المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار القاهرة ثمنه الوطن ..



سميح خلف
01/05/2009, 04:47 PM
حوار القاهرة ثمنه الوطن ..

في مقالة للدكتور شاكر الهزيل بعنوان : " لعبة القمار والحوار حتى ولو كان ثمنها وطن " ، تشخيص دقيق لما يدور بين المتحاورين على موائد اللجان المختلفة للحوار بين حماس وفتح أوسلو تحت مبرر إنهاء الإنقسام وإعادة اللحمة بين شطري الوطن المحتل في حين أن كل فلسطين محتلة ومجزأة ومفككة الأوصال على كافة الأصعدة المعنوية والمادية والفكرية ، خرجنا من مصطلحات الحرب الأهلية ، هذا المصطلح الذي لا ينطبق على الحالة الفلسطينية إلى مصطلح الإنقسام في مغالطة كبرى لحقيقة أن الشعب الفلسطيني موحد حول حقوقه وحول قضيته ، ذرائع بنية إخراج الحالة الفلسطينية من ممراتها الأساسية و من استحقاقاتها في مواجهة العملاء والمنحرفين وقادة الثورة المضادة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، عندما أقول الثورة المضادة هم مجموعة الأوسلوين التي لا يمكن بأي حال من الأحوار تشخيص حالتهم منفصلة عن الكيانية الصهيونية وبرنامجها بعمقه الدولي والعمق الإرتدادي العربي عن النهج القومي وحالة الإنفلات الفكري بل المغالطات الفكرية التي دعت رؤساء بعض الدول العربية لتهنئة الكيان الصهيوني بالذكرى الواحدة والستين لتأسيس الكيانية الصهيونية على الأرض الفلسطينية ، والمباركة ليوم الإستقلال ، بمقارنة عجيبة وغريبة يهنئون الصهاينة بعيد الإستقلال وفي الزاوية الأخرى الشعب الفلسطيني مشتت ومحاصر ومغلقة عليه المنافذ بدء من المنافذ الصهيونية إلى المنفذ العربي الوحيد منفذ رفح ، ومن البلاهة أن نسوق لحوارات القاهرة وانجازاتها التي تمشي على خطى السلحفاء ، لم يتذكر الرؤساء العرب الذين بادروا بتهنئة الكيان الصهيوني على استقلاله الحقوق الفلسطينية المشروعة والمغتصبة ولم يتذكروا إلا ما أوكل لهم من تكريس لهذه الكيانية على الأرض الفلسطينية وخنق مقاومة الشعب الفلسطيني من خلال ما يسمى حوارات القاهرة التي من الناحية التشخيصية التي لا يمكن أن نسميها إلا ملهاة ولعب بالوقت وحالة من حالات الإستدراج الذهني والسلوكي للشعب الفلسطيني تحت قضية كبرى مخطط لها سلفا ومقدما تدمير قطاع غزة لكي يكون في سلم الأولويات التعمير ومن خلال بوابة المحاصصة لقوى المقاومة في انجرار واضح إلى المواقع والمناصب والنفوذ والتقسيمات المؤسساتية .

حوارات القاهرة ثمنها الوطن والتاريخ والشعب ، ثلاث قضايا هامة جدا سيدفعها الشعب الفلسطيني ثمن حوارات القاهرة ذات الطبيعة المؤسساتية الأمنية لدولة كبرى نكن لها كل الحب والإحترام ولأنها قاهرة المعز وقاهرة عبد الناصر .

حوارات القاهرة ثمنها الوطن والشعب .. لماذا ؟ .. لأن حوارات القاهرة منذ أن بدأت في اجتماعها الأول إلى الخامس والذي سيأتي فيما بعد السادس والسابع والثامن والعاشر ، وان اتفقوا أو لم يتفقوا وبناء على سياق ومكان الحوار فالثمن الوطن والشعب .

الأوسلويون أخطر ظاهرة في التاريخ القديم والحديث تعرض لها الشعب الفلسطيني بامتدادات هذا التيار الفكرية والثقافية والسلوكية ولذلك الحوار مع من سرقوا وطن وباعوا وطن وباعوا شعب وباعوا كوادر ، هو جريمة من الجرائم الكبرى ترتكبها فصائل المحاصصة ، ولأن الضفة يسري عليها كما يسري على المدن مثل تل أبيب وحيفا ويافا والقرى الفلسطينية المحتلة .

حوارات وتفاؤلات وشعب معدوم ومنظمة موؤودة ولاجئين مشردين ويخرج دايتون في زيارة له لطول كرم ليبدي نيته في تطوير أجهزة سلطة الأوسلويين الذي بادر رأيسهم بتهنئة ناتنياهو بالرئاسة ليبدي استعداده لتطوير كفاءة أجهزة الأمن تلك بتدريب ثلاث كتائب ودفع موازنات ، أي حوار هذا المبني على المحاصصة والمبني على السلطة والتطلع للسلطة في ظل برنامج هلامي للمقاومة ، فلا يمكن أن يكون هناك معاني أخرى للمقاومة إلا معنى واحد هي مقاومة كل من يرى طريقا آخر لينحرف الشعب وأدواته عن طريق التحرير لفلسطين .

حوارات القاهرة وشركات واستثمارات يعلن عنها يوميا لطبقة الأوسلويين الطغاة في ممارساتهم على شعبهم وأذناب لدى دايتون ، الغريب عندما سؤل أحد رؤساء الدول العربية عن موافقة لإنعقاد مؤتمر الأوسلويين ، قال لهم : لكم وطن ؟!! .. أي وطن هذا ؟؟ .. وفي جانب آخر وفي كلمة لرئيس سلطة أوسلو يتحدث ببلاهة أو بازدواج في الشخصية ينم عن داء عضال لهذا الرجل ليقول : " لقد أدينا ما علينا لخارطة الطريق وحفظنا أمن الصهاينة وعلى الدولة الصهيونية أن تعطينا استحقاقاتنا " ، وفي نفس الكلمة يقول : " إننا حققنا الأمن لشعبنا في الضفة " .. أي أمن هذا الذي حققه هذا الرجل ؟ .. في ظل 550 حاجز وفي ظل مخاطر حقيقية تتعرض لها القدس يوميا ، وفي ظل تهديدات بهدم 3000 منزل في القدس ، وفي ظل توسع استيطاني ، وفي ظل اجتياحات واغتيالات مستمرة لكل مدن وقرى الضفة ، أعتقد أن رئيس سلطة أوسلو صادق في زاوية واحدة فقط أنه حقق الأمن لأجهزته الأمنية على اعتبار أنها تتحرك بالقدرات التكنولوجية الأمريكية والصهيونية .

حوارات القاهرة في ظل تلويح بتشكيل حكومة محاصصة بين تلاميذ أميركا وعلى رأسهم فياض وبين الساقطين من فتح أوسلو ، مفارقات عجيبة وحوارات عجيبة ومآرب أغرب من الغرائب .

كنا نتمنى وللحالة الخطرة التي تتعرض لها القدس وكنا نتمنى للحالة المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني خارج الوطن وداخل الوطن ، أن يتحرك هؤلاء لحماية القدس ولحماية المخيمات الفلسطينية في الضفة وأن يطرح برنامج سياسي يعبر عن حالة المقاومة والصمود والتصدي لكل لغات الإستسلام ، لا أن تكون الحوارات لها الطابع الأمني التنازلي الإنجراري نحو الجحيم ، وبالتأكيد جحيم خسارة الوطن أكبر بكثير وأكثر خطورة من خسارة شعب أو جزء من شعب أو مؤسسة .

بقلم / سميح خلف
رئيس تحرير صحيفة فلسطيننا