المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السماء تقترب من فوق رؤوسهم



مروان العياصرة
03/08/2009, 02:18 PM
مروان العياصرة..



على حد تعبير احد الكتاب الإسرائيليين، ( فإن السماء الآن آخذة بالاقتراب من فوق رؤوسهم )، فثمة خوف يكاد يكون مرعبا، وقلق متفاقم، إذا لم يكن على المستوى الرسمي والسياسي الإسرائيلي، فبلا شك على المستوى الشعبي والمدني، فجميع الإشارات الواقعية الدالة توحي بأن ثمة في الأمور ما لا ينبغي التغاضي عنه أو استمرار النظر إليه بعين بليدة.

إسرائيل اليوم تدرك حجم الخطر، وهو بالمناسبة ليس خطرا واحدا، بل أخطار تطوقها على أقل تقدير من ثلاث جهات، الشمال حزب الله الآخذ في القوة أكثر فأكثر، وحماس في الجنوب التي تعمل على التمكين لنفسها، ومن جهة السماء أيضا، تلك الجهة التي ربما تأتي من صوب صواريخ إيران، وإن كان الاحتمال مشكوكا فيه، إلا انه يبقى خطرا ينبغي التخطيط له، وهو يستحق التفكير لأجله.

الكل يعمل من اجل التمكين للحل الذي يخرج المنطقة أولا من عنق الزجاجة، ويريح الإطراف المختلفة من مخاضات القلق، وأخطار ما زالت برسم الاحتمال، والاحتمال المؤكد فيما لو بقي التصعيد على هذا النحو غير المسبوق، في ظل حكومة إسرائيلية لا تؤمن إلا بالتصعيد، ولا تعترف إلا بمنطق أحادي يستغرق في تطرفه، ومصر على السير إلى آخر الشوط عاملا على تفكيك الحالة السياسية الراهنة وتشظيها إلى أزمات ومحبطات، وعوائق في وقت يتنادى فيه الجميع من الأطراف المعنية إلى تخطي العقبات وتنقية الأجواء، تمهيدا لعود على بدء للمسار الصحيح الذي تدعمه مرجعية المبادرة العربية، وتفرضه صيرورات المرحلة الراهنة، وما فيها من تقلبات وأخطار محدقة، وأحداث مفتوحة على تصعيد كثيف لاحتمالاتها.

حين يتم التأكيد على أن الإجراءات أحادية الجانب من الطرف الإسرائيلي، وخاصة تلك المتعلقة بالمستوطنات ورفض حل الدولتين، تودي بكافة الجهود إلى مستوى خطير، فإنما ذلك دفع باتجاه التعاطي مع أحداث الصراع مع إسرائيل بجدية وفهم لمستوى الخطورة، وتحكيم للشرعية والمصالح أيضا، ونقول الصراع مع إسرائيل باعتبار انه صراع عسكري من حيث المحتوى، لكنه مؤطر بإطار سياسي، فهذا الصراع الذي أنتج على المدى الزمني الماضي القصير حربين، عدا عن الحروب الأولى في تاريخه، بالتأكيد هو صراع عسكري، وبالرغم من كل الجهود التي بذلت سياسيا إلا أن الحكومة الإسرائيلية مصرة على أن تجعل من الساحة متأهبة عسكريا لأي تصعيد، يجعل من المواجهات العسكرية وإشعال المنطقة، خيارا وحيدا.

يجب التعامل مع هذا الصراع على أساس واضح بأن الخيار الوحيد المطروح للحل هو السلام العادل الذي يمكن الأشقاء الفلسطينيين من دولتهم ذات السيادة الكاملة، (ذات السيادة الكاملة، تأكيدا لمعناها)، والسلام الشامل الذي يمكن المنطقة كلها من أن تتجنب مستقبل مفخخ على قيد الاشتعال، لذا فإن كل شركاء السلام يعملون على حل الصراع، إلا إسرائيل لأنها ربما لم تدرك حقيقة جانب الخطورة، فإنها تعمل على إدارة الصراع، وليتها تحقق مكتسبات تذكر في إدارتها تلك، إذ إنها اشد خسارة من أي وقت مضى، بفعل سياساتها المتطرفة.

حربان خاسرتان، وظروف لا تنبئ بما هو ايجابي خارجيا، وظروف وأوضاع حرجة داخليا، ستبقى إسرائيل مؤهلة لان تخسر أكثر، لن نستشهد بأن الأزمة المالية العالمية لها تأثيراتها على إسرائيل، ولن نستشهد أيضا بعوامل القلق المجتمعي الإسرائيلي في الداخل، ولأسباب كثيرة.

قلق ديموغرافي، وقلق من الرأي العام العالمي، وقلق من مجرى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما، وقلق من تراجع أو تدني نسب الهجرة إلى الداخل الإسرائيلي، طبعا عدا عن القلق تجاه إيران وحزب الله وحماس، فهذه الثلاثية أمر القلق بشأنها محسوم، إذن في ظل كل أنواع وأشكال هذا القلق لا شيء لصالح إسرائيل، على عكس ما تتوقع أو تتوهم، وعليها أن تعي هذه الحقيقة كي تعيد قراءة المشهد من جديد، وإذا كان الرئيس الأمريكي باراك اوباما دعا إلى حل يمكن الاطمئنان إليه، فإن ما تفعله إسرائيل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبعث على ذلك، أو أن يحقق استقرار، بل يحيلها لمزيد من القلق والإرباك، وأن تبقى ترى خساراتها انتصارات، وعوامل ضعفها قوة.