المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجلة الثقافة الجديدة :فصل من تاريخ العراق الثقافي المعاصر



ابراهيم خليل العلاف
24/05/2009, 10:58 PM
مجلة الثقافة الجديدة' .. فصل من تاريخ العراق الثقافي المعاصر

ا. د. إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الاقليمية -جامعة الموصل


لعل الشاعر الأديب والصحفي الصديق الأستاذ سامي مهدي، هو أول من انتبه إلى مجلة "الثقافة الجديدة"، وعدها من المجلات الريادية في العراق، لما لها من دور، ليس في تحديث الأدب والفن، وإنما في تطوير وتقدم حركة الثقافة العراقية المعاصرة. فلقد كتب عنها فصلا ضافيا في كتابه القيم الموسوم "المجلات العراقية الريادية ودورها في تحديث الأدب والفن 1945-1958"، والذي نشرته دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة 1995.

وكما هو معروف، فإن هذه المجلة التي صدر عددها الأول في نوفمبر/تشرين الثاني 1953 ببغداد لا تزال تصدر حتى يومنا هذا.

وعند صدور المجلة جاء في ترويستها أنها مجلة "الفكر العلمي" و"الثقافة التقدمية". صاحب امتيازها مهدي جواد الرحيم ومديرها المسؤول خالد طه نجم المحامي، وموقع هيئة التحرير كان في خان كبة الكائن في شارع الرشيد ببغداد، وهو موقع قريب إلى أماكن الطباعة. وثمة (لجنة من الكتاب) هي التي تقوم بتحريرها.

وبسبب هذا التوجه، أقدمت السلطات الملكية الحاكمة في العراق على إلغاء امتيازها ولما يصدر منها سوى عددين، الأول، كما قلنا آنفا، في نوفمبر/تشرين الثاني 1953، والثاني في ديسمبر/كانون الأول 1953. لكنها سرعان ما عادت إلى الصدور بامتياز جديد صاحبه عبدالرزاق الشيخلي ومعه عبدالمنعم الدركزي مديرا مسؤولاً وكان ذلك في أبريل/نيسان 1954، ولم تمر إلا أيام قليلة حتى ألغي امتيازها ثانية (صدر العدد الثالث في أبريل/نيسان 1954).

لقد كان صدور مجلة "الثقافة الجديدة" مؤشرا على التنامي الواسع للوعي الوطني والسياسي العراقي عقب سلسلة من التطورات التي مر بها العراق والوطن العربي إثر ضياع فلسطين وقيام إسرائيل، وتعاظم حركة التحرر العربي، ووثبة يناير/كانون الثاني 1948 في العراق، وتصاعد نشاط المقاومة للسلطة الملكية الرجعية واندلاع ثورة يوليو/تموز في مصر 1952، وبروز قيادة الرئيس جمال عبدالناصر للقومية التقدمية، وما رافق ذلك كله من إقدام الحكومات العراقية على إصدار قرارات قمعية ضد الأحزاب الوطنية والقومية.

قدم الدكتور صلاح خالص، معلومات وفيرة عن مجلة "الثقافة الجديدة" للأستاذ يوسف الصائغ، وهو يعمل على إنجاز رسالته للماجستير حول الشعر الحر في العراق منذ نشأته حتى 1958. ومما جاء فيها أن مجلة "الثقافة الجديدة"، صدرت بتوجيه مباشر من الحزب الشيوعي العراقي، وأنه هو والدكتور صفاء الحافظ قد أشرفا على إصدارها.

ويقال إن عبدالوهاب البياتي كان يشرف عند صدورها على الجانب الذي يهتم بالأدب. وقد ورد في افتتاحية العدد الأول إن المجلة "تقدمية تؤمن بوجود أفكار رجعية تحاول منع المجتمع وعرقلة سيره، فتحارب هذه الأفكار - معتمدة على دروس التاريخ القيمة وعلى التفكير العلمي الصحيح".

كما أن المجلة ومحرريها يعتقدون "أن الأفكار وإن كانت تنشأ في ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية وتاريخية معينة، فإنها قوة ذات أثر فعال في تقدم المجتمع أو تأخره، لذا نرى من واجبها استخدام هذا السلاح الماضي للتقدم، لا للتأخر، والسير للإمام، لا للرجوع إلى الوراء".

"إن الثقافة الجديدة مجلة علمية، لأنها تعتقد أن الوسيلة الصحيحة للوصول إلى الأفكار التي يتوق إليها المجتمع، هي البحث العلمي، ونقصد به الدراسة الموضوعية لظواهر الحياة المختلفة ومحاولة معرفة بواعثها الحقيقية، والطريق الذي اتجهت إليه، كالنظريات العنصرية والأفكار الفاسدة المغرضة، وتشجع الدراسات العلمية التي يتوخى فيها الحقيقة دون أغراض، لذا فسيكون اهتمامها بما تحويه المقالات من أفكار قيمة، لا بأسماء كاتبيها ..."

"إن الثقافة الجديدة مجلة شعبية لأنها تعتبر نفسها وسيلة من وسائل الشعب، وسلاحا في يده، فهي تعنى بمشاكله وتبحثها بعمق وبأسلوب علمي لكي تتوصل إلى الحلول الإيجابية الصحيحة لها".

"إن الثقافة الجديدة مجلة حرة تؤمن بأن حرية التعبير حق من حقوق الفرد وأنها الوسيلة الفعالة للوصول إلى الحقيقة".

"إن الثقافة الجديدة مجلة قومية، لأنها تعتبر أن من حق، بل من واجب كل قومية من القوميات أن تعنى كل العناية بتراثها القومي، وتبذل جهدها في تطويره وتنميته وجعله في خدمة الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب. إنها تشجع العراقيين – عربا وكردا – على الاعتزاز بتراثهم القومي، وربط حضارتهم الجديدة، ونهضتهم الحاضرة، لاسيما في الميادين الأدبية والفنية، بالتقاليد القومية العريقة والأسس التي أصبحت تكون جزءا لا يتجزأ من مميزاته القومية".

"إن الثقافة الجديدة مجلة إنسانية لأنها تعتقد أن البشر يستطيعون العيش إخوانا على الأرض، إذا احترم كل منهم حقوق الآخرين في الحياة، وتؤمن بأن الحضارة الإنسانية نتاج أسهمت فيه جميع شعوب العالم وقومياته، وإن من حق جميع هذه الشعوب والقوميات أن تتمتع بها وتجني فائدتها، فهي تعنى بالثقافات الأجنبية وبترجمة خير ما فاضت به قرائح الكتاب العالميين".

قيم أريك ديفز، الباحث والمؤرخ المهتم بالتاريخ العربي الحديث، مجلة "الثقافة الجديدة" في مقال له بعنوان "المقاهي ودورها الكبير في نشر الثقافة والحس الوطني" ترجمه وقدم له الأستاذ حسين كركوش ونشر في جريدة "طريق الشعب" العدد (233) في 31 يوليو/تموز 2008 قائلاً "إن المثقفين الشيوعيين ارتبطوا بمجلة الثقافة الجديدة، وإن هذه المجلة أغلقتها حكومة الدكتور فاضل الجمالي (17 سبتمبر/أيلول 1953 ـ 8 مارس/آذار1954) بعد صدور عددين منها، تحظى بأهمية خاصة، ورغم أنها أصبحت، فيما بعد، تابعة للحزب الشيوعي، إلا أن قائمة الأسماء المؤسسين لها تجعلنا نعدها موسوعة حقيقية للانتلجنسيا العراقية (الطبقة المثقفة العراقية) فصفحاتها تزخر بأسماء كتاب القصة القصيرة أمثال: عبدالملك نوري، وفؤاد التكرلي، وبأسماء الشعراء أمثال: بدر شاكر السياب وعبدالوهاب ألبياتي وكاظم السماوي، وبأسماء الروائيين أمثال: غائب طعمه فرمان، وبأسماء النقاد مثل: محمد شرارة، وبأسماء الكتاب المسرحيين ومنهم: يوسف العاني، فضلا عن أساتذة الجامعة من ذوي الاتجاه اليساري ومنهم الدكتور فيصل السامر، والدكتور صلاح خالص، والدكتور إبراهيم كبه.

وبمجرد أن المجلة سميت بـ "الثقافة الجديدة" فإن هذا يعد بمثابة "تعبير عن رغبة جامحة لإحداث قطيعة مع الماضي، مثلما عكست تلك التسمية إيمان مؤسسي المجلة بالدور المركزي الذي تنهض به الثقافة في إحداث التغيير السياسي والتغيير الاجتماعي".

ويبدو أن اريك ديفز لم يتابع العدد الأول وافتتاحيته التي أشرنا إليها آنفا وهي أن المجلة تهتم بالتراث القومي وتعمل من أجل إحيائه وتنميته. كما أنها نشرت الكثير من المقالات التي تعزز هذا التوجه خاصة وأنها كانت تعد نفسها مجلة قومية علمية حرة شعبية إنسانية.

ويعود الأستاذ سامي مهدي ليؤكد بأن قارئ المجلة يلحظ "أنها كانت ذات طابع جدي رصين ومستوى فكري وأدبي وفني رفيع، وكانت مادتها تتسم بالعمق والتنوع المدروس..". هذا فضلا عن "أن توازن تبويبها كان ينم عن خبرة ومعرفة في تحرير المجلات الثقافية".

كما أن المجلة انطلقت، كما هو واضح، "من مفهوم شامل صحيح للثقافة، فعنيت بالدراسات الفكرية إلى جانب عنايتها بشتى الأنواع الأدبية والفنية، فكان كل عدد من أعدادها يتضمن دراسة فكرية تخدم أهدافها التي من أجلها صدرت".

يقول الأستاذ محسن جاسم الموسوي في دراسة له عنوان "المجلات الثقافية العراقية: دورها ومكانتها" منشورة في مجلة "العربي" وعلى موقعها الإلكتروني إن مجلة "الثقافة الجديدة" توجهت نحو الجامعة وأساتذة الجامعة واستحوذت إلى حد ما على الأقلام المؤهلة للكتابة والتي تدفعها الرغبة والحاجة إلى النشر والتأليف والتأثير. كان من كتابها أساتذة بارزون في الوسط الجامعي العراقي كالدكتور مهدي المخزومي، والدكتورة نزيهة الدليمي، والدكتور صلاح خالص، والدكتور إبراهيم السامرائي, وكان الابتكار والثورية والاختلاف والتحزب هي صفات الطرف اليساري من الطبقة المثقفة العراقية.

وإذا كان الموسوي يرى أن مجلة "الثقافة الجديدة" صدرت تحت تأثير اليسار العراقي النشط في الخمسينيات من القرن الماضي، فإن مجلات أخرى كالأقلام التي صدرت في السبعينيات من القرن ذاته، احتضنت من قبل الجناح القومي أو المستقل عن اليسار، ومن هنا فإنه يؤكد حقيقة قالها اريك ديفر وهي أن اليساريين والمثقفين الوطنيين العراقيين، ومنهم الكثيرون الذين كتبوا في مجلة "الثقافة الجديدة"، قد رفضوا الماضي، ولم يستطيعوا تجاوز تلك الصعوبة المزعجة المتمثلة في ازدرائهم له، وهو رفض انعكس في الإهمال المستمر لكل ما يمت بصلة إلى الثقافة العربية التقليدية، وإن محرري "الثقافة الجديدة" ظلوا بعيدين عن إدراك حقيقة أن "التراث العربي كان أمرا مهما بالنسبة لكثير من العراقيين، خصوصا لأولئك الناشطين السياسيين المنتمين للطبقة الوسطى".

وكلا الحكمين فيهما بعض التجاهل لما كان واقعاً، فمجلة "الثقافة الجديدة" اهتمت بالتراث العربي، لكنها كانت تنظر إليه نظرة تقدمية جديدة. كما أن الكثيرين ممن عملوا ضمن التيار القومي كانوا يساريين، لم يألفوا المحافظة ولم يدعوا إلى الارتكاز على الماضي، بل كانوا يدعون إلى التقدم والتحديث والتغيير وإقامة المجتمع الديمقراطي المنشود.

لنتوقف قليلا عند كتابات عدد من المؤرخين العراقيين المعاصرين الذين ظهرت لهم كتابات في مجلة "الثقافة الجديدة"، ومنهم الدكتور فيصل السامر والدكتور حسين قاسم العزيز. لقد كانوا يقرأون التاريخ العربي الإسلامي وفق مفهوم يساري تقدمي. فهذا الدكتور السامر يكتب عن بعض الاتجاهات الاجتماعية في حركة الزنج مثلاً وذلك الدكتور حسين قاسم العزيز ينظر إلى البابكية، على أنها انتفاضة ثورية للشعب الاذريبجاني ضد الخلافة العباسية. كما أن القضية القومية نفسها حظيت بالاهتمام في صفحات مجلة "الثقافة الجديدة"، وكان للتراث الفكري واللغوي العربي الإسلامي نصيب، ومن ذلك ماكتبه الشيخ محمد رضا الشبيبي حول "مصادر الشك في كتاب العين" والمادة بألاصل نص محاضرة ألقاها الشيخ الشبيبي في حفلة افتتاح المؤتمر اللغوي العربي في القاهرة الاثنين 14 فبراير/شباط 1953.

وعلى أصعدة المسرح والسينما والقصة والرواية والنقد والفن التشكيلي والشعر والترجمة، كان للمجلة اهتمام متميز. ويقيناً أن ما كتبته المجلة وما تكتبه حتى هذه اللحظة يسهم، إسهاما فاعلاً في إغناء القراء وفتح آفاق ثقافية واسعة أمامهم، لذلك استحقت المجلة أن توصف بالريادة.

ليس من السهولة رصد كل الكتابات التي نشرت في مجلة "الثقافة الجديدة"، فذلك يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، وأول مايجب أن يعمل في هذا الاتجاه إصدار ببليوغرافيا مفصلة وشاملة للمجلة ونأمل في أن يتصدى لهذه المهمة بعض أصدقائنا من المكتتبين.

لكن لابد من ذكر بعض من كتب في المجلة، وأوائل من يجب الإشادة بكتاباتهم على صعيد الشعر: بدر شاكر السياب، وعبدالوهاب ألبياتي، وكاظم السماوي، وكوران، وديلان. وعلى صعيد القصة: الدكتور شاكر خصباك، وعبدالملك نوري، وفؤاد التكرلي. ولم يكن الاهتمام بالرسم والسينما والمسرح بعيداً عن المجلة، فلقد أولى محرروها هذه الميادين الكثير من العناية وكان من الكتاب الذين تناوبوا على تقديم ماهو جديد فيها: يوسف العاني ونوري الراوي ومحمود صبري ووليد صفوة وعطا صبري.

واهتمت المجلة بالترجمة عن اللغات المختلفة وكان ممن تخصص في هذا المجال شاكر خصباك ونهاد التكرلي وجاسم محمد الرجب وإسماعيل الشيخلي ومهدي الرحيم وعبدالملك نوري وآخرون. وفتحت المجلة نوافذها على الحركة الثقافية العربية والأجنبية، فكانت هناك تقارير ورسائل من شتى أنحاء العالم، ولئن اهتمت المجلة كثيراً بما عرف بالواقعية الاشتراكية وتطبيقاتها الماركسية على الأدب والفن، فإن ذلك لم يمنعها من الولوج في دروب مدارس فكرية وفنية وفلسفية عالمية أخرى.

وكان هدف المجلة من الاهتمام بكل تلك الرؤى، إشعار الأديب والمفكر والفنان العراقي بمسؤوليته تجاه مجتمعه. ومما يلحظ على المقالات المنشورة ضمن هذا الاتجاه، الاقتراب الشديد أحيانا من المستويات السياسية والحزبية الأمر الذي كاد يخرج تلك الرؤى، في بعض الأحيان، من خاناتها الفكرية والثقافية.

وينبغي أن نؤكد في هذا المجال أن ذلك لم يستمر طويلاً، وإنما كان مرتبطا ببعض الحقب والمراحل التاريخية التي مر بها العراق في تاريخه المعاصر وقد أشار إلى ذلك يوسف الصائغ عندما كتب عن التأثير السلبي الذي مارسه العمل السياسي اليومي على الإنجازات الثقافية والفكرية والفنية العراقية المعاصرة.

ضم العدد الأول من مجلة "الثقافة الجديدة" الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 1953، مقالات وروايات وتقارير ونصوصا إبداعية كثيرة منها مقال بعنوان "المدرسة الواقعية في الفن والأدب" للدكتور صلاح خالص، ونظرية القانون الصرفة لهانز كلزن للدكتور إبراهيم كبة، والأزمة الراهنة في الفن المعاصر لمحمود صبري، وإميل زولا فارس الحق لاندريه موروا. والبيروقراطية والدولة لباحث لم يذكر اسمه. كما احتوت قصائد شعرية منها أطفالنا لبدر شاكر السياب والسجين المجهول لعبدالوهاب البياتي ومصير العشاق لكوران، وأغنية رجل عند خشبة الإعدام لاراغون تعريب عبدالملك نوري. وكان هناك نصوص مسرحية منها العادلون لالبير كامو تعريب نهاد التكرلي.

وثمة متابعات للمعرض الدولي الثاني للفن المعاصر في الهند لعطا صبري. وفي حقل الكتب عرض كتاب فكتور هيجو شاعر واقعي لاراغون. وقام إسماعيل الشيخلي بتعريب مقال لهربرت سبنسر بعنوان "كيف يتعلم الطفل الرسم". أما القصة فكان لها نصيب حيث نشرت في العدد قصة آمنه لشاكر خصباك، وقصة بعد المسرح، لانطوان تشيخوف.

واحتوى العدد الثاني الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول 1953 مقالا افتتاحياً بعنوان "التفكير العلمي وضروراته الماسة والموضوعية بالنسبة للافراد والجماعات في معالجة شؤون الحياة الخاصة والعامة". ومقالات أخرى منها مقال بعنوان "الظروف الاجتماعية وعلاقتها بالطب النفسي" للدكتور فيكتور لافيت تعريب الدكتور هدى (وهو اسم مستعار لم نتعرف عليه)، ومقال للشيخ محمد رضا الشبيبي بعنوان "مصادر الشك في كتاب العين"، ومقال لنهاد التكرلي بعنوان "مفاهيم في الفن القصصي"، ومقال للدكتور فيصل السامر بعنوان "بعض الاتجاهات الاجتماعية في حركة الزنج"، ومقال بعنوان "أسبوع المرأة ومدى فائدته" للدكتور محمد مهدي البصير، ومقال لغائب طعمه فرمان بعنوان "قيمة الوعي في الأدب".

وعرض الدكتور إبراهيم كبه كتاب ب. دوت الموسوم "تداعي النظام الكولونيالي". كما عرض الدكتور صلاح خالص كتاب الدكتور صالح أحمد العلي الموسوم "التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة"، وكان هناك عرض لكتاب الدكتور زكي صالح الموسوم "مقدمة في دراسة العراق المعاصر" قدمه الدكتور إبراهيم كبه (أ. ك). وعرض اناهيد لعبدالله نيازي قدمه (شين)، ووقف عبدالوهاب ألبياتي عند بابلو نيرودا وقدمه على أنه شخصية الشهر.

وهناك قصيدة "البغايا في الشتاء" لبدر شاكر السياب، وقصة "الجدار الأحمر" لعبدالملك نوري، ومسرحية "حفلة زواج" لأنطوان تشيخوف تعريب شاكر خصباك، ومقال عن واقع المسرح العراقي ليوسف العاني، ومقال لحسين يوسف البكري بعنوان "التلفزيون: العلم يتقدم".

ونشرت المجلة في هذا العدد محاضرة للشاعر الفرنسي بول إيلوار عن الشعر الظرفي ترجمها إبراهيم اليتيم، وهذه المحاضرة تعالج موضوعا مهما يتناول مشكلة علاقة الشعر بالواقع الملموس ومشكلة الانتقال من الخاص إلى العام في العملية الإبداعية. وفي هذا الاختيار يبرز موقف المجلة الواضح من مسألة الدعوة إلى الأدب الثوري وإلى الأدب الواقعي الصادق. وفي معظم ما كانت تنشره المجلة من مقالات يبرز هدف المجلة واضحا في تأكيد المقولة التي تذهب إلى أن الظواهر هي نتاج الظروف والعلاقات الاجتماعية، وتتفاعل معها.

وفي العدد الثالث الذي صدر في أبريل/نيسان 1954، نقرأ افتتاحية بعنوان "إلى أخي المواطن" كتبها عبدالرزاق الشيخلي، وكان الشاعر معروف عبدالغني الرصافي شخصية العدد إذ نشرت المجلة أحاديث للشاعر مع كامل الجاد رجي، وكتب الدكتور صفاء الحافظ مقالا بعنوان "في المشكلة القومية وحلولها". أما الدكتور صلاح خالص فكتب مقالاً "حول المدرسة الواقعية الحديثة: عناصر العمل الفني والأدبي".

وتابعت المجلة "محنة المثقفين الأميركيين" التي كتب عنها هوارد فاست، أما وليد صفوة فكتب عن "الواقعية الحديثة في السينما الإيطالية ".

وثمة مقال عن "كارثة الفيضان" الذي حدث في العراق سنة 1954 وآثاره السلبية على الإنسان والمحيط والدعوة إلى العمل من أجل مقاومة الكوارث جذريا واستخدام ثروات البلد المائية لخير الشعب وسعادته.

وفي العدد قصة لفؤاد التكرلي بعنوان "قصة عراقية.. الآخرون"، وقصيدة لعبد الوهاب البياتي بعنوان "المذبحة"، ومسرحية "الدير" للكاتبة الإنكليزية ماركريت لوس تعريب مهدي الرحيم، وقصيدة للشاعر الكردي ديلان بعنوان "الربيع" ترجمة هاوار مصطفى، وقد نشر نصها الكردي في مجلة "زين" في العدد الصادر في مارس/آذار 1953، وأخرى للشاعر الأميركي ادمون ماركهام بعنوان "الإنسان والمسحاة" تعريب محمد جاسم الرجب، وكتب نوري الراوي مقالاً عن الاتجاهات الجديدة في المسرح العراقي الحديث.

وحول التراث الفكري العربي المعاصر كانت هناك وقفة مهمة مع جمال الدين الأفغاني لمناسبة الذكرى الستينية لوفاته وآراء وتعليقات: الإدراك المادي لحقوق المرأة السياسية للمحامي عبدالوهاب القيسي. وثمة أبواب ثابتة في المجلة منها باب "في ربوع الفكر" يستعرض المشهد الثقافي العراقي، وباب "أشتات"، وباب "كتاب الشهر" ومن الكتب التي عرضت لها المجلة في عددها الثالث كتاب "القوى المؤثرة في الدساتير وتفسير الدستور العراقي" لمؤلفه الدكتور طلعت الشيباني وعرضه الدكتور إبراهيم كبة، وكتاب دور الحقوقيين في تطوير القانون لرامز شعبان وحسيب غر عرضه الدكتور كبة كذلك، وكتاب "من الزاوية العربية" لنبيه أمين فارس، وكتاب "ضد دوهرنغ" لانجلز ترجمة داؤد الصائغ، وكتاب "ثورة الزنج" لفيصل السامر، وكتاب "السجن الكبير" لصالح سلمان عرضه الدكتور شاكر خصباك، وكتاب "نقائض جرير والفرزدق" للدكتور محمود غناوي الزهيري، وكتاب "نفائس المخطوطات" تحقيق محمد حسن آل ياسين، وكتاب "انطوان تشيخوف" ترجمة شاكر خصباك، وهو من منشورات مجلة "الثقافة الجديدة"، بغداد، 1954، وكتاب "عوامل نشوء وتطور تشريع العمل الحديث" لهاشم جواد، وكتاب "الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية" للدكتور صلاح الدين الناهي، وكتاب "الشرق الأوسط في مؤلفات الأميركيين" جمع الدكتور مجيد خدوري، وكتاب "من يوم إلى يوم" لعبدالمجيد الو نداوي.

وكتاب "مؤتمر المعلمين العالمي" جمع محمد علي البناء، وكتاب "مقررات مؤتمر الطلبة العالمي الثالث" جمع عدنان صالح.

وأخيرا، لابد لي أن أؤكد، وأنا معروف بتوجهي العروبي القومي، بأن مجلة "الثقافة الجديدة" في كل مراحل تاريخها، كانت مصدراً مهما من مصادر تكويني الثقافي والفكري، فلقد احتفظت، بإعداد كبيرة منها في مكتبتي. كما لازلت أحرص على اقتناء الأعداد الجديدة منها. ويقينا إن هذا لم يكن مقتصرا عليّ أنا وإنما على جيل واسع من المثقفين العراقيين.

في السبعينيات من القرن الماضي، كانت "الثقافة الجديدة" تصدر بورق رخيص وبمواد غنية، وكان صاحب الامتياز الدكتور صفاء الحافظ، أما رئيس التحرير فكان الدكتور مكرم جمال الطالباني، وتولى إدارة التحرير شمران يوسف محسن الياسري.

ومما قرأناه في أعدادها آنذاك، مقالات ودراسات جادة ورصينة منها على سبيل المثال: ملاحظات عن مسيرة الإناث 1958-1978، الجذور الطبقية للعنصرية وطبيعتها، حماية البيئة من الثلوث في البلدان الاشتراكية، هوامش على قانون الأحوال الشخصية، تولستوي والنقد الأدبي، نحو ترسيخ وتطوير التحولات الاقتصادية والاجتماعية النقدية في الريف والزراعة العراقية، والمغزى الاجتماعي والسياسي للتأميم في البلدان المحررة حديثا، حول نمط الإنتاج الآسيوي، الأزمات الاقتصادية الرأسمالية، في الفن الروائي والواقعية الجديدة، دبلوماسية السلم وقضية تعريف العدوان في القانون الدولي.

بالإضافة إلى المدخل إلى المنهج: نحو مواقع تاريخية في الفكر العربي الوسيط، حول حركة الزنج والأصالة الثورية، تربية الأطفال قبل المدرسة في بعض البلدان الاشتراكية، السياسية الدولية والمعايير الأخلاقية، من أجل اشتراكية نفطية في خدمة التنمية العربية الشاملة، نزع السلاح مهمة ملحة، بواكير الحركة الوطنية والتقدمية في العراق في لقاء مع الأستاذ حسين جميل أجراه الدكتور صفاء الحافظ، الواقعية الاشتراكية خطوة جديدة في التطور الفني للإنسان، الكلمة والبناء .. وأبو الطيب (المتنبي)، تنظيم المقاومة ضد مؤامرات الاستعمار الجديد، دراسات في الجبهة الوطنية، المثقفون والرأسمالية، اتجاهات جديدة في الزراعة الاشتراكية، التحالف بين الدولة والاحتكارات، الرواية التسجيلية، الطبقة العاملة والمثقفون بمنظور الماركسية - اللينينية، الفلسفة الوضعية هل هي فلسفة العلم حقاً، الأساس المادي لتطور منهج البحث التاريخي ومستلزمات المرحلة الراهنة، موقع الأهزوجة في حركة سوق الشيوخ.

فضلا عن ديوان الأغاني الغجرية بين الكد والبحث المخلص، مقدمة في علم النفس الماركسية، التعليم العالي في ظل الاشتراكية، المجلات الأدبية الثقافية سلاح فعّال بأيدي الشعوب، النفط من أجل التنمية، منهج ابن خلدون الفلسفي في البحث العلمي، هزائم الفاشية في أوروبا وقطر اليمين المتطرف، المكننة الزراعية في العراق.

ومن الذين حرروا المجلة في تلك المرحلة نعمان عبدالله، وحياة شرارة ورشدي العامل، وحسين الجليلي وجودت الشمري، وانتصار جواد والدكتور محمد علي الماشطة، وعبدالهادي الراوي، وعزيز محمد، وخلف الدواح، والدكتور جعفر عبدالغني، والدكتور نمير العاني، والدكتور عبدالمطلب صالح، والدكتور زهدي الداؤودي، وقاسم عبدالأمير عجام، وياسمين النصير، وعبدالزهرة العيفاوي، وعلي التلعفري، وشمران الياسري والدكتور كاظم المقدادي، وكريم مناحي الصريفي، وجاسم محمد الحلوائي، وعز الدين المناصرة، وسليم عبدالأمير حمدان، ويحيى علوان، والدكتور خالد السلام، والدكتور كاظم حبيب، ومحمد الجزائري، والدكتور عصام الزعيم والدكتور حسين قاسم العزيز وأحمد صادق سعد والدكتور حسام يحيى الدين الآلوسي وهادي العلوي، وباقر إبراهيم وعزيز سباهي والدكتور عبد الحسين شعبان، ومدني صالح، وإبراهيم عبدالحسين، ومصطفى عبدالله والدكتور شريف أحمد طه.

وتواصل "مجلة الثقافة الجديدة" في الوقت الحاضر صدورها، ويترأس تحريرها الدكتورصالح ياسر ، ولها (مجلس تحرير) يضم الأساتذة حمدان يوسف وحيدر سعيد ورائد فهمي وزهير الجزائري وسامي خالد وسعدي يوسف وعزيز سباهي وغانم حمدون الفريد سمعان ومهدي محمد علي وهادي محمود.

ويكتب فيها باحثون وكتّاب مهتمون بالفكر العلمي والثقافة التقدمية منهم الدكتور عامر حسن فيّاض، والدكتورة آمال شلاش، والدكتور كاظم جواد لفتة والدكتور كاظم المقدادي، وعبداللطيف زرنة جي، وعدنان الجنابي، وعلي رجب، والدكتور جليل العطية، ومهدي محمد علي، وفيصل لعيبي، وعبدالخالق محمود، وبلقيس حميد حسن، وسامي العامري، وفلاح الجواهري، وكامل شياع، وكزار حنتوش، وعشتار محسن سعدون، وشاكر عبود، ووفاء عبدالرزاق، ورشيد طيوف، وفاضل السوداني، وعزيز سباهي، وعلي العقابي، وهادي محمود، وجميل الشبيبي، ووليد جاسم الزبيدي، وصالح ياسر، وفائق بطي، ولطفي حاتم.

وتصدر المجلة بين الفينة والأخرى ملفات متخصصة منها الديمقراطية والتجديد في الحزب الشيوعي العراقي، وملف النفط وخيارات المستقبل وملف مجلس الحكم.

وإذا كانت المجلة في مراحل تأسيسها وتطورها الأولى تصدر بورق رخيص وبإخراج بسيط، فإنها اليوم تصدر بورق صقيل وبإخراج جميل، لكن المهم هو أن تظل المادة المكتوبة فيها تعبر عن هدف المجلة وهو تقديم كل ماهو مفيد وممتع لقرائها ومتابعي ما تنشره من مقالات ودراسات وتقارير وملفات ونصوص إبداعية وبحوث فكرية وثقافية وفنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وسياسية.