المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رماد جهنم قصة قصيرة ابراهيم درغوثي تونس



ابراهيم درغوثي
22/01/2007, 04:03 PM
رماد جهنم
قصة قصيرة
ابراهيم درغوثي / تونس

حين عدت من المقبرة في ذلك الصباح الحزين ، ذهبت رأسا إلى صندوق أمي المزركش بأطياف قوس قزح . دققت الباب دقا خفيفا وكأنها مازالت نائمة على سرير المرض ، ومشيت على أطراف أصابعي حتى لا أوقضها ...
وأنا أنظر باتجاه السرير المرتب بعناية ، شممت رائحة صخابها المعطر ، فقلت :
- سامحيني أيتها العزيزة إن هتكت اليوم أسرارك .
جاءني ردها من هناك ، من حيث لا أدري :
- مفتاح الصندوق تحت الوسادة يا صغيري .
أدرت المفتاح في القفل ورفعت الغطاء ، فخبطتني روائح الجنة : عود القماري ، والعنبر ، وقوارير ماء الورد ، و سفرجلة صفراء ذكية ، وكتاب الحصن الحصين في حجم كف اليد ، وثلاث شمعات جديدات – فالمرحومة كانت تمقت أزرار الكهرباء الشبيهة بأنياب الكلاب المسعورة – وواحدة رابعة تآكلت حتى النصف ، وقراطيس البخور ، وعملات مصكوكة في عهد الحماية الفرنسية للإيالة التونسية – مثقوبة في الوسط ومكتوب عليها ضربت في عهد الناصر باشا باي تونس وأحوازها - ، ورسائل بعث بها والدي من فرنسا أيام الحرب العالمية الثانية قبل أن يموت في معسكرات الاعتقال التي أقامها الألمان على شرف اليهود .
كان أبي ككل المسلمين مختونا ، فذبحه جنود هتلر ظنا منهم أنه من أبناء شعب الله المختار . ولم تفده شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله في شيء ، فكل اللغات في تلك المعسكرات تتشابه وكل المختونين يهودا .
أمي وهي تحكي لي هذه الحكاية وأنا ابن عشر سنين ، كانت لا تكف لحظة عن سب يهود العالم . وكنت أضحك ، فيزيد غضبها استعارا وتكف عن سب اليهود لتنهمك في سب أبي الذي لم يعرف كيف يخبئ سوأته عن أنظار الألمان فمات بسبب قطعة جلد صغيرة تافهة علم اليهود الأجداد في الصحراء كيف يقتطعونها من أجساد الأبناء ونسي الأبناء أن أولاد العم يعقوب الذين قاسموهم المعتقل في فرنسا سيصنعون من ذلك الجلد حبالا يشنقونهم بها .
وتضحك وتقول إن المغفور له " أنور السادات " تصالح مع الملعون إلى يوم الدين " مناحين بيقن " لأن جواسيسه أعلموه بأنه مختونا كاليهود .
ثم يعود الحنان إلى وجهها ، فتربت على كتفي وتقول : لم أفكر في الزواج بعد والذك يا بني لأن قلبي أصبح مسكونا برماد جهنم بعد أن صار فراش والدك أبرد من شتاء الصحراء ....
خبأت أسرار أمي الصغيرة والكبيرة في قلبي ، ثم أغلقت أبوابه السبعة بابا وراء باب فرأيتها تبتسم في القبر .
قلت لها :
- لن أبيع صندوقك الخشبي المزركش بأطياف قوس .
فتبك الربيع فوق قبرها ...

عبد الحميد الغرباوي
25/01/2007, 12:38 AM
اسمح لي أخي إبراهيم أن أتوقف عند إخلالات؛ في تصوري ، و حسب معرفتي المتواضعة، قد أكون مخطئا في بعضها، و أنا هنا لتصحح لي؛ تطفلت على النص و أضعفت من قوته:
"دققت الباب دقا خفيفا": الدق هنا جعلني أستحضر في ذهني مطرقة و مسامير..
و كان الأفضل لو قلت: طرقت الباب طرقا خفيفا..
"..و كأنها ما زالت نائمة على سرير المرض": حبذا لو حذفت هذه الجملة التي أوضحت كل شيء و أضعفت من قوة ما تلاها..."و مشيت على أطراف أصابعي حتى لا أوقضها."
فخبطتني روائح الجنة.. "روائح الجنة" لا تتساوق مع " الخبط" ما رأيك؟.. خاصة في كتابة إبداعية
"علم اليهود الأجداد في الصحراء كيف يقتطعونها من أجساد الأبناء ونسي الأبناء أن أولاد العم يعقوب الذين قاسموهم المعتقل في فرنسا سيصنعون من ذلك الجلد حبالا يشنقونهم بها" .
أولاد العم هم (نحن)؟..و نحن الذين سنصنع من ذلك الجلد حبالا نشنقهم بها!!!... هناك خلل ما أخي اللهم إذا كان الخلل عندي أنا في فهم الجملة..من يشنق الآخر اليوم هم؟ أم نحن؟...
وردت " والدك" بدال معجمة (خطأ مطبعي) المنتدى يعطينا الفرصة لنعود إلى النص نصححه و ننقحه..
"لأن قلبي أصبح مسكونا برماد جهنم"... لماذا؟...لأنها لم تفكر في الزواج بعد فقد زوجها؟...
"- لن أبيع صندوقك الخشبي المزركش بأطياف قوس ." سقطت من الجملة كلمة " قزح" فصارت الجملة ناقصة معنى.
"فتبك الربيع فوق قبرها ..." لم أستوعبها.. أنا هنا لأتعلم.. اللغة العربية بحر عميقة أغواره..
مودتي

نزار ب. الزين
26/01/2007, 03:37 AM
أخي الكريم الأستاذ ابراهيم
كل ما قاله الأستاذ عبد الحميد كنت سأقوله و خاصة فإن الجملة الأخيرة لم أفهمها ، أقترح عليك إعادة صياغة القصة و مراجعة أخطائها ، و هذا لا يعيبك ، لأننا جميع لا زلنا نخطئ .
سلمت أناملك و دمت
نزار

ابراهيم درغوثي
29/01/2007, 10:46 PM
شكرا للأخوين عبدالحميد ونزار على ما جاء في تعليقهما على نص رماد جهنم
ولن أزيد فقط أقول للأخ عبد الحميد : " فنبك " هي خطأ في الكتابة وأصله " فنبت "
وأظن أن معنى الجملة كان قادرا على تصحيح الخطأ
مع المودة والتقدير للجميع

محمد اللغافي
30/01/2007, 10:31 PM
عزيزي ابراهيم الدرغوتي ..أعرف الأخطاء التي يرتكبها الجهاز الملعون..أرجو أن تعود لتتصالح مع النص.
وأسعدني تواجدك معي ..محبتي الدائمة

ابراهيم درغوثي
30/01/2007, 11:00 PM
عزيزي محمد

القراءات تختلف بحسب أديولوجية قارئ النص
وما يروق لقارئ قد لا يعجب آخر
نحن نكتب نصوصنا ونرمي بها للريح
ونسعد بمن أحبها
ونسعد أكثر بما تجشم عناء القراءة ولم تعجبه الكتابة فلا أجران وأكثر
أما عن صياغة النص فالملكية الخاصة هي لصاحبه ولا أظن أن للقارئ الحق في تغيير ذلك

دمت مبدعا يا صاحبي

عقاب اسماعيل بحمد المغربي
10/10/2007, 07:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الاديب
ابراهيم درغوثي
اولا اتوجه بالشكر للاستاذين الاديبين
القاص عبد الحميد الغرباوي
والاخ نزار ب الزين
لاغنائهما المتابع بما يستحقه النص
من ملاحضات محقه
والكريم من عذر هكذا فعل الاستاذ
محمد اللغافي
اما قصتك فقد قرأتها متكامله بروحها ونصها
الابن البار بوالدته
القاص الطاعن في خبايا التاريخ
السياسي الموجه بغمزات لها المدلول الوطني
التمسك بالارث وهو بيت القصيد
حتى ينبت الربيع اخضرا
لك تقديري
***
الشاعر اللبناني
ابو شوقي

عقاب اسماعيل بحمد المغربي
10/10/2007, 07:15 PM
]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الاديب
ابراهيم درغوثي
اولا اتوجه بالشكر للاستاذين الاديبين
القاص عبد الحميد الغرباوي
والاخ نزار ب الزين
لاغنائهما المتابع بما يستحقه النص
من ملاحضات محقه
والكريم من عذر هكذا فعل الاستاذ
محمد اللغافي
اما قصتك فقد قرأتها متكامله بروحها ونصها
الابن البار بوالدته
القاص الطاعن في خبايا التاريخ
السياسي الموجه بغمزات لها المدلول الوطني
التمسك بالارث وهو بيت القصيد
حتى ينبت الربيع اخضرا
لك تقديري
***
الشاعر اللبناني
ابو شوقي:fl:

حنين حمودة
10/10/2007, 07:41 PM
استاذي الدرغوثي
قصة حساسة رقيقة ككل ما تكتب.
وصف الصندوق .. والتطرق البسيط العميق للماضي
والعشب الذي ينبت ...
انها ببساطة انت..
تقديري

ملاحظة: حتى لا تستيقظ

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 12:45 AM
الرائع عقاب اسماعيل
سعدت بقراءتك و بتعليقك
دم في ألق يا سيدي

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 12:46 AM
أختنا حنين
كما في كل تعليقاتك الطريفة
ستظل الضاد و الظاء ثالثتنا

مع مودتي وتقديري

خالد ابراهيم
11/10/2007, 11:14 AM
أخى الإنسان والفنان ابراهيم درغوثى
هذا العمل إختياره يمثل مفاجأة للقارئ من حيث الفكرة والسرد يبين مدى العمق الثقافى لديك
إسمح لى أن أنضم الى طابور المحبين والمعجبين
خالد ابراهيم

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 12:26 PM
العزيز خالد ابراهيم
ستجد أنت و كل الاحباب
متسعا في القلب
ومعزة لا تنهي

مع ودي وتقديري

فيصل الزوايدي
11/10/2007, 04:02 PM
أخي ابراهيم .. لقد قرأت القصة في موضع آخر و أعدت قراءتها هنا فإذا هي مازالت بحرارة اللقاء الأول .. أوافقك تماما في قولك ان الكاتب يكتب ثم يلقي بالنص الى الريح .. و ما قد لا يعجب البعض ينبهر به الآخرون ..
دمت مبدعا ايها العزيز
مودتي

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 04:29 PM
العزيز فيصل

الدنيا أذواق يا صاحبي
ولكل حسب ذوقه يختار أو يرفض

عيدك مبارك
وكل عام وأنت العيد

حسن حجازى
11/10/2007, 10:50 PM
هنا أسجل حضورى المتواضع لهذ التألق
صدقت نلقى نصوصنا للريح
فشكراً لمن مر وشكر
وشكراً لمن مر واعتبر
وشكراً لمن لامنا ولم يعتذر

حسن حجازى

ابراهيم درغوثي
11/10/2007, 11:17 PM
هذه حكمة الشعراء يا حسن
لك الشكر الدائم
و كل عام وأنت بألف ألف خير

الحاج بونيف
12/10/2007, 12:46 AM
أخي إبراهيم درغوثي
تحية
صعب على الإنسان مهما كان فراق الوالدين وخاصة فراق الأم..
يحسب أنه بقي وحيدا رغم كهولته أو حتى شيخوخته..
رجوعك لتتفقد غرفتها وصندوقها الخشبي كان منظرا مؤثرا جدا.. ثم استعراضك لذكرياتك معها وهي تحكي عن زوجها الذي مات مغتربا، وما كانت تحس به من وفاء تجاهه..
وفقت في العنوان الذي جاء معبرا عن شعورها طوال حياتها ..
ليس لي إلا أن أقول بكل صدق: لقد ابدعت .. محبتي وتقديري.

ابراهيم درغوثي
12/10/2007, 01:18 AM
العزيز الحاج بونيف
شكري لك يتجدد كلما قرأت لك تعليقا عن نص من نصوصي
شكرا للعارف بفنون الكتابة
دمت في ألق و محبة

نزار ب. الزين
12/10/2007, 06:03 AM
أخي الحبيب الأستاذ ابراهيم
أنا لم اتطرق أبدا إلى جمالية النص ، فهي لا يباريك فيها أحد ، و في هذا النص المفعم بالعواطف الإنسانية لإبن ودع لتوه والدته ، و أم قضت نصف حياتها أرملة تحمل من المسؤوليات ما هي فوق طاقتها ، و هذا التصوير الرائع لصندوق المرحومة ، كل ذلك كان من كاتب ملك ناصية الكلمة و ارتقى بها .
إن ما قلته دار حول بعض الأخطاء البسيطة و خاصة في الجملة الأخيرة ، و هو ما نرتكبه جميعنا على الدوام
إبداعك لا جدال حوله ، دمت متألقا على الدوام
نزار
و بمناسبة عيد الفطر السعيد
كل عام و أنت و كل من يلوذ بك بخير
أحياكم الله إلى أمثال أمثاله
:fl:

ابراهيم درغوثي
12/10/2007, 12:38 PM
عزيزي نزار
سعيد بكل ما قات يا صاحبي
فالنص نصكم حالما ينتهي منه الكاتب يصبح ملكا للقارئ
و هو يدافع عن نفسه في كل الأحوال

عزيزي نزار
كل عام و كل عيد و أنت وأحبابك العيد

مع ودي الكبير يا غالي