المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أطفالنا واللغات الأجنبية



سهام محمد نعمان
28/08/2009, 05:46 AM
أطفالنا واللغات الأجنبية

في عصرنا الحالي نعيش عقدة اللغة، وخاصة عند الطبقة المثقفة حيث أصبحت الأمهات المتعلمات تفضلن استخدام اللغة الانجليزية مع أطفالهن ، بل ويتعمّدن تعليم أطفالهن المفردات المتداولة بشكل يومي باللغة الإنجليزية، والادهى أنهن أخذن يتجاهلن تماما مسألة تعليم أطفالهن مبادئ وأساسيات اللغة العربية، وكيفية تهجئة الكلمات، وتحليلها ،وتركيبها ،وتكوين الجمل، ومراعاة قواعد النحو والصرف المتعلقة باللغة العربية فمن المفترض أن تكون العربية هي اللغة الأم. ففي كل الأمم تعتمد اللغة الوطنية كلغة رسمية لأنها أولى بالاهتمام والرعاية من غيرها، فهي تعكس ثقافة وهوية الانسان، حتى لاينشىء الطفل يشعر بالضياع ، أما نحن العرب أمة المليار فإن لوثة التحضر الزائفة أقنعتنا بتفاهة ما نمتلكه من بيان وسحر . وآسف لمنظر بعض الأمهات اللاتي يتضايقن عندما يتحدث أطفالهن العربية ويتفاخرن بأن فلذات أكبادهن لايتقنون لغة الآباء والأجداد وكأنهن نبات مهجن حيث الشكل والخلقة عربية أما اللسان فهو إنجليزي فقط، على اعتبار أن هذا الأمر جزءا مهما من "البرستيج" فمن يتحدث العربية لم يرق بعد بمستواه الثقافي ليتحدث باللغة الإنجليزية، حتى أسلوب التنشئة أصبح بعيدا ً عن ثقافتنا وعقيدتنا الذي تعتقد نساؤنا مخطئات ومتوهمات بأنه أسلوب تربية حديثة، ويحتاج هذا الأسلوب الحديث و"الراقي" حسب مزاعمهن إلى التخلص من مواطن الضعف والتخلف والرجعية المتعلقة بالانتماء للهوية العربية والتمسك بمبادئ الدين سواء الإسلامي أو المسيحي والاعتزاز بالأصول والجذور، والالتزام بالأخلاق الفاضلة والتقيد بأعراف المجتمع وعاداته وتقاليده الطيبة والنبيلة، والشعور بالفخر والاعتزاز بالدين واللغة والتراث، ويتناسين أو يجهلن حقا أن هذا الانسلاخ الذي يغذين به أطفالهن سيؤثر سلبا على حياة ومستقبل أبنائنا بل وعلى مستقبل الوطن العربي ككل والذي يمثل الأطفال صلبه وقوامه وعماده المتين ، إن المساس بالتكوين الفكري والأخلاقي لهؤلاء الأطفال سيشوّه معتقداتهم وعواطفهم وسلوكاتهم وسيشتت أفكارهم ووولاءهم واتجاهاتهم؛ لأنهم سينشؤون مفصومين فكريا ونفسيا ومنقسمين ذهنيا ووجدانيا ما بين المجتمع المحلي والبيئة المحيطة والواقع الذي يعيشون بين جنباته وبين محاولات الهروب من والانسلاخ عن هذا المجتمع والواقع وهذه البيئة والحقيقة وهم في الوقت ذاته غير قادرين على التكيف مع واقعهم الحقيقي هذا وغير منسجمين مما ينشأعنه أمراض نفسية وتؤثر على سلوكياتهم حيث الذوبان التام في الشخصيات الأجنبية و قولبتهم داخلها، فالانبهارات السطحية التي لم ترقَ إلى تفكير عميق وواعي بكيفية انتقاء الأنسب والأصلح من الآخر والتحاور معه والأخذ عنه دون أن تعني طمس الشخصية الأصيلة بل وضياع الانتماء للوطن والأهل ووبسبب عقدة النقص وانعدام الثقة فينشأ لدينا جيل مستغرب وممزق وحائر ما بين حقيقة أننا عرب ومحافظون ومتدينون وبين الصورة المزيفة التي نحاول تقمصها والثوب الضيق الذي نحاول أن نحشو الجسد العربي فيه والذي لا يناسب مقاسات وتفاصيل الجسد العربي بتركيبته الفكرية والنفسية والعقائدية والثقافية والاجتماعية ولا حتى الاقتصادية والتاريخية.
أن يتقن أطفالنا اللغة الإنجليزية شيء جميل من حيث أنها لغة دولية وعالمية، حيث العولمة التي تحتم علينا أن نكون ملمين بلغة ثانية وثالثة ولكن بدون المساس بعروبتنا ، وعلينا أن نشجع أطفالنا على معرفة لغة الآخر وثقافته وعلمه،وخاصة في المجال العلمي،
ونتساءل متى سيدرك الآباء معضلة ما يتعرض له أبناؤهم من تشتيت وتغريب وضياع ناجم عن العولمة والغزو الثقافي الذي يرزح مجتمعنا تحت كلاكله فقط؟ إن مرد الازدواجية التي يعيشها الآباء والأمهات ومفاهيمهم الضبابية حول مبادئ الحداثة والتطور والتقدم والرقي، وضياعهم هم أنفسهم بين واقع عاشوه في قراهم وعلى ظهر الجمل وبين وهم زائف يحاولون تلفيقه لهم ورسمه في مخيلة المساكين.
ويأتي أمر غياب رقابة الآباء وتملص الأمهات من مسؤولياتهن تجاه أطفالهن وإلقاء مسؤولية تربيتهن وتنشئتهن على عاتق الخدم والقنوات الفضائية، وجهلهن بدورهن الرئيس في تعليم أطفالهن معاني الانتماء والالتزام،سيدمر تلك الفئة المهمة من المجتمع والي هي ثروة حقيقية سنندم على ضياعها يوم لا ينفع الندم ".

محرز شلبي
17/10/2010, 08:37 AM
أختي سهام ..الغريب في الأمر معظم الأولياء غائبين ، لم تعد تلك الإهتمامات التي كانت رغم أميتهم ونقص الوعي ..بالعكس الآن رغم الوعي والإعلام لكنهم صاروا غير مهتمين بما أشرت إليه..المسألة في حاجة لتدارس وتدارك..تحيتي ومودتي