عبدالفتاح سليمان
28/07/2009, 12:34 AM
شخصيات أحبت السودان وأحبهم
التهنئة التي سقتها بمناسبة حصول الزميلة فاطمة باوزير علي درجة البكلاريوس قادتني الي التفكير في الكتابة عن ثلاثة شخصيات عربية أحبت السودان وأحبهم حتي اعتبرهم الشعب السوداني جزء ا من نسيجه الاجتماعي وهم كذلك الشخصية الأولي هي الدكتور إحسان عباس احد أساطين الأدب والنقد في وطننا العربي والثاني هو السفير الكويتي عبدا لله السرّيع أو عبدا لله جوبا كما يلحلو للسودانيين إن يسموه إما الثالث فهو سوداني كامل الدسم نشأة وثقافة وهويً وهو الطبيب والشاعر والفنان الأديب اليمني الدكتور نزار محمد عبده غانم
وأبدأ بأولهم د إحسان رشيد عباس سادن التراث العربي والإسلامي وواحد من أنجب محققي الأدب العربي.
ولد إحسان عباس في قرية (عين غزال) قرب حيفا سنة 1920م وتخرج في الكلية العربية بالقدس سنة 1941م ثم واصل تعليمه العالي فنال الدكتوراه في كلية الادآب بجامعة القاهرة عام 1954م ومن المحزن والطريف انه تقدم للجامعة العربية للعمل فرفض طلبه بحجة إن بلده (فلسطين ) ليست عضوا في الجامعة العربية فنصحه أستاذه احمد أمين والدكتور شوقي ضيف بالسفر إلي السودان فالتحق بكلية غردون التذكارية ثم جامعة الخرطوم إلي جانب الدكتور محمد النويهي ثم انتدب للعمل بالجامعة الأمريكية ببيروت 1961م وانتهي به المطاف بالجامعة الأردنية بعمان حتي وفاته في عام 2003م
خلال سني عمره التي امتدت لنحو ثلاثة وثمانين عاما رفد المكتبة العربية بثمانين كتابا مابين مؤلف ومحقق منها فن الشعر بيروت 1956م، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام( 8أجزاء )( ،نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب)للتلمساني (8أجزاء ) 1968م ومؤلفات عن ا لبياتي والسياب وعدة مؤلفات عن الأدب والشعر والقصة في السودان.
في حبه للسودان قال انه (يعتبر السودان بلدٌ مثالي للعيش بسبب لطف أهله ودماثة أبناءه وصدق العلاقات بين الناس ). من كتابه غربة الراعي.
لم يكن إحسان عباس يعرف السودان قبل مجيئه ولهذا قال :-كنت أحسب إن السودانيين صنفٌ مختلفٌ عن العرب اللذين قست قلوبهم (في باله حادثة الجامعة العربية رغم انه واجه غيرةً أكاديمية في آخر عهده بالسودان )؛ويضيف أحمد الله إنني وجدتُ مصداق ما خُيلَ إلي حين استوطنت السودان(غربة الراعي ص192).
وعبر عقد كامل من الزمان خرّج إحسان عباس المئات من طلبة العلم في جامعة الخرطوم وأنجز عددا من المؤلفات لاسيما في مجال الأدب .
يقول إحسان عباس :- وجدتُ في السودان أدباً غزيراً وبخاصةٍ في الشعر , وان الدراسات حوله قليلة وبدائيةً ،فشرعتُ أُعّرفُ بالأدب السوداني في الكتب والمجلات وأخذت أُشجع نشر الشعر السوداني والقصةَ القصيرة السودانية في بيروت وكان ثمرة هذا الجهد ظهور ديوان(غابة الأبنوس )و (ديوان غضبة الهبباي) للشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم وديوان (الصمت والرماد) للشاعر محمد عثمان كجراي ؛ ويقول إن صلاح احمد إبراهيم كان أمير شعراء زمانه .
لقد أمضي إحسان عباس زهاء عشر سنوات في السودان عرف أهله وعرفوه ، ولهذا فان معظم اللذين لا يعرفونه معرفة شخصية ممن كان يكاتبهم كانوا يحسبونه سودانيا ، وكان يكاتب من الخرطوم كلا من مجلة الادآب البيروتية ومجلة الثقافة في القاهرة ومجلة القلم الجديد .
وجاء في اعترافات عباس إن التحضير لبعض واجباته العلمية في السودان قادته إلي استكشاف الأدب الأندلسي ،كما أثرت مناهج التدريس في جامعة الخرطوم علي إقباله علي النقد الأدبي وذكر إن إلحاح طلابه السودانيين
علي إن يحاضرهم حول الشعر الحديث أضطره لطرق بابٍ لم يطرقه من قبل فأعدّ بحثاً عن ديوان ألبياتي (أباريق مهشّمة) وفي هذا يقول الشاعر العراقي عبد الوهاب ألبياتي (إنني مدينٌ لهذا العالم الكبير الذي كانت لكتاباته عني فعل السحر أو فعل الحجاب بلغة الصوفية ، فقد منحني قوةً هائلة لتحدي المستحيل ومواصلة رحلتي الشعرية .ثم أردفه بمحاولةٍ أخري عن بدر شاكر السياب 1969م في دراسة استغرقت خمس سنين.
خلّد الرعاة في شعره لاعترافه ببساطتهم ونقائهم وصدقهم يقول في كتابه أزهار برية :-(إن الرعاة اللذين أحببتهم ينطوون علي نقائص كثيرة ، وأنه ليس من الآدميين مثاليون لا أنا والغيري وأن الفقر وخشونة المعاملة هي التي تسيطر علي حياتهم وان سذاجتهم وحدها هي التي تتلبس بطبيعة القلب ولكنها إن زادت انقلبت إلي بلاهة أوعباطة )لكنني كنت في حاجةٍ نفسية إلي العثور علي مجتمع مثالي يريحني من الخداع والغش والنفاق لدي الآخرين .
وتلك السذاجة ياليتني
جبلت بطينتها خاطري
وعشت لحريتي والجمال
ومتعة قلبي والناظر
ولم يصب قلبي الضلال
ووحل العمايات في الحاضر
ومن فرط حب السودانيين له وتقديرا لفضله وعلمه كتب عنه أحد طلابه وهو الدكتور منصور خالد أحد خبراء القانون والسياسة والدبلوماسية في السودان بصحيفة الصحافة السودانية قائلا:-((تمنيتُ علي النفس منذ إن جاءني نبأ رحيل شيخي أن أروي للناس أطرافاً وإن كانت قصيةً من سيرته لكن الكتابة عن أمثاله لاتتحققُ علي غير تهئيةٍ فالأستاذ المعلم الذي نتحدثُ عنه رجلٌ تراخي عمره ل ثلاثٍ وثمانين عاما لم تحج سمعه إلي ترجمان ولم يكل فيها عزمه علي تحقيق ماتنؤ به همم الرجال ، فعبر تلك الفترة المديدة أثري إحسان عباس المكتبة العربية بما يربو علي الثمانين مؤلفاً وتحقيقاً في الأدب والسير والفقه والشعر أي بمعدل كتاب عن لكل عام من ذلك العمر الحافل المنبسط ، ولعل شيخنا قطع عهداً علي نفسه إن يهب عمره كله للعلم مترهباً في معبده وهو يتمثل قول إبراهيم بن سيّار النظّام (لا يعطيك العلمُ بعضه إلا إن أعطيته كلك)(د منصور خالد مقال مطوّل بصحيفة الصحافة السودانية العدد5297بتاريخ 18/3/2008
ولعل انقطاع الدكتور إحسان عباس للعلم وعكوفه عليه هو مادفع الكاتب السعودي علي العميم لسؤاله ذات مرةٍ في حوارٍ لصحيفة الشرق الأوسط نشر في عام 1995م عما إذا كان إنهماكه في التأليف والعمل محاولة منه
لنسيان الوطن فانتفض إحسان مجيباً(. أبدا أبدا الوطن لا يغيب ُ وبيني وبين نفسي أعيشُ كل الذكريات ولكن ما علاقة الآخرين في إن أندبَ أمامهم هذه المأساة؟.!،ويضيف يجب إن يعرف أولادي أنني صاحبُ قضية وان وطني قد ضاع بدون وجه حق وأنّ الفلاح الفلسطيني الذي يمثله أبي لم يبع أرضه ).
يضيف الكاتب السعودي علي العميم والذي ضمن ذلك الحديث كتابا أصدره لاحقاً يضيف (لم يستطع إحسان عباس إن يكمل الإجابة فقد أختنق صوته بالبكاء وطفحت عيناه بالدموع وقال لاتؤآخذني يأبني ، فعلي الرغم من أنني أبدوا قاسياً كأستاذ ؛إلا أنني ضعيف أمام ذكريات الوطن .
ويحكي إحسان عباس كيف انه لم يستطع إن يتمالك نفسه عندما رأي جيرانه من السودانيين ينهمكون بالبكاء مع زوجته أم إياس وأبنائه بمطار الخرطوم عند مغادرته وأسرته للسودان قال أنه مشهدٌ صعُب عليه إحتماله .كان محبا لأخيه بكر ولهذا دعاه للإقامة معه في السودان ففعل وعين بكر أستاذا بمدارس الأحفاد بأمدرمان .
:-
أأخي إن حطم الرعاةُ يراعتي ................وتنكب النكرانُ كلَ جميل
وتفرق الحي الجميع وخانني رأيي ..........وأخطأ رائدي ودليلي
لم انقطع أسفاً لما ضيعته .....................مادمت في الدنيا أخي وخليلي
أعتبره النقاد عميد المحققين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين ,ورحل الدكتور أحسا ن عباس عن الدنيا في يوم الجمعة الحادي والثلاثين من يوليو عام 2003م عن ثلاثة وثمانين عاما وله من الأبناء نرمين وإياس وأسامة .
في المقال الثاني أحدثكم عن المرحوم السفير الكويتي عبدا لله السرّّيع عبد الرحمن أو عبد الله جوبا كما يحلو للسودانيين أن ينادونه وعن صاحب نظرية السومانية (0أي السوداني اليمني ) الأديب والشاعر والفنان والطبيب اليمني المحب للسودان الدكتور نزار عبده محمد غانم الذي قال فيه الشاعر اليمني محمد الشقاع:-
ياصاحب القلب النبيل
ومن أضاء لنا السبيل
بالفل قد عطرتنا...حاشا
ولكن من شذي الوتر الطروب
أبا فريد
مصباحُ سومانا وصوت أزال في البلد الأمين
وأضأت بالحب المشافي بلسماً يؤدي بأوجاع الكليم
وشققت من عدنٍ إلي الخرطوم مشوار التحدي والوصول
شيدت بالوجدان جسراً
وجعلت للإيثار فكرأ وأذاعت أنغام المحبةِ من ربا عدنٍ تسيل
تجري لوادي النيل من قيثارةِ الشجن النبيل.
التهنئة التي سقتها بمناسبة حصول الزميلة فاطمة باوزير علي درجة البكلاريوس قادتني الي التفكير في الكتابة عن ثلاثة شخصيات عربية أحبت السودان وأحبهم حتي اعتبرهم الشعب السوداني جزء ا من نسيجه الاجتماعي وهم كذلك الشخصية الأولي هي الدكتور إحسان عباس احد أساطين الأدب والنقد في وطننا العربي والثاني هو السفير الكويتي عبدا لله السرّيع أو عبدا لله جوبا كما يلحلو للسودانيين إن يسموه إما الثالث فهو سوداني كامل الدسم نشأة وثقافة وهويً وهو الطبيب والشاعر والفنان الأديب اليمني الدكتور نزار محمد عبده غانم
وأبدأ بأولهم د إحسان رشيد عباس سادن التراث العربي والإسلامي وواحد من أنجب محققي الأدب العربي.
ولد إحسان عباس في قرية (عين غزال) قرب حيفا سنة 1920م وتخرج في الكلية العربية بالقدس سنة 1941م ثم واصل تعليمه العالي فنال الدكتوراه في كلية الادآب بجامعة القاهرة عام 1954م ومن المحزن والطريف انه تقدم للجامعة العربية للعمل فرفض طلبه بحجة إن بلده (فلسطين ) ليست عضوا في الجامعة العربية فنصحه أستاذه احمد أمين والدكتور شوقي ضيف بالسفر إلي السودان فالتحق بكلية غردون التذكارية ثم جامعة الخرطوم إلي جانب الدكتور محمد النويهي ثم انتدب للعمل بالجامعة الأمريكية ببيروت 1961م وانتهي به المطاف بالجامعة الأردنية بعمان حتي وفاته في عام 2003م
خلال سني عمره التي امتدت لنحو ثلاثة وثمانين عاما رفد المكتبة العربية بثمانين كتابا مابين مؤلف ومحقق منها فن الشعر بيروت 1956م، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام( 8أجزاء )( ،نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب)للتلمساني (8أجزاء ) 1968م ومؤلفات عن ا لبياتي والسياب وعدة مؤلفات عن الأدب والشعر والقصة في السودان.
في حبه للسودان قال انه (يعتبر السودان بلدٌ مثالي للعيش بسبب لطف أهله ودماثة أبناءه وصدق العلاقات بين الناس ). من كتابه غربة الراعي.
لم يكن إحسان عباس يعرف السودان قبل مجيئه ولهذا قال :-كنت أحسب إن السودانيين صنفٌ مختلفٌ عن العرب اللذين قست قلوبهم (في باله حادثة الجامعة العربية رغم انه واجه غيرةً أكاديمية في آخر عهده بالسودان )؛ويضيف أحمد الله إنني وجدتُ مصداق ما خُيلَ إلي حين استوطنت السودان(غربة الراعي ص192).
وعبر عقد كامل من الزمان خرّج إحسان عباس المئات من طلبة العلم في جامعة الخرطوم وأنجز عددا من المؤلفات لاسيما في مجال الأدب .
يقول إحسان عباس :- وجدتُ في السودان أدباً غزيراً وبخاصةٍ في الشعر , وان الدراسات حوله قليلة وبدائيةً ،فشرعتُ أُعّرفُ بالأدب السوداني في الكتب والمجلات وأخذت أُشجع نشر الشعر السوداني والقصةَ القصيرة السودانية في بيروت وكان ثمرة هذا الجهد ظهور ديوان(غابة الأبنوس )و (ديوان غضبة الهبباي) للشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم وديوان (الصمت والرماد) للشاعر محمد عثمان كجراي ؛ ويقول إن صلاح احمد إبراهيم كان أمير شعراء زمانه .
لقد أمضي إحسان عباس زهاء عشر سنوات في السودان عرف أهله وعرفوه ، ولهذا فان معظم اللذين لا يعرفونه معرفة شخصية ممن كان يكاتبهم كانوا يحسبونه سودانيا ، وكان يكاتب من الخرطوم كلا من مجلة الادآب البيروتية ومجلة الثقافة في القاهرة ومجلة القلم الجديد .
وجاء في اعترافات عباس إن التحضير لبعض واجباته العلمية في السودان قادته إلي استكشاف الأدب الأندلسي ،كما أثرت مناهج التدريس في جامعة الخرطوم علي إقباله علي النقد الأدبي وذكر إن إلحاح طلابه السودانيين
علي إن يحاضرهم حول الشعر الحديث أضطره لطرق بابٍ لم يطرقه من قبل فأعدّ بحثاً عن ديوان ألبياتي (أباريق مهشّمة) وفي هذا يقول الشاعر العراقي عبد الوهاب ألبياتي (إنني مدينٌ لهذا العالم الكبير الذي كانت لكتاباته عني فعل السحر أو فعل الحجاب بلغة الصوفية ، فقد منحني قوةً هائلة لتحدي المستحيل ومواصلة رحلتي الشعرية .ثم أردفه بمحاولةٍ أخري عن بدر شاكر السياب 1969م في دراسة استغرقت خمس سنين.
خلّد الرعاة في شعره لاعترافه ببساطتهم ونقائهم وصدقهم يقول في كتابه أزهار برية :-(إن الرعاة اللذين أحببتهم ينطوون علي نقائص كثيرة ، وأنه ليس من الآدميين مثاليون لا أنا والغيري وأن الفقر وخشونة المعاملة هي التي تسيطر علي حياتهم وان سذاجتهم وحدها هي التي تتلبس بطبيعة القلب ولكنها إن زادت انقلبت إلي بلاهة أوعباطة )لكنني كنت في حاجةٍ نفسية إلي العثور علي مجتمع مثالي يريحني من الخداع والغش والنفاق لدي الآخرين .
وتلك السذاجة ياليتني
جبلت بطينتها خاطري
وعشت لحريتي والجمال
ومتعة قلبي والناظر
ولم يصب قلبي الضلال
ووحل العمايات في الحاضر
ومن فرط حب السودانيين له وتقديرا لفضله وعلمه كتب عنه أحد طلابه وهو الدكتور منصور خالد أحد خبراء القانون والسياسة والدبلوماسية في السودان بصحيفة الصحافة السودانية قائلا:-((تمنيتُ علي النفس منذ إن جاءني نبأ رحيل شيخي أن أروي للناس أطرافاً وإن كانت قصيةً من سيرته لكن الكتابة عن أمثاله لاتتحققُ علي غير تهئيةٍ فالأستاذ المعلم الذي نتحدثُ عنه رجلٌ تراخي عمره ل ثلاثٍ وثمانين عاما لم تحج سمعه إلي ترجمان ولم يكل فيها عزمه علي تحقيق ماتنؤ به همم الرجال ، فعبر تلك الفترة المديدة أثري إحسان عباس المكتبة العربية بما يربو علي الثمانين مؤلفاً وتحقيقاً في الأدب والسير والفقه والشعر أي بمعدل كتاب عن لكل عام من ذلك العمر الحافل المنبسط ، ولعل شيخنا قطع عهداً علي نفسه إن يهب عمره كله للعلم مترهباً في معبده وهو يتمثل قول إبراهيم بن سيّار النظّام (لا يعطيك العلمُ بعضه إلا إن أعطيته كلك)(د منصور خالد مقال مطوّل بصحيفة الصحافة السودانية العدد5297بتاريخ 18/3/2008
ولعل انقطاع الدكتور إحسان عباس للعلم وعكوفه عليه هو مادفع الكاتب السعودي علي العميم لسؤاله ذات مرةٍ في حوارٍ لصحيفة الشرق الأوسط نشر في عام 1995م عما إذا كان إنهماكه في التأليف والعمل محاولة منه
لنسيان الوطن فانتفض إحسان مجيباً(. أبدا أبدا الوطن لا يغيب ُ وبيني وبين نفسي أعيشُ كل الذكريات ولكن ما علاقة الآخرين في إن أندبَ أمامهم هذه المأساة؟.!،ويضيف يجب إن يعرف أولادي أنني صاحبُ قضية وان وطني قد ضاع بدون وجه حق وأنّ الفلاح الفلسطيني الذي يمثله أبي لم يبع أرضه ).
يضيف الكاتب السعودي علي العميم والذي ضمن ذلك الحديث كتابا أصدره لاحقاً يضيف (لم يستطع إحسان عباس إن يكمل الإجابة فقد أختنق صوته بالبكاء وطفحت عيناه بالدموع وقال لاتؤآخذني يأبني ، فعلي الرغم من أنني أبدوا قاسياً كأستاذ ؛إلا أنني ضعيف أمام ذكريات الوطن .
ويحكي إحسان عباس كيف انه لم يستطع إن يتمالك نفسه عندما رأي جيرانه من السودانيين ينهمكون بالبكاء مع زوجته أم إياس وأبنائه بمطار الخرطوم عند مغادرته وأسرته للسودان قال أنه مشهدٌ صعُب عليه إحتماله .كان محبا لأخيه بكر ولهذا دعاه للإقامة معه في السودان ففعل وعين بكر أستاذا بمدارس الأحفاد بأمدرمان .
:-
أأخي إن حطم الرعاةُ يراعتي ................وتنكب النكرانُ كلَ جميل
وتفرق الحي الجميع وخانني رأيي ..........وأخطأ رائدي ودليلي
لم انقطع أسفاً لما ضيعته .....................مادمت في الدنيا أخي وخليلي
أعتبره النقاد عميد المحققين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين ,ورحل الدكتور أحسا ن عباس عن الدنيا في يوم الجمعة الحادي والثلاثين من يوليو عام 2003م عن ثلاثة وثمانين عاما وله من الأبناء نرمين وإياس وأسامة .
في المقال الثاني أحدثكم عن المرحوم السفير الكويتي عبدا لله السرّّيع عبد الرحمن أو عبد الله جوبا كما يحلو للسودانيين أن ينادونه وعن صاحب نظرية السومانية (0أي السوداني اليمني ) الأديب والشاعر والفنان والطبيب اليمني المحب للسودان الدكتور نزار عبده محمد غانم الذي قال فيه الشاعر اليمني محمد الشقاع:-
ياصاحب القلب النبيل
ومن أضاء لنا السبيل
بالفل قد عطرتنا...حاشا
ولكن من شذي الوتر الطروب
أبا فريد
مصباحُ سومانا وصوت أزال في البلد الأمين
وأضأت بالحب المشافي بلسماً يؤدي بأوجاع الكليم
وشققت من عدنٍ إلي الخرطوم مشوار التحدي والوصول
شيدت بالوجدان جسراً
وجعلت للإيثار فكرأ وأذاعت أنغام المحبةِ من ربا عدنٍ تسيل
تجري لوادي النيل من قيثارةِ الشجن النبيل.