المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لك كتابي: العلمانية دراسة فلسفية/ تجاني الأمين



التجاني محمد الأمين زايد
29/07/2009, 10:14 PM
تجدون كتابي- مجانا- علي الرابط أدناه (فقط عليك بلصق الرابط على العنوان (address bar) لأنه لا يعمل مباشرة).
http://www.facebook.com/album.php?aid=88610&id=785789033&l=c42b044f61
وقبل أن تذهب إليك هذه المعلومات فقد لا يناسبك أو يناسبك جزء منه لآن الطريقة التي وضعت بها الكتاب على النت تكلف مساحة أكبر على جهازك. أتمنى أن أجد وسيلة أفضل من هذه في المستقبل
الكتاب نشر في العام 2007بواسطة مركز التنوير المعرفي (نفدت جميع نسخه من المكتبات) وقد أختار الناشر"مفهوم العلمانية في الفكر الغربي" عنوانا رئسيا للكتاب.
أرجو من يطلع عليه أو على جزء منه ألا يبخل علينا بملاحظاته على ما قرأ
مع احترامي واعتزازي بالجميع
المــــــــــــــحتويات
الإهداء........................................... ................................................. أ
استهلال........................................... ................................................ ب
الفهرس .................................................. ...................................... 1-2
المقدمة........................................... ............................................... 3 -6
الــباب الأول: الدلالات "المفاهيمية" والخلفية الفلسفية للمصطلح "سـكيولرزم" 7-33
الفصل الأول: الدلالات لغة و مفهوماً (لماذا "سكيلرزم" بدلا عن علمانية؟. 8-24
مدخل .................................................. .......................................... 8-9
المبحث الأول: "إشكاليات" المصطلح في الثقافة العربية الإسلامية...................... 9-17
المبحث الثاني: تطور المصطلح في الحقل الثقافي الغربي ................................. 18-24
الفصــل الـثاني: الخلفيـة الفلسفية للمصطلح وتجلياتها في الفكر "الدنيوي" اليوناني 25-33
مدخل .................................................. .......................................... 25-26
أولاً: الفكر اليوناني مجملاً .................................................. .................. 26
ثانياً : الفكر اليوناني تفصيلاً .................................................. ................... 26-33
الباب الثـاني: حول مبررات ظهور "السكيولرزم" في الغرب "دين الغرب المعاصر" 35-73
الفصــل الأول: حـــول تشــكل المسيحـــية المعاصــرة "المشكلات النظرية "..... 36-57
مدخل "حول تشكل المسيحية المعاصرة".................................................. ..... 36-36
المبحث الأول: نظرات حول الأسس و المؤسسين.......................................... ... 36-36
أولاً : أضواء على التسمية (مسيحية) وخلفيتها التاريخية ................................... 37-38
ثانياً: المؤسسون .................................................. ................................ 38-38
أ – نواة المسيحية أو يسوع الناصري........................................... ................ 38-42
ب – المؤسس الفعلي "بولص الرسول".................................................. ...... 43-47
المبحث الثاني: مشكلة المصادر .................................................. ................ 47-52
مدخل .................................................. ....................................... 47
أولاً: التوراة........................................... .......................................... 48-50
ثانياً: الأناجيل .................................................. ................................. 50-55
المبحث الثالث: مشكلة العقائد والطقوس .................................................. ..... 55-61
الفصــل الــثاني: حــــول تطـور حـركة التدين الغربي" المشكلات العملية "......... 62- 131
مدخل.............................................. ............................................ 62-63
المبحث الأول: مؤسسة "الإكلورس".................................................. ........... 63
"الإكلورس" والحياة الفكرية و السياسة .................................................. ..... 63-68
ثانياً: انحطاط الحركة العلمية .................................................. .................. 71-73
ثالثاً: حركة الفنون............................................ ..................................... 73-74
المبحث الثاني: مؤسسة الديرية – أو حركة الرهبنة في التاريخ الإنساني ................. 74-76
مظاهر الرهبنة في الحياة الغربية........................................... ................ 76-78
الـباب الــثالث: عصـر "السكيولرزم"...................... 79-123
تمهـيد "الخلــــفية الفلســـفية الحـــديثة "للسـكيولرزم" المعاصرة ..................... 79-81
الفصــــــل الأول: عصــــــر النهضــــــــــة ..................... 82-165
مدخل - نهاية عصر وبداية عصر............................................... ................ 82-83
المبحث الأول: قصة القضاء على ارسطو طاليس........................................... 83-87
المبحث الثاني: لوثر – أو "سكيولرزم في رداء المسيح....................................... 88-91
الفصـل الـثاني: تشــــكل نظرية المعرفة "ابستملوجيا-السكــيولرزم"........... 92
مدخل: روح القرن السابع عشر - "سلطة ديكارت".......................................... 92-95
المبحث الأول :نظرية المعرفة العقلية........................................... ................ 95-96
أولاً: تطور النظرية العقلية على يد اسبانوزا.......................................... ......... 96-180
مفهوم الله عند اسبانوزا .................................................. ......................... 97
جدل العقل والنقل عند اسبانوزا.......................................... ........................ 102
حيادية القيم عند اسبانوزا .................................................. ....................... 104
ثانياً: كانط ونسبية المعرفة .................................................. ...................... 105
المبحث الثاني : المدرسة التجريبية،بيكون، هوبز ، لوك ، هيوم ، كوندياك.............. 106.110
تطوّر المدرسة التجريبية......................................... .................................. 110
الفصل الــــثالث:حصـاد نظــــرية المعـــــــــــرفة........... 111
المبحث الأول: نماذج لنظريات فسّرت الإنسان و الأديان في ثوب العلم ................. 111
أولاً: نظرية التطور الداروينية .................................................. ............... 111
ثانياً: النظرية الاجتماعية........................................ ................................... 113
ثالثاً: الفرويدية......................................... ............................................ 116
المبحث الثاني: قيم "السكيولرزم" الاخلاقية......................................... .......... 117
مدخل: أسس النسق الأخلاقي السكيولرزمي....................................... ............ 112
تفصيل لنماذج من أخلاق السكيولروم........................................ ................... 119
مذهب المنفعة .................................................. .................................. 119
أخلاق الكمال .................................................. ................................. 122
الخــاتمة: "السـكيولرزم" في مــفهومنا......................................... .............. 127
المراجــــع العربية........................................... .................................. 133
المراجــــع الإنجليزية .................................................. ...................... 136
مقدمة وملخص الكتاب
اهتم هذا البحث بحركة فلسفية ذات رؤية كلية كونية Worldview شاملة. أعني بالكلية والكونية والشمول كونها تمتلك رؤىً معرفية Epistemological ووجودية Ontological وقيمية Axiological لا تسعى من خلال هذه الرؤى الفلسفية لتفسير الكون والحياة والنفس الانسانية فحسب بل تهدف كذلك إلى تفسير التاريخ وتوجيه مسار البشرية. إننا بلا جدال معنيون بحركة فكرية تجد جذورها في غابر الفكر الإنساني وتمثل الآن التيار النافذ في الفكر الغربي المعاصر. أعني بالنفوذ كونه صاحب الحضارة الغالبة في هذا الكوكب الذي نعيش.
لقد عُبِّر حديثا عن هذه الحركة بالمصطلح الإنجليزي"Secularism" وعلى نحو مخطئ -من حيث اللغة والمفهوم- عرفت في العربية المعاصرة بـ"العَلْمانية أو العِلْمانية". وعليه فقد يجد القاريء إشارات في هذه الرسالة إلى إشكالية المصطلح الغربي (سكيولرزم) في الثقافة العربية-الإسلامية المعاصرة بيد أنه لابد من التنويه إلى أن هذا البحث معني ببحث ظاهرة (سكيولرزم) داخل محيطها الغربي دون احتفال بأثرها خارج هذه الدائرة.
وهكذا فقد جاءت هذه الدراسة باحثة في دلالات (سكيولارزم "Secularism") لغةً ومفهوما وكاشفة عن خلفيتها الفلسفية -قديما وحديثا- ومتقصية، بل وفاحصة للمسيحية الغربية المعاصرة منشأً وتطورا واستقرارا حيث ناصرت زعما غالبا مفاده أن المسيحية الغربية هي المبرر القوي الذي سوّغ للظاهرة القديمة لأن تُبعث من جديد. ثم تتبعت الدراسة كيف بدأ تشكل "سكيولرزم" على مستوى نظرية المعرفة "ابستملوجيا" وكيف تطوّر هذا البناء "الابستمولوجي" ثم انعكس على مبحثي الوجود "الانطولوجيا" والقيم "الاكسولوجيا" من خلال مسار الفكر الغربي المعاصر الذي أنتصر تياره الدنيوي (السكيولرزمي) فشكل الحضارة الغربية الحديثة؟ وهكذا فقد جاءت هذه الدراسة شاملة للمواضيع أعلاه حيث قسمت إلى ثلاثة أبواب وكل باب إلى عدة فصول وكل فصل إلى مباحث.
البــــــــاب الأول:
شمل دلالات المصطلح (سكيولرزم) لغة ومفهوماً، ثم الخلفية الفلسفية التي استند عليها ذلك المفهوم. ومن ثمّ قُسِّم هذا الباب إلى فصلين، تناول أولهما دلالات الظاهرة لغوياً ومفاهيمياً. وعلى الرغم من أن الرسالة معنية -كما سبقت الإشارة- ببحث الظاهرة داخل محيطها الغربي فحسب، إلا أنني آليت على نفسي أن أبدأ هذا الفصل ببحثها من حيث اللغة والمفهوم داخل محطينا الثقافي العربي الإسلامي لدواع أثبتها في حينها وبررت لماذا أدخل مدخلاً كهذا؟ فكان ذلك موضوع المبحث الأول في الفصل الأول من هذا الباب. إذ تتبعت فيه –على وجه الخصوص- قصة ابتكار المصطلح المشاع والمعروف بـ"علمانية" الذي اختير من بين مفردات اللغة العربية المعاصرة ليكون معبّرا عن مفهوم المصطلح الغربيSecularism فتحدثت في هذا الخصوص عن مدى قدرته البيانية على الإحاطة بمفهوم المصطلح Secularism. أما المبحث الثاني من هذا الفصل الأول فقد بحث دلالات الظاهرة الغربية "لغة ومفهوما" داخل المجتمع الغربي وذلك استنادا على دوائر معارف الثقافة الغربية ومعاجمها اللغوية وهنا آثرنا جانب "النقل" على جانب "التحليل" لدواعٍ –كذلك- أثبتناها في حينها. وأنا افعل ذلك تتبعت أيضا قصة ابتكار اللفظة الإنجليزية "Secularism" التي ولدت في منتصف القرن التاسع عشر لتكون مصطلحاً معبّراً عن التيار الأوربي الدنيوي الذي انتظم الغرب على أنقاض فكر القرون الوسطى فيما عرف بعصر النهضة. ثم تعرضت لمصطلحات غربية أخرى اختيرت كذلك لتعبّر عن ذات التيار الفكري الذي أطلقنا "الظاهرة السكيولرزمية" مسمىً له.
أما الفصل الثاني من هذا الباب الأول فقد جاء باحثا عن خلفية فلسفية بعيدة الجذور ترتد إليها تلك المفاهيم والدلالات (السكيولرزمية) التي استقيناها من داخل مراجعها الغربية الأصيلة. ونحن إذ نتتبع ذلك ما لبثنا أن رددنا الظاهرة في مجملها إلى داخل الفكر اليوناني عامة وإلى العقلية الآلية "الأيونية" السابقة لسقراط "Pre-Socratic" على وجه الخصوص وكذا النسبية السوفسطائية التي كانت صدى لتلك العقلية الابستمولوجية (هيراغليطس + ديمقريطس) على وجهٍ أخص. وفي نهاية مطاف هذا الفصل حاولنا جاهدين أن نجد أرضية مشتركة –و لو ضاقت مساحتها- بين سقراط وأفلاطون وأرسطو من جهة، والفكر الدنيوي "السكيولرزمي" الحديث من جهة أخرى. وفي ذلك وجدنا مسوغاً أن نرُدّ الظاهرة -في مجملها- إلى ذلك الفكر اليوناني الذي اكتفى اجمالا بالعقل مفسراً وحيداً لمغزى الكون ووجوده ومن ثمّ سعى لوضع نظرية معرفية تهتدي بها الإنسانية في مسارها الكبير.
أما الباب الثاني فقد جاء حول المبررات التاريخية لبعث "سكيولرزم" في تاريخ الفكر الغربي الحديث فكان هذا الباب معنياً ببحث الظاهرة الدينية الغربية المعاصرة "تفصيلاً " باعتبارها المتهم الأول في إيجاد فراغ -على مستوى الروح والمادة- سوّغ لهذه الظاهرة القديمة لأن تبعث من جديد. وهذا الباب مهتم، تحديدا، بالإجابة عن: كيف تشكلت نواة المسيحية؟ وكيف تطورت؟ وإلى ماذا انتهت؟ ولماذا انقضى دورها كموجه ميتافيزيقي كان ينبغي أن تسترشد به حياة الغرب وحضارته المعاصرة؟ قسمت هذا الباب إلى فصلين كبيرين: بحثنا في أولهما مشكلات لازمت المسيحية في صلبها النظري وبسببها استغلقت فهما على العقل الأوربي الحديث. وقد أفردنا هذه المشكلات حول موثوقيةِ تاريخيةِ مؤسسيها ومصادرها وأصالة عقائدها وطقوسها. حيث رددنا ما انتهت إليه المسيحية المعاصرة مجملا إلى المسيحية (البوليصية) التي رددناها بدورها إلى الوثنية السابقة لميلاد السيد المسيح.
أما الفصل الثاني من هذا الباب الثاني فقد جاء مستعرضا لمشكلات عملية لازمت تطور حركة التدين المسيحي الغربي، إذ لم تتبدَّ المشكلات النظرية فحسب إنما –زيادة على ذلك- تجلت أخرى عملية الطابع استطاعت أن تدخل نسيج الحياة الغربية فهددت بذلك نسيجها الاجتماعي وأمنها السياسي. وقد قسمت هذه التطورات -من وجوه التدين العملي- إلى وجهين اثنين، وجه أطلقت عليه -تجاوزا- "إيجابي!" وأوضحت ماذا أقصد بمعنى (إيجابي) ، فكان "الاكلورس" ممثلا لهذا الوجه. وآخر وصفناه بـ"السلبية" وكانت الرهبانية تمثله، وما لبث هذان الوجهان أن فعلا فعلهما داخل المجتمع حتى أفرزا في نهاية المطاف مظاهر بالغة الخطورة أتت على المسيحية من قواعدها.
أما الباب الثالث -وهو الأخير في هذه الرسالة- فقد جاء استعراضاً شاملاً لما أسميته بـ"عصر السكيولرزم" إذ حاولت أن أنقّب في مدخله عن خلفيةٍ فلسفيةٍ حديثة تنتسب مباشرة للظاهرة المعنية ولا تنقطع عن خلفيتها اليونانية القديمة التي أشرنا إليها سالفاً. ولذا فقد جاء هذا المدخل عرضاً مقتضباً، تلمسنا فيه (المراجع الفلسفية الحديثة) التي اعادت تسويق الظاهرة "السكيولرزمية" في ثوبها المعاصر. حيث قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول، فصل أول اعتبرته مدخلاً للفصلين التاليين ووصفناه بعصر الهدم، حيث استعرضنا فيه مجمل ما عرف بفكر عصر النهضة، وخاصة ما له علاقة بموضوع دراستنا، فتناولنا في هذا الفصل ثلاث ركائز جاءت في مبحثين. مبحث أول تحدثنا فيه عن كيف تم القضاء على المرجعية الفكرية للمؤسسة الدينية التي كان ارسطو آخر ممثل لها؟ فكانت هذه هي الركيزة الأولى. ومبحث ثان تناولنا فيه ما أصاب المؤسسة الدينية في هيكلها الإداري والروحي من تصدّع جراء "ربيبها" المتمرد الدكتور مارتن لوثر، حيث جاء هذا المبحث تحت عنوان "سكيولرزم في رداء المسيح" فكان الركيزة الثانية. أما الركيزة الثالثة فقد كانت مجرد إشارة لمحاولات تنظيرية أولية في المفهوم الأخلاقي والسياسي لبناء الدولة (السكيولرزمية) الحديثة كما عبّر عنها ميكافيلي في (الأمير).
أما الفصل الثاني فقد جاء مستعرضا لفكر القرن السابع عشر الذي اعتبرناه قرن البناء (السكيولرزمي) الفلسفي التالي لعصر الهدم الذي أنهيناه تواً. اذ جاء مدخل الفصل شاهداً على تشكل ما يمكن أن نطلق علية نظرية المعرفة الدنيوية أو "ابستمولوجيا السكيولرزم" فكان أبو الفلسفة الحديثة " ديكارت " رائدا حقيقيا في وضع اللبنة الأولى لابستمولوجيا الغرب الحديث -بشقيها العقلي والحسي- ثم قسمت هذا الفصل إلى مبحثين اثنين: مبحث تحدثنا فيه عن النظرية الابستمولوجية العقلية، وكيف تطورت على يد اسبينوزا على وجه الخصوص، الذي توّج مرجعاً فلسفياً أساسياً في ابستمولوجيا "السكيولرزم" الحديثة خاصة وهو يوحد توحيدا كاملا بين الطبيعة (الكون الفيزيائي) والله ويعتبر الانسان جزءا من هذه الطبيعة. ثم استعرضنا "كانط " بنسبيته المخصوصة وفلاسفة آخرين على صلة بالموضوع.
أما المبحث الثاني فقد جاء مستعرضا للشق الآخر لابستمولوجيا الغرب الحديثة، وهي ما عرفت بـ"النظرية الحسية" أو "المدرسة التجريبية"… كيف تشكلت؟ وكيف تطورت على يد بيكون، هوبز، لوك، هيوم وكوندياك؟ ومن ثم كيف تطورت هذه النظرية على يد علماء "الاجتماع الوضعي" ثم التجريبية النقدية وأخيرا الوضعية المنطقية؟ ولقد خلصنا إلى أن النظرية المعرفية الغربية الحديثة بشقيها -العقلي والحسي- تمثل الجانب المعرفي للظاهرة التي دعوناها بـ"السكيولرزم".
أما الفصل الثالث فقد خصصناه لحصاد ونتائج أفرزتها تلك النظرية الابستمولوجية بشقيها، حيث اخترنا في مبحث أول من هذا الحصاد نماذج من نظريات تدثرت بثوب العلم لأجل أن تفسر ظاهرة الأديان وأصول الإنسان تفسيرا ماديا مبسطا يسلب سحرها وجلالها حتى تضحى مادة محايدة "neutral" يسهل "سكلرتها" (Secularization). وقد تدثر في هذا الخصوص كل من "داروين" بعلم البايولوجيا في نظريته التطورية المعلومة و"دوركايم" بعلم الاجتماع في نظريته الاجتماعية المعنية بتفسير ظاهرة الأديان و"فرويد" بعلم النفس. وقد استعرضنا هذه النظريات الثلاث كتطور طبيعي وحصاد موضوعي لـ"إبستمولوجيا" القرن السابع عشر التي مازالت تستند عليها الحضارة الغربية المعاصرة.
أما الحصاد الثاني والأخير فقد انعكس على مجال القيم الأخلاقية حيث كانت من جهة: النفعية الحديثة بريادة "مل" و"بنثام" ومن قبلهما "هوبز" ومن جهة أخرى ما يسمى بـ"أخلاق الكمال" بريادة سبنسر "الوجه الأخلاقي للداروينية الحديثة " حيث اعتقدنا أن كلا هاتين المدرستين تمثلان "السكيولرزم" في جانبها الأخلاقي وقد استعرضناهما استعراضا مجملا وأوضحنا خلاله إلى أين سيقف تطورهما؟
أما خاتمة هذه الرسالة فقد جاءت بعنوان "السكيولرزم في مفهومنا" حاولنا فيها أن نجمع ما ورد مشتتا على طول هذا البحث ثم أعملنا فيه "مكنة" العقل فحدنا بذلك عن المنهج "الاستعراضي" الذي ارتضيناه على طول هذه الرسالة حين اكتفى –على وجه الإجمال- بالعرض والتحليل وأمسك عن النقد والتقييم. وهكذا فقد حاولت الخاتمة بذلك أن تستنطق من جديد هذا المجمل ونحسب أننا قد خرجنا بمفهوم جعل المقولة التقليدية: (العلمانية تعني فصل الدين عن السياسة) مقولة ضعيفة بل ومتخلفة عن فهم مقاصد ومآلات الفكر الغربي الحديث.
ملاحظة مهمة ينبغي التنويه إليها في ختام هذا الملخص وهي أنني وإن استبعدت المصطلح العربي المستحدث "علمانية" -وذلك اعتقادا مني بعجز دلالته التفسيرية تجاه مغذى ومعنى الظاهرة الغربية المعنية وملت اثر ذاك إلى مصطلحات عربية أخرى اعتقدت تفوقها من حيث المعنى الدلالي على "علمانية"- إلا أنني ما لبثت أن تجاهلت جميع هذه المصطلحات العربية وظللت أستخدم على طول هذه الرسالة طريقة النقل الصوتي للمصطلح الغربي Secularism (من أبجديته الإنجليزية إلى الأبجدية العربية أي "سكيولرزم") وكذلك فعلت في جميع مشتقات الفعل الإنجليزي secular وهذه الطريقة تسمى بـ(الترانسلتريشن)Transliteration وهي باختصار تعني كتابة صوت الكلمة بغير لغته. وأنا حينما فعلت ذلك لم أكن بدعا من الباحثين فقد عرفت “pragmatism” بالبراقماتية وقديماً Sophism نقلت حرفياً إلي سفسطائية وكذا جرت نفس العادة على مصطلح "هيولا". وعليه فقد ارتضيت هذا الاتجاه ليس لشيوعه قديماً وحديثاً فحسب ولا لتحيز لغوي ينبئ عن انهزام حضاري أمام الغرب ولغته وإنما هذا الاتجاه –إذا ما وضع تحت الرعاية المعجمية المتخصصة- لعله يكون المنهج الصواب الذي يفتح الباب لثراء اللغة العربية وزيادة مفرداتها كما حدث من قبل ومن جهةٍ أخرى يحفظ دلالة اللغة من التشويه والضبابية وهذا أمر في غاية التعقيد والخطورة حيث فطن له الأوائل من علمائنا الذين استوعبوا علاقة الفكر باللغة في حين غفل عنه بعض المحدثين بمن فيهم المتحمسون والمنتمون لأصول امتنا الفكرية. ولذا فإن المرء يقف مشدوهاً حينما يجد باحثين عرب يربطون على المستوى اللغوي بين (سكيولرزم) والعلم أو حتى بين "سكيولرزم" والعالم "world". ولذا فإن مدخل هذه الرسالة يناقش هذه الدعوى فيبين الضعف اللغوي والمفاهيمي لمن يتبنون تلك الفرضيات. إن ميلي لاتجاه النقل الصوتي لبعض المصطلحات الأجنبية ذات الدلالات الفلسفية كما هو حال (سكيولرزم) لا يرمي بحال إلى ضيق وعجز اللغة العربية -فهي لم تكن كذلك بحال- وإنما فعلت ذلك لأسباب معرفية تتعلق بجدلية اللغة والفكر من ناحية ومن ناحية أخرى أردت أن ابعد نفسي عن دائرة الغرض الذي يقع فيه المنتمون عادة وبسببه غام مفهوم (سكيولرزم) واضطرب معناه. إذاً فلنسمي المصطلح باسمه الذي تواضع عليه أهله لعله يكون بداية سليمة لإزالة الغموض الذي ران عليه.

التجاني محمد الأمين زايد
29/07/2009, 10:52 PM
تأكدت الآن أن الرابط يعمل مباشرة

معتصم الحارث الضوّي
29/07/2009, 11:42 PM
المفضال د. التجاني
هدية قيمة من شخص كريم جواد. لك فائق الشكر والعرفان. يُثبّت الموضوع للأهمية.

أسمى تقديري

التجاني محمد الأمين زايد
30/07/2009, 12:18 PM
"أستاذي" المعتصم أنا أخاطبك هكذا كوني تعلمت من بين يديك حينما قادني محرك البحث -من حيث لا أدري- إلى واتا فكنتَ سبب وجودي بينكم، إذ ظللتُ وقتها أبحث عن كتاب فوجدته هناا ضمن اختياراتك الرائعة ثم فوجئت باختيارات بقية الزملاء، الذين بنيت بأناملهم مكتبة . لذا كتبت مبرزا هذه الحقيقة في22/10/2007, 09:48 AM على الرابط أدناه.
http://www.wata.cc/forums/search.php?searchid=331407

أشكر مشاعرك تجاه هذه المشاركة ودمت محبا للعلم والمعرفة

معتصم الحارث الضوّي
30/07/2009, 01:30 PM
المفضال د. التجاني
شكري العميق لكلماتك الرقيقة، وقد استرعى انتباهي يا سيدي أن الكتاب مصوّر على صفحات الفيسبوك، ولذا يصعب تصفحه.
هل نطمع في نسخة متكاملة بصيغة pdf من فضلك؟

فائق تقديري ومودتي

التجاني محمد الأمين زايد
30/07/2009, 03:24 PM
نعم لكن للأسف ضاع الملف المصحح لذا أحتاج لأيام كي أطابق ماعندي بالمنشور. ابنتي الكبرى وزوجتي (حفظهما الله) يقومان من وقت لآخر بإنجاز هذا العمل.
أعتقد يمكن تكبير الصفحة بواسطة التقنيات المعلومة لكن بالتأكيد ليس هذا هو الوضع الأفضل
مع فائق تقديري