المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكومة الفشل والازامات



عادل ابراهيم عامر
02/07/2009, 10:50 PM
حكومة الفشل والازامات
الدكتور عادل عامر
عانى الشعب المصري ولا يزال يعاني من أزمات وكوارث عصفت به في ظل نظام يفتقد أدنى مراتب الرشد أو الحكمة، إلى حدٍّ لم يكد الشعب فيه أن يفيق من كارثة حتى يفاجأ بكارثة أخرى تحل عليه، فمن حرائق متتالية، إلى غرق عبارة، إلى أزمة مالية، إلى أنفلونزا الطيور، إلى.. إلى .. والبقية تأتي!!. وفي جميع تلك الكوارث وغيرها حصلت الحكومة على درجة الفشل والتخبط بامتياز في مواجهتها، ولم نسمع من المسئولين سوى عبارات، مثل: نحن نحاول، أو لا يوجد خطورة علينا، مفيش أزمة.."، وغيرها عززت مستوى الحكومة في الفشل والتخبط في إدارة الأزمات. وفي ظل هذا الأداء المتناهي في السوء حول وجود خطة حكومية لمواجهة الكوارث والأزمات من عدمه، والأسباب التي أدت إلى استمرارها، وإلى متى ستظل الحكومة تبحث عن ستائر لتخفي فشلها؟! وما سر تعاملها مع الأزمات بدم بارد لا يراعي حياة ومصالح شعب مغلوب على أمره؟!.بدايةً نؤكد أن الحكومة تتعامل مع الأزمات والكوارث الاقتصادية بسياسة إطفاء الحرائق؛ حيث تتعامل الحكومة مع المشكلة بمثابة حريق يتم إطفاؤه، وبمجرد هدوء وانطفاء شرارته تعود الإجراءات لما كانت عليه. وأنه قد تم المرور بالعديد من الأزمات الاقتصادية، وكانت الأبرز خلال الفترة الماضية الأزمة المالية التي أنكرتها الحكومة في بادئ الأمر، وحينما تفاقمت أعلنت عنها، وأطلقت عبارات رنانة كاذبة، قائلة إنه قد تم ضخ 15 مليار جنيه؛ لتلافي عقباتها في حين أن الواقع يرد تلك الأقاويل، ويشهد على تأثر العديد من القطاعات الاقتصادية بالأزمة تأثرًا بالغًا أضر بالعديد من الشركات التي أشهرت إفلاسها أو حولت نشاطها. و أن مؤشرات الأداء الاقتصادي تراجعت بنسبة 4%، بالإضافة إلى تزايد معدلات التضخم إلى 11.7%، فضلاً عن ارتفاع معدل البطالة إلى 9.5%؛ مما يشير إلى أن هناك أزمة حقيقية في الأداء الاقتصادي والمالي، وكذلك المصرفي الذي تأثر بالبورصات العالمية. و أنه لا بد من وجود رقابة من جانب مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات شفافة ومستقلة، بعيدًا عن مجلس المعلومات، واتخاذ القرار الحكومي، مع ضرورة وجود جهات رقابية؛ لتقييم أداء الجهات والقطاعات المختلفة؛ لكشف حقيقة الأوضاع القائمة التي تحاول أن تتستر عليها الحكومة. إن الحكومة المصرية باتت تتعامل مع الأزمات والكوارث الاقتصادية بفشل متكرر في ظل غياب منظومة ديمقراطية؛ مما أثر بشكل سلبي على تعاملها مع كافة الأزمات. وأضاف أن الحكومة تفتقر إلى نظرة إستراتيجية للمستقبل؛ لأنها لا تعبر تعبيرًا حقيقيًّا عن متطلبات المجتمع، فقط هي تسعى إلى تحقيق مصالح كبار رجال الأعمال والشخصيات ذات النفوذ، ومن ثمَّ لا تهتم بوضع خطة إستراتيجية لتحقيق مصلحة الشعب؛ مما يترتب عليه حدوث العديد من الكوارث والمشاكل التي لا حصر لها. و مندهش من المعدلات غير الحقيقية التي تظهرها الحكومة عن نسب البطالة التي عللت بها انخفاض العلاوة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الحجم الفعلي للبطالة طبقًا لإحصائيات التنمية تبلغ 25% من قوة العمل في حين تدعي الحكومة أنها 10%.و أن الحكومة تصطنع إظهار صورة ناجحة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، ويظهر فشلها؛ حيث تلجأ لاتخاذ بعض الأساليب الملتوية لإثبات نجاحها، وتمارس ذلك الأسلوب من خلال ممارسة الضغط على بعض الأفراد ممن يعرفون بنزاهتهم، أو كشفهم للحقائق التي تقوم هي بليها. أن الجهاز الحكومي المصري يفتقد ثقافة إدارة الأزمات بصفة عامة؛ فضلاً عن أن النظام يتحرك ببطء شديد في معالجة الأزمة، بل يصل الأمر إلى أن تكون هناك حالة من عدم التيقن من سبل مواجهة الأزمة. و أننا أصبحنا ننتظر وقوع الكوارث والأزمات حتى نبادر بالتفكير في حلها، أن الحكومة تسرعت وأعلنت أنه لا يوجد عندنا أزمة مالية، وبنفس العشوائية في القرار ذكرت أننا لن نتأثر بمشكلة جنوب شرق آسيا الخاصة بالوقود والغاز؛ ولكننا تأثرنا، وفقد الاقتصاد المصري ما لا يقل عن 7 مليارات جنيه. أنه لا علاقة بين عجز الموازنة والعلاوة الاجتماعية وبين تدبير فرص عمل لخفض البطالة، موضحًا أنه لا توجد علاقة أيضًا بين الموازنة الجارية والموازنة الاستثمارية؛ لأن لكل منهم منافذ تدبيره، ولكن الحكومة افتعلت أزمة العلاوة الاجتماعية من أجل إحداث "شو إعلامي" للنظام؛ حيث إن وزارة المالية لا تدير الأزمات، ولكنها تعمل تحت مسمى "الإدارة بالأزمات". القرارات الحكومية تجاه الأزمات الاقتصادية بأنها فوضوية تتم بلا دراسات، أو أبحاث لمواجهة أو حصر الأضرار التي قد تلحق بالقطاعات الاقتصادية المختلفة؛ فضلاً عن أن المواجهة تتم بطريقة غير مسئولة كأقوال "نقترح، نرى، ومن الممكن أن يحدث...". وبهذه الأقاويل لم نرق لمستوى الأزمة. غياب التنسيق بين الوزرات المختلفة والجهات المسئولة، بالإضافة إلى غياب الشفافية، مع انعدام وجود ابتكارية في الحلول؛ حيث لا يتوافر لدينا ما يسمى بـ"بالقرار الابتكاري". أن كافة الشواهد والظواهر الاقتصادية تبرهن على فشل الحكومة في استغلال موارد الدولة، وأن الإجراءات التي تلجأ إليها لا تأتي إلا بأعباء على المواطن البسيط ومحدودي الدخل. فشل الحكومة بما يحدث الآن في الموازنة العامة من خفضٍ لنسبة الدعم إلى 45%، وكذلك الإيرادات انخفضت بنسبة 23%، والمصروفات العامة تمَّ خفضها إلى 15%، وتبرر الحكومة ذلك بالأزمة المالية، وهي التي أكَّدت في وقت سابق أننا لن نتأثر بها. أن الحكومة توجه دعمًا لرجال الأعمال يقدر بـ25%، في حين أنها لم تقم برفع النسبة المخصصة لدعم محدودي الدخل، فضلاً عن أن هناك عددًا كبيرًا من الأراضي تُهديها الحكومة لرجال الأعمال، مثال أرض "مدينتي"، والتي تقدر بأكثر من 100 مليار جنيه، ومن الطبيعي أن تؤثر كل هذه الحسابات في نهاية الأمر على الموازنة. وعن ممارسات الحكومة خلال الفترة الماضية ممارسات سلبية رفعت فيها الحكومة يدها عن ممارسة النشاط الاقتصادي، وأطلقت العنان للقطاع الخاص، في ظل أنه لم يكن مؤهلاً، ولا يمتلك خبرات كافية؛ فكانت النتيجة المترتبة على ذلك استشراء الفساد؛ من تهريب، وتورط للعديد من رجال الأعمال في قضايا رشوة وفساد. أن غياب منظومة رادعة للقانون، وإقامة علاقات شخصية بين كلٍّ من رجال الأعمال والمسئولين بالدولة، هما السببان الرئيسيان وراء منظومات الفساد بالمجتمع. وعن إستراتيجيات معالجة الحكومة للأزمات إلى أنها تتعامل مع المشكلات والأزمات الاقتصادية على أنها أمور حياتية، تحاول أن تتعايش معها ثم تطرح بعضًا من الحلول الجزئية، وتدعو المجتمع أن يعايش تلك المشكلات والأزمات، مثل أزمة انهيار منظومة التعليم؛ حيث تناقش تلك المشكلات بشيء من التهوين، وبعد أن تنتشر تحاول أن تعلن عنها على استحياء، في حين أنه كان من المفترض أن تتخذ إستراتيجيات مستحدثة لتناول تلك الأزمات دون أن تكون لصالح أفراد على حساب آخرين. أن الفساد في مصر يلعب دورًا خطيرًا في الأداء الاقتصادي؛ حيث تراجعت مؤشرات الأداء الاقتصادي لأكثر من 50%؛ بسبب تخلي الدولة عن دورها الرقابي ومنح رجال الأعمال العديد من الصلاحيات التي سعوا من خلالها إلى امتلاك القرار، ومن ثمَّ التفريط في المال العام بامتلاك الأراضي والسيطرة عليها، وتخصيص الشركات الحكومية، فضلاً عن إقامة العديد من المشروعات الوهمية. أن هناك شركات نَصْب عالمية تمارس أدوارًا على الأراضي المصرية، مثل الأراضي التي حصل عليها الأمير الوليد بن طلال لاستصلاحها، وكانت تقدر بمئات الآلاف من الأفدنة، وبعد مرور عشر سنوات لم يتم زراعة سوى عشرة أفدنة فقط، والمشكلة تكمن في أنها أرض وقف لهم؛ مما يعني أن الحكومة لن تتمكن من المطالبة بباقي الأراضي، بحجة ألا تضطرب العلاقات والمصالح بين البلدين. أن الحكومة فشلت في إدارة الأزمات؛ لأنها تدير البلد بأسلوب غير علمي وبدون أدنى استعداد، مثلما حدث في أنفلونزا الخنازير والطيور، وعالجت الأزمتين بعشوائية شديدة أدَّت إلى أن تصبح مصر الأولى على مستوى العالم في الكارثة. وأنه لا بد من إحكام قبضة، وأقلام الصحافة على الحكومة؛ لكشف عورها الذي تحاول أن تتستر به خلف ضغطها الأمني وحملات الاعتقال وإرهاب المواطنين الآمنين