المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان و دوامة النزاعات



محمد إسماعيل بطرش
15/01/2007, 02:14 AM
الإنسان و دوامة النزاعات

في عصر العولمة تتنازع الإنسان شتى الأفكار و المذاهب و الثقافات و تتقاذفه أمواج عاتية من قوى هائلة تجتاح العالم بعد أن سخرت كل ما توصلت إليه من المعرفة لتركيع العالم تحت راية الاستعمار الأمريكي الجديد، فكل من لا يستطيع أن يكون مع أمريكا يعتبر ضدها: تماما كما أن كل من لا يصدِّق المحرقة اليهودية ( الهولوكوست ) يعتبر ضد السامية. فالصهيونية الأمريكية تبشر بعودة السيد المسيح عندما تساعد في إقامة شرق أوسط (جديد) تتزعمه دولة (إسرائيل) و بعد إعادة بناء (الهيكل) للعبريين بعد تدمير الأقصى.

ذلك الإنسان الذي تعتبره الفلسفة المادية نتيجة جدلية لتفاعل متناقضين رغم أن هذين المتناقضين بحد ذاتهما لم يوجدا عبثا، بل كان وجودهما محدودا ببداية و نهاية شأن كل شيء في هذا الوجود. فحتى العقل و القدرة على التفكير لها حدود و لا يوجد عقل مطلق إلا لله.

كانت المادية الجدلية تعتبر أن الطاقة و التطور ليسا سوى محصلة لتفاعل مادي عبثي متغافلة عن حقائق العلم الذي اكتشف أن لكل وجود غاية و إمكانية هادفة فليس الوجود عبثيا بل كل شيء مخلوق بقدر و إنما أمر الخالق كلمح بالبصر.

الإنسان في الفلسفة الجدلية ليس سوى تعبير مادي عن تفاعل ذرات مادية صرفة كما أن ثلاث ذرات من الأوكسيجين تتحد مشكلة ذرة الأوزون التي لها قدرة أكبر من الذرات المكونة لها كل على حدة فالقدرة نتيجة للتفاعل الذي حصل. هكذا تورد الفلسفة المادية هذا المثال بالذات تعبيرا عن التطور، و فاتهم أن الجوهر الفرد بحد ذاته له نظام دقيق به يكون أو لا يكون. ذلك النظام يحمل في ثناياه كل ما يمكن لذلك الجوهر أن يكون، فالجوهر الفرد لم يخلق عبثا بل وجد ضمن نطاق محدود و ما يكتشفه العلماء عما يستطيع هذا الجوهر الفرد أن يحقق إنما هو كشف عن شيء موجود أصلا و ليس خلقا جديدا. و كل الكون لا معنى له لولا وجود الإنسان. و تزعم أنك جرم صغير و فيك انطوى العالم الأكبر.

و اليوم، يجد الإنسان نفسه وسط خضمات متنازعة، تتقاذفه أمواجها العاتية يمينا و يسارا دون أن تسمح له بفرصة يفكر فيها متى و أين و لماذا. لماذا قامت النِّحَل التي جعلت أبناء الملة الواحدة يقتل بعضهم بعضا؟ لماذا لا تتوصل الأديان إلى كلمة سواء فيما بينها أن لا يُعبد إلا الله و أن لا يُتّخذ رجال الدين أربابا من دون الله؟ لماذا على المستضعفين أن يقبلوا بالذل و الهوان من المستكبرين، بل و لماذا يستكبر أولئك الذين بهرتهم قوتهم و هم يعلمون أن كل شيء إلى زوال و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام.

قد يكون ما سلف خواطر فردية و لست أدري كم من الناس يقفون وقفة التأمل و التفكّر هذه رغم أن تفكّر ساعة خير من عبادة ستين سنة.

لماذا بات ساستنا ينتظرون الفرج من كوندوليزا و يربطون مستقبل بلادهم بما يستوحيه بوش من تعاليم حكماء صهيون؟

لماذا أصبحت أجيالنا تساق بالأهواء و تتبع كل صافر؟ هل صحيح أن سبب تخلفنا كبت الجنس و عدم السماح للأنثى أن تكون مشاعا بين الراغبين بها؟

و أخيرا هل كل هذه الموضوعات و التساؤلات أمر مبرر أم أن كل هذا الشأن لا يعني أحدا ؟!!!