المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل ثمة خصومة بين الإسلام والعروبة؟



سيد يوسف
10/01/2007, 01:37 AM
هل ثمة خصومة بين الإسلام والعروبة؟
سيد يوسف
http://www.maktoobblog.com/sayed_yusuf00?post=86783

تساؤلات تمهيدية

إن الباحث المتأمل يجد أن ليس ثمة خطر يتهدد العروبة من الإسلام ، وأن ليس ثمة خطر يتهدد الإسلام من العروبة ، فهل ثمة خصومة بين الإسلام والعروبة؟ أم بين عقلية الإسلاميين والقوميين؟ وإذا كان فهم الشيء فرعا من تصوره ، فلماذا يهتم البعض بأقاويل تطلق من هنا أو من هناك دون البحث عن جذور التصورات؟ ولم يغيب الحوار- المثمر- بين الإسلام والعروبة؟

لا فهم بلا تصور صحيح ومن ثم شاب تناول الحوار بين الإسلاميين وبين القوميين ما شابه من صراعات أو خصومات فى جبهتنا الداخلية كان من السهل أن يحدث تقارب ما بينهما إذا وقف كل طرف على أرضية مشتركة وفهم أعمق لما يدعو إليه الآخر...ولو أن الفريقين أحسنا الظن ببعضهما لما نشب بينهما اختلاف لكنه سوء الظن وغياب الحوار الفاعل ، واستدعاء خصومة الماضى ، والتركيز على مواطن الاختلاف بدلا من الالتفاف حول مناطق الاتفاق....ولو أن دعاة العقلانية من كل فريق وحدوا جبهتنا الداخلية لكان خيرا لنا وأقوم .

ويحسن بنا أن نضع تعريفا ومنهاجا مختصرا لكل...ويمكننا أن نتبنى تعريفا- وصفيا- مبسطا للعروبة كما يلي: إنما العروبة انتماء للأمة العربية التى تتسم بعدة خصائص مشتركة منها اللسان العربي ، والتاريخ المشترك ، والمصير المشترك فضلا عن بعض السمات الفكرية والثقافية التى تمتد بجذور تاريخية طويلة.

توضيح
والعروبة بهذا التعريف الوصفى المبسط تمثل واقعة اجتماعية ونفسية ذات جذور تاريخية لكنها لا تمثل عقيدة خاصة ،أو فلسفة محددة ...ومثال ذلك : انتماء المواطن السورى والمصرى والتونسى والصومالى يحدده اللغة ،والتاريخ والمصير المشترك ويمثل جزءا من ارتباط عصبى بالمجتمع ، فالقومية العربية هي إذن الواقع التاريخي واللغوي والثقافي والجغرافي العام لقوم من الأقوام .

والإسلام : يمثل عقيدة وهو دين خاتم للأديان دين شامل ونظام متكامل ينتظم كل شئون الناس فى أمور الحياة والممات وفقا لتعاليم القرآن والسنة الصحيحة.... يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162

ولقد اصطفى الله العرب لحمل رسالة الإسلام وفقا لعوامل متعددة يقال إن منها : رجاحة العقل العربي ، وسلامة لسانهم ، وغير ذلك ومن هنا فقد جاء الإسلام ليجعل للعرب ذكرا بين العالمين يقول تعالى : {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }الأنبياء10

ومن هنا حق للعربى أن يفخر بانتمائه للإسلام الذي أعلى من ذكره ، ونشر لغته ، وحافظ عليها من الزوال ، وجعل أراضيه هى موطن المقدسات ، ومهبط الرسالات ، وتجمع الثروات ، وهو
الأمر الذى يجعل العرب تدين للإسلام بأنه اختار العربية موطنا ولغة تنزيل ، ووحد بين قبائلهم ، واستطاع العرب أن يصنعوا بالإسلام حضارة سادت الدنيا قرونا .

تعدد الأقطار لا يلغى روابط الأخوة
وتتعدد أقطارنا العربية – والإسلامية – ومع ذلك لا يشهد هذا التعدد على مستوى الفكر تناحرا وإن شهد على مستوى الواقع بعض الغبش هنا أو هناك انطلاقا من مفهوم مغلوط يعلى من شأن القومية أو العنصرية على الدين ورباط العقيدة .

وإذا كان حب الأوطان تعبير عن مكنونات النفوس فإن هذا لا يلغى روابط الدين والعقيدة فالنبى محمد صلى الله عليه وسلم حين اضطر للخروج من مكة ودعها قائلا : " والله إنك لأحب أرض الله إلى ، وإنك لأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ". أو كما فى الأثر ، وحب الأوطان مندوحة لا يجوز العدول عنها إلى محاربة الدين ، أو تسفيه الذين يدافعون عنه فهذا سفه ينأى عنه ذو المروءة لسفاهته.

وتنوع الشعوب والقبائل ضرورة حتمية- ومن ثم فليس ثمة مشكلة ها هنا - تستلزم وفق رؤى الدين التعارف والتعاون وإن كان ثمة اختلاف فهو اختلاف- ينبغى له أن يكون- اختلاف تنوع وإثراء لا اختلاف تضاد وصراع، باعتبار أن رباط العقيدة ينضوى تحت لوائه الجميع حتى وإن تباينت وجهات النظر بين شعوب الأمة فهذا لا يلغي اعتزازهم بهذا الدين الذي أكرمهم الله به وارتضاه لهم . فالولاء الرئيس للإسلام.

وبناء على هذه المعطيات التي أشرنا إليها، فإنه لا تناقض بين الوطنية والقومية والإسـلامية والعالمية إذا وضع كل منها في موضعه الصحيح، وفق الفهم والمنهج الإسلامي،وذلك بناء على تحديد المفاهيم الخاصة بكل أما أن يأتى أحد ما ليقول إن العروبة أصل والدين جزء أو إن العروبة مذهب والإسلام دين فى المسجد لا شأن له بالحياة فهنا نقول كلا.

إنما ترفض الوطنية والقومية إذا جعلناها بديلاً عن الإسـلام أو طعّمناها بعناصـر غريبة عـنها معادية للإسلام أو مناقضة لعقيدته وشريعته مثل إقصاء الدين أو تغلب الآلية والمادية وإلغاء عنصر الوجدان والعاطفة التي تتضمن محتوى أيدلوجياً بعيداً عن فكر الإسلام ونظرته للحياة.

ولله در الدكتور عبد الستار إبراهيم الهيتي حين كتب : إن المسـلم الحق هو الوطني المخلص، وهو القومي المناضل، وهو العالمي الأصيل، وقد أثبت التاريخ المعاصر أن أبطـال الوطـنية في بلادنا العـربية والإسلامية كانوا إسلاميين أمثال الأمير عبد القادر في الجزائر، وأحمد عرابي في مصر، وعمر المختار في ليبيا، وعبد الكريم الخطابي في المغرب ، وأمين الحسيني في فلسطين، والشيخ ضاري المحمود في العراق، ومحمد ناصر في أندونيسيا وأبو الكلام آزاد في الهند، وأبو الأعلى المودودي في باكستان،وغيرهم الكثير،مما يثبت أنه لا يوجد تقاطع كبير بين الخصوصية
القومية أو الوطنية وبين الالتقاء تحت مظلة الإسلام باعتباره الوطن الأكبر لأبناء الأمة.

نماذج متطرفة للإسلاميين والقوميين

لقد كان – وما يزال- الغرب حين يقول العرب فهو يقصد الإسلام، وكثير من الناس لا يفرقون بين العروبة والإسلام، ولا بين العرب والمسلمين ولله در الشاعر / محمود غنيم حين قال:إن العـروبة لفظ إن نطقت به *** فالشرق والضاد والإسلام معناه


ويحسن بنا أن نسوق ها هنا نموذجين متطرفين لكلا الفريقين ساقه الدكتور عبد الستار إبراهيم الهيتي يقول أكرمه الله : يحاول بعض حملة الدعوة الإسلامية التقليل من شأن العرب والعروبة من خلال إظهار أثر الإسلام وقيمته في حياة العرب والمسلمين والناس أجمعين، حتى إن بعض هؤلاء يحاول إنكار عروبته والتقليل من شأنها فيتساءلون مستغربين: ومن هم العرب ؟

وفي جانب آخر يقف فريق من دعاة القومية العربية محاولين التقليل من شأن الإسلام والمسلمين، من خلال إظهار أثر العرب وفضلهم على الحضارة العالمية ويحاول هؤلاء إنكار الإسلام أو التنكر له زاعمين أنه ليس سوى صفحة ماضية من حياة العرب، وإذا كان قد صلح للسابقين من أبناء الأمة فإنه لا يصلح للاحقين في عصر العلم والتكنولوجيا، ولذلك فهم يصفونه بالرجعية ويصفون أتباعه بالرجعيين والمتخلفين عن ركب الحضارة.

إن نظرة متفحصة وهادئة لواقع العلاقة بين الإسلام والعروبة تثبت أن الخطر على الإسلام لا يتأتى من العروبة ولا من دعاتها المستنيرين، ولكنه يأتي من أعداء العروبة ومن دعاتها الذين لم يعرفوا أحكام الإسلام ونظمه وقوانينه فجحدوا فضله على العرب، كما أن الخطر على العروبة لا يأتي من الإسلام ولا من المسلمين المستنيرين، وإنما يأتي من الذين يحاولون تشويه الإسلام والعروبة على السواء، ويسعون لتعميق الخلافات بين الأخـوة بداعي الخوف والحذر، وكذلك يأتي من بعض الجهلة الذين لم يصلوا إلى اكتشاف العلاقة التكاملية بين الإسلام والعروبة، وليس أظلم ممن يصدر أحكاماً دون استيفاء ودراسة جميع المعطيات والأدلة والبراهين. انتهى

دعوة مخلصة صادقة

وبناء على ذلك العرض الموجز فإننا ندعو كلا الطرفين للتعرف على الآخر وفق أدبياته ومناهجه وتحديد نقاط الاتفاق ونبذ مواطن الجدل لأن الخطر الحقيقى الذى يتهددنا جميعا
مصدره ليس فى العروبة ولا فى الإسلام وإنما فى غيرهما.

وكم نرجو أن يستأنس دعاة الحوار بين الفريقين بهاتين المفردتين:
* ليست العروبة خصما للإسلام – وفق تعريفنا المبسط أعلاه- ولا هى عنصرية تزعم تفوق الجنس العربي ، ولا هى تعصب أعمى لكل ما هو عربي يخالف الحق والفطرة السليمة ، وإنما العروبة فى أحد صورها هى امتداد للتوحد الإسلامى .

* كتب الدكتور عبد الستار إبراهيم الهيتي : إن الدعاة إلى الإسلام اليوم مطالبون بوقفة هادئة أمام الشعارات التي يرفعها دعاة الوحدة العربية، لأن تلك الوحدة إذا تجردت من العنصرية والعصبية فإن الإسلام سيكون هو المكوّن الرئيس لها، وهذا ليس شراً يستعاذ منه، بل إنها في الحقيقة ستكون سبيلاً إلى تحقيق الحضارة المنشودة، وليس أدل على ذلك من أن نبينا محمداً قد بدأ دعـوته من خلالها عملاً بقـوله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ) الشعراء:214) ثم انطلق بعدها لنشر الإسلام بين سائر الشعوب والأمم، مما يشير إلى أن هذا المسلك مناسب لأوضاع الأمة وطبيعة تعاملها في نشر الدعوة وتحقيق دين الله في الأرض. انتهى

واستناداً إلى هذه المعطيات التي أشرنا إليها، فإنه ينبغي أن يكون الحوار بين العروبة والإسلام قائماً على هاتين القاعدتين على الأقل حتى نضمن حواراً علمياً هادئاً بعيداً عن التشنجات العاطفية، وملبياً لتطلعات الأمة العربية والإسلامية، محققاً للإسلام عالميته وحافظاً للأمة خصوصيتها، بعيداً عن الإفراط والتفريط.

فى النهاية
نسأل الله أن يبصرنا الحكمة وأن ينفعنا جميعا.

معتصم الحارث الضوّي
10/01/2007, 02:48 AM
الأستاذ الفاضل سيد يوسف
شكرا جزيلا لطرحك هذا الموضوع بالغ الأهمية .. سأعود بمشاركة مطولة إن شاء الله .

عاطر التقدير و التبجيل

سيد يوسف
10/01/2007, 08:36 AM
سرنى مرورك وانتظر تعليقك اخى الكريم معتصم
تقديرى لشخصك الكريم

نذير طيار
10/01/2007, 11:43 AM
أخي سيد:
دراسة رائعة, وكنت أود لو تطرح بعض الإشكاليات الحديثة جدا, فهناك من يسعى إلى إخراج الفرس من الإسلام لأنهم فقط فرس, وهناك من يحارب الشيعة متهما التشيع بالفارسية, مع أن هذه التهمة لم تطلق يوما على إيران يوم كانت سنية (حسب دراسة تاريخية)؟؟؟ إن هناك من يسعى إلى جعل الإسلام منتوجا عربيا وليس العكس, بحيث يصبح الاسلام حكرا على العرب وحدهم؟؟ الاسلام يحثنا على ارتباط كوني يتجاوز حيثيات التراب الأرضي, والحوار الاسلامي القومي في إطار المؤتمر القومي العربي الإسلامي حقق كثيرا من النتائج وألغى كثيرا من سوء الفهم. "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" هذا هو المقياس القرآني. هويتي هي اختيار أعلنه في اليوم 17 مرة في صلاتي, هي ارتباط بالكون وبرب الكون, أنا لم أختر أن أكون عربيا وهو لم يختر أن يكون فارسيا, والاسلام لا يأمرك بالوقوف في صف العربي لمجرد أنه عربي. بل لأن الحق معه. لاحظوا معنا كيف أخرج التقسيم الطائفي في العراق الأكراد من الاسلام (إعلاميا فقط) وأخرج الشيعة من العروبة ملحقا لهم بالفرس؟؟؟ إن العزف على وتر القومية منبوذ شرعا. وهناك من يتهم إيران اليوم بالمجوسية لمجرد أنها فارسية (هناك أسباب سياسية تحرك كل هذا)
لا تناقض بين العروبة والاسلام حينما يفهمهما الناس بالشكل الذي طرحته أنت أخي سيد.
هم ينسون أن أكير الفقهاء وأعظم النحاة لم يكونوا عربا.
الاسلام لا يلغي الانتماء القومي للآخر كما يظن البعض, بل يؤسلمه لأن القضية قضية مضامين لا أشكال.

عبدالودود العمراني
10/01/2007, 12:36 PM
السلام عليكم،
يرى الدكتور عزمي بشارة، ضمن مقابلة أجراها البارحة على الجزيرة مع محمد كريشان، أننا نبحث عن خلفية نبني عليها مشروعنا المستقبلي. ولنا خيار الإسلام والعروبة.

وقد قال ما معناه أن البناء على مبدأ الإسلام، قد يكون أجمل وأرقى وأقرب إلى وجداننا، إلا أن مخاطره عدّة، ومنها انزلاق الأعداء ضمن المذاهب المختلفة وإثارة الفتن الطائفية بين المذاهب وتشتيت ما قد يتطلب عقوداً كي نبنيه...
وهو يرى أن البناء على مبدأ العروبة كنقطة انطلاق أسلم كاستراتيجية مستقبلية لأن معالمها واضحة، ولأن هناك العديد من التيارات التي تدافع عنها وتقف تحت رايتها، لها برنامج واضح بما فيه الكفاية.

رأي كغيره من الآراء.

والسلام عليكم
عبدالودود

وحيد فرج
10/01/2007, 12:37 PM
الإسلام كما يعرف الجميع -القاصي والداني- دين إرتضاه رب العالمين لخلقه من لدن آدم وحتى قيام الساعة ، ومن ثم يكون إنتماء المسلمين الأول للدين وليس للعرق أو الجنسية ; و تبرز المشكلة حينما تخرج بعض الجماعات والمذاهب بلافتات تعلقها مذيلة بإسم الإسلام مع أن مقاصدها في الحقيقة غير ذلك !!!أقصد ولاءاتها غير ذلك فهي كعطار مكتوب على دكانه "عطار" بينم هو في الواقع ا يتعاطى تجارة المخدرات !!
صدقني الولاءات المذهبية الآن أقوى بكثير من رابطة الدين وإلا ما رأينا هذا القتل والتهجير الجماعي في العراق .
وأقول للمعنيين بالأمرحسنوا نواياكم تحسن حياتكم وأخراكم

منذر أبو هواش
10/01/2007, 01:47 PM
أخي سيد،

مع أخذ الهجوم الغربي على العالم الإسلامي، ومشروع التفتيت والتفكيك الطائفي الاستعماري بعين الاعتبار نقول باختصار وبكل قوة أن العروبة ثقافة ودين، وأن الأمة حقيقة تاريخية موضوعية، مع احترامنا طبعا للتعدد العرقي والأقليات ضمن الأمة.

ودمتم

منذر أبو هواش

غالب ياسين
10/01/2007, 03:36 PM
شغل "المشروع النهضوي الحضاري" العديد من المفكرين العرب، وفي أبريل 2001 اجتمع لفيف منهم في مركز "دراسات الوحدة العربية" لتحديد ملامح جديدة لهذا المشروع، بعد أن أخفقت -كما يبدو- المشاريع السابقة!

اشترك في الندوة بعض من يمكن اعتبارهم من أسباب فشل الفكر النهضوي المعاصر، وهذا حديث مؤجل، ولكن أوراق الندوة المنشورة قدم لها الأستاذ عبدالإله بلقزيز، الأستاذ الجامعي في المغرب، وعرض بعض الأفكار النهضوية التي نود إثارة النقاش حولها. فالوقت ربما كان اليوم مناسباً لتدارس أسباب تعثر هذه المشاريع وبخاصة أن الكثير من المثقفين والإعلاميين يهللون في كل مقال وحوار متلفز لفشل "مشاريع التغيير الأميركية" في العراق وأفغانستان وكل منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي!

إن الكتاب الصادر عام 2001 الذي يتضمن أعمال الندوة ضخم، إذ يقع في نحو 1150 صفحة، سنتحدث عن بعض أوراقه في مقالات قادمة، وحسبنا في هذا المقال، أن نتناول بعض الملاحظات على المقدمة التي كتبها د. عبدالإله بلقزيز للعمل المنشور. يستعرض د. بلقزيز في مقال طويل بعض جوانب الفشل في "المشروع النهضوي"، الذي بدأ مع محمد علي في مصر ويقول جازماً: "إن المشروع ليس قابلاً للاستئناف اليوم على القواعد ذاتها"... فلابد إذن من فكر جديد!

إن إعادة البناء، يقول د. بلقزيز، هي العنوان الرسمي لهذا المشروع، فما طبيعة هذه الرؤية المطلوبة؟ على هذا المشروع أن يتجنب أولاً أوجه إخفاق المشروع المنهار. "فنحن لم نحقق وحدة عربية، ولا حققنا الديمقراطية، ولا بلغنا التنمية المستقلة، ولا وفرنا العدالة الاجتماعية، ولا استكملنا الاستقلال الوطني والقومي، ولا أنجزنا التجدد الحضاري".

ولكن د. بلقزيز لا يتعمق في دلالة هذا الفشل أو صعوبته، وربما استحالة بعض هذه الأهداف. ولا يهمه كثيراً ما جرى في الواقع الدولي والعربي السياسي والاقتصادي والقانوني، وما جرى داخل العالم العربي نفسه من شد وجذب ومشاكل وكوارث، فيقول: "إن مطالب النهضة المطروحة، منذ القرن التاسع عشر وعلى امتداد القرن العشرين، ما زالت -حتى اليوم- مطالب تفرض نفسها علينا. ومعنى ذلك كله أن أهداف النهضة السابقة ما زالت هي أهداف مشروعنا النهضوي الذي نسعى إليه"!

ولكن هل يعقل أن الأهداف النهضوية المعلنة قبل قرن أو قرنين، رغم كل التجارب العربية المريرة ورغم كل الإخفاقات، لا تزال صحيحة؟ ما قيمة تجاربنا السياسية والاقتصادية والقانونية إذن؟ ومن يعتبر من الإخفاقات؟ إلا أننا بالطبع، لا نستطيع أن نقول غير هذا في ندواتنا وإلا تفرق شملنا!

في هذه المقدمة، لا يولي د. بلقزيز في حديثه عن تعثر المشروع النهضوي، أشد جوانب التعثر إيلاماً في رأيي، ألا وهو فشلنا في "التجدد الحضاري". وفهمي المتواضع لهذا التجدد يشمل مثلاً، تحديث الفكر والمؤسسات والتعليم، وتحرير المرأة، وسيادة القيم العصرية في العلاقات الاجتماعية والفكرية ونصوص القوانين.

ولكن الباحث لا يلتفت إلى فشل التجدد الحضاري إلا في آخر النقاط، ويفهم "التجدد الحضاري" على نحو مختلف تماماً، بل يرى أننا حققنا تقدماً مذهلاً في هذا المجال!

يقول: "إذا أخذنا أخيراً -وليس آخراً- مبدأ التجدد الحضاري، سنكتشف أن تحولاً كبيراً حصل على صعيد وعي هذا المبدأ في الخطاب النهضوي الجديد، والتحول هذا متمثل في جهد طويل بُذل على صعيد إدراك صلات التحلل والتواشج بين العروبة والإسلام، كمكوّنين رئيسين متضافرين للهوية القومية للأمة. إن تلك العلاقة التنابذية بين العروبة والإسلام مجافية للطبيعة، بل تزوير لماهية الأمة، وشكل من أشكال الاستجابة الأيديولوجية لمطالب السياسة الظرفية".

غير أن الإشكال بين العامل القومي وجذوره وأهدافه، والعامل الديني الموروث والمسيس اليوم ليس "تزويراً لماهية الأمة". وما حدث من تفاهم حول هذين العاملين بين مثقفي التيارين لا يزال محصوراً داخل قاعات الندوات، وفي بطون الكتب وفي عالم الأماني. فهل هذه دولة العروبة أو الدولة الليبرالية أو الدولة التقدمية هي نفس دولة الإسلام؟ وهل أسس ومستلزمات تحديث المجتمع العربي تتطابق مع ما نقرأ وما نسمع عن "النظام الإسلامي" و"نظام الخلافة" و"حكم الشريعة"، الذي تتحدث عنه أحزاب ومؤلفات الإسلام السياسي؟ وهل ينبغي لنا أو يتحتم علينا أن نتخلى في بلداننا، عن الطابع الليبرالي الصريح سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً وقانونياً، إرضاء لصفقات التوافق بين مختلف التيارات العقائدية وندوات الحوار القومي- الإسلامي، وما تتوصل إليه من شعارات وتسويات على حساب الحداثة والحريات؟ أما كان هذا التمييع الفكري والسياسي أصلاً، من الأسباب الجوهرية في فشل مشروع النهضة؟ وهل يمكن لأي مجتمع في منطقتنا أن يتقدم إذا كنا نخلط بين الوطني والقومي والديني وربما العالمي، وتكون النتيجة ألا نعمل شيئاً، أو على الأرجح نسهل هيمنة الجماعات الدينية الأصولية في كل شيء!

إن مثل هذا الخلط واسع التداول في صحافتنا وإعلامنا ومنشوراتنا، ولكنه في الحقيقة مخرج توافقي توفيقي ترضوي، لا يمكن أن ينجم عنه على مستوى الواقع والتطبيق، إلا المزيد من الصراعات والانقسامات وترسخ الاستبداد والجمود، باسم الوطنية والعروبة والإسلام!

وليس واضحاً في سياق الخلط والتنازلات والتسويات، هل المطلوب "تعريب الإسلام" أم "عوربة الدين"، وهو ما ترفضه بشدة أحزاب الإسلام السياسي، ضمن حرصها على إبراز عالمية الإسلام و"لا قوميته"، أم "أسلمة العروبة"، التي قد تعني في النهاية الهيمنة الدينية المتشددة على كل قيم وقوانين التوجه القومي، وقد كانت محاولة التحرر من هذه الهيمنة، بين الأسباب الأساسية، لظهور الفكرة القومية الحديثة، كإطار عصري يجمع بين أتباع مختلف الأديان في دولة علمانية، أو على الأقل غير خاضعة للدولة الدينية العقائدية... القادمة!

ولاشك أن "صلات التواشج بين العروبة والإسلام" مهمة جداً في فهم تطور تاريخ العرب والمسلمين، وبخاصة إن فهمنا العروبة في إطارها البشري واللغوي والقيمي. ولكن هل يصلح هذا التمازج الديني القومي أساساً لبناء دولة عصرية في العالم العربي؟

وهل طور "القوميون" و"الليبراليون" و"التقدميون العرب"، ما يكفي من قوانين وأسس ثقافية وقيم اجتماعية دنيوية عصرية تجعلهم بمنأى عن سيطرة الأحزاب الإسلامية؟ لا أعتقد هذا على الإطلاق!

وهكذا يتجلى للقارئ أن د. بلقزيز يكتب حول ماضي ومستقبل العرب بلا منهج! فلا هو بالإسلامي ولا هو بالليبرالي، إلا بقدر ما تستلزم المقدمة المكتوبة، لكتاب ينشر أعمال ندوة، يعقدها منتدى قومي! وعليه إرضاء كل الدول وكل الاستبداديات العربية وكل ديناصورات الفكر! ولكن حتى لو افترضنا صحة وحيوية كل هذه الأدوار والتيارات، فهل يمكن وضع مشروع نهضوي حقيقي يجمع بينها؟ وهل يمكن للإنسان العربي المعاصر في الكويت والبحرين والمغرب ومصر ولبنان والأردن، أن يكون ليبرالياً قومياً إسلامياً تقدمياً في الوقت نفسه؟ أم أن الظروف تحتم "الرسوّ الحضاري" و"الحسم السياسي والثقافي"؟ وفي هذا المجال بالذات، هل يمكن الإفلات من النظام الليبرالي؟ أما آن الأوان مثلاً لأن نصارح أنفسنا نخبة وجمهوراً، بأن عهد التحليلات السياسية والشعارات الغامضة والخلطات الغربية قد انتهى، وأننا لابد أن نتقبل فكر عصرنا دون لف ودوران؟

ويعاني تحليل د. بلقزيز من اضطراب آخر في تحديد مسؤولية العالم العربي ومسؤولية الدول الأجنبية أو الاستعمارية في عرقلة النهضة. فهو يهاجم التدخل الخارجي رغم أنه يقر بأن تعثر العالم العربي "ما كان ليجري بالسرعة التي جرى بها لو لم تكن قد تهيأت له شروط داخلية مؤاتية".

ومن المؤسف أن د. بلقزيز لا يقف مطولاً أمام مغامرات بعض القادة العرب وبعض الأحزاب وما جرت على العالم العربي من كوارث. كما أنه يرى أن الخطر الصهيوني قد "حال دون أن تكون الحياة حياة طبيعية في قسم من البلاد العربية"، وأن هذا الخطر قد حال كذلك دون "أن يرتفع صوت حقوق الأفراد على صوت حقوق الشعب والأمة". وهذه دول عربية معدودة لا تزيد على الأربع والست، فماذا عن 14 دولة أخرى بعيدة جداً عن الخطر الصهيوني، يهملها د. بلقزيز في تحليله المجامل!

ألا يتحتم علينا، ونحن بصدد وضع "مشروع نهضوي" للعرب وللمسلمين، أن ندرك وندرس مثل هذه الحقائق لكي نستفيد منها، بدلاً من الغوص في التنظير والمثاليات التي لا تصلح إلا للمحاورات التلفزيونية والندوات الموسمية!





http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPapers/2006/11/188452.htm

معتصم الحارث الضوّي
10/01/2007, 11:00 PM
جاء التنزيل القرآني بلسان عربي مبين فثبّت للعربية مكانتها الخاصة بين صفوف المسلمين ، و جعلها أساس العروبة فكان لذلك أبعد الأثر في تكوين الأمة العربية .
وحّد الإسلام العرب لأول مرة في التاريخ في إطار دولة واحدة جمعت بين البدو و الحضر .. و القحطاني و العدناني منهياً بذلك قروناً من الصراعات القبلية الدامية .

تأطرت - من منظور تاريخي – أطروحات الفكر القومي العربي إبان الثورة العربية الكبرى و التي اتسمت بصبغة إسلامية واضحة .. لا غرو ذلك فقد استندت إلى الكتابات المستنيرة لمفكري الجيل السابق مثال جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده . و لذا لم تشتعل الخصومة بين الفريقين .. القوميين و الإسلاميين .. و لم يكن هناك أي تناقض أو تضارب مفتعل بين دعوة الحركة العربية للاستقلال من الدولة العثمانية الناشئة على القومية .. و بين كون توجه تلك الحركة إسلامياً في مجمله مما حدا بالمناضلين المسيحيين و المنتمين إلى الأقليات الدينية في سوريا الكبرى لتنسيق جهودهم بل الانضمام لصفوف الثورة العربية الكبرى محاربين في خندقها تحت ذات الشعارات المطروحة .

تتنوع شروط وتعاريف الأسس التي تحدد القومية . و ينطبق معظمها على القومية العربية :

- اللغة : وهي الأوضح نموذجاً و الأيسر إحاطة بين جميع الأسس .
- الدين الإسلامي الذي يشترك فيه معظم العرب . و في هذه النقطة بالذات يؤكد القرآن الكريم بذكر عروبة القرآن والإسلام في أكثر من ستة آيات ، بل جعل عبادة الصلاة وقراءة القرآن مشروطة بأدائها باللغة العربية .
- التاريخ المشترك .
- وحدة الأرض الجغرافية .
- الشعور الانتمائي للأغلبية الساحقة للمواطنين العرب في جميع الدول العربية ( باستثناء فئات آخرين تتحدث العربية و لكنها ترفض الانتماء إلى الأمة العربية مثال المارونيين في لبنان ) .
- وحدة المصالح السياسية والاقتصادية.
- التكامل الاقتصادي الهائل لمجموع أراضي الوطن العربي ، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يتوسط العالم .

نشأ الصراع المختلق بين القومية و الإسلام نتيجة لبعض المقاربات الفكرية و الأطروحات التي قدمها مفكرون قوميون عن قضية العلاقة بين القومية و الإسلام من منظورات فكرية و ثقافية متباينة . و على سبيل المثال فإن المفكر عبد الله العلايلي يدعو للتركيز على أهمية اللغة باعتبارها وعاء ثقافياً جامعاً للأمة العربية . و من ناحية أخرى نجد بعض المؤدلجين القوميين مثل الأستاذ زكي الأرسوزي يدعو إلى التركيز على الفترة التي سبقت الإسلام داعياً للتواصل مع عبقرية اللغة و الثقافة الأصيلة التي ميّزت ذلك العصر و بالتالي مهمشاً من الدور الحضاري و الفكري للإسلام .
أما ساطع الحصري أكبر دعاة القومية العربية في القرن العشرين فيعّرف الأمة مع إبراز العامل الثقافي أكثر من السياسي، فهو لا يرى قيام الدولة شرطا ضروريا أو كافيا لتكوين الأمة . و يؤكد في أطروحاته بأن الإسلام كان عاملاً رئيساً في بناء الأمة العربية ، و يشاركه الرأي ميشيل عفلق .
إجمالاً فإن جميع منظري القومية العربية يتفقون على أن اللغة تمثل العنصر الرئيس في تحديد الهوية ، أو بعبارة أخرى أنه ليس بالإمكان حصر الهوية بكونها شأناً عنصرياً أو إقليمياً أو دينياً فحسب بل هي انتماء لغوي و ثقافي في المقام الأول و تتبع له كافة العناصر الأخرى المكونة لنسيج الأمة كما أشرنا إليها أعلاه .
أدى هذا الشطط و النزعة الإقصائية التي لا تعترف للإسلام بأولويته الكبرى في تعريف الأمة العربية و دورها الحضاري إلى بث بذور الريبة و خلق تيار غاضب من العداء لها من قبل المفكرين الإسلاميين .
أما العامل الثاني الذي أدّى إلى إذكاء الصراع بين الفريقين فهو إصرار المفكرين القوميين على اتخاذ المذهب الاشتراكي نبراساً و منهلاً تستند إليه النواحي الفلسفية و الاقتصادية من أطروحاتهم و نبذ المفاهيم الإسلامية جملة و تفصيلاً . و بالتالي فقدت الحركة القومية العربية رصيداً جماهيرياً لا يستهان به .
العامل الثالث هو الأدلجة المفرطة لدعاوي القومية العربية من قبل المفكرين القوميين الكلاسيكيين و التي جعلت مفهوم الوحدة العربية و هي أساس و لب القومية يتحول إلى طقس كهنوتي مريب ، و يبدو ذلك واضحاً على سبيل المثال في مقاربات ميشيل عفلق لمسألة دور الدين الإسلامي في صياغة حاضر و مستقبل الأمة العربية و التي تميزت بالإبهام و الغموض و الابتعاد عن إبداء آراء صريحة ، فرؤيته الفكرية تتفق في مجملها مع آراء مع من سبقوه و خاصة إسهامات زكي الأرسوزي و قسطنطين زريق ، و لكنه غلفّها في قوالب لغوية منمقة و مراوغة .

يمكن - بصورة عامة - تقسيم المواقف الفكرية من القومية العربية إلى الفئات التالية حسب ترتيب ظهورها الزمني على الساحة الفكرية و المعترك الثقافي :

- الفئة السلفية الإسلامية التي ترفض الحركة القومية الوحدوية رفضاً باتاً .. و تدمغها بأنها محاولة عقيمة لإحلال العنصر العربي بديلاً للجامعة الإسلامية . و تبدو أدبيات تلك الفئة و آرائها الحاسمة بخصوص القومية العربية في كتابات الفقهاء السلفيين و خاصة من مدرسة الحركة الوهابية . و بعضهم يشط فيصف القومية العربية بأنها : " دعوة جاهلية إلحادية تهدف إلى محاربة الإسلام والتخلص من أحكامه وتعاليمه " .
- فئة الإسلام الراديكالي التي تمثلت في كتابات أبو الأعلى المودودي و سيد قطب و التي اتخذت موقفاً عدائياً مماثلاً من الحركة القومية العربية .
- الفئة التوفيقية التي حاولت جاهدة تضييق هوة الفرقة بين الفريقين .. و تمثلت في كتابة مفكرين من أمثال عبد العزيز الدوري و برهان غليون و محمد عمارة في مرحلته القومية – الإسلامية قبل أن ينتقل إلى مدرسة التيار الإسلامي في السنوات الأخيرة .
- مدرسة مراجعة الفكر القومي و التي نشطت في السنوات العشرين الأخيرة .. و تدعو لمحو حالة العداء بين الفكر القومي و الإسلامي باعتبارهما متكاملين دون تناقض .. و تسعى جاهدة لردم الفجوة و إزالة الجفوة بين الطرفين .. و من أبرز مفكريها عصمت سيف الدولة و الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى و الدكتور عبد الإله بلقزيز .
- مدرسة الليبراليين الجدد و التي ترفض الحركة القومية و ترى فيها دعوة رجعية طوباوية لا تقوم على أي أسس واقعية .. و من أبرز كتابها الدكتور شاكر النابلسي و سيّار الجميل .

يشتعل الصراع حالياً بين التيارات القطرية التي تسعى للحفاظ على الهوية الوطنية الضيقة وتعمل على تطويرها وتعزيزها ، و التيار القومي الذي لا يزال يدور للأسف في فلك الأنظمة العسكرية السلطوية التي يغلب على ممارساتها ازدواج الشخصية بين الشعارات العقائدية المطروحة و غياب الممارسة الديمقراطية على أرض الواقع الاجتماعي والاقتصادي المعاش من جهة أخرى ، و التيار الإسلامي الذي يعبر عن نفسه من خلال حركات الإسلام السياسي التي تحاول تجاوز الوطنية والقومية إلى أممية إسلامية .
يعاني كل من التيارات المذكورة من أزمة بنيوية داخلية و صراعات بين الأجنحة الفكرية المتضاربة ، إضافة إلى أزمة الثقة مع التيارات الأخرى المتصارعة لنيل قصب السبق السياسي و الهيمنة و تعبئة الجماهير لصالحها .

إن الوحدة العربية قد أصبحت ضرورة استراتيجية للشعوب العربية ، وهي الحل الوحيد للمشاكل السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الدفاعية التي تعانيها حالياً الدول العربية ، كما أنها تتيح الاستقلالية الكاملة عن الولاءات المشبوهة مع القوى الغربية ، و خاصة في زمن القطب الواحد المتعسف و بداية الانهيار الملحوظ سلطة الدول في إطار ما يسمى بالعولمة و على يد الشركات متعددة الجنسيات .

فائق التحية و التقدير

هري عبدالرحيم
11/01/2007, 04:44 AM
السؤال الذي يجب أن يطرح:ما الذي يوحدنا أويمكن أن يوحدنا؟
فللعروبة أيضا مزالق ضمن الإختلافات الإديولوجية،والإختلافات العرقية وغيرها.
والوحدة العربية كانت حلما لم يتحقق في الواقع،
من هذا المنطلق أرى انه لا يعول على الأطروحة العربية،ففيها من المتناقضات ما لا يسمح بتبنيها من جديد، خصوصا وأنها جرت الويلات على أمتنا.
الأمة العربية كمفهوم لم يرقى أبدا لأن يتحقق على أرض الواقع،لماذا نعيد طرحه من جديد؟هل لإجترار الإنكسارات الماضية؟أم لإعادة تأكيد الخيبة التى أعادتنا لعصور الإنحطاط؟
ما المقصود بالعربي إن نحن أردنا التعمق في صلب الموضوع؟هل هو المتكلم باللغة العربية فيدخل في التصنيف العرب والمستعربون؟أم المقصود بالعربي سكان الجزيرة العربية الذين هم أصل العروبة؟
إذا اعتبرنا من يتكلم العربية،فكيف نحل إشكالية الأصوات التي بدأت تنادي بالعودة للأصول والجذور(الأمازيغ مثلا)؟
وإذا اعتبرنا ساكنة الجزيرة العربية الأ يضيق هذا من مفهوم الأمة؟
لقد جاء الإسلام فوجد العرب همجا-حسب اصطلاح ابن خلدون-فأعزهم وجعلهم أسياد العالم،وبدونه فالعربي لا قيمة له،فمن ابتغى العزة بعيدا عن الإسلام أذله الله وهذا ما نعيشه اليوم من ذلة.
أرى أن الإنتماء للإسلام أشمل ،بل ولن يخرج من هو ليس عربيا،فتكون الأمة أقوى ,اشمل ،أوسع.
وبهذا نتوحد ،وحين تحقيق الدات نعلن عن الوحدة ولا تهم التسمية،فالوحدة العربية عمقت الخلاف بين العرب،والوحدة المغاربية أشعلت فتيل حرب قامت ولم تضع أوزارها بعد ،والجمهورية العربية المتحدة خلفت تناحرا بين القوميين لازلنا نتجرع مرارته....وقائمة الأمثلة لم تحصر.
لا عزة لنا سوى بالإسلام فهو الأرحم وهو الأقوى وهو الأعم.

معتصم الحارث الضوّي
11/01/2007, 08:38 PM
الأقليات و العروبة

من نافلة القول أن بعض قادة الفكر القومي العربي كانت لهم مواقف متشنجة تجاه مسألة الأقليات القومية و الأثنية و اللغوية على امتداد الوطن العربي . بل مارست بعض الدول العربية سياسة تعريب إجبارية خاطئة أدت إلى حرمان الأقليات من حقوقها الطبيعية في التحدث بلغاتها والحفاظ على تراثها الثقافي من جهة ، وإلى افتعال معركة ثقافية ما زالت مستمرة حتى الآن . علاوة على التقصير المعيب في دراسة و معالجة مسألة الأقليات القومية في الوطن العربي بصورة موضوعية نزيهة والتعاون الأخوي مع القوى المخلصة في تلك الأقليات لإيجاد أفضل الحلول الديمقراطية المناسبة .

تسعى مؤلفات المفكرون القوميون في العشرين سنة الماضية إلى تلافي التقصير الذي اتسمت به كتابات المؤدلجين الكلاسيكيين في تناول المسائل الاجتماعية ذات الأهمية القصوى و على رأسها قضية الأقليات . و تطرح المراجعات العديدة للفكر القومي الوحدوي مقاربات قيمّة في هذا الصعيد .

من الواضح أنه يندر جداً وجود دولة في العالم تقوم على أمة واحدة صافية فقط ، حيث تكونت الأمم الحالية المعروفة عبر اختلاط وتمازج طويل المدى للعديد من المجموعات البشرية في ظروف تاريخية معينة ، وبالتالي فان معظم الكيانات السياسية الحالية تتألف من قومية كبيرة متجانسة تشكل أكثرية المواطنين و أقلية ( أقليات ) قومية .

لكن ذلك لا يعني بأي حال نشوء مفهوم التفضيل العرقي أو التعالي على بقية الشعوب و القوميات و الأقليات لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : " ليس لعربي فضل على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى " . و يشهد العديد من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية بذلك .
وقد تجسد ذلك المفهوم عمليا منذ بداية الدعوة الإسلامية وحتى العصور الحديثة . حيث كان "سلمان الفارسي" الذي قال عنه النبي: "سلمان منا آل البيت" ، و بلال الحبشي مؤذن الرسول ، وصهيب الرومي من أقدم المؤمنين المجاهدين وأقربهم إلى قلب النبي صلى الله عليه و سلم في الوقت الذي كان فيه عماه أبولهب و أبوجهل و هما من كبار زعماء قريش من ألد أعداء الإسلام .

لذا فإن تشكل الأمة العربية وصولا إلى وضعها الحالي، قد جاء- كما ذكرنا آنفاً- حصيلة لذلك التمازج والاندماج الحي ، إذ تنبع مسألة العروبة والهوية القومية عامة من شعور المواطن بانتمائه إلى هذه الأمة العربية و إيمانه بارتباط حياته ومصيره بوجود ومصير هذه الأمة ، بغض النظر عن أصله وفصله .

إن الأقليات القومية في الوطن العربي عامة التي تعتنق الإسلام كالأكراد و الأمازيغ لا تختلف في أنماط حياتها وتقاليدها و ثقافاتها عن الأكثرية العربية المسلمة ، وذلك بغض النظر عن لغاتها المحلية . مع ذلك كله ليس للقومية الكبيرة أو غيرها الحق في فرض الاندماج القسري على تلك الأقليات التي تشاركها الوطن الواحد ، بل من حق الأقليات الحفاظ على خصوصياتها الثقافية و اللغوية المتميزة بالإضافة إلى الحرص على استخدام لغة الأكثرية و صبغ جميع تلك أشكال التلاقح بطابع ديمقراطية خالٍ من الابتزاز والتعصب المتبادل .

فمن حق ( الأقليات القومية) أن تتمتع بهويتها ومميزاتها الثقافية الخاصة ، حيثما وجدت في الوطن العربي ، وان تحصل ( الأقلية القومية ) المشكلة من تجمع سكاني كبير في منطقة جغرافية معينة واحدة على صيغة الحكم الذاتي إذا رغبت في ذلك .

إن المفهوم الصحيح للقومية العربية لا يقوم على أساس الجنس أو العرق ، وليس له أي نزوع شوفيني بادعاء التفوق على القوميات الأخرى أو الحط من شأنها أو ما شابه ذلك .

فائق التحية و التقدير

سيد يوسف
16/01/2007, 10:28 AM
أخي سيد:
دراسة رائعة, وكنت أود لو تطرح بعض الإشكاليات الحديثة جدا, فهناك من يسعى إلى إخراج الفرس من الإسلام لأنهم فقط فرس, وهناك من يحارب الشيعة متهما التشيع بالفارسية, مع أن هذه التهمة لم تطلق يوما على إيران يوم كانت سنية (حسب دراسة تاريخية)؟؟؟ إن هناك من يسعى إلى جعل الإسلام منتوجا عربيا وليس العكس, بحيث يصبح الاسلام حكرا على العرب وحدهم؟؟ الاسلام يحثنا على ارتباط كوني يتجاوز حيثيات التراب الأرضي, والحوار الاسلامي القومي في إطار المؤتمر القومي العربي الإسلامي حقق كثيرا من النتائج وألغى كثيرا من سوء الفهم. "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" هذا هو المقياس القرآني. هويتي هي اختيار أعلنه في اليوم 17 مرة في صلاتي, هي ارتباط بالكون وبرب الكون, أنا لم أختر أن أكون عربيا وهو لم يختر أن يكون فارسيا, والاسلام لا يأمرك بالوقوف في صف العربي لمجرد أنه عربي. بل لأن الحق معه. لاحظوا معنا كيف أخرج التقسيم الطائفي في العراق الأكراد من الاسلام (إعلاميا فقط) وأخرج الشيعة من العروبة ملحقا لهم بالفرس؟؟؟ إن العزف على وتر القومية منبوذ شرعا. وهناك من يتهم إيران اليوم بالمجوسية لمجرد أنها فارسية (هناك أسباب سياسية تحرك كل هذا)
لا تناقض بين العروبة والاسلام حينما يفهمهما الناس بالشكل الذي طرحته أنت أخي سيد.
هم ينسون أن أكير الفقهاء وأعظم النحاة لم يكونوا عربا.
الاسلام لا يلغي الانتماء القومي للآخر كما يظن البعض, بل يؤسلمه لأن القضية قضية مضامين لا أشكال.


شكر الله جميل مرورك ايها الاخ الحبيب الرزين نذير طيار
ذكرنى تعليقك الكريم بمقالة لاخينا البروفيسور عبد الستار قاسم بعنوان أنا مسلم أقتطع منها ما يلى


هناك رجال دين وسياسة يستغلون ما يجري في العراق من سفك دماء لتفعيل الاستقطاب المذهبي المقيت الذي لن يعود على الأمة بخير. رجال سياسة لا نعرف عنهم التدين إطلاقا، ولا نعرف عنهم الدفاع عن قضايا المسلمين ورفعة الدين الإسلامي يتحدثون الآن عن ضرورة دعم هذا الطرف السني أو ذاك الشيعي، وكأنهم أصبحوا الغيورين على مصالح المسلمين. هؤلاء الذين يعيثون في الأرض الفساد وينهبون أموال شعوبهم ولا تأخذهم رحمة بمعارضيهم، ويعرضون أمن الأمة للخطر يطلبون من جموع الناس الآن التحشد والاستقطاب في مواجهة الآخر. ورجال دين لم نسمع لهم كلمة في مواجهة الغزو الأجنبي للبلدان العربية، ولم يرفعوا إصبعا للجهاد في فلسطين وغيرها من بلدان العرب والمسلمين ينصبون أنفسهم الآن حراسا على الإسلام وكأنهم حصلوا على تفويض إلهي.
من أين أتت نخوة هؤلاء والغيرة على السنة أو على الشيعة؟ إنها تأتي من الرغبة بالفساد والإفساد وإضعاف المسلمين واستنزاف طاقاتهم. هناك الآن خطر كبير على المشروع الصهيوني في المنطقة، وعلى فكرة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، ولا يجد أعداء الأمة وسيلة لقلب الموازين إلا إشعال الفتنة بين المسلمين ليقتتلوا ويضعفوا وتذهب ريحهم. لماذا لم نر هذه النخوة الجهادية المتأججة في مواجهة الأمريكيين الذين يحتلون العراق، ولماذا لم نلمسها في فلسطين التي ينخرها الاحتلال؟
هناك سنة وشيعة لا يؤمنون بالجهاد ولم يمارسونه بمختلف أشكاله في حياتهم، ويأتون الآن ليسوقوا لنا أفكارهم السوداء البغيضة اللعينة التي تنذر بخطر داهم مرعب يأكل الأخضر واليابس ويضع الأخ ضد أخيه. شيعة يكفرون سنة، وسنة يكفرون شيعة وكأنهم قد نصبوا أنفسهم آلهة يوزعون شهادات إيمانية ومقاعد في جنان الفردوس. إنهم لا يتقون الله ولا يراعون ظروف الأمة ويسيرون على غيّ بهيمي وكأنهم الأنعام بل أضل سبيلا.
جماهير الأمة من سنة وشيعة لا تعرف أصلا ما هو الفرق بين السنة والشيعة، ولا يوجد في عقلها سوى انطباعات بدائية ذات أصول تاريخية قد عفا عليها الزمن. جماهير الأمة طيبة وبسيطة ولا تتردد أبدا في مد يدها للمحبة والتعاون، وتعرف أن مصالحها لا تقوم على الخلاف والاختلاف والاقتتال. مأساتها فقط في أولئك الذين يحاولون طرد الدفء من قلوبها لصالح البغضاء والكراهية، والذين ينبشون التاريخ بما صح منه وما خضع للتزوير والتجني والمغالاة ليؤلبوا النفوس ويوتروا الأعصاب ويثيروا الرغبة في القتل وسفك الدماء.

نحن أبناء الأمة نعاني على مدى قرون من الهوان والإذلال، والأعداء يسفكون دماءنا ويستبيحون نساءنا وينهبون ثرواتنا، ويسخروننا عبيدا لإشباع شهواتهم، وبالتأكيد غمرت حياتنا المشاكل والأحزان والآلام والدموع. نحن لسنا بحاجة للاقتتال الداخلي وقد جربناه في حرب طاحنة ضروس حقيرة بين العراق وإيران، ولم نحصد سوى قتل الملايين من المسلمين واستنزاف إيران والعراق والسعودية والكويت والإمارات وقطر وغيرها. كان الواحد منا يذبح الآخر، وقادة أمريكا يزودون الأطراف بمفاتيح الإيقاع بالآخر.

ألا يكفينا ما يجري الآن في العراق لنقرأ الدرس جيدا ونعي بأن المذهبية المقيتة الغبية لن تجر علينا إلا الويلات؟ فليخجل المحرضون الذين يصرون على انتمائهم للإسلام من أنفسهم وليتوقفوا عن تحريضهم ويثوبوا إلى رشدهم. معارك صفين وكربلاء لن تعود، وسيخسأ كل من يحاول إشعال الفتنة من جديد.
أنا مسلم متمسك بكتاب الله، وأعي تماما أن خزعبلات كثيرة قد دخلت على ممارسات المسلمين في تناقض مع التشريع الإلهي والفكر الإسلامي القويم، ولا أستثني هنا أيا من المذاهب. كتاب الله يوحد جميع المسلمين، والقناعات المذهبية الفئوية تمزق الصفوف، وما على الذين يقولون إنهم يدافعون عن الإسلام إلا أن يتخلوا عن خزعبلاتهم لصالح التعاليم الإسلامية الثابتة.

سرنى مرورك ولعل لى من عودة اخرى اخى نذير

سيد يوسف
16/01/2007, 10:35 AM
السلام عليكم،
يرى الدكتور عزمي بشارة، ضمن مقابلة أجراها البارحة على الجزيرة مع محمد كريشان، أننا نبحث عن خلفية نبني عليها مشروعنا المستقبلي. ولنا خيار الإسلام والعروبة.

وقد قال ما معناه أن البناء على مبدأ الإسلام، قد يكون أجمل وأرقى وأقرب إلى وجداننا، إلا أن مخاطره عدّة، ومنها انزلاق الأعداء ضمن المذاهب المختلفة وإثارة الفتن الطائفية بين المذاهب وتشتيت ما قد يتطلب عقوداً كي نبنيه...
وهو يرى أن البناء على مبدأ العروبة كنقطة انطلاق أسلم كاستراتيجية مستقبلية لأن معالمها واضحة، ولأن هناك العديد من التيارات التي تدافع عنها وتقف تحت رايتها، لها برنامج واضح بما فيه الكفاية.

رأي كغيره من الآراء.

والسلام عليكم
عبدالودود

شكر الله مرورك ومداخلتك الكريمة استاذ عبد الودود ولا حرمنى من كتاباتك الثرية
بخصوص القول باننا نبحث عن خلفية نبني عليها مشروعنا المستقبلي. ولنا خيار الإسلام والعروبة.
فهذا غير مسلم به من فئات كثيرة ، فكثيرون قد رسموا معالم طريقهم ويسيرون فيه بخطى ثابتة احيانا ومتعثرة احيانا أخر.....وبعض هؤلاء يرون ان الاعتماد على الدين اكثر قوة واكثر ضمانا من الاعتماد على العروبة ...لكن التعصب - بفعل غياب التدين الحقيقى لا المغشوش- قد يسيطر احيانا على الموقف كما فى العراق مثلا

والبناء على مبدأ الإسلام، قد يكون أجمل وأرقى وأقرب إلى وجداننا، ليس هذا فحسب بل ان تاريخنا رغم ما به من غبش وبعض المظالم شهد فترات كثيرة وهو يزدهى بالاسلام حضارة لا العروبة ولعل تفسير الشعوبية وبداياتها يفسر لنا ان الاعتماد على العروبة فقط يحمل دعاوى عنصرية كثيرة تذهب بالمشروع المرتقب

واقتبس منك رعاك الله قولك (رأي كغيره من الآراء.)

سيد يوسف
16/01/2007, 10:42 AM
الإسلام كما يعرف الجميع -القاصي والداني- دين إرتضاه رب العالمين لخلقه من لدن آدم وحتى قيام الساعة ، ومن ثم يكون إنتماء المسلمين الأول للدين وليس للعرق أو الجنسية ; و تبرز المشكلة حينما تخرج بعض الجماعات والمذاهب بلافتات تعلقها مذيلة بإسم الإسلام مع أن مقاصدها في الحقيقة غير ذلك !!!أقصد ولاءاتها غير ذلك فهي كعطار مكتوب على دكانه "عطار" بينم هو في الواقع ا يتعاطى تجارة المخدرات !!
صدقني الولاءات المذهبية الآن أقوى بكثير من رابطة الدين وإلا ما رأينا هذا القتل والتهجير الجماعي في العراق .
وأقول للمعنيين بالأمرحسنوا نواياكم تحسن حياتكم وأخراكم

سرنى تعليقك الذى اتفق معه تماما استاذنا الكريم/ وحيد رعاك الله وحفظك
واقول بخصوص قولك (صدقني الولاءات المذهبية الآن أقوى بكثير من رابطة الدين وإلا ما رأينا هذا القتل والتهجير الجماعي في العراق .
وأقول للمعنيين بالأمرحسنوا نواياكم تحسن حياتكم وأخراكم)

حيثما وجد التعصب ، ود التفرق والانقسام ، والعصبية دعوة منتنة نهى عنها النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، وفهم العروبة فى إطارها الايجابى كما بالمقال من وجهة نظرى يدعو لعدم التصادم ولاكتساب جمهور عريض يمكنه من ان يفيد المشروع النهضوى لهذه الامة....لعل وعسى

سيد يوسف
16/01/2007, 10:48 AM
أخي سيد،

مع أخذ الهجوم الغربي على العالم الإسلامي، ومشروع التفتيت والتفكيك الطائفي الاستعماري بعين الاعتبار نقول باختصار وبكل قوة أن العروبة ثقافة ودين، وأن الأمة حقيقة تاريخية موضوعية، مع احترامنا طبعا للتعدد العرقي والأقليات ضمن الأمة.

ودمتم

منذر أبو هواش

اخونا الحبيب القريب الى قلبى استاذ منذر هواش
استأذنك فى إعادة صياغة مداخلتك كما يلى:
هجوم خارجى على الأمة + تفكيك طائفى داخلى + استسلام وخنوع واللامقاومة= انهيار وشيك

أتفق مع طرحك بأن العروبة ثقافة وأختلف حول كونها دينا ( وان كان الغرب يقصدونها دينا ) ولله درك بوصفك أن الامة حقيقة تاريخية موضوعية

ومن ها هنا أقول: إن تبنى المشروع الاسلامى لا يتناقض مع النشاط العربى ، ولا يلغى حقوق الاقلية ولنا فى بعض مراحل تاريخنا ما يمكننا ان نستأنس به ( وإن كان فى تاريخنا بعض الغبش)

سيد يوسف
16/01/2007, 10:56 AM
شغل "المشروع النهضوي الحضاري" العديد من المفكرين العرب، وفي أبريل 2001 اجتمع لفيف منهم في مركز "دراسات الوحدة العربية" لتحديد ملامح جديدة لهذا المشروع، بعد أن أخفقت -كما يبدو- المشاريع السابقة!

اشترك في الندوة بعض من يمكن اعتبارهم من أسباب فشل الفكر النهضوي المعاصر، وهذا حديث مؤجل، ولكن أوراق الندوة المنشورة قدم لها الأستاذ عبدالإله بلقزيز، الأستاذ الجامعي في المغرب، وعرض بعض الأفكار النهضوية التي نود إثارة النقاش حولها. فالوقت ربما كان اليوم مناسباً لتدارس أسباب تعثر هذه المشاريع وبخاصة أن الكثير من المثقفين والإعلاميين يهللون في كل مقال وحوار متلفز لفشل "مشاريع التغيير الأميركية" في العراق وأفغانستان وكل منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي!

إن الكتاب الصادر عام 2001 الذي يتضمن أعمال الندوة ضخم، إذ يقع في نحو 1150 صفحة، سنتحدث عن بعض أوراقه في مقالات قادمة، وحسبنا في هذا المقال، أن نتناول بعض الملاحظات على المقدمة التي كتبها د. عبدالإله بلقزيز للعمل المنشور. يستعرض د. بلقزيز في مقال طويل بعض جوانب الفشل في "المشروع النهضوي"، الذي بدأ مع محمد علي في مصر ويقول جازماً: "إن المشروع ليس قابلاً للاستئناف اليوم على القواعد ذاتها"... فلابد إذن من فكر جديد!

إن إعادة البناء، يقول د. بلقزيز، هي العنوان الرسمي لهذا المشروع، فما طبيعة هذه الرؤية المطلوبة؟ على هذا المشروع أن يتجنب أولاً أوجه إخفاق المشروع المنهار. "فنحن لم نحقق وحدة عربية، ولا حققنا الديمقراطية، ولا بلغنا التنمية المستقلة، ولا وفرنا العدالة الاجتماعية، ولا استكملنا الاستقلال الوطني والقومي، ولا أنجزنا التجدد الحضاري".

ولكن د. بلقزيز لا يتعمق في دلالة هذا الفشل أو صعوبته، وربما استحالة بعض هذه الأهداف. ولا يهمه كثيراً ما جرى في الواقع الدولي والعربي السياسي والاقتصادي والقانوني، وما جرى داخل العالم العربي نفسه من شد وجذب ومشاكل وكوارث، فيقول: "إن مطالب النهضة المطروحة، منذ القرن التاسع عشر وعلى امتداد القرن العشرين، ما زالت -حتى اليوم- مطالب تفرض نفسها علينا. ومعنى ذلك كله أن أهداف النهضة السابقة ما زالت هي أهداف مشروعنا النهضوي الذي نسعى إليه"!

ولكن هل يعقل أن الأهداف النهضوية المعلنة قبل قرن أو قرنين، رغم كل التجارب العربية المريرة ورغم كل الإخفاقات، لا تزال صحيحة؟ ما قيمة تجاربنا السياسية والاقتصادية والقانونية إذن؟ ومن يعتبر من الإخفاقات؟ إلا أننا بالطبع، لا نستطيع أن نقول غير هذا في ندواتنا وإلا تفرق شملنا!

في هذه المقدمة، لا يولي د. بلقزيز في حديثه عن تعثر المشروع النهضوي، أشد جوانب التعثر إيلاماً في رأيي، ألا وهو فشلنا في "التجدد الحضاري". وفهمي المتواضع لهذا التجدد يشمل مثلاً، تحديث الفكر والمؤسسات والتعليم، وتحرير المرأة، وسيادة القيم العصرية في العلاقات الاجتماعية والفكرية ونصوص القوانين.

ولكن الباحث لا يلتفت إلى فشل التجدد الحضاري إلا في آخر النقاط، ويفهم "التجدد الحضاري" على نحو مختلف تماماً، بل يرى أننا حققنا تقدماً مذهلاً في هذا المجال!

يقول: "إذا أخذنا أخيراً -وليس آخراً- مبدأ التجدد الحضاري، سنكتشف أن تحولاً كبيراً حصل على صعيد وعي هذا المبدأ في الخطاب النهضوي الجديد، والتحول هذا متمثل في جهد طويل بُذل على صعيد إدراك صلات التحلل والتواشج بين العروبة والإسلام، كمكوّنين رئيسين متضافرين للهوية القومية للأمة. إن تلك العلاقة التنابذية بين العروبة والإسلام مجافية للطبيعة، بل تزوير لماهية الأمة، وشكل من أشكال الاستجابة الأيديولوجية لمطالب السياسة الظرفية".

غير أن الإشكال بين العامل القومي وجذوره وأهدافه، والعامل الديني الموروث والمسيس اليوم ليس "تزويراً لماهية الأمة". وما حدث من تفاهم حول هذين العاملين بين مثقفي التيارين لا يزال محصوراً داخل قاعات الندوات، وفي بطون الكتب وفي عالم الأماني. فهل هذه دولة العروبة أو الدولة الليبرالية أو الدولة التقدمية هي نفس دولة الإسلام؟ وهل أسس ومستلزمات تحديث المجتمع العربي تتطابق مع ما نقرأ وما نسمع عن "النظام الإسلامي" و"نظام الخلافة" و"حكم الشريعة"، الذي تتحدث عنه أحزاب ومؤلفات الإسلام السياسي؟ وهل ينبغي لنا أو يتحتم علينا أن نتخلى في بلداننا، عن الطابع الليبرالي الصريح سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً وقانونياً، إرضاء لصفقات التوافق بين مختلف التيارات العقائدية وندوات الحوار القومي- الإسلامي، وما تتوصل إليه من شعارات وتسويات على حساب الحداثة والحريات؟ أما كان هذا التمييع الفكري والسياسي أصلاً، من الأسباب الجوهرية في فشل مشروع النهضة؟ وهل يمكن لأي مجتمع في منطقتنا أن يتقدم إذا كنا نخلط بين الوطني والقومي والديني وربما العالمي، وتكون النتيجة ألا نعمل شيئاً، أو على الأرجح نسهل هيمنة الجماعات الدينية الأصولية في كل شيء!

إن مثل هذا الخلط واسع التداول في صحافتنا وإعلامنا ومنشوراتنا، ولكنه في الحقيقة مخرج توافقي توفيقي ترضوي، لا يمكن أن ينجم عنه على مستوى الواقع والتطبيق، إلا المزيد من الصراعات والانقسامات وترسخ الاستبداد والجمود، باسم الوطنية والعروبة والإسلام!

وليس واضحاً في سياق الخلط والتنازلات والتسويات، هل المطلوب "تعريب الإسلام" أم "عوربة الدين"، وهو ما ترفضه بشدة أحزاب الإسلام السياسي، ضمن حرصها على إبراز عالمية الإسلام و"لا قوميته"، أم "أسلمة العروبة"، التي قد تعني في النهاية الهيمنة الدينية المتشددة على كل قيم وقوانين التوجه القومي، وقد كانت محاولة التحرر من هذه الهيمنة، بين الأسباب الأساسية، لظهور الفكرة القومية الحديثة، كإطار عصري يجمع بين أتباع مختلف الأديان في دولة علمانية، أو على الأقل غير خاضعة للدولة الدينية العقائدية... القادمة!

ولاشك أن "صلات التواشج بين العروبة والإسلام" مهمة جداً في فهم تطور تاريخ العرب والمسلمين، وبخاصة إن فهمنا العروبة في إطارها البشري واللغوي والقيمي. ولكن هل يصلح هذا التمازج الديني القومي أساساً لبناء دولة عصرية في العالم العربي؟

وهل طور "القوميون" و"الليبراليون" و"التقدميون العرب"، ما يكفي من قوانين وأسس ثقافية وقيم اجتماعية دنيوية عصرية تجعلهم بمنأى عن سيطرة الأحزاب الإسلامية؟ لا أعتقد هذا على الإطلاق!

وهكذا يتجلى للقارئ أن د. بلقزيز يكتب حول ماضي ومستقبل العرب بلا منهج! فلا هو بالإسلامي ولا هو بالليبرالي، إلا بقدر ما تستلزم المقدمة المكتوبة، لكتاب ينشر أعمال ندوة، يعقدها منتدى قومي! وعليه إرضاء كل الدول وكل الاستبداديات العربية وكل ديناصورات الفكر! ولكن حتى لو افترضنا صحة وحيوية كل هذه الأدوار والتيارات، فهل يمكن وضع مشروع نهضوي حقيقي يجمع بينها؟ وهل يمكن للإنسان العربي المعاصر في الكويت والبحرين والمغرب ومصر ولبنان والأردن، أن يكون ليبرالياً قومياً إسلامياً تقدمياً في الوقت نفسه؟ أم أن الظروف تحتم "الرسوّ الحضاري" و"الحسم السياسي والثقافي"؟ وفي هذا المجال بالذات، هل يمكن الإفلات من النظام الليبرالي؟ أما آن الأوان مثلاً لأن نصارح أنفسنا نخبة وجمهوراً، بأن عهد التحليلات السياسية والشعارات الغامضة والخلطات الغربية قد انتهى، وأننا لابد أن نتقبل فكر عصرنا دون لف ودوران؟

ويعاني تحليل د. بلقزيز من اضطراب آخر في تحديد مسؤولية العالم العربي ومسؤولية الدول الأجنبية أو الاستعمارية في عرقلة النهضة. فهو يهاجم التدخل الخارجي رغم أنه يقر بأن تعثر العالم العربي "ما كان ليجري بالسرعة التي جرى بها لو لم تكن قد تهيأت له شروط داخلية مؤاتية".

ومن المؤسف أن د. بلقزيز لا يقف مطولاً أمام مغامرات بعض القادة العرب وبعض الأحزاب وما جرت على العالم العربي من كوارث. كما أنه يرى أن الخطر الصهيوني قد "حال دون أن تكون الحياة حياة طبيعية في قسم من البلاد العربية"، وأن هذا الخطر قد حال كذلك دون "أن يرتفع صوت حقوق الأفراد على صوت حقوق الشعب والأمة". وهذه دول عربية معدودة لا تزيد على الأربع والست، فماذا عن 14 دولة أخرى بعيدة جداً عن الخطر الصهيوني، يهملها د. بلقزيز في تحليله المجامل!

ألا يتحتم علينا، ونحن بصدد وضع "مشروع نهضوي" للعرب وللمسلمين، أن ندرك وندرس مثل هذه الحقائق لكي نستفيد منها، بدلاً من الغوص في التنظير والمثاليات التي لا تصلح إلا للمحاورات التلفزيونية والندوات الموسمية!





http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPapers/2006/11/188452.htm

شكر الله لك جميل مداخلتك استاذنا الحبيب غالب ياسين ونفعنا الله بك ايها الحبيب
الحق ان فى مقالة د بلقزيز ونقدها ما يدعو الى نبش خلافات الماضى والدوران فى دائرة الجدل والخلافات بل واستدعاء الخصومة التى لا طائل منها

وحين أقرأ مثلا هذا القول كما ورد بالندوة(وليس واضحاً في سياق الخلط والتنازلات والتسويات، هل المطلوب "تعريب الإسلام" أم "عوربة الدين"، وهو ما ترفضه بشدة أحزاب الإسلام السياسي، ضمن حرصها على إبراز عالمية الإسلام و"لا قوميته"، أم "أسلمة العروبة"، التي قد تعني في النهاية الهيمنة الدينية المتشددة على كل قيم وقوانين التوجه القومي، وقد كانت محاولة التحرر من هذه الهيمنة، بين الأسباب الأساسية، لظهور الفكرة القومية الحديثة، كإطار عصري يجمع بين أتباع مختلف الأديان في دولة علمانية، أو على الأقل غير خاضعة للدولة الدينية العقائدية... القادمة!

أقول حين أقرأ ذلك أشعر بأن هناك حزازات نفسية وراء التحليل، بل محاولة إقصاء الدين أو العروبة عن المشروع النهضوى المرتقب...

وماذا عليهم لو آمنوا بما تفرزه التجحربة الديمقراطية بهدوء ويسر من أى الاتجاهات كانت والكلمة الفصل للجماهير ...ولو انحرف الاسلاميون بالحكم سواء هم او غيرهم لجاءت الجماهير بالمشروعات الاخرى

الحريات - فى رأيى - هى بداية القصيد ولعل لى من عود اخى الحبيب حفظك الله ورعاك ونفعنا بك

منذر أبو هواش
16/01/2007, 11:00 AM
اخونا الحبيب القريب الى قلبى استاذ منذر هواش
استأذنك فى إعادة صياغة مداخلتك كما يلى:
هجوم خارجى على الأمة + تفكيك طائفى داخلى + استسلام وخنوع واللامقاومة= انهيار وشيك

أتفق مع طرحك بأن العروبة ثقافة وأختلف حول كونها دينا ( وان كان الغرب يقصدونها دينا ) ولله درك بوصفك أن الامة حقيقة تاريخية موضوعية

ومن ها هنا أقول: إن تبنى المشروع الاسلامى لا يتناقض مع النشاط العربى ، ولا يلغى حقوق الاقلية ولنا فى بعض مراحل تاريخنا ما يمكننا ان نستأنس به ( وإن كان فى تاريخنا بعض الغبش)

على رسلك أخي سيد،

يبدو أن الرسالة لم تصل!
ويبدوا أنه قد حصل التباس في الفهم.

تعريف العروبة بأنها ثقافة ودين،
هو تعريف للمكونات،
وليس تعريفا عكسيا للمتكونات!

فأنا لا أعني أن تكون العروبة ثقافةً،
أو أن تكون العروبة دينا (لا قدر الله)
بل إنني أعني العكس من ذلك تماما،
وأقول أن العروبة تتكون من الثقافة والدين

هذا ما كنت أقصده بالضبط،
فهل وصلت الرسالة الآن؟!!!

سيد يوسف
16/01/2007, 11:11 AM
نعم ، وقد أحسنت الظن بك قبل توضيحك لكننى كنت أهدف لتبيان ذلك حتى لا يلتبس الأمر
تقديرى ايها الحبيب

سيد يوسف
16/01/2007, 04:24 PM
السؤال الذي يجب أن يطرح:ما الذي يوحدنا أويمكن أن يوحدنا؟
فللعروبة أيضا مزالق ضمن الإختلافات الإديولوجية،والإختلافات العرقية وغيرها.
والوحدة العربية كانت حلما لم يتحقق في الواقع،
من هذا المنطلق أرى انه لا يعول على الأطروحة العربية،ففيها من المتناقضات ما لا يسمح بتبنيها من جديد، خصوصا وأنها جرت الويلات على أمتنا.
الأمة العربية كمفهوم لم يرقى أبدا لأن يتحقق على أرض الواقع،لماذا نعيد طرحه من جديد؟هل لإجترار الإنكسارات الماضية؟أم لإعادة تأكيد الخيبة التى أعادتنا لعصور الإنحطاط؟
ما المقصود بالعربي إن نحن أردنا التعمق في صلب الموضوع؟هل هو المتكلم باللغة العربية فيدخل في التصنيف العرب والمستعربون؟أم المقصود بالعربي سكان الجزيرة العربية الذين هم أصل العروبة؟
إذا اعتبرنا من يتكلم العربية،فكيف نحل إشكالية الأصوات التي بدأت تنادي بالعودة للأصول والجذور(الأمازيغ مثلا)؟
وإذا اعتبرنا ساكنة الجزيرة العربية الأ يضيق هذا من مفهوم الأمة؟
لقد جاء الإسلام فوجد العرب همجا-حسب اصطلاح ابن خلدون-فأعزهم وجعلهم أسياد العالم،وبدونه فالعربي لا قيمة له،فمن ابتغى العزة بعيدا عن الإسلام أذله الله وهذا ما نعيشه اليوم من ذلة.
أرى أن الإنتماء للإسلام أشمل ،بل ولن يخرج من هو ليس عربيا،فتكون الأمة أقوى ,اشمل ،أوسع.
وبهذا نتوحد ،وحين تحقيق الدات نعلن عن الوحدة ولا تهم التسمية،فالوحدة العربية عمقت الخلاف بين العرب،والوحدة المغاربية أشعلت فتيل حرب قامت ولم تضع أوزارها بعد ،والجمهورية العربية المتحدة خلفت تناحرا بين القوميين لازلنا نتجرع مرارته....وقائمة الأمثلة لم تحصر.
لا عزة لنا سوى بالإسلام فهو الأرحم وهو الأقوى وهو الأعم.


عرضك جد رائع اخى معتصم فيه سرد تاريخى موجز لفكرة القومية وان كنت آخذ عليها قصورها فى التعريف بالفكرة القومية فى منظور اسلامى اصيل كما فى كتابات الاستاذ محمد الغزالى رحمه الله ، وغيره من المنظرين

فى قينى ان الالتقاء مطلوب وليس فيه دعوة للتمييع لكنه مكلب حيوى نحو التوحد وتنظيم الجهود وتلك عندى اولى خطوات تقعيد النهضة

سيد يوسف
16/01/2007, 04:28 PM
جاء التنزيل القرآني بلسان عربي مبين فثبّت للعربية مكانتها الخاصة بين صفوف المسلمين ، و جعلها أساس العروبة فكان لذلك أبعد الأثر في تكوين الأمة العربية .
وحّد الإسلام العرب لأول مرة في التاريخ في إطار دولة واحدة جمعت بين البدو و الحضر .. و القحطاني و العدناني منهياً بذلك قروناً من الصراعات القبلية الدامية .

تأطرت - من منظور تاريخي – أطروحات الفكر القومي العربي إبان الثورة العربية الكبرى و التي اتسمت بصبغة إسلامية واضحة .. لا غرو ذلك فقد استندت إلى الكتابات المستنيرة لمفكري الجيل السابق مثال جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده . و لذا لم تشتعل الخصومة بين الفريقين .. القوميين و الإسلاميين .. و لم يكن هناك أي تناقض أو تضارب مفتعل بين دعوة الحركة العربية للاستقلال من الدولة العثمانية الناشئة على القومية .. و بين كون توجه تلك الحركة إسلامياً في مجمله مما حدا بالمناضلين المسيحيين و المنتمين إلى الأقليات الدينية في سوريا الكبرى لتنسيق جهودهم بل الانضمام لصفوف الثورة العربية الكبرى محاربين في خندقها تحت ذات الشعارات المطروحة .

تتنوع شروط وتعاريف الأسس التي تحدد القومية . و ينطبق معظمها على القومية العربية :

- اللغة : وهي الأوضح نموذجاً و الأيسر إحاطة بين جميع الأسس .
- الدين الإسلامي الذي يشترك فيه معظم العرب . و في هذه النقطة بالذات يؤكد القرآن الكريم بذكر عروبة القرآن والإسلام في أكثر من ستة آيات ، بل جعل عبادة الصلاة وقراءة القرآن مشروطة بأدائها باللغة العربية .
- التاريخ المشترك .
- وحدة الأرض الجغرافية .
- الشعور الانتمائي للأغلبية الساحقة للمواطنين العرب في جميع الدول العربية ( باستثناء فئات آخرين تتحدث العربية و لكنها ترفض الانتماء إلى الأمة العربية مثال المارونيين في لبنان ) .
- وحدة المصالح السياسية والاقتصادية.
- التكامل الاقتصادي الهائل لمجموع أراضي الوطن العربي ، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يتوسط العالم .

نشأ الصراع المختلق بين القومية و الإسلام نتيجة لبعض المقاربات الفكرية و الأطروحات التي قدمها مفكرون قوميون عن قضية العلاقة بين القومية و الإسلام من منظورات فكرية و ثقافية متباينة . و على سبيل المثال فإن المفكر عبد الله العلايلي يدعو للتركيز على أهمية اللغة باعتبارها وعاء ثقافياً جامعاً للأمة العربية . و من ناحية أخرى نجد بعض المؤدلجين القوميين مثل الأستاذ زكي الأرسوزي يدعو إلى التركيز على الفترة التي سبقت الإسلام داعياً للتواصل مع عبقرية اللغة و الثقافة الأصيلة التي ميّزت ذلك العصر و بالتالي مهمشاً من الدور الحضاري و الفكري للإسلام .
أما ساطع الحصري أكبر دعاة القومية العربية في القرن العشرين فيعّرف الأمة مع إبراز العامل الثقافي أكثر من السياسي، فهو لا يرى قيام الدولة شرطا ضروريا أو كافيا لتكوين الأمة . و يؤكد في أطروحاته بأن الإسلام كان عاملاً رئيساً في بناء الأمة العربية ، و يشاركه الرأي ميشيل عفلق .
إجمالاً فإن جميع منظري القومية العربية يتفقون على أن اللغة تمثل العنصر الرئيس في تحديد الهوية ، أو بعبارة أخرى أنه ليس بالإمكان حصر الهوية بكونها شأناً عنصرياً أو إقليمياً أو دينياً فحسب بل هي انتماء لغوي و ثقافي في المقام الأول و تتبع له كافة العناصر الأخرى المكونة لنسيج الأمة كما أشرنا إليها أعلاه .
أدى هذا الشطط و النزعة الإقصائية التي لا تعترف للإسلام بأولويته الكبرى في تعريف الأمة العربية و دورها الحضاري إلى بث بذور الريبة و خلق تيار غاضب من العداء لها من قبل المفكرين الإسلاميين .
أما العامل الثاني الذي أدّى إلى إذكاء الصراع بين الفريقين فهو إصرار المفكرين القوميين على اتخاذ المذهب الاشتراكي نبراساً و منهلاً تستند إليه النواحي الفلسفية و الاقتصادية من أطروحاتهم و نبذ المفاهيم الإسلامية جملة و تفصيلاً . و بالتالي فقدت الحركة القومية العربية رصيداً جماهيرياً لا يستهان به .
العامل الثالث هو الأدلجة المفرطة لدعاوي القومية العربية من قبل المفكرين القوميين الكلاسيكيين و التي جعلت مفهوم الوحدة العربية و هي أساس و لب القومية يتحول إلى طقس كهنوتي مريب ، و يبدو ذلك واضحاً على سبيل المثال في مقاربات ميشيل عفلق لمسألة دور الدين الإسلامي في صياغة حاضر و مستقبل الأمة العربية و التي تميزت بالإبهام و الغموض و الابتعاد عن إبداء آراء صريحة ، فرؤيته الفكرية تتفق في مجملها مع آراء مع من سبقوه و خاصة إسهامات زكي الأرسوزي و قسطنطين زريق ، و لكنه غلفّها في قوالب لغوية منمقة و مراوغة .

يمكن - بصورة عامة - تقسيم المواقف الفكرية من القومية العربية إلى الفئات التالية حسب ترتيب ظهورها الزمني على الساحة الفكرية و المعترك الثقافي :

- الفئة السلفية الإسلامية التي ترفض الحركة القومية الوحدوية رفضاً باتاً .. و تدمغها بأنها محاولة عقيمة لإحلال العنصر العربي بديلاً للجامعة الإسلامية . و تبدو أدبيات تلك الفئة و آرائها الحاسمة بخصوص القومية العربية في كتابات الفقهاء السلفيين و خاصة من مدرسة الحركة الوهابية . و بعضهم يشط فيصف القومية العربية بأنها : " دعوة جاهلية إلحادية تهدف إلى محاربة الإسلام والتخلص من أحكامه وتعاليمه " .
- فئة الإسلام الراديكالي التي تمثلت في كتابات أبو الأعلى المودودي و سيد قطب و التي اتخذت موقفاً عدائياً مماثلاً من الحركة القومية العربية .
- الفئة التوفيقية التي حاولت جاهدة تضييق هوة الفرقة بين الفريقين .. و تمثلت في كتابة مفكرين من أمثال عبد العزيز الدوري و برهان غليون و محمد عمارة في مرحلته القومية – الإسلامية قبل أن ينتقل إلى مدرسة التيار الإسلامي في السنوات الأخيرة .
- مدرسة مراجعة الفكر القومي و التي نشطت في السنوات العشرين الأخيرة .. و تدعو لمحو حالة العداء بين الفكر القومي و الإسلامي باعتبارهما متكاملين دون تناقض .. و تسعى جاهدة لردم الفجوة و إزالة الجفوة بين الطرفين .. و من أبرز مفكريها عصمت سيف الدولة و الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى و الدكتور عبد الإله بلقزيز .
- مدرسة الليبراليين الجدد و التي ترفض الحركة القومية و ترى فيها دعوة رجعية طوباوية لا تقوم على أي أسس واقعية .. و من أبرز كتابها الدكتور شاكر النابلسي و سيّار الجميل .

يشتعل الصراع حالياً بين التيارات القطرية التي تسعى للحفاظ على الهوية الوطنية الضيقة وتعمل على تطويرها وتعزيزها ، و التيار القومي الذي لا يزال يدور للأسف في فلك الأنظمة العسكرية السلطوية التي يغلب على ممارساتها ازدواج الشخصية بين الشعارات العقائدية المطروحة و غياب الممارسة الديمقراطية على أرض الواقع الاجتماعي والاقتصادي المعاش من جهة أخرى ، و التيار الإسلامي الذي يعبر عن نفسه من خلال حركات الإسلام السياسي التي تحاول تجاوز الوطنية والقومية إلى أممية إسلامية .
يعاني كل من التيارات المذكورة من أزمة بنيوية داخلية و صراعات بين الأجنحة الفكرية المتضاربة ، إضافة إلى أزمة الثقة مع التيارات الأخرى المتصارعة لنيل قصب السبق السياسي و الهيمنة و تعبئة الجماهير لصالحها .

إن الوحدة العربية قد أصبحت ضرورة استراتيجية للشعوب العربية ، وهي الحل الوحيد للمشاكل السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الدفاعية التي تعانيها حالياً الدول العربية ، كما أنها تتيح الاستقلالية الكاملة عن الولاءات المشبوهة مع القوى الغربية ، و خاصة في زمن القطب الواحد المتعسف و بداية الانهيار الملحوظ سلطة الدول في إطار ما يسمى بالعولمة و على يد الشركات متعددة الجنسيات .

فائق التحية و التقدير

عرضك جد رائع اخى معتصم فيه سرد تاريخى موجز لفكرة القومية وان كنت آخذ عليها قصورها فى التعريف بالفكرة القومية فى منظور اسلامى اصيل كما فى كتابات الاستاذ محمد الغزالى رحمه الله ، وغيره من المنظرين

فى قينى ان الالتقاء مطلوب وليس فيه دعوة للتمييع لكنه مكلب حيوى نحو التوحد وتنظيم الجهود وتلك عندى اولى خطوات تقعيد النهضة

سيد يوسف
16/01/2007, 04:30 PM
السؤال الذي يجب أن يطرح:ما الذي يوحدنا أويمكن أن يوحدنا؟
فللعروبة أيضا مزالق ضمن الإختلافات الإديولوجية،والإختلافات العرقية وغيرها.
والوحدة العربية كانت حلما لم يتحقق في الواقع،
من هذا المنطلق أرى انه لا يعول على الأطروحة العربية،ففيها من المتناقضات ما لا يسمح بتبنيها من جديد، خصوصا وأنها جرت الويلات على أمتنا.
الأمة العربية كمفهوم لم يرقى أبدا لأن يتحقق على أرض الواقع،لماذا نعيد طرحه من جديد؟هل لإجترار الإنكسارات الماضية؟أم لإعادة تأكيد الخيبة التى أعادتنا لعصور الإنحطاط؟
ما المقصود بالعربي إن نحن أردنا التعمق في صلب الموضوع؟هل هو المتكلم باللغة العربية فيدخل في التصنيف العرب والمستعربون؟أم المقصود بالعربي سكان الجزيرة العربية الذين هم أصل العروبة؟
إذا اعتبرنا من يتكلم العربية،فكيف نحل إشكالية الأصوات التي بدأت تنادي بالعودة للأصول والجذور(الأمازيغ مثلا)؟
وإذا اعتبرنا ساكنة الجزيرة العربية الأ يضيق هذا من مفهوم الأمة؟
لقد جاء الإسلام فوجد العرب همجا-حسب اصطلاح ابن خلدون-فأعزهم وجعلهم أسياد العالم،وبدونه فالعربي لا قيمة له،فمن ابتغى العزة بعيدا عن الإسلام أذله الله وهذا ما نعيشه اليوم من ذلة.
أرى أن الإنتماء للإسلام أشمل ،بل ولن يخرج من هو ليس عربيا،فتكون الأمة أقوى ,اشمل ،أوسع.
وبهذا نتوحد ،وحين تحقيق الدات نعلن عن الوحدة ولا تهم التسمية،فالوحدة العربية عمقت الخلاف بين العرب،والوحدة المغاربية أشعلت فتيل حرب قامت ولم تضع أوزارها بعد ،والجمهورية العربية المتحدة خلفت تناحرا بين القوميين لازلنا نتجرع مرارته....وقائمة الأمثلة لم تحصر.
لا عزة لنا سوى بالإسلام فهو الأرحم وهو الأقوى وهو الأعم.

ارى اخى الكريم هرى ان حلوللا كثيرة من مشكلاتنا تكمن فى الوعى واتفق معك فى قولك
أرى أن الإنتماء للإسلام أشمل ،بل ولن يخرج من هو ليس عربيا،فتكون الأمة أقوى ,اشمل ،أوسع.

رعاك الله وحفظك ايها الحبيب