المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اِبْنُ النَّخْلَة (مصطفى ملح)



مصطفى ملح
10/06/2009, 02:12 PM
اِبْنُ النَّخْـلَةْ

كَأَنّي أَراهُمْ جَميعاً
وهُمْ حَوْلَ مائِدَتي يَسْكُبونَ نَبيذاً
وَينتظِرونَ سُقُوطَ الجَسَدْ
أَرى كَيفَ يَفتَرِسُونَ عَشائي الأَخيرْ
وَينْصَرِفُونَ بَعيداً بَعيداً
وَمَرْيَمُ كالنَّخْلَةِ انْتَصَبَتْ
لَمْ يَشِخْ في ضَفائِرِها زَهْرُ تِلكَ الأَساطيرْ
وَلَمْ يَنْتَحِبْ في مَوانِئِها أَيُّ نَايٍ
بِمَفْرَدِها حَمَلَتْ صَخْرَةَ اللَّهِ
وَاحْتَمَلَتْ مِحْنَةَ الأََهْلِ وَ النَّخْلِ
لَكِنَّها لَمْ تُطِعْ كائِناتِ النَّهارِ الأَسيرْ..
كَأَنّي أَراهُمْ جَميعاً
يُعِدّونَ لي خَشَباً كَاذِباً
وَلِرِجْلَيَّ كُلَّ المَساميرْ..
أَيا عَجَبَاً : أَنَا لَمْ أَمُتْ؛ إِنَّمَا حَلَّقَتْ
في السَّماواتِ رُوحي..
أَراهُمْ بكُلِّ خُطاهُمْ، بكُلِّ حَماقاتِهِمْ
يَصْعَدونَ ِمنَ النَّهْرِ سِرًّا كَعائِلَةٍ مِنْ وُحُوشْ..
... وكانَ عَلى جَبَلٍ شامِخٍ
مَطَرٌ طائِشٌ يَتَهاطَلُ لَيْلاً كَطَيْرِ أَبابِيلْ
وكُنْتُ وَحيداً هُناكَ،
أُنَقِّي فَواكِهَهُمْ من دَمي
وَأُراقِبُ حُرّاسَهُمْ بِحَواسّي جَميعاً
عَسَى جَسَدي .. عَساهُ يَطيرْ
وَمَرْيَمُ ساعَةَ فاجَأَها عُنْفُوانُ المَخاضِ
تَشَرَّدْتُ في بَطْنِها عَشَراتِ السِّنينْ
وَأَدْرَكْتُ أَنَّ نَهاراً قَتيلاً
سَيَرْحَلُ في عَرَباتٍ مُحَمَّلَةٍ بِالحُقولِ
وَرِيشِ الطُّـيُورْ..
وَأَدْرَكْتُ ساعَتَها أَنَّ ( مَدْيَنَ ) تَبْكي
وَأَنَّ شُعَيْباً مُصابٌ بِأَفْراحِهِ النَّبَوِيَّةِ..
آهٍ .. لَوِ اقْتَتَلَتْ خارِجَ الرُّوحِ أَفْراسُ أَهْلِ الكِتابِ،
لَوِ النَّفْسُ تَصْعَدُ قَبْلَ اهْتِراءِ الجَسَدْ
لَوِ الأَرْضُ.. صَارَتْ قُبُورْ
عَلى العُشْبِ، شَرْقَ الصَّدى، تُرْجُمانٌ
لُغاتٌ تَئِنُّ.. إِناثٌ تَـفِرُّ
جَناحانِ يَرْتَطِمانِ بِسَقْفٍ قَريبٍ
وَكانُ العَشاءُ الأَخيرُ
هُنالِكَ بينَ المَراعي وَتاجِ الأَيائِلِ
يَخْتَصِرُ السَّنَواتِ.. وَيَرْعى العُصُورْ
عَلى العُشْبِ جِئتُ لِتَأْويلِ مائي:
أَنت وَلَدُ النَّخْلَةِ الواقِفَةْ
هُنالِكَ، بَيْنَ السُّيُوفِ وَبابِ السَّماءِ
أَنا ابْنُ النَّخيلِ فَكَيْفَ أموتُ ؟
(وَما صَلَبوهُ): تَرَكْتُ الصَّليبَ وَطارَ جَناحايَ
نَحْوَ النُّبُوَّةِ.. نَحْوَ مَدارِجِ غَيْمٍ يَشِعُّ كَمالا؛
هُنالِكَ حيْثُ البهاءُ.. وَحَيْثُ الأَثيـرْ
على جَبَلٍ كُنْتُ أَبْصَرْتُهُ خالِعاً نَعْلَهُ
وَعَصاهُ رَماها بَعيداً.. كَقِشْرَةِ تُفَّاحَةٍ فَاسِدَةْ
على الجَبَلِ المُتَشامِخِ أَبْصَرَ وَجْهَ القَصيدَةِ
وَجْهَ النُّبُوَّةِ.. وَجْهَ الكَمالِ الكَثيرْ
على العُشْبِ، شَرْقَ الصَّدى، تُرْجُمانٌ
لُغاتٌ تَئِنُّ.. إِناثٌ تَفِـرُّ
جَناحانِ يَرْتَطِمانِ بِسَقْفٍ قَريبٍ
وكانَ العَشاءُ الأخيرُ
هُنالِكَ بينَ المَراعي وَتاجِ الأَيائِلِ
يَخْتَصِرُ السَّنَواتِ، وَيَرْعى العُصُورْ..

أحمد نمر الخطيب
10/06/2009, 02:48 PM
الأخ الشاعر الكبير مصطفى ملح
كأني أرك تفرد عباءتك في فيافي الوجود
لتسترخي طيور الكون آمنة مطمئنةأثبت هذه القصيدة لنسيجها المتفرّد
في التقاط التناص وتصديره إلى واجهة الذات
وتماسك جملة " التناصات"، وخلوّها من الزوائد

مع المودة والتقدير والإعجاب

مصطفى ملح
10/06/2009, 03:06 PM
الشاعر الأعز أحمد نمر الخطيب
أعتز بما قلته في حق قصيدتي
التناص أكيد
يغريني لأنه يمنح النص منافذ للتأويل وتوليد الدلالة
وإني أميل أكثر إلى التعالق النصي مع النص القرآني
فهو بحق أعظم نص إبداعي على الإطلاق
أما إعجازه الآخر فحدث ولاحرج
مرة أخرى أرجو أن تتقبل محبتي التي تعرف صفاءها

منى حسن محمد الحاج
10/06/2009, 03:09 PM
لغة جميلة ومتمكنة..
وقصيد يجبر قارئه على الإعادة والإعادة..
وفي كل إعادة نكتشف الأجمل والأروع..
أخي العزيز الشاعر: مصطفى ملح.. حياك الله
أحييك على هذا الإبداع الكبير..
وهذا النسيج الإبداعي الرائع..
الذي حلق بنا نحو فضاءات واسعه..
وأثني على ما أشار له أستاذي الخطيب..
وأحييك شاعرًا يحترم "القرآن" أكبر نص إبداعي في الوجود..
لك خالص المودة والتقدير

كمال دليل الصقلي
10/06/2009, 03:19 PM
العزيز الأعز مصطفى ملح،
حين أعانق حروفك البهية وأسبح في أعماقها محللا معانيها ،أبقى مشدوها أمام الصور البلاغية واللغة الشعرية الراقية..
وأستنتج أنني أمام ألق شعري.
أشتم رائحة صوفية في قصيدك أيها المليح.
جميل استحضار شخصيات دينية " مريم " " عيسى"..واستعمال ألفاظ من القرآن الكريم(وما صلبوه).
الواقع الذي نريده يوجد هناك هناك ، وما نحن إلا في قبر داخل قبر..يا أخي ملح.
دمت متألقا مليحا.

عز الدين بن محمد الغزاوي
10/06/2009, 03:21 PM
* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
* أخي الأستاذ الشاعر مصطفى ملح ، إن قرائتي لقصيدتك الرائعة هاذه ، حلق بي في عالم الأرواح .
* وإن استعارتك لبعض معاني القصيدة من القرآن الكريم ، زادها جمالية و سموا .
* قصيدتك تستحق التثبيت و كذلك تحتاج لقراءات متأنية في العمق.
* دمت للشعر فارسا و أستاذا / عز الدين الغزاوي .

قوادري علي
10/06/2009, 03:24 PM
الرائع مصطفي ملح
أي عشاء اخير صورت
وأي جمال دونت..
نص رائع وهو يقتبس اللحظات
الخيرة من حياة المسيح ويتناص بشكل
تلقائي في خطابه مع الخطاب الديني..
سعدت جدا بالتسمر هنا..
تحاياي أيها المصلوب بحبل الإبداع.

مصطفى ملح
10/06/2009, 10:17 PM
الأخت الشاعرة منى حسن محمد الحاج
أشكرك بصدق على استحسانك للقصيدة
أكيد أن القرآن قمة استثنائية في صياغة الكلم
وقد توسع الجرجاني والمحدثون في ذلك كثيرا
العشاء الأخير.. قصة الصلب ..
كما ستلاحظين أسعى إلى التعبير شعريا انطلاقا من قناعة قرآنية وليس إنجيلية
ولذلك كان التركيز على العبارة- وماصلبوه- عن قصد
أخيرا دمت كريمة

مصطفى ملح
10/06/2009, 10:21 PM
العزيز القاص كمال الصقلي
هذا لطف منك ونبل، فالقصيدة دوما
تحتاج غلى قلب كبير يشعر بها وعين بصيرة
تصبو إليها وبصيرة نافذة تفكك مغاليقها..
القارىء الجميل الخلاق شريك أساسي في صنع القصيدة ..
أرجو لك مقامل متألقا في عاصمة الكتابة
مزيدا من الفرح
مزيدا من السرد

مصطفى ملح
10/06/2009, 10:24 PM
الأخ المبدع عز الدين الغزاوي
قصيدة ترفع رأسها تيها لأنها استطاعت ولو مجازا
أن تسرج خيولها وتطير عاليا في سماوات الأرواح هناك حيث الهيولى
وموت المادة والشعر أمير أبجديته الهمس
الشفيف والإشارة بالحواس الباطنية ..
تقبل محبتي الغالية

مصطفى ملح
10/06/2009, 10:28 PM
أخي الشاعر قوادري علي
مسرور بك
وبكلامك الذي أحس كأنه خارج للتو من شلال ما ..
ممتن لك
دوما يقودني أرق كبير أن تكون قصيدتي
مجرد شمعة تضيء قلوبا مدفونة في النسيان
على أن تكون ذات جعجعة وصهيل أجوف مزيف دونما قيمة
أقرّ أن انطباغات أصدقائي الشعراء الطيبة
هي التي تمنح قصيدتي مشروعية الحياة
شكرا

ابراهيم ابويه
11/06/2009, 01:45 AM
الشاعر مصطفى ملح ،تحية طيبة.
قصيدتك اِبْنُ النَّخْـلَةْ هي انتقال آخر في دروب الروح .هي رؤية عميقة في أسئلة ما زالت عالقة بين السماء والأرض.
تحيتي.

عبد الله جدي
11/06/2009, 02:09 AM
جميل منك هذا النسج الشاعري الذي
أبدعت في تركيب صوره الرائعة .
تحياتي وسلامي .

لطفي منصور
12/06/2009, 04:49 PM
أخي الشاعر مصطفى ملح ...... تحيّة
قصيدة تحملك إلى فضاءات إبداعية متميزة
ويحملها القلب متباهيا بصورها وجمالها
تقبل تحياتي أيها الشاعر المجيد

لطفي منصور

مصطفى ملح
12/06/2009, 10:59 PM
العزيز ابراهيم أبويه
تحيتي ممدودة إليك مع هذه الرياح الحارة ببرشيد
تلك التي كأنها قادمة من جحيم القصيدة!
شكرا على القراءة
محبتي

مصطفى ملح
12/06/2009, 11:05 PM
المبدع عبد الله جدي
شكرا على القراءة التي لمست بها فيزياء النص
أرجو دوما أن تستطيع القصيدة الإقامة بين أحضان
المبدعين
أرجو كذلك ان تتقبل مودة عالية مني

مصطفى ملح
12/06/2009, 11:07 PM
الشاعر الكبير لطفي منصور
سعيد بك وأنت تمرّ كنسمة صباح عائمة بالنّدى العلويّ،
.. وأنت تمرّ لتصافح قصيدتي بأنامل من محبّة،
شكرا لك..

أمل الفقها
13/06/2009, 09:28 PM
شهي ملح زادك
عبق أريج ورودك
رقيق ومعبر همسك
اك تحياتي وتقديري

مصطفى ملح
14/06/2009, 02:06 PM
الأخت الكريمة أمل الفقها
مسرور بقراءتك لقصيدتي التي أرجو أن تنال بعض استحسانك
وأرجو لك مقاما جميلا في امبراطورية الشعر
وتقبلي احترامي

خميس لطفي
15/06/2009, 07:15 AM
اِبْنُ النَّخْـلَةْ

أَيا عَجَبَاً : أَنَا لَمْ أَمُتْ؛ إِنَّمَا حَلَّقَتْ
في السَّماواتِ رُوحي..
=============
مَطَرٌ طائِشٌ يَتَهاطَلُ لَيْلاً كَطَيْرِ أَبابِيلْ
وكُنْتُ وَحيداً هُناكَ،
============
عَسَى جَسَدي .. عَساهُ يَطيرْ
============
..
قصيدة رائعة بكل معنى الكلمة
أقترح بعد إذنك ، أخي ، وفيما يتعلق باقتباساتي أعلاه ما يلي :
أيا عجباً ، فأنا لم أمت ... إلخ
=========
مَطَرٌ طائِشٌ يَتَهاطَلُ لَيْلاً كَطَيْرِ أَبابِيلَ ، كُنْتُ وَحيداً هُناكَ،
=====================
بخصوص اقتباسي الأخير أقترح وضع كلمة بدل ( عساه ) لضبط الإيقاع ، رغم أني فهمت أنك تريد الوقوف هنيهة بعد كلمة ( جسدي ) ، ويبقى ما قلته رأياً يحتمل الخطأ والصواب
دمت مبدعاً

محسن شاهين المناور
15/06/2009, 06:28 PM
أخي الحبيب مصطفى ملح
لجمال حرفك سر وسحر
سر أخذنا خارج حدود الزمن وسحر منحنا الجمال
والرونق ونحن نحلق في فضاء حرفك
الذي كلما تعمقنا به اكتشفنا ماهو أكبروأبعد من الكلمات
بوركت وبورك حرفك

مصطفى ملح
16/06/2009, 10:05 PM
الأخ الشاعر خميس
يسعدني مرورك البهيّ بتضاريس قصيدتي
ملاحظاتك أتفاعل معها دوما
عسى جسدي .. عساه يطير
ثمة نقط حذف إضافة إلى تكرار لفظة عسى
لقد ألمحت موفّقا إلى لحظة انتظار وترقب تفصل بين الجسد وبين ما يُتوقّع فعله
ثمة طيران بالمعنى الصوفي الروحي العميق
وهو حدث مفاجىء وشبه صادم لمتلقّ النص
وبالتالي أرى أن الأمر يتطلب بعض الوقوف
شكرا مرة أخرى

مصطفى ملح
16/06/2009, 10:09 PM
الشاعر محسن شاهين المناور
يسعدني حقا أن تقرأ قصيدتي المتواضعة ببصر ثاقب
ووجدان راض وبصيرة نافذة،
أرجو أن تتقبل مودّة أعلى من أبراج الرّوح
مزيدا من الشّعر..

غازي سعيد
16/07/2009, 07:07 PM
الشاعر القدير مصطفى ملح
كما أسلفت فالقصيدة من النوع الحواري العميق
القصيدة تنشىء عن وعي حاد حوارا فاعلا بين الثقافات
وتحطم جدران الزمن دام لك التفوق

زاهية بنت البحر
17/07/2009, 06:02 PM
جميل بديع حدَّ الرواء
نص يحلق بالقارئ عاليا عاليا
بوركت والنَّفَس الإيماني النقي
أختك
زاهية بنت البحر

مصطفى ملح
17/07/2009, 10:01 PM
الأخت زاهية بنت البحر
شكرا
تقبلي محبة خالصة ودام لك مجد الشعر
واصلي الزحف نحو صومعة القصيدة