المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى تكون قادرا على حل النزعات



أحمد العربي بوعبدالله
20/08/2009, 05:23 PM
--------------------------------------------------------------------------------

بقلم أ. أحمد بوعبدالله
نشرت في جريدة "المسلمون" الجزائرية



:mh09:



حتى تكون قادرا على إدارة النزعات
(تصحيح مفاهيم وبناء ذهني)



سيبقى النزاع قائما في أي تجمع بشري بحكم الطبيعة البشرية ولن يختفي أبدا حتى يتحول الناس إلى ملائكة أولي أجنحة والقصد يا صاحبي أن النزاع أمر طبيعي ولا ضير فيه أبدا وإنما الضرر كل الضرر في سوء تسييره وعدم تداركه حتى يستفحل و يأخذ أبعادا خطيرة.
وهو ينشأ في الغالب إذا افترضنا سلامة المقصد وحسن النية من شيئين:
-الأول: اختلاف الخرائط (محددات الإدراك)وبالتالي اختلاف وجهات النظر (المدرك والمنظور).وسنأتي إليها.
- الثاني: تضارب المصالح وتعارض المقاصد.
وعليه يصبح النزاع حتميا أبديا ما اختلفت الرؤى وتضاربت المصالح وقد تغذيه أمور أخرى كالضغوط الاجتماعية والثقافات السلبية (الأحقاد والعنصرية و.....) والأوضاع السياسية وغيرها.
حقيقة النزاع: هو جرس إنذار ورسول إخبار ينذر بتأزم الوضع ويعلم بوجوب التدخل قبل أن يتفاقم إلى عنف لفظي وجسدي ويتطور إلى انحراف سلوكي(طلاق, انطواء, انهزامية..)
لماذا علينا إدارة النزاع؟ لتفادي دوامة العنف وإعصار الصراع ليس هذا فحسب بل وللاستفادة من مهارة في الاتصال وبراعة في تسيير النزاع وحكمة في إصلاح البين وإلتماس رضوان الله تعالى.
مكونات النزاع: يتكون النزاع بالأساس من (لأشخاص - المشاكل - الحلول). فكل نزاع ينطوي في جذوره على عدة حلول.


أنواع النزعات
-النزاع النفسي في نفسية الشخص بين مبادئه واقعه - بين اختيارين يريد الشيء ولا يريده - يريد الشيء ونقيضه – بين أحلامه وإمكاناته.....وغيرها.
- بين الأفراد.
- أسري
- بين أفواج
- بين مؤسسات
- دولي

إذا كنت في مواجهة نزاع ماذا تختار؟:
- استعمال القوة.
- اللجوء إلى المحاكم.
- الحوار والتفاوض مع شيء من التسامح.
إذا واجهك نزاع في مكان العمل ما هو الموقف الذي تتخذه؟:
هل تتخذ موقفا سلبيا بالاستسلام والانهزام.
أم أنك تقدم استقالتك.
أم ستختار المواجهة العنيفة.
أم ستختار أسلوب المواجهة الحكيمة.
كيف يتضخم النزاع من وجهة نظرك؟ وأنت تفكر في هذا السؤالين يمكنك أن تستصحب المراحل الايجابية للنزاع التالية: ما قبل النزاع – التحكم في الأعصاب – الحوار – التفاوض – الحلول والتعاون مع مرور الوقت.
كيف تتصور النزاع؟ كيف تنظر إليه؟ هل هو سلبي أم إيجابي؟ هل هو خطر يهدد وجودك ويكتسح كيانك أم هو فرصة لتنمية مهاراتك الاتصالية واختبار لقدراتك الذاتية؟
-اسأل نفسك عند كل نزاع الأسئلة التالية: ما هو النزاع؟ من هم أطرافه ومن هم المتدخلون فيه وما هي أدوارهم؟ ولماذا حدث (أسبابه) وكيف نتداركه ونسويه.
ما هي الزوايا التي من الممكن النظر منها إلى النزاع؟
ما هي الخرائط الموجودة للنزاع؟

هل أنت جاهز للحوار؟ ما هي أدوات الحوار بنظرك؟ هل تحتاج مثلا: إلى مهارة الإصغاء الجيد – التحدث الجيد – توجيه الرسالة....ماذا غير هذا؟ هل تحتاج إلى ضبط انفعالاتك وتحديد اهتمامات واحتياجات أطراف النزاع؟ هل ستحتاج إلى صياغة نهائية للحوار؟

ماذا تريد من إدارتك لهذا النزاع ؟ حدد أهدافك بدقة ولعل منها أن تختبر قدراتك في تسيير النزاع وتوجيهه إلى ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى, فتحديد ما تريد هو ما يولد الولع والشغف بما تفعل.

ما هي الصورة التي تكون عليها أثناء إدارة النزاع؟ هل يهم مثلا: أن تكون هادئا وواثقا من نفسك وتنظر بنظرة معبرة وتتحدث بعبارات موحية وتتحلى بروح النضال والمثابرة وتتصرف بذوق راق وماذا غير هذا....؟وهل هذه الأمور ستقوي من عزمك وتشد من أزرك أم ماذا؟




عمق فرضية: (الخريطة ليست هي المنطقة)


من طريف ما جاء به فن التخطيط اللغوي العصبي في فرضياته نظرية أنشأها عالم نمساوي تقرر:"أن الخريطة ليست هي المنطقة" بمعنى أن إدراك الناس للواقع ليس بالضرورة هو الواقع ولذلك يصدر الاختلاف في وجهات النظر ويتحول إلى معركة حياة أو موت حينما يصر كل طرف على أن خريطته ورؤيته هي الأرض والواقع.
وفي تقديري أن العالم الجهبذ محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله قد أدرك هذا المعنى وأراده حينما خرج على الناس بقوله: (رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) أنا أقدر أنه قالها في الاجتهادات الفقهية التي ليس فيها نص أو نص اختلفت حول مدلوله الأفهام ولكن ما المانع من عمومها لتشمل أمور الناس الحياتية؟ وفقهاؤنا الأجلاء أسسوا قاعدة مفادها أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. وليس جميلا أبدا أن يوافقك المخالف نزولا عند رغبتك وله وجهة نظر مخالفة.
وخريطة الإنسان الذهنية تحددها عدة محددات مثل العلم والثقافة ودرجة الذكاء وزاوية الرؤية والتجارب السابقة واللغة وقاموس المفردات اللغوية ومعانيها في الذهن والقيم والقناعات والمعتقدات والبرمجة السابقة والانتماء. .....وغيرها من المحددات) كلها تعمل على تغيير وتشويه وتشكيل معنى مختلف للواقع.
ومن إيجابيات هذه الفرضية أنها تفتح لك باب تقبل الآخر واحترامه واحترام وجهة نظره وتمد بينك وبينه جسر اتصال حقيقي رغم وجود محل النزاع وموضع الاختلاف.



أفكار ضرورية لإدارة النزاع

1)- الخريطة ليست هي المنطقة تعني: لا يوجد اثنان على أرض الله الواسعة ينظران إلى الواقع نظرة واحدة وعليه فالاختلاف أمر طبيعي جدا والنزاع كخلاف حاد أمر وارد لامحالة.
2)- النزاع في حد ذاته لا ضير منه رغم حدته وإنما الضرر والخطر في تجاهله وعدم تداركه وإهماله وسوء إدارته.
3)- لإدارة مثلى للنزاع انطلق من احتياجات المنازع فهو ما يجعلك تفهمه و يدفعك للبحث عن حل ثالث مرض لكيلكما انطلق من فكرة أنا أربح وأنت تربح.
4)- افترض وجود نية إيجابية عند المنازع (وراء كل سلوك توجد نية إيجابية) وتحسس نيته ومقصده من النزاع فهو ما يساعدك على صياغة حلا مرضيا لطرفي النزاع.
5)- تأكد أنك حينما تحسن فهم المنازع تعطيه فرصة ليفهمك وإذا لم يفهمك المخالف فأنت المسئول عن ذلك لأن العبرة من الاتصال تكمن في النتيجة التي تحصل عليها من الطرف الآخر.
6)- طالما أن الجسم والعقل يؤثر كل منهما على الآخر فكن في وضعية جسمانية مريحة وحالة ذهنية هادئة ومشاعر راضية ولا تذهب لأي نزاع أو حوار وأنت تعب مرهق فإن ذلك سيؤثر سلبا على قدراتك الذهنية.
7)- تذكر أنك تتصل بالآخرين بمستويين من العقل الواعي واللاواعي:
- الواعي: وهو قدرات المنطق والتحليل و الموازنات المصالح والمفاسد وحساب الآثار والنتائج المترتبة على مقدماتها ...وغيرها من قدرات العقل الواعي وهي لا تمثل إلا 10بالمائة من قدرات العقل.
-اللاواعي: وهو يمثل 90بالمائة من قدرات عقلك وخزائن معلوماتك وهنا تكمن أهمية اصطحاب النية الحسنة وسلامة المقصد وحسن الظن بالآخر وحب الخير للجميع لأن كل هذا يظهر في لغة جسدك ويؤثر تأثيرا بليغا في جليسك, وليس المجال للتحدث عن الاستجابات اللاإرادية والدوافع وراء السلوك.
عزيزي القارئ- لقد خضنا أنا وأنت رحلة تغيير قناعاتنا حول النزاع وإعادة بنائنا الذهني فالقناعات هي دائما وراء السلوك والقناعات القوية هي ما يقوي تأثيرك الشخصي في الآخرين ويجعل لك سلطة فردية لا يعطيك إياها منصب مرموق ولا جاه عريض ومركز اجتماعي معتبر ولا شهادة عليا معتبرة إنها القناعات التي تجعلك فنانا في الاتصال, فعالا في إصلاح ذات البين حكيما في إدارة النزاع. وعند هذه النقطة لم يبقى لك إلا أن تسألني عن المهارات الضرورية لإدارة النزاعات أقول لك حاضر يا سيدي على الرأس والعين تابعنا في العدد القادم وسنقدمها لك في غاية القوة والحداثة كما ينبغي لمستواك الراقي ويليق بك كقارئ متميز.

سميرة رعبوب
14/07/2012, 06:24 PM
موضوع جميل جدا ورائع
أرفعه للفائدة ~

صوفيا عبد الله
17/07/2012, 07:46 AM
http://www.muslmah.net/imgpost/11/a0ff7059d447945cc0acd6d5833012f1.jpg