المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما بين العربية و الفارسية ... ما موقف الشعر ؟



عايده بدر
16/08/2009, 01:52 PM
الفضلاء جميعا
أهلا بكم
كنت أقرأ من فترة عن الشعر الفارسي و استوقفتنى مقالة مهمة جدا
رغم قدم تاريخ نشرها و هي تؤرخ للشعر الفارسي من خلال نشاته في كنف الشعر العربي
و حتى يتسنى لنا استيعاب الموضوع بصورة أوضح
أعتقد أننا لابد و أن نقرأ ما دونه هنا
د.خالد محيي الدين البرادعي
مجلة الموقف الأدبي - العدد 413 أيلول 2005



الإبداع العربي وهذا العالم ـــ د.خالد محيي الدين البرادعي - سورية
بدءاً من اللسان:
إن تتبع الألفاظ العربية في قواميس اللغة، يدفعنا للتساؤل عن الأحقاب الموغلة في القدم والتي مرت على العرب وهم يرصدون ظواهر الحياة وحركات الإنسان والحيوان، وحالات الخيال والحلم واليقظة والتوهم والتفكير. حتى اجتمعت لهم هذه الثروة اللفظية الهائلة، من مفردات وصفات. والتي لا يمكن لها أن تتجمع إلا مرافقة لمرور عشرات القرون من الزمن.
ألم نقرأ مثلاً أن اللغة السومرية ظلت ألفي سنة تشبه ما نسميه بـ (اللغة الرسمية) للأكاديين والبابليين، وبها يدونون وثائقهم على ألواح الفخار، بعد انقضاء الوجود السومري؟
وإذا كانت البديهة تقول إن اللغة نطقت أولاً فإن حركة التدوين لاحقة لها بزمن لا نعرف طولـه. والذين يعتمدون النقوش القليلة المكتشفة في بعض المناطق العربية للاستدلال على تطور اللغة، وقعوا في خطأ عدم التمييز بين النطق والكتابة. ورسم المفردات في القرآن مثلاً. ليس صورة للفظها ولا رسماً لنطقها وكما كان يتخاطب بها فصحاء قريش وشعراؤنا الجاهليون.
ألم نقرأ في التنزيل العزيز الحيوة والصلوة والزكوة؟ وكيف أن رسم القرآن استغنى نهائياً عن الألف في وسط الكلمة؟
الصلحات.. الظلمت.. الألبب.. جنت. بسلطن. فنبذنهم. الصعقة. يجدلون. الأعنق. الأغلل. السلسل. الكتب. جزؤه. الملئكة؟ وأصحب الئيكة. وهل أتك نبؤا الخصم.؟
وأنت تعلم أن رسم المفردات في القرآن الكريم ينتمي إلى عصر قَدْ تطورت فيه الكتابة ورسم الحروف. فهل لاحظت اختفاء الألف من الـ التعريف في كلمة الأيكة؟
لو قدر لغريب أن يتعلم العربية قراءة وكتابة كيف يقرأ مفردات القرآن الكريم عندما يراها للمرة الأولى. وهذا ينطبق على جانب من النقوش المكتشفة. خاصة وأنها دونت أو استخدمت قبل القرآن بزمن طويل. وقبل أن تتخذ الحروف العربية رسمها الدال الذي نعرفه.
ومع ذلك. نرى دفقاً كالسيل يحمل عشرات الدراسات المترجم منها والمنقول والموضوع. جاءت لتنصب كلها في سؤال واحد عجز أصحابها عن رؤية جوابه. كان ذلك بحثاً عن (اللغة الأم) التي تفرع منها عدد من اللغات كالعربية، والعبرية، والآرامية. كلغات ما تزال حية تتطور بحكم السنة المألوفة في الكون. الغربيون أطلقوا على اللغة الأم المفقودة (السامية) والعرب كتبوها وراءهم كذلك. وهؤلاء وأولئك يعلمون أن لفظة: السامية عبارة توراتية لا تحمل أي دليل علمي أو تعتمد على سند تاريخي. بعد أن أصبح بحكم المسلم به أن التوراة ليس كتاباً تاريخياً خاصة منه سفر التكوين الذي سلسل الناس كما لو كانوا أفراد أسرة مؤلفة من عدد من الأولاد. لو اعتبرنا سفر التكوين مجموعة رموز، لاطمأننا إليه لكن لا لنعتبره تاريخاً أو وثيقة من وثائق التاريخ. خصوصاً بعدما تدفق على الإنسانية هذا السيل العرم من الطمائر الحجرية والفخارية والتي جاء معظمها ينقض (تاريخية) التوراة بالدليل المحسوس.
قلة من المثقفين دفعتهم الجرأة الأدبية للخروج على هذا الإجماع الخاطئ. ليتساءلوا بدورهم: لماذا لا تكون العربية هي الأصل الذي تفرعت عنه تلك اللغات؟ خاصة وأن بعض القبائل العربية مازالت تتكلم لغة أشبه ما تكون بلغة القرآن. وقبيلة هذيل في الحجاز مثال صدق. فقد أنجبت هذه القبيلة في الجاهلية والإسلام عدداً من أرق الشعراء وأحسنهم بياناً وأغناهم فصاحة. ولشعراء هذيل ديوان مطبوع يحمل أسماء بعضهم ونكهة شعرهم(1).
أحد المؤرخين المعاصرين عايش هذه القبيلة وسمع لسان أهلها الأطفال والشيوخ(2) وتساءل: لماذا نفترض أن هؤلاء الذين يتكلمون لغة لم يطرأ عليها تبديل منذ ستة عشر قرناً. لهم لغة أخرى هجروها سابقة لها.وما الذي يدفعهم ليفعلوا ذلك؟ وكيف يتم هذا التبديل في لغتهم وهم يعيشون في نفس المكان؟ وما الذي يقنعنا أن بني هذيل كمثال غيروا لغتهم كالملابس. بل لماذا لا نقول أنهم يتكلمونها منذ عشرة آلاف سنة مثلاً؟
أحد مؤرخي أدبنا القديم يتساءل: هل يكون الشعر الجاهلي وليد فترة لا تتجاوز القرنين قبل الإسلام؟ وهل هي فترة كافية ليتكامل خلالها شعر يبهرنا ويبهر العالم بغناه وعذوبته وقدرته على الوصف والتعبير عن أدق العواطف وأعمق نأمات النفوس. ومن يقرأ قصيدة واحدة لأحد الجاهليين الكبار يدرك أن هذا الشعر نتاج آلاف السنين من الدربة والخبرة والتطور(3).
وإذا كان علماء الحضارات يلجأون إلى الفرضيات عندما تعوزهم الأدلة. لماذا لا نفترض أن الموجات العربية التي تدفقت إلى المنطقة العربية من آشوريين وبابليين وكنعانيين وفينيقيين ومصريين. هاجروا يحملون معهم اللغة الأم. والتي نفرضها (العربية)، ثم تبدلت على ألسنة أجيالها بحكم التعامل مع بيئات جديدة؟ أليس هذا الافتراض أقرب إلى المنطق من الفرضية المعاكسة التي تقول إن سكان الجزيرة العربية تبدلت اللغة على ألسنة أجيالهم، والذين يتوالدون في المكان نفسه؟
وتعاقبت الوقائع:
ينظر اللاحقون في علم العروض. هال بعضهم أن تتفتق العقلية العربية (البدوية) عن هذا العلم المفعم بالذهنية الرياضية المعمقة والمنظمة. وظل بين استهتار حيناً وتهاون حيناً.. حتى ظهر إلى الناس أن علم العروض عملية معقدة ومنظمة وتدل على وعي مكتشفه حتى لكأنه تجاوز به عصره. وأنه ليس مجرد إشارات يستدل بها على سليم الوزن من فاسده. وأن هذا العلم المكتشف في البيئة العربية يدل على ما هو أعمق. من دلالته. أن القافية الموحدة بطول القصيدة لم تعرف إلا في الشعر العربي بها منها: (استعمال القافية والغزل العذري. وشعر الحماسة)(4).
فيحاول الطيبون من العرب وراء أساتذتهم في الغرب الالتفاف على هذا التفرد الإبداعي لتهديمه. بمحاولة إيجاد سوابق له في الآداب الأخرى. وكما كثرت النظريات المفترضة بلا علم أو سند تاريخي حول فرعية اللغة العربية وأنها تنتمي لأصل ضاع.
كثرت الفرضيات حول تأثر العروض العربي بالإغريقي حيناً وبالهندي السنسكريتي حيناً. وعندما تتداعى هذه الفرضيات وكلها إنشائيات ذهنية بحتة. يلجأ بعض أصحابها إلى رأي آخر خلاصته أن العروض الهندي والعروض العربي والعروض الإغريقي ثلاثة فروع لها أصل آشوري أو بابلي أو سومري. كنا نتمنى أن يكون الرأي الأخير هو الصحيح لأن كلّّ شيء يظل كما نريده عربياً في نشأته وتكوينه.
الذين استدلوا عن طريق القياس لا عن طريق التحقق العلمي من أن الخليل اقتبس من الإغريق. استندوا إلى أن عصر الخليل كان عصر ترجمة ونقلت فيه العلوم الإغريقية إلى العرب. دون أن يقدموا شيئاً موثقاً. والذين اتهموا الخليل بالاستناد إلى العروض السنسكريتي اعتمدوا على رأي جاء به أبو الريحان البيروني في كتابه المعروف (ما للهند من مقولة)(5) ، ولعبت مخيلاتهم الروائية في قول البيروني حتى أخرجوه عن أصله، ثم سكبوه كما يشاؤون. فقال قائل منهم أن التشابه البعيد بين العروض الهندي والعروض العربي لا يترك مجالاً للشك في تأثر الخليل بن أحمد بطريقة التقطيع بالشعر الهندي مما هداه إلى وضع دوائر العروض(6). وعندما رجعنا إلى كتاب البيروني المذكور رأيناه يتحدث عن التقارب بين النحو العربي والنحو الهندي، وعن التقارب بين العروض العربي والعروض الهندي. لكنه لم يثبت أخذ الخليل عن الهنود بل العكس. ومما قاله البيروني:
"وهم يصورون في تعديد الحروف شبه ما صوره الخليل بن أحمد والعروضيون منا للساكن والمتحرك"(7). وفيما يتعلق بالنحو الهندي يقول البيروني، بعد أن يذكر أسماء كتب لغوية للهنود ضاعت ولم يهتد إلى واحد منها: "وحكي أن هذا الرجل (....) كان مؤدب الشاه في زماننا ومخرجه. وأنه أنفذ هذا الكتاب لما عمله إلى كشمير...)(8).
لاحظنا أن البيروني يقول إن الهنود يصورون شبه ما صوره الخليل. وهذا الخبر بينٌ لا لبس فيه. أي أن الهنود هم الذين أخذوا عن العرب علم العروض. كما أخذ الفرس عن العرب الشعر وعلم العروض. وإذا كان كتاب النحو الهندي الذي أشار إليه أبو الريحان قَدْ صنع (في زماننا) أي في القرن الهجري الخامس حيث عاش البيروني والخليل عاش في القرن الثاني الهجري. في أي منطق يكون السابق أخذ عن اللاحق.
ولماذا فهم هؤلاء الطيبون أن الخليل الذي عاش في (خص) حسب تعبير الأوائل قَدْ أخذ العروض عن السنسكريتية؟ أو عن الإغريقية؟
كافة المشتغلين بعلم العروض من العرب. وقليل من الأجانب المستعربين يرجعون الحركات والسكنات إلى طبيعة اللغة العربية. أي أن اكتشاف العروض عملية ذاتية لا يمكن أن تكون من خارج اللغة. وأن مصطلحات العروض بأكملها مشتقة من أسماء أجزاء الخيمة أي ذاتية في بيئتها. وأن الأنغام الشعرية التي اعتمدها الخليل في بناء الدوائر الخمس كان لها أساس قديم. قرأناه في عشرات المظان، وعشرات مثلها لمؤرخين ولغويين وعروضيين ورواة تخبرنا أن الخليل بن أحمد سئل بعد أن أحكم علم العروض عبر سنين من العذاب والاحتراق: هل للعروض أصل؟ قال: نعم مررت بالمدينة حاجاً فرأيت شيخاً يعلم غلاماً يقول له: قل:
نعم لا. نعم لا لا. نعم لا. نعم لا لا.
فقلت ما هذا الذي تقوله للصبي؟ فقال: هو علم يتوارثونه عن سلفهم يسمى التنغيم.
وأصبح غنياً عن الترديد والتكرار أن تشبيه بيت الشعر ببيت الخيمة إثر اقتباس أجزاء الخيمة لأجزاء البيت الشعري. وأن سير الجمل بحركاته المختلفة قَدْ أثر في موسيقى الشعر العربي. وكل دارس للعروض يتذكر أن أنغام بعض الأوزان جاءت محاكاة لحركة الجمل في سيره.
لم يكن العروض هو فرادة الخليل بن أحمد وتفرده عبقريته لكن كتاب "العين" الشامخ الباذخ وأول معجم من نوعه في تاريخ اللغات الإنسانية يشجب عنه الاتهامات التي لا تناله شخصياً بقدر ما يراد منها النيل من الفكر العربي كمسهم في صنع الحضارات الإنسانية.
وقاموس " العين" الذي لم يستطع كافة رجال اللغة حتى الآن تجاوزه يسطع دليلاً على عبقرية الرجل. من حيث فهمه للأصوات عند حديثه عن مخارج الحروف ولملمة شوارد اللغة وحصرها(9) وحديثه عن جذور اللغة وتطور ألفاظها. إضافة إلى علم النحو الذي أسس سيبويه كتابه المعروف على أساسه(10). ويذكر ابن النديم لهذا الرجل المعجزة كتابين لا يعرفهما أحد هما (النغم) والآخر (الإيقاع).
هل أتاك حديث الشعر، وللشعر حديث ذو شجون؟ حسناً...
لن أبدأ. لن استقصي معك البدايات التي أنشأها المستشرقون حول تفكك القصيدة العربية. فلهؤلاء الناس شأن هو في جوهره يختلف عما نحن فيه. هم لا يعرفون القافية الموحدة التي ميزت الشعر العربي بفرادة لا أقول أفضل. بل عرف الشعر العربي من خلالها. كما عرف الشاعر العربي بتعامله الحميم والخاص مع المرأة في إبداعه. أقصد إذا كان لكل إبداع لدى كلّّ أمة خصوصية تميزه. فالشعر العربي يحمل بعض الخصوصيات التي تصنع له فردانيته وبها عرف. كما العربي الجاهلي عرف بفردانيته من خلال الشعر.
صحيح أن الشاعر العربي الذي أخلص للبلاغة وجاهد للوصول إلى القليل الدال. حاول أن يكثف الشحنة الشعرية في البيت الواحد. حيث لا تتكئ معاني البيت أو دلالته أو إيحاءاته أو صوره على بيت آخر. وصحيح أيضاً أن الشاعر الذي جاء بعد الإسلام حاول أن يكثف لغته ليتفوق على سابقه الجاهلي وما من مثقف إلاَّ ويعرف حديث بشار ومحاولة التغلب على امرئ القيس من حيث تكثيف عدد المعاني في بيت واحد. هذان كمثلين: جاهلي وإسلامي.
لكن عناية الشاعر العربي بصناعة البيت لا تعني عزل البيت عن الآخر. وقد يكون تكثيف الأغراض في القصيدة العربية ميزتها الدالة على فردانيتها وخصوصيتها. والجاهلي كان رساماً بارعاً في تسلسل عدد من اللوحات الشعرية في القصيدة الواحدة، تلك التي أسماها القدماء أغراض القصيدة.
قَدْ تكون أهم ميزات القصيدة العربية الطويلة. وحدة إيقاعها وقدرة الشاعر على تسلسل لوحاتها كأن الواحدة تتخلق من الثانية بهذا اللون من الشعر ألف العربي وجوده وعرف ذاته ورحل إلى الكون من خلاله. لكن أيدي الوراقين وألسنة الرواة عبثت عفواً أو قصداً بمعظم القصائد الجاهلية. فروتها على غير ترتيبها الأول. مما هيأ للأجانب أنها مفككة متناثرة لا يربط بين أبياتها غير القوافي(11).
هذه الحالة التي أصابت القصيدة الجاهلية أخرجت لوحاتها عن وحدتها الفنية أو المعنوية. وقد تنبه طه حسين كواحد من كبار مثقفينا إلى هذه الحالة. وأن اختلاف الرواة في رواية الشعر الجاهلي وتغيير مواقع الأبيات أعطى للمستشرقين صورة سيئة عن هذا الشعر. لكنه يطرح رأيه في وحدة القصيدة كما يعرف الوحدة لا كما يراها المستشرقون، ويرى في معلقة لبيد مثلاً وحدة تبدو في (النفس القوية العالية السمحة التي أنشأها)(12).
وبعد أن أبدى المستشرقون ما أبدوه من موضوع تفكك القصيدة العربية. تطوع عشرات العرب لا ليدافعوا عن شعر أمتهم الذي كان أحد أسباب خلودها بين الأمم ذوات التراث الحي. بل ليعبروا عن هوسهم بحثاً عن وحدة عضوية مفقودة في القصيدة العربية، كما أرادها الغربيون.
عباس محمود العقاد مثلاً لجأ إلى المقارنة بين القصيدتين العربية والإنكليزية. متأثراً بالنقد الإنكليزي وبالمفهوم النقدي للقصيدة لدى النقاد الإنكليز(13). لا ننكر صحة رأي العقاد في النقاد القدامى الذين شجعوا الشاعر على استقلالية البيت. لكننا ننكر عليه المقارنة. ناسياً أن ما جاءت به القصيدة الجاهلية عندما نوفر لها عودة أجزائها كما أنشأها الشاعر الجاهلي هو الذي وفر لها فردانيتها وعندئذ تلغي عملية المقارنة بين أدب وأدب.
مثل هذا الرأي تبناه ميخائيل نعيمة في (الغربال) وجدد النقمة على الشعر القديم الشاعر التونسي أبو الشابي الذي شبه القصيدة العربية بحديقة الحيوان(14). وسأقف وقفة هادئة أمام واحد من هذه الآراء الخطيرة التي طرحها الأستاذ أحمد أمين في (فجر الإسلام) حول الشعر العربي القديم.

عايده بدر
16/08/2009, 01:56 PM
بعد استعراضه وتحليله للعرب والعقلية العربية معتمداً على آراء المستشرقين: (وخلاصة القول أن الشعر الجاهلي لا يدلنا على خيال واسع متنوع، ولا على غزارة في وصف المشاعر والوجدان. بقدر ما يدلنا على مهارة في التعبير، وحسن بيان في القول)(15). ينتقل في فصل تالٍ من الكتاب للحديث عن الأدب الفارسي وأثره في الشعر العربي: (ولم يصل إلينا شيء من شعر الدولة الساسانية، على عظمة كثير من ملوكها وحاجتهم إلى من يتغنى بمدائحهم. فهل اكتفى الفن بتعبيراته بالحفر والنقش والبناء والغناء أو عبر أيضاً بالشعر، ولكن عدا عليه الشعر العربي فقلته؟ نحن إلى الثاني أميل)(16). هكذا يصدر حكمه القاطع بدون أي دليل تاريخي على وجود شعر فارسي قبل الإسلام، ليس هذا وحسب، بل يدون لنا قائمة بأسماء شعراء عرب ذوي أصل فارسي لان الشعر على ألسنتهم واكتسب ميزات فنية جديدة لم تكن في الشعر العربي. منها قول زياد الأعجم يخاطب حمامة سجعت بقربه:

تغني أنتِ في ذممي وعهدي





وذمة والدي إن لم تطاري



وبيتك أصلحيه ولا تخافي





على صغر مزغبة صغار



فإنك كلما غنيت صوتاً





ذكرت أحبتي وذكرت داري



فأما يقتلوكِ طلبت ثأراً





له نبأ لأنك في جواري





(... أفلست ترى معي أن هذا الشعور على هذا النحو الجديد لم أعرفه للعرب من قبل؟ ولعل عليه مسحة مانوية من حماية الحيوان)(17). فهل سمع أو عرف باحث أن كليباً بن ربيعة الشاعر الجاهلي قَدْ تأثر بالفرس أيضاً واستبطن المسحة المانوية وهو القائل:

يا لكِ من قبرة بمعمري



لا ترهبي خوفاً ولا تستنكري



قَدْ ذهب الصياد عنك فأبشري



ورفع الفخ فماذا تحذري



خلالكِ الجو فبيضي واصفري



ونقري ما شئت أن تنقري



فأنت جاري من صروف الحذر(18)




عشرات القصائد التي حفل بها الديوان الجاهلي والإسلامي الأول، وهي تناغي الحمائم والطيور ذات الهديل والغناء الشجي. وهي جزء من كائنات القصيدة الجاهلية. نسمع مثلاً آخر لعدي بن الرقاع:

ولما شجاني أنني كنت نائماً





أعلّل من برد الكرى بالتنسمِ



إلى أن بكت ورقاء في غصن أيكة





تردد مبكاها بحسن الترنمِ



فلو قبل مبكاها بكيت صبابة





بسعدى، شفيت النفس قبل التندمِ



ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا





بكاها فقلت الفضل للمتقدِم(19)





أوردنا هنا مثلين: الأول يعبق بنكهة التعاطف الإنساني مع الطائر. والثاني يحمل أنفاس العاشق الذي يكاد قلبه يسيل من حروفه.

لو تروّى المرحوم أحمد أمين بالحكم إلى ما بعد قراءته الشعر الجاهلي ولو خفف اعتماده على المستشرقين لما أصدره. وعجب أن يحمل الشعر العربي المتطور تأثره بالشعر الفارسي. ولا يعرف مؤرخ أو دارس أن للفرس شعراً قبل القرن الثالث الهجري حيث أبدعوا شعرهم على غرار الشعر العربي حذوك النعل بالنعل. وكل ما يروى عن شعر فارسي دارس. يجيء بمجالات الظن والتخمين، ولا يمكن أن يطمئن عالم للظن في مجال الدراسات الموثقة.

بل أحسب الفرس أنفسهم لا يخجلون من هذه الحقيقة التاريخية ولا المشتغلين في حقل الدراسات الأدبية الفارسية كذلك. والشعر الفارسي كما يقول أحد دارسيه (متعدد الأنواع) متنوع الأغراض والموضوعات... ينقسم إلى الموضوعات التالية(20):

شعر القصور، شعر الملاحم، شعر الغزل البشري والصوفي، الشعر القصصي الرومانتيكي، الشعر التعليمي، وهذه الأنواع ارتبط ظهور بعضها بظهور الشعر الفارسي الإسلامي في عصوره الأولى. وظهر البعض الآخر في عصور لاحقة) وحاولت الدكتورة إسعاد عبد الهادي قنديل أن تجد بدايات القرن الهجري الثالث. بعد حديث عن شعر فارسي قديم ضاع ولم يبق منه شيء. لأنه كتب بعدة لهجات. قبل توحيد اللغة الفارسية الحديثة التي عرفت باللغة الدرية واستخدمت كلغة أدبية في بدايات القرن الثالث الهجري. وكتبت بالحرف العربي. أما اللغات واللهجات القديمة السابقة للإسلام فقد عثر على أحد مراحلها مكتوبة بالخط المسماري. أضف إلى أن بحور الشعر الفارسي هي بحور الشعر العربي بذاتها. بنفس أسمائها وأعدادها. أضاف إليها اللاحقون ثلاثة بحور وهي كما دونها أحد الشعراء الأوائل:

طويل ومديد وبسيط أمست وديكر





رجز يا هزيج آمد أي مرد عاقل



سريع ورمل وأفراست ومضارع





تقارب تدارك دكر بحر كامل



ذكر مقتضب منسرح دان ومجتث





خفيف ومديد وقريب ومشاكل(21)





أرأيت؟ كيف أن العرب بعض العرب، قَدْ تحمسوا لآراء المستشرقين أكثر من المستشرقين أنفسهم.. بل بعضهم تحدث عن شعرنا بلهجة أكثر إيلاماً من لهجات المستشرقين.

وعن الوجه الآخر:

لكن الذين أنفقوا السنين الطوال من حياتهم الفكرية ليظهروا أو يضيئوا الجانب السلبي في الشعر العربي القديم. وتسابقوا كالجياد النشيطة أمام قراء هذا الشعر ومتذوقيه، وهم يتدافعون لرجمه وتحجيمه أو الحد من قيمته الفنية والعاطفية. نسوا جانبه المضيء الذي بهر المنصفين والمحايدين من دارسي الشعر في العالم عرباً كانوا أم غير عرب. ولكي نتحدث عن القيمة الفنية للشعر العربي بدءاً من الجاهلية، يخطر لي أن أسأل: هل يجوز لنا أن نحاكم القصيدة الجاهلية من خلال معايير ثقافتنا المعاصرة؟ لعل ما اتفق مؤرخو الأدب العربي الأجانب وأهمهم بروكلمان وبلاشير. ونيكلسون. ونالينو. وغيرهم ومن ورائهم مقلدوهم العرب حول تفكك القصيدة وافتقارها إلى الوحدة. نسألهم بدورنا: من هو الذي طلب من الشاعر الجاهلي تأسيس قصيدته وفق الوحدة التي نطالبه بها الآن؟ ولماذا لا نقرأ الشعر الجاهلي كفن نستخرج له قوانين نقده من خلال بنائه؟

الشاعر الجاهلي رسم شعره في لوحات كما قلنا منذ قليل. ولو قدر للقصيدة الجاهلية أن تكتب كما أنشأها صاحبها لعثرنا على وحدة المشاهد وتسلسلها. ومازال رغم عبث الرواة والوراقين بعض من هذه القصائد يحتفظ بوحدة ليست كالملحمة ولا كالمسرحية، بل وحدة اللوحات والعاطفة، والتصوير الدقيق للمشاعر والطبيعة، والبراعة في الانتقال من مشهد إلى آخر. والأهم هو استغراق الشاعر الجاهلي في بيئته. كأهم ميزة يتميز بها كلّّ إبداع أصيل. ليست البيئة كلفظة محدودة الدلالة الفكرية كنقل الطبيعة الجغرافية التي يعيشها الشاعر. بل البيئة بكامل قنواتها ومجمل معطياتها الجغرافية والتاريخية واللغوية والنفسية، في مجال التكامل الفني للقصيدة ننقل هذا التحليل ليوسف اليوسف عن إحدى قصائد الشنفرى: (يتعاضد الإيقاع والحركة والخيال "الصورة" والعلائق اللغوية في اللامية لتحقق نوعاً من التكامل يخرجها في زي فني متناسق وعظيم ويرفعها إلى مصاف أوابد الشعر العالمي القادر على مقاومة الزمن، لأنه خاطب أعمق أغوار النفس البشرية. هذه الأغوار التي تحقق ثباتاً عالي النسبة. وليس هناك من عنصر شعري في اللامية يعمل بوهن أو دون اندغام مع بقية العناصر. ولعل هذه أهم سمة من سمات الشعر العظيم.

أما وحدة الإيقاع، وأهمية القيم الصوتية، فتتناسبان مع صخب الانهيارات الداخلية للشاعر ومع الشروخ العميقة في نسيج روحه.

ولقد استطاعت اللامية بما أوتيت من فنية نادرة، ولاسيما حسن توظيف الطاقة الشعورية للغة، أن تحمل المنظور والمحسوس شديدي النصوع أمام الحواس، وذلك نظراً لشدة ضغط العيانات والوقائع على روح الشاعر. ولهذا يشعر قارئها أن الصور وكذلك المفردات، ذات لحم وردي طري وغض يمكن أن يشم ويذاق حتى عبر الجلافة العجيبة لبعض الكلمات. ولعل أول وظيفة يؤديها الشعر الجاهلي بعامة، واللامية بخاصة، هي أن الشعر يجعل الحواس تأكل وتشرب، وبالتالي تنمي الانفعالات الداخلية الصادقة)(22).

قَدْ تكون وحدة القافية في القصيدة العربية القديمة، بدءاً والتي نتج عنها ضرورة تكامل الصورة في البيت الواحد، واستقلاله عن البيت الآخر. هي التي أسهمت في خلخلة الرواية أولاً. مما صور لللاحقين القصيدة مفككة أو مبعثرة وكان على أي مثقف عربي أن يدرك هذه البديهة عندما يقف أمام قصيدة لم يعتورها التفكك من جراء الرواية، والشواهد كثيرة من الشعر الجاهلي نفسه.

وإذا أوهمت هذه الحالة بعض المستشرقين خاصة وهم مندهشون بالقافية التي لم يألفوها في شعر شعرائهم، ما كان لها أن توهم العرب أنفسهم. وخاصة النقاد المؤرخين وأصحاب التجارب الشعرية. لينهالوا على الشعر القديم رجماً وتمزيقاً.

أما (الأنثى) في القصيدة الجاهلية. كيف. ولماذا؟ فما أراها أقل غموضاً من لغز عميق جداً ما استطاع الدارسون على كثرتهم وتعاقبهم تفكيك رموزه. الحبيبة أو الأنوثة الرمز في القصيدة الجاهلية لون من ألوان الألوهة يتحسس المؤمن آثارها المتفوقة على الطبيعة البشرية للأنثى لكنها أبداً غائبة، صحيح أن الشاعر الجاهلي على مستوى المحسوسات كان يرى أن ريق الحبيبة أشهى من الخمر، وأن لفتتها ألطف من لفتة الظبي، وبشرتها أنعم من الذهب المصقول وبسمتها أرق من إشراقة الشمس في أصباح الصحراء الباردة، وصحيح أن الشاعر الجاهلي استخدم لغته في وصف الحبيبة كما المثّال البارع يستخدم أدوات الحفر على الرخام. وعلى المستوى النفسي نلمس أن (مصدر الماء العذب وقبلات الحبيبة ومنع المواعيد وملذاتها المكتوبة، مواضيع مقدرة جداً في هذا الشعر ذي اللطافة الشهوانية)(23).

بيد أن لا الحبيبة ماثلة أمام الشاعر، ولا مواعيد تتحقق ولا الحبيبة تمارس وظائفها البشرية. وكل ما يراه الشاعر يركض من خلفه لا من أمامه. كأنه على مستوى اللاوعي مدفوع للحديث عن الأنثى المستحيلة مشروعاً وتحققاً. وكأن غيابها مرتبط بغياب حقب من الوجود يرى الشاعر آثارها فيما حوله. وكل ما هو مشتهى ومحبب ومثير يذكره بها.

هل تكون آثار عبادة الإلهة الأنثى هي التي انتقلت إلى الشاعر الجاهلي عبر الأجيال؟ وإذا صحت هذه الفرضية ألا يترتب عليها أن تكون إحدى خلفيات وحدة الثقافة، ونتاج الأرومة الحضارية التي تفرع عنها ما لمسنا من آثاره في مصر والشام ووادي الرافدين؟ كلها تساؤلات مشروعة، وكلها أسئلة يغلفها الغموض، وتدور من حولها الحيرة والشكوك.

عايده بدر
16/08/2009, 02:01 PM
المتشابهات في الشعر القديم:
ظاهرة تلك رافقت الشعر في مسيرة العربي لا ننكر وجودها. الجاهليون مجموعة سلاسل من الشعر تعلقت حلقاتها، الرواية شاعر، يتلقى الفن عن شاعر. يتأثر به حيناً ويتفرد في رحلته أحياناً. شأن كلّّ إبداع وفي كلّّ أمة من الأمم. قَدْ تكون ظاهرة المديح إحدى الآفات التي ابتلعت كثيراً من الطاقات الإبداعية التي لا نعرف مدى خصوبتها وفردانيتها لولا تعلقها بالحكام والسلاطين. وعلينا أن لا نخلط كما فعل المحدودون في الدمج بين مديح الجاهليين ومديح من تعاقبوا بعد الإسلام. فالجاهلي كان فخوراً بذاته مختالاً بقبيلته. ليس مداحاً يتكسب إلا في القليل الشاذ، كالحطيئة مثلاً. لكننا نلاحظ حالة الحب بنبلها الإنساني الخلو من التزلف كما هي في قصائد زهير بن أبي سلمى. واستمرت الحالة العشقية تلك بين الشاعر وممدوحه في جانب من قصائد اللاحقين بعد الإسلام. وكأن الشاعر في بعض الحالات كان يسقط مثاليات البطولة دفعة واحدة على الرجل الذي يمدحه، سواء كان خليفة أو وزيراً أو صاحب ود في قلب الشاعر لا تربطه بالسلطان رابطة. ومن أفدح العيوب النقدية أن نتعامل مع مجموع شعر المديح تعاملاً تتساوى بداياته ونتائجه.
وتحدثنا عن الخلخلة التي رافقت رواية الشعر وأدخلت شعر زيد بشعر عمرو. لكن ذلك ظل على مستوى العام والسائد وغير المتفرد لدى أصحاب المواهب العظيمة. فشعر طرفة بن العبد لا يشبه شعراً ولا يشبهه شعر. وشعر عنترة لا يشبه شعر الآخرين ولا يشبهه شعر الآخرين. وفيما بعد المثالين يجيء أبو تمام الذي رسم إشارة استفهام في التاريخ على وجوه ذواقي الشعر وعلمائه؟ ألم يقل قائلهم إذا كان ما يقوله أبو تمام شعراً فكلام العرب باطل؟ صحيح أن ثمة تشابهاً في بعض الجزئيات كصور التشهي، وصور الأطلال، وصور الناقة. لكن التكامل الذي يحمل بصمة القصيدة الجاهلية من وراء الجزئيات ظل يحمل بصمة الفردانية لكل شاعر عظيم في الجاهلية وما بعد حتى عصورنا الحديثة. تقول: لا أقول لو اقتطعنا جزءاً من أي قصيدة للمتنبي وقرأناها أمام إنسان قرأ الشعر العربي كله إلا شعر المتنبي، لاكتشف من فور سماعه أن ما سمعه غير ما قرأه سابقاً، شعر المعري أي شعر يشبهه. وكيف يجوز لمتحامل أن يدرج إحدى قصائده بشعر عصر من عصورنا الأدبية؟
شعر المتصوفة مثل آخر أليس كذلك؟(24) وشعر العذريين كيف يمكننا أن ندرجه في القصائد الأخرى تحت راية التكرار أو النمطية أو التشابه وأين نخفي الشفافية، والروحانية والرقة المرهفة التي تنبع من هذا الشعر الفائق الجودة والمتقن حتى حدود الكمال؟ عبر أساطينه الذين (أنجزوا أخصب مرحلة غزلية في تاريخ الشعر العربي)(25).
وإذا كان للشعر خصوصيات عرفت عبر شعرائها المتفردين، فإن لكل شاعر إشعاعاً متوهجاً في نتاجه بالذات يفصح أحياناً عن فردانية لا تُشابهها الأخرى. كما توهج الشنفرى في لاميته وطرفة في معلقته، وزهير في معلقته، والنابغة في المتجردة وعنترة في ميميته الملتهبة. كما توهج فيما بعد أصحاب الخصوصيات بعد الإسلام نذكر منها: اثنتين هما قصيدة عمورية لأبي تمام التي أراهن على قدرتها منح المتلقي لذة جديدة في كلّّ قراءة جديدة. كما تفعل الفعل السامي نفسه قصيدة المتنبي الشامخة في مديح سيف الدولة (على قدر أهل العزم تأتي العزائم) والقصيدتان من الأمثلة المدحية التي تشذ عن مفهوم التكسب لتخلدا عقدين في جيد الزمان، ولؤلؤتين على صدر التاريخ.
وباستطاعتنا اعتبار هذه النماذج من شعر المديح إسقاط معاني البطولة على الممدوح، إضافة إلى الشمولية الإنسانية التي احتملتها. والإضافات التي نستطيع العثور عليها من خلال خاصية الصدق في إنشائها، وهي متناثرة في شعرنا على امتداد العصور.
وإذا وجد من يطالبنا بالبحث عن الخصوصيات الإبداعية بعدد الشعراء الذين أنجبهم تاريخنا الشعري. نسألهم بدورنا كم شكسبيراً أنجبت اللغة الإنكليزية. وكم بوشكيناً أنجبت اللغة الروسية. وكم طاغوراً أنجبت الهند، وألمانيا هل لها أكثر من غوتيه واحد؟ كما لإسبانيا لوركا مفرد؟
والدليل الأخير، إذا كان للشعر الجاهلي متشابهاً ويستطيع دارسه أن ينزع من قصيدة أوس ليلصقها في قصيدة عيسى، كيف استطاع نالينو المستعرب أن يميز بين الشعراء الجاهليين من حيث نشأتهم وخصائص إبداعهم إلى أربعة أقسام يراها:
أولاً: شعراء البادية ومنهم تأبط شراً، والشنفرى، وامرؤ القيس، والحارث بن حلزة، وعمرو بن كلثوم، وعنترة العبسي، وزهير بن أبي سلمى، ولبيد بن ربيعة، وعروة بن الورد، وحاتم الطائي، والأفوه الأزدي، وذو الإصبع العدواني، ودريد بن الصمة، وسلامة بن جندل.
ثانياً: الشعراء الوثنيون والذين لازموا أبواب ملوك الحيرة وغسان، ويعتقد نالينو أنهم تأثروا بنصارى الحيرة وغسان، وأخذوا منهم معاني جديدة. منهم: زهير بن جناب الكلبي، وعبيد بن الأبرص، وطرفة، وأوس بن حجر، والنابغة الذبياني، والأعشى، وحسان بن ثابت.
ثالثاً: الشعراء النصارى المقيمون في مملكة اللخميين بالحيرة، ومملكة بني غسان في الشام وباديتها وهم برأي نالينو متأثرون بالحضارتين الآرامية والفارسية ومنهم: أبو داؤد الأيادي، وعدي بن زيد العبادي.
رابعاً: شعراء المدر ومنهم قيس بن الخطيم وأمية بن أبي الصلت(26).
كيف تسنى للرجل الذي قضى جانباً من عمره في دراسة الشعر العربي أن يميز بين أربعة تيارات. وتظل الفوارق الذّاتيّة والبصمات الفردية تميز بين إبداع وإبداع. ثم لا يستحي المستغربون العرب من رمي هذا الشعر العظيم بأبشع الصفات.

عايده بدر
16/08/2009, 02:03 PM
الهوامش

ديوان الهذليين. مطبوع أكثر من مرة بين القاهرة وبيروت. تحقيق.

هذا المؤرخ هو أحمد المدني. وله مجموعة كتب بعنوان: العرب في أحقاب التاريخ ظهرت عن دار المعارف بمصر.

كثيرون هم المهتمون بتاريخ الشعر والذين رفضوا حداثته وتحديد تاريخه. منهم نجيب محمد البهبيتي. في تاريخ الشعر العربي حتى آخر القرن الثالث الهجري. الطبعة الرابعة. مكتبة الخانجي مصر عام 1970. وهو تاريخ مقدمة الطبعة الرابعة.

فتوحات العرب في فرنسا لـ ك. رينو. المطبوع عام 1836. نقلاً عن فن التقطيع الشعري لصفاء خلوصي.

اسم الكتاب الكامل: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة. تأليف أبي الريحان محمد بن احمد البيروني المتوفي 440هـ 1048م. مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد ـ الهند عام 1958.

للدكتور صفاء خلوصي كتاب مهم في مجال علم العروض اسمه فن التقطيع الشعري والقافية مطبوع في بيروت للمرة الثانية عام 1966. يشرح في دوائر العروض والأوزان بتيسير وفهم. كما يستعرض الوزن في الشعر الحر. ويعتبر الخليل بن احمد من عباقرة الدنيا. لكنه يتراجع عن هذا الرأي في مقدمة كتبها لكتاب: القسطاس المستقيم في علم العروض تأليف الزمخشري في القرن الخامس الهجري وتحقيق الدكتورة بهية الحسني. ليؤكد أن علم العروض ليس من ابتكار الخليل وهو متأثر بالعرض الإغريقي أو العروض السنسكريتي. وكتاب القسطاس مطبوع عام 1970 في بغداد بمساعدة المجمع العلمي العراقي.

الفصل الذي أفرد البيروني في كتابه (ما للهند من مقولة) والذي انكب عليه بعض المثقفين العرب لتفسيره وتأويله ليجردوا الخليل من عبقريته. عنوانه (في ذكر كتبهم "الهنود" في النحو والشعر) ص 104 ـ 130.

الفصل الذي أفرد البيروني في كتابه (ما للهند من مقولة) والذي انكب عليه بعض المثقفين العرب لتفسيره وتأويله ليجردوا الخليل من عبقريته. عنوانه (في ذكر كتبهم "الهنود" في النحو والشعر) ص 104 ـ 130.

كتاب العين مطبوع في سبعة مجلدات في دار الهجرة ـ إيران ـ قم. تحقيق د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي. عام 1405 هجرية. للمحققين مقدمة نقدية هامة عن الكتاب الضخم. لكن فيلسوف الفكر المعاصر د. زكي نجيب محمود قال إن كتاب العين أول معجم من نوعه في تاريخ اللغات الإنسانية.

هو كتاب سيبويه الشهير بـ (الكتاب) وهو مطبوع في بيروت عام 1967 في مجلدين منشورات الأعلمي شرح الشنتمري.

أفردنا لهذه المسألة قسماً كبيراً في أطروحة الدكتوراه وهي تعددية النمط في الشعر الجاهلي وظلاله الطويلة وأثبتنا وحدة بناء القصيدة من خلال إعادة ترتيب أبياتها.

تحدث عميد الأدب العربي طه حسين عن وحدة القصيدة في كتابيه في الأدب الجاهلي. وحديث الأربعاء. اللذين أصبحا فيما بعد جزأين من تاريخ الأدب العربي الذي يحمل اسمه، وصدر في ثلاثة مجلدات. بإشراف جماعة من محبيه وتلاميذه.

آراء العقاد مبثوثة في كتابه (الديوان) الذي صدر عام 1921. وفيه شن هجومه غير المنصف على أحمد شوقي.

من محاضرة للشابي تحدثت عنها السيدة حياة جاسم في كتابها وحدة القصيدة في الشعر العربي حتى نهاية العصر العباسي ص 105. يقع هذا الكتاب في 438 صفحة. وصدر عن وزارة الإعلام في بغداد عام 1972. وفيه استعراض شامل لكافة آراء النقاد العرب والأجانب حول وحدة القصيدة العربية.

فجر الإسلام، ص 60.

فجر الإسلام، ص 113 ـ 114.

فجر الإسلام، ص 115.

شعراء النصرانية، المجلد الأول ص 154. لويس شيخو.

المجلد الأوّل من كتاب الزهرة، ص 245، أبي بكر بن داود الأصبهاني المطبوع في بيروت عام 1922 حققه نيكل البوهيمي المستعرب مع مقدمة نقدية كتبها باللغة الإنكليزية.

فنون الشعر الفارسي للدكتورة: إسعاد عبد الهادي قنديل. ص 35. مؤلفة الكتاب أستاذة مساعدة للغة الفارسية في جامعة عين شمس. ويقع في 400 صفحة. وهو استعراض شيق لتاريخ الشعر الفارسي وفنونه صدر عام 1981 عن دار الأندلس بيروت.

فنون الشعر الفارسي. حيث الفصل الأول المخصص لتاريخ اللغة. والفصل الأخير المخصص لعروض الشعر وأوزانه.

للناقد النابه يوسف اليوسف دراسة بعنوان: مقالات في الشعر الجاهلي تقع في 360 صفحة صادرة عام 1975. عن وزارة الثقافة في دمشق. والمقطع الذي نقلناه جاء خاتمة لتحليل لامية العرب للشنفرى ص 263 من الكتاب. وكثيرة هي الدراسات التي تناولت منازع الشعراء الجاهليين واتجاهات القصيدة الفنية والفكرية لكنا نظن أن كتاب يوسف اليوسف واحد من أفضل ما كتب عن الشعر الجاهلي.

الغزل عند العرب لجان كلود فاديه ص 93. صدر هذا الكتاب بمجلدين عن وزارة الثقافة بدمشق عام 1979 نقله إلى العربية د. إبراهيم الكيلاني. وفيه يحاول هذا الدارس أن يرصد ظاهرة النسيب بجانبها العذري والشهواني في الشعر العربي عبر الشعر والوقائع. معتمداً قدرته التحليلية وثقافته النفسية والفلسفية.

أحد الدارسين الجيدين هو عاطف جودة نصر. أبدع كتاباً مهماً في هذا المجال أسماه: (الرمز الشعري عند الصوفية) صدر للمرة الثالثة في بيروت، دار الأندلس، في 520 صفحة. هو أطروحة دكتواره نالها صاحبه بامتياز بعد توصية من جامعة عين شمس بطباعة الكتاب على نفقتها.

يوسف اليوسف (الغزل العذري، دراسة في الحب المقموع) ص 5 المقدمة. صدرت هذه الدراسة عن اتحاد الكتاب العرب عام 1978. وفيها الأسلوب الشيق والفكر العميق الذي تتميز به دراسات يوسف اليوسف. وفي الكتاب كشف جديد عن العذرية كفن والعذرية كحركة في التاريخ العربي من كلّّ جوانبها السياسية والفلسفية والاجتماعية والفنية. وكتب د. صادق جلال العظم دراسة تحمل نفس الاسم صدرت في كتاب لكن العظم لم يتطرق إلى المناحي الفنية في الشعر العذري وغلب التحليل النفسي على الدراسة.

تاريخ الأداب العربية، كارلو نالينو. تقديم طه حسين، منشورات دار المعارف بمصر 1970، الباب الثاني العصر الجاهلي.