المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف استطاع الملك فيصل أن يغيّر رأي ديغول وموقفه من إسرائيل ودعمها بالسلاح؟



حاتم قويدر
19/07/2009, 08:28 PM
مذكرات الدكتور معروف الدواليبي (5)

ـ ديغول بعد استماعه الى الملك فيصل: الآن فهمت القضية الفلسطينية .. أوقفوا السلاح المصدَّر لإسرائيل



رواية : د. عبد القدوس أبو صالح إعداد: د.محمد علي الهاشمي

يشرح الدواليبي في مذكراته

الملك فيصل وديغول
* كيف استطاع الملك فيصل أن يغيّر رأي ديغول وموقفه من إسرائيل ودعمها بالسلاح؟

ـ يعرف عن ديغول أنه يغيّر مواقفه إذا عرف الحقيقة; ولذلك كنت حريصاً على تدبير لقاء الملك فيصل به، ولكن كان له ولأخيه خالد موقف من ديغول، على خلفية استقباله لهما في مطلع 1945 في مكتبه في لندن بشيء من الجفاء، ودعمه لليهود. ولذلك كنت ألحّ على الملك فيصل أن يقابله إلى أن حدث ذلك في باريس قبل 5 (حزيران)1967، وكان اللقاء على غداء فقط. وكان ديغول يراعي الحِمْية في الطعام والشراب والنوم وأوقاته منضبطة محدّدة; ولذلك استقبله قبل نصف ساعة من الغداء بالضبط في قصر الإليزيه، وكان مع فيصل الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون. وطلع فوراً إلى اللقاء، رأساً لــرأس، ولا يـوجد معهما سوى مترجم من عند ديغول. قال ديغول: يتحدث الناس بلهجة متعالية أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر. إسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع. فأجابه فيصل: يا فخامة الرئيس، أنا أستغرب كلامك; إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا أنت! فانسحبت مع الجيش الإنجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلّبتَ عليه. وألمانيا تنتهز الفرصة من وقت لآخر لخلافها معكم على منطقة الألزاس. كلما احتلتها وقف الشعب الفرنسي ينتظر حرباً عالمية ليستعيدها، فلا أنت رضخت للأمر الواقع ولا شعبك رضخ; فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع. والويل عندئذ يا فخامة الرئيس للضعيف من القوي إذا احتلّه القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديغول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً. فدهش ديغول من سرعة البديهة والخلاصة المركّزة بهذا الشكل، وكان ديغول لم يستسلم ويتراجع، وإنما غيّر لهجته متأثراً بما سمع، وقال: يا جلالة الملك، لا تنسَ أن هؤلاء اليهود يقولون: إن فلسطين وطنهم الأصلي، وجدهم الأعلى إسرائيل وُلِد هناك. قال فيصل: فخامة الرئيس أنا من الأشخاص الذين يعجبون بك ويحترمونك; لأنك رجل متدين مؤمن بدينك، وأنا يسرني أن ألتقي بمن يخلص لدينه، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس. أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غزاة فاتحين، حرّقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، ما تركوا مدينة إلا أحرقوها، فكيف تقول إن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون. وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما عندما كانت تحتل فرنسا والبحر الأبيض كله وإنجلترا أيضاً؟ ونحن العرب أمضينا مائتي سنة في جنوب فرنسا، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها. وهذا مثال تاريخي أيضاً. قال ديغول: ولكنهم يقولون: في فلسطين وُلِد أبوهم. قال فيصل: غريب!! عندك الآن مائة وخمسون دولة لها سفراء في باريس، وأكثر السفراء يولد لهم أولاد في باريس، أفلو رجع هؤلاء السفراء إلى بلادهم، ثم جاءت ظروف صار فيها هؤلاء السفراء رؤساء دول، وجاءوا يطالبونك باسم حق الولادة بباريس، فمسكينة باريس، لا أدري لمن ستكون؟!. هنالك، سكت ديغول، وضرب الجرس مستدعياً بومبيدو، وكان جالساً مع الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون في الخارج، وقال له: الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السلاح المصدَّر لإسرائيل. وهكذا قُطع السلاح الفرنسي عن إسرائيل منذ ذلك اليوم من عام 1967 قبل الغزو الثلاثي لمصر بأربعة أيام.

واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة، وفي صباح اليوم التالي ونحن في الظهران أُعلِن الغزو، فاستدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين الأميركية، وكنت حاضراً، وقال له: إن أي نقطة بترول تذهب إلى إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم. ولما علم بعد ذلك أن أميركا أرسلت مساعدة لإسرائيل قطع عنها البترول، في حين لم يقطع عنها البترول العراق، كما لم تقطع البترول كلٌّ من الجزائر وليبيا. وقامت المظاهرات في أميركا، ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود، وهتف المتظاهرون: نريد البترول ولا نريد إسرائيل، وهكذا استطاع هذا الرجل بنتيجة حديثه مع ديغول، وبموقفه البطولي في قطع البترول أن يقلب الموازين كلها


اما مجيء كسينجر إلى البلاد العربية فكان لاستطلاع آرائها، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية بعد صدور القرار (242)، ولما قابل الملك فيصل كان جوابه: أنا ما عندي حل إلا حق تقرير المصير للفلسطينيين، ولو أن الفلسطينيين كلهم قبلوا الصلح ما قبلتُ أن أصالح، لأن إسرائيل خطر على الإسلام والمسلمين. أما حق تقرير المصير فمن حق الفلسطينيين، وأما القدس بصورة خاصة ثالث الحرمين فأنا أطالب بها. وقال له كسينجر: أنا طفت العالم العربي فما وجدت أحداً يذكر القدس غيرك.

زيارة وفد السعودية الى الفاتيكان

* هل كان لزيارة وفد المملكة للفاتيكان آثار سياسية؟ ـ لا شك أن نجاح زيارة وفد المملكة للفاتيكان أدّى إلى إيجاد نوع من التقارب بين المسلمين والمسيحيين; ولذلك فقد استاءت إسرائيل جداً من هذه الزيارة ومن ذلك التقارب، ولم تفلح محاولاتها في إحباط تلك الزيارة. وكان الملك فيصل متهيباً منها، وأذكر أنه قال لي حينما وصلت إلينا دعوة البابا: يا دكتور، نحن مشايخنا يجتمعون، وربما يتفاهمون مع مشايخ العالم الإسلامي، فكيف تأخذهم إلى البابا؟. قلت له: يا جلالة الملك، هذا القصر الذي يسكنه الفاتيكان هو البناء نفسه الذي أصدر قراراً قبل عشرة قرون بمحاربة الإسلام. والآن يطلبون منكم أن تدخلوا إليه، لتعلنوا كلمة الإسلام في حقوق الإنسان. ونحن أمة دعوة، يجب أن نذهب إليهم وندعوهم. هم دعونا، فكيف نرفض الدعوة؟ فقال: ولكن المشايخ ربما لا يتفهّمون هذه الدعوة، فقلت له: عيّن أسماء الوفد، وأنا أعمل على تهيئتهم إن شاء الله. وكان الأمر كذلك، وحققت نجاحاً كبيراً.

* ما الذي حال من دون تطبيق المخطط الذي اقترحه كسينجر وهو احتلال المملكة؟ ـ الحرب الباردة بين القطبين جعلت الأمر صعباً. واحتلال الجزيرة ومناطق البترول ليس بالأمر السهل. فالسوفيات كانوا يحاربون في أفغانستان مروراً ببلوجستان، ويتطلعون للسيطرة على المنطقة. والسباق على أشده في التقنية التي تمكّن من جعل الحرب قصيرة، وما كانوا مهيئين لخوض حرب سريعة; ولذلك انصرف القطبان، كلٌّ منهما يريد أن يسبق في الإعداد التقني وقد استفادوا من هذا الإعداد وطبقوه في أزمة الخليج.

ياسر طويش
19/07/2009, 09:59 PM
رحم الله الملك فيصل بن عبد العزيز رحمة واسعة

وجعل الله مثواه. في الفردوس الأعلى ..اللهم آمين

مع جميع شرفاء, وأحرار الأمة, من محيطها لخليجها, يارب العالمين

أخي واستاذي الموقر. نائب رئيس التحرير

حاتم قويدر

لكم ولشخصكم, النبيل, الأصيل,وليراعكم الشهم الكريم

ولمذكرات د. معروف الدواليبي

وللراوي د. عبد القدوس أبو صالح

وللمعد د. محمد علي الهاشمي

خالص شكري, وجزيل امتناني, وفائق تقديري ووافر احترامي

مع ودي. ووردي

ياسر طويش

حاتم قويدر
21/07/2009, 01:59 AM
اخي الفاضل الاستاذ الكبير ومدير العلاقات الهامّه والعامّه ياسر الطويش

لعلك من القليلين الذين ادركوا البعد التاريخي لهذه الحقيقه التاريخيه التي يجب ان تستوقفنا عندها..لنعيد وضع استراتيجياتنا فيما يخص الحوار بين الشرق المظلوم والظالم لنفسه . وبين الغرب الظالم والمظلوم بتغييب الحقائق عنه.

كانت هذه فرصه لفتح حوار حضاري بين الاخوة الاعضاء لتلمس الطريق واعادة تشكيل الجبهة الحواريه وتنظيم الصفوف لمواجهة الجهل والتجهيل والتعتيم والتجاوز عن الحقائق والتاريخ.

استاذي الفاضل..
اشكر لك مرورك الكريم وادعو الى المزيد من المداخلات لاثراء الجانب العربي باساليب وطرق الحوار الذي يفهمه الغرب ونحتاجه في حوارنا معه.

الشكر لك مكرر اخي الكريم..

تحيه حواريه..