المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألف عام من الإغتراب



مرزاقة عمراني
16/08/2009, 02:27 AM
ألف عام من الإغتراب

أهلك يا مسكين قد رحلوا
غادروا إلى المدينة النائمة
على جفن الضباب
و أنت ما زلت هنا
تملأ جرة الماء
من العين المهجورة القديمة
تسدّ ُ ثقوب الجرة بالطين
قدماك غارقتان في الوحل
و خلف هذا الجبل
ثعالب و ذئابْ
ضع جرتك و ارحل بعيدا
في أيِّ اتجاه سافر
فخلف الجبال مدائن للضباب
و خلف الشمس ظلمة ٌ
و لص تحرسه الكلابْ
و اذهب فارغ اليدين
فارغ العينين
لا تبتئس
فمازال الليل في أوله
ومازال أمامك ألف عام
من الرحيل و الاغترابْ
لا زاد عندك و لا رفيقا
يثقب السّفينة
أو يفتح الأبوابْ
وحدك سوف تسافر
وحدك فهذا الليل
ما عاد يجمع الأحبابْ
هم شبعوا حروبا
شبعوا جيادا و ركوبا
آن لهم أن يرتاحوا قليلا
فانطلق وحدك
يا واحدا في الأرض
يا مُقَََطّعَ الأنسابْ
لا تملا الجرة ماءً أو عسلا
و تذّكر أنّها شِعْبٌ خرابْ
لمن تملأ الجرة يا مسكينْ
و تسّد منافذها بالطينْ
و ليس خلف الجبال
و ليس خلف الشمس
أصحاب أو أحبابْ

صلاح الدين سعد الله
28/08/2009, 01:55 AM
نصّ جيّد استجمع عذب العبارة وعمق المعنى. وتوظيف ممتاز لقصص القرآن ولّد منه دلالة الاغتراب:
لا زاد عندك و لا رفيقا
يثقب السّفينة
أو يفتح الأبوابْ
بورك قلمك الذي ينفث السّحر.

مرزاقة عمراني
18/09/2009, 02:57 PM
أخي صلاح،

هذه الزاوية سوف تبقى مضاءة بقنديل حضورك المنير

تحياتي...

كل عام و أنت بألف ألف خير

محمود عباس مسعود
02/12/2009, 11:48 PM
الرحيل عن الأهل صعب، ورحيلهم أصعب، لا سيما عندما يرتحلون على جفن الضباب الذي قد يتلاشى ما بين إغماضة وأخرى!
ومع ذلك لديه ما هو أكثر إلحاحاً: سد ثقوب جرة على أمل اقتناص بعض ماء يبل به ريقه من تلك العين المهجورة.. هو بحاجة لتلك الأمحوضة لينتزع قدميه من الوحل ويرتحل إلى ما وراء الجبال لعله يحظى بشيء أعذب من الماء وأحلى من العسل.. وحده يجب أن يسافر دون رفيق. أجل دون رفيق، إذ ما لم يصحب ذاته أولا لن ينعم بصحبة أحد..
رائع.. رائع يا أستاذة مرزاقة.
بورك قلمك المتوهج
تحياتي وإعجابي

مرزاقة عمراني
04/12/2009, 06:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأستاذ محمود عباس مسعود...

مروركم شرف لي، و فرحة للنص و بهجة ...

قراءتكم جميلة و قيمة..

بعض النص مستوحى من قصة شعبية جزائرية..

دمتم بخير و عطاء لا ينضب..

تحياتي...