المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نزع الشيطان عن آدم وزوجه لباسهما؟ ولماذا ؟



أبو مسلم العرابلي
25/06/2009, 09:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف ولماذا نزع الشيطان عن آدم وزوجه لباسهما؟
"الحياء نصف الإيمان" و "الحياء من الإيمان" حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول درجات الحياء أن يستر المرء عورته، حتى عن أقرب الناس إليه، لأن الإنسان كائن اجتماعي، يعيش مع غيره في سكنه، ومحكوم عليه التعامل مع غيره خارج بيته، في أمور وأشغال كثيرة.
لقد عرف إبليس ما في الأرض ومن فيها، فليس فيها عاقلاً إلا جنس الجن الذي منه إبليس، وليس فيها أحد يستر عورته، فكل دواب الأرض لا تعرف ستر عورتها إلا بالقدر الذي ستر منها خلقة، وأما الجن فلا ندري أكانت تستر عورتها أم لا قبل هبوط آدم، أما بعد وجود الإنسان في الأرض ودخول بعض الجن في اليهودية أو النصرانية أو الإسلام فنحكم أنهم يسترون عوراتهم لوجوب ذلك في دين الله الذي أنزله على رسله، وليس هناك من رسل إلا من الإنس، والجن تبع لهم.
لقد جعل الله تعالى ثلاث حرمات لا يصح للأبناء أن يدخلوا فيها على الآباء إلا بعد الاستئذان؛ وهي: قبل صلاة الفجر، وعند وضع ثيابهم في الظهيرة، وبعد صلاة العشاء، لئلا تنكشف عورات الآباء على الأبناء، دين ينظم كل علاقات الإنسان بغيره، ويضبطها لينتظم الفرد والمجتمع في خلق رباني واحد.
اللباس أنزله الله لستر العورة؛ قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا .... (26) الأعراف، ومادة "نزل" تستعمل في وصول إليك ما لا تستطيع أنت الوصول إليه، فكل ما استعمله الإنسان في اللباس مأخوذ من حيوان أو نبات؛ كالجلد، والشعر، والصوف، والوبر، والحرير، والقنب، والقطن، وغير ذلك، وهذه مما لا يستطيع البشر صنعه، وحتى صنع الخيوط البلاستيكية هي من البترول، والبترول مخلق من مواد عضوية لكائنات نباتية وحيوانية؛
قال تعالى: (وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) النحل.
وقال تعالى: (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) فاطر،
وقال تعالى: (يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ (53) الدخان، وهما من غليظ الديباج ورقيقه، مما عرف مثيله في المسمى في الدنيا.
اللباس فوق ستر العورة هو لحماية الجسد بالصيف والشتاء، قال تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) النحل.
ومنه لحماية الجسد في الحرب؛
قال تعالى: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ (80) الأنبياء.
ومنه للزينة، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ..... (31) الأعراف.
واختلف اللباس والزينة باختلاف الناس وألوانهم وثقافاتهم، ومعتقداتهم، فاختلف لذلك أشكال اللباس، وألوانها، وما تُزين به، واختلفت بما يناسب الأعمار، والرجال والنساء والأطفال من الجنسين، وطبيعة المكان، واختلاف الفصول، وما يناسب الأهل والقبيلة وأهل البلد، وما يخالف الأعداء.
ويميز اللباس بين الغني والفقير، وبين أهل الوجاهة والسيادة، وأهل الصنعة والعمل، فاختلاف اللباس وراءه اختلاف في الثقافات واختلاف في الصناعات، والاختلاف .... وتمايز الناس بعضهم عن بعض من الحوافز للناس في التقدم في الصناعات والعلوم والوسائل التي يستعملونها.
وستر العورة أمر متعلق يبين مدى ارتباط الفرد بعائلته وقبيلته والأمة التي ينتمي إليها، وقدسية العلاقة بين الجنسين، والسعادة في وجود الذرية، وإعدادها لتحمل المسؤولية في امتداد الآباء بوجود الأبناء، واستمرار القيم والعادات والتقاليد، وحفظ الموروثات ... والأبناء إذا لم يكونوا امتدادًا لآبائهم في أنفسهم وفي عقائدهم فإن العناء في تربيتهم يصبح من باب العذاب لهم دون جدوى من تربيتهم، وخاصة إذا لم يتولوا العناية بهم كبارًا، ويتولى ذلك هيئات ومؤسسات بعيدًا عن الأبناء، فعزفت المجتمعات المنحلة عن إنجاب الأبناء أو الاكتفاء بواحد فقط.
ذكر الله تعالى أنواعًا من اللباس يستتر خلفها الإنسان:
- الليل بظلامه لباس للناس؛ قال تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) النبأ
- والجوع العام الذي يلزم أهل القرية في مساكنهم؛ فلا أرضًا يزرعون فيها، ولا ماشية يخرجون بها إلى المرعى، والخوف الذي يلزم الناس أماكنهم ليحتموا بها خشية على أنفسهم؛ جعلا لباسًا؛
قال تعالى: (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) النحل.
- وجعل الله تعالى الزواج لباسًا يستر كلا منهما بحمايتهما بهذه العلاقة من الرذيلة، وما يتبعها من فساد وأمراض؛ قال تعالى: (... نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ(187) البقرة
- وجعل تعالى التقوى لباسًا لأنها تحمي الإنسان من الوقوع في كثير من الآثام، وتحميه من نار جهنم يوم القيامة؛ قال تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) الأعراف.
وجعل تعالى تفرق الناس وتشيعهم لباسًا: (..أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ..(65) الأنعام، فكل يحتمي بشيعته ضد بأس الآخرين.
فاللباس للإنسان حماية للسوءة فوق سترها، وحفظ للعرض، فقط سبيل الشهوة والإثارة والفساد حماية للنفس، وحماية للذرية من الفساد والضياع.
لقد نهى الله تعالى آدم وزوجه من الاقتراب من الشجرة، لأن مجرد القرب منها خروج من الجنة -كما بينها في المبحث الأول- ولن يقربا منها إلا لهدف الأكل منها، وهما ليسا بحاجة لذلك، وقد أبيح لهما الأكل من الجنة رغدًا حيث يشاءا .... ولكنهما نسيا نهي الله لهما، وخرجا إلى الشجرة، فذكر تعالى أنهما ذاقا الشجرة وأنهما أكلا من الشجرة ... وكلا منهما جاء بما يناسب عرض الموقف الذي ذكرا فيه؛ ففي سورة الأعراف؛ يعرض إبليس على آدم عرضه المغري: (قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120) طه، فيستجيب له آدم ويرغب في ذلك ويطلب منه أن يدله على الشجرة ليأكل منها: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه، وفي القصة اختصار دل عليه الأكل وهو تناول من الشجرة أكثر من التذوق لها ... فناسب شدة الرغبة ذكر الأكل، وهو أشد من التذوق.
أما في سورة الأعراف فالأسلوب اختلف وأظهرت توجس آدم؛ قال تعالى: (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) .... فاختلق إبليس سبب النهي عن الشجرة، وأحسن أن اختلاقه محل الشك والريبة فأكده بالقسم الكاذب: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) ... واستمر التغرير بهما وهما يهبطان إلى الشجرة: (..فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ..) ... فناسب مع هذا التوجس التذوق لمعرفة الطعم قبل الأكل، وهو بداية الأكل: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
ذكر تعالى في السورتين وسوسة الشيطان لهما ولكن في (الأعراف) زاد تعالى: (..لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا...(20) فكان ذلك هدفًا لإبليس قبل مخاطبتهما، وأنه كان يعرف أن الأكل من الشجرة موصل إلى ذلك، فهل حدث لإبليس مثل ذلك؟، وإن كان الأمر كذلك فهل ستر عورته مثل ما فعل آدم أم بقيت مكشوف العورة؟ ... لم يخاطب الله تعالى آدم وزوجه حتى سترا عوراتهما ... ولم يذكر تعالى أنه خاطب إبليس بعد طرده من الجنة.... أم أن الشجرة ليس من جنس طعام إبليس! ... فكيف عرف إذن أنها الأكل منها يبدي السوءة؟
ماذا فعل الأكل من الشجرة بآدم وزوجه؟!
هل سبب الأكل من الشجرة حساسية لهما؟! .. فمن شدة حك الجلد وهرشه لم يطيقا لباسهما فنزعه الشيطان عنهما برضاهما! ...
أم أن الحساسية ورمَّت أجسامهما، فضاقت عليهما فنزعهما الشيطان عنهما بطلب منهما؟! ...
أم أن الأكل من الشجرة أسكرهما وخدرهما ففقدا وعيهما فاستغل الشيطان حالهما فنزع عنهما لباسهما؟!
النزع فعل قام به الشيطان: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا ... (27) الأعراف.
الرأي الأخير هو الأقرب للتصور .... والله تعالى أعلم ... فإن ستر العورة يحتاج إلى قليل من اللباس، ولم يبق لهم من اللباس شيئًا، ولماذا لم يُبقيا من لباسهما شيئًا يستر عوراتهما؟!، الأقرب أن الشيطان نزع لباسهما في غفلة حدثت لهما وأخفاه عنهما ..
أما القول بأن لباسهما من نور .. فلو كان الأمر كذلك فما للشيطان من سبيل في نزعه ... وإن كان الشيطان جرب الأكل من الشجرة ... فقد أفاق منها بعد ذلك وعرف ضررها.
وماة "ذاق" استعملت في ذوق العذاب والبأس والوبال والخزي، والجوع والخوف.
واستعملت في ذوق الرحمة، فتبع من ذائقها؛ إنكار البعث، والكفر بآيات الله، والفرح، والبخل، والإشراك بالله ... فكانت فتنة له فقد فيها إيمانه واتزانه وأسكرته النعمة وغره بسط الرحمة له، فكان منه ما فيه غضب الله وسخطه، فإذا نزعت منه يئس وقنط وكفر.
فنفهم من استعمال الذوق في حدوث المضرة، وفقدان العقل واتزانه وسوء تقديره .. وتخبط المعذب وتقلبه في عذابه وعدم استقراره.... ولا يخرج ما حدث لآدم وزوجه عن ذلك ... فنزع الشيطان عنهما لباسهما وهم في غير وعي لما يفعله الشيطان بهما، فلما انطلقا إلى الجنة ليسترا سوءاتهما بورق الجنة، ولولا أن كشف السوءة أمر عظيم عند الله، لما سمح لهما بستر عوراتهما من ورق الجنة.
أما مادة "نزع" فكان استعمالها في القرآن في كشف الشيء وظهوره:
- ففي نزع الملك من يد صاحبه، يجعله مكشوفًا لا شيء يحيط به ويحميه،
- ونزع الغل من صدور أهل الجنة يجعل صدورهم سليمة لا يخفون فيها على إخوانهم شيئًا، فباطنهم كظاهرهم في المحبة، وحسن التعامل والعشرة.
- ونزع الرحمة - وهي عطاء الله لعباده- من يد من أعطيت له، يجعله فقيرًا محتاجًا يخرج للناس، يسألهم العمل أو الإحسان إليه،
- ونزع موسى عليه السلام يده من جيبه، أخرجها؛ فإذا هي شديدة الانكشاف بشدة بياضها،
- ونزع يوم القيامة من كل شيعة أشدهم عتيًا، ونزع من كل أمة شهيدًا، لكشف ما كانت عليه كل امة من الضلال،
- ونزع الريح للكفار من عاد كشفهم بخلعهم من كل مكان يستترون ويحتمون به.
ففي كل هذه الأمثلة المستعملة في القرآن كان الانكشاف وكانت معه الشدة، فنزع الشيطان للباسهما يدل على شدة منه في فعله لكشف أجسادهما، وأهم ما في الانكشاف كان انكشاف سوءاتهما ليريهما ذلك، وقد جاء الفعل بصيغة المضارع لا الماضي مع أن الحدث قديم جدًا ليبين الله تعالى لنا أن فعل الشيطان مستمر .... ولم يتوقف ...
وفقد الحياء بين الجنسين انحطاط لهما في الحياة الدنيا .. ولا مكان للعراة في الجنة.
كان هذا موضوعنا الخامس في هذه السلسلة ... وبقي الحديث عن خلافة آدم إن شاء الله تعالى

أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي


مواضيع لها علاقة بالموضوع ومتتمة له
أين الشجرة التي أخرجت آدم من الجنة ؟ (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=50007)
شجرة الإبعاد وعيد البعد (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=50010)
كيف غوى إبليس آدم من خارج الجنة؟ (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=50009)
كيف نزع الشيطان عن آدم وزوجه لباسهما؟ ولماذا ؟ (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=50013)
هل أسكن آدم جنة الخلد أم جنة في الأرض؟ (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=50011)
هل خلف آدم عليه السلام ما يسمى الإنسان الأول؟ (http://www.wata.cc/forums/showthread.php?p=402019#post402019)

هشام يوسف
27/06/2009, 12:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الفاضل..

بداية أحب أن أوضح أن هناك فرق بين اللباس والثياب.. إذ أن اللباس هو ما لصق بالجسم تماما وستر السوءات( وهو ما نسميه في أيامنا هذه بالملابس الداخلية)، أما الثياب فهي كل ما كان فوق اللباس وستر ما ستر من باقي الجسم.

الرأي عندي أن لباس أبوينا عليهما السلام كان من نور.. وإلا فلم أخذا (يطفقان) بورق الجنة ولم يلبسا اللباس الذي نزعاه..ثم إن سياق الآيات يشير إلى أنه بمجرد قيامهما بأكل الثمر ظهرت السوءة فانهمك كل منهما يواري سوءته في صورة فطرية وردة فعل سوية.. وهذا دليل على أنهما كانا في وعيهما.

في حفظ الله ورعايته

أبو مسلم العرابلي
27/06/2009, 05:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل..
بداية أحب أن أوضح أن هناك فرق بين اللباس والثياب.. إذ أن اللباس هو ما لصق بالجسم تماما وستر السوءات( وهو ما نسميه في أيامنا هذه بالملابس الداخلية)، أما الثياب فهي كل ما كان فوق اللباس وستر ما ستر من باقي الجسم.
الرأي عندي أن لباس أبوينا عليهما السلام كان من نور.. وإلا فلم أخذا (يطفقان) بورق الجنة ولم يلبسا اللباس الذي نزعاه..ثم إن سياق الآيات يشير إلى أنه بمجرد قيامهما بأكل الثمر ظهرت السوءة فانهمك كل منهما يواري سوءته في صورة فطرية وردة فعل سوية.. وهذا دليل على أنهما كانا في وعيهما.
في حفظ الله ورعايته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك يا أخي الكريم
نعم اللباس غير الثوب
وفي أحد المواقع وجل أعضائه كما يبدو من الماسونيين واليهود
قالوا وهم يتهجمون على البخاري رحمه الله كيف يروي أن الحجر أخذ ثوب موسى فتبعه موسى عليه السلام وهو عار حتى دخل قومه
فرددت على الكاتب بأنه جاهل باللغة وأنه لا يفرق بين الثوب واللباس .. ووضحت له بالآيات خطأه والفرق بينهما وخلع الثوب لا يكشف العورة.
فلم يسألوا بعدها أسئلة محرجة ليخدعوا بها الجهلة. ولا يريدون ان يفضح أحد تلبيساتهم.
أخي الكريم
ليس لدي قدرة على تخيل اللباس من نور .. مع أنه ذكر في التفاسير
هل يعمي هذا اللباس أعين الناس الذين حول صاحبه فلا يستطيعون رؤية عورته ؟
ولماذا كان لباس آدم وزوجه من نور فقط ؟
ولماذا لباس أهل الجنة من سندس وإستبرق ولا يكون من نور ؟
وكلمة "نزع" تفيد سلب الشيء من صاحبه من غير إرجاع الشيء له
وهذا يدل على أن إبليس إما أنه أخفى عنهما لباسمهما بعد خلعهما له
أو جعلهما يخلعانه ممزقًا فلا يصلح لأن يلبس مرة أخرى فيستر عوراتهما.
فلما أفاقا أدركا ما حدث لهما فتوجها للجنة ليسترا عوراتهما من ورق الجنة
ولم يكن ورق تلك الشجرة عريضًا صالحًا لستر عوراتهما.
وسياق الآيات يا أخي الكريم دال على أنهما لم يسترا عوارتهما مباشرة؛
قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه،
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
لما ذكر الأكل، والأكل يأخذ من المرء زمنًا في تناوله؛ قال: (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)؛ بفاء التعقيب دون انتظار.
ولما ذكر بأنما ذاقا الشجرة؛ أي أثر فيهما الأكل من الشجرة؛ قال: (بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا)؛ تعقيب دون فاصل.
وقال بعد ذلك في الآيتين قال: (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا )، ولم يقل: (طفقا يخصفان)، ولم يقل: (فطفقا يخصفان)؛ علامة على أن هناك فاصلا زمنيًا بعد أن بدت لهم سوءاتهما إلى أن تمكنا من الوصول إلى أطراف الجنة، وأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة، والورق يؤخذ من أطراف الشجر.
والله تعالى أعلم
وجزاكم الله تعالى بكل خير

غالب ياسين
27/06/2009, 09:46 AM
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما
سيدي الفاضل استاذ ابو مسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اثابكم الله على هذه المعلومات وعلى كل شيء جديد تتحفنا به
موضوع هام وجهد مشكور
لكم احترامي وتقديري سيدي الفاضل

أبو مسلم العرابلي
27/06/2009, 10:10 AM
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما
سيدي الفاضل استاذ ابو مسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اثابكم الله على هذه المعلومات وعلى كل شيء جديد تتحفنا به
موضوع هام وجهد مشكور
لكم احترامي وتقديري سيدي الفاضل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل غالب ياسين
أشكر لكم مرورك الكريم
وبارك الله فيكم ولكم
وزاكم الله علمًا وفضًا وإحسانًا

نجوى النابلسي
27/06/2009, 02:13 PM
الشيخ أبو مسلم العرباوي المحترم

مشكور لهذه المحضارات القيمة الداعية لتأمل ىيات الله يبحانه وتعالى

" السوءة استخدمت أيضاَ لتدل على الجسد كله " ليواري سوءة أخيه" فهل يمكن أن يكون معنى فبدت لهما سوءاتهما أنهما لم يكونا مدركين لحقيقة جسدهما فلما أكلا منها بدا لهما الجسد بتفاصيله. قد يكون لباس التقوى هو ما نزع منهما بعد الأكل.

اسئلة لا أكثر مع احترامي الكبير لما قدمته من علم.

أديب القصراوي
27/06/2009, 02:34 PM
استاذنا الجليل أو مسلم العرابلي الفاضل .. أسعد الله بك المسملين وأسعد المسملين بك

السلام عليكم ورحمة الله ربركاته ..

أننا جميعا معشر واتا محظوظون بك وبعلمك الوفير، زادك الله علما على علم ونورا على نور. حقا انك تثلج صدورنا بهذه النفحات الفقيهة الفواحة. إن ما تجود به من خير وتنوير إيماني إنما يرسخنا إيمانا وينور قلوبنا بالحق ويعلمنا ما خفي علينا من علوم الدين الحنيف.

أبقاك الله ذخرا للمسلمين ونفعنا بعلمك الواسع ..

لك مني أجل الاحترام والتقدير مع دعواتي لله عز وجل أن يطيل في عمرك انه سميع مجيب ..

علي الحليم المقداد
27/06/2009, 02:36 PM
أخي الغالي سماحة الأستاذ أبا مسلم / عبد المجيد العرابلي
بِكَ ، "واتا" أكثر جمالا ..
الفكر أرقى ..
الخلقُ أسمى ..
السلام عليكم – ياسيدي – و رحمة الله و بركاته ، زادك الله علما ، و أنعم عليك بتاج الصحة و القوة ، و جعل كل ماتلقي به في عقولنا من خير في ميزان أعمالك !!
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }البقرة32

هشام يوسف
27/06/2009, 05:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وسياق الآيات يا أخي الكريم دال على أنهما لم يسترا عوارتهما مباشرة؛
قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه،
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
لما ذكر الأكل، والأكل يأخذ من المرء زمنًا في تناوله؛ قال: (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)؛ بفاء التعقيب دون انتظار.
ولما ذكر بأنما ذاقا الشجرة؛ أي أثر فيهما الأكل من الشجرة؛ قال: (بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا)؛ تعقيب دون فاصل.
وقال بعد ذلك في الآيتين قال: (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا )، ولم يقل: (طفقا يخصفان)، ولم يقل: (فطفقا يخصفان)؛ علامة على أن هناك فاصلا زمنيًا بعد أن بدت لهم سوءاتهما إلى أن تمكنا من الوصول إلى أطراف الجنة، وأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة، والورق يؤخذ من أطراف الشجر.
والله تعالى أعلم

قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه،
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
أخي الفاضل.. سياق الآيات يدل على القيام بستر العورة مباشرة؛ ويمكن فهم ذلك عندما تقرأ قوله تعالى في سورة طه.. فاكلا.. ماهي النتيجة؟.. فــــــــ ( بدت و طفقا ).. ففاء التعقيب قد جاءت في الأمرين معا؛ حيث يكون الظاهر أنه بمجرد ظهور السوءة كانت ردة الفعل الفورة بمحاولة ستر السوءة وذلك في صورة تظهر الإرباك وردة فعل فطرية ( طفقا)..والظاهر أن ظهور السوءة قد بدأ بالتدريج؛ وكأنهما كانا يترقبان نتيجة ذلك الفعل من الأكل ( تذوق ثم أكل) ولا يخفى عليك أن التذوق يكون في اللسان دون دخول الطعام إلى الجوف، ويبدو أن حالة التذوق قد كانت مفصلية ..إما الرجوع وإما الإستمرار.. إلا أن القرار كان في الإستمرار فصار الأكل.

أخي الكريم
ليس لدي قدرة على تخيل اللباس من نور .. مع أنه ذكر في التفاسير
هل يعمي هذا اللباس أعين الناس الذين حول صاحبه فلا يستطيعون رؤية عورته ؟
ولماذا كان لباس آدم وزوجه من نور فقط ؟
ولماذا لباس أهل الجنة من سندس وإستبرق ولا يكون من نور ؟
وكلمة "نزع" تفيد سلب الشيء من صاحبه من غير إرجاع الشيء له
وهذا يدل على أن إبليس إما أنه أخفى عنهما لباسمهما بعد خلعهما له
أو جعلهما يخلعانه ممزقًا فلا يصلح لأن يلبس مرة أخرى فيستر عوراتهما.
فلما أفاقا أدركا ما حدث لهما فتوجها للجنة ليسترا عوراتهما من ورق الجنة
ولم يكن ورق تلك الشجرة عريضًا صالحًا لستر عوراتهما.

أخي الفاضل.. عندما ندرك ماهية النور أولا سنعرف حينها كيف يكون لباسا ويستر السوءة.

بالنسبة للباس أهل الجنة وكونه من حرير وغيره وليس من نور.. فربما لكون أن لباس النور قد نزع منهما بلا رجعة؛ وهذا ما قد أثبته انت في معنى كلمة " نزع".. وبذلك، ومن ذلك الوقت فقد صارت الحاجة للباس يواري السوءة.

وكي نفهم لباس النور لا بد أن نستذكر لباس التقوى الذى هو خير، ونستذكر أن الشيطان ما زال يعمل على نزع اللباس من بني آدم.. ونستذكر النور الموجود في كتاب الله جل وعلا.. ونستذكر دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام في جعل النور.. ونستذكر خلق الملائكة.. وهناك الكثير من الأمور التي إذا ربطت نستطيع أن نتصور أمرا حول علاقة النور بالإنسان وسبل الشيطان وحربه على البشر.. وهي من الأمور الاساسية في الملة والدين.. وقد صار لي رؤية حول هذه الأمور وما زلت أتبصر بها؛ نسأل الله العليم العلم والهدى.

ومن المفترض أن يكون "اللباس الذي مزق" أفضل لستر السوءة من ورق الجنة غير العريض وغير الكافي للستر بأي حال من الأحوال.

أما بالنسبة للجنة وخارجها وداخلها.. فهي أمور لا زلت أتفكر بها ولم أقتنع لغاية الآن بأي تصور عن هذا الموضوع.

في حفظ الله

أبو مسلم العرابلي
27/06/2009, 11:24 PM
الشيخ أبو مسلم العرباوي المحترم
مشكور لهذه المحضارات القيمة الداعية لتأمل ىيات الله يبحانه وتعالى
" السوءة استخدمت أيضاَ لتدل على الجسد كله " ليواري سوءة أخيه" فهل يمكن أن يكون معنى فبدت لهما سوءاتهما أنهما لم يكونا مدركين لحقيقة جسدهما فلما أكلا منها بدا لهما الجسد بتفاصيله. قد يكون لباس التقوى هو ما نزع منهما بعد الأكل.
اسئلة لا أكثر مع احترامي الكبير لما قدمته من علم.

الأخت الفاضلة نجوى النابلسي
تعجبني أسئلتك وتمحيصك للمواضيع
السوءة سميت سوءة لأن انكشافها يكون فيه أذى لنفسه أو لغيره
وتعرض الميت للهواء دون دفن سيولد منه رائحة تسيء إلى كل من يجدها
ولذلك كان القاتل في حيرة كيف يفعل بأخية
وهذه علامة لبداية تعفن أخية المقتول
أما في حال آدم عليه السلام وزوجه فالأمر مختلف
والإساءة لهما كانت بانكشاف عوراتهما
وكانا يدركان أنها عورات
لذلك تصرفا فورًا لستر عوراتهما بعد نزع لباسهما عنهما
فأحسن الله إليك بكل خير
وزادك الله من علمه وفضله

أبو مسلم العرابلي
27/06/2009, 11:30 PM
استاذنا الجليل أو مسلم العرابلي الفاضل .. أسعد الله بك المسملين وأسعد المسملين بك
السلام عليكم ورحمة الله ربركاته ..
إننا جميعا معشر واتا محظوظون بك وبعلمك الوفير، زادك الله علما على علم ونورا على نور. حقا إنك تثلج صدورنا بهذه النفحات الفقيهة الفواحة. إن ما تجود به من خير وتنوير إيماني إنما يرسخنا إيمانا وينور قلوبنا بالحق ويعلمنا ما خفي علينا من علوم الدين الحنيف.
أبقاك الله ذخرا للمسلمين ونفعنا بعلمك الواسع ..
لك مني أجل الاحترام والتقدير مع دعواتي لله عز وجل أن يطيل في عمرك انه سميع مجيب ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم الفاضل أديب قصراوي
وأنا سعيد بأخوتكم وحسن تقديركم
وجزاكم الله بكل خير
وأحسن الله إليكم
وزادكم الله تعالى علمًا وفضلاً وإحسانًا
وزرقكم الله تعالى بخير ما دعوتم به وزيادة فضل من الله تعالى عليه

أبو مسلم العرابلي
27/06/2009, 11:37 PM
أخي الغالي سماحة الأستاذ أبا مسلم / عبد المجيد العرابلي
بِكَ ، "واتا" أكثر جمالا ..
الفكر أرقى ..
الخلقُ أسمى ..
السلام عليكم – ياسيدي – و رحمة الله و بركاته ، زادك الله علما ، و أنعم عليك بتاج الصحة و القوة ، و جعل كل ماتلقي به في عقولنا من خير في ميزان أعمالك !!
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }البقرة32

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم الفاضل علي الحليم
زادكم الله تعالى علمًا وحسنًا وحلمًا
وبارك الله فيكم وجزاكم الله بكل خير وفضل
ودمتم في حفظ الله ورعايته

أبو مسلم العرابلي
28/06/2009, 12:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه،
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) الأعراف.
أخي الفاضل.. سياق الآيات يدل على القيام بستر العورة مباشرة؛ ويمكن فهم ذلك عندما تقرأ قوله تعالى في سورة طه.. فاكلا.. ماهي النتيجة؟.. فــــــــ ( بدت و طفقا ).. ففاء التعقيب قد جاءت في الأمرين معا؛ حيث يكون الظاهر أنه بمجرد ظهور السوءة كانت ردة الفعل الفورة بمحاولة ستر السوءة وذلك في صورة تظهر الإرباك وردة فعل فطرية ( طفقا)..والظاهر أن ظهور السوءة قد بدأ بالتدريج؛ وكأنهما كانا يترقبان نتيجة ذلك الفعل من الأكل ( تذوق ثم أكل) ولا يخفى عليك أن التذوق يكون في اللسان دون دخول الطعام إلى الجوف، ويبدو أن حالة التذوق قد كانت مفصلية ..إما الرجوع وإما الإستمرار.. إلا أن القرار كان في الإستمرار فصار الأكل.
أخي الفاضل.. عندما ندرك ماهية النور أولا سنعرف حينها كيف يكون لباسا ويستر السوءة.
بالنسبة للباس أهل الجنة وكونه من حرير وغيره وليس من نور.. فربما لكون أن لباس النور قد نزع منهما بلا رجعة؛ وهذا ما قد أثبته انت في معنى كلمة " نزع".. وبذلك، ومن ذلك الوقت فقد صارت الحاجة للباس يواري السوءة.
وكي نفهم لباس النور لا بد أن نستذكر لباس التقوى الذى هو خير، ونستذكر أن الشيطان ما زال يعمل على نزع اللباس من بني آدم.. ونستذكر النور الموجود في كتاب الله جل وعلا.. ونستذكر دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام في جعل النور.. ونستذكر خلق الملائكة.. وهناك الكثير من الأمور التي إذا ربطت نستطيع أن نتصور أمرا حول علاقة النور بالإنسان وسبل الشيطان وحربه على البشر.. وهي من الأمور الاساسية في الملة والدين.. وقد صار لي رؤية حول هذه الأمور وما زلت أتبصر بها؛ نسأل الله العليم العلم والهدى.
ومن المفترض أن يكون "اللباس الذي مزق" أفضل لستر السوءة من ورق الجنة غير العريض وغير الكافي للستر بأي حال من الأحوال.
أما بالنسبة للجنة وخارجها وداخلها.. فهي أمور لا زلت أتفكر بها ولم أقتنع لغاية الآن بأي تصور عن هذا الموضوع.
في حفظ الله

أخي الكريم والحبيب هشام يوسف
يجب التفريق بين أربعة أوضاع على الأقل في الطفق؛ ولكل واحدة منها استعمالها؛
1- طفقا
2 -فطفقا
3- وطفقا
4- ثم طفقا
الأولى هي الأسرع كأنه لا فاصل زمني بعد الحدث بسبب سرعة المباشرة في الطفق
والثانية دالة على العجلة في الطفق
والثالثة أبطأ وأنهم فعلا الطفق بعد الحدث
والرابعة فعلا الطفق بعد زمن من الحدث وقد تتخلل أفعال أخرى بعد الحدث وقبل الطفق
والوارد في الآيتين الثالثة (وطفقا)
وسبب البطء أن ورق الجنة كان بعيدًا عنهما بما دلت عليه بقية النصوص

وثانيًا أن الذوق عملية عصبية تؤثر في النفس والجسد
فمن ذاق شيئًا مرًا أو حامضًا تقبضت عضلات وجه ويتغير حاله بسبب تأثير ما ذاقه
وهذا عند التأثير الفوري
وهناك من الآثار لا يحس بها الآكل إلا بعد فترة من الأكل كالمغص وغير ذلك.
ومادة "ذاق" دل استعمالها على تأثير المذكور على الجسد
وظهور التأثير قد يكون فوريًا، وقد يكون بطيئًا؛ فيظهر قبل الانتهاء من الأكل، او بعد الانتهاء منه.
والأكل يأخذ فترة من الزمن؛ لذلك جاء بعد ذكر الأكل بفاء التعقيب دون تراخي: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)
أما عند الذوق وقد حصل التأثير فجاء بأعجل الصيغ: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)
ونفهم من الآيتين أن التأثير لم يكن فوريًا وأنه حصل بعد زمن في الأكل.

أما القول بأن لباسهما من نور فهذا لا يعرف إلا بوحي صحيح من الله تعالى؛ في كتابه أو سنة نبيه، ولا يأتي من الاجتهاد فيه من أدلة غير صريحة الدلالة عليه.
فحتى يثبت بوحي من الله تعالى يكون لنا فيه الرأي الذي يجب أن يكون.
أما داخل الجنة وخارجها فما زال في نفسك شيء منه
فإلى أين أخرج الله تعالى إبليس من الجنة ثم أغوى بعد ذلك منه آدم.
فهذه من البدهيات التي لا تحتاج عناء مشقة في فهمها
ويا أخي الحبيب أنا لا أنشر شيئًا وأنا متردد فيه، وعندي إلتباس في بعض مسائله ووجوهه
ولو ظهر لي خلاف ما أقول فلن أتردد في التراجع عنه.
وبأي وجه أقابل الله عز وجل بأقوال أقولها، وفي النفس شيء منها لا أظهره للناس
وجزاكم الله بكل خير
وأحسن الله إليكم وزادنا الله تعالى وإياكم من علمه وفضله وإحسانه

أبو مسلم العرابلي
17/06/2016, 09:04 PM
لقد فقدت تلك الأقلام التي كانت تعارض وتناقش وتبدي آراء أصحابها
فتثري الموضوع وتعمق جذوره