الرياضيون المنسيون

[محمد التهامي بنيس]

الرياضيون المنسيون
حتى لا أثير حساسيات البعض , وان كان الاستفزاز أحيانا مدعاة لردة فعل مبدعة ومنتجة , لن أذكر المستفيدين من قطاع الرياضة , ومنهم من ركبوا على ظهرها فكانوا انتهازيين , حققوا المكاسب لشخصهم , فمنهم من وصل ما وصل إليه بدخوله من النافذة , بدلا من دخول الرياضة من الباب الواسع , ومنهم من نسي أصله وفصله يعد أن ركب مطية الشهرة , فأصبح لا يفيد بخبرته , ولا يحافظ على مكانته كرياضي , حملته أمته مسئولية النهوض بالرياضة
فمثل هؤلاء . وان كثروا فهم في حقيقة الأمر قلة , بمثل ما تنكروا لقطاع الرياضة , تنكر لهم قطاع الرياضة , أما الكثرة الكثيرة فهي في تلك الأسماء التي مهما تسترت بإباء وعزة نفس وشرف , فإن دورها وعطاءها وإخلاصها الرياضي , يجعلها على الدوام في عقولنا , لأنها دخلت التاريخ , ومثل هؤلاء يكون لنا الشرف أن نذكرهم ونذكر بعض أسمائهم , فبالأمس القريب ارتفع صوت عبد السلام الراضي منذرا أن جل دول العالم تعرفه . تتذكره . تعترف بجميله لأنه جرى وأسرع في الجري لرفع راية بلاده عالية في المحافل الدولية , ثم انه اليوم منسي اسما ورمزا يستحق أن يذكره التاريخ , وبالأمس القريب مات عبد اللطيف طنان . وهو لا يكاد يسمع له صيت . إلا في أوساط معارفه الجدد ومن غير الرياضيين
وكلما حاولت أن تبحث عن اسم من أسماء الماضي الرياضي الحافل , إلا وعثرت عليه في عمل يجعله يحجم عن ذكر اسمه , فهذا عبد القادر جلال , صانع أسماء لا تعد في قطاع كرة القدم , يكاد لا يعرف اليوم . في البيضاء أو الرباط , وهذا الرباطي . وبابا . والرمضاني , تحتاج لتسمع عن خبر بعضهم إلى البحث عنهم في ركن المتغيبين , وهذا علوش وخربوش وعلال وابن علال , يحظون بما سمي تكريما , فتمنوا أن لو ظلوا مجهولين على أن يكون تكريمهم من ذلك النوع ومات بعضهم بحسرته , هل سأل بعضهم نفسه يوما عن الرجوع إلى بعض الأسماء , كتراث رياضي , لإحيائه وتطوير خبراته في كفاءات جديدة , فأين محمد , بعد أن كان سمعة القنيطرة لفترة غير قصيرة . أين السادني وقد تمايلت مع تعابيره الجسدية وتموجاته الحركية آلاف الجماهير المتفرجة . أين زوزو " القادري " وقد كان لفترة من خيرة المدربين الشباب . أين فلان وأين فلان , في كرة القدم . في كرة السلة . في العدو الريفي . في الملاكمة , في كل رياضة مغربية ؟ أين ذكرى الأموات منهم ؟ وأين شهرة الأحياء ؟ هل طوتهم صفحات النسيان ؟ هل حل محلهم من أنسانا عطاء اتهم التي لا تنسى ؟

http://www.arabswata.org/up//uploads/images/wata67c8f2c079.jpg

حتى ميدان الصحافة الرياضية , كان زاخرا بعطاء ا ت فقرائهم فأخلصوا بأصواتهم وأقلامهم , وساهموا في تنوير الرأي العام الرياضي , ومن التزم منهم للكلمة ووقع القلم , عوتب أو عوقب وحوصر أو ضيق عليه الخناق ليتقوقع . ومع كل ذلك , بقيت كتابات مخلصة ,تأتي رؤيتها لما تحلله من الواقع الرياضي , صدقا ونبوءة توضح المسلك , وتنير السبيل , وفي المقابل وبصراحة هنا اليوم النقيض , الذي ينافق , ويضلل بكل تسرع وتسارع نحو الكسب والاغتناء اللامشروع . يزكي التزوير ويحلل الحرام في شرع الرياضة, فيرد القافلة عشرات السنين إلى الوراء , ويجعل بينها وبين مسايرة الركب أو بلوغ المرامي آلاف المراحل , فكيف نتصور منه إنصاف عالم رياضة الفقراء وإنصاف فقراء الرياضة ؟
إن عالم فقراء الرياضة , عالم إخلاص . عالم الزحف نحو التقدم الرياضي في بلادنا , إنه عالم الطموحات , ولكنه عالم يصارع من غير سلاح , والرياضة اليوم تتطلب التزود بسلاح المال جنبا إلى جنب مع سلاح العلم والدراية والموهبة والمهارة والمشاركة في التنمية
المصاريف كثيرة والنفقات تتزايد , ولا بد أن يخصص للممارس الفقير / الممارس الموهوب , رصيد لضمان الممارسة الآمنة , ممارسة يضمن بها مستقبله ومستقبل الرياضة التي ينشط فيها , لا بد أن تتساوى الفرق في حظوظ الممارسة , مهما اختلفت الإمكانيات , فهي كلها في النهاية فرق مغربية , لها من الواجبات قدر ما عليها من الحقوق , ومن تم لا يعقل أن يكون لبعضها امتياز , إلا إذا كان هذا الامتياز مشروطا بايجابيات المرد ود ية , فلعل في هذا أفضل نفع لازدهار الرياضة بكل أنواعها , وما أحوجنا لهذا الازدهار
محمد التهامي بنيس