المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزلق/من الآدبيات السياسية/عبد الله عيسى السلامة



نبيل الجلبي
02/05/2009, 07:23 PM
الزلَق /من الأدبيّات السياسية

عبد الله عيسى السلامة

قال الشاعر:
ومَنْ لا يُـقَـدّمْ رِجْـلَه مُطْـمئِنّةً فَـيُثْـبِتَها في مستوَى الأرضِ يَزلَـقِ

والزلَقُ أنواع.. منها الماديّ ، الذي يعرفه الأطفال ، الذين تَجاوزوا السنة الثانية من العمر! وما نحسَب الشاعر أراده ، لأنا عرفناه حكيماً في شعره ، لاعابثاً.. إنه زهير بن أبي سلمى..!
ويبقى النوع الآخر المعنوي.. وهذا عسير خطير..شتّى مَذاهبُه ، دقيقة مَساربُه..!
وأكثرُ مَساربِه دِقّةً ـ وربّما وعورةً ـ ، ماكان ذا صِلةٍ بالساسة والسياسة ، وبالعناصر الأساسية البشرية ، للعملية السياسية ، وهي الحكومات ، والشعوب ، والمعارضات ..!

1- مَزالق الحكومات .. اثنان :

أ * مَزلق باتّجاه الداخل ، نحو الشعوب : وهو الاغترار بالقوة ( قوة الجيش .. قوة أجهزة الأمن .. قوة السلطة ) ..! وهو المزلق الأخطر، الذي يؤدّي بالتدريج ، بوعي وبلا وعي ، إلى الطغيان .. الطغيان النسبي أولاً ، ثم الطغيان المطلق في النهاية ، حين يصل الحاكم ، الى المرحلة التي يحسب نفسه فيها صار إلهاً ، لامعَقّبَ لحكمِه ، ولا رادّ لكلماته..! وفي هذه المرحلة ، يَرى كل شيء في بلاده مباحاً له:
( سلب الأموال .. انتهاك حريات البشر وحقوقهم وكراماتهم ..) ! وبالجملة ، يرى نفسَه في بلاده ، ربّ مَزرعة يملك كل شيء فيها: الأرضَ ، ومَن عليها، وماعليها ! والرمز المجَسّد لهذا الصنف من الطغيان ، هو فرعون ، ومَن على شاكلته من فراعين البشر ، الكبار والصغار، قديماً وحديثاً..!

ب * مزلق باتّجاه الخارج ، نحو القوى العظمى: وهو الانبهار بقوة إحدى الدول العظمى، والإحساس بعظمتها الهائلة ، والشعور بالدونية والضآلة تجاه هذه القوة وهذه العظمة، ثم الخنوع لها ، والاستسلام لأمرها ، حتى تصير هي المتحكّمة ـ مِن خلالِه ـ بشَعبه وبلاده ..! ولو أمَرتْه أن يُغرق أرض وطنه بدم شعبه ، لَما جَرؤعلى الرفض، بل حتى على مجرّد التفكير بالرفض..! وهذه الحالة من الذلّ ، والخضوع للأجنبي، موجودة في بعض دول العالم الثالث اليوم ، وأبرزُ مَن يمثّـلها ، الحكومات التي تألّهتْ على شعوبها..!

2- مزالق الشعوب.. أهمها اثنان :


أ * مَزلق الانخداع بقوة الحكام: وهذا يؤدّي إلى الخضوع المطلق لهم ، والاستسلام لتسلّطهم ، حتى يصبح الشعب قطيعاً مِن الخراف الضالّة ، في مواجهة حكّامه..! لايجرؤ على قول كلمة (لا) ، مهما صَبّ عليه هؤلاء الحكّام ، من فنون الظلم والقهر والأذى .. حتى لو قَتلوا أبناءه في الشوارع ، أوعذّبوهم في السجون ، أو شرّدوهم في المنافي..! ومهما نَهبوا من أمواله ، حتى لو انتزَعوا اللقمة من أفواه أطفاله..!

ب * مَزلق الصراع الداخلي: وهو أن تَـنشغل قوى الشعب ، وتجمّعاته البشرية ، من قبائل وأحزاب وطوائف ، بالصراع فيما بينها ، غافلةً أو متغافلة ، عن سبب شقائها الحقيقي ، وهو ظلْم حكّامها ..! وغالباً مايكون لهؤلاء الحكّام ، دور أساسي في تحريك الصراعات بين قوى الشعب ، لتظلّ هذه مشغولة بنفسها، عمّا تمارسه عليها هذه الحكومات ، من قهر وتسلّط وجور..!

3- مزالق المعارضات .. وأهمها اثنان:

أ * مَزلق الاستعانة بالقوى الخارجية ضدّ ، الاستبداد الداخلي: ومَن يفعل ذلك ، سعياً إلى التخلّص من قهر حكّامه وجورهم ، يحقّق في نفسه قولَ الشاعر:
والمستَجيرُ بعَمْرٍو عِندَ كُربَتِه كالمُستَجيرِ مِن الرمْـضاءِ بالنارِ!

ب * مَزلق الصراع فيما بينها: إذْ تبدأ كل قوة من قوى المعارضة ، بالتشنيع على القوى الأخرى ، وانتقاد سلوكاتها وتصرفاتها ، بحجّة أن هذه السلوكات والتصرفات أضعَفت المعارضة ، أو أنها تَـمّتْ من وراء ظهور القوى المعارِضة الأخرى..! ويظلّ سَيلُ اللوم والتعنيف والتشكيك قائماً ، بين قوى المعارضة ، يبدّل اتجاهاته من حين إلى آخر ، والحكومة تنظر إلى معارضيها هؤلاء ، وتَفرك يديها فرَحاً وغبطة..! وتعتزّ بذكائها ، وذكاء عملائها ، الذين دسّتهم في صفوف المعارضة ، ليعبثوا بها ، ويمزقوا شملها ، ويزايدوا عليها ـ في الوقت ذاته ـ بأنها لاتعرف كيف تعارض الحكم القائم ، بالشكل الصحيح ..! وإلاّ لتمكّنتْ من إسقاطه ..! لذا فهي مجموعة من العجَزة الخائبين ، وعلى كل فرد فيها ، أن يذهب إلى بيته ، ويهتمّ بشؤون أسرته..!

عن موقع رابطة أدباء الشام

محمد اسلام بدر الدين
02/05/2009, 08:06 PM
والله كلامه رائع، الاختلاف فيه التنازع والفشل ولابد لأتباع الحق أن يتحدوا.. ولا قائمة لهم بدون الاتحاد
وخلاصة القول "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"