرية أو الإنكليزية.

تواجه اليهود عدة تحديات عند بداية الفرن الحادي و العشرين و رئيسي بينها التحديات بإيجاد هدف مشترك بين أشكال مختلفة من اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة و المحافظين و الأرثوذكس و ما يخفف التوترات بين السكان العلمانيين و المتدينين في إسرائيل فيما يتعلق بمناسبة الحرية الدينيةفي الدولة اليهودية. ففي إسرائيل بشكل خلص حيث يدير اليهود الأورثوذكس القضايا الدينية و لديهم قوة في الحكومة يعارض عديد من اليهود العلمانيين فرض المعايير الدينية القياسية فالفروق الثقافية في إسرائيل قد قادت إلى توترات بين اليهود من أصول أوربية و اليهود الذين تأصلوا في الشرق الأوسط فاليهود الأوربيون سادوا الشؤون السياسية بينما يهود الشرق الأوسط و الشمال أفريقية قد قاتلوا من أجل قوة سياسية و اقتصادية أكثر. فمن 1980 فما بعد موجات من الهجرة من الاتحاد السوفييتي و دوله التابعة و مجموعات صغيرة من المهاجرين من الحبشة قد أضيفت إلى التوترات الإثنية في إسرائيل.

و قضية من هو العضو من المجتمع اليهودي الذي سيتابع تقسيم اليه، فمعظم اليهود بحسب القانون اليهودي التقليدي ( الهالاكاه) بأنه اليهودي الذي أمه يهودية. لكن بعض اليهود الإصلاحيين يصرون على أن أولئك الذين آباؤهم يهودا يمكنهم أيضا أن يعتبروا يهودا ضمن ظروف معينة. و هذه الحالة تحت النقاش بين اليهود المحافظين أيضا، فاليهود الأورثوذكس من جهة أخرى يرفضون هذه الحالة بشكل كلي. و هم يصرون على أن القبول بالتهويد عن طريق الأب ستقود إلى انشقاق غير قابل للإصلاح في السلالة اليهودية، فالقانون الإسرائيلي للعودة يمنح المواطنة الكاملة لأي شخص له أصل يهودي رغم أن أولئك الذين انقلبوا و يتبعون المسيحية بنشاط كانوا قد استثنوا من هذا الحق.

بقيت معاداة السامية هامة في كل أرجاء العالم ففي الولايات المتحدة اعتبر كثير من الملاحظين تسمية السيناتور جوزيف ليبرمان أول يهودي ارثوذكس يتقدم لنيابة رئيس الولايات المتحدة ببطاقة حزبية رئيسية كعلامة على تناقص معاداة السامية و على كل حال لا يعرف أحد أين تعاش الحياة اليهودية و سيتابع اليهود النضال مع اهتمامات كبر السن بالورع الديني و كذلك الاهتمامات السياسية و الثقافية. و على اليهود التعامل مع مستويات غير مسيوقة من التمثل ففي بعض أقسام من العالم يتزوج يهود أكثر من خارج المجتمع اليهودي من داخله. و ما سيكون لهذا من تأثير هذا لا يعرف بعد. و ستصبح إسرائيل حالا أكبر مركز للسكان اليهود في العالم حتى كما هي تناضل للتسوية مع الفلسطينيين في داخلها و خارجها و هنا أيضا يبقى التأثير غير معروف و الحالة المعاصرة هي واحدة من التدفق وسط توترات اجتماعية هائلة و كيف أو فيما إذا هذه التوترات ستنحل تبقى واجبة التحديد.

ج. م. هاريس

جاسم الشمري
30/04/2009, 03:03 AM
حسبي الله على اليهود تخصص بقتل الأنبياء شكراً لك أستاذ نبيل على النقل المبدع تحياتي

محمد إسماعيل بطرش
30/04/2009, 07:00 AM
المنتدى : منتدى اللغة العبرية
الإثم اليهودي
محمد إسماعيل بطرش



الإثم اليهودي

من يراجع تاريخ اليهود يتبادر له السؤال التالي:

ما هو الخطأ غير الطبيعي الذي ترزح تحت نيره الشخصية اليهودية منذ أقدم العصور و إلى الآن ؟ لماذا لم تستطع كل شعوب العالم تمثُّل اليهود رغم أن البشرية في كل بقاع الأرض مزيج من العديد من الأجناس و الثقافات استطاعت أن تجعل من مواريثها المتعددة بل و المختلفة نسقا موحدا تذوب فيه المعالم التي تؤدي إلى التفرقة و التمايز؟

يعتقد المسيحيون أن بني آدم يرزحون تحت نير الخطيئة الأصلية التي اقترفها آدم عليه السلام و أتى المسيح عليه السلام ليخلصهم من ربقة الخطيئة الأصلية، فكاد له اليهود عند الرومان و حكموا عليه بالصلب. أما بالنسبة لليهود، فيذكر القرآن الكريم كيف تنكروا لرسالة موسى عليه السلام عندما عاد من ميقات ربه ليجدهم عاكفين على عبادة العجل الذهبي فباءوا بغضب الله و لعل هذا هو الإثم الذي أحاق بهم و السبب الذي جعلهم يتشردون في كل بقاع الأرض دون أن تهضمهم دورة الحياة الطبيعية التي ينصهر فيها الناس فبقوا معقدا بشريا خارج دورة التفاعل الإنساني الطبيعي الذي تذوب فيه السمات الخاصة ضمن المتحد الذي يحتضنهم . لماذا لم تستطع أية حضارة هضم الجماعة اليهودية التي عرفت بكثرة انتقالها بين شعوب الأرض، و ما هو هذا الإثم الذي جر عليهم كل ما لحق و يلحق بهم من وبال. هل السبب في الوسط الذي انتقلوا و ينتقلون إليه أم في أنفسهم؟ سؤال حري بالبحث. لماذا لا يقيم من يناصر اليهود وطنا لهم بينهم؟ لماذا لم تستطع الشيوعية جعل اليهود مواطنين أمميين رغم أن ماركس كان يهوديا؟ و لماذا لم تستطع المسيحية التي غيرت طبيعتها بانتقالها إلى الغرب من حل الإشكال اليهودي رغم أن المحافظين الجدد هم حصيلة الدس الصهيوني؟

استطاع اليهود إدخال الدسيسة في المسيحية بتحميلها كتاب اليهود الذي انتحله رابيوهم على موسى عليه السلام كما استطاعوا تبرئة أسلافهم من صلب المسيح بقرار من البابا السابق.

عرفت شعوب الشرق و الغرب هجرات عديدة تمازجت فيها الشعوب و الثقافات و القوميات لتتخذ بالنهاية اسم الأرض التي يسكنوها و التي فرضت عليهم نمط الحياة التي يعيشونها. أما اليهود فبقوا في كل متحد انتقلوا إليه معقدا منفصلا. إلى متى سيبقى اليهود على هذه الحال؟ هل السبب كامن في كل شعوب الأرض أم في أنفسهم؟ هل لنا أن نفتش عن السبب رغم أن اليهود أنفسهم أحرى بهم أن يفتشوا عن السبب و أن يسعوا لفك عقدتهم التي سببت و تسبب كل مشاكل العالم منذ وجودهم و إلى الآن؟

لعل السبب هو المعتقد اليهودي لا كما أتى به موسى عليه السلام بل كما صاغوه هم لأنفسهم ليبقوا شذاذ آفاق إلى يوم الدين.

اتخذ اليهود لأنفسهم إلها خاصا بهم دون بقية الناس هو يهوه و اعتبروا أنفسهم شعبه المختار فعزلوا أنفسهم عن باقي البشر في مسكنهم و معاشهم و أسلوب حياتهم و بقوا على هذه الحال حتى الآن.

ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا في كل العالم منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أستراليا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين و هم غرباء عن الأرض و السكان الأصليين الذين سميت البلاد باسمهم فلسطين منذ أقدم العصور و إلى الآن؟

ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.

في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.

كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.

تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:

الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذي اختصوه منذ البدء لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.


محمد إسماعيل بطرش
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد إسماعيل بطرش


البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد إسماعيل بطرش
إضافة محمد إسماعيل بطرش إلى قائمة الأصدقاء









08/10/06, 11 :23 11:23:27 AM رقم المشاركة : 2
محمد إسماعيل بطرش
مؤلف وترجمان










من مواضيع محمد إسماعيل بطرش
0 لماذا يعتبر الإسلام دينا يجمع كل الأديان الكتابية?
0 عن الله و الإنسان
0 كلام ممنوع و قضايا شائكة .
0 الإنسان و دوامة النزاعات









كاتب الموضوع : محمد إسماعيل بطرش المنتدى : منتدى اللغة العبرية
ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
محمد إسماعيل بطرش



ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
من يراجع تاريخ اليهود يتبادر له السؤال التالي:

ما هو الخطأ غير الطبيعي الذي ترزح تحت نيره الشخصية اليهودية منذ أقدم العصور و إلى الآن ؟ لماذا لم تستطع كل شعوب العالم تمثُّل اليهود رغم أن البشرية في كل بقاع الأرض مزيج من العديد من الأجناس و الثقافات استطاعت أن تجعل من مواريثها المتعددة بل و المختلفة نسقا موحدا تذوب فيه المعالم التي تؤدي إلى التفرقة و التمايز؟

يعتقد المسيحيون أن بني آدم يرزحون تحت نير الخطيئة الأصلية التي اقترفها آدم عليه السلام و أتى المسيح عليه السلام ليخلصهم من ربقة الخطيئة الأصلية، فكاد له اليهود عند الرومان و حكموا عليه بالصلب. أما بالنسبة لليهود، فيذكر القرآن الكريم كيف تنكروا لرسالة موسى عليه السلام عندما عاد من ميقات ربه ليجدهم عاكفين على عبادة العجل الذهبي فباءوا بغضب الله و لعل هذا هو الإثم الذي أحاق بهم و السبب الذي جعلهم يتشردون في كل بقاع الأرض دون أن تهضمهم دورة الحياة الطبيعية التي ينصهر فيها الناس فبقوا معقدا بشريا خارج دورة التفاعل الإنساني الطبيعي الذي تذوب فيه السمات الخاصة ضمن المتحد الذي يحتضنهم . لماذا لم تستطع أية حضارة هضم الجماعة اليهودية التي عرفت بكثرة انتقالها بين شعوب الأرض، و ما هو هذا الإثم الذي جر عليهم كل ما لحق و يلحق بهم من وبال. هل السبب في الوسط الذي انتقلوا و ينتقلون إليه أم في أنفسهم؟ سؤال حري بالبحث. لماذا لا يقيم من يناصر اليهود وطنا لهم بينهم؟ لماذا لم تستطع الشيوعية جعل اليهود مواطنين أمميين رغم أن ماركس كان يهوديا؟ و لماذا لم تستطع المسيحية التي غيرت طبيعتها بانتقالها إلى الغرب من حل الإشكال اليهودي رغم أن المحافظين الجدد هم حصيلة الدس الصهيوني؟

استطاع اليهود إدخال الدسيسة في المسيحية بتحميلها كتاب اليهود الذي انتحله رابيوهم على موسى عليه السلام كما استطاعوا تبرئة أسلافهم من صلب المسيح بقرار من البابا السابق.

عرفت شعوب الشرق و الغرب هجرات عديدة تمازجت فيها الشعوب و الثقافات و القوميات لتتخذ بالنهاية اسم الأرض التي يسكنوها و التي فرضت عليهم نمط الحياة التي يعيشونها. أما اليهود فبقوا في كل متحد انتقلوا إليه معقدا منفصلا. إلى متى سيبقى اليهود على هذه الحال؟ هل السبب كامن في كل شعوب الأرض أم في أنفسهم؟ هل لنا أن نفتش عن السبب رغم أن اليهود أنفسهم أحرى بهم أن يفتشوا عن السبب و أن يسعوا لفك عقدتهم التي سببت و تسبب كل مشاكل العالم منذ وجودهم و إلى الآن؟

لعل السبب هو المعتقد اليهودي لا كما أتى به موسى عليه السلام بل كما صاغوه هم لأنفسهم ليبقوا شذاذ آفاق إلى يوم الدين.

اتخذ اليهود لأنفسهم إلها خاصا بهم دون بقية الناس هو يهوه و اعتبروا أنفسهم شعبه المختار فعزلوا أنفسهم عن باقي البشر في مسكنهم و معاشهم و أسلوب حياتهم و بقوا على هذه الحال حتى الآن.

ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا في كل العالم منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أستراليا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين و هم غرباء عن الأرض و السكان الأصليين الذين سميت البلاد باسمهم فلسطين منذ أقدم العصور و إلى الآن؟

ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.

في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.

كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.

تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:

الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذي اختصوه منذ البدء لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.

فيما يلي أقدم للقراء ترجمة لما أوردته موسوعة الإنكارتا عن تاريخ اليهود كما تعرضه الثقافة الغربية، أرجو الاطلاع عليه مع الإبقاء في الذاكرة السؤال بل و الأسئلة التي ذكرتها قيما سبق.

لماذا كان اليهود يعتبرون شذوذا في أي مجتمع حلوا به في المراحل التاريخية حتى الآن، منذ إقامتهم في مصر لدى فرعون، حتى احتلالهم أرض كنعان و بنائهم الهيكلين البائدين و حتى سبيهم من قبل نبوخذ نصّر ثم تشتيتهم في كل بقاع الأرض منذ 2500 سنة و حتى الآن و رغم عودة بعضهم لاحتلال بعض أراضي فلسطين لإقامة دولة الاغتصاب الصهيونية (إسرائيل) بدعم من الولايات المتحدة و روسية مع حساب الزمن التاريخي الذي كان لهم في فلسطين و ذلك الذي قضاه معظمهم و ما يزالون في كل بقاع الأرض لنقدم السؤال التالي : أي حق لليهود في فلسطين؟

لماذا نترك اليهود يقتلون و يدمرون في بلادنا دون عقاب؟

لماذا يكفّر الغرب الظالم عن تمييزه العنصري ضد اليهود على حساب العرب و الفلسطينيين الذين هم سكان البلاد الأصليين منذ أقدم العصور و ليسوا مجرد عابرين شأن العبرانيين؟

إذا كان الإثم اليهودي ما يزال فاعلا في بني إسرائيل فذلك شأنهم و شأن مفكريهم أن يجدوا حلاّ لقضيتهم و ليس لنا أن نتحمل إصرهم.

لم يسئ المسلمون لليهود رغم كل إساءاتهم لهم. نحن لسنا ضد اليهود كبشر و لا نريد أن أخذ حق الله منهم فالله وحده هو صاحب الحق و يذرهم في طغيانهم يعمهون، لكن بأس الله شديد. و الآن إلى الترجمة:

الصهيونية و إسرائيل من انتاج الاستعمار الأوربي- الأميركي الجديد

في عام 1948 أنشئ على أرض فلسطين العربي كيان غريب الوجه و اللسان و المعالم اسمه (إسرائيل) إثر نكبة حلت ببلاد العرب وضع فصولها و مراحلها الإنكليز و قام بتحقيق بنودها الروس و الفرنسيون و الأمريكان. و اليوم يوجد في غربي فلسطين دولة سكانها من تجمع شتات اليهود من كل أنحاء العالم استورد معظمهم من أوربة الشرقية.

تاريخ اليهود و التوراة

اليهود-عبر التاريخ-قوم سكنوا في ظروف مختلفة بين أقوام متعددة. و خلافا لما كانت عليه كل الانتقالات بين الشعوب لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو ربما سياسية بقي اليهود معقدا غير قابل للتمازج و الانحلال في المتحدات الإنسانية التي أقاموا بينها, فنشأ عن هذا كل ما أحاط باليهود عبر العصور من مشكلات نالتهم قبل كل شيء كما كان لها تأثير فيما خلفته تلك الأحوال من منطلقات استغلتها شعوب و أمم أخرى - لحاجة في نفس يعقوب- ذريعة تغطي بها مآرب استعمارية تسيطر فيها على ثروات الشعوب الأخرى سبيلا للاستعمار الجديد القديم باسم الديمقراطية أو معاداة السامية أو الشرق الأوسط الجديد و غير ذلك كثير.

في محاولة لفهم المشكلة اليهودية كان لا بد علينا من مراجعة تاريخ اليهود في العالم القديم و الحديث. أما بالنسبة لنا كشرقيين فإننا لا نفهم كثيرا مما آلت إليه المشكلة اليهودية في العالم لأن اليهود لم يكن لهم تاريخ طويل بيننا. مضى على اليهود في الشتات أكثر من 2500 سنة مما يعدون، و هم في الأصل قوم لم تستطع أية أرض و أي شعب أن تجعلهم يتفاعلون معها شأن البشر الطبيعيين لعلة في أنفسهم جعلتهم ز تجعلهم غير قابلين للتعايش. معظم تاريخ اليهود جرت أحداثه و تطوراته في العالم الغربي الذي طلع علينا مؤخرا بحل للمشكلة اليهودية على حساب الفلسطينيين الذين سميت البلاد باسمهم لأنهم كانوا و ما زالوا شعب تلك الأرض المقدسة بما وضع الله رب العالمين فيها من مقدسات تهم كل الأديان السماوية الأصلية و غير المحرفة.

لذلك اتخذت مرجعا غربيا هو موسوعة الإنكارتا أساسا لهذه الدراسة فالقضية اليهودية قضية غربية بامتياز و لا يمكن فهم تطوراتها بغير الرجوع إلى مصادرها التي نشأت فيها و تطورت لتنشئ في قلب الشرق الأوسط العريق بقدمه كيانا هجينا اسمه (إسرائيل) لا يمكن له الوجود أو الاستمرار في غير البيئة التي تطور و نشأ فيها و هي بلاد الغرب حيث يفهم الغربيون ما قاموا بصنعه منذ النشأة الأولى. فاليهود أو الصهاينة نسيج غريب عن منطقة الشرق الأوسط صغيره و كبيره، و حتى جديده أو ما يمكن للاستعمار القديم الجديد أن يطلق عليه من مسميات.

اليهود بحسب موسوعة ال(إنكارتا -2005) قوم نشأوا على ميثاق بينهم و بين إلههم الخاص بهم دون باقي الأمم - (يهوه) أو Jehova و هو اسم إله الشعب العبري الذي تٌرجم بشكل مغلوط عن النص القياسي العبري و يتألف هذا الاسم من مقطعين من حروف ساكنة لعدم وجود أحرف علة مكتوبة في العبرية (يهوه) و عند تحريك حروفه الساكنة بصوتيات كلمة تعني السيد، و قضية ما كانت تعنيه صوتيات هذه التسمية لا تزال قضية مساءلة، إذ في تفسير النصوص التي وردت فيها هذه التسمية كسفر الخروج 20:7 و اللاويين 4:11 تبدو التسمية أكثر قداسة عن أن تلفظ فكأنما هي المحرّم (تابو) لذلك استبدلتها النصوص المكتوبة للقراءة الجهرية بكلمة السيد و هي التي وردت في كتابة تصويت الحروف الساكنة التي وردت فيها لتذكر القراء بأن الاسم الأصلي محرم على النطق به. و لم يدرك التراجمة العبريون ما قصد إليه الكتبة فأوردوا التسمية كما هي – يهوه- معتبرين أن تصويتها قسم جوهري لا ينفصل عنها، مغفلين أن لفظها كان أمرا محرما، و من ذلك صدرت ترجمتهم لذلك الاسم يهوه. لكن شاهدا من آباء الكنيسة اليونانية يري أن أشكال (ياب و ياو) و هي أشكال تقليدية و كذلك الصيغ المختصرة لكلمات (ياه) كما في المزامير 68:4 مثلا و( ياهو) إنما هي أسماء علم و تدلل على أن الاسم كان في الأصل منطوقا بلفظة (يهوه) الذي يدلل بحسب علم الصرف العبري على ضمير الشخص الثالث المفرد لفعل (هو يكون)، و يشرح المترجمون القدامى ذلك الفعل بمعنى تجريدي هو أنا أكون و في الشكل المكتوب (هو الذي يكون) أو الموجود بشكل مطلق. فهذا هو إله اليهود.

أما اليهودية فهي التراث الديني لليهود المعروفين أيضا بقوم إسرائيل و هي واحدة من التقاليد الدينية القديمة، و لم تكن لفظة اليهودية و الدين اليهودي معروفة في اللغة العبرية القديمة و تكلم اليهود عن التوراة – على أنها التعاليم المنزلة على إسرائيل و التي انتدبت لهم وجهة نظر و طريقة حياة كذلك – (هلاخاه) و هي الكلمة المشتقة من العبرية بمعنى الذهاب و أصبحت تفيد الطريق أو الممر و تشمل القانون اليهودي و التقاليد و الممارسة.

كانت اليهودية هكذا في كل أشكالها التاريخية قبل تحديثها و تتضمن نظاما تراثيا متكاملا يحيط بالفرد بكليته و بالوجود الاجتماعي لليهود. واليهودية نظام تكريسي، كل شيء فيه يجب يكون تحت حكم الإله، أي بموجب النماذج الموحى بها في النظام الكوني و وفق الشرع. و قد نشأت المسيحية كواحدة من بين عدة إيديولوجيات يهودية متنافسة في فلسطين القرن الأول كما أخذ الإسلام في بدايته جزئيا من بعض المصادر اليهودية- كما تزعم الموسوعة. و لأن معظم اليهود منذ القرن السابع فما فوق قد عاشوا ضمن إطار ثقافي إما مسلم أو مسيحي فقد كان لهاتين الديانتين تأثير في التاريخ اللاحق لليهودية.

نشأت اليهودية في أرض إسرائيل بينما وجد اليهود في حين ما في كل أرجاء العالم تقريبا إما نتيجة لهجرات طواعية أو لإبعاد قسري في الشتات. ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أوقيانوسيا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين؟

المبادئ الأساسية و المصادر: لم تكن اليهودية كتقليد ديني غني و معقد من نسق واحد قط، غير أن أشكالها التاريخية المتنوعة كانت تشترك في سمات معينة، أكثرها اعتمادا أنها كانت ديانة توحيدية تؤمن بإله ارتقائي واحد على النسق الارتقائي الذي قامت عليه حضارة الولايات المتحدة الأميركية في فهمها لفلسفة الوجود .و ذلك الإله خالق الكون و مسيّره بحكمته. و على أساس هذه الوحدانية قام الاعتقاد أن العالم ملموس و هادف لأن ذكاء إلهيا واحدا يديره فما من شيء تمارسه الإنسانية عبثا، بل كل شيء له مغزى لأن الله موجود فيما خلق-بحسب الإرتقائية الأميركيةTranscendentalism)). و يبدو عقل الله في التقليد اليهودي في كلا الترتيب الطبيعي عبر الخلق و التنظيم الاجتماعي- التاريخي لليهود - عبر الوحي. و نفس الإله الذي خلق العالم تجلى للإسرائيليين عند جبل سيناء و حصيلة ذلك التجلي كانت التوراة التي هي التوجيهات الموحى بها، و إرادة الله للناس عٌبِّر عنها بالوصايا العشر التي على الناس أن ينظّموا حياتهم فيما بينهم و مع الله بموجبها . و بالحياة وفق قوانين الله و الرضوخ للإرادة الإلهية تستطيع الإنسانية أن تصبح جزءا منسجما من الكون.
الميثاق: المفهوم الرئيس الثاني لليهودية هو الميثاق أو العهد و هو اتفاق تعاقدي بين الله و الشعب اليهودي. و بحسب التقليد اختص الإله الخالق نفسه بعلاقة ذاتية مع الشعب اليهودي في سيناء على أن يعتبروا الله ملكَهم و شرعهم الوحيد لموافقتهم على إطاعة قوانينه كما أن الله بدوره يعتبر الإسرائيليين شعبه المختار المختص برعايته.و كان كلا مؤلفي التوراة و التقليد اليهودي فيما بعد يعتبرون هذا الميثاق ذا مضمون كوني لأن يهوه و بعد محاولات متكررة فاشلة مع إنسانية عاصية ممن خلق تحوّل الله عن عصاة الناس إلى قسم خاص من خلقه هم شعب إسرائيل ليكونوا مملكة كهنة و يكون نظامهم الاجتماعي النظام الأمثل الذي نشأ وفق القوانين الإلهية ليصبح مثالا يٌحتذى للجنس البشري، و بذلك تكون إسرائيل وسيطا بين الله و الناس، يمثل كل منهما الآخر، فهم يمثلون الله على الأرض بينما يمثّلهم الله في السماء، و لعل هذا أصل العنصرية في التاريخ.

في هذه الفقرة نجد الأثر الذي تركه الفكر اليهودي في الفكر الأمريكي ما جعل نجمة داوود شعارا يوضع على الدولار و مرتكزا للمحافظين الجدد يبرر لهم دعم إسرائيل المطلق في العصر الحديث.

تحدد فكرة الميثاق أيضا الطريقة التي يٌنظر فيها بحسب العرف اليهودي لكلا الطبيعة و التاريخ إذ يكون الرفاه الإسرائيلي معتمدا على إطاعة الوصايا العشر الإلهية، و أن كلا الأحداث الطبيعية و التاريخية التي تصيب الإسرائيليين إنما تصدر عن الله متأثرة بسلوكهم الديني. و بذلك يرتبط السلوك البشري مباشرة بالمقدّر الإنساني و يركز هذا المنظور على عدالة الله في اليهودية لأن ما أصاب اليهود فرديا و جماعيا غالبا ما كان بشكل معاناة، و كثير من الفكر الديني اليهودي منذ سفر أيوب فما بعد كان تعبيرا عن مسألة تأكيد العدالة في وجه الظلم الظاهري. و بمرور الزمن عُدلت الفكرة بالاعتقاد بأن الفضيلة و الطاعة لا بد من مكافأتها و أن الخطيئة ستعاقب بعذاب الله للخطائين بعد الموت و بذلك تسدد المظالم في هذا العالم. فإهانات التسلط الأجنبي و التهجير القسري من أرض إسرائيل الذي عاناه الشعب اليهودي سيصلُح أيضا في آخر الزمان عندما سيرسل الله مسيحه الملك الذي هو فرع من بيت داوود الملكي ليعتق اليهود من العبودية و يعيدهم إلى أرضهم. فالخلاص منذ القديم كان خصلة من الفكر اليهودي. كما أن انتظار قدوم المسيح كان يتكثف بشكل خاص إبان المحن، و في النهاية رُسمت العلاقة بين فكرة الخلاص بالمسيح و مفهوم التوراة، فالفرد اليهودي عن طريق دراسته و حفاظه على وصايا الله العشر يمكنه تقريب وصول المسيح و بذلك يتخذ عمل كل فرد أهمية كونية، و هذا ما يرسخه مفهوم المحافظين الجدد في دعمهم لإسرائيل بلا حدود بعد أن كرس الصهاينة دسيستهم في المسيحية بعد تبرئه البابا اليهود من دم المسيح .

التقليد الرابيني: رغم أن كل أشكال اليهودية كانت متجذرة في التوراة المنتحلة التي يشير اليهود إليها باسم تاناك و هي التسمية الجانبية التي يخصون بها الأقسام الثلاثة: التوراة الخماسية، الأنبياء أو الأدب النبوي، و الكتبة أو الكتابات الأخرى. و قد يكون من الخطأ الظن بأن اليهودية هي ببساطة دين العهد القديم، فاليهودية المعاصرة هي بكليتها مشتقة من الحركة الرابينية في القرون الأولى من العصر المسيحي في فلسطين و بابل و هي لهذا تسمى اليهودية الرابينية و كلمة رابي تعني في الآرامية و العبرية (معلم), وأكد الرابيون و هم من تخصصوا في دراسة الكتب و التقاليد الخاصة، أن يهوه كان قد أنزل على موسى عليه السلام في جبل سيناء نسختان من التوراة إذ بالإضافة إلى النسخة المكتوبة أنزل عليه نسخة أخرى شفهية و هي التي انتقلت بكلمة شفهية في سلسلة متصلة من المعلم –كما يريد - إلى التلميذ وحفظت بين المعلمين أنفسهم. فبالنسبة للرابيين كانت التوراة الشفهية مغلقة في الميشنا التي تتعلَّم أو تحفظ، و أقدم وثيقة من الأدب الرابيني حررت في فلسطين في حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، بينما أنشأت الدراسة الرابينية اللاحقة للميشنا في فلسطين و بابل تلمودين للدراسة دعيا أيضا الجيميرا و هي كلمة آرامية لنفس المعنى تحتوي تفاسير موسعة للميشنا. و التلمود البابلي الذي حرر في حوالي القرن السادس قبل الميلاد أصبح الوثيقة الأساس لليهودية الرابينية.

تضمنت الكتابات الرابينية الأولى شروحات تفسيرية و وعظية على الكتابات في الميدراشيم بالإضافة إلى عدة ترجمات آرامية للكتب الخمس المنتحلة على موسى و كتب مكتوبة أخرى هي التارغوم أي الترجمات كما تتضمن الكتابات الرابينية في العصور الوسطى دسترة القانون التلمودي و ما هو أكثر سلطة مرجعية منه هو كتاب ترتيب الطاولة (شولهان آروخ) تأليف يوسف بن أفرايم كارو. و تشير دراسة التوراة إلى دراسة كل هذه المراجع و ليس التوراة الخماسية الكتب في معناها الضيق.

العبادة و الممارسات: بالنسبة لليهودي المتدين كل الحياة عبارة عن عمل مستمر في عبادة الله. " إنني أبقي الله دائما أمامي" المزامير 8/16 و هو شعر مدون على الجدار الأمامي لكثير من الكنس اليهودية ما يميز بجدارة الورع اليهودي.

يئس يهوه أن يجد من يعبده فخلق بني إسرائيل ليكونوا شعبه المختار من دون العالمين و هم بهذا يعتبرون Henotheisticإذ جعلوا من أنفسهم شعبا مختارا لإله اخترعوه لأنفسهم بعد أن تنكروا لموسى عليه السلام و تركوا ما دعاهم إليه من عبادة الله رب العالمين فهم يقرّون بأن للناس إلها أو آلهة غير يهوه الخاص بهم وحدهم و الذي لا يشاركهم فبه أحد من الناس على وجه الأرض. فلا توجد عنصرية أكثر بعد هذا، كما أن يهواهم هذا جعل بني إسرائيل وسيطا بينه و بين باقي الأمم إذ هم يمثلونه وحدهم كما أنه هو يمثلهم وحده و بذلك تكون كل أحداث التاريخ و الطبيعة تتأثر بيهواهم هذا و بسلوكهم الديني تجاهه، و هذه هي العلاقة السببية بين اليهود و قدرهم. أما تاريخهم كشعب فيرجع إلى 3000 سنة خلت و ربما أكثر و أنهم كانوا يسكنون في كل أقسام العالم حيث كان لهم تأثيرهم الخاص فيه، إذ أثر الدين اليهودي كما أرادوا له في كل من المسيحية بتحميلها توراتهم المزيفة التي كتبوها بأيديهم كعهد قديم و في الإسلام كما في إسرائيليات بعض المفسرين، بينما يبين لنا القرآن الكريم تحريفهم للكتاب و ليهم ألسنتهم بالذكر و أن مثلهم كما يقول القرآن الكريم في سورة الجمعة:" مثل الذين حٌمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله و الله لا يهدي القوم الظالمين"، كما أثر اليهود أيضا في تاريخ العالم الغربي و حياته الروحية في شهود يهوه والمحافظين الجدد.

من هم اليهود؟

ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.

و في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.

كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.

تاريخ اليهود:

تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:

الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذين منذ البدء اختصوه لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.

الآباء و الأمهات: تبدأ الحكاية بتوجه يهوه إلى رجل يدعى أبرام و سمي فيما بعد إبراهيم و أمره أن يترك بيته فيما بين النهرين و يتوجه إلى أرض كنعان حيث ينتظره و سلالته فيها قدَر غريب. و بما أن إبراهيم و زوجته سارة كانا يخالفان ما كان عليه قومهما في مجتمع وثني بينما إبراهيم و زوجته لم يكونا كذلك بل كانا مؤمنين بيهوه الذي أبرم لهما وعدا بتوجيه ذريتهما لتوريثهم أرض كنعان و كان الختان رمز ذلك الوعد الذي ما يزال اليهود يؤمنون به و يمارسونه حتى يومنا هذا.

أما موضوع أولاد إبراهيم و زوجته سارة الذين يقدسون يهوه و شأن اختلافهم عن بقية الناس فما يزال يستمر عبر قصص أعقابهم المختارين من ابنهم إسحاق و زوجته ريبيكا و ابنهما المفضل يعقوب و زوجتيه راشيل و ليّه و أن هؤلاء جميعهم يلاقون المخاطر خارج أسرتهم المقدسة لله. فهذه القصص وضعت لتعتبر مبينة أصول الشعب اليهودي و يشير كثير من اليهود إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم آباء و أمهات الشعب اليهودي جاعلين الذبيح إسحاق و ليس إسماعيل.

العبودية في مصر: و تتتابع الحكاية الكتابية بالأبناء الإثنى عشر ليعقوب الذي كانت له أربع زوجات مختلفات ما جعل الأبناء العشرة يكرهون واحدا منهم هو يوسف و يبيعونه رقيقا إلى مصر حيث أظهر موهبته في تفسير الأحلام التي أخرجت مصر من محنتها ما جعل الفرعون يستوزره حيث انضم إليه إخوته و زوجاتهم و أولادهم في مصر و في مصر تكاثر أولاد يعقوب الذي سمي بعد ذلك بإسرائيل الاسم الذي يعني الشخص الذي يصارع يهوه لأجله أو الشخص الذي يصارع مع يهوه أو صراع يهوه، و مع مرور الزمن بدأ المصريون يرون فيهم تهديدا لهم لذلك اتخذوهم رقيقا و تتخذ القصة تسمية أبناء يعقوب بالإسرائيليين أمرا مسلما به ما يحفظ لهم هوية تميزهم عن المصريين إذ هم شعب يهوه المختار.

الخروج: بعد أن أمضى الإسرائيليون قرنين من الزمان في العبودية في مصر اختار الله لهم موسى الذي كان قد فر من مصر ليخرج أبناء إسرائيل من العبودية. و يتفاوض موسى مع الفرعون لتحرير الإسرائيليين لكنه فشل، ما جعل الله ينزل بالمصريين عشرة كوارث أليمة أذن الفرعون لهم بعدها بالرحيل، غير أن المصريين قرروا مطاردتهم لكنهم عندما وصلوا إلى البحر الأحمر في مطاردتهم شق الله البحر بمعجزة ليجتاز بنو إسرائيل ثم أعاده ليغرِق المصريين عن بكرة أبيهم. و رغم أن المؤرخين لا يستطيعون تمحيص أي من هذه القصص، يعظم اليهود قصة خروجهم المعجزة من مصر و يسمونها بالخروج على أنها الحادثة التي شكلت نقطة تحول في التاريخ اليهودي. و يحتفل اليهود بالخروج بطرق شتى و بخاصة في عيد العبور لذكرى آخر وجبة تناولوها قبل مغادرتهم مصر. و أصبح الخروج حادثة مركزية في التاريخ اليهودي لأنه يدعم علاقة كامل شعبهم بيهوه. فعبر هذه الحادثة يبدي يهوه اهتمامه بهم بطريقة غير عادية، فالخروج يمثل بداية ارتحالهم الجماعي الذي انتهى بإقامتهم في أرض كنعان.

وصايا موسى: بعد خروجهم من مصر بدأ الإسرائيليون رحلة الأربعين سنة في صحراء سيناء في الطريق إلى أرض كنعان و هناك أنزل الله على موسى الوصايا العشر، تلك المبادئ التي ضبطت حياة اليهود حتى الآن، لكن أحكاما عديدة أضيفت إلى هذه الوصايا العشر في كل مرافق الحياة تتناول الشؤون المدنية و القضايا الجنائية و كيفية العبادة و ما يأكلون و ما يمتنعون عنه و متى و كيف يستريحون و كيف يديرون شؤون مجتمعهم و أمورا كثيرة أخرى. و يعتقد المؤرخون أن هذه القواعد و النظم ظهرت عبر العديد من القرون لأنها تمثل مدارس مختلفة من الفكر. غير أن الزمن الذي أصبحت فيه قانونا ربما يكون في القرن الرابع قبل الميلاد بينما يرى اليهود أن هذه الأحكام إنما كانت تعاليم ملزمة تنزلت من الله على موسى عليه السلام، و أن هذه القوانين كانت مصممة لتميز الإسرائيليين و نسلهم عن باقي الأمم، فالعديد منها تأمر الشعب اليهودي عدم اتباع طرق الشعب الكنعاني و بخاصة في الأمور الجنسية، و أحيانا تبدو هذه القوانين أنها وضعت لخدمة المجتمع اليهودي التي وجدت له. فاليهود المحافظون مستمرون في تطبيق الكثير منها اليوم بالرغم من التعديلات التي طرأت عليها عبر القرون. و من بين هذه الوصايا تعليمات لموسى عليه السلام بإقامة هيكل أو خيمة يستطيع فيها كهنة اليهود ممارسة الطقوس و تقديم الأضاحي ليهوه، و أن هذا الهيكل هو المكان الذي يتم فيه الاتصال بيهوه.

الإسرائيليون في أرض كنعان: و بأمر إلهي للأسباط الإثنى عشر كان لقبيلة واحدة لكل من أبناء يعقوب أن تتيه في الصحراء أربعين سنة و التي بعدها سيحتل جيل جديد أرض كنعان، و أتى يوشع بعد موسى كقائد . و بحسب أحد النصوص الكتابية، قاد يوشع الإسرائيليين إلى أرض كنعان و أقام فيها ولايات متحالفة موزعا على كل واحدة منها قطعة من الأرض، بينما بحسب ما توضحه نصوص كتابية أخرى و يتفق عليه المؤرخون أن الأمور لم تسر بهذه السهولة إذ كان على الإسرائيليين أن يقاتلوا مع آخرين للسيطرة على أرض كنعان التي سموها فيما بعد أرض إسرائيل.

لفترة ما يقارب مئتي عام بعد وصولهم أرض كنعان كان اتحاد القبائل الإسرائيلية يعمل كتحالف عسكري حيث كانت القبائل تتداعى للقتال في وجه التهديد الخارجي و بخاصة من الفلسطينيين – الشعب الذي كان يسكن القسم الجنوبي من أرض كنعانز و عند نهاية هذين القرنين ظهر نبي اسمه صموئيل كقائد روحي للإسرائيليين، غير أن التهديد المستمر من قبل الفلسطينيين ما تطلب وجود ملك يوحد القبائل و يكون قائدا عسكريا للشعب ككل.

مملكة إسرائيل:لم ينجح شاءول أول ملك في عيون مؤلفي الكتاب، بل كان داوود الملك الناجح الذي حقق الأهداف الحربية و وسع المملكة، و رغم أن معظم المؤرخين لا يقرون نصوص منجزات داوود إلا أنهم يتفقون على وجود ملك اسمه داوود حكم في حوالي العام 1000 قبل الميلاد على مملكة صغيرة نسبيا، و في عهده ظهرت القدس كمدينة مركزية للشعب الإسرائيلي و يسميها الكتاب عاصمة مملكة داوود الذي حكم مدة أربعين سنة قام في نهايتها الصراع على من يخلفه. اختار داوود ابنه سليمان الذي استطاع السيطرة بعد نزاع مع أخيه من أبيه أبشالوم و يصف الكتاب سليمان بالحكمة و النجاح و أثناء حكمه أقيم معبد في القدس أصبح الهيكل المركزي لشعب إسرائيل و استبعاد المعابد الأخرى.

انقسام المملكة: انتسب كل من داوود و سليمان إلى قبيلة يهودا و شغلت منطقتهم القسم المركزي من المملكة بينما كثير من القبائل الأخرى و بخاصة تلك التي كانت تسكن الأقسام الشمالية من المملكة كانت مستاءة من بروز قبيلة يهودا. و بعد موت سليمان حوالي العام 920 قبل الميلاد انقسمت المملكة قسمان –شمالي يدعى إسرائيل و جنوبى يدعى يهودا أصبحا منفصلين سياسيا رغم اتصالهما اقتصاديا و اجتماعيا.

دخل وجود مملكتين صغيرتين في خطط الممالك الأخرى للسيطرة و بخاصة الآشوريين في الشمال الشرقي و المصريين في الجنوب الغربي، و للحفاظ على البقاء احتاج ملكا إسرائيل و يهودا لمناصرة أعداء أعدائهم عليهم و لعبوا ذلك الدور بنجاح إلى حد ما.

هزم الآشوريون مملكة إسرائيل حوالي العام 720 قبل الميلاد و طبقوا الممارسة المعتادة ضد المغلوبين بترحيل النخبة خارج البلاد و استجلاب بدائل لهم من أماكن أخرى. و كثير من هؤلاء المرحلين سكنوا ما بين النهرين و امتزجوا بالشعوب المحلية، و عاش من بقي من هؤلاء المرحلين في صور يهودية و مسيحية كالقبائل العشرة الضائعة من قوم إسرائيل، بينما أولئك الذين حلوا محلهم امتزجوا مع بقية الشعب الإسرائيلي و تبنوا عناصر من الهوية الإسرائيلية و بخاصة أمر ميثاقهم مع يهوه.

أما مملكة يهودا فقد سلمت من الغزو الآشوري و تابعت تطور مفهومها الديني فيما يتعلق بالهيكل في القدس بنفسها .و منذ القرن الثامن قبل الميلاد فما فوق طورت المملكة مفهوم الإله الواحد يهوه في حين كان تعدد الآلهة أمرا شائعا، فأنبياء يهودا أصروا على أن قدر المملكة لا يعتمد على القوة العسكرية و حسب بل على حالة علاقة المملكة بيهوه و بخاصة بمدى تجنب المجتمع عبادات تعدد الآلهة كما اعتنوا أيضا بفقرائهم و مساكينهم.

الأسر البابلي: اجتاح البابليون من الشرق مملكة يهودا في مطلع القرن السادس قبل الميلاد فيما اعتبره سكان يهودا علامة على فشل في الدين من جهتهم، إذ دمر البابليون الهيكل في القدس ككارثة ما يزال كثير من اليهود يحفظون ذكراها بصيام يوم يعرف بيوم التاسع من آب، و كذلك نفى البابليون العديد من صفوة مجتمعهم بما فيهم الكهنة الذين كانوا يديرون المعبد. و بدأ هذا النفي الفترة التي تعرف بالسبي البابلي. و في هذا المجتمع من المنفيين بدأ الشتات اليهودي منذ أقدم عصوره، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن الحياة اليهودية في الشتات في قرونه الأولى، غير أن أرض إسرائيل بقيت مركز الحيلة اليهودية مدة قرون كثيرة.

لا يصف الكتاب الغزو البابلي على أنه قوة كبيرة سيطرت على دولة أصغر، بل كعلامة من يهوه على أن مملكة يهودا ما كانت تلتزم التقى الخالصة، كما يفسرون النفي على أنه عقوبة على خطيئتهم و ليس كسياسة استعمارية للتحكم بعدو مهزوم. و بحسب هذا التفسير، يمكنهم استعادة المملكة و استمرار الميثاق إذا تاب أهل يهودا. كما أن هذا التفسير بإمكانه إزالة الحدود الجغرافية من الميثاق بجعل اليهود قادرين على خدمة يهوه في أي مكان من الأرض. و لا يعرف المؤرخون كم من اليهود يعتقدون بهذا التفسير الأخير كما لا يعرفون أنه قد أصبح العرف المعتبر رسميا للقادة الدينيين للمجتمع و أنه يبيح للعديد من اليهود الحفاظ على هويتهم المميزة برغم تشتتهم.

الحكم الفارسي: هزمت الإمبراطورية الفارسية البابليين في حوالى العام 540 قبل الميلاد، بعد قرابة خمسين سنة من الفتح البابلي و ألحقت أرض إسرائيل بإمبرطوريتهم. سمح الفرس للمنفيين بالرجوع فبعضهم عادوا غير أن الكثيرين آثروا البقاء في الشتات.

كان الفرس يحكمون بأسلوب الولايات المستقلة محليا، سامحين لمن احتلوهم بحكم أنفسهم ضمن الإطار العام للقانون الإمبريالي الفارسي. أعيد بناء الهيكل ثانية في القدس قرابة نهاية القرن السادس قبل الميلاد ليصبح مرة أخرى المكان المركزي لعبادة اليهود و بقي كذلك حتى دمره الرومان في العام 70 و كثير من فصول الكتاب التوراتي المزعوم أٌلِّفت و حررت بشكلها الأخير أثناء هذين القرنين من الحكم الفارسي، و من الواضح أن اليهود قد تشربوا الكثير من التراث الفارسي.

العصر اليوناني (الهيلينيستي): هزم الإسكندر الأكبر الإمبراطورية الفارسية بدوره في أواسط القرن الرابع قبل الميلاد. و لفترة تقارب من قرنين بقي اليهود تحت حكم الإٌسكندر و من تلاه في الولايات التي فتحها و هذه الفترة بين قهر الإسكندر للإمبراطورية الفارسية و نشوء السيادة الرومانية في شرق البحر الأبيض المتوسط في العام 31 قبل الميلاد تعرف بالحقبة الهيلينيستية.

قي غضون هذه الحقبة سيطرت الثقافة اليونانية في منطقة شرق الأبيض المتوسط و الشرق الأدنى كما يحدثنا بذلك المؤرخون و استمر اليهود يستمتعون بحكمهم الذاتي في إقليم جودية و في هذه الحقبة كتبت كتب كثيرة في الكتاب المقدس أو أخذت صيغتها النهائية.

كانت المواجهة مع اليونانية مبيدة للتاريخ و الهوية اليهودية إذ وجد العديد من اليهود التراث اليوناني عميق الجاذبية فتشربوا عن قصد الكثير من أفكاره عن الحياة، بينما رفضه يهود آخرون و بخاصة في العبادة اليونانية و تصوير الكثير من الآلهة و اتخاذ الجسم البشري معيارا للكمال، فهم لم يعترضوا و حسب على تعدد الآلهة، بل اعترضوا أيضا على الإيمان بالكائنات البشرية و الخبرة البشرية أكثر من إيمانهم بالمقدسات معيارا لكل الأشياء. لكن تمثل حتى اليهود هؤلاء الكثير من التراث اليوناني.

إن المواقف المختلفة تجاه اليونان أحدثت توترا في المتحد اليهودي في يهودا، و ذلك التوتر أدى إلى حرب أهلية أصبحت تمردا على الحكم اليوناني بعد أن منع الملك انطيوخس الرابع العبادة اليهودية و هتك قدسية المعبد بوضع تمثال للإله اليوناني زيوس فيه. نجح اليهود في تمردهم و اعتبروا نجاحهم معجزة. إن أعادة تكريس المعبد في العام 165 قبل الميلاد يحيونه في عيد الهنوكا. توصل اليهود إلى فترة استقلال نسبي امتدت من سنة 142 إلى سنة 63 قبل الميلاد تحت حكم أسرة هسمونيان أو المكابيين الذين قادوا تمردهم.

الحكم الروماني: في العام 63 قبل الميلاد ضم الرومان يهودا إلى إمبرطوريتهم المتطورة، فأصبحت يهودا مكانا التقى فيه التراث اليهودي باليوناني ثم بالروماني وسط توتر كبير، واثناء حكم المكابيين و الرومان ظهر العديد من الجماعات أو المذاهب اليهودية، و لكل فرقة من هؤلاء وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بالإله أو بالآخرة كما بالمعبد و نواح أخرى من الدين. وكان أشهر هذه الفرق الفريسيون و السدوسيون و فيما بعد أوائل المسيحيين.

يعتقد كثير من المؤرخين أن الفريسيين قاوموا اليونانيين و أبقوا طقوس الهيكل حية. كم يبدو أن السدوسيين شكلوا طبقة كهنوتية أريستوقراطية. و على خلاف الفريسيين الذين يعتقدون بالحياة الآتية و بالمسيح بينما اعتقد السدوسيون أن على الناس جني أكثر ما يستطيعون في هذه الحياة الدنيا كما بدأت المسيحية أيضا كفرقة يهودية إذ أعلن يسوع أن ملكوت الله آت لكنه أغضب الفريسيين بتعاليمه التي خافوا أن تضلل الناس عن اتباع القانون اليهودي، و يسوع بدوره فضح الفريسيين. و بعد صلب المسيح بقي تلاميذه قسما من أكبر المتحدات اليهودية لفترة و بعدها تحولوا ليشكلوا مجموعة دينية مميزة.

كانت سياسة الرومان في يهودا غير مستوية إذ هم حكموا أحيانا من خلال ملوك يهود كهيرود و في أحيان أخرى عبر حكام عسكريين من الرومان كبيلاطوس بونطيوس و مع الزمن تطور لدى اليهود استياء كبير من الحكم الروماني و في العام 70 اندلعت ثورة مكشوفة سحقها الرومان في العام 73 عندما احتلوا مسعدا، القاعة التي احتلها آخر المرابطين اليهود. و أثناء الحرب في العام 70 دمر الرومان المعبد في القدس و ما يزال اليهود يحيون ذكرى التدمير هذه مع ذكرى التدمير الأول للمعبد من قبل البابليين بالصيام و الصلاة في اليوم التاسع من آب.

نهاية الحقبة التوراتية أو الكتابية: أثناء فترة الحكم الروماني بدا أن الكتاب العبري قد بلغ شكله النهائي، فلم تضف إلى القانون الكتابي أية كتب جديدة بعد ذلك و لم تحدث أية محذوفات، فمنذ القرن الأول حتى اليوم يقدس اليهود و يدرسون المجموعة المقدسة من 39 كتابا كلها كتبت بالعبرية ما عدا بضعة أقسام كانت قد كتبت بالآرامية. عند نهاية الحقبة الكتابية انقسم اليهود إلى مجموعات تمارس الدين اليهودي بطرقهم الخاصة، و من هذه الفوضى ظهرت في القرن الأول مجموعة من القادة الدينيين يدعون بالرابيين و على مدى القرون المتلاحقة أعطى الرابيون لليهودية الشكل الذي يجب على اليهود ممارسته حتى يومنا هذا إذ أرضخ الرابيون كل قاعدة من القانون لفحص و تأويل خاص و طوروا المجموعة الضخمة من القوانين الشفهية التي سموها هالاكا أي الذهاب و هذه القوانين الشفهية كانت قد دونت في القرن الأول من القرون الخمسة بعد الميلاد و أصبحت قسما من التلمود و الميدراش. اتصفت تفاسير الرابيين باهتمام عميق بإنجاز القوانين و الآداب الكتابية إذ طوروا الاعتقاد بعدم الفعالية السياسية مصرين على أن الخلاص يكون فقط بنزول المسيح الذي يستطيع استعادة السيطرة على أرض إسرائيل.

حياة اليهود في الشتات: بدأ الشتات بالفتح البابلي في القرن السادس قبل الميلاد، و فهم العديد من اليهود أن وجودهم خارج أرض إسرائيل هو عقاب من الله بالنفي لقاء خطاياهم و هم يعتقدون أنهم غير قادرين على الرجوع حتى يخلصهم الله بإرسال المسيح. و مع الزمن فسر بعض اليهود النفي على أنه لا يعتمد على الجغرافية و على رأيهم أن النفي هو ابعاد عن الله و يمكن حدوثه حتى في أرض إسرائيل خاصة عندما ساد فيها غير اليهود، بينما فهم يهود آخرون أن حياتهم في الشتات هي خروج و أنهم اختاروا العيش خارج أرض إسرائيل.

لما يقرب من 2500 سنة تابع اليهود حياتهم خارج أرض إسرائيل، و في السنين الأولى من الشتات أقاموا متحدات أساسية في آسية الصغرى و شمال أفريقية و شبه جزيرة العرب بينما انتشروا بعد ذلك في كل بقاع الأرض و تفاعل كل متحد منهم مع الثقافة المحلية و أصبحت الحياة اليهودية و تراثهم بالنتيجة متنوعا. فبشكل خاص طور يهود أوربة و يهود حوض البحر الأبيض المتوسط بما فيه إسبانية طرقا مختلفة في ممارسة الدين اليهودي و صفات خاص بهم كيهود. فاليهود الأوربيون خارج إسبانية يسمون أشكيناز و هي تسمية عبرية لألمانية، بينما يهود إسبانية و بقية حوض البحر الأبيض المتوسط يسمون سفرديم من الكلمة العبرية لأسبانية.

القرون الأولى للشتات: لا يعرف المؤرخون شيئا عن حياة اليهود في القرون الأولى للشتات فأثناء الأسر البابلي حافظ قسم من اليهود بنجاح على هويتهم و تراثهم الخاص غير أن ظروف هذه المتحدات بقيت سرا و لا توجد معلومات كثيرة عن حيلتهم في الإمبراطورية الفارسية فما نعرفه حقا أن بعض اليهود كانوا يتوقون للعودة بينما بقي آخرون منهم في إيران حتى القرن العشرين، و تصبح الصورة أوضح فيما بعد أثناء فترة الحكم اليوناني و الروماني عندما تطورت المتحدات اليهودية في الاسكندرية بمصر و في سيرين بليبيا و في أنطاكية بسورية و في روما بإيطالية و في مدن أخرى في آسية الصغرى. تكلم اليهود في معظم هذه المتحدات اللغة اليونانية السائدة و أسسوا ديانتهم على الترجمة اليونانية لكتابهم العبري المعروفة بالسبعينية و كل واحدة من هذه المتحدات قد طورت كما يبدو شكلها الخاص من الدين اليهودي الذي كان يختلف عن دين قادة الرابيين في فلسطين حيث أطلق الرومان رسميا اسم فلسطين على إقليم يهودا في القرن الثاني قبل الميلاد. كان بعض اليهود مرتاحين تماما في عيشهم تحت حكم الإمبراطوريتين اليونانية و الرومانية بينما استاء اليهود الآخرون في إقامتهم بين أتباع الديانات الوثنية الأخرى أو لعدم احترامهم في الثقافات السائدة الأخرى. ففي فلسطين و في الشتات كانت ثورة اليهود غير ناجحة ضد الحكم الروماني. فسيمون بار كوخبا قاد ثورات في القدس في القرن الثاني لاقت دعما من يهود المنطقة، وقبل تدمير المعبد في القدس في العام 70 أرسل كثير من يهود الشتات نقودا لدعم المعبد كانت كمصدر تضامني لليهود كأمة. غير أنه بعد تدمير المعبد لم يعد ليهود الشتات هذه الرسالة الاتحادية و لم يكن لهم شيء مشترك خلافا للحفاظ على الهوية اليهودية المميزة.

المتحد البابلي: كان أفضل ازدهار للمتحد الشتاتي في بابل، فالبارثيون الذين حكموا بابل و بقية ما بين النهرين حتى 224 قد منحوا اليهود حكما ذاتيا معتبرا و حياة اقتصادية و دينية لاقت استجابة مفضلة. عانى اليهود في بابل فترة قصيرة من الاضطهاد في القرن الثالث، لكن بعد عهد فارسي عرف بالساساني هزم البارثيين، استعاد اليهود حالا حرياتهم الأساسية و استمر متحدهم بالنمو و الازدهار لفترة ألف سنة أخرى، فازدهر تعليم الرابيين في الأكاديميات الدينية البابلية و قدموا تفاسير للقانون الشفهي و تفاسير للتوراة، فالتعليقات على القانون الشفهي في بابل أنتج التلمود البابلي وهو النص العبري و الآرامي الذي اعتبر أساس اليهودية، فاليهودية الرابينية التي كانت قد تطورت في بابل كانت أكبر تطور في شكل اليهودية التي أصبحت سائدة في قلسطين في القرن الثاني يرجع في قسم كبير منه للاعترلف الروماني بالرابيين كقواد دينيين و سياسيين لليهود.

انتشار المسيحية: تبدلت الحالة الاجتماعية و السياسية لليهود بشكل ملحوظ في القرن الرابع بعد تحول الإمبراطور قسطنطين إلى المسيحية، فتحوله أشار إلى عملية جعلت المسيحية الديانة الرسمية للإمبرطورية الرومانية و اعتبر اليهود مدمرين لرفضهم الاعتراف بيسوع على أنه هو المسيح. و كثير من قادة الكنيسة و الامبرطورية اعتقدوا أنه لا ينبغي السماح لليهود بالبقاء في الإمبرطورية الرومانية إذا هم استمروا في ممارسة دينهم. حيث اعتبر اليهود قادرين على تلويث الإيمان الصحيح الذي رفضوه غير أن هذه الحال نبذت لصالح وجهة نظر قدمها اللاهوتي المسيحي القديس أوغسطين, فمثل كل المسيحيين الآخرين، كان القديس أوغسطين يعتقد أن اليهود يستحقون الإهانة و التحقير و لكن بدلا من الجدل يشأن تدميرهم أو إجبارهم على تغيير دينهم، كان يعتقد أن عليهم أن يعيشوا في حالة فقر و تحقير. و بهذه الطريقة يمكن معاقبة اليهود على رفضهم الاعتراف بالوحي الجديد بالمسيح و قد يصلحون شهودا على تفوق المسيحية. و برغم قظاظة هذا الموقف إلا أنه أفاد في إنقاذ اليهود في العهد المسيحي من الإبادة.

أنشأ قسطنطين عاصمة جديدة في بيزنطة التي هي الآن اسطنبول بتركية في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية و سمى المدينة القسطنطينية، و بعد سقوط روما على يد الغزاة في العام 476 انكمشت الإمبراطورية الرومانية في الغرب لكنها بقيت قوية في الشرق و أصبحت تعرف بالإمبراطورية البيزنطية و اختلفت المواقف تجاه اليهود في الإمبراطورية الرومانية الغربية و في الولايات التي تبعتها بينما كان في الإمبراطورية البيزنطية عدد أكبر من اليهود تحت حكمها مما كان في الولايات في الإمبراطورية الرومانية الغربية و كانت تتصرف بفظاظة أشد معهم فاليهود تحت الحكم البيزنطي كانوا يجدون صعوبة أكبر في كسب عيشهم و بين العقبات الأكثر أنهم كانوا ممنوعين من بناء كنس جديدة أو إقامة مكتب عام لهم.

تحت الحكم الإسلامي: نشأ الإسلام دينا موحدا آخر في الجزيرة العربية في القرن السابع و فتحت القوات الكثير من أقاليم الإمبراطورية البيزنطية في القرنين السابع و الثامن. رحب اليهود بالتغيير في الحكم، و رغم أنهم كانوا يلقون عوائق دينية و اقتصادية تحت الحكم الإسلامي إلا أن أحوالهم تحسنت. فالفتوحات الإسلامية امتدت من بابل إلى مصر و فلسطين. و للمرة الأولى في التاريخ كان المركزان الرئيسيان للحياة اليهودية في بابل و فلسطين تحت حكم واحد، غير أن التوازن قد انتقل إذ أصبحت بابل هي المركز الثقافي و التراثي الأهم. و منذ القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر حدثت إنجازات ثقافية كبيرة في العالم الإسلامي و بخاصة في بابل ساهمت و استفادت من تلك المنجزات. فالأكاديميات في بابل كان يرأسها رابيون بارزون ساهموا في تأليف التلمود البابلي ليكون النص الرسمي للدين اليهودي. كما أنهم وضعوا التقاليد البابلية نظاما يحتذى في كل عالم اليهودية، إذ جعلوا من الدراسة المثل الأعلى للتدين. وأبرزهم كان سعديا بن يوسف الذي كان من عقلاء القرن العاشر الذي ترجم الكتاب العبري إلى اللغة العربية – لغة الأراضي الإسلامية فمن خلال هذه الترجمة و تعليقه على الكتاب باللغة العربية أوجد سعدية أدبا يهوديا بالعربية و أصبح الأول من بين كثير من الفلاسفة اليهود في العالم الإسلامي. فالفيلسوف موسى الميموني من مصر بزّ سعدية في الأهمية مستفيدا من الروح الريادية لسعدية إذ رفع الميموني عالم العلم اليهودي إلى ارتفاعات خيالية في القرن الثاني عشر. فيهود العالم الإسلامي نقلوا أيضا المؤلفات الفلسفية للبلدان القديمة و الإسلامية إلى المسيحيين الأوربيين فهم ترجموا العديد من التراث الفلسفي من العربية إلى العبرية كما ساعد يهود آخرون في ترجمتها من العبرية إلى اللاتينية التي كانت اللغة المكتوبة للمثقفين الأوربيين في ذلك الزمان.

تحت الحكم المسيحي: من القرن الثامن إلى أواخر العصور الوسطى بقيت الثقافة راكدة و غير مميزة في أوربة المسيحية بينما ازدهرت في العالم الإسلامي إذ بدءا من القرن الثامن شجع ملوك الفرنجة و حكام الإمبراطورية الرومانية المقدسة اليهود على الإقامة في بروفنس التي هي الآن قسم من جنوبي فرنسا و أرض الراين التي هي الآن قسم من ألمانيا و متحدات إيكس و مرسيليا أصبحت مراكز باكرة للحياة اليهودية الأوربية و حافظت على أهميتها لقرون. نتج تشجيع الاستيطان اليهودي عن اعتبار أن لليهود مهارات اقتصادية نافعة و بخاصة كتجار. و لاعتبار أنهم لا يملكون أرضا و لا يعملون كفلاحين لدى سادة إقطاعيين فإنهم اعتمدوا مباشرة على الحكام الأوربيين لحمايتهم، ز ذلك الاعتماد عنى أن بإمكان الحكام أن يعهدوا لليهود بالامتيازات الاقتصادية بأمان بدون أي تهديد لقوتهم الخاصة. رفعت تلك الامتيازات الخاصة الاستياء الذي كانت تشعر به الجماهير الأوربية تجاه اليهود من قبل و هو استياء تجذر في الفروق الدينية. لكن التدابير لم تؤدي إلى أية اضطهادات لليهود لعدة قرون لاحقة.

تبدلت حالة اليهود الأوربيين في عام 1096 في الحملة الصليبية الأولى التي كان هدفها انتزاع السيطرة على الأراضي المقدسة (فلسطين) من الحكام المسلمين، و بينما كانت الجيوش الصليبية تتجمع اتجه عداءهم الديني نحو المتحدات اليهودية في أرض الراين بتذبيح الناس و تدمير المستوطنات و لم تتمكن السلطات المحلية من إيقاف الصليبيين الهائجين. ففي بعض المتحدات فضل اليهود ألانتحار الجماعي على الوقوع في أيدي الغوغاء و افتتح الصليبيون عهدا جديدا لحياة اليهود الأوربيين.

أواخر العصور الوسطى من 1096-1492: بعد أن بدأت الحرب الصليبية و أثارت العداء على اليهود أصبحت المتحدات اليهودية الناجية في أواسط و شمال أوربة أكثر انعزالا عن محيطها الثقافي و رغم أن اليهود ما زالوا يمارسون درجة من السيطرة على شؤونهم الدينية و الثقافية إلا أنهم لم يجرؤوا على التفكير بما هو أبعد من أعرافهم الدينية، ركز الأدب مبدئيا على التلمود إذ أنتج علماؤهم تفاسير جديدة و تذكارية للتلمود البابلي زادت من شهرته و تفهمه لدى اليهود الأوربيين. هذا بالإضافة إلى الاتجاهات التصوفية الصليبية التي ظهرت بين اليهود الأوربيين الذين اتجهوا نحو الداخل راغبين في اتصال أكثر مباشرة مع الإله. و الشكل الأكثر أهمية من التصوف اليهودي كان القبالة التي تطورت في إسبانية حيث كتب الشعراء اليهود مرثيات و مناحب في ذكرى تضحيات اليهود الذين قتلوا في عام 1096 و طور يهود ألمانيا لغة خاصة بهم باتت تعرف باليديش التي بدأت كلهجة محلية للغة الألمانية المتكلمة في ذلك الزمان متفرعة عنها لتصبح اللغة اليهودية المميزة مكتوبة بالأحرف العبرية.

الاضطهاد: عاش اليهود ظروفا فظيعة بعد الصليبيين فاتهامهم بقتل المسيحيين و بخاصة الأطفال لاستخدام دمائهم لبعض الأغراض الطقسية بات أمرا شائعا ، و رغم أن القادة المسيحيين كانوا بشكل دوري ينكرون هذه التهم الدموية لأنها باطلة إلا أنها بقيت حتى القرن العشرين. و كثير من قادة الكنيسة أوجبوا مبدأ القديس أوغسطين على إرغام اليهود على العيش أذلاء محتقرين حتى منع مجلس الكنائس الكاثوليكية الرومانية المنعقد عام 1179 و 1215 اليهود من استخدام المسيحيين كما منع المسيحيين من السكن مع اليهود أو في جوارهم ملوما اليهود بلبس شارة خاصة تميز وضاعتهم كما منعوهم من الظهور بين الناس في عيد الفصح أو في المناسبات المسيحية الدينية الأخرى و كان لهذه المجالس تأثير دائم على الحيلة الاقتصادية لليهود بمنع المسيحيين من اقتراض أو إقراض المال فيما بينهم بفائدة و ترك هذا نشاط إقراض النقود كلية لليهود تماما كما أن أعمالا أخرى أبعدتهم عن مجالات أخرى من النشاط الاقتصادي. و قبل نهاية القرن الثاني عشر عاش يهود أوربة على نطاق واسع كمرابين و باعة متجولين.

طردهم من أوربة الغربية: وضعهم كمرابين ولّد عداء أكبر تجاه اليهود و لعب دورا في طردهم التدريجي من غرب و أواسط أوربة. طرد اليهود من انكلترا بعد إلغاء كل ديونهم في عام 1290، كما طردوا من فرنسة في عام 1306 لكن سمح لبعض منهم بالعودة إلى فرنسة عام 1394 كما أن الأراضي الألمانية في الإمبراطورية الرومانية المقدسة طردت اليهود على فترات عبر القرن الخامس عشر.

تكاثفت العداوة تجاه اليهود الأوربيين نتيجة للموت الأسود الطاعون البوبوني الوبائي من عام 1347 إلى 1351 الذي أباد ما يقرب من ثلث سكان أوربة و رغم أن الوباء قتل اليهود أيضا إلا أنهم وجدوا اليهود جاهزين لحمل التهمة بأنهم سببوا الوباء بتسميمهم مياه الآبار و في كثير من المناطق كان رد فعل الأوربيين بطرد الجماعات اليهودية و تدمير مساكنها, و قبل أواسط القرن الخامس عشر لم يبق أحد من اليهود في أوربة الغربية كما أن الكثير من الأراضي الألمانية طردت اليهود أيضا.

خامسا :الهجرة إلى بولندا: طٌرد معظم اليهود من غربي و وسط أوربة في الألف و الثلاثميات و الأربعميات من السنين إذ ارتحلوا غربا إلى بولندة حيث أنشأوا فيها ما بات يعرف بأكبر متحد يهودي في حينه. و في القرون الأولى بعد وصولهم نجا اليهود من الاضطهاد و العنف الذي كانوا يلقونه في أي مكان آخر في أوربة. كانت بولندة حينئذ أكثر منطقة تنوعا عرقيا و لغويا و دينيا في أوربة. طور اليهود في القرنين السادس و السابع عشر في بولندة حياة فارهة دينيا و اقتصاديا إذ حلقوا طرقا جديدة لدراسة التلمود و دراسة معمقة لتعليل القانون و الشرع اليهودي. ففي مدن مثل كاركوف و لفيف ( أوكرانيا اليوم) و بوزنان برز اليهود كتجار و مرابين و في شواهد قليلة كأطباء.

العصر الذهبي قي إسبانية: دخل اليهود عصرا ذهبيا في إسبانية في القرنين الثاني و الثالث عشر بينما كان اليهود في الشمال يعانون الاضطهاد. ففي إسبانية فقط ازدهر اليهود متعددي الثقافات في شمال إسبانية و ركز كثير من عقلائهم كما في أي مكان آخر في أوربة على العلم التلمودي كما تلقى اليهود في إسبانية دراسة في الفلسفة و العلوم و الشعر و قواعد اللغة العبرية و حتى في بعض التاريخ. و كان إبراهام بن عزرا المتعدد الثقافة في القرن الثاني عشر و العديد من أتباع الميموني الذي كان مولودا في إسبانية أنتج مؤلفات عديدو في كل هذه المجالات فكتاب الزّهر ، المؤلف الأساس في التصوف اليهودي أو القبّالة كان قد ألِّف في إسبانية في القرن الثالث عشر. و هذا المؤلف – سفر الزّهر أو كتاب الروائع أصبح حجر الزاوية في كل الفكر التصوفي اليهودي فيما بعد. كما ازدهر اليهود في إسبانية في المجالات السياسية و الاقتصادية أيضا. كان المسيحيون قد استرجعوا كامل إسبانية تقريبا من المسلمين في عام 1248 و حلق هذا فرصا لليهود. كان كثير من اليعود يتكلمون العربية-لغة سكان المنطقة المهزومة و كان لديهم خبرة واسعة في تقديم الخدمات الإدارية للحكومة فمكنتهم طلاقتهم بالعربية أن يكونوا تراجمة بين السكان العربيي اللغة و الإسبانيي اللغة.

لم يدم العصر الذهبي لليهود في إسبانية طويلا فأثناء القرن الرابع عشر أصبحت أنظمة الأديرة المسيحية قوية بشكل متزايد في إسبانية و بشكل دوري كانوا يعظون ضد اليهود، كما أن الموت الأسود حفّز الجماهير ضدهم أيضا. ففي عام 1391 قاد الوعظ ضد اليهود إلى مهاجمة كثير من المتحدات اليهودية و لكي يفروا من الموت قبل كثير منهم أن يتعمد و ينقلب إلى المسيحية. كما أن كثيرين آخرون تحولوا إلى المسيحية بدون إجبار مكشوف.

الاستجواب و الطرد من إسبانية: أدى التحول المطرد للعدد الكبير من المتحولين إلى المسيحية من اليهود إلى اختفاء المتحدات اليهودية المتبقية في عام 1492فبعض المنقلبين أصبحوا مسيحيين مخلصين و تكاملوا بنجاح مع المجتمع السائد بينما متحولون آخرون احتفظؤى رغم إخلاصهم بعلاقات مع أقربائهم و أصدقائهم الذين كانوا يمارسون شكلا ما من اليهودية. و عرف المتحولون من اليهود الذين استوروا يمارسون الدين اليهودي أما بسبب العادة أو الالتزام باسم المرّانو. و نشأت المشكلات عندما أصبح عدد المنقلبين و أعقابهم بارزا في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في إسبانية و في الدوائر الحكومية فاعتقد قادة هذه المؤسسات أن من الجوهري أن يحددوا إخلاص من دعوهم المسيحيين الجدد للحفاظ على الحياة. ففي عام 1478 تقدم الملك فردينند الخامس و ملكته إيزابلا باستفسار لإسبانية عن حالة المنقلبين ألى المسيحية حديثا سواء أكانوا سابقا يهودا أم مسلمين.

لم يكن الاستجواب كما يظن، بل كانت لجنة الاستجواب هي المسؤولة الوحيدة عن تحديد ما إذا كان المتحوّل الجديد غير مخلص فبمجرد تعميدهم لا يحق لهم الرجوع إلى دينهم السابق و كان المسيحيون المعمدون فقط هم المعرضين لسلطات الاستجواب. و رغم صعوبة خلوه من الفساد لم يكن الاستجواب عنيفا كما يظن فما من أحد يؤدي حماقة في الاستجواب عندما دفاع المرء عن تهمة عدم يهوديته يكون في الغالب أمرا مستحيلا.

في عام1492 استرد فرديناند و إيزابلا آخر قطعة من الإقليم الإسباني الذي كان تحت الحكم الإسلامي فقررا طرد كل اليهود و المسلمين ممن بقوا على دينهم و لتجنب أمر الطرد اختار كثير من اليهود التحول إلى المسيحية رغم أن عشرات الآلاف اختاروا الرحيل، معظمهم ارتحلوا إلى البرتغال المجاورة و كثيرون ذهبوا شرقا إلى إيطالية و إلى أراضي الإمبراطورية العثمانية بما فيها اليونان و شمال أفريقية و فلسطين و تركية. كانت البرتغال لهم إقامة مؤقتة إذ في العام 1497 قرر الملك مانويل الأول إجبار اليهود على اعتناق المسيحية في البرتغال و لأنه لم يقم استجوابا مباشرا لهم بقي كثيرون منهم يمارسون يهوديتهم سرا قدر ما استطاعوا و مع الزمن رجع أعقابهم جهارة إلى يهوديتهم خارج شبه الجزيرة الإيبيرية - (إسبانية).

أنهى الطرد من إسبانية و التحول إلى المسيحية في البرتغال واحدا من أقدم المتحدات اليهودية و أغناها. و مع ذلك فإن كثيرين من هؤلاء اليهود و المورانو المطرودين استبقوا هويتهم الإسبانية أو السفردينية حيثما أقاموا لاحقا. كما كان طرد اليهود من إسبانية قد أنهى الطرد الجماعي لليهود من البلدان الأوربية على الأقل حتى الأربعينات من الحقبة النازية. لكن طرد اليهود من المدن الأوربية الكبرى استمر من وقت لآخر حتى بداية القرن العشرين.

القرنين السادس عشر و الثامن عشر: حدثت تغيرات كثيرة في أوربة من الفرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر و هذه التغييرات أثرت في العلوم و الديم و الفلسفة و الحياة الصناعية و الاقتصادية. و كان لها تأثير على حياة اليهود و فكرهم كذلك، و كانت أولا قد جعلت أوربة الغربية تعود إلى قبول اليهود.

العودة إلى أوربة الغربية: في بداية القرن السادس عشر كان في بولندة أكبر كثافة يهودية في العالم. و لم يكن هنالك أي يهود يسكنون معظم الأراضي غرب بولندة، لكن هذه الحالة تغيرت في القرن السابع عشر عندما بدأ اليهود يهاجرون رجوعا إلى الولايات الألمانية و إلى شرق فرنسة، و كذلك فعل كثير من المارانو الذين حافظوا سرا على شكل ما من الهوية اليهودية في شبه الجزيرة الإيبرية (إسبانية و البرتغال) و كانوا قادرين على استئناف التزامهم المكشوف باليهودية في هولندة و جنوبي فرنسة و في مدينة هامبورغ الألمانية.

استقر كثير من المارانو في هولندة و بخاصة في أمستردام التي منحتهم حرية العبادة و فرصا اقتصادية كثيرة. دخلت هولندة عصرا جديدا من الازدهار التجاري باستقلالها عن إسبانية في عام 1648. و في جنوب فرنسة تطورت متحدات المارانو في مدن موانئ بوردو و بايون. و في هامبورغ المركز التجاري الهام أصبحت ملجأ للاجئين من أقسام أوربة الأخرى و رحبت باليهود الذين أصبحوا ممولين و مستوردين و بناة سفن. و كمسيحيين سابقا كان المارانو أول يهود لهم ثقافة عامة واسعة و تأثير في إحدى اللغات الأوربية على الأقل، ففي طرق كثيرة كانوا أول يهود حديثين و علامة للمستقبل و هم رغم ضآلة عددهم كان لهم تأثير مباشر على يهود المناطق الأخرى.

زيادة التحمل الديني: أثناء القرن السابع عشر غيرت الثورة العلمية و أول دوافع الثورة الصناعية طرق كثير من الفكر و السلوك الأوربي، فالثورة العلمية جلبت تفاسير لادينية للطريقة التي يعمل بها العالم الطبيعي كما جلبت الثورة الصناعية أشكالا جديدة من التنظيمات الاقتصادية. كانت الحروب الدينية بين الكاثوليك و البروتستانت قد شغلت أوربة في القرن السادس عشر لكنها انتهت في القرن السابع عشر في استيطانات أدت إلى قبول أكبر، برغم الأحقاد، للاختلافات الدينية. فالتجارة الأوربية مع آسية و كذلك قيام المستعمرات الأوربية في الأمريكتين جلبت التفاعل مع الثقافات الأخرى. و الأكثر من ذلك، تعرف أكبر بالعالم القديم من اليونان و الرومان ما جعل العديد من الحقائق العامة قيد المساءلة.

لذلك كان القرن السابع عشر فترة انفتاح عقلي أعظم و فرصا اقتصادية و له تأثير هائل على كل سكان القارة الأوربية. فالمنجزات العلمية و الاعتماد على التعليل العلمي و الاطلاع على الثقافات غير الأوربية أدى إلى احترام جديد لحقوق الإنسان أثناء القرن الثامن عشر – فترة عرفت بعصر التنوير.

النقاش في حقوق اليهود: كانت الانتقالات السياسية أبطأ في الحدوث عبر كل القرن الثامن عشر تقريبا، فكان اليهود الأوربيون فاقدي الحقوق و الحماية الشرعية كمواطنين. و قبل نهاية القرن تطلبت هذه الحال إعادة نظر. استمر التفكير التنويري بالانتشار بين النخبة من أوربة و جعل الوسط التنافسي للثورة الصناعية أمرا مكلفا جدا استبعاد أي واحد له موهبة.

ففي إنكلترة و هولندة و فرنسة و قسم من بروسيا ( ألمانية الآن) و النمسا تجاوبت أصداء الجدل بين السياسيين و رجال الفكر فيما يخص الوضعية السياسية لليهود. ناقش البعض أن على اليهود أن يغيروا طريقة تفكيرهم و تصرفهم قبل منحهم حقوقا مدنية متساوية بينما شعر آخرون أن اليهود يحتاجون أولا الدافع و الفرصة السانحة لتغيير طرقهم، فهم كان يطلب منهم لفترة طويلة أن يسكنوا في أحياء منفصلة و بسبب القيود على حجمها و تسهيلاتها فأن كثيرا من هذه الأحياء الخاصة أصبحت أزقة مكتظة. هذا بالإضافة إلى حصر المهن التي يستطيع اليهود ممارستها جعلت كثيرين منهم باعة متجولين. كما أن دينهم تطلب منهم لبس أثواب معينة كلبس التزيت تزيت ذي الأهداب للرجال ما يميزهم عن باقي الناس من غير اليهود كما أن ثقافتهم كانت محصورة بدراسة الكتب المقدسة.

في الجدال حول الحقوق المتساوية اتفق كلا الجانبين على أن اليهود كي يصبحوا أكثر أوربية في اللغة و المظهر و الثقافة لكي يساهموا في للمجتمع الأكبر و يستفيدوا من التفاعل معه، بدأ عقلاء اليهود و رجال الأعمال الذين ساهموا في حركة توسعة الحضارة الأوربية إلى اليهود يطالبون بالمساواة بصوت مرتفع و كنتيجة لهذه الحركة اليهودية المستنيرة (الهسكالاه) كانوا قد بدأوا من قبل بتغيير لغتهم و مظهرهم بقيادة الفيلسوف اليهودي مويى مندلسون في برلين فأصبحوا مساهمين مهمين في الحوار بينما هم يساهمون في حركة التنوير الأوربية.

التحرر و الإصلاح: البحث في حقوق اليهود كان له أعمق التأثير في فرنسة التي تناولت مسألة من ينبغي له أن يكون مواطنا في يقظة الثورة الفرنسية 1789-1799. و كان أطول جدال يخص اليهود. كثير من الثوارعارضوا منح حق المواطنة لليهود مجادلين أن هوية اليهودي كشعب مميز جعلتهم غير مناسبين لمواطني فرنسة بينما أراد آخرون منح اليهود حقوقا متساوية مجادلين أن حقوقا كهذه قد تؤدي إلى تغيير في الهوية اليهودية كما جادل أحد السياسيين و الثوار الفرنسيين بقوله :" إن اليهود كأمة هم لا شيء و لكنهم كأفراد هم كل شيء و يجب عليهم أن يكونوا فرنسيين" و هذا الوضع حمل اليوم و في عام 1791 منحت فرنسا اليهود كامل الحقوق المتساوية، سياسة باتت تسمى تحرير اليهود.

كانت فرنسا أول دولة منحت التحرير لليهود بينما ناقشت الدول الأوربية الأخرى الموضوع لكن لم تمنح أية واحدة منها التحرير لليهود في القرن الثامن عشر. أما في القرن التاسع عشر تكاثرت منح التحرير عبر أوربة. و قبل عام 1871 مع تحرير ألمانية لليهود كانت كل دولة في أوربة منحتهم التحرير ما عدا روسية. و في كل الحالات كان المتوقع من اليهود أن يتركوا سمة هويتهم الإثنية باعتناقهم اللغة القومية اليديش أو اللادينو – لغة يهود السفرديم الإسبان و أن يقبلوا البلد الذي يسكنون فيه بدلا من إسرائيل و كان على اليهود أن يصبحوا مجموعة دينية بين المجموعات الدينية العديدة الأخرى في أوربة.

ظهرت مراكز ثقافية و إبداعية يهودية كنتيجة للتحرير و أصبحت المدينة البروسية برلين المركز الرئيس للثقافة اليهودية الحديثة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كما ظهرت مراكز هامة في كونغسبرغ – الآن كاليننغراد بروسية و في همبورغ و فرانكفورت أم مين في ألمانية و في باريز بفرنسة. و أثناء القرن التاسع عشر حصل اليهود المحررون على بروز في فينا و بودابست عاصمتي النمسا و هنغارية. و في هذه المدن الأوربية هجر اليهود لغة اليديش لغتهم الكلامية و العبرية لغتهم المكتوبة. و بدأوا يلبسون مثل الناس الآخرين حيث تخلى الرجال عن الجدائل ( البيوت) و النساء عن الشعر المستعار ( الشيتل).

نسخة جديدة من اليهودية تسمى الإصلاح تطورت مع التحرير أثناء القرن التاسع عشر نابذة تلك النواحي من اليهودية التقليدية التي تبدو غير متآلفة مع وضعية اليهود الثقافية و السياسية الحديثة. أصبحت اليهودية الإصلاحية بسرعة متبناة من قبل أغلبية اليهود في ألمانية كما اتبعها يهود آخرون في مناطق أخرى أيضا . أزال إصلاحيو اليهودية كل الصلوات التي تدعو إلى إعادة بناء الدولة اليهودية في فلسطين و التي تشير إلى اليهود كأمة. كما أكدوا أن كثيرا من الطقوس في اليهودية التقليدية لم يعد لها علاقة بحياة اليهود الحاضرة لأتها وضعت حاجزا بين اليهود و الناس ألآخرين و هم اعتبروا فقط المكونات الأخلاقية لليهودية الإجبارية و اعتبروا العناصر الأخرى ممكن تركها.

كما هو متوقع ، أوضح تحدي الإصلاح رد فعل قوي من قبل الممثلين لليهودية التقليدية الذين دعوا أنفسهم يهودا مستقيمين. رفض المستقيمون أي تغيير في الدين اليهودي و كثير منهم رفضوا كامل برنامج التحديث مصرين على إبعاد اليهود عن الثقافة الغربية و مراكزها التعليمية.

الهازيدية في أوربة الغربية: كانت روسية قد ضمت معظم القطر البولندي بما فيه أوكرانية في أواخر القرن الثامن عشر ملحقة بها عددا كبيرا من السكان اليهود بهذه العملية، و قبل ذلك كانت الثقافة التقليدية ليهود بولندة تجري مسارها بينما كانت روسية عندها تحكم من قبل القياصرة الذين لم يمارسوا تحريرا سياسيا كبقية بلدان أوربة، غير أن الثقافة اليهودية كانت قد تغيرت بالفعل في أواخر القرن الثامن عشر و التاسع عشر. حركة إحياء دينية هامة عرفت بالهازيدية كانت قد ظهرت في بادولية ( الآن في أوكرانية) في أواسط ال 1700 و أتباعها عرفوا بالهازيدية.

رغم أن كثير من الناس يربطون اليوم الهازيدية بأكثر العناصر تقليدية من الحياة اليهودية إلا أنها في الأصل مثلت تحولا هاما في التقاليد. باحثين عن طرق جديدة لحقن المغزى الديني في الحياة اليهودية، تحدت الهازيدية سلطة القيم التقليدية للكهنة الذين رفعوا الدراسة التلمودية فوق كل ما عداها و بشكل فعال معظم الرجال و كل النساء مصرة على أن نواحي كثيرة من سعي الإنسان قدم فرصا سانحة لتقديس الحيلة و بلوغ التعرف إلى حضور الله من النشاط الديني بالصلاة إلى الغناء و الرقص و الأكل و العمل فحولت الهازيدية ،بقيادة مجموعة من القادة يسمون رابيين، الحياة اليهودية في كل أوربة الشرقية.

و هذه الحركة المعارضة التي أقامتها بين الرابيين التقليديين جلبت شعورا بالهوية المذهبية ليهود أوربة الشرقية الذين كانوا من قبل موحدين.

التحديث و التجزئة: من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر كان اليهود الأوربيون شغبا موحدا ثقافيا و دينيا و لغويا، غير أنهم منذ العام 1750 إلى 1850 فإنهم تشرذموا إلى عدة مجموعات و فئات. و منذ العام 1850 لا تزال أغلبية اليهود تتكلم اليديش، بينما في الأماكن الأخرى يتكلمون الألمانية و الفرنسية و الهنغارية و الإنكليزية و بشكل متزايد البولندية و الروسية. و في عام 1750 كان كل اليهود تقريبا يمارسون اليهودية التقليدية بينما بحلول العام 1850 كان أغلبية اليهود في أوربة المركزية و الغربية لا يفعلون ذلك و اليهود في أوربة الشرقية كانوا قد انقسموا إلى الهازيديين و مناقضي الهازيدية و اليهود اللادينيين الذين تتزايد أعدادهم.

بقيت اليهودية الرابينية التراث حية و قوية في أوربة في القرن الثامن عشر، لكن اليهود بدأوا أيضا بالتفرع إلى العلوم و الفنون الأوربية، للمرة الأولى أصبحوا مساهمين مباشرين في الثقافة اللايهودية على نطاق واسع ، و بشكل مماثل توجهت الفلسفة اليهودية نحو تحديات الفكر الأوربي و تنويره بطريقة جدية للمرة الأولى، فالفلاسفة اليهود كمنلسون في ألمانية كتب باللغات الأوربية و صارع بالخليج الظاهر بين الأفكار الحديثة و التراث النصي اليهودي.

القرن التاسع عشر: ثمة أيدلوجيات سياسية جديدة رافقت تحرير اليهود ى التحولات المرافقة للتحولات في الحيلة اليهودية أثناء القرن التاسع عشر، فالإيدولوجيات المعروفة بالقومية المرتكزة على الشعور المتحدي بين الناس الذين يشتركون بالتراث أثبت عدائيته لتكامل اليهود في الحياة الأوربية. فالقوميون رأوا في تكاملهم تلويثا للتراث الموروث لأمتهم. و رغم أن القوميين خسروا بالنتيجة المعركة ضد تحرير اليهود،فإنهم أخروا عملية التحرير في كثير من الأماكن.

بدأ اليهود بعد تحررهم اكتساب بروز في مناطق كثيرة ذات سلوك تراثي. فعدد اليهود في الجامعات و الذين يعملون في مجالات مهنية زاد إلى مستويات خارج نسبة تمثيلهم في السكان. توصل اليهود في بعض الأماكن تمثيلا بارزا في الحكومة القومية و المحلية، كما أنهم أصبحوا أيضا رجال أعمال ناجحين و أصحاب بنوك. فسلالات الأسر البنكية كبيت روتشيلد بلغوا ثروة و قوة خيالية. و كان هذا النجاح لطالبي التحرير للخير أو على الأقل غير ضار، أما بالنسبة لمعارضي التحرير فقد مثلت هذه التطورات تحقيق أسوأ مخاوفهم.

ا. معاداة السامية العرقي: كونهم فقدوا الجدال في التمسك بالتحرير، فإن معارضي حقوق اليهود المدنية و التكامل السياسي طورت جدليات لتبرير طي التحرير. ففي السبعينيات 1870 اتخذ كره اليهود شكلا جديدا سمي ضد السامية. و نحتت هذه العبارة عام 1879 واصفة ضد السامية بأنها معارضة اليهود على أسس عرقية. و أكد معادوا السامية أن اليهود يشكلون عرقا مميزا جسّد مميزات مختلفة عن، و خطرة على، المجموعة الأوربية السائدة التي يسمونها العرق الآري. و لأن معاديي السامية ينظرون إلى هذين النوعين العرقيين على أنهما غير مناسبين، فإنهم يعتقدون أن سلامة المجتمع الأوربي تعتمد على عزل اليهود عن الآريين. فهم عارضوا السماح لليهود بالمشاركة في أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية أوربية أو أن يمارسوا أية قوة سياسية. و هم فضلوا بذل أقصى الجهود لمنع اليهود من الزواج من غير اليهود.

إن معاداة السامية مضافة إلى المقاومة القومية ضد اليهود قادت إلى ظهور أحزاب سياسية على برامج تحرم اليهود من كل الحقوق المدنية، و أحزاب كهذه ظهرت في فرنسة و ألمانية و هنغارية النمساوية. و بالرغم من عدم نجاحها في كسب مناصب سياسية إلا أن الأحزاب المعادية للسامية رتبت كسب بضعة انتصارات انتخابية أكثرها أهمية عمدة فيينا عام 1897 في الوقت الذي كان فيها عدد كبير من السكان اليهود الذين تمثلوا تماما بالتكامل مع الثقافة النمساوية.

لم تجد معاداة السامية لها طرقا داخلية إلى أوربة الشرقية غير أن القومية الروسية كانت شديدة الكراهية لليهود. فبعد مقتل القيصر الكسندر الثاني عام 1881 اندلعت مذابح سميت بالبرامج التدميرية عبر القسم الجنوبي من الإمبراطورية الروسية. و رغم أن ما من أحد من اليهود كان قد قتل نسبيا في اندلاع 1881 مقارنة بالانتفاضات التي اندلعت في البرامج اللاحقة، إلا أن هذه البرامج وضعت نهاية لأمل اليهود في أن يصبحوا مواطنين روسيين. ما أدى إلى تحول العديد من اليهود إلى المسيحية تجنبا لتضحيتهم من قبل المقطوعيات الجديدة الناشئة على اليهود في الجامعات و المهن.

الصهيونية و ردود الفعل الأخرى على معاداة السامية: معظم اليهود الذين تصرفوا كردة فعل على الاندلاعات المضادة لليهود كانت بالهجرة إلى بلدان أخرى. و من بين أولئك الذين بقوا، بعضهم استجاب للدعوة السياسية الخجولة و الأحوال الاقتصادية باعتناق الاشتراكية, بينما القلة الآخرون يدأوا جميعهم يعملون باتجاه عودة اليهود إلى وطنهم في فلسطين الذي كان وقتئذ تحت الحكم العثماني. و الجهود لخلق دولة يهودية مستقلة في فلسطين باتت تعرف بالصهيونية باسم تلة صهيون في القدس التي كان المعبد القديم مقاما عليها. و الصهيونية كانت تعني رفض إمكانية تكامل اليهود في العالم الغربي.

كانت ردود الفعل اليهودية الأساسية لمعاداة السامية في أوربة الغربية مختلفة عن تلك التي وجدت في أوربة الشرقية. فبعض اليهود الفرنسيين و الألمان نابذين الخرج العرقي نادوا بتسريع عملية التغريب بين اليهود كي يضيِّقوا الفروق بين اليهود و غير اليهود، بينما استجاب يهود آخرون لخلق منظمات سياسية لمقاومة معاداة السامية و للدفاع عن المكاسب السياسية التي كانوا قد حصلوا عليها. و عدد صغير جدا منهم توصلوا إلى نفس النتيجة عن طريق صهاينة الشرق الذين ما كان يمكن لأوربة أن تكون مكانا يرحب باليهود، بقيادة الكاتب و الصحفي تيودور هرتزل، إذ بدأ هؤلاء اليهود يتململون طلبا لدولة يهودية، و كان هرتزل قد غطى في فرنسة قضية دريفوس في جريدة بفيينا. و معاداة السامية كانت قد أطلقت عنان معاداة السامية في فرنسة بالاتهامات ضد ألفريد دريفوس اليهودي الضابط في الجيش ما أقنعت هرتزل و آخرين بأن الحقوق اليهودية يمكن تأمينها فقط في دولة يهودية.

نبذت الأغلبية العظمى من اليهود في القرن التاسع عشر الصهيونية فبعضهم و بشكل عاطفي تماما اعتقدوا أن الصهيونية الأسف على شكي قبلي قديم من اليهودية جعلته الحداثة بائدا و هم أصروا على المسألة أليهودية كما كانت تسمى لأمد طويل و التي كانت التحسن الأخلاقي لليهود و الأمم من غيرهم على حد سواء. ففي عالم أفضل قد لا يكون هنالك مكان لمعاداة السامية و بحسب هذا الطرح لا لزوم لفصل اليهود عن باقي البشر. كان هذا الحال الرسالة المركزية للإصلاح اليهودي الذي نبذه القوميون أو الصهاينة من مكونات الهوية اليهودية بشكل كامل.

الثقافة اليهودية: إن المواضيع السياسية للتحرير و مسألة الإصلاح الديني كانت تستلزم ثقافة يهودية في القرن التاسع عشر، غير أن الثقافة اليهودية ازدهرت أيضا في مجالات أخرى حيث برز اليهود ككتاب في الأدب الدنيوي الذي أغنوا به الأدب الإنكليزي و الفرنسي و الألماني بالروايات و القصص القصيرة و الأشعار و المقالات. ففي بريطانية كان هنالك بنيامين دزرائيلي الذي انقلب إلى المسيحية و كتب روايات شعبية قبل أن يصبح رئيسا للوزارة، كما كان هنالك هنريش هاينه الذي تحول أيضا إلى المسيحية لكي يحصل على درجة في القانون بألمانية و الذي أصبح واحدا من أكثر المحبوبين من الشعراء الألمان.

كما أن الأنواع الأدبية الحديثة تطورت أيضا باللغة العبرية و بخاصة باليديش. و رغم أن الأدب العبري لم يكن يقرأه أحد في ذلك الزمان ، إلا أن اليديش أقام ثورة في عادات التفكير و القراءة اليهودية. إذ أصبح هذا الأدب أداة فعالة في تحديث فكر اليهودفي شرقي أوربة و بخاصة في رقعه درجة الوعي الطبقي بين اليهود و في ترقيته المثل الاشتراكية. كما أثر أيضا في كونه وسطا فعالا و أحيانا وحشيا في النقد الاجتماعي. فالكتاب باليدشية كسلمون رابينوفيتش الذي اتخذ اسم شولوم أليشم استعمل التهكم و السخرية لحفز اليهود على إعادة تشكيل حياتهم السياسية و الثقافية. و طوال تلك الحقبة استمر اليهود التقليديون بإنتاج مؤلفات في الدراسة التلمودية.

انتهى القرن التاسع عشر بحياة يهودية متململة في أوربة و بمجتمع يهودي متجزئ بين وجهات النظر السياسية و الدينية، و لم يستطيعوا أن تكون لهم استجابة موحدة للتحديات العديدة التي ظهرت لاعتبار أن اليهود الأوربيون كانوا بيأس منقسمين فيما يتعلق بالأمور المركزية التي كانت تواجه المجتمع اليهودي.

القرن العشرين: واجه اليهود تحديات غير مسبوقة في أوربة حال بداية القرن العشرين. فهل كان بإمكانهم البقاء كيهود؟ و هل كان عليهم حتى أن يحاولوا؟ هل كانت الصهيونية هي الجواب أم كانت الاشتراكية بالوعد بحياة أفضل أم بالتوسع بالديموقراطية تحت النظام الليبرالي هي ذلك؟ ناقش اليهود تلك الموضوعات في أوربة الغربية بينما تجاهل يهود أوربة الشرقية تلك الإيديولوجيات و هاجروا إلى شال أمريكا و بخاصة بعد برامج عام 1881.

الهجرة من أوربة الشرقية: من عام 1881 إلى عام 1914 ترك أوربة 5و2 مليون يهودي مع ما يقرب من 2 مليون ذهبوا إلى الولايات المتحدة الأميركية. و آلاف أخر توجهوا إلى الأرجنتين و أوستراليا و كندا و جنوب أفريقية، بينما آخرون هجروا أوربة الشرقية إلى أماكن قريبة من فلسطين كفرنسة و ألمانية و بريطانية.

لم يجلب المهاجرون معهم مالا و معارف أقل بالبلاد الجديدة التي نزلوا فيها لكنهم فضلوا النجاة من الفقر و المهانة في أوربة الشرقية و يعوا لبناء حياة جديدة لأنفسهم و أسرهم و كثيرون ممن أتوا من روسية كانوا قد شكلوا عناصر فاعلة في مجتمعهم اليهودي بتمسكهم بمعتقدهم الديني التقليدي لكنهم كانوا أيضا متغافلين عن قادتهم الرابيين بالعودة إلى فلسطين. كان هؤلاء القادة ينظرون إلى الحياة الأمريكية بخوف لأنهم رأوا فيها اختلافا جذريا عن ثقافتهم بتطلبها من اليهود تمثل النسق الأمريكي و فقد الهوية اليهودية.

الهجرة إلى أمريكة: انضم المهاجرون من أوربة الشرقية إلى ما يقرب من 250 ألف يهودي كانوا فيها من قبل، فبعض السابقين كانت لهم أصول سفردينية كلاجئين من محاكم التفتيش، لكن معظمهم نشأوا في أراض تتكلم الألمانية من أواسط أوربة و حميعهم كانوا قد ارتحلوا طلبا للحقوق المدنية و الفرص الاقتصادية . و قبل 1891و بعد عقد من البرناج الروسي فاق عددهم من كانوا قد انتقلوا إلى الولايات المتحدة قبل 1881، و المهاجرون الجدد كانوا سيئي الاستعداد للتكامل مع الأشكال الموجودة من العبادة اليهودية التي كانت في معظمها كنس إصلاحية يديرها رابيون يتكلمون الإنكليزية و لذلك فإنهم باشروا شكل حيلتهم الدينية الخاص بهم مشكلين الحركة المحافظة في اليهودية التي كانت مصممة للحفاظ على بعض عناصر التراث و اعتناق الأفكار الحديثة أيضا.

لم يعتنق أحد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة الفكرة الصهيونية، فمعظم اليهود كانوا يرغبون أن يصبحوا متكاملين مع السياق الأمريكي بالسرعة الممكنة و كثيرون منهم اختاروا مهنة المحاماة أو الطب كهدف بالدراسة في الجامعات العامة كوسيلة. بينما أصبح آخرون مقاولين بارزين – روادا في الصناعات الترفيهية في الولايات المتحدة كمثال. و رغم أن بعض المهاجرين و أنسالهم بقوا غارقين في الفقر إلا أن معظمهم شقوا طريقهم إلى الطبقة الوسطى الأمريكية و استمتعوا بالراحة السياسية و المادية غير المسبوقة في الحياة اليهودية حتى ذلك الزمن، فبعض اليهود عبروا عن ذلك بأن هذه الراحة إنما كانت على حساب علمهم التراثي.

أوربة قبل الحرب العالمية الثانية: ساءت الأحوال في أوربة بالنسبة لليهود أثناء أوائل القرن العشرين. فمعاداة السامية بقيت قوة قادرة أججت القومية و الشعور الوطني أوارها خلال الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 . فالإمبراطوريتين النمساوية الهنغارية و العثمانية سقطتا و الشعوب المكبوتة تحت حكمهما حصلت على اسقلالها. و كثير من هذه الدول القومية حصرت حقوق سكان الأقليات تحت حكمها بما فيهم اليهود. كان الألمان قد عانوا من انهزامهم المدمر في الحرب التي أججت مشاعر المرارة التي ساعدت النازيين بالتوصل إلى السلطة بدعامة معاداة السامية في برنامج حزبهم. كما أن الثورة الروسية عام 1917 أوصلت البلشفيك للسلطة و تبنت دولة الاتحاد السوفييتي سياسة مناهضة للأديان هددت استمرار الحياة اليهودية و كذلك التقاليد التراثية الأخرى.

دمر الضغط الشديد في الثلاثينيات الآمال الاقتصادية لملايين الناس في أرجاء العالم ما أدى إلى التفتيش عن كبش فداء. و كثير رأوا اليهود لذلك. و أكذوبة سميت بروتوكولات حكماء صهيون سرت في روسية في أواخر 1800 و نشرت عام 1905 تدعي الكشف عن خطط سرية لليهود بقهر العالم. و بعد ترجمته إلى عدة لغات في القرن العشرين أثبتت هذه التلفيقة جدواها لدى الكثيرين من معاديي السامية بما فيهم القائد الألماني أدولف هتلر ما زاد كراهية اليهود، و عبر كل هذه الأحداث ناقش اليهود كيفية الرد و ما إذا كان عليهم أن يعبروا عن أنفسهم كيهود.

التوتر المتزايد في ألمانية جعل العديد من اليهود يضاعفون جهودهم لتمثل الثقافة الحيطة بهم بينما رجع يهود آخرون إلى مجتمعهم اليهودي ملزمين أنفسهم بدراسة يهودية أكبر كما أن الصهيونية كسبت دعما برغم بقائها أقلية مميزة حتى بعد تسلم الحزب النازي المعادي للسامية السلطة في عام 1933. و بالرغم من تنامي التوتر في ألمانية فإن اليهود من بولندة تابعوا هجرتهم بأعداد رغم صغرها لكنها كانت ذات دلالة لألمانية. فالواصلون الجدد جعلوا التوتر أكبر لأنهم كانوا على نطاق واسع غير متمثلين و يصدمون الألمان الحديثين ، فاليهود و غير اليهود على السواء صدموا الألمان بكونهم مختلفين بشكل غير مقبول.

أما في الاتحاد السوفييتي فمعظم أشكال الحياة اليهودية مرت بتدهور سريع في وجه العدائية الحكومية. فإن كامل بنية الحياة اليهودية التقليدية كانت قد اختفت تقريبا خلال عقد من زمان ثورة 1917 فالحكومة جرمت النشاط الصهيوني أيضا بالنشر أو التعليم بالعبرية. و رغم أن بعض أشكال الأدب باليديشية كانت مسوح بها في فترة فإن مركز الثقافة اليديشية قد انتقل صوب بولندة. و في بداية القرن العشرين كان أكثر من 5 ملايين يهودي قد سكنوا في الإمبرطورية الروسية و قبل الثلاثينات 1930 أقل من 3 ملايين يهودي كانوا يسكنون في الاتحاد السوفييتي و الكثير من الثقافات اليهودية الملحقة لروسية القيصرية كانت قد جفت.

كانت بولندة قد خرجت من الحرب العالمية الأولى كدولة مستقلة. و العديد من مجتمعاتها اليهودية بقيت سليمة و اتسعت بعد الحرب بإضافة اللاجئين من الاتحاد السوفييتي، أصبحت بولندة مركز الحياة اليهودية في أوربة الشرقية أثناء فترة ما بين الحربين من 1918-1939. فهي كانت تعج باليهود من كل نوع-علمانيين و هازيديين، اشتراكيين و رأسماليين، أحرار و محافظين. و المؤرخون اليهود و البولنديين ناقشوا بمرارة كم كانت بولندة مضيافة لمجتمعاتها اليهودية في هذه الفترة. و إجمالا يبدو التقرير مختلطا بشكل تقريري، فقد ساهم اليهود بشكل فعال في المؤسسات الديموقراطية البولندية و هم تقدموا ثقافيا و سياسيا، و بنفس الوقت واجه اليهود استياءا بينا من كل المستويات الاجتماعية و غالبا ما كانوا يلقون تحبيذا بينا. و برغم ذلك ، كان لليهود في بولندة ثقافة مزدهرة حتى غزو الألمان لبولندة في عام 1939 ببدء الحرب العالمية الثانية.

الحرب العالمية الثانية و المحرقة: لقد بدل ظهور الاشتراكية القومية-النازية- تاريخ اليهود إلى الأبد. فمباشرة بعد أن أصبح هتلر مستشارا ألمانيا في عام 1933 انطلقت الحكومة النازية لطي تحرير اليهود، حارمة إياهم من الحقوق المدنية الأساسية، منكرة عليهم الوصول إلى العمل، و منشئة مقاطعة على أعمال اليهود. كانت هذه الإجراءات مقدمة للتدمير الذي تلا أثناء الحرب العالمية الثانية.

اتخذ النظام النازي منظوره على إعادة فتح المناطق التي كانت تحت السيطرة الألمانية في بولندة و تشيكوسلوفاكية و منطقة البلطيق. و بالنتيجة وجه العهد طموحاته إلى اختلال كل أوربة و أثناء الحرب نجح في ذلك تقريبا: فكثير من البلاد الأوربية أصبحت تحت الاحتلال الألماني و بدأت قوات الاحتلال الألمانية عملية إبادة اليهود الأوربيين. و كان ما سمي بالحل الأخير ترحيل اليهود إلى معسكرات الموت. فالنازيون و مساعديهم قتلوا قرابة 6 ملايين من اليهود خافضة عدد ثلثي اليهود في أوربة الذين كان عددهم 6و9 مليون قبل الحرب. مبيدين أكثر من 90% من الثلاثة ملايين من يهود بولندة و قتلوا نسبا مساوية من يهود دول البلطيق.

إن إبادة اليهود الأوربيين عرف بالمحرقة مدمرين ثقافة كاملة فالثقافة التي تتكلم اليديشية في شرق أوربة المعروفة بأدبها و مسرحها لم يبقى لها أثر. و قي عام 1939 كان هنالك ما يقارب 10 مليون يتكلمون اليديشية و في العام 2000 بقي أقل من مئة ألف خارج المجتمع الهازيدي يتكلمونها و معظمهم من كبار السن. أبادت المحرقة كامل المجتمعات الهزيدية مزيلة العديد من الأكاديميات التلمودية الكبرى و قاتلة العديد من أعظم كتاب الأدب اليدشي. و رغم أن النازيين لم ينجحوا في قتل كل يهود أوربة إلا أنهم نجحوا في تدمير معظم البنى التحتية الثقافية التى أنتجها اليهود قط.

الهجرة إلى فلسطين: من بقي حيا بعد المحرقة اتخذوا طريقهم إلى بلدان عدة بعد الحرب العالمية الثانية. و معظمهم توجه إلى فلسطين حيث كان االمجتمع اليهودي على وشك إقامة دولة بحشد أكبر عدد ممكن من اللاجئين و بخاصة الشباب و الأقوياء. كان المجتمع اليهودي ينمو باستمرار في فلسطين بعد إقامة أول المستوطنات الصهيونية فيها في الثمانينيات 1880. و من 1880 و حتى الحرب العالمية الثانية كان معظم اليهود الذين هاجروا قد انتقلوا إلى مكان آخر، لكن عدة وجبات من الهجرة إلى فلسطين مع هجرة بقايا المحرقة زادت عدد اليهود في فلسطين إلى أكثر من 600 ألف قبل 1947يقودهم ديفيد بن غوريون الروسي المولد تابع الصهاينة حلمهم بدولة يهودية مستقلة برغم المعارضة القوية للعرب الذين كانوا يسكنون فلسطين و ما حولها.

خلق إسرائيل: في تشرين الثاني عام 1947 هيئة الأمم التحدة المنشأة حديثا صوتت بتقسيم فلسطين خالقة دولة يهودية و دولة عربية في عام 1948 حيث كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عقب إخراج الأتراك العثمانيين في عامي 1917 و 1918). لم يرضي قرار التقسيم أيا من الجانبين رغم أن قادة الصهاينة قبلوا به بينما رفضه العرب الذين كانوا يسكنون فلسطين لأكثر من ألفي سنة من الشتات اليهودي، و كانت الحرب لا بد منها و بدأت في أيار 1948و بمجرد مغادرة القوات البريطانية أعلن بن غوريون استقلال دولة إسرائيل. و سيطرت القوات الإسرائيلية في الحرب العربية الإسرائيلية من عام 1948-1949 و قامت دولة إسرائيل و الصراع العربي الإسرائيلي.

نظر معظم اليهود إلى إنشاء إسرائيل الحديثة كحادثة عظيمة في التاريخ اليهودي رغم أن أقلية صغيرة عارضت وجوده فبالنسبة للكثيرين مثلت لهم مكانا قد يكون اليهود فيه دائما متحررين من الاضطهاد كما أنها بالنسبة للبعض الآخر مثلت أيضا تحقيق التنبؤات القديمة بأن الشعب اليهودي سيحكمون أنفسهم مرة أخرى في أرضهم الخاصة بهم.

و الرؤى المتنوعة لإسرائيل وضعت حالا قيد الاختبار، فاليهود من العالم العربي اتخذوا طريقهم إلى إسرائيل بعشرات الآلاف: كثيرين منهم كانوا قد طردوا من بيوتهم في شمالي أفريقية و من الشرق الأوسط و حوالي 300 ألف كانوا قد وصلوا قبل 1951. كما آلاف أخر أتوا أيضا من إيران حيث كان اليهود يقيمون منذ نهاية الأسر البابلي و امتصاص اليهود من الأراضي العربية اختبر قدرة الدولة على العيش وفق وعدها بقبول كل اليهود كما أن الدولة قررت استيعاب كل اليهود بدون أن تتذمر اقتصاديا لكن كلما وصل مهاجرون أكثر كلما كان الطلب على الموارد يشكل توترا كبيرا يتململ حتى يومنا هذا فاللاجئون ما زالوا يتوافدون إلى إسرائيل و معظمهم من روسيا مؤخرا جاعلين سكانها ما يقارب 6 ملايين في العام 2000.

بالنسبة للكثيرين من اليهود كانت أحداث أوائل الخمسينات 1950أثبتت لهم أن الحلم الصهيوني كان حقيقة معتضدة. و بالرغم هذه النشوة المؤقتة فإن تأمين وجود الدولة يستلزم جهدا كبيرا و مع الوقت أصبح الأمن الإسرائيلي البؤرة المركزية في النشاط السياسي عبر الشتات و بقي كذلك حتى الآن.

الحالة المعاصرة: التدمير على نطاق واسع للمجتمع اليهودي الأوربي و هجرة اليهود من الأراضي العربية و النمو الهائل للمجتمع اليهودي الأميركي و قيام إسرائيل قد غير طبيعة الشعب اليهودي في النصف الأخير من القرن العشرين فأغلبية اليهود يعيشون اليوم في أماكن مختلفة عن الأماكن التي كان يسكنها أجدادهم و إحدى النتائج أن كل نواحي الحياة السياسية و الثقافية و الدينية قد تبدلت فإن تبديل مواقعهم قد خلق ضغوطات هائلة بين اليهود فالناس ذوي التوجهات الشديدة الاختلاف دينيا و ايديولوجيا الذين كانوا يعيشون في بلاد مختلفة و يتكلمون لغات مختلفة يسكنون الآن في نفس المكان في المدن الكبرى بإسرائيل و الولايات المتحدة و بالضورة يتكلمون نفس اللغات إما العبرية أو الإنكليزية.

تواجه اليهود عدة تحديات عند بداية الفرن الحادي و العشرين و رئيسي بينها التحديات بإيجاد هدف مشترك بين أشكال مختلفة من اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة و المحافظين و الأرثوذكس و ما يخفف التوترات بين السكان العلمانيين و المتدينين في إسرائيل فيما يتعلق بمناسبة الحرية الدينيةفي الدولة اليهودية. ففي إسرائيل بشكل خلص حيث يدير اليهود الأورثوذكس القضايا الدينية و لديهم قوة في الحكومة يعارض عديد من اليهود العلمانيين فرض المعايير الدينية القياسية فالفروق الثقافية في إسرائيل قد قادت إلى توترات بين اليهود من أصول أوربية و اليهود الذين تأصلوا في الشرق الأوسط فاليهود الأوربيون سادوا الشؤون السياسية بينما يهود الشرق الأوسط و الشمال أفريقية قد قاتلوا من أجل قوة سياسية و اقتصادية أكثر. فمن 1980 فما بعد موجات من الهجرة من الاتحاد السوفييتي و دوله التابعة و مجموعات صغيرة من المهاجرين من الحبشة قد أضيفت إلى التوترات الإثنية في إسرائيل.

و قضية من هو العضو من المجتمع اليهودي الذي سيتابع تقسيم اليه، فمعظم اليهود بحسب القانون اليهودي التقليدي ( الهالاكاه) بأنه اليهودي الذي أمه يهودية. لكن بعض اليهود الإصلاحيين يصرون على أن أولئك الذين آباؤهم يهودا يمكنهم أيضا أن يعتبروا يهودا ضمن ظروف معينة. و هذه الحالة تحت النقاش بين اليهود المحافظين أيضا، فاليهود الأورثوذكس من جهة أخرى يرفضون هذه الحالة بشكل كلي. و هم يصرون على أن القبول بالتهويد عن طريق الأب ستقود إلى انشقاق غير قابل للإصلاح في السلالة اليهودية، فالقانون الإسرائيلي للعودة يمنح المواطنة الكاملة لأي شخص له أصل يهودي رغم أن أولئك الذين انقلبوا و يتبعون المسيحية بنشاط كانوا قد استثنوا من هذا الحق.

بقيت معاداة السامية هامة في كل أرجاء العالم ففي الولايات المتحدة اعتبر كثير من الملاحظين تسمية السيناتور جوزيف ليبرمان أول يهودي ارثوذكس يتقدم لنيابة رئيس الولايات المتحدة ببطاقة حزبية رئيسية كعلامة على تناقص معاداة السامية و على كل حال لا يعرف أحد أين تعاش الحياة اليهودية و سيتابع اليهود النضال مع اهتمامات كبر السن بالورع الديني و كذلك الاهتمامات السياسية و الثقافية. و على اليهود التعامل مع مستويات غير مسيوقة من التمثل ففي بعض أقسام من العالم يتزوج يهود أكثر من خارج المجتمع اليهودي من داخله. و ما سيكون لهذا من تأثير هذا لا يعرف بعد. و ستصبح إسرائيل حالا أكبر مركز للسكان اليهود في العالم حتى كما هي تناضل للتسوية مع الفلسطينيين في داخلها و خارجها و هنا أيضا يبقى التأثير غير معروف و الحالة المعاصرة هي واحدة من التدفق وسط توترات اجتماعية هائلة و كيف أو فيما إذا هذه التوترات ستنحل تبقى واجبة التحديد.

ج. م. هاريس








محمد إسماعيل بطرش
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد إسماعيل بطرش


البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد إسماعيل بطرش
إضافة محمد إسماعيل بطرش إلى قائمة الأصدقاء









26/12/06, 10 :11 10:11:33 AM رقم المشاركة : 3
بنت الشهباء
عضو فعال










من مواضيع بنت الشهباء
0 من يفهم قولي , ويفقه حاجتي!!؟؟
0 الدكتور عمر عبد الكافي
0 أسلّم أمر القلبَ إليكَ ياربِّ!!..
0 الوفاء عنوان رسالتنا ...









كاتب الموضوع : محمد إسماعيل بطرش المنتدى : منتدى اللغة العبرية
ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
وصلتني رسالة من الأستاذ الكبير
محمد اسماعيل بطرش

ردًّا على سلسلة

قتلة الأنبياء على مر الزمان والعصور

فجزاه الله خيرًا , وبارك به



الأخت بنت الشهباء، بارك الله فيك و أجزل جزاءك. أحب أن أرسل إليك مصدرا أجنبيا عن اليهود لعلك تجدين بين ثناياه ما يفيد في الكشف عن بعض الخيوط التي أوصلت يهود اليوم إلى قيام الدولة الصهيونية في فلسطين بؤرة للاستعمار الأمريكي الجديد الذي ينتشر في كل بقعة من العالم تحتوي على النفط أو على الطوق إليه. و كنت قد ترجمته من موسوعة الإنتكارتا نسخة عام 2005 و إنني على ثقة أن نهايتهم قريبة بإذن الله

محمد إسماعيل بطرش
ترجمة تاريخ اليهود أو الإثم اليهودي
المقدمة
من يراجع تاريخ اليهود يتبادر له السؤال التالي:
ما هو الخطأ غير الطبيعي الذي ترزح تحت نيره الشخصية اليهودية منذ أقدم العصور و إلى الآن ؟ لماذا لم تستطع كل شعوب العالم تمثُّل اليهود رغم أن البشرية في كل بقاع الأرض مزيج من العديد من الأجناس و الثقافات استطاعت أن تجعل من مواريثها المتعددة بل و المختلفة نسقا موحدا تذوب فيه المعالم التي تؤدي إلى التفرقة و التمايز؟
يعتقد المسيحيون أن بني آدم يرزحون تحت نير الخطيئة الأصلية التي اقترفها آدم عليه السلام و أتى المسيح عليه السلام ليخلصهم من ربقة الخطيئة الأصلية، فكاد له اليهود عند الرومان و حكموا عليه بالصلب. أما بالنسبة لليهود، فيذكر القرآن الكريم كيف تنكروا لرسالة موسى عليه السلام عندما عاد من ميقات ربه ليجدهم عاكفين على عبادة العجل الذهبي فباءوا بغضب الله و لعل هذا هو الإثم الذي أحاق بهم و السبب الذي جعلهم يتشردون في كل بقاع الأرض دون أن تهضمهم دورة الحياة الطبيعية التي ينصهر فيها الناس فبقوا معقدا بشريا خارج دورة التفاعل الإنساني الطبيعي الذي تذوب فيه السمات الخاصة ضمن المتحد الذي يحتضنهم . لماذا لم تستطع أية حضارة هضم الجماعة اليهودية التي عرفت بكثرة انتقالها بين شعوب الأرض، و ما هو هذا الإثم الذي جر عليهم كل ما لحق و يلحق بهم من وبال. هل السبب في الوسط الذي انتقلوا و ينتقلون إليه أم في أنفسهم؟ سؤال حري بالبحث. لماذا لا يقيم من يناصر اليهود وطنا لهم بينهم؟ لماذا لم تستطع الشيوعية جعل اليهود مواطنين أمميين رغم أن ماركس كان يهوديا؟ و لماذا لم تستطع المسيحية التي غيرت طبيعتها بانتقالها إلى الغرب من حل الإشكال اليهودي رغم أن المحافظين الجدد هم حصيلة الدس الصهيوني؟
استطاع اليهود إدخال الدسيسة في المسيحية بتحميلها كتاب اليهود الذي انتحله رابيوهم على موسى عليه السلام كما استطاعوا تبرئة أسلافهم من صلب المسيح بقرار من البابا السابق.
عرفت شعوب الشرق و الغرب هجرات عديدة تمازجت فيها الشعوب و الثقافات و القوميات لتتخذ بالنهاية اسم الأرض التي يسكنوها و التي فرضت عليهم نمط الحياة التي يعيشونها. أما اليهود فبقوا في كل متحد انتقلوا إليه معقدا منفصلا. إلى متى سيبقى اليهود على هذه الحال؟ هل السبب كامن في كل شعوب الأرض أم في أنفسهم؟ هل لنا أن نفتش عن السبب رغم أن اليهود أنفسهم أحرى بهم أن يفتشوا عن السبب و أن يسعوا لفك عقدتهم التي سببت و تسبب كل مشاكل العالم منذ وجودهم و إلى الآن؟
لعل السبب هو المعتقد اليهودي لا كما أتى به موسى عليه السلام بل كما صاغوه هم لأنفسهم ليبقوا شذاذ آفاق إلى يوم الدين.
اتخذ اليهود لأنفسهم إلها خاصا بهم دون بقية الناس هو يهوه و اعتبروا أنفسهم شعبه المختار فعزلوا أنفسهم عن باقي البشر في مسكنهم و معاشهم و أسلوب حياتهم و بقوا على هذه الحال حتى الآن.
ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا في كل العالم منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أستراليا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين و هم غرباء عن الأرض و السكان الأصليين الذين سميت البلاد باسمهم فلسطين منذ أقدم العصور و إلى الآن؟
ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.
في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.
كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.
تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:
الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذي اختصوه منذ البدء لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.
فيما يلي أقدم للقراء ترجمة لما أوردته موسوعة الإنكارتا عن تاريخ اليهود كما تعرضه الثقافة الغربية، أرجو الاطلاع عليه مع الإبقاء في الذاكرة السؤال بل و الأسئلة التي ذكرتها قيما سبق.
لماذا كان اليهود يعتبرون شذوذا في أي مجتمع حلوا به في المراحل التاريخية حتى الآن، منذ إقامتهم في مصر لدى فرعون، حتى احتلالهم أرض كنعان و بنائهم الهيكلين البائدين و حتى سبيهم من قبل نبوخذ نصّر ثم تشتيتهم في كل بقاع الأرض منذ 2500 سنة و حتى الآن و رغم عودة بعضهم لاحتلال بعض أراضي فلسطين لإقامة دولة الاغتصاب الصهيونية (إسرائيل) بدعم من الولايات المتحدة و روسية مع حساب الزمن التاريخي الذي كان لهم في فلسطين و ذلك الذي قضاه معظمهم و ما يزالون في كل بقاع الأرض لنقدم السؤال التالي : أي حق لليهود في فلسطين؟
لماذا نترك اليهود يقتلون و يدمرون في بلادنا دون عقاب؟
لماذا يكفّر الغرب الظالم عن تمييزه العنصري ضد اليهود على حساب العرب و الفلسطينيين الذين هم سكان البلاد الأصليين منذ أقدم العصور و ليسوا مجرد عابرين شأن العبرانيين؟
إذا كان الإثم اليهودي ما يزال فاعلا في بني إسرائيل فذلك شأنهم و شأن مفكريهم أن يجدوا حلاّ لقضيتهم و ليس لنا أن نتحمل إصرهم.
لم يسئ المسلمون لليهود رغم كل إساءاتهم لهم. نحن لسنا ضد اليهود كبشر و لا نريد أن أخذ حق الله منهم فالله وحده هو صاحب الحق و يذرهم في طغيانهم يعمهون، لكن بأس الله شديد. و الآن إلى الترجمة:
الصهيونية و إسرائيل من انتاج الاستعمار الأوربي- الأميركي الجديد
في عام 1948 أنشئ على أرض فلسطين العربي كيان غريب الوجه و اللسان و المعالم اسمه (إسرائيل) إثر نكبة حلت ببلاد العرب وضع فصولها و مراحلها الإنكليز و قام بتحقيق بنودها الروس و الفرنسيون و الأمريكان. و اليوم يوجد في غربي فلسطين دولة سكانها من تجمع شتات اليهود من كل أنحاء العالم استورد معظمهم من أوربة الشرقية.
تاريخ اليهود و التوراة
اليهود-عبر التاريخ-قوم سكنوا في ظروف مختلفة بين أقوام متعددة. و خلافا لما كانت عليه كل الانتقالات بين الشعوب لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو ربما سياسية بقي اليهود معقدا غير قابل للتمازج و الانحلال في المتحدات الإنسانية التي أقاموا بينها, فنشأ عن هذا كل ما أحاط باليهود عبر العصور من مشكلات نالتهم قبل كل شيء كما كان لها تأثير فيما خلفته تلك الأحوال من منطلقات استغلتها شعوب و أمم أخرى - لحاجة في نفس يعقوب- ذريعة تغطي بها مآرب استعمارية تسيطر فيها على ثروات الشعوب الأخرى سبيلا للاستعمار الجديد القديم باسم الديمقراطية أو معاداة السامية أو الشرق الأوسط الجديد و غير ذلك كثير.
في محاولة لفهم المشكلة اليهودية كان لا بد علينا من مراجعة تاريخ اليهود في العالم القديم و الحديث. أما بالنسبة لنا كشرقيين فإننا لا نفهم كثيرا مما آلت إليه المشكلة اليهودية في العالم لأن اليهود لم يكن لهم تاريخ طويل بيننا. مضى على اليهود في الشتات أكثر من 2500 سنة مما يعدون، و هم في الأصل قوم لم تستطع أية أرض و أي شعب أن تجعلهم يتفاعلون معها شأن البشر الطبيعيين لعلة في أنفسهم جعلتهم ز تجعلهم غير قابلين للتعايش. معظم تاريخ اليهود جرت أحداثه و تطوراته في العالم الغربي الذي طلع علينا مؤخرا بحل للمشكلة اليهودية على حساب الفلسطينيين الذين سميت البلاد باسمهم لأنهم كانوا و ما زالوا شعب تلك الأرض المقدسة بما وضع الله رب العالمين فيها من مقدسات تهم كل الأديان السماوية الأصلية و غير المحرفة.
لذلك اتخذت مرجعا غربيا هو موسوعة الإنكارتا أساسا لهذه الدراسة فالقضية اليهودية قضية غربية بامتياز و لا يمكن فهم تطوراتها بغير الرجوع إلى مصادرها التي نشأت فيها و تطورت لتنشئ في قلب الشرق الأوسط العريق بقدمه كيانا هجينا اسمه (إسرائيل) لا يمكن له الوجود أو الاستمرار في غير البيئة التي تطور و نشأ فيها و هي بلاد الغرب حيث يفهم الغربيون ما قاموا بصنعه منذ النشأة الأولى. فاليهود أو الصهاينة نسيج غريب عن منطقة الشرق الأوسط صغيره و كبيره، و حتى جديده أو ما يمكن للاستعمار القديم الجديد أن يطلق عليه من مسميات.
اليهود بحسب موسوعة ال(إنكارتا -2005) قوم نشأوا على ميثاق بينهم و بين إلههم الخاص بهم دون باقي الأمم - (يهوه) أو Jehova و هو اسم إله الشعب العبري الذي تٌرجم بشكل مغلوط عن النص القياسي العبري و يتألف هذا الاسم من مقطعين من حروف ساكنة لعدم وجود أحرف علة مكتوبة في العبرية (يهوه) و عند تحريك حروفه الساكنة بصوتيات كلمة تعني السيد، و قضية ما كانت تعنيه صوتيات هذه التسمية لا تزال قضية مساءلة، إذ في تفسير النصوص التي وردت فيها هذه التسمية كسفر الخروج 20:7 و اللاويين 4:11 تبدو التسمية أكثر قداسة عن أن تلفظ فكأنما هي المحرّم (تابو) لذلك استبدلتها النصوص المكتوبة للقراءة الجهرية بكلمة السيد و هي التي وردت في كتابة تصويت الحروف الساكنة التي وردت فيها لتذكر القراء بأن الاسم الأصلي محرم على النطق به. و لم يدرك التراجمة العبريون ما قصد إليه الكتبة فأوردوا التسمية كما هي – يهوه- معتبرين أن تصويتها قسم جوهري لا ينفصل عنها، مغفلين أن لفظها كان أمرا محرما، و من ذلك صدرت ترجمتهم لذلك الاسم يهوه. لكن شاهدا من آباء الكنيسة اليونانية يري أن أشكال (ياب و ياو) و هي أشكال تقليدية و كذلك الصيغ المختصرة لكلمات (ياه) كما في المزامير 68:4 مثلا و( ياهو) إنما هي أسماء علم و تدلل على أن الاسم كان في الأصل منطوقا بلفظة (يهوه) الذي يدلل بحسب علم الصرف العبري على ضمير الشخص الثالث المفرد لفعل (هو يكون)، و يشرح المترجمون القدامى ذلك الفعل بمعنى تجريدي هو أنا أكون و في الشكل المكتوب (هو الذي يكون) أو الموجود بشكل مطلق. فهذا هو إله اليهود.
أما اليهودية فهي التراث الديني لليهود المعروفين أيضا بقوم إسرائيل و هي واحدة من التقاليد الدينية القديمة، و لم تكن لفظة اليهودية و الدين اليهودي معروفة في اللغة العبرية القديمة و تكلم اليهود عن التوراة – على أنها التعاليم المنزلة على إسرائيل و التي انتدبت لهم وجهة نظر و طريقة حياة كذلك – (هلاخاه) و هي الكلمة المشتقة من العبرية بمعنى الذهاب و أصبحت تفيد الطريق أو الممر و تشمل القانون اليهودي و التقاليد و الممارسة.
كانت اليهودية هكذا في كل أشكالها التاريخية قبل تحديثها و تتضمن نظاما تراثيا متكاملا يحيط بالفرد بكليته و بالوجود الاجتماعي لليهود. واليهودية نظام تكريسي، كل شيء فيه يجب يكون تحت حكم الإله، أي بموجب النماذج الموحى بها في النظام الكوني و وفق الشرع. و قد نشأت المسيحية كواحدة من بين عدة إيديولوجيات يهودية متنافسة في فلسطين القرن الأول كما أخذ الإسلام في بدايته جزئيا من بعض المصادر اليهودية- كما تزعم الموسوعة. و لأن معظم اليهود منذ القرن السابع فما فوق قد عاشوا ضمن إطار ثقافي إما مسلم أو مسيحي فقد كان لهاتين الديانتين تأثير في التاريخ اللاحق لليهودية.
نشأت اليهودية في أرض إسرائيل بينما وجد اليهود في حين ما في كل أرجاء العالم تقريبا إما نتيجة لهجرات طواعية أو لإبعاد قسري في الشتات. ففي أواخر العام 1990 بلغ عدد اليهود 14،1 مليونا منهم 5،9 مليون في الولايات المتحدة و 4،6 مليون في إسرائيل و 700 ألف في كل من فرنسة و روسية و هي المراكز الأربعة الأكبر للاستيطان اليهودي بينما سكن حوالي500 ألف يهودي في أوكرانيا و 350 ألف في كندا و 300 ألف في بريطانية العظمى و 250 ألف في الأرجنتين و 100 ألف في جنوب إفريقية. و تدلل هذه الأرقام على أن 42% من السكان اليهود يقيمون في أمريكا الشمالية و 29% في آسية و 18% في أوربة بما فيها روسيا و 8% في أمريكا اللاتينية و 2% في أفريقية و 1% في أوقيانوسيا، فأين يكون لهم مكان في فلسطين؟
المبادئ الأساسية و المصادر: لم تكن اليهودية كتقليد ديني غني و معقد من نسق واحد قط، غير أن أشكالها التاريخية المتنوعة كانت تشترك في سمات معينة، أكثرها اعتمادا أنها كانت ديانة توحيدية تؤمن بإله ارتقائي واحد على النسق الارتقائي الذي قامت عليه حضارة الولايات المتحدة الأميركية في فهمها لفلسفة الوجود .و ذلك الإله خالق الكون و مسيّره بحكمته. و على أساس هذه الوحدانية قام الاعتقاد أن العالم ملموس و هادف لأن ذكاء إلهيا واحدا يديره فما من شيء تمارسه الإنسانية عبثا، بل كل شيء له مغزى لأن الله موجود فيما خلق-بحسب الإرتقائية الأميركيةTranscendentalism)). و يبدو عقل الله في التقليد اليهودي في كلا الترتيب الطبيعي عبر الخلق و التنظيم الاجتماعي- التاريخي لليهود - عبر الوحي. و نفس الإله الذي خلق العالم تجلى للإسرائيليين عند جبل سيناء و حصيلة ذلك التجلي كانت التوراة التي هي التوجيهات الموحى بها، و إرادة الله للناس عٌبِّر عنها بالوصايا العشر التي على الناس أن ينظّموا حياتهم فيما بينهم و مع الله بموجبها . و بالحياة وفق قوانين الله و الرضوخ للإرادة الإلهية تستطيع الإنسانية أن تصبح جزءا منسجما من الكون.
الميثاق: المفهوم الرئيس الثاني لليهودية هو الميثاق أو العهد و هو اتفاق تعاقدي بين الله و الشعب اليهودي. و بحسب التقليد اختص الإله الخالق نفسه بعلاقة ذاتية مع الشعب اليهودي في سيناء على أن يعتبروا الله ملكَهم و شرعهم الوحيد لموافقتهم على إطاعة قوانينه كما أن الله بدوره يعتبر الإسرائيليين شعبه المختار المختص برعايته.و كان كلا مؤلفي التوراة و التقليد اليهودي فيما بعد يعتبرون هذا الميثاق ذا مضمون كوني لأن يهوه و بعد محاولات متكررة فاشلة مع إنسانية عاصية ممن خلق تحوّل الله عن عصاة الناس إلى قسم خاص من خلقه هم شعب إسرائيل ليكونوا مملكة كهنة و يكون نظامهم الاجتماعي النظام الأمثل الذي نشأ وفق القوانين الإلهية ليصبح مثالا يٌحتذى للجنس البشري، و بذلك تكون إسرائيل وسيطا بين الله و الناس، يمثل كل منهما الآخر، فهم يمثلون الله على الأرض بينما يمثّلهم الله في السماء، و لعل هذا أصل العنصرية في التاريخ.
في هذه الفقرة نجد الأثر الذي تركه الفكر اليهودي في الفكر الأمريكي ما جعل نجمة داوود شعارا يوضع على الدولار و مرتكزا للمحافظين الجدد يبرر لهم دعم إسرائيل المطلق في العصر الحديث.
تحدد فكرة الميثاق أيضا الطريقة التي يٌنظر فيها بحسب العرف اليهودي لكلا الطبيعة و التاريخ إذ يكون الرفاه الإسرائيلي معتمدا على إطاعة الوصايا العشر الإلهية، و أن كلا الأحداث الطبيعية و التاريخية التي تصيب الإسرائيليين إنما تصدر عن الله متأثرة بسلوكهم الديني. و بذلك يرتبط السلوك البشري مباشرة بالمقدّر الإنساني و يركز هذا المنظور على عدالة الله في اليهودية لأن ما أصاب اليهود فرديا و جماعيا غالبا ما كان بشكل معاناة، و كثير من الفكر الديني اليهودي منذ سفر أيوب فما بعد كان تعبيرا عن مسألة تأكيد العدالة في وجه الظلم الظاهري. و بمرور الزمن عُدلت الفكرة بالاعتقاد بأن الفضيلة و الطاعة لا بد من مكافأتها و أن الخطيئة ستعاقب بعذاب الله للخطائين بعد الموت و بذلك تسدد المظالم في هذا العالم. فإهانات التسلط الأجنبي و التهجير القسري من أرض إسرائيل الذي عاناه الشعب اليهودي سيصلُح أيضا في آخر الزمان عندما سيرسل الله مسيحه الملك الذي هو فرع من بيت داوود الملكي ليعتق اليهود من العبودية و يعيدهم إلى أرضهم. فالخلاص منذ القديم كان خصلة من الفكر اليهودي. كما أن انتظار قدوم المسيح كان يتكثف بشكل خاص إبان المحن، و في النهاية رُسمت العلاقة بين فكرة الخلاص بالمسيح و مفهوم التوراة، فالفرد اليهودي عن طريق دراسته و حفاظه على وصايا الله العشر يمكنه تقريب وصول المسيح و بذلك يتخذ عمل كل فرد أهمية كونية، و هذا ما يرسخه مفهوم المحافظين الجدد في دعمهم لإسرائيل بلا حدود بعد أن كرس الصهاينة دسيستهم في المسيحية بعد تبرئه البابا اليهود من دم المسيح .
التقليد الرابيني: رغم أن كل أشكال اليهودية كانت متجذرة في التوراة المنتحلة التي يشير اليهود إليها باسم تاناك و هي التسمية الجانبية التي يخصون بها الأقسام الثلاثة: التوراة الخماسية، الأنبياء أو الأدب النبوي، و الكتبة أو الكتابات الأخرى. و قد يكون من الخطأ الظن بأن اليهودية هي ببساطة دين العهد القديم، فاليهودية المعاصرة هي بكليتها مشتقة من الحركة الرابينية في القرون الأولى من العصر المسيحي في فلسطين و بابل و هي لهذا تسمى اليهودية الرابينية و كلمة رابي تعني في الآرامية و العبرية (معلم), وأكد الرابيون و هم من تخصصوا في دراسة الكتب و التقاليد الخاصة، أن يهوه كان قد أنزل على موسى عليه السلام في جبل سيناء نسختان من التوراة إذ بالإضافة إلى النسخة المكتوبة أنزل عليه نسخة أخرى شفهية و هي التي انتقلت بكلمة شفهية في سلسلة متصلة من المعلم –كما يريد - إلى التلميذ وحفظت بين المعلمين أنفسهم. فبالنسبة للرابيين كانت التوراة الشفهية مغلقة في الميشنا التي تتعلَّم أو تحفظ، و أقدم وثيقة من الأدب الرابيني حررت في فلسطين في حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، بينما أنشأت الدراسة الرابينية اللاحقة للميشنا في فلسطين و بابل تلمودين للدراسة دعيا أيضا الجيميرا و هي كلمة آرامية لنفس المعنى تحتوي تفاسير موسعة للميشنا. و التلمود البابلي الذي حرر في حوالي القرن السادس قبل الميلاد أصبح الوثيقة الأساس لليهودية الرابينية.
تضمنت الكتابات الرابينية الأولى شروحات تفسيرية و وعظية على الكتابات في الميدراشيم بالإضافة إلى عدة ترجمات آرامية للكتب الخمس المنتحلة على موسى و كتب مكتوبة أخرى هي التارغوم أي الترجمات كما تتضمن الكتابات الرابينية في العصور الوسطى دسترة القانون التلمودي و ما هو أكثر سلطة مرجعية منه هو كتاب ترتيب الطاولة (شولهان آروخ) تأليف يوسف بن أفرايم كارو. و تشير دراسة التوراة إلى دراسة كل هذه المراجع و ليس التوراة الخماسية الكتب في معناها الضيق.
العبادة و الممارسات: بالنسبة لليهودي المتدين كل الحياة عبارة عن عمل مستمر في عبادة الله. " إنني أبقي الله دائما أمامي" المزامير 8/16 و هو شعر مدون على الجدار الأمامي لكثير من الكنس اليهودية ما يميز بجدارة الورع اليهودي.
يئس يهوه أن يجد من يعبده فخلق بني إسرائيل ليكونوا شعبه المختار من دون العالمين و هم بهذا يعتبرون Henotheisticإذ جعلوا من أنفسهم شعبا مختارا لإله اخترعوه لأنفسهم بعد أن تنكروا لموسى عليه السلام و تركوا ما دعاهم إليه من عبادة الله رب العالمين فهم يقرّون بأن للناس إلها أو آلهة غير يهوه الخاص بهم وحدهم و الذي لا يشاركهم فبه أحد من الناس على وجه الأرض. فلا توجد عنصرية أكثر بعد هذا، كما أن يهواهم هذا جعل بني إسرائيل وسيطا بينه و بين باقي الأمم إذ هم يمثلونه وحدهم كما أنه هو يمثلهم وحده و بذلك تكون كل أحداث التاريخ و الطبيعة تتأثر بيهواهم هذا و بسلوكهم الديني تجاهه، و هذه هي العلاقة السببية بين اليهود و قدرهم. أما تاريخهم كشعب فيرجع إلى 3000 سنة خلت و ربما أكثر و أنهم كانوا يسكنون في كل أقسام العالم حيث كان لهم تأثيرهم الخاص فيه، إذ أثر الدين اليهودي كما أرادوا له في كل من المسيحية بتحميلها توراتهم المزيفة التي كتبوها بأيديهم كعهد قديم و في الإسلام كما في إسرائيليات بعض المفسرين، بينما يبين لنا القرآن الكريم تحريفهم للكتاب و ليهم ألسنتهم بالذكر و أن مثلهم كما يقول القرآن الكريم في سورة الجمعة:" مثل الذين حٌمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله و الله لا يهدي القوم الظالمين"، كما أثر اليهود أيضا في تاريخ العالم الغربي و حياته الروحية في شهود يهوه والمحافظين الجدد.
من هم اليهود؟
ترجع كلمة يهودي إلى القرن الخامس قبل الميلاد لتدل على شعب قديم يكتنف أصوله الكثير من الغموض، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن التاريخ القديم لبني إسرائيل الذين ادعوا حملهم ميثاقا عقد بينهم و بين يهوه الذي زودهم بقانون و بطريقة لحياتهم و وعدهم بأرض يقيمون عليها شريعتهم. و ميزوا أنفسهم عن الشعوب الأخرى التي لم تشاركهم ميثاقهم بهذه الخصوصية.
و في القرن السادس قبل الميلاد سباهم نبوخذ نصر القائد البابلي و اقتادهم إلى بابل. و في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد تحدثنا المصادر القديمة عن دخول بعض الفرس و اليونان و الرومان بل و العرب في الديانة اليهودية عبر القرون التي أعقبت السبي البابلي. و أن لغة اليديش ليهود الأشكيناز في أوربة الشرقية كانت أول نمط كلامي لهم من اللغة العبرية القديمة البائدة إنما ارتكزت على اللغة الألمانية.
كانت الهوية اليهودية قيد المساءلة في القرنين التاسع عشر و العشرين الماضيين، فبعض يهود (إسرائيل) في الأرض المغتصبة فلسطين يرفضون الدين اليهودي لكنهم يؤكدون انتسابهم إلى القومية اليهودية الإثنية كصهاينة، بينما يرفض يهود الغرب القومية اليهودية و يتمسكون بالدين اليهودي، كما أن يهودا آخرين في الغرب يعتبرون أنفسهم يهودا بالتراث المميز لهم. و هنالك أيضا من يتمسكون بكليهما، فاليهودي من كانت أمه يهودية أو من اعتنق الدين اليهودي حديثا. و لهذا التعدد في الهوية يقدر عدد اليهود في العالم اليوم بأربعة عشر مليونا منهم 9و5 مليونا في الولايات المتحدة و 6و4 مليونا في (إسرائيل) و 350 ألفا في كندا معظمهم في تورنتو و مونتريال و أعدادا أقل في الأرجنتين و أستراليا و روسيا و جنوب أفريقية و أوكرانيا و أوربة الغربية بينما يتناقص عددهم بسبب انخفاض نسبة الولادات و ذوبان آخرين منهم في الشعوب التي يعيشون بينها.
تاريخ اليهود:
تعتبر حكاية اليهود قصة معقدة، غير أن المؤرخين يستطيعون التركيز على نقاط مركزية كانت قد أطّرت حياة اليهود لأجيال، كما يستطيعون وصف مراكزهم الثقافية و منجزاتهم و كذلك المآسي التي واجهوها:
الفترة التوراتية: التي وضع فيها الكتاب العبري و ذكرت فيه و التي لا يزال الكثير منها مجهولا. فالكتب الخمسة الأولى من الكتاب العبري تسمى بالتوراة التي تعني التعليمات أو القانون، تحدثنا قصة الشعب اليهودي منذ إبراهيم الذي يعتبر الأب الأصلي لليهود و الذي تحدّر منه نبي القانون موسى عليهما السلام، غير أن معظم المؤرخين يتفقون على استحالة استخلاص معلومات تاريخية من القصص، ليس لأنهم يعتبرونها كاذبة بل لأنه لا توجد طريقة تثبتها. فعلماء الآثار الذين يدرسون آثار الحضارات القديمة التي تساعد أحيانا في إثبات إمكانية حدوث أمر ما، وجدوا المستوى المسودّ من سور جرش ما دلل على حدوث زلزال و حريق ضربا المدينة و دمراها كما ذكره يوشع، بينما يثير علماء الآثار الشكوك في مصداقية القصص التوراتية الأخرى. و في النهاية يكون الاعتقاد بواقعية كتب التوراة قضية اعتقادية و حسب رغم أنهم ينسبونها لموسى عليه السلام و هو منها براء إذ كيف لموسى أن يذكر فيها نبأ موته و دفنه إن كان هو كاتبها؟. و رغم الأسطورية الجزئية في القصص التوراتية نجد جميع اليهود تقريبا يقبلونها على أنها حقائق عالمية حتى وقت قريب، و لذلك يكون علينا أن ننظر بحذر إلى المحيط الأساس لهذه القصة مع العلم أن كل ما ينسبونه لله إنما يقصدون به إلههم الخاص بهم يهوه الذين منذ البدء اختصوه لأنفسهم ليحيكوا على أساطيره تاريخا منتحلا و حكايات فيها الكثير من أساطير الأقوام التي سبقتهم و ما أنزل الله بها من سلطان.
الآباء و الأمهات: تبدأ الحكاية بتوجه يهوه إلى رجل يدعى أبرام و سمي فيما بعد إبراهيم و أمره أن يترك بيته فيما بين النهرين و يتوجه إلى أرض كنعان حيث ينتظره و سلالته فيها قدَر غريب. و بما أن إبراهيم و زوجته سارة كانا يخالفان ما كان عليه قومهما في مجتمع وثني بينما إبراهيم و زوجته لم يكونا كذلك بل كانا مؤمنين بيهوه الذي أبرم لهما وعدا بتوجيه ذريتهما لتوريثهم أرض كنعان و كان الختان رمز ذلك الوعد الذي ما يزال اليهود يؤمنون به و يمارسونه حتى يومنا هذا.
أما موضوع أولاد إبراهيم و زوجته سارة الذين يقدسون يهوه و شأن اختلافهم عن بقية الناس فما يزال يستمر عبر قصص أعقابهم المختارين من ابنهم إسحاق و زوجته ريبيكا و ابنهما المفضل يعقوب و زوجتيه راشيل و ليّه و أن هؤلاء جميعهم يلاقون المخاطر خارج أسرتهم المقدسة لله. فهذه القصص وضعت لتعتبر مبينة أصول الشعب اليهودي و يشير كثير من اليهود إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم آباء و أمهات الشعب اليهودي جاعلين الذبيح إسحاق و ليس إسماعيل.
العبودية في مصر: و تتتابع الحكاية الكتابية بالأبناء الإثنى عشر ليعقوب الذي كانت له أربع زوجات مختلفات ما جعل الأبناء العشرة يكرهون واحدا منهم هو يوسف و يبيعونه رقيقا إلى مصر حيث أظهر موهبته في تفسير الأحلام التي أخرجت مصر من محنتها ما جعل الفرعون يستوزره حيث انضم إليه إخوته و زوجاتهم و أولادهم في مصر و في مصر تكاثر أولاد يعقوب الذي سمي بعد ذلك بإسرائيل الاسم الذي يعني الشخص الذي يصارع يهوه لأجله أو الشخص الذي يصارع مع يهوه أو صراع يهوه، و مع مرور الزمن بدأ المصريون يرون فيهم تهديدا لهم لذلك اتخذوهم رقيقا و تتخذ القصة تسمية أبناء يعقوب بالإسرائيليين أمرا مسلما به ما يحفظ لهم هوية تميزهم عن المصريين إذ هم شعب يهوه المختار.
الخروج: بعد أن أمضى الإسرائيليون قرنين من الزمان في العبودية في مصر اختار الله لهم موسى الذي كان قد فر من مصر ليخرج أبناء إسرائيل من العبودية. و يتفاوض موسى مع الفرعون لتحرير الإسرائيليين لكنه فشل، ما جعل الله ينزل بالمصريين عشرة كوارث أليمة أذن الفرعون لهم بعدها بالرحيل، غير أن المصريين قرروا مطاردتهم لكنهم عندما وصلوا إلى البحر الأحمر في مطاردتهم شق الله البحر بمعجزة ليجتاز بنو إسرائيل ثم أعاده ليغرِق المصريين عن بكرة أبيهم. و رغم أن المؤرخين لا يستطيعون تمحيص أي من هذه القصص، يعظم اليهود قصة خروجهم المعجزة من مصر و يسمونها بالخروج على أنها الحادثة التي شكلت نقطة تحول في التاريخ اليهودي. و يحتفل اليهود بالخروج بطرق شتى و بخاصة في عيد العبور لذكرى آخر وجبة تناولوها قبل مغادرتهم مصر. و أصبح الخروج حادثة مركزية في التاريخ اليهودي لأنه يدعم علاقة كامل شعبهم بيهوه. فعبر هذه الحادثة يبدي يهوه اهتمامه بهم بطريقة غير عادية، فالخروج يمثل بداية ارتحالهم الجماعي الذي انتهى بإقامتهم في أرض كنعان.
وصايا موسى: بعد خروجهم من مصر بدأ الإسرائيليون رحلة الأربعين سنة في صحراء سيناء في الطريق إلى أرض كنعان و هناك أنزل الله على موسى الوصايا العشر، تلك المبادئ التي ضبطت حياة اليهود حتى الآن، لكن أحكاما عديدة أضيفت إلى هذه الوصايا العشر في كل مرافق الحياة تتناول الشؤون المدنية و القضايا الجنائية و كيفية العبادة و ما يأكلون و ما يمتنعون عنه و متى و كيف يستريحون و كيف يديرون شؤون مجتمعهم و أمورا كثيرة أخرى. و يعتقد المؤرخون أن هذه القواعد و النظم ظهرت عبر العديد من القرون لأنها تمثل مدارس مختلفة من الفكر. غير أن الزمن الذي أصبحت فيه قانونا ربما يكون في القرن الرابع قبل الميلاد بينما يرى اليهود أن هذه الأحكام إنما كانت تعاليم ملزمة تنزلت من الله على موسى عليه السلام، و أن هذه القوانين كانت مصممة لتميز الإسرائيليين و نسلهم عن باقي الأمم، فالعديد منها تأمر الشعب اليهودي عدم اتباع طرق الشعب الكنعاني و بخاصة في الأمور الجنسية، و أحيانا تبدو هذه القوانين أنها وضعت لخدمة المجتمع اليهودي التي وجدت له. فاليهود المحافظون مستمرون في تطبيق الكثير منها اليوم بالرغم من التعديلات التي طرأت عليها عبر القرون. و من بين هذه الوصايا تعليمات لموسى عليه السلام بإقامة هيكل أو خيمة يستطيع فيها كهنة اليهود ممارسة الطقوس و تقديم الأضاحي ليهوه، و أن هذا الهيكل هو المكان الذي يتم فيه الاتصال بيهوه.
الإسرائيليون في أرض كنعان: و بأمر إلهي للأسباط الإثنى عشر كان لقبيلة واحدة لكل من أبناء يعقوب أن تتيه في الصحراء أربعين سنة و التي بعدها سيحتل جيل جديد أرض كنعان، و أتى يوشع بعد موسى كقائد . و بحسب أحد النصوص الكتابية، قاد يوشع الإسرائيليين إلى أرض كنعان و أقام فيها ولايات متحالفة موزعا على كل واحدة منها قطعة من الأرض، بينما بحسب ما توضحه نصوص كتابية أخرى و يتفق عليه المؤرخون أن الأمور لم تسر بهذه السهولة إذ كان على الإسرائيليين أن يقاتلوا مع آخرين للسيطرة على أرض كنعان التي سموها فيما بعد أرض إسرائيل.
لفترة ما يقارب مئتي عام بعد وصولهم أرض كنعان كان اتحاد القبائل الإسرائيلية يعمل كتحالف عسكري حيث كانت القبائل تتداعى للقتال في وجه التهديد الخارجي و بخاصة من الفلسطينيين – الشعب الذي كان يسكن القسم الجنوبي من أرض كنعانز و عند نهاية هذين القرنين ظهر نبي اسمه صموئيل كقائد روحي للإسرائيليين، غير أن التهديد المستمر من قبل الفلسطينيين ما تطلب وجود ملك يوحد القبائل و يكون قائدا عسكريا للشعب ككل.
مملكة إسرائيل:لم ينجح شاءول أول ملك في عيون مؤلفي الكتاب، بل كان داوود الملك الناجح الذي حقق الأهداف الحربية و وسع المملكة، و رغم أن معظم المؤرخين لا يقرون نصوص منجزات داوود إلا أنهم يتفقون على وجود ملك اسمه داوود حكم في حوالي العام 1000 قبل الميلاد على مملكة صغيرة نسبيا، و في عهده ظهرت القدس كمدينة مركزية للشعب الإسرائيلي و يسميها الكتاب عاصمة مملكة داوود الذي حكم مدة أربعين سنة قام في نهايتها الصراع على من يخلفه. اختار داوود ابنه سليمان الذي استطاع السيطرة بعد نزاع مع أخيه من أبيه أبشالوم و يصف الكتاب سليمان بالحكمة و النجاح و أثناء حكمه أقيم معبد في القدس أصبح الهيكل المركزي لشعب إسرائيل و استبعاد المعابد الأخرى.
انقسام المملكة: انتسب كل من داوود و سليمان إلى قبيلة يهودا و شغلت منطقتهم القسم المركزي من المملكة بينما كثير من القبائل الأخرى و بخاصة تلك التي كانت تسكن الأقسام الشمالية من المملكة كانت مستاءة من بروز قبيلة يهودا. و بعد موت سليمان حوالي العام 920 قبل الميلاد انقسمت المملكة قسمان –شمالي يدعى إسرائيل و جنوبى يدعى يهودا أصبحا منفصلين سياسيا رغم اتصالهما اقتصاديا و اجتماعيا.
دخل وجود مملكتين صغيرتين في خطط الممالك الأخرى للسيطرة و بخاصة الآشوريين في الشمال الشرقي و المصريين في الجنوب الغربي، و للحفاظ على البقاء احتاج ملكا إسرائيل و يهودا لمناصرة أعداء أعدائهم عليهم و لعبوا ذلك الدور بنجاح إلى حد ما.
هزم الآشوريون مملكة إسرائيل حوالي العام 720 قبل الميلاد و طبقوا الممارسة المعتادة ضد المغلوبين بترحيل النخبة خارج البلاد و استجلاب بدائل لهم من أماكن أخرى. و كثير من هؤلاء المرحلين سكنوا ما بين النهرين و امتزجوا بالشعوب المحلية، و عاش من بقي من هؤلاء المرحلين في صور يهودية و مسيحية كالقبائل العشرة الضائعة من قوم إسرائيل، بينما أولئك الذين حلوا محلهم امتزجوا مع بقية الشعب الإسرائيلي و تبنوا عناصر من الهوية الإسرائيلية و بخاصة أمر ميثاقهم مع يهوه.
أما مملكة يهودا فقد سلمت من الغزو الآشوري و تابعت تطور مفهومها الديني فيما يتعلق بالهيكل في القدس بنفسها .و منذ القرن الثامن قبل الميلاد فما فوق طورت المملكة مفهوم الإله الواحد يهوه في حين كان تعدد الآلهة أمرا شائعا، فأنبياء يهودا أصروا على أن قدر المملكة لا يعتمد على القوة العسكرية و حسب بل على حالة علاقة المملكة بيهوه و بخاصة بمدى تجنب المجتمع عبادات تعدد الآلهة كما اعتنوا أيضا بفقرائهم و مساكينهم.
الأسر البابلي: اجتاح البابليون من الشرق مملكة يهودا في مطلع القرن السادس قبل الميلاد فيما اعتبره سكان يهودا علامة على فشل في الدين من جهتهم، إذ دمر البابليون الهيكل في القدس ككارثة ما يزال كثير من اليهود يحفظون ذكراها بصيام يوم يعرف بيوم التاسع من آب، و كذلك نفى البابليون العديد من صفوة مجتمعهم بما فيهم الكهنة الذين كانوا يديرون المعبد. و بدأ هذا النفي الفترة التي تعرف بالسبي البابلي. و في هذا المجتمع من المنفيين بدأ الشتات اليهودي منذ أقدم عصوره، و لا يعرف المؤرخون شيئا عن الحياة اليهودية في الشتات في قرونه الأولى، غير أن أرض إسرائيل بقيت مركز الحيلة اليهودية مدة قرون كثيرة.
لا يصف الكتاب الغزو البابلي على أنه قوة كبيرة سيطرت على دولة أصغر، بل كعلامة من يهوه على أن مملكة يهودا ما كانت تلتزم التقى الخالصة، كما يفسرون النفي على أنه عقوبة على خطيئتهم و ليس كسياسة استعمارية للتحكم بعدو مهزوم. و بحسب هذا التفسير، يمكنهم استعادة المملكة و استمرار الميثاق إذا تاب أهل يهودا. كما أن هذا التفسير بإمكانه إزالة الحدود الجغرافية من الميثاق بجعل اليهود قادرين على خدمة يهوه في أي مكان من الأرض. و لا يعرف المؤرخون كم من اليهود يعتقدون بهذا التفسير الأخير كما لا يعرفون أنه قد أصبح العرف المعتبر رسميا للقادة الدينيين للمجتمع و أنه يبيح للعديد من اليهود الحفاظ على هويتهم المميزة برغم تشتتهم.
الحكم الفارسي: هزمت الإمبراطورية الفارسية البابليين في حوالى العام 540 قبل الميلاد، بعد قرابة خمسين سنة من الفتح البابلي و ألحقت أرض إسرائيل بإمبرطوريتهم. سمح الفرس للمنفيين بالرجوع فبعضهم عادوا غير أن الكثيرين آثروا البقاء في الشتات.
كان الفرس يحكمون بأسلوب الولايات المستقلة محليا، سامحين لمن احتلوهم بحكم أنفسهم ضمن الإطار العام للقانون الإمبريالي الفارسي. أعيد بناء الهيكل ثانية في القدس قرابة نهاية القرن السادس قبل الميلاد ليصبح مرة أخرى المكان المركزي لعبادة اليهود و بقي كذلك حتى دمره الرومان في العام 70 و كثير من فصول الكتاب التوراتي المزعوم أٌلِّفت و حررت بشكلها الأخير أثناء هذين القرنين من الحكم الفارسي، و من الواضح أن اليهود قد تشربوا الكثير من التراث الفارسي.
العصر اليوناني (الهيلينيستي): هزم الإسكندر الأكبر الإمبراطورية الفارسية بدوره في أواسط القرن الرابع قبل الميلاد. و لفترة تقارب من قرنين بقي اليهود تحت حكم الإٌسكندر و من تلاه في الولايات التي فتحها و هذه الفترة بين قهر الإسكندر للإمبراطورية الفارسية و نشوء السيادة الرومانية في شرق البحر الأبيض المتوسط في العام 31 قبل الميلاد تعرف بالحقبة الهيلينيستية.
قي غضون هذه الحقبة سيطرت الثقافة اليونانية في منطقة شرق الأبيض المتوسط و الشرق الأدنى كما يحدثنا بذلك المؤرخون و استمر اليهود يستمتعون بحكمهم الذاتي في إقليم جودية و في هذه الحقبة كتبت كتب كثيرة في الكتاب المقدس أو أخذت صيغتها النهائية.
كانت المواجهة مع اليونانية مبيدة للتاريخ و الهوية اليهودية إذ وجد العديد من اليهود التراث اليوناني عميق الجاذبية فتشربوا عن قصد الكثير من أفكاره عن الحياة، بينما رفضه يهود آخرون و بخاصة في العبادة اليونانية و تصوير الكثير من الآلهة و اتخاذ الجسم البشري معيارا للكمال، فهم لم يعترضوا و حسب على تعدد الآلهة، بل اعترضوا أيضا على الإيمان بالكائنات البشرية و الخبرة البشرية أكثر من إيمانهم بالمقدسات معيارا لكل الأشياء. لكن تمثل حتى اليهود هؤلاء الكثير من التراث اليوناني.
إن المواقف المختلفة تجاه اليونان أحدثت توترا في المتحد اليهودي في يهودا، و ذلك التوتر أدى إلى حرب أهلية أصبحت تمردا على الحكم اليوناني بعد أن منع الملك انطيوخس الرابع العبادة اليهودية و هتك قدسية المعبد بوضع تمثال للإله اليوناني زيوس فيه. نجح اليهود في تمردهم و اعتبروا نجاحهم معجزة. إن أعادة تكريس المعبد في العام 165 قبل الميلاد يحيونه في عيد الهنوكا. توصل اليهود إلى فترة استقلال نسبي امتدت من سنة 142 إلى سنة 63 قبل الميلاد تحت حكم أسرة هسمونيان أو المكابيين الذين قادوا تمردهم.
الحكم الروماني: في العام 63 قبل الميلاد ضم الرومان يهودا إلى إمبرطوريتهم المتطورة، فأصبحت يهودا مكانا التقى فيه التراث اليهودي باليوناني ثم بالروماني وسط توتر كبير، واثناء حكم المكابيين و الرومان ظهر العديد من الجماعات أو المذاهب اليهودية، و لكل فرقة من هؤلاء وجهة نظر خاصة فيما يتعلق بالإله أو بالآخرة كما بالمعبد و نواح أخرى من الدين. وكان أشهر هذه الفرق الفريسيون و السدوسيون و فيما بعد أوائل المسيحيين.
يعتقد كثير من المؤرخين أن الفريسيين قاوموا اليونانيين و أبقوا طقوس الهيكل حية. كم يبدو أن السدوسيين شكلوا طبقة كهنوتية أريستوقراطية. و على خلاف الفريسيين الذين يعتقدون بالحياة الآتية و بالمسيح بينما اعتقد السدوسيون أن على الناس جني أكثر ما يستطيعون في هذه الحياة الدنيا كما بدأت المسيحية أيضا كفرقة يهودية إذ أعلن يسوع أن ملكوت الله آت لكنه أغضب الفريسيين بتعاليمه التي خافوا أن تضلل الناس عن اتباع القانون اليهودي، و يسوع بدوره فضح الفريسيين. و بعد صلب المسيح بقي تلاميذه قسما من أكبر المتحدات اليهودية لفترة و بعدها تحولوا ليشكلوا مجموعة دينية مميزة.
كانت سياسة الرومان في يهودا غير مستوية إذ هم حكموا أحيانا من خلال ملوك يهود كهيرود و في أحيان أخرى عبر حكام عسكريين من الرومان كبيلاطوس بونطيوس و مع الزمن تطور لدى اليهود استياء كبير من الحكم الروماني و في العام 70 اندلعت ثورة مكشوفة سحقها الرومان في العام 73 عندما احتلوا مسعدا، القاعة التي احتلها آخر المرابطين اليهود. و أثناء الحرب في العام 70 دمر الرومان المعبد في القدس و ما يزال اليهود يحيون ذكرى التدمير هذه مع ذكرى التدمير الأول للمعبد من قبل البابليين بالصيام و الصلاة في اليوم التاسع من آب.
نهاية الحقبة التوراتية أو الكتابية: أثناء فترة الحكم الروماني بدا أن الكتاب العبري قد بلغ شكله النهائي، فلم تضف إلى القانون الكتابي أية كتب جديدة بعد ذلك و لم تحدث أية محذوفات، فمنذ القرن الأول حتى اليوم يقدس اليهود و يدرسون المجموعة المقدسة من 39 كتابا كلها كتبت بالعبرية ما عدا بضعة أقسام كانت قد كتبت بالآرامية. عند نهاية الحقبة الكتابية انقسم اليهود إلى مجموعات تمارس الدين اليهودي بطرقهم الخاصة، و من هذه الفوضى ظهرت في القرن الأول مجموعة من القادة الدينيين يدعون بالرابيين و على مدى القرون المتلاحقة أعطى الرابيون لليهودية الشكل الذي يجب على اليهود ممارسته حتى يومنا هذا إذ أرضخ الرابيون كل قاعدة من القانون لفحص و تأويل خاص و طوروا المجموعة الضخمة من القوانين الشفهية التي سموها هالاكا أي الذهاب و هذه القوانين الشفهية كانت قد دونت في القرن الأول من القرون الخمسة بعد الميلاد و أصبحت قسما من التلمود و الميدراش. اتصفت تفاسير الرابيين باهتمام عميق بإنجاز القوانين و الآداب الكتابية إذ طوروا الاعتقاد بعدم الفعالية السياسية مصرين على أن الخلاص يكون فقط بنزول المسيح الذي يستطيع استعادة السيطرة على أرض إسرائيل.
حياة اليهود في الشتات: بدأ الشتات بالفتح البابلي في القرن السادس قبل الميلاد، و فهم العديد من اليهود أن وجودهم خارج أرض إسرائيل هو عقاب من الله بالنفي لقاء خطاياهم و هم يعتقدون أنهم غير قادرين على الرجوع حتى يخلصهم الله بإرسال المسيح. و مع الزمن فسر بعض اليهود النفي على أنه لا يعتمد على الجغرافية و على رأيهم أن النفي هو ابعاد عن الله و يمكن حدوثه حتى في أرض إسرائيل خاصة عندما ساد فيها غير اليهود، بينما فهم يهود آخرون أن حياتهم في الشتات هي خروج و أنهم اختاروا العيش خارج أرض إسرائيل.
لما يقرب من 2500 سنة تابع اليهود حياتهم خارج أرض إسرائيل، و في السنين الأولى من الشتات أقاموا متحدات أساسية في آسية الصغرى و شمال أفريقية و شبه جزيرة العرب بينما انتشروا بعد ذلك في كل بقاع الأرض و تفاعل كل متحد منهم مع الثقافة المحلية و أصبحت الحياة اليهودية و تراثهم بالنتيجة متنوعا. فبشكل خاص طور يهود أوربة و يهود حوض البحر الأبيض المتوسط بما فيه إسبانية طرقا مختلفة في ممارسة الدين اليهودي و صفات خاص بهم كيهود. فاليهود الأوربيون خارج إسبانية يسمون أشكيناز و هي تسمية عبرية لألمانية، بينما يهود إسبانية و بقية حوض البحر الأبيض المتوسط يسمون سفرديم من الكلمة العبرية لأسبانية.
القرون الأولى للشتات: لا يعرف المؤرخون شيئا عن حياة اليهود في القرون الأولى للشتات فأثناء الأسر البابلي حافظ قسم من اليهود بنجاح على هويتهم و تراثهم الخاص غير أن ظروف هذه المتحدات بقيت سرا و لا توجد معلومات كثيرة عن حيلتهم في الإمبراطورية الفارسية فما نعرفه حقا أن بعض اليهود كانوا يتوقون للعودة بينما بقي آخرون منهم في إيران حتى القرن العشرين، و تصبح الصورة أوضح فيما بعد أثناء فترة الحكم اليوناني و الروماني عندما تطورت المتحدات اليهودية في الاسكندرية بمصر و في سيرين بليبيا و في أنطاكية بسورية و في روما بإيطالية و في مدن أخرى في آسية الصغرى. تكلم اليهود في معظم هذه المتحدات اللغة اليونانية السائدة و أسسوا ديانتهم على الترجمة اليونانية لكتابهم العبري المعروفة بالسبعينية و كل واحدة من هذه المتحدات قد طورت كما يبدو شكلها الخاص من الدين اليهودي الذي كان يختلف عن دين قادة الرابيين في فلسطين حيث أطلق الرومان رسميا اسم فلسطين على إقليم يهودا في القرن الثاني قبل الميلاد. كان بعض اليهود مرتاحين تماما في عيشهم تحت حكم الإمبراطوريتين اليونانية و الرومانية بينما استاء اليهود الآخرون في إقامتهم بين أتباع الديانات الوثنية الأخرى أو لعدم احترامهم في الثقافات السائدة الأخرى. ففي فلسطين و في الشتات كانت ثورة اليهود غير ناجحة ضد الحكم الروماني. فسيمون بار كوخبا قاد ثورات في القدس في القرن الثاني لاقت دعما من يهود المنطقة، وقبل تدمير المعبد في القدس في العام 70 أرسل كثير من يهود الشتات نقودا لدعم المعبد كانت كمصدر تضامني لليهود كأمة. غير أنه بعد تدمير المعبد لم يعد ليهود الشتات هذه الرسالة الاتحادية و لم يكن لهم شيء مشترك خلافا للحفاظ على الهوية اليهودية المميزة.
المتحد البابلي: كان أفضل ازدهار للمتحد الشتاتي في بابل، فالبارثيون الذين حكموا بابل و بقية ما بين النهرين حتى 224 قد منحوا اليهود حكما ذاتيا معتبرا و حياة اقتصادية و دينية لاقت استجابة مفضلة. عانى اليهود في بابل فترة قصيرة من الاضطهاد في القرن الثالث، لكن بعد عهد فارسي عرف بالساساني هزم البارثيين، استعاد اليهود حالا حرياتهم الأساسية و استمر متحدهم بالنمو و الازدهار لفترة ألف سنة أخرى، فازدهر تعليم الرابيين في الأكاديميات الدينية البابلية و قدموا تفاسير للقانون الشفهي و تفاسير للتوراة، فالتعليقات على القانون الشفهي في بابل أنتج التلمود البابلي وهو النص العبري و الآرامي الذي اعتبر أساس اليهودية، فاليهودية الرابينية التي كانت قد تطورت في بابل كانت أكبر تطور في شكل اليهودية التي أصبحت سائدة في قلسطين في القرن الثاني يرجع في قسم كبير منه للاعترلف الروماني بالرابيين كقواد دينيين و سياسيين لليهود.
انتشار المسيحية: تبدلت الحالة الاجتماعية و السياسية لليهود بشكل ملحوظ في القرن الرابع بعد تحول الإمبراطور قسطنطين إلى المسيحية، فتحوله أشار إلى عملية جعلت المسيحية الديانة الرسمية للإمبرطورية الرومانية و اعتبر اليهود مدمرين لرفضهم الاعتراف بيسوع على أنه هو المسيح. و كثير من قادة الكنيسة و الامبرطورية اعتقدوا أنه لا ينبغي السماح لليهود بالبقاء في الإمبرطورية الرومانية إذا هم استمروا في ممارسة دينهم. حيث اعتبر اليهود قادرين على تلويث الإيمان الصحيح الذي رفضوه غير أن هذه الحال نبذت لصالح وجهة نظر قدمها اللاهوتي المسيحي القديس أوغسطين, فمثل كل المسيحيين الآخرين، كان القديس أوغسطين يعتقد أن اليهود يستحقون الإهانة و التحقير و لكن بدلا من الجدل يشأن تدميرهم أو إجبارهم على تغيير دينهم، كان يعتقد أن عليهم أن يعيشوا في حالة فقر و تحقير. و بهذه الطريقة يمكن معاقبة اليهود على رفضهم الاعتراف بالوحي الجديد بالمسيح و قد يصلحون شهودا على تفوق المسيحية. و برغم قظاظة هذا الموقف إلا أنه أفاد في إنقاذ اليهود في العهد المسيحي من الإبادة.
أنشأ قسطنطين عاصمة جديدة في بيزنطة التي هي الآن اسطنبول بتركية في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية و سمى المدينة القسطنطينية، و بعد سقوط روما على يد الغزاة في العام 476 انكمشت الإمبراطورية الرومانية في الغرب لكنها بقيت قوية في الشرق و أصبحت تعرف بالإمبراطورية البيزنطية و اختلفت المواقف تجاه اليهود في الإمبراطورية الرومانية الغربية و في الولايات التي تبعتها بينما كان في الإمبراطورية البيزنطية عدد أكبر من اليهود تحت حكمها مما كان في الولايات في الإمبراطورية الرومانية الغربية و كانت تتصرف بفظاظة أشد معهم فاليهود تحت الحكم البيزنطي كانوا يجدون صعوبة أكبر في كسب عيشهم و بين العقبات الأكثر أنهم كانوا ممنوعين من بناء كنس جديدة أو إقامة مكتب عام لهم.
تحت الحكم الإسلامي: نشأ الإسلام دينا موحدا آخر في الجزيرة العربية في القرن السابع و فتحت القوات الكثير من أقاليم الإمبراطورية البيزنطية في القرنين السابع و الثامن. رحب اليهود بالتغيير في الحكم، و رغم أنهم كانوا يلقون عوائق دينية و اقتصادية تحت الحكم الإسلامي إلا أن أحوالهم تحسنت. فالفتوحات الإسلامية امتدت من بابل إلى مصر و فلسطين. و للمرة الأولى في التاريخ كان المركزان الرئيسيان للحياة اليهودية في بابل و فلسطين تحت حكم واحد، غير أن التوازن قد انتقل إذ أصبحت بابل هي المركز الثقافي و التراثي الأهم. و منذ القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر حدثت إنجازات ثقافية كبيرة في العالم الإسلامي و بخاصة في بابل ساهمت و استفادت من تلك المنجزات. فالأكاديميات في بابل كان يرأسها رابيون بارزون ساهموا في تأليف التلمود البابلي ليكون النص الرسمي للدين اليهودي. كما أنهم وضعوا التقاليد البابلية نظاما يحتذى في كل عالم اليهودية، إذ جعلوا من الدراسة المثل الأعلى للتدين. وأبرزهم كان سعديا بن يوسف الذي كان من عقلاء القرن العاشر الذي ترجم الكتاب العبري إلى اللغة العربية – لغة الأراضي الإسلامية فمن خلال هذه الترجمة و تعليقه على الكتاب باللغة العربية أوجد سعدية أدبا يهوديا بالعربية و أصبح الأول من بين كثير من الفلاسفة اليهود في العالم الإسلامي. فالفيلسوف موسى الميموني من مصر بزّ سعدية في الأهمية مستفيدا من الروح الريادية لسعدية إذ رفع الميموني عالم العلم اليهودي إلى ارتفاعات خيالية في القرن الثاني عشر. فيهود العالم الإسلامي نقلوا أيضا المؤلفات الفلسفية للبلدان القديمة و الإسلامية إلى المسيحيين الأوربيين فهم ترجموا العديد من التراث الفلسفي من العربية إلى العبرية كما ساعد يهود آخرون في ترجمتها من العبرية إلى اللاتينية التي كانت اللغة المكتوبة للمثقفين الأوربيين في ذلك الزمان.
تحت الحكم المسيحي: من القرن الثامن إلى أواخر العصور الوسطى بقيت الثقافة راكدة و غير مميزة في أوربة المسيحية بينما ازدهرت في العالم الإسلامي إذ بدءا من القرن الثامن شجع ملوك الفرنجة و حكام الإمبراطورية الرومانية المقدسة اليهود على الإقامة في بروفنس التي هي الآن قسم من جنوبي فرنسا و أرض الراين التي هي الآن قسم من ألمانيا و متحدات إيكس و مرسيليا أصبحت مراكز باكرة للحياة اليهودية الأوربية و حافظت على أهميتها لقرون. نتج تشجيع الاستيطان اليهودي عن اعتبار أن لليهود مهارات اقتصادية نافعة و بخاصة كتجار. و لاعتبار أنهم لا يملكون أرضا و لا يعملون كفلاحين لدى سادة إقطاعيين فإنهم اعتمدوا مباشرة على الحكام الأوربيين لحمايتهم، ز ذلك الاعتماد عنى أن بإمكان الحكام أن يعهدوا لليهود بالامتيازات الاقتصادية بأمان بدون أي تهديد لقوتهم الخاصة. رفعت تلك الامتيازات الخاصة الاستياء الذي كانت تشعر به الجماهير الأوربية تجاه اليهود من قبل و هو استياء تجذر في الفروق الدينية. لكن التدابير لم تؤدي إلى أية اضطهادات لليهود لعدة قرون لاحقة.
تبدلت حالة اليهود الأوربيين في عام 1096 في الحملة الصليبية الأولى التي كان هدفها انتزاع السيطرة على الأراضي المقدسة (فلسطين) من الحكام المسلمين، و بينما كانت الجيوش الصليبية تتجمع اتجه عداءهم الديني نحو المتحدات اليهودية في أرض الراين بتذبيح الناس و تدمير المستوطنات و لم تتمكن السلطات المحلية من إيقاف الصليبيين الهائجين. ففي بعض المتحدات فضل اليهود ألانتحار الجماعي على الوقوع في أيدي الغوغاء و افتتح الصليبيون عهدا جديدا لحياة اليهود الأوربيين.
أواخر العصور الوسطى من 1096-1492: بعد أن بدأت الحرب الصليبية و أثارت العداء على اليهود أصبحت المتحدات اليهودية الناجية في أواسط و شمال أوربة أكثر انعزالا عن محيطها الثقافي و رغم أن اليهود ما زالوا يمارسون درجة من السيطرة على شؤونهم الدينية و الثقافية إلا أنهم لم يجرؤوا على التفكير بما هو أبعد من أعرافهم الدينية، ركز الأدب مبدئيا على التلمود إذ أنتج علماؤهم تفاسير جديدة و تذكارية للتلمود البابلي زادت من شهرته و تفهمه لدى اليهود الأوربيين. هذا بالإضافة إلى الاتجاهات التصوفية الصليبية التي ظهرت بين اليهود الأوربيين الذين اتجهوا نحو الداخل راغبين في اتصال أكثر مباشرة مع الإله. و الشكل الأكثر أهمية من التصوف اليهودي كان القبالة التي تطورت في إسبانية حيث كتب الشعراء اليهود مرثيات و مناحب في ذكرى تضحيات اليهود الذين قتلوا في عام 1096 و طور يهود ألمانيا لغة خاصة بهم باتت تعرف باليديش التي بدأت كلهجة محلية للغة الألمانية المتكلمة في ذلك الزمان متفرعة عنها لتصبح اللغة اليهودية المميزة مكتوبة بالأحرف العبرية.
الاضطهاد: عاش اليهود ظروفا فظيعة بعد الصليبيين فاتهامهم بقتل المسيحيين و بخاصة الأطفال لاستخدام دمائهم لبعض الأغراض الطقسية بات أمرا شائعا ، و رغم أن القادة المسيحيين كانوا بشكل دوري ينكرون هذه التهم الدموية لأنها باطلة إلا أنها بقيت حتى القرن العشرين. و كثير من قادة الكنيسة أوجبوا مبدأ القديس أوغسطين على إرغام اليهود على العيش أذلاء محتقرين حتى منع مجلس الكنائس الكاثوليكية الرومانية المنعقد عام 1179 و 1215 اليهود من استخدام المسيحيين كما منع المسيحيين من السكن مع اليهود أو في جوارهم ملوما اليهود بلبس شارة خاصة تميز وضاعتهم كما منعوهم من الظهور بين الناس في عيد الفصح أو في المناسبات المسيحية الدينية الأخرى و كان لهذه المجالس تأثير دائم على الحيلة الاقتصادية لليهود بمنع المسيحيين من اقتراض أو إقراض المال فيما بينهم بفائدة و ترك هذا نشاط إقراض النقود كلية لليهود تماما كما أن أعمالا أخرى أبعدتهم عن مجالات أخرى من النشاط الاقتصادي. و قبل نهاية القرن الثاني عشر عاش يهود أوربة على نطاق واسع كمرابين و باعة متجولين.
طردهم من أوربة الغربية: وضعهم كمرابين ولّد عداء أكبر تجاه اليهود و لعب دورا في طردهم التدريجي من غرب و أواسط أوربة. طرد اليهود من انكلترا بعد إلغاء كل ديونهم في عام 1290، كما طردوا من فرنسة في عام 1306 لكن سمح لبعض منهم بالعودة إلى فرنسة عام 1394 كما أن الأراضي الألمانية في الإمبراطورية الرومانية المقدسة طردت اليهود على فترات عبر القرن الخامس عشر.
تكاثفت العداوة تجاه اليهود الأوربيين نتيجة للموت الأسود الطاعون البوبوني الوبائي من عام 1347 إلى 1351 الذي أباد ما يقرب من ثلث سكان أوربة و رغم أن الوباء قتل اليهود أيضا إلا أنهم وجدوا اليهود جاهزين لحمل التهمة بأنهم سببوا الوباء بتسميمهم مياه الآبار و في كثير من المناطق كان رد فعل الأوربيين بطرد الجماعات اليهودية و تدمير مساكنها, و قبل أواسط القرن الخامس عشر لم يبق أحد من اليهود في أوربة الغربية كما أن الكثير من الأراضي الألمانية طردت اليهود أيضا.
خامسا :الهجرة إلى بولندا: طٌرد معظم اليهود من غربي و وسط أوربة في الألف و الثلاثميات و الأربعميات من السنين إذ ارتحلوا غربا إلى بولندة حيث أنشأوا فيها ما بات يعرف بأكبر متحد يهودي في حينه. و في القرون الأولى بعد وصولهم نجا اليهود من الاضطهاد و العنف الذي كانوا يلقونه في أي مكان آخر في أوربة. كانت بولندة حينئذ أكثر منطقة تنوعا عرقيا و لغويا و دينيا في أوربة. طور اليهود في القرنين السادس و السابع عشر في بولندة حياة فارهة دينيا و اقتصاديا إذ حلقوا طرقا جديدة لدراسة التلمود و دراسة معمقة لتعليل القانون و الشرع اليهودي. ففي مدن مثل كاركوف و لفيف ( أوكرانيا اليوم) و بوزنان برز اليهود كتجار و مرابين و في شواهد قليلة كأطباء.
العصر الذهبي قي إسبانية: دخل اليهود عصرا ذهبيا في إسبانية في القرنين الثاني و الثالث عشر بينما كان اليهود في الشمال يعانون الاضطهاد. ففي إسبانية فقط ازدهر اليهود متعددي الثقافات في شمال إسبانية و ركز كثير من عقلائهم كما في أي مكان آخر في أوربة على العلم التلمودي كما تلقى اليهود في إسبانية دراسة في الفلسفة و العلوم و الشعر و قواعد اللغة العبرية و حتى في بعض التاريخ. و كان إبراهام بن عزرا المتعدد الثقافة في القرن الثاني عشر و العديد من أتباع الميموني الذي كان مولودا في إسبانية أنتج مؤلفات عديدو في كل هذه المجالات فكتاب الزّهر ، المؤلف الأساس في التصوف اليهودي أو القبّالة كان قد ألِّف في إسبانية في القرن الثالث عشر. و هذا المؤلف – سفر الزّهر أو كتاب الروائع أصبح حجر الزاوية في كل الفكر التصوفي اليهودي فيما بعد. كما ازدهر اليهود في إسبانية في المجالات السياسية و الاقتصادية أيضا. كان المسيحيون قد استرجعوا كامل إسبانية تقريبا من المسلمين في عام 1248 و حلق هذا فرصا لليهود. كان كثير من اليعود يتكلمون العربية-لغة سكان المنطقة المهزومة و كان لديهم خبرة واسعة في تقديم الخدمات الإدارية للحكومة فمكنتهم طلاقتهم بالعربية أن يكونوا تراجمة بين السكان العربيي اللغة و الإسبانيي اللغة.
لم يدم العصر الذهبي لليهود في إسبانية طويلا فأثناء القرن الرابع عشر أصبحت أنظمة الأديرة المسيحية قوية بشكل متزايد في إسبانية و بشكل دوري كانوا يعظون ضد اليهود، كما أن الموت الأسود حفّز الجماهير ضدهم أيضا. ففي عام 1391 قاد الوعظ ضد اليهود إلى مهاجمة كثير من المتحدات اليهودية و لكي يفروا من الموت قبل كثير منهم أن يتعمد و ينقلب إلى المسيحية. كما أن كثيرين آخرون تحولوا إلى المسيحية بدون إجبار مكشوف.
الاستجواب و الطرد من إسبانية: أدى التحول المطرد للعدد الكبير من المتحولين إلى المسيحية من اليهود إلى اختفاء المتحدات اليهودية المتبقية في عام 1492فبعض المنقلبين أصبحوا مسيحيين مخلصين و تكاملوا بنجاح مع المجتمع السائد بينما متحولون آخرون احتفظؤى رغم إخلاصهم بعلاقات مع أقربائهم و أصدقائهم الذين كانوا يمارسون شكلا ما من اليهودية. و عرف المتحولون من اليهود الذين استوروا يمارسون الدين اليهودي أما بسبب العادة أو الالتزام باسم المرّانو. و نشأت المشكلات عندما أصبح عدد المنقلبين و أعقابهم بارزا في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في إسبانية و في الدوائر الحكومية فاعتقد قادة هذه المؤسسات أن من الجوهري أن يحددوا إخلاص من دعوهم المسيحيين الجدد للحفاظ على الحياة. ففي عام 1478 تقدم الملك فردينند الخامس و ملكته إيزابلا باستفسار لإسبانية عن حالة المنقلبين ألى المسيحية حديثا سواء أكانوا سابقا يهودا أم مسلمين.
لم يكن الاستجواب كما يظن، بل كانت لجنة الاستجواب هي المسؤولة الوحيدة عن تحديد ما إذا كان المتحوّل الجديد غير مخلص فبمجرد تعميدهم لا يحق لهم الرجوع إلى دينهم السابق و كان المسيحيون المعمدون فقط هم المعرضين لسلطات الاستجواب. و رغم صعوبة خلوه من الفساد لم يكن الاستجواب عنيفا كما يظن فما من أحد يؤدي حماقة في الاستجواب عندما دفاع المرء عن تهمة عدم يهوديته يكون في الغالب أمرا مستحيلا.
في عام1492 استرد فرديناند و إيزابلا آخر قطعة من الإقليم الإسباني الذي كان تحت الحكم الإسلامي فقررا طرد كل اليهود و المسلمين ممن بقوا على دينهم و لتجنب أمر الطرد اختار كثير من اليهود التحول إلى المسيحية رغم أن عشرات الآلاف اختاروا الرحيل، معظمهم ارتحلوا إلى البرتغال المجاورة و كثيرون ذهبوا شرقا إلى إيطالية و إلى أراضي الإمبراطورية العثمانية بما فيها اليونان و شمال أفريقية و فلسطين و تركية. كانت البرتغال لهم إقامة مؤقتة إذ في العام 1497 قرر الملك مانويل الأول إجبار اليهود على اعتناق المسيحية في البرتغال و لأنه لم يقم استجوابا مباشرا لهم بقي كثيرون منهم يمارسون يهوديتهم سرا قدر ما استطاعوا و مع الزمن رجع أعقابهم جهارة إلى يهوديتهم خارج شبه الجزيرة الإيبيرية - (إسبانية).
أنهى الطرد من إسبانية و التحول إلى المسيحية في البرتغال واحدا من أقدم المتحدات اليهودية و أغناها. و مع ذلك فإن كثيرين من هؤلاء اليهود و المورانو المطرودين استبقوا هويتهم الإسبانية أو السفردينية حيثما أقاموا لاحقا. كما كان طرد اليهود من إسبانية قد أنهى الطرد الجماعي لليهود من البلدان الأوربية على الأقل حتى الأربعينات من الحقبة النازية. لكن طرد اليهود من المدن الأوربية الكبرى استمر من وقت لآخر حتى بداية القرن العشرين.
القرنين السادس عشر و الثامن عشر: حدثت تغيرات كثيرة في أوربة من الفرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر و هذه التغييرات أثرت في العلوم و الديم و الفلسفة و الحياة الصناعية و الاقتصادية. و كان لها تأثير على حياة اليهود و فكرهم كذلك، و كانت أولا قد جعلت أوربة الغربية تعود إلى قبول اليهود.
العودة إلى أوربة الغربية: في بداية القرن السادس عشر كان في بولندة أكبر كثافة يهودية في العالم. و لم يكن هنالك أي يهود يسكنون معظم الأراضي غرب بولندة، لكن هذه الحالة تغيرت في القرن السابع عشر عندما بدأ اليهود يهاجرون رجوعا إلى الولايات الألمانية و إلى شرق فرنسة، و كذلك فعل كثير من المارانو الذين حافظوا سرا على شكل ما من الهوية اليهودية في شبه الجزيرة الإيبرية (إسبانية و البرتغال) و كانوا قادرين على استئناف التزامهم المكشوف باليهودية في هولندة و جنوبي فرنسة و في مدينة هامبورغ الألمانية.
استقر كثير من المارانو في هولندة و بخاصة في أمستردام التي منحتهم حرية العبادة و فرصا اقتصادية كثيرة. دخلت هولندة عصرا جديدا من الازدهار التجاري باستقلالها عن إسبانية في عام 1648. و في جنوب فرنسة تطورت متحدات المارانو في مدن موانئ بوردو و بايون. و في هامبورغ المركز التجاري الهام أصبحت ملجأ للاجئين من أقسام أوربة الأخرى و رحبت باليهود الذين أصبحوا ممولين و مستوردين و بناة سفن. و كمسيحيين سابقا كان المارانو أول يهود لهم ثقافة عامة واسعة و تأثير في إحدى اللغات الأوربية على الأقل، ففي طرق كثيرة كانوا أول يهود حديثين و علامة للمستقبل و هم رغم ضآلة عددهم كان لهم تأثير مباشر على يهود المناطق الأخرى.
زيادة التحمل الديني: أثناء القرن السابع عشر غيرت الثورة العلمية و أول دوافع الثورة الصناعية طرق كثير من الفكر و السلوك الأوربي، فالثورة العلمية جلبت تفاسير لادينية للطريقة التي يعمل بها العالم الطبيعي كما جلبت الثورة الصناعية أشكالا جديدة من التنظيمات الاقتصادية. كانت الحروب الدينية بين الكاثوليك و البروتستانت قد شغلت أوربة في القرن السادس عشر لكنها انتهت في القرن السابع عشر في استيطانات أدت إلى قبول أكبر، برغم الأحقاد، للاختلافات الدينية. فالتجارة الأوربية مع آسية و كذلك قيام المستعمرات الأوربية في الأمريكتين جلبت التفاعل مع الثقافات الأخرى. و الأكثر من ذلك، تعرف أكبر بالعالم القديم من اليونان و الرومان ما جعل العديد من الحقائق العامة قيد المساءلة.
لذلك كان القرن السابع عشر فترة انفتاح عقلي أعظم و فرصا اقتصادية و له تأثير هائل على كل سكان القارة الأوربية. فالمنجزات العلمية و الاعتماد على التعليل العلمي و الاطلاع على الثقافات غير الأوربية أدى إلى احترام جديد لحقوق الإنسان أثناء القرن الثامن عشر – فترة عرفت بعصر التنوير.
النقاش في حقوق اليهود: كانت الانتقالات السياسية أبطأ في الحدوث عبر كل القرن الثامن عشر تقريبا، فكان اليهود الأوربيون فاقدي الحقوق و الحماية الشرعية كمواطنين. و قبل نهاية القرن تطلبت هذه الحال إعادة نظر. استمر التفكير التنويري بالانتشار بين النخبة من أوربة و جعل الوسط التنافسي للثورة الصناعية أمرا مكلفا جدا استبعاد أي واحد له موهبة.
ففي إنكلترة و هولندة و فرنسة و قسم من بروسيا ( ألمانية الآن) و النمسا تجاوبت أصداء الجدل بين السياسيين و رجال الفكر فيما يخص الوضعية السياسية لليهود. ناقش البعض أن على اليهود أن يغيروا طريقة تفكيرهم و تصرفهم قبل منحهم حقوقا مدنية متساوية بينما شعر آخرون أن اليهود يحتاجون أولا الدافع و الفرصة السانحة لتغيير طرقهم، فهم كان يطلب منهم لفترة طويلة أن يسكنوا في أحياء منفصلة و بسبب القيود على حجمها و تسهيلاتها فأن كثيرا من هذه الأحياء الخاصة أصبحت أزقة مكتظة. هذا بالإضافة إلى حصر المهن التي يستطيع اليهود ممارستها جعلت كثيرين منهم باعة متجولين. كما أن دينهم تطلب منهم لبس أثواب معينة كلبس التزيت تزيت ذي الأهداب للرجال ما يميزهم عن باقي الناس من غير اليهود كما أن ثقافتهم كانت محصورة بدراسة الكتب المقدسة.
في الجدال حول الحقوق المتساوية اتفق كلا الجانبين على أن اليهود كي يصبحوا أكثر أوربية في اللغة و المظهر و الثقافة لكي يساهموا في للمجتمع الأكبر و يستفيدوا من التفاعل معه، بدأ عقلاء اليهود و رجال الأعمال الذين ساهموا في حركة توسعة الحضارة الأوربية إلى اليهود يطالبون بالمساواة بصوت مرتفع و كنتيجة لهذه الحركة اليهودية المستنيرة (الهسكالاه) كانوا قد بدأوا من قبل بتغيير لغتهم و مظهرهم بقيادة الفيلسوف اليهودي مويى مندلسون في برلين فأصبحوا مساهمين مهمين في الحوار بينما هم يساهمون في حركة التنوير الأوربية.
التحرر و الإصلاح: البحث في حقوق اليهود كان له أعمق التأثير في فرنسة التي تناولت مسألة من ينبغي له أن يكون مواطنا في يقظة الثورة الفرنسية 1789-1799. و كان أطول جدال يخص اليهود. كثير من الثوارعارضوا منح حق المواطنة لليهود مجادلين أن هوية اليهودي كشعب مميز جعلتهم غير مناسبين لمواطني فرنسة بينما أراد آخرون منح اليهود حقوقا متساوية مجادلين أن حقوقا كهذه قد تؤدي إلى تغيير في الهوية اليهودية كما جادل أحد السياسيين و الثوار الفرنسيين بقوله :" إن اليهود كأمة هم لا شيء و لكنهم كأفراد هم كل شيء و يجب عليهم أن يكونوا فرنسيين" و هذا الوضع حمل اليوم و في عام 1791 منحت فرنسا اليهود كامل الحقوق المتساوية، سياسة باتت تسمى تحرير اليهود.
كانت فرنسا أول دولة منحت التحرير لليهود بينما ناقشت الدول الأوربية الأخرى الموضوع لكن لم تمنح أية واحدة منها التحرير لليهود في القرن الثامن عشر. أما في القرن التاسع عشر تكاثرت منح التحرير عبر أوربة. و قبل عام 1871 مع تحرير ألمانية لليهود كانت كل دولة في أوربة منحتهم التحرير ما عدا روسية. و في كل الحالات كان المتوقع من اليهود أن يتركوا سمة هويتهم الإثنية باعتناقهم اللغة القومية اليديش أو اللادينو – لغة يهود السفرديم الإسبان و أن يقبلوا البلد الذي يسكنون فيه بدلا من إسرائيل و كان على اليهود أن يصبحوا مجموعة دينية بين المجموعات الدينية العديدة الأخرى في أوربة.
ظهرت مراكز ثقافية و إبداعية يهودية كنتيجة للتحرير و أصبحت المدينة البروسية برلين المركز الرئيس للثقافة اليهودية الحديثة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كما ظهرت مراكز هامة في كونغسبرغ – الآن كاليننغراد بروسية و في همبورغ و فرانكفورت أم مين في ألمانية و في باريز بفرنسة. و أثناء القرن التاسع عشر حصل اليهود المحررون على بروز في فينا و بودابست عاصمتي النمسا و هنغارية. و في هذه المدن الأوربية هجر اليهود لغة اليديش لغتهم الكلامية و العبرية لغتهم المكتوبة. و بدأوا يلبسون مثل الناس الآخرين حيث تخلى الرجال عن الجدائل ( البيوت) و النساء عن الشعر المستعار ( الشيتل).
نسخة جديدة من اليهودية تسمى الإصلاح تطورت مع التحرير أثناء القرن التاسع عشر نابذة تلك النواحي من اليهودية التقليدية التي تبدو غير متآلفة مع وضعية اليهود الثقافية و السياسية الحديثة. أصبحت اليهودية الإصلاحية بسرعة متبناة من قبل أغلبية اليهود في ألمانية كما اتبعها يهود آخرون في مناطق أخرى أيضا . أزال إصلاحيو اليهودية كل الصلوات التي تدعو إلى إعادة بناء الدولة اليهودية في فلسطين و التي تشير إلى اليهود كأمة. كما أكدوا أن كثيرا من الطقوس في اليهودية التقليدية لم يعد لها علاقة بحياة اليهود الحاضرة لأتها وضعت حاجزا بين اليهود و الناس ألآخرين و هم اعتبروا فقط المكونات الأخلاقية لليهودية الإجبارية و اعتبروا العناصر الأخرى ممكن تركها.
كما هو متوقع ، أوضح تحدي الإصلاح رد فعل قوي من قبل الممثلين لليهودية التقليدية الذين دعوا أنفسهم يهودا مستقيمين. رفض المستقيمون أي تغيير في الدين اليهودي و كثير منهم رفضوا كامل برنامج التحديث مصرين على إبعاد اليهود عن الثقافة الغربية و مراكزها التعليمية.
الهازيدية في أوربة الغربية: كانت روسية قد ضمت معظم القطر البولندي بما فيه أوكرانية في أواخر القرن الثامن عشر ملحقة بها عددا كبيرا من السكان اليهود بهذه العملية، و قبل ذلك كانت الثقافة التقليدية ليهود بولندة تجري مسارها بينما كانت روسية عندها تحكم من قبل القياصرة الذين لم يمارسوا تحريرا سياسيا كبقية بلدان أوربة، غير أن الثقافة اليهودية كانت قد تغيرت بالفعل في أواخر القرن الثامن عشر و التاسع عشر. حركة إحياء دينية هامة عرفت بالهازيدية كانت قد ظهرت في بادولية ( الآن في أوكرانية) في أواسط ال 1700 و أتباعها عرفوا بالهازيدية.
رغم أن كثير من الناس يربطون اليوم الهازيدية بأكثر العناصر تقليدية من الحياة اليهودية إلا أنها في الأصل مثلت تحولا هاما في التقاليد. باحثين عن طرق جديدة لحقن المغزى الديني في الحياة اليهودية، تحدت الهازيدية سلطة القيم التقليدية للكهنة الذين رفعوا الدراسة التلمودية فوق كل ما عداها و بشكل فعال معظم الرجال و كل النساء مصرة على أن نواحي كثيرة من سعي الإنسان قدم فرصا سانحة لتقديس الحيلة و بلوغ التعرف إلى حضور الله من النشاط الديني بالصلاة إلى الغناء و الرقص و الأكل و العمل فحولت الهازيدية ،بقيادة مجموعة من القادة يسمون رابيين، الحياة اليهودية في كل أوربة الشرقية.
و هذه الحركة المعارضة التي أقامتها بين الرابيين التقليديين جلبت شعورا بالهوية المذهبية ليهود أوربة الشرقية الذين كانوا من قبل موحدين.
التحديث و التجزئة: من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر كان اليهود الأوربيون شغبا موحدا ثقافيا و دينيا و لغويا، غير أنهم منذ العام 1750 إلى 1850 فإنهم تشرذموا إلى عدة مجموعات و فئات. و منذ العام 1850 لا تزال أغلبية اليهود تتكلم اليديش، بينما في الأماكن الأخرى يتكلمون الألمانية و الفرنسية و الهنغارية و الإنكليزية و بشكل متزايد البولندية و الروسية. و في عام 1750 كان كل اليهود تقريبا يمارسون اليهودية التقليدية بينما بحلول العام 1850 كان أغلبية اليهود في أوربة المركزية و الغربية لا يفعلون ذلك و اليهود في أوربة الشرقية كانوا قد انقسموا إلى الهازيديين و مناقضي الهازيدية و اليهود اللادينيين الذين تتزايد أعدادهم.
بقيت اليهودية الرابينية التراث حية و قوية في أوربة في القرن الثامن عشر، لكن اليهود بدأوا أيضا بالتفرع إلى العلوم و الفنون الأوربية، للمرة الأولى أصبحوا مساهمين مباشرين في الثقافة اللايهودية على نطاق واسع ، و بشكل مماثل توجهت الفلسفة اليهودية نحو تحديات الفكر الأوربي و تنويره بطريقة جدية للمرة الأولى، فالفلاسفة اليهود كمنلسون في ألمانية كتب باللغات الأوربية و صارع بالخليج الظاهر بين الأفكار الحديثة و التراث النصي اليهودي.
القرن التاسع عشر: ثمة أيدلوجيات سياسية جديدة رافقت تحرير اليهود ى التحولات المرافقة للتحولات في الحيلة اليهودية أثناء القرن التاسع عشر، فالإيدولوجيات المعروفة بالقومية المرتكزة على الشعور المتحدي بين الناس الذين يشتركون بالتراث أثبت عدائيته لتكامل اليهود في الحياة الأوربية. فالقوميون رأوا في تكاملهم تلويثا للتراث الموروث لأمتهم. و رغم أن القوميين خسروا بالنتيجة المعركة ضد تحرير اليهود،فإنهم أخروا عملية التحرير في كثير من الأماكن.
بدأ اليهود بعد تحررهم اكتساب بروز في مناطق كثيرة ذات سلوك تراثي. فعدد اليهود في الجامعات و الذين يعملون في مجالات مهنية زاد إلى مستويات خارج نسبة تمثيلهم في السكان. توصل اليهود في بعض الأماكن تمثيلا بارزا في الحكومة القومية و المحلية، كما أنهم أصبحوا أيضا رجال أعمال ناجحين و أصحاب بنوك. فسلالات الأسر البنكية كبيت روتشيلد بلغوا ثروة و قوة خيالية. و كان هذا النجاح لطالبي التحرير للخير أو على الأقل غير ضار، أما بالنسبة لمعارضي التحرير فقد مثلت هذه التطورات تحقيق أسوأ مخاوفهم.
ا. معاداة السامية العرقي: كونهم فقدوا الجدال في التمسك بالتحرير، فإن معارضي حقوق اليهود المدنية و التكامل السياسي طورت جدليات لتبرير طي التحرير. ففي السبعينيات 1870 اتخذ كره اليهود شكلا جديدا سمي ضد السامية. و نحتت هذه العبارة عام 1879 واصفة ضد السامية بأنها معارضة اليهود على أسس عرقية. و أكد معادوا السامية أن اليهود يشكلون عرقا مميزا جسّد مميزات مختلفة عن، و خطرة على، المجموعة الأوربية السائدة التي يسمونها العرق الآري. و لأن معاديي السامية ينظرون إلى هذين النوعين العرقيين على أنهما غير مناسبين، فإنهم يعتقدون أن سلامة المجتمع الأوربي تعتمد على عزل اليهود عن الآريين. فهم عارضوا السماح لليهود بالمشاركة في أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية أوربية أو أن يمارسوا أية قوة سياسية. و هم فضلوا بذل أقصى الجهود لمنع اليهود من الزواج من غير اليهود.
إن معاداة السامية مضافة إلى المقاومة القومية ضد اليهود قادت إلى ظهور أحزاب سياسية على برامج تحرم اليهود من كل الحقوق المدنية، و أحزاب كهذه ظ%E

عبدالوهاب محمد الجبوري
30/04/2009, 08:56 AM
ملف مهم عن تاريخ اليهود وحياتهم والاحداث والتطورات التي مرت عليهم وما قاموا به

من اعمال عدوانية وبربرية ووحشية تجاه انبيائهم وشعوب العالم .. وبصفتي متخصص في

هذا الموضوع فاني اشيد بالاخوين نبيل الجلبي الذي اعتمد على ما ورد في القران الكريم

عن اليهود وهو اصدق الحديث ثم جاء الباحث المتالق والمترجم الكبير محمد اسماعيل

بطرش ليلقي المزيد من الضوء على هذا التاريخ فجزاكم الله خير الجزاء ولي عودة ان شاء

الله لتناول ماورد من تاريخهم حسب علم الاثار والتاريخ ومن مصارهم العبرية نفسها بعد

انتهاء فترة الامتحانات الجامعية اذا شاء الله ..

بورك الجميع . بورك من كتب وبورك من قرا .. فهذا الموضوع يجب ان يحظى بالكثير من

الاهتمام واتمنى على الاخوة القراء الاطلاع على ما كتبته عن اليهود من دراسات ومقالات

في المنتدى وغيره كدراسة التلمود وامبراطورية الربا والدم والمملكة اليهودية العالمية ...

مع خالص تحياتي واعتزازي ..

جامعة الموصل

فاضل أحمد
30/04/2009, 11:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دعاء لله تعالى أن تكونوا وأهليكم وجميع المسلمين بخير

بارك الله تعالى فيك وجزاك خيرا

لننتصح بالدوام على طاعة الله سبحانه و تعالى ، و أن يكون من بين مبادئنا
في الحياة : اعط بلا مقابل .. ترزق بلا توقع
لا تحرموني من الدعاء
بارك الله تعالى فيكم وجزاكم خيرا
وصلى الله تعالى وسلم وبارك على رسوله وحبيبه سيدنا محمد وآله
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

فاضل أحمد
30/04/2009, 11:17 AM
حملة ... لمناصرة الضحايا الأبرياء الذين سقطوا على أرض فلسطين العربية



الحملة موجهه لكل من
الأمين العام للأمم المتحدة
مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة
سفارات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن
وزارة الخارجية الأمريكية

يجب التحرك بسرعة لتعليق عضوية إسرائيل" في مجموعة دول الأمم المتحدة
و الطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيل محكمة خاصة بجرائم الحرب الإسرائيلية


على مدى نصف القرن الماضي أو ما يزيد، لم تحظ قضية بإهتمام المتجمع الدولي كما حظيت قضية فلسطين، ولقد بقيت هذه القضية مدرجة في جدول أعمال الأمم المتحدة بصورة أو بأخرى منذ البدايات الأولى لتاريخ المنظمة.


وكانت القضية موضوعاً لمناقشات ومداولات ومفاوضات استغرقت وقتاً لا حصر له. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل ما استأثرت به قضية فلسطين العادلة من جهود مكثفة وشاملة، لا تزال القضية بلا حل، ولا تزال تتطلب الإهتمام العاجل من المجتمع الدولي .
"إسرائيل" تنضم للأمم المتحدة...


أصبحت "إسرائيل" عضواً في الأمم المتحدة في 11أيار/مايو1949. وأشارت ديباجة قرار قبول "إسرائيل" في عضوية الأمم المتحدة، بشكل محدد، إلى تعهدات "إسرائيل" بتنفيذ القرارين 181(د-2) و 194(د-3)، وهما القراران اللذان شكلا صلب قضية فلسطين في الأمم المتحدة .


وقد تلقّت تقرير مجلس الأمن عن طلب "إسرائيل" الإنضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، وإذ نلاحظ أن "إسرائيل"، في تقدير مجلس الأمن، دولة محبة للسلم وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها ميثاق الأمم المتحدة.


كما وأن مجلس الأمن قد أوصى الجمعية العامة بقبول "إسرائيل" في عضوية للأمم المتحدة، وإن الإعلان الذي جاء بما تسمى بدولة "إسرائيل" أنها تقبل دون أي تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد بإحترامها من اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة.


وإذ تشير إلى قراريها الصادرين في 29تشرين الثاني/نوفمبر1947 وفي 11كانون الأول/ديسمبر1948، ومع الإحاطة علماً بالتصريحات والإيضاحات المقدمة من ممثل حكومة "إسرائيل" أمام اللجنة السياسية المخصصة فيما يتعلق بتنفيذ القرارين المذكورين، إن الجمعية العامة للأمم المتحدة وعملاً منها باختصاصها بموجب المادة 4 من الميثاق والمادة 125 من نظامها الداخلي:


• تقرر أن "إسرائيل" دولة محبة للسلم، متقبلة للالتزامات الواردة في الميثاق، وقادرة وعازمة على تنفيذ هذه الالتزامات .تقرر قبول عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة .


خذلان "إسرائيل" للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بكافة هيئاته ..


خذلت ما تسمى بدولة "إسرائيل" الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، الشاهد على ممارساتها اليومية بالسياسة العنصرية التي تظهر حقيقتها بأنها كيان لا يمكن أن يتحقق معه السلام بل على العكس تماماً فالجرائم ضد الإنسانية والحصار وجرائم الحرب التي تمادت بها قيادات "إسرائيل" قد هزت الضمير الإنساني..


المجتمع الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان مطالب بالتالي:


أولا:
التحرك بسرعة لتعليق عضوية "إسرائيل" في مجموعة دول الأمم المتحدة بما فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة وكل المؤسسات التابعة لها ومكوناتها وأعضائها. يجب أن يُطبَّق على "إسرائيل" ما تم تطبيقه على حكومة يوغسلافية على جرائمها ومذابحها ضد المدنيين وكذلك ما تم تطبيقه على الحكومة العنصرية البيضاء لجنوب أفريقيا لممارستها التمييز العنصري ضد الأفارقة السود. وتلك هي المصوِّغات القانونية لذلك:


• حيث كان قبول "إسرائيل" عضواً في هيئة الأمم المتحدة مشروطاً بقبولها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181(د-2) قرار التقسيم والوصاية الدولية على القدس – وكذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194(د-3) حق العودة للفلسطينيين .


• وحيث أن "إسرائيل" رفضت صراحةً الاعتراف بالقرارين وعليه فإن "إسرائيل" قد نقضت الشروط التي قبلت بموجبها عضواً بالأمم المتحدة وبالتالي يجب تعليق عضويتها في جميع المنظمات والهيئات التابعة للأمم المتحدة ويجب عدم مشاركتها فيها.


ثانياً:
إن أية مفاوضات مع "إسرائيل" يجب أن ترتكز وتكون على قاعدة ومرجعية هذين القرارين وحدودهما (181+194) وما تبعهما من قرارات للأمم المتحدة (مجلس الأمن والجمعية العامة) واتفاقية جنيف الثالثة والرابعة سنة 1949م وقوانين حقوق الإنسان 1907م وجميع القوانين الدولية ذات الصلة.


ثالثاً:
يجب أن لا تعلق الآمال على الولايات المتحدة الأمريكية ودورها في معالجة الأزمة فقد ثبت أن ذلك تزوير للحقائق فقد أثبتت أنها وسيط غير نزيه وغير أمين منذ بداية المفاوضات عام 1991م .علاوة على أنها داعمة بثبات الموقف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني .
يجب بناء نظام أو إطار دولي جديد ليضمن المفاوضات حيث لا يتعرض المفاوضين الفلسطينيين للضغوطات والابتزاز والتحديات والترهيب والتخويف تلك الحزمة التي يواجهونها من إدارة الولايات المتحدة.


رابعاً:
يجب التحرك باتجاه العمل على إلزام الأمم المتحدة بتطبيق الحظر الإقتصادي والدبلوماسي والسفر من والى "إسرائيل" استناداً إلى مقررات الإتحاد من أجل السلام (1950م) وخاصة في جلسته من أجل إغاثة الفلسطينيين والذي هو في تراجع الآن.


خامساً:
الطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيل محكمة جرائم حرب لإسرائيل بموجب المادة 22 من قانون الأمم المتحدة. والمادة 22 تنص على أنه "إن الجمعية العامة بصفتها تابعة لهيئة الأمم المتحدة بإمكانها تشكيل محكمة منبثقة عنها ومن أعضائها عندما ترى ذلك ضرورياً من أجل استمرار أداء وظيفتها. إن الهدف من إنشاء هذه المحكمة (محكمة جرائم حرب) التحقيق والمحاكمة لإسرائيل في حالة شكها بأن "إسرائيل" اقترفت جرائم حرب ضد الفلسطينيين.


الحملة

يرجى نسخ هذه الرسالة وبالإمكان التعديل عليها وإرسالها باللغتين العربية والإنكليزية لكل من:


• الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون
• مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة
• كافة سفارات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن في بلدكم
• وزارة الخارجية الأمريكية


إننا ندعوكم للنظر بجدية لتعليق عضوية "إسرائيل" في مجموعة دول الأمم المتحدة بما فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة وكل المؤسسات التابعة لها ومكوناتها وأعضائها لعدم إيفائها لميثاق الأمم المتحدة ولكافة القرارات الدولية والمواثيق المتعلقة بحماية حقوق الإنسان .


ونعتقد أنه يجب أن يُطبَّق على "إسرائيل" ما تم تطبيقه على حكومة يوغسلافية على جرائمها ومذابحها ضد المدنيين وكذلك ما تم تطبيقه على الحكومة العنصرية البيضاء لجنوب أفريقيا لممارستها التمييز العنصري ضد الأفارقة السود.


يجب على الأمم المتحدة أن تقدم المساعدة والعدل للشعب الفلسطيني بتوجهها الجاد لتشكيل محكمة دولية للتحقيق والمحاكمة لإسرائيل في جرائم الحرب التي اقترفتها بحق الفلسطينيين.


ومن تلك المصوِّغات القانونية في تشكيل محكمة جرائم حرب لإسرائيل نظراً لممارساتها الإجرامية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .

ندعوكم لزيارة مدينة غزة للإطلاع على معاناة الناس هناك الذين يعيشون في حصار لمدة أكثر من سنتين.


إن هذا العقاب الجماعي الذي تطبقه "إسرائيل" قاد إلى كوارث ومآسي إنسانية .

كما أن العقاب الجماعي على مجتمع من المدنيين من قبل الحكومة الإسرائيلية ينقض معاهدة جنيف، وإنه غير قانوني ويعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.


إن إسقاط القنابل من البر والبحر والجو على المجتمع المدني في غزة أدى إلى قتل النساء والأطفال الأبرياء والعزل ، وهدم المساجد والمستشفيات والمنازل ومرافق الحياة والبنية التحتية وهذا أيضاً غير قانوني ويعتبر جريمة حرب. إن عدد القتلى من غزة بلغ الآن أكثر من 1300وأكثر من 5500 جريح ومعظمهم من النساء والأطفال وأن البنية التحتية والفوقية لغزة تحطمت وانقطع الناس هناك عن العالم بمن فيهم الصحافيون وعمال الخدمات الإنسانية والإغاثة وتم منعهم من تقديم الإغاثة والخدمات وتم استهدافهم ومراكزهم أيضاً.


ندعوكم لتطبيق الشرعة والعدالة الدولية وحماية القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان .


الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد)
الإعلام المركزي 30/4/2009


ترسل الرسائل على العناوين التالية:



United Nations
New York, New York 10017
dpi_dis_unit@un.org
inquiries2@un.org


Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights (OHCHR)
Palais des Nations
CH-1211 Geneva 10, Switzerlanddexrel@ohchr.org
InfoDesk@ohchr.org

Human Rights Council at the United Nations
E-mail: Info@ohchr.org
For urgent matters:Email: urgent-action@ohchr.org
Processes de requites 1503: Email: 1503@ohchr.org



Hillary Clinton
State secretary of USA
U.S. State Department
C Street. NW 2201
Washington. DC 20520
Telephone and Fax : 1-202-647-2283/ 1-202-647-4000
Info@america.gov

حمل نسخة عن الحملة باللغتين العربية والإنكليزية من هـنــا

باللغة العربية



For English




منقول من بريدي

عبدالقادربوميدونة
30/04/2009, 03:24 PM
الأخ الأستاذ المحترم محمد اسماعيل بطرش الرجاء تنظيم الموضوع ..
احذف ما هومكررمنه فقد يشوه موضوعك الهام ويتعب من يقرأ ..مع كامل احترامي وشكرا .

جانو محمد القاضى
30/04/2009, 11:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سيدى الفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحث قيم جدا وجهد متميز اشكر حضرتك عليه وقد شجعنى ذلك على طلب ارجو ان اجده لدى حضرتك

الحقيقة اننى ابحث عن تاريخ اليهود منذ بدء الخليقة وحتى سبى بابل

اعتذر عن الأزعاج

وشكرا جزيلا مقدما

جانو

نبيل الجلبي
18/05/2009, 08:02 PM
ملف مهم عن تاريخ اليهود وحياتهم والاحداث والتطورات التي مرت عليهم وما قاموا به
من اعمال عدوانية وبربرية ووحشية تجاه انبيائهم وشعوب العالم .. وبصفتي متخصص في
هذا الموضوع فاني اشيد بالاخوين نبيل الجلبي الذي اعتمد على ما ورد في القران الكريم
عن اليهود وهو اصدق الحديث ثم جاء الباحث المتالق والمترجم الكبير محمد اسماعيل
بطرش ليلقي المزيد من الضوء على هذا التاريخ فجزاكم الله خير الجزاء ولي عودة ان شاء
الله لتناول ماورد من تاريخهم حسب علم الاثار والتاريخ ومن مصارهم العبرية نفسها بعد
انتهاء فترة الامتحانات الجامعية اذا شاء الله ..
بورك الجميع . بورك من كتب وبورك من قرا .. فهذا الموضوع يجب ان يحظى بالكثير من
الاهتمام واتمنى على الاخوة القراء الاطلاع على ما كتبته عن اليهود من دراسات ومقالات
في المنتدى وغيره كدراسة التلمود وامبراطورية الربا والدم والمملكة اليهودية العالمية ...
مع خالص تحياتي واعتزازي ..
جامعة الموصل

أشكرك أخي الكريم على إشادتك التي لا أستحقها لأنني لست كاتب الموضوع وإنما ناقله عن موقع رابطة أدباء الشام كما مذكور في نهاية الموضوع
تقبل تحياتي مع سلامي إلى مدينتنا الحبيبة الموصل

منـصور العســيري
23/05/2009, 12:14 AM
موضوع شيق وثري

شكراً لك أخي الكريم

عبدالقادربوميدونة
23/05/2009, 02:25 PM
تزايد عدد الوفود الأجنبية بحجة السياحة
يهود " سطيف "
يعودون إلى حاراتهم بوسط المدينة

بلغ عدد الأجانب الذين زاروا ولاية سطيف الجزائرية ، منذ 11 جوان الفارط وإلى غاية الآن 50 سائحا، معظمهم من الفرنسيين ذوي الأصول اليهودية الذين ولدوا بالمدينة، أو ممن لهم ذكريات إبان فترة الاحتلال، دون ذكر الوفود التي تدخل في إطار التبادل التجاري والثقافي وغيرها.
وتأتي هذه التطورات بعد الدعوات الكثيرة التي بدأت توجهها وكالات سياحية عديدة للأجانب لزيارة المعالم السياحية بالمدينة، والتعرف عن كثب على كل ما يساعد على النهوض بالقطاع، بالإضافة إلى الدعوة العلنية لرئيس الجمهورية في وقت سابق بزيارة هؤلاء للجزائر.
وزاد من تشجيع هؤلاء زيارة وفد كبير من 83 عضوا إلى أحياء العاصمة في المدة الأخيرة لم يخفوا انتماءهم ولا هويتهم، وهو الأمر الذي جعلهم يفكرون في تشكيل إطار رسمي يجمعهم.
وحسب معلومات رسمية، تحصلت ''الخبر'' عليها، فمن بين الوافدين إلى المدينة وبتغطية رسمية من السلطات الأمنية والولائية مجموعات زارت إلى جانب المعالم السياحية مثل المنطقة الأثرية بجميلة وبعض الحارات اليهودية القديمة بالمدينة، المقبرة اليهودية بمنطقة ''لانوار'' وهي معروفة لدى العام والخاص بـ''جبانة اليهود''.
من جهة أخرى حاولنا أن ننفض الغبار عن أرشيف قديم يتعلق بالجالية اليهودية بالمدينة قديما، لكن معظم الناس وحتى المسؤولين يجدون حرجا كبيرا في تناول الموضوع، فيما أكد لنا مصدر موثوق أن بعض المسؤولين ومنهم منتخبون يجندون أنفسهم كدليل سياحي لهؤلاء ويطوفون بهم الحارات القديمة بوسط المدينة التي كانت ملكا لليهود، تمهيدا لإغراء أصحابها بالتنازل عنها لصالحهم عن طريق وسيط يأخذ هو الآخر مبالغ كبيرة جراء تسهيل أمر الشراء، بحكم أن معظم الحارات بمدينة سطيف قديمة ومهددة بالانهيار في أي لحظة وهو ما يعد حافزا مهما لهؤلاء، وتعد حارة ''حمامو'' أو ما يعرف بحارة جربوع أحد هذه المعالم التي تسيل لعاب اليهود ممن زاروها بشهادة قاطنيها سابقا، بعدما أقدمت السلطات الولائية على ترحيل أكثر من 20 عائلة كانت تسكن الحارة بسبب هشاشة البناء الذي يعود إلى بدايات القرن الماضي.
وحسب أحد العارفين بخبايا الحارة، فإن ''حمامو'' هو مختصر لإسم اليهودي إسحاق جوزيف المالك الأصلي للسكن، وأكد أيضا أن وفود السياح لا يكادون ينقطعون عن الحارة، حيث يؤكد أحد المولودين بالحارة أنه يتذكر جيدا كيف زاروا المنزل في بداية الثمانينات وتناولوا مع أهل الحارة وجبة العشاء.
يذكر أن المئات من الأقدام السوداء واليهود الذين استوطنوا الجزائر قبل نصف قرن، دأبوا على زيارة معالم دينية بالجزائر منذ عام 2005، حيث قام 150 يهودي بزيارة مناطق تلمسان والطارف وبشار وكذا بني صاف، بغرض الحجّ إلى عدد من أديرة حاخاماتهم القدماء.
عن جريدة " الخبر " الجزائرية

عبدالقادربوميدونة
24/05/2009, 01:22 PM
حركة غيرعادية للأقدام السوداء، وزيارات فردية تحت غطاء سياحي
يهود يخططون لـ"الحج" وممارسة طقوس "الهيلولة" هذا العام بتلمسان الجزائرية!؟
2009.05.23 ع.بوشريف
تشهد هذه الأيام العديد من المواقع اليهودية بما في ذلك البنايات التي تعود إلى العهد الاستعماري بولاية تلمسان زيارات يقوم بها بعض السياح الذين أكدت بشأنهم مصادر متطابقة بأنهم من الأقدام السوداء المنحدرون من أصول يهودية يحملون جوازات سفر من دول أوربية أغلبها فرنسية.

ولم يعد خافيا على سكان مدينة تلمسان الكبرى التواجد الملفت للنظر للأقدام السوداء وهم يأخذون صورا فوتوغرافية للعديد من البنايات كتلك الواقعة في شارع فرنسا وغيرها من الأماكن الأخرى، بل تجد البعض منهم حسب ما كشف عنه مصدر مطلع مزودين بخرائط تحدد أهم الأماكن التي يريدون التوجه إليها، وغالبا ما تكون هذه المواقع التي تحددها الخرائط، يهودية، مثل مقبرة اليهود بمنطقة قباسة، حيث ينام الحاخام آفراييم آلان كوا الذي يعد ضريحه من بين الأماكن الأكثر تقديسا لليهود، خاصة الحجاج منهم لأداء طقوسهم الدينية والتعبدية والمعروفة في الأوساط الشعبية بـ"الهيلولة"، وهي كلمة عبرية المقصود منها الإحتفال بالطقوس الدينية وإحياء الشعائر الديانة اليهودية أمام ضريح الحاخام آلان كوا. هذه الطقوس التي غالبا ما تنحصر في الطواف على الضريح ورشه بكمية من الماء والملح مع الانغماس في حالة لاهوتية تعبدية قبل التوجه إلى المقبرة اليهودية، حيث يتم هنالك زيارة الأضرحة ووضع حجر صغير على كل ضريح في إشارة منهم أنهم زاروا الأضرحة، ففي كل زيارة يعمد اليهود إلى التعامل بهذا السلوك، وهو ما سبق لنا وأن توقفنا عنده في آخر موسم حج لهم بتلمسان، لتنتهي الإحتفالات الدينية بسهرة موسيقية يحييها حفيد الحاخام آلان كاوا من خلال تقديم نونات موسيقية على آلة البيانو. وإن كانت هذه الإحتفالات قد اقتصرت على ما سبق ذكره، فإنه في الماضي وحسب شهادات اليهود أنفسهم ممن جلسنا إليهم في آخر زيارة لهم سنة 2005، فإن الإحتفالات قديما كانت تجرى في شكل كرنفال يجوب شوارع تلمسان يتقدمه جوق موسيقي قبل أن ينتهي الحفل بعقد قران للعديد من الأزواج الذين يتم عقد قرانهم أمام الضريح تعبيرا منهم على إستمرارية وبقاء سلالة اليهود لتقدم الحلويات على الحجاج قبل أن يتم تزيينها بحبات الكرز التي يعتقدون أنهم هم من قاموا بزرع هذا النوع من الثمار بمنطقة تلمسان.
موسم حج اليهود إلى تلمسان وإن كان قد تم إلغاؤه بعد الأحداث التي عرفتها فلسطين المحتلة والمجزرة التي ذهب ضحيتها أبناء قطاع غزة بالرغم من أن جموع اليهود من الأقدام السوداء سبق لهم وأن أكدوا أنهم ليسوا صهاينة وأنهم ضد الأحداث اللاإنسانية التي يقوم بها الإسرائيليون بفلسطين متهمين ما أسموهم بـ"اليهود المتطرفين" وأنهم يهود فرنسيون، إلا أنه وبالرغم من كل ذلك لاتزال تلمسان تشهد زيارات في شكل إنفرادي تتكون من شخصين إلى أربعة أشخاص بداعي زيارات سياحية، بعدما رفعت الجمعيات الفرنسية للأقدام السوداء أياديها إثر انكشاف أمرها، خاصة جمعية "لامور دو سيال" للأقدام السوداء التي سبق لها وأن أعدت أشرطة وثائقية تم عرضها في قاعات العرض بفرنسا تحت عنوان "عودة الأقدام السوداء إلى "لامور دو سيال" والمقصود بها أولاد ميمون، كما سبق وأشرنا ذلك في أحد الأعداد السابقة، بالإضافة إلى جمعية أصدقاء تلمسان التي يقودها أندري شريبط وغيرها من الجمعيات الأخرى التي تحاول الدخول إلى التراب الجزائري بنية إعداد تقارير وحصر الممتلكات من اجل المطالبة بالتعويضات التي تبقى إحدى النقاط التي تسعى هذه الفئة إلى كسبها بالرغم من خروجها طواعية من أرض الجزائر بعد ما وقفت بجانب الاستعمار الفرنسي ضد لجزائر والجزائريين. رغم أن الشعب الجزائري وكما كشفت عنه الذاكرة التاريخية، استقبلهم أحسن استقبال ومنحهم الاستقرار بالجزائروخير دليل على ذلك الحاخام أفراييم آلان كوا الذي هرب من بطش الروم ليجد نفسه في عصرالزيانيين محاطا برعاية السلطان الذي منحه منزلة الملوك.
عن جريدة " الشروق اليومي " الجزائرية

طه كنعان
21/08/2009, 04:20 PM
تحية الى الكاتب - ولي تعليق قصير

اولا ان ابراهيم عليه السلام ليسى ابا لليهود - فاليهود كانوا قبل ابراهيهم --

2-- هناك فرق بين اليهود وبني اسرائيل -- فاليهود قبل ابراهيم وبنوا اسرائيل بعد اسحاق

3-- موسى لم يرسل الى اليهود ولم تكن ديانته يهودية --

من اجل فهم تاريخ اليهود يجب فصل بني اسرائيل عن اليهود - وان لم نفصل بين الاثنين فلن نصل الى شئ وسنجد تناقضات كثيرة من خلال السرد التاريخي كما حدث مع محمد اسماعيل بطرش ---

4-- ان داوود وسليمان ليسوى من اليهود ولا من بني اسرائيل انما هم مصريون من ذرية هارون المصري الاصل

المسيح لم يرسل الى اليهود انما ارسل الى بني اسرائيل ----

كي لا نضيع يجب فصل بني اسرائيل عن اليهود -- وعلينا معرفة شئ مهم وهو ان السبي البابلي لليهود تم وبني اسرائيل في سنواتهم الاولى مع موسى في صحراء التيه ---- من اراد طرح اي استفسار حول ما طرحته فانا جاهز ---------- والسلام عليكم


5-- المسيح لم يرسل لليهود وانما الى بني اسرائيل

عبدالقادربوميدونة
21/08/2009, 04:40 PM
تحية الى الكاتب - ولي تعليق قصير
اولا ان ابراهيم عليه السلام ليسى ابا لليهود - فاليهود كانوا قبل ابراهيهم --
2-- هناك فرق بين اليهود وبني اسرائيل -- فاليهود قبل ابراهيم وبنوا اسرائيل بعد اسحاق
3-- موسى لم يرسل الى اليهود ولم تكن ديانته يهودية --
من اجل فهم تاريخ اليهود يجب فصل بني اسرائيل عن اليهود - وان لم نفصل بين الاثنين فلن نصل الى شئ وسنجد تناقضات كثيرة من خلال السرد التاريخي كما حدث مع محمد اسماعيل بطرش ---
4-- ان داوود وسليمان ليسوى من اليهود ولا من بني اسرائيل انما هم مصريون من ذرية هارون المصري الاصل
المسيح لم يرسل الى اليهود انما ارسل الى بني اسرائيل ----
كي لا نضيع يجب فصل بني اسرائيل عن اليهود -- وعلينا معرفة شئ مهم وهو ان السبي البابلي لليهود تم وبني اسرائيل في سنواتهم الاولى مع موسى في صحراء التيه ---- من اراد طرح اي استفسار حول ما طرحته فانا جاهز ---------- والسلام عليكم
5-- المسيح لم يرسل لليهود وانما الى بني اسرائيل

السيد طه كنعان المحترم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
-1 مرحبا بك في " واتا " الواحة الواسعة الشاسعة لزرع الأفكاروحصد الثمار ..
فإن لم تجد ذلك فقد تتنعم بعطرالأزهاروعبق النوارمع ثلة من الأدباء والعلماء والشعراء الكبار ..
-2 هذه أولى مشاركاتك في " واتا " ويبدوأن لك زادا معرفيا مباركا.. إن شاء الله يطيب لك المقام وتحقق الأحلام وتنعم بالسلام مع حلول هذا الشهرالفضيل شهرالصيام ..
-3 إن سمحتم وما دمتم قد أبديتم استعدادا للإجابة فدعني من فضلك أسال:
-1 أ - أريد تسلسلا مختصرا لترتيب النبوة من ابراهيم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام وما بينهما وأماكن تنقلهما الجغرافي ..
-2 ب - كيف تم خلط مفهوم اليهودية بالإسرائيلية ومتى.. ومن طرف من.. ولماذا ..؟
باختصارطبعا حتى لا أثقل عليكم ؟
-3 ت- هل كانت القطع المتجاورات آنذاك ملتصقة مع بعض أم منفصلة كما نشاهد اليوم ..
أي أن هناك من يقول أن أماكن تنقل الأنبياء والرسل لم يكن جنوب غرب آسيا وشمال شرق إفريقيا ؟
وشكرا لكم ومرحبا مرة أخرى .

طه كنعان
21/08/2009, 06:24 PM
الاستاذ عبد القادرالمحترم - من اجل سؤالك - ارجو ولاختصار الوقت - ان تطلع على موضوع اكتشاف تحديد عمر الانسان من ادم وحتى ولادة المسيح بمنتديات المعالم والاثار - وبعدها اطر اسئلتك -- اتمنى الاطلاع لان الموضوع مهم انا انتظر --- وشكرا لك

طه كنعان
21/08/2009, 07:48 PM
ترتيب زمني مختصر للرسل من ابراهيم وحتى المسيح -------------

بعد انزل الله العذاب بقوم ثمود سنة 3600 بعد ادم توجه صالح ومن معه الى بلاد الرافدين حيث لم يكن في بلاد الرافدين بشر وسكن صالح ومن معه فيها وبعد 1800 سنة بعد سكن صالح ومن معه بلاد الرافدين ارسل الله ابراهيم وكان ذالك سنة 5400 بعد ادم واخرج ابراهيم من بلاد الرافدين وتوجه الى فلسطين فوجد فيها اناس وسال ابراهيم عن اصل القوم فقالوا له نحنو من مصر فقال ابراهيم انتم كنانيون اي من ارض مصر ارض الكنانة -- واليهود ومن خلال التورات حرفو الكلمة واضافوا حرف النون بعد العين الاولى فاصبحت الكلمة ( الكنعانيون ) وبعد ان رزق ابراهيم باسماعيل الذي اسكنه وامه بوادي مكة - في فلسطين ولد اسحاق (اسرائيل ) ومن اسحاق ولد يعقوب الذي فر مع امه الى بلاد الرافدين بعد ان قتل ملك مصر رعمسيس اسحاق ( اسرائيل ) وبعد يعقوب ب 1750 سنة دخل يوسف مصر اي دخل يوسف مصر سنة 7150 بعد ادم ثم بعد يوسف ب 50 سنة ارسل ابن يوسف عليه السلام موسى عليه السلام الى فرعون وقومه اي ان موسى هو ابن يوسف وبعد موسى عليه السلام ب 1800 ارسل الله المسيح عليه السلام الى بني اسرائيل اي ان من ابراهيم وحتى ولادة المسيح 3600 سنة ----

هذا مختصر ورؤس اقلام فقط --

عبدالقادربوميدونة
22/08/2009, 12:18 AM
ترتيب زمني مختصر للرسل من ابراهيم وحتى المسيح -------------
بعد أنزل الله العذاب بقوم ثمود سنة 3600 بعد ادم توجه صالح ومن معه الى بلاد الرافدين حيث لم يكن في بلاد الرافدين بشر وسكن صالح ومن معه فيها وبعد 1800 سنة بعد سكن صالح ومن معه بلاد الرافدين ارسل الله ابراهيم وكان ذالك سنة 5400 بعد ادم واخرج ابراهيم من بلاد الرافدين وتوجه الى فلسطين فوجد فيها اناس وسال ابراهيم عن اصل القوم فقالوا له نحنو من مصر فقال ابراهيم انتم كنانيون اي من ارض مصر ارض الكنانة -- واليهود ومن خلال التورات حرفو الكلمة واضافوا حرف النون بعد العين الاولى فاصبحت الكلمة ( الكنعانيون ) وبعد ان رزق ابراهيم باسماعيل الذي اسكنه وامه بوادي مكة - في فلسطين ولد اسحاق (اسرائيل ) ومن اسحاق ولد يعقوب الذي فر مع امه الى بلاد الرافدين بعد ان قتل ملك مصر رعمسيس اسحاق ( اسرائيل ) وبعد يعقوب ب 1750 سنة دخل يوسف مصر اي دخل يوسف مصر سنة 7150 بعد ادم ثم بعد يوسف ب 50 سنة ارسل ابن يوسف عليه السلام موسى عليه السلام الى فرعون وقومه اي ان موسى هو ابن يوسف وبعد موسى عليه السلام ب 1800 ارسل الله المسيح عليه السلام الى بني اسرائيل اي ان من ابراهيم وحتى ولادة المسيح 3600 سنة ----
هذا مختصر ورؤس اقلام فقط --

إذن سيدنا براهيم عليه السلام حط رحاله ببلاد الرافدين 5400 سنة بعد تاريخ نزول أوهبوط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض ..فترة طويلة نسبيا ..ثم أخرج - كما تقول - سيدنا ابراهيم من بلاد الرافدين التي هي العراق حاليا وتوجه إلى فلسطين فوجد فيها أناسا فسألهم عن أصلهم فقالوا له نحن من مصر..
فقال ابراهيم عليه السلام : أنتم " كنانيون " أي من أرض مصروهي أرض الكنانة التي تعرف بهذا الاسم حتى اليوم ..ومن خلال كتاب التوراة حرف اليهود الكلم عن مواضعه وأضافوا العين بعد النون للاسم وليس النون بعد العين -كما جاء في نصكم - فصارت الكلمة " كنعانيون " ..وبعد أن رزق الله سيدنا ابراهيم بسيدنا اسماعيل تم إسكانه بصحبة أمه بوادي غير ذي زرع أي بمكة ..وفي نفس الوقت ولد اسحاق وهو " اسرائيل" ..ومن اسحاق ولد يعقوب الذي فرمع أمه إلى بلاد الرافدين - العراق - بعد أن قتل ملك مصررعمسيس أباه ..وبعد يعقوب ب 1750 سنة من هذه الأحداث دخل يوسف مصر..أي سنة 7150 سنة بعد آدم عليه السلام وبعد مرور 50 سنة من ذلك الزمن أرسل ابن يوسف عليه السلام موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه ..أي أن موسى هو ابن يوسف..وبعد موسى عليه السلام ب 1800 سنة ..
أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله السيد المسيح عيسى عليه السلام إلى بني " اسرائيل " أي أن المدة الفاصلة بين سيدنا ابراهيم وسينا عيسى عليها السلام هي 3600 سنة ..
شكرا لك سيدي الأستاذ طه كنعان المحترم ..على هذه المعلومات القيمة ومن رأى منكم فيها شيئا ما غير صحيح أوتناقضا أوتضاربا في أرقام وعدد السنين فليفدنا به جازاه الله خيرا ..

طه كنعان
22/08/2009, 01:35 AM
الاستاذ عبد القادر مساء الخير انت لم تسأل من اين جئت بالارقام التاريخية ------

2-- جنة ادم لم تكن فب السماء وانما كانت في الارض بسيناء وقد عاش ادم بالجنة (1000) سنة وبعد خروجه من الجنة عاش ( 800) سنة اي ان ادم عاش على الارض بالجنة وخارج الجنة ( 1800 ) سنة واهذا الموضوع شرح مفصل بالادلة --
3-- ان لكل فترة من الفترات الزمنية بين الرسل شر مفصل - وانا اتمنى من الله ايجاد منتدى يتبنى هذا الموضوع لطرحه تاريخ الفترات الزمنية والاحداث التي جرت بها من ادم وحتى المسيح -- فالبحث مؤلف من ( 500 ) صفحة لا يوجد بهذا البحث اي شئ منقول او مكتوب من قبل فالبحث بكامله معلوماته جديدة وشكرا لك استاذ عبد القادر

ارجو منك فتح صفحة جديدة لهذا الموضوع وشكرا مرة ثانية

عبدالقادربوميدونة
22/08/2009, 01:59 AM
الاستاذ عبد القادر مساء الخير انت لم تسأل من اين جئت بالارقام التاريخية ------
2-- جنة ادم لم تكن فب السماء وانما كانت في الارض بسيناء وقد عاش ادم بالجنة (1000) سنة وبعد خروجه من الجنة عاش ( 800) سنة اي ان ادم عاش على الارض بالجنة وخارج الجنة ( 1800 ) سنة واهذا الموضوع شرح مفصل بالادلة --
3-- ان لكل فترة من الفترات الزمنية بين الرسل شر مفصل - وانا اتمنى من الله ايجاد منتدى يتبنى هذا الموضوع لطرحه تاريخ الفترات الزمنية والاحداث التي جرت بها من ادم وحتى المسيح -- فالبحث مؤلف من ( 500 ) صفحة لا يوجد بهذا البحث اي شئ منقول او مكتوب من قبل فالبحث بكامله معلوماته جديدة وشكرا لك استاذ عبد القادر
ارجو منك فتح صفحة جديدة لهذا الموضوع وشكرا مرة ثانية

يا رجل بارك الله فيك..
ولماذا أسأل عن المصادروالأرقام وهي تهويمات لا علاقة لها لا بالعلم ولا البحوث العلمية ..القرآن يقول اهبطوا منها جميعا أي هي الأعلى وهل مصرأعلى الأرض ؟
إذن هوكان في هملايا في أفريست أوكشمير ..؟؟ كليمانجارا
يا رجل التأريخ في مثل هذه المسائل هوعبارة عن تهويمات وهرطقات وخرافات لا أساس لها لا عقلا ولا منطقا ..
الطوفان وما قبل الطوفان.. لا كتابة ولا رسوم ولا موميات ولا هياكل عظمية .. وتريدني أن أصدق أن سيدنا آدم كان يعيش في مصروأن عمره آلاف السنين ومن أين للبحث بهذا ؟
دعنا يا رجل..يا محترم التفكيروالبحث لا بد أن ينصب الآن حول من يحتل الأرض وينتهك العرض ويعطل الفرض..
أما ما عدا ذلك فهوتضليل وتظليل ولفت الانتباه لجهات لا تهم لا من قريب ولا من بعيد العربي والمسلم الحقيقي ..
الغرب ..إنهم يصنعون ويبدعون وينتجون ويسوقون ويستحوذون على خيرات بلداننا ويصعدون إلى المجرة ويغوصون في لب الذرة ..
شكرا لك .

طه كنعان
22/08/2009, 02:55 AM
هل كان موسى وقومه بالسماء -- اهبطو مصر فان لكم ----------------- اين كان موسى وقومه ---

ادم عمره 1800 سنه -- ونوح عاش 1000 سنة وقوم عاد وثمود كانت اعمارهم 500 سنة واعمار قوم ابراهيم 250 سنة واعما ر من بعد موسى 125 الى 150 سنة لماذا تستغرب --
3-- الطوفان حدث بمصر
انت تقول ان

انت لا تريد ان ترى الحقيقة اذهب كما قلت لك الى منتديات المعالم والاثار لتعلم من اين اتيت بهذا التاريخ ------

والمعلومات التي اذكرها من اثار مصر لا اتوقع ولا افترض -- لكنك انت لا تريد ان تعلم

انت تقول يجب ان ينصب البحث والتفكير الان على من يحتل ارضنا -- اقول لك السلاح ليسى فقط بندقية والدفاع عن الارض ليسى فقط بالرصاص - انا حقيقة مستغرب هذا الرد منك --

ان كنت تفضل تاريخ التورات المزورة فهذا شئ يخصك - ان من يحتلون ارضنا هم انفسهم كتبوا لنا التاريخ المزور على الاقل يجب الدفاع في المرحلة الاولى عن تاريخنا لنثبت وجودنا بين الامم ----

عبدالقادربوميدونة
22/08/2009, 02:47 PM
هل كان موسى وقومه بالسماء -- اهبطو مصر فان لكم ----------------- اين كان موسى وقومه ---
ادم عمره 1800 سنه -- ونوح عاش 1000 سنة وقوم عاد وثمود كانت اعمارهم 500 سنة واعمار قوم ابراهيم 250 سنة واعما ر من بعد موسى 125 الى 150 سنة لماذا تستغرب --
3-- الطوفان حدث بمصر
انت تقول ان
انت لا تريد ان ترى الحقيقة اذهب كما قلت لك الى منتديات المعالم والاثار لتعلم من اين اتيت بهذا التاريخ ------
والمعلومات التي اذكرها من اثار مصر لا اتوقع ولا افترض -- لكنك انت لا تريد ان تعلم
انت تقول يجب ان ينصب البحث والتفكير الان على من يحتل ارضنا -- اقول لك السلاح ليسى فقط بندقية والدفاع عن الارض ليسى فقط بالرصاص - انا حقيقة مستغرب هذا الرد منك --
ان كنت تفضل تاريخ التورات المزورة فهذا شئ يخصك - ان من يحتلون ارضنا هم انفسهم كتبوا لنا التاريخ المزور على الاقل يجب الدفاع في المرحلة الاولى عن تاريخنا لنثبت وجودنا بين الامم ----

لا عليك سيدي الكريم واصل أبحاثك كما تشاء ..أنا لا أعارضك ولا أسخرمما تكتب حتى تستنغرب
فلنعش كلنا هناك ..هناك بين الأمم.. في الرمم ..أما هنا فليرموننا بالحمم.. ولا يهم .
.شكرا السيد طه كنعان ....

أ.الرويسان
29/09/2009, 05:55 AM
معلوماات قيّمة .:). بارك الله فيك , شكرا على الإفادة ..

قصوران علي يعقوب
12/11/2009, 11:27 PM
موضوع قييم وممتاز ومفييد شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . :mh78: