المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرة التي حكمت تطوان



سعاد صالح البدري
08/08/2009, 03:52 PM
إنها نجلة علي راشد الشريف الإدريسي ، و أمها زهرة من أصل إسباني ، أسلمت على يد علي بن راشد الذي تزوجها فأنجب منها المولى إبراهيم و الحرة ، و ذهبت بعض الدراسات نحو تحديد تاريخ بين 1493 و 1495 ميلادية سنتي لميلاد " الست الحرة " و هي الولادة التي كانت بمدينة شفشاون ، و البحث في حياة هاته الأميرة يؤدي إلى التساؤل عن الإسم الذي أطلقه أبوها عليها .
لا يعرف عن نشأة الأميرة في مدينة شفشاون أي شيء تقريباً ، و مما لا شك فيه أن هاته الأميرة كانت على بينة من ثقافة العصر ، و متقنة للغة الإسبانية ، و متوفرة على مواهب و ذكاء ، ساعدتها هذه الأوصاف على احتلال مركز قيادي في مدينة تطوان . عندما تزوجت بالمنظري الثاني ، و قد شكلت سنة 1527 ميلادية مرحلة جديدة في الحياة السياسية لهاته الأميرة ، لأن خلالها تولت حكم تطوان بكيفية علنية من قبل أخيها إبراهيم الذي انتقل إلى مدينة فاس للقيام بمهام الوزارة على عهد أحمد الوطاسي ، بعدما ترك أخاه علال حاكماً على مدينة شفشاون .
إن هاته الأميرة حسب جولات أصيلة كانت زوجة المنظري ، و كل القرائن تدل على أنها مارست السلطة قبل هذه الفترة ، و قد يكون ذلك في عهد زوجها أو أخيها إبراهيم أثناء حكمهما معاً ، حيث تم تنصيبها حاكمة لهذه المدينة ، فأضحت السيدة الأولى فيها ، تحت ظل إبراهيم القائد الحقيقي لتطوان و شفشاون ، و ما أكدته بعض المصادر التاريخية أن سكان تطوان لم يجدوا حرجاً في حكمها لما كانوا يرونه من حزمها و حسن سياستها ، و مرت فترة حكمها دون أن يكون هناك رد فعل من طرف الفقهاء و العلماء .

كانت القصبة المتواجدة بحومة البلد مركز حكم الأميرة ، و بها إدارتها ، يحيط بها قواد يشرفون على شؤون الجهاد البحري و البري ، و آخرون مكلفون بحماية المدينة ، و تدبير شؤون السكان ، و من وجوه هذا التنظيم وظيفة القضاء و المحتسب . و قد كان هذا التنظيم مثالاً مصغراً للإدارة المركزية بمدينة فاس ، و كانت السيدة الحرة هي المسؤولة الأولى على تسيير هذه المرافق ، و يظهر أن الإهتمام بالجانب العسكري كان ملحاً لعلاقته بالجهاد البري ، و قد كانت للمدينة حراسة دائمة في أبراجها بسبب التهديد البرتغالي و الإسباني لها . ما يسجل لها أنها طالبت ببقاء مدينتي تطوان و العرائش خارج اتفاقية الهدنة ، إلا أنها لم يتسن لها ذلك ، حيث فشل أخوها إبراهيم في إقناع البرتغاليين ، و بالتالي أصبحت الأميرة محرجة في استقبال السفن التركية في مرسى تطوان ، و هي سفن معادية للبرتغال ، لكنها بعد وفاة أخيها إبراهيم ، شعرت بنوع من الإستقلال في الرأي تجاه تلك الإتفاقية التي وقعها أخوها ، و كان هذا العمل كافياً لفتح مرسى تطوان في وجه الأسطول التركي علانية .

و قد أدى إصرار الست الحرة على استقبال السفن التركية إلى تأزم العلاقة بينها و بين حاكم سبتة ، نتج عنه توقف التبادل التجاري بين المدينتين سنة 1542 ميلادية ، و هو ما زاد في تدهور الوضع لدى التجار ، و كانت هاته الحالة مضرة بالدولة الوطاسية ، و بذلك أصبحت معزولة عن مدينة تطوان في وقت كان قائد شفشاون محمد بن راشد ، و المنظريون قد انحازوا للسعديين ، و أن النفوذ الوطاسي أضحى ضعيفاً في هذه المدينة ما سهل على محمد حسن المنظري إبعادها عن الحكم في 23 أكتوبر 1542 ميلادية .

زاهية بنت البحر
08/08/2009, 04:01 PM
أهلا بك ومرحبا أختي المكرمة سعاد
جميل جدا ماقدمته لنا عن الأميرة الحرة وتطوان وأصيلة
بارك ربي بك ورعاك
أختك
زاهية بنت البحر

د.محمد فتحي الحريري
08/08/2009, 04:37 PM
شكرا للموضوع الجميل عن صفحة شبه مجهولة من تاريخ المرأة العربية
لا ينقص الموضوع سوى التوثيق ليزداد القا
دمت بود

صلاح الدين سعد الله
08/08/2009, 05:05 PM
شكرا على ما قدّمت. حبّذا لو سعيت إلى توثيق هذا النصّ وإرفاقه بما قد ينير صفحات معتمة من تاريخ الأمّة.

بسام الحومي
08/08/2009, 09:29 PM
إن التاريخ الاسلامي مليء بالزخائر واللالئ المضيئة التي يدهش لها العقل ويحار فيها الفكر سواء في المشرق أم المغرب،
مشكور جهدك اختنا الفاضلة ويا حبذا القاء المزيد من الضوء والتوثيق على هذه الشخصية الرائعة التي تعد واحدة من النساء القلائل اللاتي حكمن في التاريخ الاسلامي.

وجزاك الله خيرا