المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمن يعشقون أوطانهم بنقاء .



عبدالعزيز الرواف
30/05/2009, 03:54 PM
إنهم يعرفون الواقع أفضل من كل الأنقياء ، ولذلك عندما كان الأمس البعيد يومنا جميعا استلبوه منا وعاشوا فيه ، وعاثوا فيه إذ ذاك فسادا ، فكان أن أصبح يومنا هشيما ، وواصلوا غيهم فجعلوا من أمسنا القريب يوما لهم يمرحون فيه ، يتناسلون كصراصير تعيش في رطوبة النتانة منذ عصر الإنسان الحجري ، في أمسنا البعيد والقريب تكاثروا وتغلغلوا بيننا ، لبسوا دثارنا فاختلط تبيان الأمور حولهم ، فانساق كثيرون وراءهم .
لقد صاروا في واقع الحياة ، أقرب من حبل الوريد ، يجيدون إلباس الحقيقة ثوبا ليس ثوبها ، يزمرون ، يطبلون ، يرقصون على عقول وأفكار تسعى لاحتواء الجميع بحب ، لكنهم بلزوجتهم الدبقة يتحولون مع كل تحول ، وينحنون لكل العواصف ، ويخلقون من الأنقياء أعداء ، ويخفون صورهم في ظلمات ظلمهم ، لايتورعون عن فعل كل موبقات التاريخ ، فقط ليكونوا دائما في دائرة الاهتمام ، لايشبعون ، لا يقتنعون ، يكرهون الضوء الباهر ، لذلك لا يعملون تحت الشمس أبدا .
منذ عقود يبحث الأنقياء في بلادي عن أثر لكل طيب ، يتبعون كل بؤر الضوء التي ترسم نهجا ، ويلحقون بكل منارة تشع بنور الحقيقة ، يفرحون ، يتقاطرون زرافات ووحدانا إليه وحوله ، لكن صراصير العصر الحجري تنبثق من كوة نسى الطيبون إغلاقها بإحكام فتعم اللزوجة الطاردة كل مكان طيب جميل ، ومن ثم تبدأ نتانتهم في طرد كل الأنقياء ، وإلباس ثوب العفونة لكل هدف جميل ، ليستمر ضياع يومنا الذي كنا ننتظره بالأمس غدا رافلا بكل شذى طيب للوطن الحبيب .
يراهنون دوما على طيبة أبناء الوطن ، فالطيبون ينسون الإساءة بسرعة ، يغفرون ، يأملون بأن الغد سيأتي وربما يغير من واقع الحال الذي تردى بسبب عفونة راكبي كل غد ، وملوثي كل جميل ، لذلك أخشى ياوطني أن يستمر غي الصراصير ، لأن القضاء عليها لم تجد معه كل مبيدات الطيبة التي دلقناها فوقهم لعلهم يرتدعون ، ولذلك ياوطني صار حذاقك يجيدون تحويل الأسطر تحت العناوين كي تتلاءم مع خصوصيتهم العابقة بكل ما يسيء لك ولأفكار محبيك .
ياوطني أنهم يحذرونك من أعداءك لكي نصدقهم ونسمح لهم بأن يفترسوا المخلصين من أبناءك ، دليلنا أيها الغالي ما رسم على صفحات خدك البهي من ممارسات لحب سادي ظنوه أنه هو الحب الوحيد والأبدي ، ومنعوا عن الكثيرين ممارسة حبهم بطريقة توافق كل طيب وجميل من الفكر ، يرسمون ألوانا زاهية ويطمرون في تجاويفها عفن ممارساتهم التي ألجمت الكثيرين عن حبك وتواروا خوفا أو إيثارا لسلامة تضاريس وجهك الطيب ، أو محافظة على أواصر ود تربطهم بك منذ أن كانوا مضغة في رحم حبك الذي يسع الجميع ، والذي أصبح من تراكم عفونة الممارسة الخاطئة أضيق من سَم الخياط .
ياوطني نحن جميعا أبناؤك ، كلنا نحبك ، لكننا مثل كل الأبناء ، فينا المخلص الذي يضع رضى والديه فوق كل اعتبار ، وهناك من يرتضي مصلحته ضاربا برضى والديه عرض كل حائط مستقي تلك الغضبة الإلهية منذ عهد قابيل وهابيل ، ولذلك دائما تجد الأنقياء من أولادك يأملون في غد جميل دائما يستوعب الجميع ، ويرضون بكل قليل مقابل نصاعة خدك الجميل ، لايهمهم أن يكونوا في أول الصف أو أخره ، فقط يريدون للجمال أن يعم كل تقاسيم جسدك الجميل ، وأن يكون الكل في حضنك آمنين ، يبيحون بكل مشاعرهم في حضرتك دون أن يترصدهم خوف أو يطالهم إقصاء ، صحيح قد يعاني الأنقياء لكنهم يحبونك رغم كل شيء ورغم شقاوة وجنون بعض أولادك الذين ظنوا أن اختلاط الحابل بالنابل هو أفضل لهم ، وصاروا يملون هواجس الخوف على الجميع لكي يوهموهم بأن كل تغير في المسالك يورد المهالك ، مع أن عالم اليوم لايرحم من لايدخله بسلاح الجموع التي تعشق الوطن ، وأول علامة صدق على الحب هو أن تصدق نفسك والمحيطين بك .