المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد يونس وبنك جرامين يستحقان جائزة نوبل "للاقتصاد" مع "السلام"



د.حمزة ثلجة
13/01/2007, 09:24 AM
الأحبة الأفاضل :
أعجبني هذا المقال في صحيفة الاقتصادية الإلكترونية وأود تسليط الضوء عليه وعلى تجربة البرفيسور البنغالي محمد يونس ومعرفة رأي الاختصاصيين من الزملاء في تجربته بعيدا عن الضجة الإعلامية فهل تجربته هي تجربة قابلة للتطبيق كنموذج في أماكن أخرى من العالم وما تأثير تجربة كهذه على المجتمعات؟
وهل تعتبر بديلا للحلول التنموية التي تقدمها القطاعات الرسمية ؟

مصدر المقال * صحيفة الاقتصادية الالكترونية - انقر هنا (http://www.aleqt.com/2006/10/18/article_6741.html)*
المقال بقلم *نبيل بن عبد الله المبارك انقر هنا (http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=3552)*
http://www.aleqt.com/admpic/456.jpg
محمد يونس وبنك جرامين يستحقان جائزة نوبل "للاقتصاد" مع "السلام"

لا يوجد خطأ في العنوان وأعلم أن محمد يونس حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع بنكه بنك جرامين. لقد تابعت أخبار المصرف منذ منتصف التسعينيات والجهود التي يبذلها في تحقيق التنمية في بيئة مدقعة الفقر إلى درجة أن لا أمل في إحيائها أو نهوضها حسب المفاهيم الرأسمالية القائمة. وهنا لديّ عدد من العبر التي يمكن أن نستخلصها من تجربة محمد يونس وبنك جرامين اللذين تمتد تجربتهما لأكثر من 30 عاماً، أود مشاركة القراء الأعزاء لعلها تكون مصباح إضاءة لنا جميعا في هذا الشهر الكريم وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك حيث تعترف الرأسمالية الغربية بما قدمه محمد يونس وبنك جرامين في سبيل الفقراء المعدومين ولكنه اعتراف منقوص حيث كان يجب أن يكون في علم الاقتصاد قبل السلام وهي حقيقة أن هناك أملاً في رؤية أنظمة اقتصادية جديدة تختلف عن الرأسمالية المعروفة.
1. في ظني أن الجائرة المقدمة للعالم الاقتصادي محمد يونس كان يجب أن تكون في الحقل الاقتصادي وليست في حقل السلام فقط. فالسلام نتيجة حتمية إذا ما توافرت عناصره، ومحمد يونس لم يعالج السلام بالسياسة لكنه عالج أسباب فقدان الحقيقة وعلى رأسها الفقر وفقدان الأمل، وعلاجها يكون بالاقتصاد ولكن بمفهوم جديد وليس بمفهوم رأسمالي بحت.
2. منح جائزة السلام التي كنت أتمنى أنها كانت في الحقل الاقتصادي قبل السلام لتجربة محمد يونس الاقتصادية والممتدة لأكثر من 30 عاماً هو اعتراف بفشل المعالجات التي تأتي من أكبر مؤسسات مالية عالمية وهي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تساعد أن على الفقر واستمراره بجدارة وليس العكس، والتجارب التي عاشتها الدول التي حاولت تلك المؤسستين الدوليتين مساعدتها هي أكبر دليل على هذا الفشل الذريع رغم ما تتمتعان به من قدرات فنية ومالية ضخمة لم تكون متوافرة لتجربة محمد يونس في بلده بنجلادش. والنتيجة أن مقترحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تزيد الفقير فقرا والغني غنا بينما، تجربة محمد يونس تعطي إضاءته في إمكانية التنمية الحقيقية ولكن ليس بالمفاهيم الرأسمالية المعتادة ولكن بقليل من الإبداع والتفكير المستقل.
3. منح جائزة نوبل لتجربة بنك جرامين هو أيضا إضاءة على فلسفة القطاع المصرفي عالميا والدور الذي يمكن أن يلعبه هذا القطاع في التنمية العالمية وأيضا في تحقيق الأرباح وهي المعادلة التي كانت وما زالت في نظر البعض لا يمكن أن تتساوى مهما بلغت الاجتهادات. هذا محمد يونس لديه بنك يحقق نحو 98 في المائة نسبة تسديد الديون لبنك لا يطلب أي ضمانات لشعب لا يملك أي شيء. فيما المصارف في العالم كله ومع الضمانات التي تطلبها من عملائها حيث لم أشاهد بنكاً في حياتي يحقق هذه النسبة أبدا، والتي تكون مقبولة لدى الجهات الإشرافية والرقابية على القطاعات المصرفية حول العالم إذا ما كانت في حدود أقل من 10 في المائة.
4. منح جائزة نوبل للسلام لهذه الشخصية سوف يزلزل النظريات الاقتصادية القائمة في النظام الرأسمالي وهو السؤال الذي سأله محمد يونس نفسه قبل 32 سنة بعد المجاعة المدمرة التي اجتاحت بلاده "كيف يمكن للنظريات الاقتصادية الحديثة توفير العدالة الاجتماعية للفقراء؟". إذا كان مفكرو الغرب، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي بدأوا بالتبشير بنهاية التاريخ ووقوف القطار عند المحطة النهائية وهي محطة الرأسمالية الغربية، فإن محمد يونس وبعض المجتهدين من أمثاله سوف يعلنون ولادة التاريخ من خلال أنظمة اقتصادية أهدافها خدمة البشرية وتوزيع الثروات ليس كمساعدات ولكن كمشاريع للأخذ بالأيدي للنهوض وليس تركيز الثروات حسب نتيجة الرأسمالية في يد ما نسبته 1 في المائة من شعوب العالم بينما 99 في المائة يعيشون في فقر مدقع.
5. منح جائزة نوبل للاقتصادي المسلم محمد يونس الذي أنشأ فلسفة بنك الفقراء - رغم تحفظي على الاسم - تجعل من الذين أنشأوا البنوك والمصرفية الإسلامية يعيدون النظر في هذه المصارف التي لا تزيد ولا تنقص عن المصارف الرأسمالية الغربية من ناحية النتيجة بشيء إلا بأن نسبة أرباحها أعلى وليس أقل بحجة زيادة نسبة المخاطر وهذا كلام غير صحيح! والنقطة الجوهرية التي أود تأكيدها هنا هي أن العمل المصرفي الإسلامي وبكل أسف ركز بشكل ملحوظ على أسلمة شكل المعاملات، كمن يركز على تقصير الثوب وإطالة اللحية وينسى أو يتعمد نسيان الواجبات التي فرضها الإسلام على المسلم أو المنهيات التي نهى الإسلام عنها من صلاة وصيام أو ارتكاب محرمات الزنا وشرب الخمر. الاسم عندما حرم الربا كانت له حكمة اقتصادية بكل أسف اكتشفها الغرب قبل المسلمين الحاليين الذين يرددون حرمة الربا ولا يعلموا لماذا بالمفهوم الاقتصادي الحديث هي محرمة؟ وهو لب الإعجاز في تحريمه بنص صريح من القرآن والسنة من أكثر من 1400 عام. ولكن الواقع يقوم على مجرد ترديد أحاديث وقصص من السلف الصالح لتبرير التحريم. لقد ذكر العالم كنز أبو الرأسمالية الحديثة ذلك في آخر كتبه عندما ذكر أن الحل الوحيد لحل مشاكل الاقتصاد العالمي (يقصد التضخم والكساد والانهيارات المالية) أن يكون سعر الفائدة صفر (يعني الربا حرام)، حيث إن الفائدة هي التي تساعد على ما يسمى في الاقتصاد "خلق النقود" وهو ما يعني زيادة المعروض من النقد مما يؤدي إلى زيادة القوى الشرائية والاستهلاكية وبالتالي النتيجة الطبيعية هي التضخم الذي يكون على الأشخاص القادرين وغير القادرين رغم أن الأشخاص القادرين هم المتسببون في هذا التضخم بسبب نسب الاستهلاك العالية والتي تقودها عجلة الرأسمالية النهمة للكل المستمر. وهو ما شاهدناه في سوق الأسهم نتيجة الاندفاع من قبل العامة للاقتراض من أجل الاستثمار!!! رغم أن معظم تلك التسهيلات كانت تحت مسمى قروض إسلامية، ولكن النتيجة واحدة والانهيار حصل وبالتالي نشأت المشاكل الاجتماعية وكانت هدف الإسلام المحافظة على السلم الاجتماعي داخل الأمة.
6. منح الجائرة لتجربة محمد يونس وبنك جرامين هي أيضا رسالة لصناديق التمويل الحكومية التي تعاني من تدني نسبة التسديد وبالتالي أثرت وتؤثر على استمرارية تلك الصناديق في التمويل. وهي المشكلة التي عالجها محمد يونس إلى درجة أن نسبة السداد تجاوزت 98 في المائة وهي نسبة في بلد مثل بنجلادش تعتبر قمة الإنجاز. والسؤال كيف ذلك؟ على الصناديق التمويلية الحكومية أن تسأل محمد يونس وبنك جرامين عن هذه التجربة!
وهذا غيض من فيض لتجربة امتدت لأكثر من ثلاثين سنة لم يكن الجميع على اطلاع عليها رغم أنها تجربة ثرية وقائمة على عمل الخير بمفهوم تجاري وليس بمفهوم الجمعيات الخيرية التي لا تساعد إلا على استمرار الحاجة إلى الأبد أو مفهوم الرأسمالية الجشعة والإقطاعية.