المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستقبل الرياضة الجزائرية بين خيار الخصخصة و التمويل الحكومي



نعمان عبد الغني
21/07/2009, 12:38 PM
مستقبل الرياضة الجزائرية بين خيار الخصخصة و التمويل الحكومي
نعمان عبد الغني

تشتكي العديد من الأندية من العجز المالي بشكل دائم بل أصبحت المبرر التي تعلق عليها النتائج السيئة التي تحصدها فما السبيل للخروج من هذا المأزق؟؟؟ أن الرياضة ظلت ولفترة طويلة خارج اهتمامات الاقتصاد لكن الشواهد الحديثة أثبتت انه إلى جانب الترفيه فاتصالها وثيق بالقيم الاستهلاكية و الصحية والإنتاج فهي تدخل في إطار الدورة الاقتصادية سواء باعتبارها منتجا أو شريكا للإنتاج أو كقيمة مضافة وهناك دراسات فرنسية مهتمة بالميدان أثبتت أن الرياضة ما فتئت تمارس من قبل قاعدة عريضة بل في أحيان كثيرة أصبح يخصص لها جزء هام من الدخل الفردي حيث أن الاستثمار في المجال الرياضي أصبح يعرف نموا يقدر بعشرين في المائة سنويا كما أن تسعين في المائة من الميزانية العائلية المخصصة للرياضة في أوروبا توجه نحو شراء الملابس والمجلات وحضور المباريات الرياضية وإغفال هذا الجانب من طرف الفاعلين في الميدان الرياضي خصوصا بالعالم الثالث يشكل خطرا لا على السير الطبيعي للأندية بل على مقاومتها للمتطلبات الاقتصادية لأنديتهم فان لم تكن هناك موازنة بين المداخيل والمصاريف بمختلف أنواعها بما فيها مستحقات اللاعبين يجعل العجز الدائم هو القاعدة وان تراكمه يؤدي إلى غياب النادي أو مجموعة أندية على الساحة الرياضية فالأزمة بالنسبة لأندية العالم الثالث أصبحت هي القاعدة في حين أن تحقيق أي توازن مادي يبقي ضربا من الخيال وحلما صعب المنال إن لم نقل سرابا يستحيل إدراكه لكن ما سر تجاوز هذه الأزمة من طرف أندية العالم المتقدم؟؟؟ الاندية والمصالح التجارية: أن المسالة لا تتعدى كون الأندية الرياضية في العالم المتقدم تعمل كمؤسسات اقتصادية على رعاية مصالحها التجارية وتهدف قبل كل شئ إلى جعل الرياضة مصدرا للربح ووسيلة دعاية ناجحة خصوصا وان العصر الحديث يشهد ارتباطات كبيرة بين الرياضة والمصالح التجارية لما في ذلك من منافع متبادلة فلا عجب إذا علمنا أن العديد من أندية كرة السلة والهوكي على الجليد والأمثلة كثيرة تتداول أسهمها في بورصة وول ستريت والأمر للولهة الأولى يبدو غريبا لكن الحقيقة أن هذه الأندية مؤسسات منتجة وهنا يمكن أن نتساءل ماذا بإمكان نادي رياضي أن ينتج؟؟؟؟ الإجابة البديهية هي الفرجة وتبعاتها من إشهار بطرق مباشرة أو غير مباشرة مما يدعو إلى الإقرار أن العلاقة بين الرياضة والاقتصاد تتصل برعاية المصالح التجارية والاستهلاكية أو بمفهوم آخر تبقى ذلك الجسر الخفي الذي تمرر من خلاله الشركات خطاباتها إلى أبنائها الحقيقيين والمهتمين آخذين بعين الاعتبار عدد المشاهدين والنتائج المحصل عليها من طرف الأندية ولهذا السبب فالمنافسة تكون على أشدها بل أحيانا شرسة بين المعلنين للظفر بحق نشر إعلاناتهم خلال المباريات الحارقة مما ينعكس إيجابيا على خزينة الأندية وإذا خرجنا من إطار الأندية إلى الدوريات فرولان غاروس مثلا تتنافس عن احتضانه أزيد من سبعين شركة بل التنافس يمتد إلى الرؤساء والمدراء العامين للشركات قصد حجز مائتان وخمسون مقصورة ذات أربع أماكن لحضور نهائيات الدوري رفقة الشخصيات الهامة أو ما يعبر عنه الخزينة تملأ بشتى أنواع الطرق فإضافة إلى الإعلانات و ما يدور في فلكها والسلع التي تحمل شعارات الأندية وما لها من مستحقات عن ذلك فان هناك أيضا مقصورات خاصة برجال المال والأعمال تقدم خلالها خدمات كتقديم المشروبات والمكسرات ووجبات حسب الرغبة حيث تصبح الملاعب الرياضية في هذه الحالة أندية خاصة لخلق علاقات مهنية إن لم نقل نفعية بين هذا النوع الخاص من محبي الرياضة وللعلم فان هذه المقصورات تحجز طيلة الموسم الرياضي بأثمان باهضة مما يجعل العجز المادي آخر اهتمامات الأندية في العالم المتقدم هنا يمكن طرح السؤال من هم أصحاب هذه الرؤى التي تجعل مدا خيل الأندية لا تعرف توقفا؟؟؟ التسيير المالي والتسويق في النوادي الرياضة: الجواب يبقى أن المسيرين والإداريين يقومون بالتدبير المالي والتسويق بطريقة علمية خارجة عن إطار الارتجالية فمعاملة النادي على انه مقاولة رياضية يجعل رؤية المتتبعين للأندية تتغير فمثلا تصبح ممتلكات النادي رأسمالا واللاعبون استثمارا لا يمكن الاستغناء عنه ويتضح ذلك في قيمة الانتقالات التي تشكل خمسة وعشرون في المائة من مدا خيل الأندية الأوربية فالفرجة في هذه الحالة تصبح هي المنتوج والنتائج هي الجودة وأي خلل في هذه العناصر يمكن أن يعكر السير الطبيعي للمقاولة الرياضية وينعكس سلبا عن المداخيل بمختلف أصنافها فالتسيير العلمي أصبح القاعدة المتبعة في العالم المتقدم في وقت مازالت الارتجالية طاغية في هدا المجال لدى أندية العالم الثالث.

لهذا يبقى السؤال الملح متى ستتعامل أنديتنا بهذا المفهوم الجديد مع واقعها الاقتصادي فتسير بطريقة علمية للخروج مما هي فيه. مستقبل الرياضة في الجزائر: مستقبل الرياضة الجزائرية أنها تقف اليوم في مفترق طرق يتميز بوجود خيارين أساسيين هما الاستمرار في الاعتماد على التمويل الحكومي أو التخصيص. إن التخصيص هو الحل الأمثل لتطوير الرياضة الجزائرية لأنه لن يسهم فقط في حل مشكلة التمويل التي تعاني منها معظم الأندية، بل سيجلب الكفاءات الإدارية للأندية الجزائرية وسيرفع بالتالي مستوى الرياضة وسيعزز إيجابياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

وعلى الرغم من وجود قناعة متزايدة بأهمية تخصيص الرياضة فلا يزال كثيرون يشككون في نجاح التخصيص، وهذا يعود إلى أسباب عدة أهمها:
1- عدم استيعاب مثل هؤلاء مبدأ التخصيص ومفهومه بشكل جيد.
2- عدم اطلاع هؤلاء على تجارب التخصيص الناجحة لصناعة الرياضة في العالم أو قلة معرفتهم بها.
3- تعارض التخصيص مع مصالحهم الخاصة.
4- عدم بذلهم الجهد الكافي لفهم طبيعة ورسالة العمل الرياضي وعدم المتابعة المناسبة والمستمرة للتطورات المهمة في الساحة الرياضية العالمية.

لا وجود لأي شك بنجاح تخصيص الرياضة في الدول العربية لأن المشاكل العميقة التي تعاني منها الرياضة تتطلب حلاً استراتيجياً متكاملاً ومرناً و هو الذي سيمكن الرياضة من التغلب على التحديات ويرسم الطريق إلى تطور العمل الشبابي المستقبلي، ويلبي طموحات كل قطاعات المجتمع. إن دخول المال الخاص الساحة الرياضية في إطار التخصيص سيفرض وجود المحك المالي الذي سيؤدي إلى جلب الكفاءات الإدارية للأندية وتقييمها ومحاسبتها باستمرار من قبل مالكي الأندية مما سيزيد مهنية الرياضة. وعندما تدار الرياضة على أسس سليمة وبقيادة كفاءات إدارية محترفة تلتزم التقيد بالمعيار المالي فإن الرياضة ستتحول إلى صناعة ذات قيمة مالية كبيرة تولد آلاف فرص العمل وتسهم بشكل إيجابي في تعزيز الاقتصاد. إن إمكانات مساهمة الرياضة في الاقتصاد الوطني مستقبلاً تكاد تكون بلا حدود، وأنا متأكد بأن أي نادي سيتمكن من الاعتماد مالياً على نفسه وسيحقق دخلاً عند تخصيصه مما يتطلب وضع الأطر والظروف المناسبة إيرادات الأندية في ظل الخصخصة:
1-مبيعات التذاكر والمقصورات الخاصة والتي يمكن الحصول على مردود جيد منها بعد إيجاد حلول ناجعة لمشكلة قلة الحضور الجماهيري ومنها على سبيل المثال وبإيجاز شديد: دراسة أوقات وعدد المباريات، وتسهيل وتنظيم دخول الملعب، وإعطاء الأندية فرصة اكبر لتسويق التذاكر للجمهور والشركات والبنوك من خلال الانترنت والقنوات الأخرى، وتحسين تجربة حضور المباريات في الملعب بما يتضمن تهيئة الجو المناسب لقضاء الوقت قبل وبعد المباريات، وتشجيع الآباء على اصطحاب أسرهم، مثل إقامة العروض وإنشاء المنتزهات، وتوفير الخدمات العامة مثل: الحمامات النظيفة، والمطاعم الجيدة والمحلات التجارية، خصوصاً أن هذه النشاطات ستشكل مصدراً جديداً لدخل النادي، كما أنها ستجذب الجماهير وتزيد متعتها.
2- دخل النقل التلفزيوني ويتطلب تعزيز هذا الدخل معالجة عدد من المشاكل التي تشمل حل مشكلة التأثير السلبي للنقل التلفزيوني على الحضور الجماهيري للمباريات بطريقة مناسبة لاتؤثر في مردود دخل النقل التلفزيوني، وتعظيم إيرادات هذا البند عن طريق تمكين الأندية من التفاوض مع القنوات الراغبة في شراء العقد في صورة جماعية من خلال اتحاد اللعبة وبمشاركة مندوبين عن الأندية معروفين بالكفاءة والقدرة على التفاوض فمن شأن ذلك دعم موقف الأندية الجماعي في المفاوضات وبالتالي تحسين فرص الحصول على قيمة أعلى لعقد النقل، وزيادة قدرة الأندية الأقل شعبية على المنافسة مع الأندية ذات الشعبية الكبيرة من خلال الحصول على حصة أعلى من دخل النقل وبالتالي دعم قدراتها المالية والفنية والإدارية، إضافة إلى أن هدف الحصول على اكبر عائد ممكن يربط مصالح الأندية ويعزز تعاونها مما ينعكس ايجابيا على اللعبة كلها ويسهل مهمة التنسيق بينها.
3- مبيعات الملابس والبضائع التي تحمل شعارات الأندية وتتطلب تنمية هذا المورد المالي المهم تنفيذ عدد من الخطوات الضرورية التي تشمل تكليف دور الاختصاص بإعداد دراسة شاملة عن فرص تطوير هذا النشاط تتضمن تحديد طبيعة الاتجاهات والأنماط الاستهلاكية والشرائح الاجتماعية المستهدفة بعمليات الإنتاج والتسويق ومواصفات البضائع وقنوات البيع وغيرها من المعلومات الضرورية للتخطيط لتطوير هذا القطاع، وإنشاء شركة تنتج وتسوق الملابس والبضائع التي تحمل شعارات الأندية، وتوفير إدارة محترفة لها على أن تكون الشركة تحت إشراف اتحاد كرة القدم وخاضعة لرقابة الأندية، والحرص على أن تكون الملابس والبضائع التي تحمل شعارات الأندية ذات نوعية ممتازة وتصميم مميز وجميل وتستهدف فئات معينة من الجمهور مع التركيز على الصغار، وطرح هذه البضائع في الأسواق بأسعار تنافسية ومتابعة تطويرها وتحسينها لتلبي مختلف الأذواق ثم أيضا عدم اقتصار البضائع التي تحمل شعارات الأندية على القمصان والقبعات والأحذية والأدوات الرياضية، إذ يجب التفكير بإنتاج وتسويق تشكيلة كبيرة من البضائع المتنوعة تشمل الأدوات المدرسية والمكتبية وبعض قطع الأثاث المنزلي والتحف والدروع والأكواب والكرات والألعاب وأشرطة فيديو المباريات وصور اللاعبين المشهورين وغير ذلك.
4- مصادر الدخل الأخرى ومنها انتقالات اللاعبين، والانترنت والتكنولوجيا، والمقصورات الخاصة، وحقوق رعاية البطولات، وحقوق التسمية وحقوق النقل الإذاعي، والمحلات والمطبوعات والكتب الرياضية، وحقوق نقل المباريات عبر الانترنت، والدخل من تأجير قاعات المؤتمرات والاجتماعات، وتقديم خدمات الضيافة في المقصورات وغيرها. فمثلاً سيمكن التعامل بالدرجة العالية المطلوبة من المهنية مع عملية انتقال اللاعبين من ناد إلى آخر أو إلى أندية خارج الوطن من تحقيق فوائد كثيرة تشمل توفير دخل مالي جيد للأندية، والعناية بمدارس الكرة والحرص على تخريجها للاعبين متميزين يمكن الاستفادة من بيع عقودهم خصوصاً أن المردود المالي من عملية انتقال اللاعبين يمكن أن تصبح من أهم مصادر دخل الأندية، كما ستكون لعملية انتقال لاعبين متميزين رياضياً وأخلاقيا انعكاسات ايجابية على صورة الجزائر في الخارج إضافة الى أن انتقال اللاعبين للعب في دول متقدمة رياضياً سيسهم في رفع مستوى اللعبة.

أما بالنسبة للانترنت والتكنولوجيا فهما وسيلتان أساسيتان في عالم اليوم ولا بد بالتالي لكل ناد من إنشاء موقع له على شبكة الانترنت تنشر فيه أخبار النادي ولاعبيه وغيرها من الأمور الأخرى المتعلقة به. ويمكن للنادي أن يصمم مواقع تابعة له ليسوق المنتجات التي تحمل شعاره، إضافة الى ربط موقع النادي بمواقع عربية أخرى (صحف، شركات، مراكز ثقافية). ومن الممكن استغلال مثل هذه المواقع في نشر الإعلانات التجارية للشركات والبنوك والمنتجات مما سيعود على النادي صاحب الموقع بدخل جيد. إلا أن فائدة الموقع في الانترنت لا تقتصر على المردود المادي، بل تتعداها الى فوائد مثل ربط الشباب الجزائري في الخارج بالوطن، إضافة إلى توسيع القاعدة الشعبية للنادي وتسويق منتجاته على المستويين المحلي والخارجي. تنمية الموارد المالية للاندية الرياضية : إن تنمية الموارد المالية للأندية في إطار التخصيص عملية تتطلب استمرار التطوير والمتابعة والتسويق والبحث عن الفرص الجديدة واستغلالها بالطريقة الأمثل والأسرع تنفيذا، وهذا يتطلب التعامل مع هذا الشأن الحيوي بأرفع مهنية يمكن توفيرها وبالابتكار والخيال وسعة الاطلاع ومعرفة طبيعة المنتوج وإمكانات تسويقه ومنافذ التسويق المناسبة وذلك لأن العقبة الأهم التي يمكن أن تواجهها الأندية المخصصة في هذا الشأن ليست قلة الفرص بل عدم وجود الكفاءات القادرة على اكتشافها وتطويرها، ولذا يجب البدء في مرحلة مبكرة في جمع عناصر فريق التسويق وتدريبها وإعدادها لمهمتها الحاسمة.

وإذا كان التخصيص هو الطريق الصحيح لإخراج الرياضة من مشاكلها المادية عن طريق تطوير آليات مناسبة لتعظيم الموارد المالية فإنه من المهم جدا وضع آلية تعزز المنافسة بين سائر الأندية وتربط مصالحها وتخفف من حدة التعصب وتعطي الأندية المتوسطة والصغيرة الفرصة المناسبة لكي تحقق النجاح. ولهذا وجبت الدعوة إلى تطبيق مبدأ حيوي هو المشاركة في الدخل بين الأندية بهدف المحافظة على التكافؤ بينها لأنني لا أرى أي مصلحة للرياضة العربية في أن يكون في كل دولة عربية نادٍ قوي واحد أو اثنان فيما يتهدد الإفلاس الأندية الأخرى. وما لم يتم تطبيق هذا المبدأ بعدل ودقة ستشيع في الرياضة ظاهرة ضارة هي وجود أندية ثرية وأخرى فقيرة جدا وتتركز قوة الأندية في مجموعة صغيرة على حساب الأندية الأخرى ويساهم في إفلاس بعضها فتحتكر الأندية الثرية اللاعبين الجيدين وتؤول إليها مصادر الدخل. إن قيمة صناعة الرياضة في بلد مثل الولايات المتحدة تجاوز 200مليار دولار سنويا وهي تعتبر هناك نافذة واسعة يطل منها الأمريكيون على العالم بعاداتهم وثقافتهم وسياساتهم والتأثيرات الأخرى التي تنفذ إلى تفكير وسلوك ملايين الشباب في كل أنحاء العالم لكن نظرتنا إلى الرياضة في الدول العربية لا تزال نظرة ضيقة، وحتى عندما نسمع بعض المسئولين يتحدث عن أهمية الرياضة ويجامل الرياضة والرياضيين فإن يشير إلى دورها "في شغل أوقات فراغ الشباب".

كثيرون أيضا ينظرون إلى الرياضة في حدود الملاعب التي تنتظم فيها المباريات وفي حدود جمهورها لكنني اعتقد أن أهمية الرياضة ذات المهنية العالية تتجاوز حدود الملاعب إلى رحابة المجتمع لأن لها علاقة مباشرة ببلورة ثقافة ايجابية في الوسط الشبابي وتنمية الشعور بالمسؤولية وحفظ تماسك نسيج المجتمع وبناء جسور الصداقة والتفاهم بين الشعوب. إن الفوائد التي تقدمها الرياضة المهنية الجيدة تتعدى بكثير الفوائد الظاهرة للعين المجردة. وصحيح أن الرياضة من أفضل مجالات ترفيه الشباب وإبراز مهاراتهم وقدراتهم وشغل أوقات الفراغ وأبعادهم عن المزالق الأخلاقية والجريمة والتطرف والمخدرات وغيرها من المخاطر التي تهدد الفرد والأمة لكن الرياضة ذات المستوى الرفيع تضعنا جميعا في مركز أفضل لجني الفوائد الثقافية والسياسية والاقتصادية التي يمكن أن تحققها الرياضة. إنها وسيلة تأثير مثالية لاطلاع العالم على ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا الجيدة والمساهمة في إزالة المفاهيم المغلوطة التي يحملها كثيرون في العالم عن العرب والمسلمين. والمواقع الرياضية الجيدة في الانترنت يمكن أن تصبح بوابات لا نسوق من خلالها الرياضة فقط بل الأفكار التي نريد إيصالها إلى الآخرين.

نحن في الدول العربية لم نعط الرياضة بعد الأهمية التي تستحقها، ولو أدرك المسئولون العرب عموما هذه الأهمية لكانت الرياضة اليوم في غير الموقع الموجودة فيه، ولكانوا أولوها عناية أكبر بكثير من العناية التي تحظى بها الآن. لكن نوع العناية الذي أفكر به هنا ليس النوع الذي يفكر به البعض. انه لا يتمثل في زيادة الدعم الحكومي أو رفع المخصصات المالية التي تقدمها الدولة للرياضة بل في العمل عن أطلاق العمل الرياضي وإعادة بنائه على أرضية إدارية ومهنية ومالية متينة تكفل إخراجه من أوضاعه الراهنة ومن ثم تطويره وتمكينه من أداء مهماته بكفاءة عالية وعلى المستويات كافة بما يضمن تفعيل دوره الاجتماعي والشبابي والاقتصادي. إنها العناية المتركزة على إيجاد الهيكل المناسب لهذه الانطلاقة الرياضية الجديدة وهو التخصيص وستتكفل المنافسة التي سيأتي بها التخصيص بالباقي. إن بعض العاملين في الوسط الرياضي يعتقدون أن اضمحلال الدعم المالي الحكومي للرياضة نقمة لكنني أرى انه يمكن أن يكون نعمة لأن الحكومات في ظل المشاكل المالية التي تواجهها اليوم باتت أقرب إلى الاقتناع بأن تدرك الرياضة تتجه في طريقها الطبيعي الذي هو طريق التخصيص، وتكتفي بوضع الضوابط والآليات والشروط المناسبة التي تكفل تقدم الرياضة في الوطن العربي ومساعدتها على الخروج بقوة من المحيط المحلي أو الإقليمي إلى العالمية التي يفترض أن يعكس الوجود الرياضي العربي فيها الإمكانات الكبيرة والمتنوعة التي يتميز بها وطن عربي يضم اليوم أكثر من 300مليون شخص.

كل المطلوب الآن أن نواجه هذا القرار بشجاعة وان نتفادى المبالغة في التردد اليوم أصبحت الأندية بحاجة إلى المتخصصين في هذا المجال لإدارة الكثير من الأمور الاستثمارية فيها، لكي تتحقق خطوات النجاح المنتظرة، أعود الى فعاليات منتدى الاحتراف والتمويل الرياضي، الذي جاء في الوقت المناسب كنوع من التوعية الواجب توافرها في هذا الوقت تحديداً، ما أضاف الكثير من التنوير على هذه المشاريع الاستثمارية الضخمة، على أمل أن يمتد إلى أكثر من ذلك، ولا بد من أن تتبع هذه الخطوة خطوات مماثلة تراعي هذه الحالة وتكون نقطة اتصال تتزامن مع المتغيرات التي نشهدها في عالمنا الرياضي، كما حدث منذ أيام من خلال إقامة هذا المنتدى، وهو ترسيخ المفهوم العام بين الرياضة وكيفية استثمارها مادياً حيث حظي المتابعون بفوائد كثيرة بسبب هذا البرنامج. كون أن أهمية هذا المنتدى الذي يمثل برنامجاً ثقافياً للتوعية بقوانين ولوائح كرة القدم السعودية ومتطلبات وحاجات التمويل والاستثمار في رياضة كرة القدم، والذي يسلط الضوء على المفاهيم الحديثة في مجال الاحتراف والتمويل الرياضي، ويهدف المنتدى كما أعلن للتوعية والتثقيف القانوني للوسط الرياضي بشكل عام، من أعضاء مجلس إدارة وأعضاء شرف ولاعبين ووكلاء لاعبين وإداريين وأجهزة فنية ولكل المتعاملين مع الوسط الرياضي خصوصاً كرة القدم من خلال الشركات الراعية والمستثمرة في الوسط الرياضي واطلاعهم على أحدث المستجدات في الجوانب القانونية والإدارية في مجالات الاحتراف والاستثمار والتمويل الرياضي وحقوق النقل والرعاية والتسويق.

كلنا يأمل أن تستمر مثل هذه البرامج التوعوية من أجل مصلحة رياضة الوطن. الأهداف: وقد لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إن الجزائر اليوم تعاني ندرة في الدراسات العلمية التي تناولت موضوع الرياضة والخصخصة، هذا الموضوع الذي حظي باهتمام كبير في الآونة الأخيرة، لذا فقد هدفت الدراسة إلى التعرف على الأوضاع الراهنة للرياضة في الجزائر واتجاهاتها نحو الخصخصة، والتعرف على التجارب الدولية الرائدة في مجال الاستثمار الرياضي وخصخصة الأندية الرياضية. الخصائص: من أبرزها ما يلي:
- إن الأندية الرياضية في الجزائر لديها مقومات عديدة للاستثمار والتمويل الذاتي.
- تعاني الأندية الرياضية في الجزائر من نقص الإيرادات المالية الذاتية، كما أنها تحتاج إلى مصادر متنوعة للتمويل واستثمار ما لدى الأندية من مقومات كفتح المحلات التجارية وتأجيرها، وزيادة الوجود الجماهيري في المباريات من خلال تدابير متنوعة.
- تعاني الأندية الرياضية الجزائرية بعامة من عدم كفاية الإعانات التي تصرف لها من صناديق ترقية مبادرات الشاب والرياضة ودعم الوزارة والجماعات المحلية .
- إن ديون الأندية الرياضية قد تقف حجر عثرة في سبيل الخصخصة، لذا يجب مواجهة هذا التحدي قبل الخصخصة.
- إن الخصخصة ستقضي على شكوى لاعبي الأندية المحترفين من تأخر تسليمهم لمستحقاتهم.
- إن الخصخصة لن تؤدي إلى سحب الإشراف والرقابة من الوزارة بل ستظل لها مسؤوليات كبيرة تقوم بها.

إن من أهم مجالات الخصخصة والاستثمار في الأندية الرياضية ما يلي:
- إصدار صحف ومجلات أسبوعية باسم الأندية الرياضية. - إقامة المطاعم الحديثة والمقاهي داخل الأندية التي تقدم وجبات مختلفة وبأسعار مناسبة.
- الاستفادة من أسوار الأندية في الدعايات والإعلانات المضاءة والمتحركة لبعض الشركات لترويج منتجاتها، وإقامة محلات تجارية وأنشطة تجارية أخرى متنوعة حول السور.
- إنشاء مدارس التربية الرياضية للموهوبين والهاوين وذات التكلفة والرسوم المناسبة.
- تسويق شعارات الأندية واستثمارها على المنتجات الرياضية للنادي. - رسوم الاشتراك التي تبلغ قيما مرتفعة، وهي مصدر رئيسي في التمويل الذاتي.
- تنوع النشاطات الرياضية والأندية والخدمات والمنتجات الصناعية المتعلقة بالرياضة.
- إن الرياضة وسيلة للربط الاجتماعي، لما تقوم به الأندية من تهيئة الفرص لشرائح المجتمع المختلفة للانتماء إليها والمشاركة في أحداثها.
- إن الرياضة تسهم في الاقتصاد الجزائري، وتعد أحد القطاعات سريعة النمو في هذا الاقتصاد.
- نشر أندية الاحياء وتشجيعها ودعمها مالياً وإشرافياً من اتحاد الفرق الممتازة، إضافة إلى إسهامات الحكومة في هذه الأندية.

النتائج: يمكن إجمالها في الآتي:
1- إن الأندية الرياضية في الدول المتقدمة جزء من النسيج الاجتماعي، يمارس فيه المشتركون كثيراً من هواياتهم في الرياضة والأنشطة الاجتماعية والثقافية، لذا فهي تضم مئات الألوف من المشتركين الذين يعج بهم النادي ليلاً ونهاراً.
2- حققت كثير من الدول مكاسب كبيرة للرياضة عموماً والأندية الرياضية خصوصاً عبر اعتماد برامج رعاية القطاع الخاص.
3- أسفرت نتائج الدراسة عن أهم المعطيات التي يمكن أن تحققها خصخصة الأندية الرياضية الجزائرية، ومنها:
- تخفيف العبء المالي عن كاهل ميزانية الدولة وميزانية وزارة الشباب والرياضة
- زيادة توظيف العمال والموارد الإنتاجية المتاحة.
- إعادة توجيه الموارد المالية لوزارة الشباب والرياضة إلى الأندية الرياضية الأقل حجماً، بما يخدم توسع رقعة الرياضة الجزائرية ووصولها إلى المناطق المختلفة وبصورة جيدة.
- توجيه الاهتمام لمختلف الألعاب الرياضية، وعدم التركيز على لعبة واحدة فقط.

1- يجب أن نحمي قطاع الرياضة والشباب من الانحراف عن نطاق الخدمة العامة، وأغراض النادي في خدمة المجتمع، إذ إن الرياضة مرتبطة بتنمية المجتمع تربوياً.
2- يجب السعي إلى تهيئة الأندية الرياضية للتخلص من ديونها أولاً ثم التحول إلى مؤسسات استثمارية.
3- إعادة هيكلة الأندية الرياضية.
4- هناك ضرورة إحداث نقلة نوعية في الأندية الرياضية بحيث لا يكتفي لها بالدور الترفيهي فقطن بل لابد من استكمال.
5- تطوير مستوى الخدمات والأنشطة الرياضية التي تقدمها الأندية الرياضية للأعضاء أو غير الأعضاء بحيث تنافس الخدمات التي تقدمها الجهات الأخرى مثل الأندية الخاصة.
6- تحويل رعاية الأندية من الاتحادات والرابطات إلى الشركات الكبيرة والبنوك.