المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من سيقتل عمر القاسم



د. فايز صلاح أبو شمالة
09/06/2009, 08:38 AM
من سيقتل عمر القاسم؟
د. فايز أبو شمالة
غيمة سوداء حطت على المكان، وأمطرتني حزناً، ليغمرني الذهول، وأنا أسمع في "معبار" سجن الرملة من السجين "يحيى أبو سمرة" أن "عمر القاسم" قد استشهد، لم أصدق الخبر، فعمر القاسم ذو الجسد الرياضي، ويجري على رأس طابور الصباح في باحة سجن عسقلان، بينما كنت، وأمثالي نلهث في آخر الطابور! فكيف استشهد عمر؟ لقد أرسلت له قبل شهر شعراً بمناسبة مرور عشرين عاماً على اعتقاله، وكان أول سجين فلسطيني يجتاز خط العشرين سنة، أرسلت له من سجن نفحة إلى سجن عسقلان كلمات مودة، وتقدير أنبتت الفرح في قلبه كما قيل لي، كلمات قرأها كثيراً في سجنه، وبصوت مرتفع، أذكر منها:
عشرون عاماً يا عمر!
عشرون عاماً قضُّها وقضيضُها
لا صيفُها ألقى عصا ترحاله
وشتاؤها ما زال في إبكاره
والأرضُ عطشى للمطر
عشرون عاماً يا عمر!
وما زلت أذكر ذاك اليوم الذي عرّفني فيه السجين "محمود الكسبة" ابن القدس على الشهيد عمر القاسم في سجن الرملة، وقد كان برفقته السجين يحيى أبو سمرة، ومن مفارقات القدر أيضاً أنني صافحته من خلف القضبان، لنلتقي بعد ذلك في سجن عسقلان، ونصير صديقين قريبين من بعضنا لأكثر من عام، لأصافحه مودعاً عند انتقالي إلى سجن نفحة، وعلى غير المألوف من خلف القضبان.
ذات يومٍ زاره في سجنه "اسحق نافون" رئيس دولة إسرائيل، وقال له: سيد "عمر" أنا وأنت من مواليد القدس، ربما أكبرك بعشرين عاماً، وسياسي مثلك، ولا شك أنك تعرف مكانتي في إسرائيل. أنا أحترمك سيد عمر، وأريد أن أصل معك إلى حل يرضينا.
قال له عمر القاسم: إلى ماذا تريد أن تصل مع رجل له عشرون عاماً في السجون؟
قال اسحق نافون: أريد منك فقط أن تدين الإرهاب، وأن تعترف بدولة إسرائيل، وتتعهد بعدم القيام بأي نشاط سياسي مقابل الإفراج عنك والسماح لك بالإقامة أينما شئت حتى في القدس.
أجاب السجين عمر القاسم: سيد نافون لك منصبك، وعرشك ولنا سجوننا، ولا تظن أنني لا أحب الحياة والحرية ولا أكره السجون، ولكنني يا سيد نافون لن أساوم !‏
ذات يوم قلت لعمر القاسم في باحة سجن عسقلان: أنت أحسن حالاً مني يا عمر، فلا ولد يشغل بالك، ولا طفل يضرب عصب وجدانك. فقال عمر: بل أنت أحسن حالاً مني، صحيح قد يشغل قلبك فراق أطفالك، ولكنك لو مت، سيظل اسمك، وستجد من يحمله، بينما أنا لو مت: فمن سيحل اسمي؟ تنهد عمر وهو يقول: يا ليت لي ولداً!.
لم يخرج عمر القاسم من السجن إلا شهيداً بعد واحد وعشرين عاماً، ومع ذلك ظل اسمه حياً، يحمله كل شهيد، وكل أسير، وكل جريح، وكل امرأة فلسطينية تقسم بالله العظيم أنها لن تتخلى عن المقاومة، ولن تعترف بإسرائيل، ولن تساوم على حبة رمل من فلسطين.
فمن المجرم الذي سيقتل عمر القاسم؟

fshamala@yahoo.com

احمد محمود القاسم
09/06/2009, 10:53 AM
http://الأخ الفاضل والغالي والرائع د. فايز ابو شمالة
اجمل وارق التحيات وأعطرها الى شخصيتكم الرائعة والأبداعية ، والى قلمكم الماسي، واصابعكم الذهبية، التي خطت هذه الكلمات الرائعة والأبداعية والعظيمة، عن شهيد قائد بحجم القائد عمر القاسم، رجل وقائد القضية الفلسطينية، الذي عايشته كرفيق وكصديق درب نضال طويل في السجون الصهيونية النازية، حقيقة لا يفهم الرجال العظماء الا عظيما مثلهم، كلماتك وسردك لجزء من حياة الشهيد القائد في سجون الأحتلال الصهيوني النازي، كانت حقيقة مؤثرة جدا،اتذكر كلمة لأخي الشهيد قالها لي مرة عن الصهيونية: انتم ربما سمعتم او قرأتم عن الصهيونية ، ولكننا نحن داخل السجن، فانها تمارس علينا اربع وعشرون ساعة في اليوم، وقال لي ايضا في رسالة اخرى: رغم ما نعانيه من اليهود الصهاينة وممارساتهم ضدنا، وما يتركونه من اثر سلبي على بناتنا واولادنا ونساءنا وشيوخنا، لكننا لن نتعامل معهم بالمثل، فنحن لدينا قيم واخلاق ودين يمنعنا من معاملتهم بالمثل، سنتعامل معهم ضمن المفاهيم السائدة، بما يخدم القيم والمباديء الأنسانية، وقال لي ايضا اكثر شيء نستمتع به في السجن، اننا نشعر اننا نقيم على ارض الوطن، تحياتي حارة وعميقة د. فايز ابو شمالة والى شهيدنا القائد عمر القاسم المجد والخلود في السموات والأرض.

saleh_alqasim
09/06/2009, 11:46 AM
يموتون لنحيى ، ونحيى لكي لا ننسى فلسطين

د. فايز صلاح أبو شمالة
11/06/2009, 04:54 AM
أخي أحمد محمود القاسم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكأنك في ردك تعيد إلى الذاكرة من جديد
وكأن في ردك أخاطب الشهيد عمر
حقاً، أحياناً لا نجد كلمات نعبر فيها عن الوجدان
ونؤثر الصمت، وأحياناً نسرد ببراءة ما حدث دون زيادة أو نقصان
كان عمر صديقي، وكنت آنس إليه، وكان يرتاح لي، ربما للعمر المتقارب، وربما للمهنة الواحدة، فكلانا عمل مدرساً قبل السجن
ولكن لي سؤال، وإن كان متأخراً عشرين سنة:
ما مصير أم عمر، أما زالت على قيد الحياة؟
من سكن وجدان امرأة انتظرت ابنها عشرين سنة، وعاد، عاد في كفن
من رتب شرايين قلبها، وظفر جدائل حزنها؟ من غسل وجه الخبر بالشفافية قبل أن يلقيه في حجرها؟
كيف نظرت إلى عمر قبل أن يوارى الثرى؟ هل نظرت أم عمر في لحظةٍ كالبرق في وجه عمر؟
رحمك الله يا عمر، ورحم من عرفك، ورحم من أحبك، ورحم الله من انتظرك لتعود على قدميك، فإذا به يعود ممداً على ظهره،
لكم أحب الحياة عمر، وترك الحياة عمر
احترامي، وحزني

احمد محمود القاسم
13/06/2009, 03:47 PM
الأخ الفاضل د. فايز المحترم
اشكرك مرة اخرى على تعليقك العاطفي والوطني على شقيقي الشهيد عمر، حقيقة من عايشه يعرفه جيدا ، حتى من سمع او قرأ عن الشهيد وسيرته واحداث مثيرة من حياته عرف الشهيد، لقد الفت كتابا عن حياة الشهيد/ ذاخر بالأحداث المثيرة، يتضمن الكتاب عشرات الكلمات المؤثرة من زملائه بالسجن وخارج السجن، وعشرات من القصائد كتبت عنه، وعشرات الأغاني غنيت له، اعتقد انك عايشت الشهيد اكثر مما عايشته أنا شخصيا، ولا شك انك تعرف عنه الكثير، اما والدة الشهيد أم عمر فقد اعطتك عمرها في العام 1991م وتم دفنها مجاورة لقبر ابنها البار الشهيد القائد، تحياتي لك حارة وعميقة د. فايز وارجو قبول فائق تقديري واحترامي

عائشة صالح
13/06/2009, 05:25 PM
رحم الله الأسير المحرر في جنات الخلد واسكنه في عليين

بوركت أخي الكريم على كل ما تقدمه من مواضيع حول القضية الفلسطينية.

كل الناس لهم وطن يعيشون فيه ... إلا نحن فالوطن يعيش فينا
لن نركع ولن نستسلم وستبقى فلسطين للفلسطينيون وسيخرج الغازي المحتل مهما طال الزمن
عائدون لك يا فلسطين عائدون .. عائدون ...عائدون
حتماً سننتصر

احمد محمود القاسم
14/08/2009, 05:24 PM
الأخت الفاضلة عائشة
احييك اجمل واطيب التحيات على مرورك الكريم على الموضوع وعلى تعليقك الرائع والعاطفي والعظيم، احييك على مشاعرك الصادقة والوطنية والمعبرة والأصيلة والتي تعيش في كل قلب امراة فلسطينية رائعة وعظيمة امثالك، ارجو سيدتي قبول فائق تقديري واحترامي.