المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكندي.. فيلسوف فلاسفة العرب (185-256 هجري / 805-873 ميلادي



محمد خلف الرشدان
31/05/2009, 12:58 AM
مؤسس الفلسفة الإسلامية و فيلسوف فلاسفة العرب هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي،ويعرف عند اللاتينيين باسم Alkindus فيلسوف وطبيعي وكيميائي وفلكي وموسيقي ورياضي اشتهر في (القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي). و هو أول من وصف مبادئ ما يعرف الآن بالنظرية النسبية، ففي حين أعتبر علماء االميكانيك التقليديين (غاليليو ونيوتن) الوقت والفراغ والحركة والأجسام قيما مطلقة، قال الكندي ان تلك القيم نسبية لبعضها البعض كما هي نسبية لمشاهدها.
كتب اسمه بأحرف من ذهب في مجال الفلسفة حتى عرف باسم "فيلسوف العرب". ولد بالكوفة (لأسرة عربية أصيلة تمتد أصولها إلى قبيلة كندة. وكانت أسرته ثرية، فكان أبوه حاكما لإمارة الكوفة أيام الخليفة محمد المهدي وولديه الهادي والرشيد،

وقد تلقى في صباه التعليمَ الكثير؛ حيث حفظ القرآن الكريم ودرس الفقه وكذلك الحساب واطلع على علم الكلام، ولما كبر انتقل إلى الإقامة في "بغداد" ومال إلى دراسة العلوم والفلسفة ومن وقتها لم يترك هذه الدراسات حتى أُطلق عليه لقب "فيلسوف العرب".
وقد تُوفي في العام 256هـ الموافق 873م بعد أن ترك للفكر الإسلامي ذخيرة فلسفية فكرية ما بين كتب وأفكار وفلسفة وإبداع .

أسهم الفيلسوف الكندي في العلوم الإسلامية والفلسفة والرياضيات والفلك حتى عُرف بـ"مؤسس الفلسفة الإسلامية"، وقد كان يترجم الكتب ويراجعها ويلخصها حتى أسَّس الفلسفة الإسلامية بعد أن كانت هذه العلوم حكرًا على السريانيين، وقد بلغت شهرته العلمية والفكرية الآفاق إلى الدرجة التي دفعت الخليفة العباسي "المعتصم بالله" أن يندبه لكي يعلم ابنه العلوم والفنون المختلفة، وقد اعتبره البعض أبرز علماء عصره في العلوم القديمة والحساب.

كان الكندي غزير التأليف، وقد اختلف المؤرخون والموثقون حول عدد كتبه ، فمنهم من قال بأنها 240 كتاباً ، ومنهم من زادهم إلى 280 كتاباً، وعلى الرغم من ضخامة هذه التقديرات إلا أن بعض هذه المؤلفات كان من الحجم الصغير الذي يتجاوز عدة صفحات، وقد قام ابن النديم بتصنيفها إلى 17 نوعًا.

ومن أبرز كتبه "الحث على تعلم الفلسفة" و"ترتيب كتب أرسطو طاليس" وذلك في الكتب الفلسفية، أما في كتبه الهندسية ما كتبه في أغراض "إقليدس" ورسالته في شروق الكواكب وغروبها بالهندسة، كما ألف كتبًا في الجدليات حيث تولى في العديد منها الرد على المذاهب غير الإسلامية، ومنها كتابه في الرد على "الثنوية" الذين يدعون بوجود قوتي الخير والشر في العام وأن الحياة الإنسانية ما هي إلا صراع كبير بينهما، وكتابه في نقض مسائل الملحدين، ولا يتسع المقام لذكر كل ما أبدعته قريحة الفيلسوف الإسلامي الأكبر والأول.

كانت الفلسفة عند الكندي هي طلب الحق، وهو ما يعني التعرف على حقائق الأشياء، وقد أكد الكندي أن هناك حقًا أول هو الله سبحانه وتعالى والذي خلق كل الأشياء والذي يحركها ولا يتأثر بها، وبالتالي افترق عن الفيلسوف الإغريقي أرسطو الذي لم ينزه الذات الإلهية في تصوراته الفلسفية.

وأكد الكندي أيضًا أن الغاية من الفلسفة هي التعرف على الخالق سبحانه وتعالى، أي أنه جعل الفلسفة وسيلة لا غاية في حد ذاتها، كما جعلها أسلوبًا من أجل تقوية إيمان المرء بالله تعالى، وبالتالي ساهم في التوفيق بين الفلسفة وبين الدين، منهيًا الصراع الطويل الذي دار بين العلماء والفقهاء والفلاسفة في الفكر الإسلامي حول هذا الموضوع؛ حيث أشار إلى أن الدين يستند إلى الوحي ويدعو الإسلام إلى إعمال العقل من أجل تقوية إيمان المرء، ولما كانت الفلسفة تدعو إلى الاعتماد على العقل أيضًا فلا يكون هناك تعارض بينهما، وإنما الفلسفة تعتبر أداة من أدوات الإنسان من أجل الإيمان.

وقد اهتم الكندي بالفلسفة لدرجة أنه جعلها تشمل كل العلوم وقسمها 3 أقسام وهي العلوم الرياضية والتي ينبغي أن يبدأ بها التعليم، والعلوم الطبيعية ثم العلوم الإلهية التي اعتبرها أعلى العلوم التي توصل إليها الإنسان , أيضًا عمل الكندي على الاهتمام بدور الأخلاق في بناء الحضارة الإنسانية.

وبعد كل هذه الإسهامات في مجال العلم عامة وفي مجال الدراسات الفلسفية تحديدًا، يمكننا أن ندرك أسباب تلقيب الكندي بلقب "فيلسوف العرب"؛ حيث وفق بين الفلسفة والدين في الإسلام، ووضع للعقل دوره الحقيقي والأساسي في عملية إيمان الإنسان وإدراكه لحقيقة ذاته وعالمه ودينه، وإلى جانب ذلك كله أسس المنظومة الكبيرة المسماة بـ"الفلسفة الإسلامية" التي ازدهرت بعد ذلك وأصبحت ركنًا أساسيًا في الثقافة الإسلامية، وحمل من بعده لواءها العديد من كبار الفلاسفة مثل "ابن رشد"، وفي عصرنا الحالي الدكتور "زكي نجيب محمود".

توفي والد الكندي وهو ما يزال صبيا فنشأ الكندي يتيماً، إلا أنه رأى آثار أبهة الإمارة، وورث بالكوفة بيتا كان من أفخم الدور، ثم انتقل إلى بغداد حيث تعلم الفلسفة وما يتصل بها من علوم طبيعية ورياضية. ولما كانت هذه العلوم في أيدي فئة قليلة من السريان فقد عكف على أخذها من أصولها فتعلم اللغتين اليونانية والسريانية، إلا أنه لم يكن يترجم عنها بنفسه، بل كان يعالج ترجمة النقلة ويصلحها. كما درس العلوم الشرعية فأخذ الفقه عن الإمام أبي حنيفة والقضاء عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى. ثم انتقل الكندي إلى بلاط المأمون والمعتصم، فنال حظاً كبير باطلاعه على العلوم المختلفة، وقد انفرد الكندي عن كل فلاسفة عصره بمحاولاته الجريئـة في الجمع بين أصول الفقه والعلوم العقلية، والتي مكنته من كتابة رسالة في التوحيد مبنية على طرق أهل المنطق.
قرّب المعتصم بالله الخليفة العباسي الكندي، وكان معجبا بسعة علمه وتعدد معارفه، وعهد إليه بتأديب ابنه أحمد، وقد أهدى للمعتصم كتابه الأول المؤلف في الفلسفة، كما أهدى لابنه أحمد كتبا عديدة من مؤلفاته.

ولقد عاش الكندي في دار الخلافة فعمل في خدمة الخلفاء وعلاجهم، واستطلاع التوقعات الفلكية لهم، كما عمل في ديوان الخراج، ونظرا لسعة معارفه كان يجلس أيضا لمنادمتهم.
ولقد ساعدته حياته في كنف الخلفاء على جعله أرسطقراطيا في حياته وفي مجالسه وفي تفكيره، وهذا ما جعل عددا كبيرا من كتاباته العلمية تخدم اهتمامات بلاط الخلافـة .
ولقد حافظ الكندي على مركزه في بلاط خلفاء سامراء، فكان يحضر المجالس العلمية التي اعتاد الواثق بالله أن يعقدها ويحضرها كبار الأطباء والفلاسفة، ثم جاء الخليفة المتوكل بعد الواثق فقرب الكندي إليه وقدمه في بلاطه، مما أثار عليه حسد الإخوة بني موسى ، إذ كان يعز أن يتفوق عليهم غيرهم في بلاط الخليفة. فسعوا في الوشاية به لدى الخليفة المتوكل، مما ترتب عليه أن صادر الخليفة مكتبته، والتي يعتبرها الكندي أكبر مصيبة حلت به في حياته كلها، وقد شاء الله أن أعيدت له المكتبة مرة أخرى.

لكن الكندي لم يعد إلى سابق عهده في قصر الخلافة، فمات بعد سنوات قليلة مجهولا مغمورا بعد أن عاش ما يقرب من سبعين سنة. وذكر في وفاته إنه كان يشكو ألما في ركبتيه وكان يعالج ذلك بالشراب العتيق، ولما كف عن تناول استخدام شراب العسل لم ينفعه، فقوي المرض عليه فأوجع العصب وجعا شديدا، فأتى الألم إلى الرأس والدماغ فكان سبب موته.

وتتركز شهرة الكندي في حقيقة أنه كتب في شتى فروع المعرفة، فقد صنف في الفلسفة، والسياسة، والأخلاق، والرياضيات، والبصريات، والموسيقى، والفلك، والجغرافيا، والمعادن، والكيمياء، والهندسة، والطب، وعلم النفس. وقد أودع جميع مؤلفاته في مقالات ورسائل وصلت في مجموعها إلى (250) مؤلفا منها رسالته في صناعة الزجاج ، والجواهر ، والعطور ، والموسيقى .
والجدير بالذكر أن العلماء العرب لم يكونوا متخصصين بل موسوعيين أي متعددي التخصصات وهذا دليل على مدى تمكنهم واجتهادهم وقدرتهم على البحث وجمع المعلومات وعمل الابحاث في كل التخصصات.

أدرك الكندي أهمية الرياضيات في العلوم الدنيوية فوضع المنهج الذي يؤسس لاستخدام الرياضيات في الكثير من العلوم، فالرياضيات علم أساسي يدخل في الهندسة والمنطق والحساب وحتي الموسيقى وقد استعان الكندي بالرياضيات وبالسلم الموسيقي اليوناني الذى اخترعة فيثاغورث، ليضع أول سلم للموسيقى العربية مسميا العلامات الموسيقية.و هو أول من وصف مبادئ ما يعرف الآن بالنظرية النسبية، ففي حين أعتبر علماء االميكانيك التقليديين (غاليليو ونيوتن) الوقت والفراغ والحركة والأجسام قيما مطلقة، قال الكندي ان تلك القيم نسبية لبعضها البعض كما هي نسبية لمشاهدها.
و يلقب الكندي ايضا بفيلسوف العرب بل مؤسس الفلسفة العربية الإسلامية كما يعده الكثيرون،، و عده ( كاردانو)من الإثني عشر عبقرياً الذين ظهروا في العالم وهو عالم موسوعي، فإضافةً إلى شهرته كفيلسوف، فقد كان عالماً ب الرياضيات، والفلك، والفيزياء، والطب، والصيدلة، والجغرافيا. كان كمعظم علماء عصره موسوعيا فهو رياضي و فيزيائي و فلكي وفيلسوف إضافة إلى أنه موسيقي، حيث يعتبر الكندي واضع أول سلم للموسيقى العربية\ منقول