المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منافق يعشق الجنس...حكاية شرقية



علاء الدين حسو
10/01/2007, 10:00 AM
منافق يعشق الجنس.

الموت ؟! لم يكن يشغلني كثيرا ..الخوف من الموت ؟ ..تماما مثل أي إنسان عادي..أحيانا ،كنت أتمنى الموت وأنا في المسجد..أو بعد ليلة أنهيت واجباتي كاملة ..

تقيا كنت، أصوم،أصلي،أتصدق، يحترمني إمام المسجد ، يتجنبني العصاة والمقصرين..ولي هيبة في البيت، العمل، الأقارب، الأصدقاء..

حالتي المادية جيدة، اقرب للغنى ، ورثت عن جدي مئتي شجرة زيتون ، وورثت عن أبي مصنع صغير للجوارب..كما أني املك بعض العقارات كبنك ادخره للأيام السوداء...

ولكن ...كانت لي عادة سيئة..حبي للملاهي ليلا. ومراقبة بنات الليل ..لا أدخن ولا اتعاطى الخمر .فقط كنت كل شهر انسل بعد الساعة العاشرة ليلا ..إلى احد ملاهي حلب، اجلس بعيدا عن المسرح..افتح زجاجة كولا وأتفرج على (الروسيات) يتجردن من ملابسهن ويقدمون عرضا يسمونه( الستربتيز).. إلا أن العرض كان بملابس الداخلية..ليس مثل أوربا كما حدث وذهبت مرة إلى فرانكفورت حيث أخذني قريب لي يعيش هناك إلى مكان قرب محطة القطار يطلق عليه (live show ( حيث استمتعت بالتفرج على بنت روسية تجردت من كل ملابسها . وكم ضحك قريبي حينما رمت البنت الروسية سروالها الداخلي نحويا فشممته مقلدا الأفلام..فشممت رائحة البوليستر المصنوع منه السروال...

مرارا..حاولت التخلص من هذه العادة البشعة..إلا أنني كل شهر تجدني انساق إلى الملهى..وحين ينتهي البرنامج أعود نادما ..مقررا ترك العادة .إلا أنني أعود من جديد.. حتى جاء الشهر الماضي..

كنت كعادتي استعد إلى الدخول فلمحت احد أصحابي القدماء يدخل إلى الملهى فهربت..وبدلا من أن أتوجه إلى المنزل، سرت نحو ملهى آخر مجاور..ودخلت وكان العرض لم يبدأ بعد.. جلست قرب المدخل تحسبا لدخول احد اعرفه فاهرب قبل أن يكتشفني.. وبدأ مقدم العرض يزف نبأ وصول دفعة من اللحم الأبيض الأوكراني ..حين سمعت ضجة من الطاولة الضخمة قرب المسرح..كان شخصا بدينا يحوطه رجال يبدو عليهم هئية موظفين ..هذا الشخص سقط من كرسيه وشخّر ..وأسرع الكرسون إلى الخارج حصل هرج وحمل الرجال البدين وخرجوا فسمعت احدهم يقول :
- لقد مات ..
ولم تمضي لحظات ..حتى شغرت الطاولة بمجموعة جديدة .كرر مقدم البرنامج بشارته باللحم الأبيض وحين بدأت موسيقى البداية ..كنت في الشارع ابحث عن سيارتي تعيدني إلى بيتي..

وبدأت الأسئلة المقلقة تتدفق علي كنبع ماء أحدثه زلزال مفاجئ..
- ترى ماذا يحدث لو مت هنا؟

انقبض قلبي ولمت نفسي على السؤال السخيف
- ولكن الاحتمال وارد؟

شعرت .بصعوبة القيادة..فخففت من سرعتي..
- لو مت ؟ أية كارثة كانت..؟ رجل في الخمسين ،يصلي ، يزكي ، ويذهب ( للتعريص)..
حمدت ربي على هذا الإنذار وقررت أن اعتمر في اقرب فرصة...

لم انم تلك الليلة ..وتحولي قلقي إلى خوف حقيقي من الموت ..وامتد خيط الموت ليلف حياتي كلها..
- ماذا يحدث لو توقف قلبي..

توقفت عن المضاجعة .. وقد سمعت أنها متعبة للقلب..

- من ينقذني إذ تعطلت الفرامل..

توقفت عن قيادة السيارة..
بات شبح الموت يطاردني ..حتى الثريا التي تزين غرفة النوم قلعتها ..أخاف أن تسقط فوقي.
لم اعد أتفرج من بلكون بيتي ..أخاف أن تصيبني رصاصة طائشة..كثيرة هذه الأيام الإطلاق على الهواء..
حتى دخول الخلاء أخافني..ماذا لو خرج جرذ وقضم أعضائي..

أقنعت زوجتي بالمرض فعذرتني ..إلا أنها بدأت تتضايق من بقائي في المنزل وتصرفاتي الغريبة وتدخلاتي العجيبة ..تأكدي من اسطوانة الغاز ..هذا الطبق وسخ..رائحة الطعام غريبة ..حاذري من السكين ..

- نعم العبد أنت
هكذا قال لي إمام المسجد حينما جاء يتفقدني وقد غبت عن الصلوات في المسجد.شرحت له خوفي من الموت وان لم اقل سبب ذلك ..

أصفار وجهي جعل أولادي يحضرون الطبيب بعد تمنعي من مغادرة المنزل..وسمعت الطبيب يقول لعادل اكبر أبنائي:
- المشكلة في الكبد ..يجب إجراء تحاليل ودخول المشفى ...

شعرت بقرب نهايتي ..توضأت ،صليت ركعتين لله تعالى ..بكيت كثيرا ..استغفرت ربي..وعندما لمحت ارتياحا في قلبي ودفئا في أطرافي..عدت إلى سريري وطلبت عادل وأوصيته فسمعني وهو يبكي ومن ثم أخذوني إلى المشفى ..

هنا في المشفى أحسست بالراحة ..وطلبت قلما و ورقة .. كتبت ما شرحته من قبل .. وطلبت من ابني في الورقة دفنها في قبري إن مت..لكن بعد أن يقرأها لوحده لأنه سيكون وريثي..المسؤول عن أمه وأخوته ولا أريد منه أن يكون مثل ذلك الذي شغر طاولة البدين في الملهى ..وبعد أن أعطيته الوصية الأخيرة..طلبت منه أن يقرأها بصمت وطفقت أراقب السقف وشعرت بهدوء قلبي، وشممت رائحة النعناع وعندها، لحظتها، فُتح السقف، وهبط غريب شق صدري، وسكب فيه زيت زيتون قال انه عصره من أشجاري....

&