المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حفريات فوق كف امرأة



د.مقداد رحيم
18/01/2007, 09:35 PM
حفريات فوق كفِّ امرأة
قراءة في مجموعة الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت "فوق كف امرأة"




تُراهن الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت على أن يكون للنص الشعريِّ تغايرٌ ليتعدَّى مستوى الجدة في المعاني، والطرافة في التراكيب، والجمال في الألفاظ إلى خلق الدهشة أو المفاجأة لدى القارئ من خلال النظر المغاير للأشياء فيتبدَّى المألوفُ منها غيرَ مألوفٍ، وغيرُ المألوف مألوفاً.
وهي مولعةٌ أشدَّ الولعِ بخلقِ علاقات غريبة أو متناقضة بين الأشياء، أو هكذا تبدو لأول وهلة، وكأنها تريد بذلك إبعاد القصيدة عن تراخيها وتكاسلها، لتتماشى مع واقعٍ جديدٍ حُفَّ بتناقضاتٍ لا سبيل إلى تجاوزها وعدم النظر فيها، وضجَّ بإيقاعات متسارعة لابدَّ من الاستجابة لها في مسيرة حياتنا، ومن هذا وذاك أصبح لهذه الحياة الجديدة تراكمات عظيمة على مستوى الإنجاز المعرفي والنشاط الإنساني يجدرُ بالشعر أنْ يأخذ منها بطرف.
ففي مجموعتها "فوق كف امرأة" تسعى إلى خلقِ معادلات متوازنة بين أشياء يصعب الجمع بينها، ومعادلات غير متوازنة بين أشياء معدودة وكأنها على توازن تام من ناحية، وخلقِ تفسير جديد لبعض ما كففنا النظر إلى إيجاد تفسير له من ناحية ثانية، وخلق تفسير مغاير لما هو معهود من ناحية ثالثة. ولكي تفعل ذلك بحرية مطلقة تستدعي أسلوباً خاصاً يُتيح لها تلك الحرية، وهو أسلوب التداعي الذي تحاولُ أن تشحن من خلاله ألواناً مختلفةً من تلك الأشياء، ومن هنا نتلمسُ ملامح من صور الدهشة، وللدهشةِ أكثر من صورة واحدة في مَعملها.
إنَّ هذا النوع من الخلق جعلَ أغلب نصوصها معقَّد التركيب، متعدد الدلالات، صعب المراس، بعيد الغور، فإذا أخذنا بالنظر ما تنطوي عليه نفس الشاعرة من آلامٍ وأوهامٍ وكوابيس وكيفيات متساوقة حيناً ومتناقضة أحياناً فإنَّ الطريق إلى أعماق مضامين قصائدها سيكون محفوفاً بالمَكارِه، ويحتاج إلى حفريات عميقة للوصول إلى مراميها.
ومن زاويةٍ أخرى نجد فاطمة ناعوت تهتمُّ باقتناص اللحظة الخاطفة، أو اللمحة المدهشة، أو الدفقة المفاجئة، غير أنَّ قصائدها، في الأعمِّ الأغلب، تتَّشحُ بالموضوع المُتقَن المدروس سلفاً، ولا أعني هنا أنه مُفتَعَل، بل أعني أنه يخرجُ من دواخل الشاعرة وهو مُثقَل ببعض ما تراكَمَ في ذهنها سابقاً من ثقافات وتجارب ومهارات ذهنية وتأمُّلات عميقة، لتحيله إلى أداةٍ طيِّعةٍ بين يديها تشحن القصيدة من خلاله بخبراتها المكتسَبة، ومعلوماتها في المجالات المختلفة وأفكارِها ومواقفِها، فتنتقلُ به من مقامٍ ذي مغزىً عميق إلى مقامٍ آخر مختلفٍ غير أنه مُثرٍ وفعَّال من أجل تكثيف النصِّ الشعري وإغنائه، للتعبير عن مواقفها من قضايا الحياة المختلفة على طريقتها.
ففي قصيدتها "ثقوب تشكيلية لا تُغضب امرأة" يجد القارئ هذه المقامات:
1- الثقوبُ في ثوبي
ليستْ لضيقِ ذات اليد
ولا لتقاعس المربية عن الرتقِ مساءً
أمام التلفزيون.
2- ثمة خلل في الأمر
فالرجال خبثاء بطبعهم
-والنساء كذلك-
لكن المرآة تعاقبني وحدي بالتكشير،
لهذا
تمتلئ البالونات بالهليوم
كيلا يربط الربجماتيون
بين الصعودِ والكذب.
3- رفعتُ يدي في المحاضرة:
- لماذا سُمِّيت درجة السلَّم الأخيرة:
"الدرجة الكاذبة"؟
أجاب حسن فتحي:
- لأنها تفصلُ بين طابقين،
وفي المراجع:
- الدرجة كاذبةٌ
- ما دامت قائمتها = صفراً، بدلاً من 15 سم.
4- أنا ذكية لا شك
أتعلَّمُ من التاريخ
فالحلاجُ:
يظهر حتى الآن في بغداد
أعطاهم الصليبَ
وضربَ عصفورين بحجر.
المسيح أيضاً.
لذلك ترفض "كاثي" فكرة "شُبَّه لهم"
كي لا يبدو الأمر كذبة.
5- غاندي:
كان يضعُ العلكةَ تحت لسانه، ويأكلُ عند الفجر.
6- أما مُسيلمةْ
فرفضَ الذهابَ إلى الحلاق،
فراراً من عقاب المرايا.
7- الشعرُ
ثقوبٌ في الكلام.
يفعلها النشَّالُ عادةً
يقرصُ الهدفَ في ذراعه
فينامُ خيطُ العصبِ في الجيبْ
وتبدأ اللعبة.
8- أما الثقوبُ في ثوبي
-سيما في الأماكن المدروسة تشريحياً-
فسوف تُلهي الراصدَ
عن قراءة ما في رأسي من الأفكارْ.
.......
الطيبةِ طبعاً. ص7
فقد اتخذت الشاعرة من فكرة الثقوب التي في ثوبها، وهي فكرة مفتَعَلة تُفضي إلى العبثية للوهلة الأولى، سبيلاً لتداعي أفكارٍ أخرى تبدو في ظاهرها خالية العلاقة بالفكرة الأم، وهذه الأفكار تقوم على عنصر المفارقة، فالفكرة الأولى التالية تستمدُّ فحواها من خُبث الرجال في النظر إلى جسد المرأة وخبث المرأة في الكشف عن أجزاء من جسدها، وذلك من مكنونات النزعة الحسيَّة لدى الإنسان، يقابل ذلك ما يدعيه البرجماتيون من علاقة جدلية بين الصعود والكذب، وفي ذلك نزعة فلسفية إلى إيجاد علاقة بين الأشياء غير المتناظرة أو التي تبدو هكذا، وفي الفكرة الثانية يتجلَّى الفرقُ بين المنطق العلمي والمنطق الظنّي، وفيها نزوع إلى الجدل العقلي، وفي الفكرة الثالثة ظهور الحلاج وظهور المسيح الآن، وفيها تعريج على المعتقد، وفي الخامسة غاندي وطعامه، وفيها مغايرة للعادة وتدليس للحقيقة، وفي السادسة مُسيلمة الكذاب وشكله في المرايا، وفيها محاكمة تاريخية، وفي السابعة الشعر والجيوب المثقوبة لغرض النشل، وفيها محاكمة للشعر على نحوٍ مخصوص، وفي الثامنة تعود الشاعرة المُفتَعَل عن الثقوب في ثوبها، وفي حديثها هذا محاكمة للإنسان في لحظة مكرٍ وتخابث، وهكذا جاءت القصيدة محمولةً في سلةٍ مختلفةِ الغِلال.
إنَّ هذه الأفكار توحي أخيراً –كما ينبغي- بموضوع القصيدة الذي هو الخلل المستمر في حياتنا في المجالات المختلفة من خلال الثقوب التي تشكل الخيط الذي يربط بينها، وقد تداعت هذه الأفكار لتعضد اعتقادها بأنَّ ثمةَ نظرةً مُغايرةً يجب أنْ نمتلكها للنظر في هذه الأشياء على اختلافها البيِّن، أو لإعادة النظر في كلِّ الأشياء مِن حولنا. وهكذا تفعل فاطمة في أغلب القصائد.
أما قصيدتها "نصف نوتة" فهي بانوراما تجمع فيها ألواناً أخرى من الرموز والقضايا الدالة على ثقافاتٍ ومنجزاتٍ حضارية تنتمي إلى أزمنةٍ وأمكنةٍ مختلفة تتضافرُ جميعاً لتشكِّل المشهد النهائي الكبير الذي تُخرجهُ بطريقتها الخاصة المعقدَّة. تقول في مقدمة القصيدة:
رتَّبا المساءْ،
بعدما أغلقا النافذةَ
على الصواريخِ ذات الرؤوسِ،
وأقدام الماريـنـز تتقدَّمُ صوبَ دجلةَ،
أغمضا عن عيونِ الثكلاواتِ
لأنَّ الخنساءَ
لم تقرأ "سوزان برنار"،
ولأنَّ آذارَ
وقتُ الحياةِ لا الموت. ص105

فإذْ تشير إلى عنصر الخيال وأثره في إزاحة الواقع من خلال ذكرها للشاعر في هذا المقطع، فإنها تتسللُ منه إلى ما يحدثُ في بغداد من احتلالٍ من لدن أمريكا ليستحيلَ الخيالُ إلى واقعٍ مرير غير معقولٍ كاستحالة أن تقرأ الخنساء الشاعرة الجاهلية لسوزان برنار المغرقة في الحداثة والمنظِّرة لقصيدة النثر، فوقَ ما بينهما من تاريخ مقلوب يدلُّ على العبثية وقلب الحقائق ومغايرة المنطق بالشكل الذي تريد الشاعرة إظهاره هنا:

وذلك كله يتعاضدُ ومقارنة صلاح عبد الصبور للفئران بنا نحن...نحن الذين نشجب ونندِّدُ ونستشعر الخطر ثم نقبل بالأمر الذي لم يكن واقعاً قبل أن نقبله، ولتكون معركة التحرير احتلالاً (!)، في المقطع التالي:
ثم إنَّا مَن نشجبُ القراراتِ ونُندِّدُ بخرقِ معاهدةِ جنيف،
عدا حدسنا في استشعار الخطرْ
حسبَ "عبد الصبور"
حين قارنَ بين الفئرانِ
وبيننا. ص106
وتُحيلُ في مقطعٍ تالٍ آخر إلى رموزٍ تاريخية ودينية تجعلها شاهدةً على ما كان يجب أن يحدثُ من خوارق في حالة تَحقُّق جواب إنْ الشرطية مثل انشقاق البحر عن الحوت، ومجيء مريم والأحبار وجلجامش والخضر وعشتار ومملكة النمل بركب الملك سليمان، حتى تصل إلى قناديل فيروز وترميزات النفّريّ الصوفية في تجريده وتوحيده و"وقفته" التي يقرِّر فيها الجهل بعد تمام العِلم، وإيقاعات إبراهيم ناجي على بحر الرمل في وقوفه على "الأطلال"، واعتذار أبي نواس عن المجيء إليها(!)، لأنه –طبعاً- كان يستهزئ بالوقوف عليها كسابقِيه:
بائعُ القناديلِ وفيروزْ
تورَّطا في الأمر سريعاً،
فتحدَّثَ النفَّريُّ
عن اتساع الرؤيةِ وضيق التنفُّس،
بينما استسلمَ ناجي للرمَلِ،
وأطلالِ الموصلِ وقسوةِ الحبيبةِ
واعتذرَ "أبو نواس" عن المجيء. ص109
ثم تختتم هذا المشهد الكبير الذي تَتخلَّلُه مشاهد قصيرة وتداعيات طارئة بالموسيقار العراقي "نصير شمّة" الذي نقصتْ موسيقاه عن المقام لتكون لحناً للصوت المنكسر في بغداد حيث بداية القصيدة لتكتمل دورتها:
وحده "نصير شمّة"
مَن أفسدَ الخطَّة،
إذْ اعترضَ على اختيار هذا المساءِ تحديداً
فحذف نصف النوتةِ
ردَّاً
على قصفِ بغدادْ. ص110

وتستمرُّ الشاعرةُ في مثل تلك الإحالات الدالة على التناقضات اللامتناهية في المجتمع في قصيدتها "همزة قطع" من خلال المقارنة الذكية عن طريق الاسترجاع بين صوتي فيروز وكاظم وبين اصطدام المترو بما تُسمِّـيه (الإكصدام الخلفي)، وهي تَتوصَّل بهذا إلى معنى آخر هو الخيانة والغدر من خلال إشارتها إلى (خنجر يهوذا):
فأنا أرتَّبُ النهاية على النحو الذي
لا يُدين أحداً.
كأنْ أُشعل السيجارة في التوقيت الخطأ
أو أبدل صوتَ فيروز بكاظمْ
(كما حدثَ العامَ الماضي،
حين أطاحَ المترو بالإكصدام الخلفي...
لكن حوادث الخلف ليست مضمونة
أحياناً تسببُ الشلل الرباعيّ
أو العمى،
وتُدين الذي في الوراءْ،
(إذا مرَّ بِخاطر المحقِّقِ
خنجرُ يهوذا). ص111-112
وتتناسخ إحالات فاطمة ناعوت المعرفية لتستحيل قصائدها إلى مكامنَ معلوماتيةٍ تنصهر في بَوتقة إبداعها لتظهر من جديد في أشكالٍ أخرى، وتؤدِّي مهمات مختلفة تماماً من خلال إعادة تشكيلها إمَّا بإعطائها وظيفة جديدة أو بردعها بالمنطق فتتعطَّل وظيفتُها جملةً، فتتجلَّى بدلاً من ذلك كله وظيفةُ القصائد نفسها.
وقد تصطدمُ تلك الإحالات ببعضها فيؤول اصطدامها إلى تناقض أو إلى تناصّ، كما بدا ذلك في قصيدتها "شهادة"، عندما تُجيل النظر في الميثولوجيا الإغريقية فتستحضرُ شهادة "ديانا" آلهة الصيد والقمر والغابات في محكمة عقدتها محكمة أثينا للتحقيق في مصرع أحد الأشخاص، لِتُحدثَ التناصَّ بين ما جاء في شهادة الآلهة في تلك المحكمة في وما ورد في القرآن الكريم في الآية الكريمة "وما قتلوهُ وما صلبوهُ ولكنْ شُبَّهَ لهم":
في الليلة الأخيرةْ
سمعتُ من بعيد
"دياااااااانا"
فخطوتُ خطوة.
أَشهدُ يا رب الأربابْ
أنهمْ ما قتلوه
ولا شُبَّه لهم. ص51-52
أما اهتمامها باقتناص اللحظة الخاطفة، أو اللمحة المدهشة، أو الدفقة المفاجئة فيتناثر في مواضع كثيرة من هذا الديوان، ولاسيما في نهايات قصائدها، وهذا ما يدعونا إلى القول بأنها تهتم كثيراً بهذه النهايات، على طريقة "الأمور بخواتيمها"، لكي يبقى هاجس القصيدة أطولَ وقتٍ ممكن في ذهن قارئها، وهو مسكون بانطباعه الأخير عنها، بفعل عنصرَي الدهشة والمفاجأة اللذين تتعمد الشاعرة بثهما فيها في هذا المكان بالذات منها. ومن الأمثلة على ذلك هذه النهايات:
1- أما الثقوب في ثوبي
- سيما في الأماكن المدروسةِ تشريحياً-
فسوف تُلهي الراصدَ
عن قراءة ما في رأسي من الأفكارْ.
.......
الطيبةِ طبعاً. ص7
2- ليودعني غرفتي الرحبةَ،
مبطَّنةَ الحوائطِ بالحريرِ والذهب والسكونْ،
في جوانتانامو. ص39
3- ما زلتِ جميلةً
لولا بشرتكِ التي
أخذتْ في التحللِ
من تكرار الغسيل. ص41
4- إنَّ الهواء الذي دسّوه في بالوناتِ الصغارْ
مخصومٌ
من رئتيّ. ص60
5- تدقُّ الثانية عشرة
فيعالجُ الصحابُ البيتزا
وقبلات الكرسماس
بينما الكهلُ المنتظرْ
كأسه في الهواءِ معلَّقةً ما تزالْ
وابتسامته أيضاً. ص77
6- ثم أن كفافيس قد مات من زمان،
لن يكون بوسع البنت الطيبةْ
أن تعدَّ قهوة الصباحْ. ص81
7- لستُ عدميةً يا صاحبي
أنا فقط
أنظرُ في المرآةِ
كثيراً. ص85
أما قصيدتها "عُمر" فقد بنتها الشاعرةُ على هذين العنصرين، إذ تتحدث عن الخليفة عمر بن الخطاب (رض) كما يبدو لأول وهلة مع استخدامها المجاز:
بنى مدينةً
لها شمس وأشجارٌ ونهر،
بنايات عالية،
وأسوارٌ
ظلُّها قصير،
وأبوابٌ
غيرُ موصدة.
عُمر
وضعَ السيارات في الشوارعِ
والناس داخل السياراتِ والبيوتِ
لكنه
أخرج النساءَ من المدينة,
عمرُ خليفة عادلٌ،
يُثيبُ الطيبين
وينفي الأشرار. ص70
وتستمر الشاعرة في الحديث عن عمر وما له وما لله حتى تصل إلى نهاية القصيدة فتقول:
لستُ مَن أزالَ المدينة يا عُمر!
المكنسةُ فعلتْها. ص72
وهنا تُحدثُ الدهشة والمفاجأة لدى القارئ عندما يتحول الأمر من مدينة عمر بن الخطاب إلى مدينةٍ رسمَها طفلٌ لديها في البيت على ورقةٍ التهمتها مكنستها الكهربائيةُ خلال روتين التنظيف!.
أيكون لها ابنٌ اسمُهُ عُمر؟.... لابدّ.
وفيما عدا هذه النهايات نجد الشاعرة تمارس ولَعَها بهذين العنصرين فتصطاد ما بدا لها منهما فتصبُّهما في بوتقة الشعر على قدر ما يَـرِدانِ به من كلماتٍ أو عبارات، فتثبتُ بذلك قدرتها العجيبة على الاختزال والإيحاء، ففي قصيدتها ذات الثماني كلمات:
وماذا عن الستة وعشرين حرفاً الباقية
أيها اللص؟.ص128
تختزل موضوعاً خطيراً في حياتنا، هو فقدان الحب بمعناه السامي، من غير أن تشير إليه، أو تطنب في الكلام عليه، لكنها اتخذت من الأبجدية العربية ذات الثمانية والعشرين حرفاً التي هي مشروع سرقةٍ أيضاً، لتوحي إلى العثور عليها جميعاً إلا حرفين، وأظنها قصدت الحاء والباء، فالحب هو من المسروقات في حياتنا....أيضاً!.
وهناك الكثير من هذا النمط الطريف في شعرها، ومن ذلك على سبيل المثال:
1- فوضويٌّ،
عبثيّ،
تتثاءب،
ماذا أيضاً يُميِّزكَ
لتكون جديراً بي؟. ص130
2- لا تأتي الليلةَ!
الغيابُ
(كاملُ العدد). ص131
3- لا تستسلمْ لرغباتي
الطعامُ سيحترق!.ص132
4- المربية التي لن تأتي غداً
قالتْ:
أريد أن أرى كيف سيدخل الفستانُ في الدولاب
بعدما تخرجين منه. ص134
....
ومما يستدعي التوقُّف والتأمُّل هو عنوان مجموعتها هذه "فوق كفِّ امرأة"، أفليس هو مما ينصبُّ في هذا الإطار؟، فما الذي فوق كفّ امرأة غير رجلٍ قد مات وانتهى أمرُه؟ أليست هي القائلة:
كلما ماتَ رجلٌ
نبتتْ زهرةٌ
فوقَ كفِّ امرأة. ص126
فهل نبالغُ في الظنِّ إذا قلنا إنَّ رجلاً ما في حياتها كان مات على نحوٍ ما؟.
إنَّ هذا يقودنا إلى ملمحٍ أساسي لابد من الوقوف عليه في شعرها، وهو أنه يصلحُ لدراسةِ نفسيتِها وجوانبَ من حياتها، ويتجلَّى ذلك في ثلاثة أمور، الأول هو وجود قصائد بعينها تتحدثُ فيها الشاعرةُ عن نفسها وعن حياتها، مثل قصيدتها "للمرة العشرين" و"همزة قطع"، كما يُستشَفُّ من ذلك، أو إيحاءات في هذا المعنى تحاولُ الشاعرة أن تمررها على شكل تداعيات في قصائد أخرى، والثاني هو قصائدها التي كتبتها إلى أناسٍ معينين ونصَّتْ على أسمائهم، فذلك ضروري لمعرفة طبيعة علاقاتها واستكناه مواقفها الخاصة، لاسيما وقد عرفنا أنها لا تدعُ قصائدها دون إثراءٍ وحفرٍ عميق، وثالث الأمور هو طريقتها في التعبير عن موضوعاتها الشعرية، تلك الطريقة التي تنطوي على التعقيد في البناء والتداخل في الأفكار، وكثرة التداعيات، والتمويه، والإيحاء، وحشد المتناقضات، وإلى هذا تتوجه الدراساتُ النفسية المحض.
وهي بعد ذلك كله من الشواعر العربيات القليلات اللواتي لا يعبِّرنَ عن الآلام النفسية والحرمانات والانكسارات والضياعات الذاتية بالشكل الإنشائي المسطَّح المعهود، وإنما هي تعمَد إلى تعميق الفكرة من خلال رموزها التراثية والفكرية والأسطورية. وتتنوَّع رموزُها فتشمل التاريخَ والجغرافية والأديان والمعتقدات والتصوف والفلسفة والفكر والفنّ بأنواعه والأدب والشعر والنثر والنقد والمسرح والسياسة والعلوم الحديثة باتجاهاتها المختلفة، ونكادُ لا نجد قصيدة من قصائدها تخلو من مثل ذلك إلا في القليل النادر.
إنَّ فاطمة ناعوت تشحذُ ذهنَ قارئها، وتتطلبُ منه التوضُّؤَ بثقافة واسعة قبل ولوج عالمها الشعري.
_____________________________________
شاعر وناقد عراقي migdad25@hotmail.com

صبيحة شبر
18/01/2007, 09:46 PM
قراءة رائعة يقوم بها مبدع كبير
لقصائد شاعرة تتوهج قصلئدها بالجمال
تحية للمبدعين القديرين
واهلا بك ايها الشاعر والناقد المبدع
الى واحة واتا

انتصار صبري
19/01/2007, 12:53 AM
[align=center]–•(-• " المبدع د. مقداد رحيم "•-)•–

فاطمة ناعوت وعطرُ شعـرٍ عتيقٍ كأسـاطير تطـرقُ الباب.
حناءٌ قصيـدةٍ ماضية في عـرس اللغة.
..
للعطرِ مسـارٌ يُيَمّـمُ شطراً أعـلى
الناقد الدكتور مقداد رحيم
هكذا أعـرفك هنا جيدا ، هكذا نحـتسي الشعر!
والشعر للشعراء
حسبك القصيد سيدي المبدع
حسبك السماء
..
فـلينأ الصحـوُ عن حـدباتِ نقدك
ويوقـظَ السباتَ المـقيم.
..
سلامٌ لشعـر أعشقُه سيدي
سلامٌ لخطوك أولاً، عالياً،
تالياً في الشموخ.



لك الود على فيض ٍ تعدّى الشكر .

يحيي هاشم
19/01/2007, 03:24 PM
قراءة جميلة لكلمات تدفع الناقد أن يكتب دون عناء
تحية لكم جميعا
يحيى هاشم

د.مقداد رحيم
23/01/2007, 07:36 PM
قراءة رائعة يقوم بها مبدع كبير
لقصائد شاعرة تتوهج قصائدها بالجمال
تحية للمبدعين القديرين
واهلا بك ايها الشاعر والناقد المبدع
الى واحة واتا

............

أختي المبدعة الكبيرة صبيحة شُـبَّر

كان لإطلالتك هنا أبلغ الأثر في نفسي
لا عَدِمتُكِ
ولك المحبة يا سفيرة الحِكمة والمحبة.

د.مقداد رحيم
24/01/2007, 11:09 PM
–•(-• " المبدع د. مقداد رحيم "•-)•–

فاطمة ناعوت وعطرُ شعـرٍ عتيقٍ كأسـاطير تطـرقُ الباب.
حناءٌ قصيـدةٍ ماضية في عـرس اللغة.
..
للعطرِ مسـارٌ يُيَمّـمُ شطراً أعـلى
الناقد الدكتور مقداد رحيم
هكذا أعـرفك هنا جيدا ، هكذا نحـتسي الشعر!
والشعر للشعراء
حسبك القصيد سيدي المبدع
حسبك السماء
..
فـلينأ الصحـوُ عن حـدباتِ نقدك
ويوقـظَ السباتَ المـقيم.
..
سلامٌ لشعـر أعشقُه سيدي
سلامٌ لخطوك أولاً، عالياً،
تالياً في الشموخ.



لك الود على فيض ٍ تعدّى الشكر .


––––•(-• " انتصار نادر "•-)•––––



............
الملِكة انتصار نادر
حسبي أنك ِ هنا،
أيتها المبدعة الشاملة
فماذا أقول وقد ألجمتِ كلماتي
بجميل ألفاظك وتعابيرك،
وعزيز مشاعرك،
وثمين رأيك؟!
لك مني كل تقدير تستحقينه،
ومحبة مخلصة.

د.مقداد رحيم
25/01/2007, 02:01 PM
قراءة جميلة لكلمات تدفع الناقد أن يكتب دون عناء
تحية لكم جميعا
يحيى هاشم

............
مرورك بي جميل أيضاً
أخي الكريم يحيى
أهلاً بك دائماً.

زكي العيلة
29/01/2007, 01:05 PM
قراءة معمقة تستقطر الخبايا الجمالية لمجموعة الشاعرة العربية المصرية فاطمة ناعوت (فوق كف امرأة).
تحية للدكتور (مقداد رحيم) على دراسته المميزة.

د.زكي العيلة.
موقع http://zakiaila.net/

د.مقداد رحيم
31/01/2007, 12:30 AM
قراءة معمقة تستقطر الخبايا الجمالية لمجموعة الشاعرة العربية المصرية فاطمة ناعوت (فوق كف امرأة).
تحية للدكتور (مقداد رحيم) على دراسته المميزة.

د.زكي العيلة.
موقع http://zakiaila.net/

.....

أخي العزيز الأستاذ الدكتور زكي العيلة
شرَّفني حضورك البهيّ وأسعدني،
ولرأيك الغالي أثره العميق في نفسي.
لك مني موفور احترام وموصول محبة،
ورجاء بالتواصل.