المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السكر والإغراء والتحايل وأثرهم في الإقرار



المحامية علياء النجار
16/05/2009, 04:49 PM
السكر والإغراء والتحايل وأثرهم في الإقرار

من العوامل المؤثرة على إقرار المقر والتي تناولها الفقه الإسلامي بإسهاب هو السكر ، ولقد فرق الفقهاء فيمن سكر بمعصية وفيمن زال عقله بسبب مباح ، كما اختلفوا في درجة السكر الذي يبطل به الإقرار ويمكن إجمال الروايات الواردة في ذلك فيما يلي
الرواية الأولى : لا يصح إقرار السكران مطلقا سواء كان سكره بسبب مباح أو غير مباح لأنه لا يوثق بصحة قوله وهو كالمجنون في أفعاله وأقواله
الرواية الثانية : أن إقرار السكران بسبب مباح كالبنج وغيره فلا يصح إقراره بغير خلاف .
الرواية الثالثة : أن إقرار السكران بسبب محظور وعمدا كالصاحي في أقواله وأفعاله وهو مؤاخذ به وإقراره حجة عليه إلا في حد الزنا وشرب مما يقبل الرجوع فيه .
الرواية الرابعة : أنه كالصاحي في أفعاله وكالمجنون في أقواله
الرواية الخامسة : أنه في الحدود كالصاحي وفي غيرها كالمجنون قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني تلزمه الحدود ولا تلزمه الحقوق .
والرواية السادسة : أنه فيما يستقل به مثل قتله وعتقه وغيرهما كالصاحي وفيما لا يستقل به كبيعه ونكاحه ومعاوضاته كالمجنون .حكم إقرار السكران المكره على شرب المسكر : لقد أعتبر جمهور الفقهاء أن المكره على السكر إن لا يؤخذ بإقراره واعتبر حكمه حكم المجنون ويقول في ذلك ابن مفلح في أصوله والمعذور بالسكر كالمغمى عليه وقال القاضي في الجامع الكبير في كتاب الطلاق فأما إن أكره على شربها احتمل أن يكون حكمه حكم المختار لما فيه من اللذة واحتمل أن لا يكون حكمه حكم المختار لسقوط المأثم عنه والحد ، ويبني كل فقيه حكمه في إقراره المكره وفقا لرأيه في أن الإكراه هل يؤثر في شربها فان كان يرى أن الإكراه يؤثر في شربها فحكم إقراره حكم إقرار المجنون وإن كان يري أنه لا يؤثر في شربها فحكمه حكم المختار عنده .رأي الفقهاء في حد السكر الذي يترتب عليه إبطال الإقرار به : أختلف الفقهاء في حد السكر الذي يترتب عليه إبطال الإقرار ، فقال بعضهم هو الحد الذي يخلط فيه السكران في كلامه وقراءته ولا يشترط هؤلاء أن يكون بحيث لا يميز بين السماء والأرض ولا بين الذكر والأنثى ، ويرى آخرون أن حد السكر الذي يبطل معه الإقرار هو الذي إذا وضع ثيابه في ثياب غيره لا يعرفها أو الذي لا يميز نعاله عن نعال غيره ، ويرى آخرون كل من يختل في كلامه المنظوم ويبيح بسره المكتوم أو الذي لا يفهم ما يقول يبطل إقراره .
موقف نظام المرافعات السعودي لعام 1423هـ من إقرار السكران : لم ينص المشرع السعودي على إقرار السكران وحجيته ولكن يمكن الرجوع في ذلك إلى الرأي الراجح في الفقه الحنبلي وهو الأخذ به في الحدود دون المعاملات إن كان سكره بمعصية وبطوعه . موقف قانون الإثبات السوداني : لما يتناول المشرع السوداني في قانون الإثبات حجية إقرار السكران ولكنه قد تناول المسئولية الجنائية للسكران في المادة 10 من القانون الجنائي والذي نرى تطبيق أحكامه في إقراره بحيث لا يؤخذ بإقراره متى ما كن سكره بسبب تناول مادة مسكرة أو مخدرة بسبب الإكراه أو الضرورة أو دون علمه ، فإذا كان ذلك باختياره وعلمه وبغير ضرورة يعد مسئولا عن عن إقراره كما لو صدرت منه بغير إسكار أو تخدير ، وكذلك اسكاره بسبب مباح مع انتفاء نية السكر عند تناوله . ثانيا: التحايل والإغراء وأثره في الإقرار أختلف الفقه الإسلامي في حال الاحتيال والإغراء لحمل الشخص للإقرار على رأيين : الرأي الأول : يرى جواز إغراء المتهم والتحايل عليه وإيهامه ليقر بالحق ويعترف به دون ضرب أو تهديد أو تعذيب له بأي نوع من التعذيب ، ومن أنصار هذا الرأي بعث خلف اليهودي الذي ادعت الجارية التيالظاهرية ويستدلون على ذلك بأن رسول الله رض رأسها فسيق إليه فلم يزل به عليه السلام حتى اعترف فأقاد منه ويستدلون ايضا بفعل علي بن أبي طالب إذ فرق بين المدعى عليهم في القتل وأسر إلى أحدهم ثم رفع صوته بالتكبير فوهم الآخر أنه قد أقر ثم دعي وصله فسأله فأقر حتى أقروا كلهم ويرون أن هذا حسن لأنه لا إكراه فيه ولا ضرب ، ويرون أنه لا وجه لعدم الأخذ به لأنه ليس فيه عمل محظور ، ويرون انه لم يرد عن الصحابة ما يخالف ذلك ، أما مالك فقد كره ذلك(3) . الرأي الثاني : وهو الرأي الذي تبناه المالكية وبعض من الفقهاء فإنهم يرون أنه لا يجوز إيهام الشخص او التحايل عليه ليقر بالحق فلقد ورد في الزرقاني : وكره مالك أن يقول السلطان للمتهم أخبرني ولك الأمان لأنه خديعة(4) . الإغراء والخديعة وأثره في الإقرار : إن من حالات عدم صحة الإقرار التي نص عليها المشرع في قانون الإثبات السوداني في مادته 20/1 الإقرار الذي يتم نتيجة لأي إغراء في المسائل الجنائية وهذا يعني أن الإغراء جائز لحمل المدعي عليه ليقر بالحقوق في الدعاوي المدنية ، والقاعدة العامة أن يكون الإغراء مرتبطا بالتهمة الموجهة الى المقر وان يصدر الإغراء من شخص في السلطة وأن يكون على نحو يحمل الشخص المقصود للاعتقاد بأنه سيحقق كسباً او أن يتفادى ضررا إذا ما اقر في الاجراءات الموجهة ضده بالشئ المطلوب منه الاقرار به(5) . رأينا الخاص : أنه لا يجوز الإغراء في المسائل الجنائية ذلك أن الإغراء والخديعة يبطل الإرادة مثله مثل الإكراه والعلة التي من اجلها أبطل إقرار المكره متوفرة في حال الإغراء والاحتيال لا سيما عندما يعتقد المتهم أنه بهذا الإقرار سيدفع ضررا محققا سيقع عليه إذا لم يقر بما هو مطلوب منه ولهذا أرى أن الإقرار الذي يكون نتيجة إغراء أو احتيال باطل ويجب عدم الأخذ به
------------------------
(1) لخصت هذه الروايات من الانصاف للماوردي - ج 8 ص 434 ، حاشية ابن عابدين - ج 8 ص 96 ،
(2) الانصاف للماوردي ـ ج8 ص 437 .
(3) المحلى لابن حزم ـ ج 11 ص 142 ، هلالي عبداللاه أحمد ـ ص 930
(4) هلالي عبداللاه أحمد ـ ص 930 مشيرا الى الزرقاني ج 8 ص 106 وما بعدها
(5) د. البخاري عبدالله الجعلي ـ ص 94







من نشرتي البريدية القانونية