المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لنصنع السلام مع أنفسنا أولاً



د. محمد اسحق الريفي
16/08/2009, 01:22 PM
لنصنع السلام مع أنفسنا أولاً

أ.د. محمد اسحق الريفي

نحن بحاجة إلى أن نصنع السلام مع أنفسنا أولاً، عبر تنشئة الجيل الناشئ، تنشئة اجتماعية ودينية صحيحة، وتوعية الشباب، وتوجيههم، وحمايتهم من الانحراف الأخلاقي والفكري؛ ليكونوا قادرين على فهم الواقع، واستيعاب التغيرات الإقليمية والعالمية، وتحمل المسؤولية، والتعاطي الواعي مع قضايا أمتنا المصيرية.

وعندما نتقاعس عن القيام بواجبنا تجاه الجيل الناشئ والشباب من أبناء أمتنا، تعم الفوضى، وتستيقظ الفتن، ويكثر الهرج، خاصة في المناطق التي تعاني من الاحتلال أو التدخل الصهيوصليبي، حيث يجد أعداء أمتنا الثغور التي تمكنهم من تحقيق مآربهم الشريرة. وفي كل الأحوال، نحن الذين ندفع الثمن باهظاً: ثمن جهلنا وتشرذمنا الفكري والسياسي والديني، واستدعائنا للهويات الجزئية الصغرى على الهويات الجامعة الكبرى، وتغليبنا للمصالح الخاصة على المصلحة العامة، وتطوير العرقية والطائفية والمذهبية، بل وحتى خلافتنا في الرأي إلى صراع دموي مرير. فنحن قوم لا نقدر على تقبل الاختلاف في الرأي، ولا نستطيع التعايش السلمي مع أنفسنا في ظل قيم التسامح التي أقرها وأكدها ديننا الحنيف.

وبسبب ما أدى إليه تقاعسنا وتقصيرنا من فوضى فكرية وسياسية عارمة، وصراع وانقسامات عنيفة، وفراغ قيادي ومرجعي شرعي، نعيش نحن العرب تحت طائلة الفساد المستشري في كل جوانب الحياة في بلادنا، ونئن تحت وطأة قمع السلطة واستبدادها وطغيانها، ونعاني بشدة من الظلم الدولي، الذي ترفع رايته الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاؤها الأوروبيون، والصهيونية العالمية ضد العرب والمسلمين والمستضعفين، حيث حاك أعداء أمتنا من جهلنا وتشرذمنا ونزاعاتنا الداخلية والفوضى التي نعيشها مؤامراته ضدنا، واستغل ضعفنا في النيل من أمتنا والتنكيل بشعوبها والهيمنة على منطقتنا.

وحتى غزة، المنكوبة والمحاصرة منذ سنوات عديدة، والتي تعرضت بالأمس القريب إلى حرب صهيونية دموية بمباركة ما يسمى "المجتمع الدولي"، ولا تزال تتعرض للعدوان الصهيوني الغاشم المدعوم أمريكياً وأوروبياً لم تسلم من التآمر الصهيوصليبي، الذي يقوم على أساس استغلال التطرف والانحراف لدى كثير من الشباب، لإشاعة الفوضى، ولإعادة إنتاج الفلتان الأمني، بثوب إسلامي هذه المرة. والأحداث المؤسفة التي عاشتها غزة قبل أيام قليلة، لن تكون الأخيرة في سلسلة المؤامرات التي تستهدف المقاومة الإسلامية وحركات الإسلام السياسي الفلسطينية، المناهضة للسياسات والمشاريع الصهيوصليبية في منطقتنا.

لا أحب التطرق مباشرة إلى أحداث رفح الأخيرة، ولا إلى طريقة معالجة الحكومة لها، ولكن أحب التركيز فقط على ظاهرة إعلان مكان ما في منطقتنا "إمارة إسلامية"، التي أصبحت لا تتطلب إقامتها أكثر من فكر متطرف و/أو منحرف، ورشاشات كلاشنكوف وقذائف آربيجي، وذخائر وقنابل، وشباب مضلل، يبايعون أميراً لهم على السمع والطاعة العمياء الخرقاء، ويكفِّرون من يخالفونهم في الرأي من الناس، ويعتدون عليهم وعلى حقوقهم، وينتهكون حرماتهم باسم الدين، وبذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية، وإقامة الحدود والجنايات، في الزمن الخطأ، وفي المكان الخطأ، وبالطريقة الخطأ.

ولحسن الحظ، بل في الحقيقة لسوئه، تهيئ الولايات المتحدة الأمريكية منطقتنا لإقامة "إمارات إسلامية" في أماكن متفرقة، خاصة تلك الأماكن التي تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على نشر الفوضى المدمرة فيها، وزعزعة استقرارها، وتحويلها إلى بؤرة احتراب واقتتال بين أبناء الشعب الواحد، تنبعث منها رائحة الإرهاب باسم الإسلام، وهو منه بريء، لتشويه صورة الإسلام لدى الغربيين، ونشر الإسلاموفوبيا في العالم، وتبرير استمرار الحرب العالمية على الإسلام والمسلمين بذريعة "الحرب على الإرهاب"، التي تقودها الولايات المتحدة، ويشارك فيها الصهاينة وحلف "الناتو".

فالولايات المتحدة الأمريكية تحرك المضللين من أبناء أمتنا عبر عملائها المنتشرين في كل مكان، الذين يتواصلون مع ضحاياهم بأسماء وهمية عبر مواقع الإنترنت، ثم يمولونهم ويمدونهم بالسلاح والذخائر، ليوقظوا الفتن، ولينشروا الفوضى والفلتان، متذرعين بحرصهم على تطبيق الشريعة الإسلامية، التي لا يفهمون مقاصدها، ويخولون أنفسهم إقامة الحدود على الناس، وإطلاق الأحكام جزافاً وتعسفاً على المذنبين، بطريقة مناقضة للشريعة الإسلامية.

وللعلم، فإن للبنتاغون الأمريكي جهازاً خاصاً أُنشئ في عهد "دونالد رامسفيلد"، يهدف إلى التحكم في المجموعات التي توصف أمريكياً بالإرهابية، ليس للقضاء عليها، وإنما لتوجيهها وتحريكها وفق إرادة البنتاغون، لإشاعة الفوضى والفلتان، ولتحقيق المآرب الأمريكية والصهيونية الشريرة. ويقع فريسة لهذا الجهاز الشباب المتحمس الذي يفتقر إلى الوعي والحكمة والعلم الشرعي، ليتحول إلى معول هدم للسلام في مجتمعاتنا.

16/8/2009

خولة عمورة
16/08/2009, 02:19 PM
الله المستعان

طلعت ابوبكر
16/08/2009, 04:13 PM
بارك الله فيك أخ محمد على كتاباتك القيمة
قال تعالى"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين"
فكلمة بصيرة هنا مهمة جدا في إعداد الاجيال , فلا بد من المعرفة والفهم السليم من خلال المطالعة و التواضع,كذلك لا بد من التمسك بكل القيم والاخلاق والاداب التي بينها الاسلام والتي منها الصدق والتعاون والشجاعة ونبذ الغضب والحسد والنميمة والهمز واللمز والتكبر ...الخ
نعم, تربية الاجيال على العلم والاخلاق هي الاساس وهي الحصون والقلاع التي تحمينا من أعدائنا كما تحمينا من سفهائنا والمنافقين بيننا.
فكما نسعى لتوفير الطعام لأبناءنا علينا توفير التربية السليمة لهم والتعليم القائم على البصيرة

جميلة الرجوي
16/08/2009, 05:22 PM
أخي الدكتور الفاضل " محمد اسحق الريفي "
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
لقد أسفنا اشد الأسف ونحن نتابع في الأيام الماضية خروج مجموعة من الضالين على الحكومة الشرعية في غزة ليزيدوا من متاعبها السياسية والاقتصادية.. وليجد ضعاف النفوس والموتورين من أبناء فلسطين مادة للتشفي حيث ظهر منهم من يصف الأمر بأن الوضع في غزة خطير ويشوبه الفوضى !! وكأن الفوضى ليست ضاربة أطنابها في جميع بقاع أرض العرب والمسلمين !!
وللأسف لقد ركزت هذه الفرق الضالة سمومها على الشباب وعبئته تعبئة نفسية خاطئة باسم الدين وإقامة دولة الإسلام الصحيح ، وتفننوا في إيجاد المسميات ذات الصبغة الإسلامية " جند الحق " " أنصار السنة المحمدية " .. الخ ، ليغرروا على شباب المسلمين ويحملوهم على الانخراط تحت راياتهم دون تبصرة مستغلين شعور السخط والكره الذي يعم يتصاعد في نفوس العرب والمسلمين ضد الصهيونية العالمية وسطوة أمريكا الاستعمارية..
ولذلك وكما تكرمتم لابد من توجيه العناية الشديدة تجاه الجيل من أبنائنا وتربيتهم تربية توعوية صحيحة حتى نتخطى هذه الغمة التي تعصف بالعالم الإسلامي ويستغلها أعداء الأمة لتمريرمخططاتهم الجهنمية في تمزيق الأمة وإضعافها..
ونحن في اليمن هذه الأيام نعاني من ظروف مشابهة ، وما يسمى بفتنة الحوثيين الذين يغرروا بالشباب ويدفعوهم لإرتكاب الجرائم ضد المواطنين باسم الدين والتمرد على الدولة وشن حرب لا يستفيد منها سوى أعداء الوطن والمخططين لتمزيق اليمن وعودته إلى سابق التشطير والفوضى !!
أستاذي المآسي كثيرة والأخطار محدقة ، ولكن المؤمن الصادق والفئة المتمسكة بنصر ربها وهداه لن يضرها شئ وستخرج من العاصفة أكثر قوة وصلابة وسيرفع الله بها شأن هذه الأمة مهما طال الوقت وبلغت القلوب الحناجر فإن نصر الله قريب ،،،

المولدي اليوسفي
16/08/2009, 07:29 PM
أخي العزيز محمد السلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثق يا سيدي أننا لن نحقق السلام مع أنفسنا ما دمنا لا نتمسك على الأقل بما يلي:
1/ جعل الانتماء للوطن فوق كل الانتماآت الأيديولوجية و الحزبية و الطائفية.
2/ التشبث بمصلحة الوطن كحد أدنى للتواصل و التوحد.
3/ مصلحة الوطن تستدعي عدم الاصغاء لقوى الاستعمار و إن جاءت ناصحة لأن نصحها لا يكون إلا من نوع نصح الذئب للراعي.
4/إيماننا أن اختلافنا رحمة و ثراء حضاري لا بد من المحافظة عليه فما قيمتنا ان كنا كلمة واحدة و نغمة واحدة فالنغمة الواحدة لا تؤلف سمفونية.
5/ العمل على أن لا يتحول الاختلاف، مهما اشتد، إلى خلاف.
6/تصالحنا و توحدنا رغم اختلافنا هي أكبر صفعة يمكن أن نوجهها لقوى الاستكبارو الطغيان.
الرأي المخالف لي يثريني.

الاخضر بن هدوقه
17/08/2009, 09:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وهي عين الصواب

د. محمد اسحق الريفي
17/08/2009, 05:29 PM
أختي المكرمة الدكتورة جميلة الرجوي،

أحييك وأشكرك جزيلا وكل الأساتذة المكرمين المداخلين في هذا الموضوع.

نعم اختي العزيزة، ملاحظتك الرائعة مهمة جدا، فكثير من الكتاب والسياسيين العلمانيين، اليساريين واللليبراليين الديمقراطيين وغيرهم، استغلوا حادثة رفح أبشع استغلال، للنيل من حركة حماس، رغم أن التكفيريين الذي تسببوا في الفتنة وأحداث غزة لا يرون غير قطع الرقاب طريقة للتعامل بينهم وبين العلمانيين، فيا لها من مفارقة عجيبة، تعددت المؤامرات والتوجهات العلمانية والهدف واحد، وهو النيل من حماس، لأنها ثبتت ورفضت التنازل والاستسلام، ورفضت التخلي عن حق شعبنا في مقاومة الاحتلال، وأرادت تشكيل وإقامة حكومة نظيفة خالية من العملاء، وحاربت الفساد أشد محاربة... لهذه الأسباب سلق المنافقون حماس بألسنة حداد!!

لكن غزة لن تركع لهؤلاء المنافقين وأسيادهم الصهاينة والأمريكيين وحلفائهم الأوروبيين والعرب الرسميين، فغزة أكبر منهم جميعا، بحركتها حماس، والجهاد، ولجان المقاومة الشعبية، وحركة الأحرار الفلسطينية، وكل حر شريف يرفض الاستسلام.

تحية لك ولكل الإخوة والأخوات المشاركين في هذا الموضوع بالحوار والنقاش، وحفظ الله فلسطين وغزة واليمن والصومال والعراق وكل أرض العرب والمسلمين، وهدى الله كل الضالين المنحرفين فكريا ودينيا، وأزال الله عن أمتنا الغم والهم.

تحياتي ومودتي

المهندس وليد المسافر
18/08/2009, 08:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لايخفى على الجميع أهمية أعداد الجيل الواعد في كل زمان ومكان من أرضنا العربية ولكن السؤال المهم هو كيف؟
ربما سنختلف في تقييمنا للقواعد الأساسية التربوية تبعا للقاعدة الرئيسية التي تتحكم في قراراتنا من خلال منظورنا إن كان حزبيا أو مناطقيا أو أسلاميا أو طائفيا، وهنا يبلغ الأمر أكثر تعقيدا تبعا للظروف العربية المعقدة.
عندما نتجاهل خصوصية الوطن أو بمعنى آخر نفضل عليه المصلحة الضيقة المحصورة بين مطرقة التحزب والتطرف وبين رفض أي من الأطراف الأخرى والتي لها الحق في التعبير عن إرائها عندها فقط سيضيع الوطن، وهذا ما يحدث في العراق وفلسطين مع الأسف، ففي العراق مثلا تتسابق اليوم الفصائل المقاومة لتوحيد كلمتها بعد أن توحدت أهدافها على أرض المعركة لأيمانها القاطع بأن المحتل لن يهزم إلا بتوحيد الصفوف، وهذا ما على الفصائل الفلسطينية عمله بعد أن ثبت فشل المشروع التقسيمي الواضح الذي أتبعته حماس وفتح بعد أن كانوا قوة ضاربة في وجه أسرائيل، ودون الرجوع الى الأسباب الرئيسية لهذا الخلاف يتحتم على أطراف النزاع أن يتحملوا المسؤلية عن كل الأخفاقات في أرض فلسطين، وما أحداث رفح إلا تعبير عن السخط والأنتفاض على الواقع المتأزم الذي يمر به شعبنا الفلسطيني.
إن الشباب العربي اليوم يتخذ طريقه وراثيا وحسب رؤيتهم لقدوتهم وتلك هي المشكلة، فأذا علينا أن نبدأ من رأس الهرم حتى الوصول الى القاعدة، فلا فائدة من معالجة قضايا شبابنا دون معالجة المشكلة الرئيسية ، فأذا كان الكبار يتخاصمون ويتقاتلون على الكراسي فلاعتب على الصغار.

محمد المنصور الشقحاء
21/08/2009, 06:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( ( نحن بحاجة إلى أن نصنع السلام مع أنفسنا أولاً، عبر تنشئة الجيل الناشئ، تنشئة اجتماعية ودينية صحيحة، وتوعية الشباب، وتوجيههم، وحمايتهم من الانحراف الأخلاقي والفكري؛ ليكونوا قادرين على فهم الواقع، واستيعاب التغيرات الإقليمية والعالمية، وتحمل المسؤولية، والتعاطي الواعي مع قضايا أمتنا المصيرية.) ):mh78: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديباجة لطيفة تحمل هم القائم0 انما كيف نصنع السلام مع انفسنا0 ونحن نختلف حتى في قول كلة طيبه000!!