المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللّيل



مصطفى ملح
25/07/2009, 05:52 PM
اللّيْـل


1

في رَحِمِ المقْهى عِنْدَما يَفيضُ العالَمُ الجَامِدُ،
تَنْمو الَشَّهَواتُ في مَرايا النَّفْسِ كَالطُّحْلُبِ
بَيْنَما البُكاءُ فَجْأَةً
يَقْطُرُ فوقَ قِطْعَةِ الغُمُوضِ :
لا تَأْويلَ لا حَدْسَ وَ لا رًؤْيا؛
فَقَطْ.. بُكاءُ شاعِرٍ يَسيلْ

2

في اللَّيْلِ
يَذْهَبُ المُحِبُّونَ إلى أَعْشاشِهِمْ
وَ الشُّعَراءُ يَدْخُلونَ السِّجْنَ
وَالأَطْفالُ يَكْبُرونَ سِرّاً
وَالجنُودُ الخائِفونَ يَرْقُدونَ فَجْأَةً فَوْقَ التُّرابِ
يَحْلُمُونَ كَيْفَ تُصْبِحُ المَرايا كَفَناً
تَلْبسُهُ.. رُوحُ القَتيلْ !

3

في اللَّيْلِ
يَعْزِفُ الفَتَى الضَّريرُ مَقْطَعاً
أَمامَ غُرْفَةِ هُناكَ.. لا يَسْكُنُها سِوى العَدَمْ.
وَحينَ يَتْعَبُ الفَتى
يَمُرُّ فوْقَهُ بُكاءٌ رَعَويٌّ دافِىءٌ
تَحْمِلُهُ حَمامَةٌ سَوْداءُ:
لا تأْويلَ لا حَدْسَ وَلا رُؤْيا
فَفَطْ.. بًكاءُ شاعِرٍ يَسيلْ

4

في اللَّيْلِ
يَكْتُبُ الحِمارُ مَقْطَعاً شِعْرِيّاً
شَوْقاً إِلى حَظيرَةٍ أُخْرى، وَإِسْطَبْلٍ أَصيلْ.
في اللَّيْلِ
عِنْدَما يَمُوتُ الظِّلُّ مِثْلَ الوَحْشِ،
مَجْرُوراً إلى هاوِيَةٍ كُبْرى
أَرى العُشَّاقَ يضْحَكُونَ في مَحَطَّةِ القِطارِ
والمَلاحِمِ الصَّفْراءِ؛
يَضْحَكُونَ فوقَ الحَجَرِ المَزْرُوعِ بَيْنَ نَخْلَتَيْنِ
ثُمَّ يَهْرُبُونَ كَاللُّصُوصِ وَالأَيائِلِ الحَيْرى،
وأَشْبالِ الخُيُولْ!

5

في اللَّيْلِ
يَبْكي الفَاشِلُونَ والسُّكارى وَ المُحِبُّونَ
وَسارِدُو الحَكايا.. وَأَنا :
يَبْكي المُحِبُّونَ لأَنَّهُمْ سَيُضْرَبُونَ بالرَّصاصِ
فَوْقَ شَهْوَةٍ مَرْمِيَّةٍ في مُلْتَقى الرُّبا.. بغاباتِ الرَّحيلْ !
وَالفَاشِلُونَ كُلُّهُمْ يَبْكُونَ
رُبَّما لأَنَّهُمْ تَحَالَفُوا مَع الذَّاتِ
فَأُخْرِجُوا مِنَ الجََنَّةِ مَطْرُودينَ.
وَالسُّرَّادُ يَبْكُونَ لأَنَّ اللَّيلَ خَانَهُمْ
وَدَسَّ في الحَكايا بَطَلاً أَعْمَى، وَأَشْخاصاً مَلاعِينَ،
وَكَلْباً، وَمُشَعْوِذاً، وفانُوساً عَليلْ..
أَمّا السُّكَارَى رُبَّما
يَبْكُونَ خَوْفاً منْ وِلادَةِ النَّهارِ
في حَواسِّهِمْ
ضِعافاً مُسْتَسْلِمينَ خُضَّعاً كَالحشَراتِ
في فِخاخٍ نُصِبَتْ فَوْقَ الطُّلُولْ !
أَمَّا َأَنا
أَبْكي لأَنِّي وَلَدٌ مَجْرُوحَةٌ أَقْدامُهُ الصُّغْرى؛
لَكمْ أَخافُ أَنْ يَلْسَعَني اللَّيلُ بِمِلْحِهِ
فلا أَقْوَى على تَسَلُّقِ الجِبالِ
كَيْ أَدْفِنَ خَوْفي في قُبُورٍ
مُلِئَتْ بالهَسْهَساتِ.. والعَويلْ !

6

في اللّيْلِ
تَسْتَحِمُّ جُثَّةُ الهَواءِ
بِالبُكاءِ العَرَبِيِّ الأَسْوَدِ المَخْنُوقِ :
لا تَأْويلَ لا حَدْسَ وَلا رُؤْيا
فَقَطْ.. بُكاءُ شاعرٍ يسِيلْ !
مصطفى ملح

أمل الفقها
25/07/2009, 08:18 PM
رائع ما بحت به أخي
كأني أمام مسرح مليء بالشخوص
أحييك على هذه القدرة على الصياغة الموفقة
بشكل مشهد مسرحي جميل
لكن أظن أنه سقط منك حرف سهواً
الغموظ = الغموض
دام إبداعك أيها المبدع
ولك خالص المودة

الحبيب ارزيق
25/07/2009, 08:42 PM
اللّيْـل


1

في رَحِمِ المقْهى عِنْدَما يَفيضُ العالَمُ الجَامِدُ،
تَنْمو الَشَّهَواتُ في مَرايا النَّفْسِ كَالطُّحْلُبِ
بَيْنَما البُكاءُ فَجْأَةً
يَقْطُرُ فوقَ قِطْعَةِ الغُمُوظِ :
لا تَأْويلَ لا حَدْسَ وَ لا رًؤْيا؛
فَقَطْ.. بُكاءُ شاعِرٍ يَسيلْ

2

في اللَّيْلِ
يَذْهَبُ المُحِبُّونَ إلى أَعْشاشِهِمْ
وَ الشُّعَراءُ يَدْخُلونَ السِّجْنَ
وَالأَطْفالُ يَكْبُرونَ سِرّاً
وَالجنُودُ الخائِفونَ يَرْقُدونَ فَجْأَةً فَوْقَ التُّرابِ
يَحْلُمُونَ كَيْفَ تُصْبِحُ المَرايا كَفَناً
تَلْبسُهُ.. رُوحُ القَتيلْ !

3

في اللَّيْلِ
يَعْزِفُ الفَتَى الضَّريرُ مَقْطَعاً
أَمامَ غُرْفَةِ هُناكَ.. لا يَسْكُنُها سِوى العَدَمْ.
وَحينَ يَتْعَبُ الفَتى
يَمُرُّ فوْقَهُ بُكاءٌ رَعَويٌّ دافِىءٌ
تَحْمِلُهُ حَمامَةٌ سَوْداءُ:
لا تأْويلَ لا حَدْسَ وَلا رُؤْيا
فَفَطْ.. بًكاءُ شاعِرٍ يَسيلْ

4

في اللَّيْلِ
يَكْتُبُ الحِمارُ مَقْطَعاً شِعْرِيّاً
شَوْقاً إِلى حَظيرَةٍ أُخْرى، وَإِسْطَبْلٍ أَصيلْ.
في اللَّيْلِ
عِنْدَما يَمُوتُ الظِّلُّ مِثْلَ الوَحْشِ،
مَجْرُوراً إلى هاوِيَةٍ كُبْرى
أَرى العُشَّاقَ يضْحَكُونَ في مَحَطَّةِ القِطارِ
والمَلاحِمِ الصَّفْراءِ؛
يَضْحَكُونَ فوقَ الحَجَرِ المَزْرُوعِ بَيْنَ نَخْلَتَيْنِ
ثُمَّ يَهْرُبُونَ كَاللُّصُوصِ وَالأَيائِلِ الحَيْرى،
وأَشْبالِ الخُيُولْ!

5

في اللَّيْلِ
يَبْكي الفَاشِلُونَ والسُّكارى وَ المُحِبُّونَ
وَسارِدُو الحَكايا.. وَأَنا :
يَبْكي المُحِبُّونَ لأَنَّهُمْ سَيُضْرَبُونَ بالرَّصاصِ
فَوْقَ شَهْوَةٍ مَرْمِيَّةٍ في مُلْتَقى الرُّبا.. بغاباتِ الرَّحيلْ !
وَالفَاشِلُونَ كُلُّهُمْ يَبْكُونَ
رُبَّما لأَنَّهُمْ تَحَالَفُوا مَع الذَّاتِ
فَأُخْرِجُوا مِنَ الجََنَّةِ مَطْرُودينَ.
وَالسُّرَّادُ يَبْكُونَ لأَنَّ اللَّيلَ خَانَهُمْ
وَدَسَّ في الحَكايا بَطَلاً أَعْمَى، وَأَشْخاصاً مَلاعِينَ،
وَكَلْباً، وَمُشَعْوِذاً، وفانُوساً عَليلْ..
أَمّا السُّكَارَى رُبَّما
يَبْكُونَ خَوْفاً منْ وِلادَةِ النَّهارِ
في حَواسِّهِمْ
ضِعافاً مُسْتَسْلِمينَ خُضَّعاً كَالحشَراتِ
في فِخاخٍ نُصِبَتْ فَوْقَ الطُّلُولْ !
أَمَّا َأَنا
أَبْكي لأَنِّي وَلَدٌ مَجْرُوحَةٌ أَقْدامُهُ الصُّغْرى؛
لَكمْ أَخافُ أَنْ يَلْسَعَني اللَّيلُ بِمِلْحِهِ
فلا أَقْوَى على تَسَلُّقِ الجِبالِ
كَيْ أَدْفِنَ خَوْفي في قُبُورٍ
مُلِئَتْ بالهَسْهَساتِ.. والعَويلْ !

6

في اللّيْلِ
تَسْتَحِمُّ جُثَّةُ الهَواءِ
بِالبُكاءِ العَرَبِيِّ الأَسْوَدِ المَخْنُوقِ :
لا تَأْويلَ لا حَدْسَ وَلا رُؤْيا
فَقَطْ.. بُكاءُ شاعرٍ يسِيلْ !
مصطفى ملح

-------------------
لله ما ابدعك
نقطة
لك تقديري كما تعرفه

مصطفى ملح
25/07/2009, 10:30 PM
أختي الشاعرة أمل الفقها
شكرا على جسر المحبة الذي تمدينه دوما
أجل لقد انتبهت لما أشرت إليه
لعن الله الرقن والسرعة وانشغال البال
دمت وفية

مصطفى ملح
25/07/2009, 10:36 PM
أخي الشاعر الحبيب ارزيق
شكرا لك أيها النبيل
هو مجرد ليل .. ونحن كائناته
لا نستطيع إعلان الحرب ضده سوى
بتفجير قنابل الشعر
محبتي

قوادري علي
26/07/2009, 01:32 AM
أخي الشاعر المميز مصطفي
ياله من ليل اختزل كل هذا الزخم
من الأشخاص والأحداث تشابكت
فشكلت فسيفساء تعكس ما تعكس
من أحداث كان مخرجها البارع
شاعر يحسن التموقع ويحسن خلق الأجواء الشعرية
التي ترتب ذهن القارئ بإمتياز..
تقديري لأحرف السامق..
مودتي.

منى حسن محمد الحاج
26/07/2009, 08:59 AM
لله أنت..
فقط بُكاءُ شاعرٍ يسيل!
لله أنت يا أخي حين تختصر الجُمل وتأتي بخلاصاتها..
وتذهب بنا لتلك اللحظة.. لحظة ميلاد القصيد..
والتي ولدت من مرارة الواقع وزخم المشاعر وتراكم التناقضات
أخي العزيز الشاعر مصطفى ملح.. حياك الله
كم هو جميل ورائع ماقرأته لك هنا من بيان..
لك خالص مودتي وتقديري

أحمد نمر الخطيب
26/07/2009, 12:19 PM
رحم المقهى
مرايا النفس
والفتى الضرير
هذه منمنمات النصّ،
ومرتكزاته
وهذه أيقوناته
أخي الشاعر الفذ مصطفى ملح
أنت لا تكتب حرفاً وترميه في سلة النص
بل تنقش نصاً يستدرج الحرف إلى ملكوته العالي
وهذا ما يميّزك
ويطبع صورتك الخاصة في ذهن المتلقي
أحييك لأنك أنت
مع المودة والمحبة

محمد فائق البرغوثي
26/07/2009, 09:26 PM
قصائد يطغى عليها التشكيل الشعري ، تقطيع شكلي وتنويعي في زمن متوحد ( الليل ) يهيمن على الحالة النفسية للشاعر فيسقطها على مختلف الكائنات والمشاهدات حيث الصور الجزيئة تتوحد تتوالى وتتكاثف لتعبر عن رؤية الشاعر وصوت الذات

من أجمل القصائد التي قرأت شاعرنا الحبيب مصطفى ملح

مصطفى ملح
26/07/2009, 11:21 PM
الأساتذة الشعراء
قوادري علي
أحمد نمر الخطيب
منى حسن الحاج
القاص محمد البرغوثي
شكرا