المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرياضة التي برع فيها العرب والمسلمين



نعمان عبد الغني
22/06/2009, 01:50 PM
الرياضة التي برع فيها العرب والمسلمين.... نعمان عبد الغني
اشتهر العرب منذ جاهليتهم (2) بفن المبارزة واللعب بالسيوف، وقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن استقر في المدينة بتدريب أبناء المسلمين على إجادة استخدام السيوف للدفاع عن دين الحق، واللعب بالرماح من اللهو المباح (3) حيث سمح النبي صلى الله عليه وسلم للأحباش أن يلعبوا بحرابهم في مسجده صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : \\\" بينما الحبشة يلعبون عند النبي صلى الله عليه وسلم بحرابهم دخل عمر فأهوى بالحصى فحصبهم بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعهم يا عمر \\\" رواه البخاري وقد صح في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمح للسيدة عائشة رضي الله عنهما أن تنظر إلى لعبهم وهي مختبئة خلفه صلى الله عليه وسلم .
ويرى مختار سالم (2) أن رياضة المبارزة تحتاج إلى مزيد من الشجاعة والثقة بالنفس والمهارة والدقة في الأداء، والذكاء مع القدرة على التفكير وسرعة البديهة طوال فترة المبارزة، ومن تأثيراتها الغريزية أنها تؤدي إلى زيادة تنمية درجة التوافق وسرعة الاستجابة الحركية، وإلى تقوية عضلات الساقين والساعدين وتدريب عضلات الجذع وتقويها للاحتفاظ بأوضاع الجسم القويمة
ما نبحث في تاريخ المبارزة سوف تواجهنا العديد من الصعوبات لأنها من أقدم الرياضات التي مارسها الإنسان حيث انه لم يذكر التاريخ إلا اليسير مما حفظ عن هذه اللعبة ولم يسجل عنها سوى القليل مما حفظ، لذا حينما حاول المفكرون والباحثون دراسة المبارزة قسموا أحقاب التاريخ إلى أربعه عصور متسلسلة كما يلي:-أولا المبارزة في عصور ما قبل التاريخ :-
الإنسان البدائي كان يعيش عيشة بدائية فاخترع الأسلحة ليدافع بها عن نفسه ضد الحيوانات أو ليهاجمها لاصطيادها وقد مرت الأسلحة بدرجات مختلفة من التطور
وبتقدم التاريخ بدا الإنسان يتصل بغيره فتكونت الأسر والقبائل والجماعات وبدأت هذه القبائل والجماعات في الدفاع عن أفرادها وممتلكاتها فظهرت الأسلحة الهجومية والدفاعية وأخذت تتطور مع الزمن،
فاستخدمت الخوذات والبلط والدروع والعصي والرماح ولم تستخدم الأسلحة المصقولة كالسيوف والخناجر حيث أن هذا النوع من الأسلحة لم يكن له تأثير فعال على الدروع كما انه لم يكن من المستطاع التحرك بخفة ورشاقة مما يتطلبه استخدام مثل هذه الأسلحة لثقل الخوذات والدروع.
ثانيا المبارزة في العصور القديمة :-
ا- عصر الفراعنة:
أن دراسة الآثار الفرعونية تدل على اهتمام الفراعنة بالمبارزة وخاصة بالسيف باعتباره العمود الفقري في حروبهم التي خاضوها ولقد ولع المصريون القدماء بمختلف أنواع المبارزة منها ما هو على القوارب بين الصيادين إلى المبارزة باستخدام سيقان البردي واستخدام السيوف ولم يقتصر الأمر على التدريب فقط بل كانت تقام لها مسابقات محلية ودولية،
والصور والنقوش التوضيحية والكتابات الهيروغليفية على جدران المقابر الموجودة في سقارة والأقصر وأهرامات الجيزة بمصر اكبر دليل على ذلك فهي تؤكد أن أول من مارسها الأمراء والنبلاء وقادة الجيوش الفرعونية مما كان له الثر في غرس الروح القتالية والتقاليد النبيلة في نفوس الجنود وبالتالي انعكس ذلك على سلوكيات وتعاملات كافة أفراد الشعب بكل ماتحمله اللعبة من تقاليد تتسم بعلو الروح ودماثة الخلق, ومنها ما ظهر من نقوش بمعبد بمدينة( حور ) قرب الأقصر وهو من عصر الملك رمسيس الثالث حوالي عام( 1190 ق م ) ظهر فيها المبارزان ممسكين بأسلحة مغطاة عند طرفها مرتديان أقنعة لحماية الوجه تشبه إلى حد كبير الأقنعة الحديثة كما ظهر بالنقوش المشاهدون والحكام الذين أمكن التعرف عليهم عن طريق ملابسهم وعصا طويلة في نهايتها ريشة الطاووس تعرف بالعصا ذات الريشة لا يمسكها إلا القضاة والحكام، وقد عرف عن الجيش الفرعوني أنه كان قويا ومنظما ويتمتع أفراده بكفاءة قتالية عالية نتيجة لتدريباته العنيفة والمنتظمة وكان مزودا بأسلحة دفاعية وهجومية من أحدث ما أخترع في ذلك الزمان البعيد منها: الخوذ والدروع والتروس والرماح والسيوف والمزاريق والأقواس والسهام والدبابيس والمقاليع
ـ الفرس والإغريق والرومان:
خاض الفرس والإغريق والرومان الكثير من الحروب التي تتطلب الاهتمام بالتدريب على المبارزة وقد أجادوا المبارزة وفنونها وبرعوا فيها. وكان المبارزون يستخدمون أنواعا مختلفة من الأسلحة كالسيف والدروع سواء على الأرض أو على ظهور الخيل
وكان الرومان يستخدمون السيوف الثقيلة ويحمون أجسامهم بالملابس الثقيلة ولهذا كانت المبارزة تتطلب مبارزا شجاعا قويا. وظهر المبارزون المحترفون الذين يشتركون في منازلات تنتهي بانتصار أحدهما وموت الآخر،
وكان من اشهر المبارزين الفرس ( رستم ) و( طماسب ) و ( اليهرام صور ) ومن الإغريق( كهر كليوس وليونيرس ) ومن اليونانيين ( هرقل الكبير ).
ثالثا المبارزة في العصور الوسطى :كانت المبارزة من أحب الهوايات لنبلاء وفرسان العصور الوسطى ، وفي القرنين الثاني عشر والثالث عشر، كانت كثيراً ما تأخذ شكل المعارك الكاملة التي تسفر عن العديد من الخسائر البالغة. لكنها فقدت الكثير من ضراوتها تحت ضغط الكنيسة ، التي أعلنت أن كل من يَقتُل أو يُقتَل في مبارزة ، يكون قد ارتكب إثماً. ومع القرنين الرابع عشر والخامس عشر قلت أضرارها ، ولكن الإصابات مع ذلك لازالت تحدث ، وكان آخر من اشتر ك فيها من ملوك انجلترا هنري الثامن.
أما إجراءات ما قبل المبارزة فتكاد تكون بأهمية المبارزة نفسها :
1.رسل السيد يعلنون عن المبارزة ، وينتقلون من قلعة إلى أخرى لنشر الأنباء ، ولتوزيع بطاقات الدعوة الشخصية ، والبطاقات تحمل اسم المضيف ، ومكان المبارزة ، وموعدها ، والجوائز التي ستمنح للفائزين.
2.تذاع الأخبار في أوسع نطاق . ويرحل بعض الفرسان أسابيع وشهوراً للاشتراك في النزال. ويعل ن المنادون عن وصول المشترك الجديد بالنفخ في الأبواق والهتاف باسمه. وينزل الفرسان في القلاع القريبة أو في سرادق ينصب في الريف المجاور- حيث يكونون في انتظار المبارزة ، ويحاول كل منهم أن يبز الآخرين بعظمة خيامه المحلاة بالطنافس ، والرايات ، والبيارق . ويأتي الأكثر ثراء منهم بحاشيتهم الصغيرة ومعهم وصفاء، وغلمان ، وخدم يرتدون الأردية المزركشة النفيسة.
3.وعلى كل من يقبل الدعوة للنزال كائناً من كان ، أن يثبت أولاً براعته أمام الحكام. لذلك عليه أن يثبت أولاً أنه كريم المحتد. وأخيراً عليه أن يكشف عن حقيقته بأن يعلق درعه وشعار نبالته على رمح.
4.يمكن للفارس أن يحتفظ باسمه سراً. بحيث يضع دثاراً على رايته ، والحكام وحدهم هم الذين لهم أن يروا شعاره المختفي تحت الدثار، ويعرفون من يكون.
5.عندما يلمس أحد الفرسان درع غريمه برمحه ، فذلك يعني أنه ينبغي نزاله في مبارزة منفردة.
6.يحتشد الفلاحون والخدم خلف السياج ، حيث يجد المشعوذون وباعة الطعام سوقاً رائجة. وحول الحلقة يقف المنادون ، ونافخو الأبواق ، وتجار السلاح ، والشعراء ، يراقبون الفرسان ويصغون إلى الحكايات المتعلقة بأعمالهم ، يعدون في أذهانهم قصص المغامرات التي سوف يروونها ، وهم يتجولون من قلعة إلى أخرى.
7.يجلس الفرسان المسنون وكذلك السيدات في منصات خاصة.
8.توضع منصة محجوزة للحكام ، الذين عليهم أن يتأكدوا قبل بدء النزال من أن أسلحة المتبارين كليلة لا ضرر منها.
9.يقف الغلمان وينفخون الغلمان أبواقهم ويقرعون طبولهم ، فالحفل العظيم قد بدأ وسيستمر حتى الغروب.
10.هذان الفارسان يتقارعان بالسيف ، وهذا المنظر جزء من نماذج المبارزات العتيقة المسماة بالمناوشة \\\"Melee\\\" والتي يهجم فيها جماعتان من الفرسان لدى إشارة متفق عليها ، ويحاولان أن ينزلا بعضهم بعضاً عن صهوات جيادهم.
11. توجد حلقة معلقة على حامل ويحاول الفرسان \\\" إصابة الحلقة\\\" حيث يركضون بكل قوتهم ليضعوا رماحهم في الحلقة المعلقة.
12.يوجد في ساحة النزال هيكل يدور على محوره ويسمى بـ \\\" الهدف الهيكلي\\\" وعلى الطاعن أن يكون من السرعة بحيث يبتعد قبل أن يتلقى ضربة قوية على ظهره.
13.قد يثبت الفارس مكانته بوساطة النزال ، وذلك إذا وقف على الجسر وأعلن أنه سيعترض طريق كل من يرغب في عبور الجسر. ويضع درعه أمام الجسر، وعلى كل من يقبل تحديه أن يصيب درعه أولاً.
14.من يفوز في أي مباراة ، يقترب من منصة السيدات ليتسلم جائزته. تاج ، أو كيس نقود ، أو قطعة مطرزة ، إذ أن قيمتها تتركز في الفوز بها ، لكنها قد تكون أحياناً جوهرة ، أو درعاً ، أو حصاناً ، وأثناء المأدبة التي تتلو النزال ، يجلس الفائز في مكان الشرف وتقوم السيدات على خدمته.
- كان سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب عام 476 م إيذانا ببدء فترة تعرف في التاريخ باسم العصور المظلمة في أوروبا حيث ساد الجهل والانحلال وامتنع الناس فيها عن ممارسة ومشاهدة الألعاب التي تتسم بالعنف واعتنقوا الروح وابتعدوا عن الجسد وأهل الجد والتدريبات الرياضية بكافة أنواعها بما فيها المبارزة.
المبارزة عند العرب وأبطال المسلمين:
يعتبر الشرق العربي مهدا لرياضة المبارزة وبالرجوع إلى الأصول التاريخية لامتنا العربية نكشف عن انتشار هذه الرياضة بين أبناء العرب وارتفاع مستواها الفني شانهم في ذلك شان غيرهم في استخدام أنواع الأسلحة وكانت المبارزة بالسيف هي التسلية الشائعة بين الفتيان والكبار من العرب منذ العصر الجاهلي ويعتبر السيف رمزا للشجاعة والنبل والمروءة، لذا أطلق عليها رياضة النبلاء. وقد ظهرت على امتداد العصور الجاهلية وصدر الإسلام والفترة العباسية أسماء فرسان اشتهروا بمهارتهم الفائقة في استخدام الأسلحة وساهموا في الدفاع عن كيانهم ضد المغيرين من أعدائهم ، وقد تغني الكثير من الشعراء العرب في الجاهلية شعرا ونثرا بالسيوف والرماح في قصائدهم وملامحهم الشعبية مثل سيرة عنترة بن شداد، وكان الفارس لابد وان يتقن الفنون الآتية:- 1 ـ ركوب الخيل والكر والفر بها. 2 ـ الرمي بالقوس. 3 ـ رمي الرمح. 4 ـ المبارزة بالسيف.
وللسيف العربي مقبض يمسك منه، ونصله قد يكون مستقيما أو مقوسا, وبعضها كان له شهرة تاريخية لأنه محلى بالنقوش الرائعة ومطعم بالحلي والجواهر ومرصع بالأحجار الكريمة ومن تقدير العرب للسيف كانوا يضعونه في جراب لحمايته، وقد أطلق العرب الأسماء على السيوف منها الحسام، البتار، القرضاب، الصمصام، الظامي، العضب، الخاطف، اليماني، الهندي، المهند، الأحدب، البارق، الأبيض، القاطع، الصارم، القلعي، المغول، السراط،،، والكثير من الأسماء مما يتجاوز السبعين أسما في لغتنا العربية الجميلة.المبارزة وسيلة من وسائل القتال في الحروب القديمة . وقد اهتمّ أجدادنا العرب بتشجيع المبارزة وذلك من خلال قولهم المأثور : (علموا أولادكم الفروسية ، وضرب السيف) .
وقد تعلّمت كثير من الشعوب المبارزة ، وطرق استعمال السيف من العرب وبرعت فيها .
وبتطور الإنسان والأسلحة قلّت أهمية السيف ، وتضاءلت في الحروب ، ولكن هذا السلاح الماضي تحوّل إلى لعبة من الألعاب الرياضية ، ونظّمت المسابقات الخاصة بهذه اللعبة لتي سميت (بالمبارزة) منذ
عام 1896 م فظهر عدد من المدارس التي تمارس هذه اللعبة .
يرتدي المتسابق بذلة خاصة تحتوي سترة وسروالاً وقناعاً للرأس وقفازاً لليد مع جوارب بيض وحذاء من المطاط ، ويجري النزال على ملعب قياسه 14 متراً يقسم إلى نصفين ، طول الواحد منها 7 أمتار ، ومدّة النزال تبلغ ست دقائق ، ويخسر المتسابق إذا احتسبت عليه خمس لمسات من سيف الخصم ، وإذا تعادل اللاعبان بعدد اللمسات يستمر اللعب حتى يسجل أحد اللاعبين لمسة الفصل لكي يتمّ بعدها تحديد الرابح.
وكان أبناء المسلمين في شبه الجزيرة العربية منذ فجر الإسلام يتدربون على إجادة فنون المبارزة منذ الصغر من اجل إعلاء كلمة الحق والدفاع عن الدين فبرعوا في استخدام السيف، وقد لعب السيف العربي دورا حاسما في جميع غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة معه من الذين أتقنوا فن المبارزة بالسيف. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمتلك سيوف عدة أشهرها يسمى( البتار ) والآخر غنمه يوم موقعة بدر يسمى (ذو الفقار) وقد صار لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من بعده. ونظرا لاهتمام المسلمين بالمبارزة والتدريب عليها فقد حققوا انتصارات رائعة وخاصة أثناء الفتوحات الإسلامية حتى وصلوا إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس ودول أوربا.وتوحيد تلك المنطقة تحت لواء الإمبراطورية الإسلامية الكبرى في اقل من عشرين عاما. حيث ظهر العديد من أبطال المبارزة العرب والذين سجلوا أروع البطولات التاريخية منهم: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وحمزة بن عبد المطلب وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيده بن الجراح وطارق ابن زياد وعبيدة بن الحارث والقعقاع بن عمر وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم، وقد أولى الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم المتصفين بالشجاعة اهتماما إذ لقب القائد الشجاع خالد بن الوليد بسيف الله المسلول تقديرا لبطولاته وشجاعته المتناهية، وقد تغنى الشعراء وتباهوا بفروسيتهم وقوتهم في إجادة فنون المبارزة وحدة أسلحتهم ودقة صنعها وتقديرا لقيمة السيف في فض المنازعات قال أبو تمام يصف معركة عمورية:
السيف اصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.
رابعا المبارزة في العصور الحديثة :-
بعد انقراض أزهى عصور الإمبراطورية العربية الإسلامية الكبرى وتخلي العرب تدريجيا عن التقاليد العربية ومنها رياضة المبارزة ، سارعت أوروبا بانتشالها خاصة بعد ظهور البارود في القرن الرابع عشر وتحول المبارزة من ميادين القتال والحروب إلى ميادين أخرى كالرياضة والمنازلات والاستعراضات، أي حل البارود محل السيف في الحروب وانقرض استخدامه أمام هذه القوى الجديدة، و في العصور الحديثة حدثت تطورت كثيرة في فن المبارزة في الملابس والأدوات والملاعب وفي فنون وخطط اللعب.
ففي القرنين الخامس والسادس عشر الميلادي تحولت المبارزة إلي الميادين الرياضية وفتحت المدارس في الخفاء لإعطاء الدروس بواسطة المدربين المحترفين ووضعت لها النظم والقوانين وظهرت بعض المؤلفات أولها عام 1410 م للإيطالي ( الفيوري دي ليبري ) ثم ظهر مخطوط ألماني عام 1443 م وعنوانه كتاب المبارزة ل ( تالهوفر )، ثم ظهر أول كتاب للمبارزة في اسبانيا عام 1471 للمؤلف (دي كودي فاليرا)
وقد تبنى كل من الألمان والإيطاليون والفرنسيون المبارزة بالسيف ثم انتشرت في كل اوروبا، وقد كانت مختصة بسادة القوم حيث ورثوا أساليبهم و فنونهم القتالية إلى قلة منتقاة حيث كان النبلاء فقط هم الذين يسمح لهم بحمل السيف، ويحق للرجل النبيل إذا كان طرفا في قضية أن يشترك في مبارزة (حرب) أمام الملك والنبلاء في منطقة مغلقة وكان المعتقد أن الله ينصر صاحب الحق، ومن أشهر مبارزات القرن السادس عشر تلك التي وقعت بين اللورد جرناك والورد شاسا دينوريه الذي كان مبارزا مشهورا وصديق مفضل لدى الملك، وفي المبارزة استطاع جرناك أن يجرح خصمه شاسا دينوريه الذي نزف حتى مات، فحزن الملك كثيرا على فقدانه ومنع جميع المبارزات التي تقام لإظهار الحق ومنذ ذلك الوقت أصبحت المنازلات تقام بطريقة خاصة غير علنية.
وقد انتشرت المبارزة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا وانتشر الكثير من المدارس علنا وكان يديرها مبارزون محترفون حتى كانت المبارزة من أكثر الرياضات انتشارا وفي أواخر القرن السادس عشر الميلادي توصل الإيطاليون إلى اختراع سلاح الشيش واستخدم في الهجوم والدفاع واستجدت حركات أخرى كالطعن وحركات القدمين وكذلك تطور الملعب فبعد كونه مربعا جاءت فكرة تحديده إلى أن وصل إلى وضعه الحالي. وفي القرن الثامن عشر صدر أول تبيان لنظام وقواعد المنازلات، حيث جمعت بين وقاية المتبارزين مع الحفاظ على جو المنازلة وذلك باستخدام قناع معدني خاص مع فتحة للعين إضافة إلى سترة واقية لظاهر الجسد وكذلك تم تحديد المناطق التي يمكن للمبارز إحراز أهداف فيها ومع اختراع القناع على يد الفرنسي ( ليبول سيرز ) أصبح من المستطاع القيام بكثير من الحركات المتتابعة والمتبادلة بين المتبارزين دون توقف فتكونت جملة المبارزة وتمكن المبارز من تكملة هجومه والرد المعتاد وتكرار الهجوم وبذلك وضعت القوانين الخاصة بالمبارزة كما نعرفها اليوم و كذلك تم وضع ترتيب الدور في أحقية الهجمات، وبانحسار المنازلات القاتلة انتعشت المبارزة وتطورت وأصبحت الأسلحة أخف وزنا وأكثر أتزانا مما ساعد في زيادة سرعة حركة نصل السيف والجسم، ودخلت لعبة المبارزة ضمن برنامج مسابقات الدورات الدورات الأولمبية للرجال اعتبارا من الدورة الأولمبية الحديثة الأولي بأثينا عام (1896م) بالنسبة لسلاح السيف ( سابر) وسلاح الشيش (فلوريه)، أما سلاح سيف المبارزة (إيبية) فقد دخل البرنامج الأولمبي لأول مرة في الدورة الأولمبية الثانية بباريس عام (1900م) وبعد ذلك سمح للنساء بالاشتراك في منازلات سلاح الشيش لأول مرة في الدورة الأولمبية الخامسة بباريس عام (1924م)، وتم تشكيل الإتحاد الدولي الذي ينظم الرياضة ويشرف عليها عام 1919م، وتم إدخال التحكيم الكهربائي لسلاح سيف المبارزة عام 1933م وفي سلاح الشيش عام 1955م وفي سلاح السيف عام 1990م مما أضفى عدالة التحكيم ونزاهته وأعطى الفرصة للمبارز لإظهار مهاراته وهو مطمئن.