المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تركستان المسلمة .. القضية المنسية



دكتور عبد الجليل طاش
29/08/2009, 06:35 PM
تركستان المسلمة .. القضية المنسية

إعداد : توختي آخون أركن (باحث تركستانى مقيم فى السعودية)

تركستان الشرقية مع تركستان الغربية تشكل بلاد واحدة تعرف باسم تركستان .. بيد أنها وقعت تحت الاستعمار من الروس والصين اللذين تصارعا لامتلاكها لأكثر من 200 سنة , وهذا الصراع بينهما , واختلاف الاستعمار على طرفيها أدى إلى تقسيمها وتجزئتها , وأصبح كل جزء يعرف باسم تركستان "الشرقية" أو "الصينية" ، وباسم تركستان "الغربية" أو "الروسية" .
وإذا كان الجزء الغربي الذي احتله الروس تدريجيًا منذ عام 1865 قسمه الشيوعيون السوفيات إلى خمس جمهوريات قبلية في عام 1922, وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي استقلت وظهرت الجمهوريات الإسلامية المستقلة التي هي أوزبكستان , وقازاقستان , وقرغزستان , وتركمانستان , وتاجيكستان , في آسيا الوسطى عام 1922 ، أما الجزء الشرقي الذي احتله الصين عام 1876 ؛ فقد قام الشيوعيون الصينيون بتسميته شينجانغ اويغور أوتونوم رايون يعني : (مقاطعة شينجانغ اويغور الذاتية الحكم) .. وشينجانغ أو سكيانغ تعني المستعمرة الجديدة .

دخول الإسلام :
بعد أن فتح بلاد فارس وخراسان قام العرب بإتمام فتح بلاد ما وراء النهر في سنة 94 هـ , ثم اتجه الجيش العربي المسلم تحت قيادة "قتيبة بن مسلم الباهلي" نحو الشرق حتى وصل إلى كاشغر (عاصمة تركستان الشرقية) وفتحها في سنة 95 هـ .. وفي سنة 2332 هـ في العصر العباسي تشرف الخاقان سلطان ستوق بغراخان (مؤسس الدولة القاراخانية) بالدخول في الإسلام , وتبعه أبناؤه وكبار رجال الدولة .. ومنذ ذلك اليوم أصبح الإسلام دينًا رسميًا في تركستان , وتمت ترجمة معاني القرآن الكريم , وأقيمت المساجد بدلاً من المعابد , وتم بناء 300 مسجد في مدينة كاشغر وحدها ؛ وهكذا أنعم الله على تركستان الشرقية وأهلها بنعمة الإيمان والإسلام , وأبلى أبناؤها بلاءً حسنًا في الإسلام ؛ فكان منهم الدعاة في نشر الإسلام , والمجاهدون في الفتوحات الإسلامية , كما ظهر منهم العلماء الأجلاء الذين أثرت كتاباتهم ومؤلفاتهم المكتبة الإسلامية في شتى الفنون , وبرعوا في علومهم , وتركوا للمكتبة الإسلامية ذخيرة غنية من المؤلفات العظيمة , وكان الطلاب المسلمون من مختلف أنحاء العالم الإسلامي يأتون إلى "كاشغر" لدراسة العلوم الإسلامية والإنسانية والعلمية , حتى غدت كاشغر تعرف باسم "بخاري الصغرى" .
ومنذ ذلك الحين وأهل تركستان الشرقية كلهم مسلمون , وبقيت تركستان دولة مستقلة إسلامية حوالي عشرة قرون .. وكانت - ولا تزال - تشكل الامتداد الطبيعي للأمة الإسلامية في آسيا , وهي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي .

2 ـ الموقع :
تقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى , وتحدها من الشمال "منغولينا وروسيا الاتحادية" , ومن الغرب "قازاقستان وقرغزستان وتاجيكستان وأفغانستان" , ومن الجنوب "باكستان وكشمير والتبت" , ومن الشرق "الصين" .
3 ـ المساحة :
تبلغ مساحة تركستان الشرقية 1.828.417 كيلو متر مربع , وهي بذلك تشكل خمس مساحة الصين كلها بما فيها مستعمرات الصين الشعبية مثل التبت ومنغوليا الداخلية ، ومساحة الصحراء فيها 650 ألف كيلو متر مربع , وأما مساحة الغابات فهي 91 ألف كيلو متر مربع .
4 ـ السكان :
من القضايا المثيرة للجدل في تركستان الشرقية هو "عدد السكان فيها" ؛ حيث لم يسبق أن اتفق الجميع حيال تلك القضية ، ولكن طبقًا لآخر الإحصائيات الصينية بموجب إحصاء عام 1990 م - فإن تعداد السكان في تركستان الشرقية من الأصل التركي المسلم 9.23 مليون نسمة ؛ إلا أن هناك جهات مستقلة قدرت تعداد السكان من الأصل التركي المسلم بـ 25 مليون نسمة .
وأما إجمالي سكانها بموجب الإحصاء الرسمي فهو 15.155.778 نسمة .
5 ـ اللغة :
المسلمون التركستانيون يستعملون الأوريغورية والقازاقية والقرغيزية , وهي لهجات محلية تنمي إلى اللغة التركية , ويستعملون في كتابتها الأحرف العربية .. وأما اللغة الرسمية فهي الصينية .
6 ـ الجبال والأنهار والمدن :
سلسلة جبال تنري تاغ تتوجه إلى وسط تركستان الشرقية , وتقسم البلاد إلى قسمين : تركستان الشمالية الشرقية وتركستان وتركستان الجنوبية الشرقية , وتحسب أرض تركستان الشرقية من أبعد الأماكن إلى البحر , ويوجد فيها أربعون نهرًا ، و12 بحيرة , وتضم ثلاثة من أكبر خمسة سلاسل جبلية موجودة في قارة آسيا , ويوجد فيها 16 مدينة كبيرة ، و126 بلدة , وأكثر من ثلاثة آلاف قرية كبيرة ، وأهم مدنها : أورومتشي "العاصمة" وكشغر وياركند وختن وآقسو وكورلا وقمول وطورفان وايلي وآلتاي وآرطوش .
فصول :
تتمتع شعب تركستان بفصول أربعة تدور حسب الأوقات ، الهواء معتدل جدًا ، لا تزيد درجة الحرارة في الصيف على 39 أو 38 على الأكثر ، وفي الشتاء تنزل الثلوج كثيرًا ، وتشتد درجة البرودة بحيث تدفع الإنسان إلى الاكتساء بلباس كثيف وإيجاد مدفأة تدفأ بالفحم ، أما الربيع والخريف فالهواء معتدل تمامًا .
7 ـ نبذة تاريخية :
قام المانشور (وهم حكام الصين) بغزو تركستان الشرقية في عام 1759 م , وراح ضحية المعارك الحربية التي أدت إلى تحكيم سيطرتهم عليها أكثر من مليون نسمة .. وقد شهدت فترة السيطرة الصينية التي تلت الغزو العسكري 42 ثورة وطنية عارمة .. وفي عام 1863 نجح الشعب التركستاني في طرد الغزاة المانشوريين والصينيين وتشكيل دولة وطنية مستقلة برئاسة بدولت يعقوب بك .. دامت 16 عامًا ..
ولكن تخوف البريطانيين من التوسع الروسي القيصري في آسيا الوسطى , وخاصة بعد أن احتل الجزء الشمالي من تركستان الشرقية ؛ فقاموا بمساعدة الصينيين لاحتلال تركستان الشرقية حيث دخلتها القوات الصينية بقيادة الجنرال زو زونغ تانغ عام 1878 م .. وعلى إثر ذلك ألغت الصين الحكم العسكري لتركستان الشرقية وألحقتها مقاطعة إلى الصين وسمتها باسم سينكيانغ أو شينجانغ Xinjing في نوفمبر 1884 .
وقد استمرت الثورات الوطنية ضد الحكم الصيني , وأحرز المسلمون التركستانيون نجاحًا باهرًا بتشكيل الحكومة الوطنية الأولى التي كانت في كاشغر عام 1933 , والثانية في غولجة عام 1944 ؛ ولكن الاتحاد السوفيتي الذي لم يشأ أن يرى دولة إسلامية مستقلة بجوار مستعمراته في آسيا الوسطى - قدم المساعدات الحربية إلى الصين لمحاربة المسلمين وإنهاء دولتهم الفتية .
وعندما سقطت حكومة الصين الوطنية (الكومنتانغ) التي يرأسها الجنرال "شيانغكاي شيك" في أيدي الشيوعيين الصينيين الذين يتزعمهم "ماو تسي تونغ" ؛ سقطت أيضًا تركستان في أيدي الشيوعيين الذين دخلوها عام 1949 .. ومع أن القوات الصينية التي كانت ترابط في تركستان الشرقية استسلمت سلميًا إلى الشيوعيين ، وأما الشعب التركستاني المسلم , فقاوم النظام الشيوعي , ولا يزال يقاومه حتى الآن .

8 ـ حكم الصين الشيوعي :
بدأ الشيوعيون حكمهم بمجازر دموية فظيعة كان هدفها طمس المعالم والهوية الإسلامية , وفرض النظام الشيوعي والإلحادي على المسلمين بالقوة من خلال تشكيل 450 كوميونة , وألغيت الملكية الخاصة , وصودرت كل ثروات المسلمين بما في ذلك حلي النساء ، ومنع المسلمون من إعداد الطعام في منازلهم , وفرضت عليهم المطاعم الجماعية , وفرق بين الأزواج , ولم يسمح لهم باللقاء إلا بضع ساعات كل أسبوعين , وكانت المرأة الحامل تمنح إجازة ولادة لمدة ثلاثة أيام فقط .
ثم اتجه حقدهم للإسلام حيث اعتبر الدين أفيون الشعب ، وطبقت الحكومة الشيوعية الخطوات التالية :
1 ـ منع ممارسة الشعائر الدينية ومعاقبة كل من يقوم بها بالعقاب الصارم بموجب القوانين الجنائية .
2 ـ منع تعليم الدين الإسلامي , وفرض تدريس الإلحاد في المدارس والنوادي والتجمعات .
3 ـ مصادرة المصاحف والكتب الإسلامية ، وقد بلغ ما جمع منها 730 ألف كتاب مطبوع ومخطوط ، وإجبار رجال الدين والعلماء على امتهانها وإحراقها في الميادين العامة .
4 ـ نشر الكتب والمطبوعات المعادية للإسلام ورفع الشعارات والملصقات التي تسيء إلى الإسلام وأحكامه وتعاليمه ، مثل : الإسلام ضد العلم ـ الإسلام اختراع أغنياء العرب ـ الإسلام في خدمة الاستعمار .. وهكذا .
5 ـ اعتقال العلماء ورجال الدين واحتقارهم وفرض أعمال السخرية عليهم , وقتل من يرفض التعاون معهم ويرضى بإلحادهم وانتهاكاتهم .
6 ـ إجبار النساء على خلع الحجاب , وإلغاء العمل بالأحكام الشرعية في الزواج والطلاق والمواريث , وفرض الاختلاط , وتشجيع الزواج بين المسلمين والمسلمات وغيرهم ؛ بغية تخريب العلاقات الأسرية الإسلامية .
7 ـ إغلاق أكثر من 28 ألف مسجد , وإغلاق 18 ألف مدرسة دينية , وفوق ذلك استخدمت المباني الإسلامية بمختلف أنواعها وفي مقدمتها المساجد والمدارس في أعمال تتنافى مع قيم الإسلام , وحولت إلى حانات ومخازن .
8 ـ مصادرة أموال الناشطين في العمل الإسلامي بأي مجال كان , سواء كان بالتعليم والتدريس والتأليف والترجمة ، وهدم بيوتهم ونفيهم من منطقة سكنية إلى الصحراء بعيدًا عن الناس وعن الجماعة .
علاوة على ذلك عملت على فرض النظام الجاسوسي على أفراد الشعب كله , ووضعت الناس تحت المراقبة الصارمة ، حتى الأسرة أصبح أفرادها يتجسسون على بعضهم ؛ فالابن جاسوس على والديه , والأب جاسوس على ابنه , وهكذا .. حتى فقدت الثقة والأمن والأمان , وأصبح الاعتقال والسجن يتربص كل فرد بسبب إشاعة قد يطلقها أحد العملاء ضد الأبرياء , حتى أحجم الناس عن إلقاء السلام والتحية والتزاور واللقاء في مناسبات الفرح والأحزان والمواساة .
كما فرض الشيوعيون العزلة على تركستان الشرقية ؛ حيث منع المسلمون من السفر إلى خارج بلادهم , كما منع دخول الأجانب إليها ، ولم يسلم المسلمون الذين لهم أقارب خارج تركستان الشرقية من ظلمهم وعذابهم بتهمة أنهم جواسيس ولهم ارتباط بالخارج .
ولم يسلم الشيوعيون جثث القادة ورجال الدين الذين أعدمتهم إلى ذويهم لإقامة مراسم الجنازة والدفن ، وإنما قطعت جثثهم وعرضوها في الشوارع لإرهاب المسلمين وتخويفهم .
وقد ضاق المسلمون ذرعًا بهذه المظالم الوحشية والاضطهاد ؛ فهب التركستانيون يدافعون عن دينهم وحقوقهم المشروعة , وقد بلغ عدد الشهداء حوالي 360 ألف مسلم , وفي مدينة كاشغر كان 75 ألف , في 19 معسكر للأشغال الشاقة , والمهاجرون معهم 200 ألف لاجئ.
ومع هذه الأعداد الكبيرة في التضحيات , وفداحة ما يعانيه الشعب التركستاني في سبيل الذود عن دينه , واستمراره في التضحية والفداء بالرغم من شراسة الاستعمار الصيني في معاملة مع المسلمين في قمع انتفاضاتهم وحركاتهم من أجل الحرية والاستقلال , كما تتناقله وكالات الأنباء العالمية ؛ إلا أن العالم الإسلامي يصم أذنيه إلى الاستجابة لاستغاثاتهم .

9 ـ مرحلة ما بعد ماوتسي تونغ (ماوزيدونغ) :
بدأت الفترة الحالية بعد أن مات ماوتسي تونغ عام 1978 حيث نجح الصينيون الشيوعيون على تثبيت أقدامهم في تركستان الشرقية , وذلك بعد أن تم القضاء على الزعماء الوطنيين ورجال الدين الأحرار , وتم تطبيق سياسة "التصيين" الإداري والتعليمي والثقافي من أساليب البطش والتنكيل .
وبعد أن اطمئن الشيوعيون الصينيون إلى سيطرتهم على مقاليد الأمور والسلطة في تركستان الشرقية ؛ بدأ الحكم الشيوعي في تطبيق سياسة الإرهاب المكشوف في تحقيق أهدافها الإلحادية والاستعمارية , وقد أعلن عنها صراحة في وكالة الأنباء الصينية التي ذكرت أن حكومة الصين الشعبية تقوم حاليًا بتنفيذ إجراءات جهيدة , وإعداد برامج مدروسة عديدة لتحويل تركستان الشرقية إلى مقاطعة صينية خالصة , وطمس المعالم الوطنية والإسلامية لتركستان الشرقية .. ومن أبرز هذه الممارسات الجائرة ما يلي :
أولاً : محاربة الانتماء الديني لشعب تركستان المسلم , وذلك بالتضييق على أفراد المجتمع في ممارسة شعائرهم الدينية , ومنع التعليم الديني عن أبنائهم لقطع صلة الأجيال الجديدة بتراثهم وهويتهم الإسلامية .
فمثلاً في يوم 5 أبريل 1990 في قرية "بارين" في منطقة "أقتو - في جنوب كاشغر" أراد المسلمون بناء مسجد لهم ؛ فاعترضتهم السلطات الشيوعية , واشتبكت مع المسلمين , وأطلقت عليهم الرصاص , ثم قصفت القرية بالمدافع والطائرات , وألقت القنابل اليدوية على بيوت الفلاحين , وأجبر الشيوخ والنساء والأطفال على الخروج , فمن لم تقتله القنابل قتله الجنود الصينيون بالرصاص , وفي هذه القرية الصغيرة بلغ عدد القتلى بضع مئات , واعتقل أكثر من ألف شخص , ولا يزال بعض من ألقي القبض عليهم في السجون حتى اليوم , وحيث إن أخبار هذه الواقعة تسربت إلى وكالات الأنباء العالمية ؛ فاضطرت الحكومة الصينية للاعتراف بهذه الحادثة ، وقامت بدعوى التمويه تذيع أن عدد قتلى المسلمين ستون شخصًا , وقد ألقى سونغ هان ليانغ رئيس الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة تركستان الشرقية (شنجانغ) تقريرًا عن "حادثة بارين" في اجتماع اللجنة المركزية له في 21 أبريل 1990 تضمن أن السلطات الصينية ستطبق إجراءات صارمة ضد تتالي النشاط الإسلام منها :
أ ـ إجبار جميع رجال الدين على حمل تصاريح رسمية تمنح لهم على ضوء تقارير الجهات الأمنية التي تؤكد تعاونهم ومؤازرتهم لرجال السلطات الصينية والحزب الشيوعي , وتجدد لهم سنويًا حسب التقارير التي ترفع عنهم .
ب ـ إرسال الأئمة ورجال الدين إلى معسكرات العمل لإعادة تأهيلهم وفق المبادئ الشيوعية وتعاليم السلطات الصينية في التعامل مع شئون المسلمين الدينية والاجتماعية .
جـ ـ استدعاء رجال الدين إلى المراكز الأمنية والمباحثات , وإجبارهم على توقيع تعهدات بالامتناع عن تعليم أبناء المسلمين أحكام دينهم الحنيف , وتعليم قراءة القرآن الكريم في المساجد أو المنازل .
د ـ الاكتفاء بالمساجد القائمة وترميمها بحجة أنها كثيرة , وحظر استخدام مكبرات الصوت بدعوى أنها تسبب إزعاجًا لسكان الأحياء , مع قصر استعمالها في المدن الرئيسية التي يتردد إليها السياح الأجانب , وأن يكون استخدامها لصلاة العيدين وصلاة الجمعة فقط , وقد أدت هذه الإجراءات إلى إيقاف بناء 253 مسجدًا وإغلاق خمسين مدرسة في "كاشغر" فقط .
كما ذكرت جريدة شينجانغ الرسمية بعددها الصادرة في 18 نوفمبر 1991 خبر تطهير الحزب الشيوعي من 25 ألف من رجال الدين ممن ليس لهم ولاء له , وأشارت أيضًا في عددها الصادر بتاريخ 16 مارس 1992 أن السلطات الشيوعية اعتقلت 6400 شخصًا منهم 182 متهم بالرجعية , وأنه سبق أن أعدم من هؤلاء 49 شخصًا في عام 1991 .
"حادثة غولجا"
مما ينبغي أن يذكر في هذا المقام حادثة "غولجا" التي أحدثت هزة كبيرة داخل الصين خاصة داخل تركستان عام 1997 .
وضمن الإجراءات التي تمارسها السلطات الصينية الشيوعية لمحاربة الإسلام فقط ؛ وقع "لي بنغ" رئيس وزراء الصيني في 3 يناير 1994 قرارين بخصوص حظر النشاط الديني , وأهم نقاطه كالآتي :
القرار رقم 145 : يغلق جميع أماكن العبادة السرية والنشاط الديني السري التي انتشرت في الصين خلال السنوات الأخيرة , ويتم مراقبة جميع النشاطات الدينية .
القرار رقم 144 : الأجانب لا يصرح لهم بإنشاء معابد أو مؤسسات أو هيئات دينية يتحكمون من خلالها على النشاطات الدينية أو المراكز الثقافية أو المدارس الدينية ، كما يمنع الأجانب من الاتصال برجال الدين المحليين وتعيينهم أو توجيه نشاطهم .. يمكن أن نرى ذلك في الصفقة الآتية : صدر قرار من الحزب الشيوعي في تركستان أن الشباب دون العشرين يمنع دخولهم إلى أداء الصلاة في المساجد ، كذا وضعوا في باب المسجد (يوم الجمعة) عساكر يفتشون بطاقة الشخصية , هل هم وصلوا إلى سن العشرين أم لا ؟ فإن لم يصلوا لا يسمح لهم بالدخول إلى المسجد .
وعلقوا لوحة بعنوان .. ممنوع دخول المساجد للشباب دون العشرين ، على أبواب المساجد .
ثانيًا : منع أفراد الشعب التركستاني من ممارسة حقوقهم الإنسانية المشروعة كالتعليم وحرية التعبير والانتقال , إلى جانب الاعتداء البدني عليهم بالمطاردة والاعتقال ؛ بل والقتل , كما أثبتت ذلك منظمة العفو الدولية .
ولم يكن التعليم الإسلامي فقط الذي لا يسمح له بالانتشار بين مسلمي تركستان الشرقية ؛ فالتعليم الفني لم يكن أفضل منه , وبرهان ذلك ما أوردته مجلة "النشرة الاقتصادية للشرق الأقصى" التي تصدر في هونج كونج قد أشارت في عددها الصادرة بتاريخ 29/1/1985 بأن نسبة المسلمين الأتراك تصل إلى 60 % في تركستان الشرقية , ولكن نسبتهم في المدارس الابتدائية 52.9 % , وفي المدارس الثانوية 31.5 % من إجمالي الطلاب , وأما الجامعات والمعاهد العلمية فلا يدخلها إلا 10 % من طلاب المسلمين خريجي الثانوية العامة , ولا يزيد نسبتهم فيها عن 40 % , ولا يزيد نسبة الأساتذة الجامعيين التركستانيين عن 26 % من جملة أساتذة الجامعات في تركستان الشرقية ، وهذا ما أدى إلى انخفاض نسبة المتعلمين إلى 94 شخص في كل ألف شخص .. كما أن جميع الكتب التي تدرس في المعاهد العليا والفنية فهي باللغة الصينية .. هذا ويعاني خريجو المدارس المحلية صعوبات أثناء تأدية اختبارات المعاهد التعليمية ؛ ذلك لأن أسئلة الامتحانات هي باللغة الصينية , ودراستهم في المدارس المحلية باللغة التركية .. كانت كلية الآداب في جامعات تركستانية باللغة القومية ؛ فصدر قرار في مايو عام 2002 بإلغاء اللغة القومية في الجامعات , وإجبار اللغة الصينية في كل المواد الدراسية إلا مادة الأدب فقط .
وقد بادر العديد من آباء المسلمين بإرسال أبنائهم إلى مدارس اللغات الصينية ؛ حيث يمكنهم فيما بعد تخرجهم منها دخول المعاهد العليا دون مواجهة مشاكل لغوية .. ومع ذلك فإن الطلاب المسلمين الأتراك بعد تخرجهم من المعاهد العليا , يواجهون صعوبات في التحدث بصورة صحيحة بلغتهم الأم .. فهم يلجئون إلى استخدام الكلمات الصينية في حديثهم .. كما أنهم ينسون عاداتهم وتقاليدهم ويسلكون المسلك الصيني , مما يسبب ردة فعل سلبية بين أبناء جلدتهم , وخاصة إذا علم أن المدرسين الصينيين هم الذين يدرسون التاريخ والعلوم الاجتماعية , وهي مواد مقتبسة من الكتب الصينية , وحسب المفاهيم الصينية .
كما أن مستوى المدارس التي تستخدم اللغة الصينية هي أفضل من حيث التجهيز , من وضع المدارس التي تستخدم اللغة المحلية ؛ فوضع المدارس المحلية نموذج للإهمال المتعمد .. واللغات الأجنبية مثل الإنجليزية واليابانية لا تدرس إلا في المدارس الصينية فقط , وأما المحلية فإنها لا تملك حتى قيمة مدفأة لوضعها في الفصل الدراسي أثناء فصل الشتاء .
وتؤخذ - مثال ذلك - من جريدة شنجيانغ الرسمية التي صدرت في أورومجي بتاريخ 3/6/1993 التي كتبت عن مدرسة قاراسو الإبتدائية التي تأسست في عام 1936 في بلدة كوناس تقول : بأن المباني قد تخربت بمرور الزمن ثم انهارت بسبب الزلزال الذي حدث في 12/3/1992 ولم تؤمن الحكومة الصينية المبالغ اللازمة لترميم المباني المدرسية بالرغم أنها بنت مدارس جديدة لطلابها الصينيين في عام 1980 , وهذا أدى إلى أن يترك المدرسة المذكورة 186 طالبًا مسلمًا , كما لم تتمكن المدرسة من قبول أطفال المسلمين الجدد لعام 1993" . فضلاً عن ذلك ؛ ألغت الحكومة مجانية التعليم ؛ ففرضت "التكليفة" لكل المراحل الدراسية من الابتدائية حتى الجامعة . ويثبت هذا القرار عدم استطاعة الأطفال والشباب الالتحاق إلى المدرسة من ارتفاع التكليفة .
وفي كل عام ينتقل مئات من الطلاب المسلمين الأتراك بين مختلف المدن الرئيسية في داخل تركستان الشرقية أملاً في الالتحاق في إحدى المعاهد العليا .. وعلى الرغم من أن معظم هؤلاء الطلاب ممن يعانون شدة الفاقة والفقر , ولا يجدون بيوت الطلاب التي عادة تكون لسكن الطلاب الفقراء , ولا يستطيعون دفع إيجار غرف سكن لهم , كما لا يلقون دعمًا من الحكومة الصينية لرفع مستوى التعليم ؛ وقد نتج عن ذلك أن 97 % من الطلبة الأتراك الحاصلين على الثانوية , لا يستطيعون إكمال دراستهم الجامعية .. وبعد كل تلك الصعاب إذا تمكن البعض من إكمال تعليمه بعد جهد جهيد فلا يجد عملاً يتناسب مع مؤهلاته , ومصير الأغلب هو ممارسة الحرف اليدوية والمهن .
المهاجرون الصينيون هم الأغلبية في الجماعات والمعاهد ، مثال ذلك أن مجلة "الحضارة" التي تصدر باللغة الإيغورية - قد أصبح بعد عام 2000 سبعون في المائة من محرريها من الصينيين , رغم أن المجلة تصدر باللغة القومية , وتسعون في المائة من كتابها مسلمون أتراك .. وهم رؤساء الهيئات العلمسية والتقنية ومؤسسات التخطيط والإنتاج والاستثمار في تركستان الشرقية ؛ بل هم أساتذة التاريخ التركساني والإسلامي واللغة التركستانية .. وسياستهم هي استبعاد المسلمين التركستانيين من مواقع المسئولية والقيادة , وتضييق فرص التعليم عليهم داخليًا وخارجيًا .. وفي الوقت الذي يوجد حوالي خمسين ألف طالب صيني في أمريكا وأوروبا , لا يوجد بينهم مائة طالب تركستاني مسلم . وفوق ذلك تمنع الحكومة الصينية الطلاب التركستانيين من السفر إلى خارج البلاد بقصد التعليم الإسلامي أو غير الإسلامي , والطلاب الذين يدرسون حاليًا في الخارج قد جاءوا لزيارة أقاربهم أو لأهداف أخرى غير التعليم .. أو التحقوا إلى الجامعات في الخارج على مصارفهم الخاصة , حتى تحصل لهم المنحة في الجامعة .
ثالثًا :
مصادرة ثروات تركستان الشرقية وحرمان أهلها الأصليين من خيرات بلادهم , وفرض حياة العوز والفقر عليهم وإهمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهم .
وعلى الرغم من كثرة وتنوع الثروات الطبيعة التي تكتنزها أراضي تركستان الشرقية , والتي يستغلها الصينيون ؛ إلا أن الشعب التركستاني المسلم يعيش فيها في مستوى سيئ جدًا .. إذ يعيش أكثر من 80 % منهم فيما دون مستوى الفقر , وحيث يبلغ دخل الفرد السنوي 50 دولارًا ، كما أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يسمح للشعب التركي المسلم بالعمل في التجارة ؛ إنما وضع بهدف إبعاد أبناء تركستان الشرقية عن شغل الوظائف القيادية والإدارية والتخطيط , وحتى فرص الأعمال الإنتاجية والعمالة فهي من نصيب الصينيين .. فمثلاً في العاصمة أورومجي يوجد 200 ألف عامل فني منهم 10 % مسلمون فقط ، أما في مصنع الجرارات قرب أورمجي الذي يعمل فيه 2100 عامل منهم 13 عامل مسلم .. وهذا ما يؤكد احتكار الصينيين حتى لوظائف العمالة المهنية في تركستان الشرقية , ويفسر عدم وجود بطالة بينهم , بينما تنتشر البطالة بين المسلمين بصورة كبيرة في تركستان الشرقية .
في شهر نوفمبر 1988 عينت السلطات الصينية مديرًا صينيًا لمصنع نسيج الحرير في مدينة خوتن ، وبدأ هذا المدير الصيني عمله بفصل 400 عامل مسلم من المصنع وإحلال عمال صينيين مكانهم ، مع أن العمال المسلمين يعملون في المصنع المذكور منذ سنوات طويلة , وقام العمال المسلمون مع عوائلهم بمسيرة احتجاج , ورفع ممثلوهم شكوى إلى الحاكم المحلي الذي يعود إلى أصل تركستاني مسلم , وتحدث مساعد الحاكم مع نائب رئيس الحكومة الشعبية الإقليمية الذي أجابه بقوله : لقد خولنا مدير المصانع بالسلطة في فصل وتعيين من يرغبون ، ولا يمكننا عمل أي شيء حيال ذلك .. وهكذا بدل من إيجاد فرص لآلاف الشباب التركستاني المسلم ؛ فالحكومة الصينية تمارس القوة والإكراه على تسريح العمال المسلمين من أعمالهم .
ويقول أحد المسئولين الصينيين : أصبح مسلمو تركستان الشرقية كمن يتسول وبيده وعاء من ذهب .. وتركستان الشرقية غنية بكل شيء , ولكن السلطات الصينية تستخرج كل شيء , وتنهب الخيرات إلى داخل الصين الشعبية .
ومساحة الأراضي التي تحتوي على البترول والغاز الطبيعي تبلغ 740 ألف كيلو متر مربعًا ؛ أي ما يعادل مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعة ، أما مخزون "الملح الصخري" فيقدر بما يكفي استهلاك العالم كله لمدة ألف عام , واكتشف الذهب واستخرج من 56 من منطقة "ألتاي" فقط من أصل 70 .. وتبلغ مساحة مناجم الفحم 88 ألف كيلو متر مربعًا , وتشتهر مدينة خوتن في الصين كلها باليشم , وهي الأحجار الكريمة .
ومع أن السلطات الشيوعية تدعي أن مستوى معيشة الفلاحين قد ارتفع منذ تطبيق قانون تأجير الأراضي ؛ إلا أن الواقع - كما يقول الفلاحون - لم ينجم عن نظام تأجير الأرض سوى زيادة البؤس والشقاء لمئات الآلاف من الفلاحين , وخاصة أن الفلاحين يمثلون 85 % من أبناء تركستان الشرقية .. فالضرائب التي فرضت عليهم بحجة التأجير والاستثمار الخاص , أجبرت آلاف الفلاحين على إعادة الأراضي المستأجرة لعدم قدرتهم على السداد .
ومن المشاكل التي يواجهها المزارعون المسلمون هو أنهم يجبرون على العمل في المزارع الحكومية لفترات قد تصل أحيانًا إلى ستة أشهر بدون عائد مالي , ولا يمكنون من العمل في الأراضي التي استأجروها , مع العلم بأن كل مواطني تركستان يجبرون بحكم قانون الحزب الشيوعي على العمل لمدة 45 يومًا في السنة بدون راتب .
رابعًا :
الحكم الذاتي في تركستان الشرقية هو صوري لا يمثل إرادة الشعب الذي لا يتمتع بسلطة وطنية ؛ بل يديره الصينيون وينفذه الموظفون التركستانيون بالإكراه .
في الوقت الذي يقال إن تركستان الشرقية "إقليم ذو استقلال ذاتي" , كما يوحي اسمها الذي أطلقه الصينيون "مقاطعة شينجانغ أويغور الذاتية الحكم" , ولكن الحقيقة أن الشعب التركستاني لا يتمتع بأي قدر من الاستقلال الذاتي . فالحكم ودفته يتولاه سونغ هان ليانغ رئيس المكتب السياسي للجنة الحزب الشيوعي الصيني , ويشغل الصينيون معه مراكز القيادية والسيادة , ولا يشغل التركستانيون وهم أصحاب البلاد إلا 10 % من الوظائف الإدارية .
والمساواة التي يتشدق بها الصينيون مفقودة , والتركستانيون هم في الدرجة الثالثة من المواطنة ؛ بل هم محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية ؛ فمثلاً إذا تخاصم صيني مع تركستاني فإن العقاب عادة ينزل بالتركستاني , وإذا كان رئيس الشرطة أو رئيس المحكمة من التركستانيين فإنهم يتجنبون إنزال العقوبة في الصيني , حتى لا يؤخذون بتهمة التطرف والتعصب القومي .
وإذا حدث أن رئيس مجلس الإدارة , أو رئيس قسم , أو مدير إدارة .. وهو تركستاني .. اتخذ قراراً لصالح أبناء جلدته ولم يكن ذلك القرار يفيد الصينيين ؛ فإن ذلك المسؤول التركستاني يبعد من منصبه , وقد يبعث إلى بكين لمزيد من التأهيل لإنقاذ السياسة الصينية.
خامسًا :
إغراق تركستان الشرقية بالمهاجرين الصينيين وإحلالهم في أماكن عمل وسكن وأملاك أهل البلاد التركستانيين المسلمين , مما أدى إلى انتشار البطالة بينهم , وتقلصت فرص التعليم والتداوي , وتعرض المسلمون لمشاكل اجتماعية بسبب اختلاف دينهم وعاداتهم وتقاليدهم .
ومع أن المسلمين التركستانيين يعرفون أن عدد المهاجرين الصينيين يزيد الآن عن عشرين مليون نسمة ؛ إلا أن السلطات الرسمية تخفي حقيقة الأمر , وتقول إنهم ستة ملايين نسمة , وهم أيضًا بهذا يشكلون نسبة 42 % من جملة عدد السكان 15.155.778 نسمة , حسب الإحصاء الرسمي لعام 1990 .
وكان هو ياوبانغ "سكرتير عام الحزب الشيوعي الصيني الأسبق , قد صرح بأن منطقة تركستان تستوعب 200 مليون مستوطناً صينياً بكل سهولة .. وفي الوقت الذي تدعي الأجهزة الصينية بأنها ترسل الخبراء والفنيين الصينيين للمساهمة في تحديث اقتصاد تركستان الشرقية ، إنما هي في الواقع ترسل المجرمين والقتلة ؛ فالمجرمون الذين يدانون بالمؤبد والأشغال الشاقة في أنحاء الصين , إنما يرسلون لقضاء عقوبتهم في تركستان الشرقية (حاليًا 19 معسكرًا للأعمال الشاقة تشرف عليها مباشرة وزارة الأمن العام المركزية في الصين) والمسجون الذي ينهي فترة عقوبته لا يسمح له بالعودة إلى بلده في الصين ؛ بل يجبر على الاستيطان ويلحق إليه عائلته , ويوجه إلى العمل في زراعة الأراضي التي تغتصب من المسلمين الأتراك .
ويقدر عدد المجرمين الصينيين الذين تم توطينهم في تركستان الشرقية قرابة مليون شخص ، وقد أدى توطين هؤلاء المجرمين الصينيين إلى ارتفاع نسبة الجريمة في تركستان الشرقية بصورة حادة .. فقد ذكرت التقارير الرسمية عن ازدياد الاعتداءات الصينية على المسلمين الأتراك , بما في ذلك السرقة والاغتصاب والخطف والقتل .. ومن لم يصدق هذه السياسة الصينية ليقرأ كتاب "النفي في الصين في عهد المانشور .. العقوبة إلى تركستان الشرقية" وهو بحث علمي قدمته "جوانا والي كوهين" لنيل درجة الدكتوراة إلى جامعة يال تم طبعه عام 1991 .
Joanna Waley – Cohen : Exile in Mid Qing
China : Panishment to Xinjiang, New Haven
Yale University Press 1991 . XV + 267 P.

سادسًا :
القيام بتنفيذ التفجيرات النووية في الأراضي التركستانية , مما نتج عنه تلوث البيئة بالسموم , ونشر الأمراض الخطيرة بين أفراد الشعب التركستاني المسلم .
بالرغم من الموقف الدولي لإيقاف التفجيرات النووية والنداءات الدولية والشعبية ؛ فإن الصين تصر على تنفيذ تجاربها النووية , وقد بلغت قوة تفجيرها الأخيرة ما بين 10 ـ 40 كيلو طن من مادة تي . إن . تي , في موقع التجارب النووية "لوب نور" في تركستان الشرقية في يوم الجمعة 10/6/1994 .
فمنذ عام 1964 أجرت بكين 35 تجربة نووية في أراضي تركستان الشرقية دون اتخاذ أي تدبير من شأنها حماية المدنيين من أخطار التلوث النووي ، وقد أثرت هذه التجارب تأثيراً سيئًا على المحاصيل الزراعية وعلى الإنجاب , وفي عام 1990 مات أكثر من 800 تركستاني مسلم بأمراض غير معروفة .. وفي التقرير السري لرئيس حكومة مقاطعة شنجانغ في أوائل عام 1988 أكد ولادة عشرين ألف طفل مشوه . وفي نفس العام 1988 نسبت منظمة الصحة العالمية في تقريرها موت 3961 شخص مصاب بمرض مجهول في منطقة خوتن فقط .. كما وردت التقارير عن تزايد حالات الإصابة بسرطان الرئة وسرطان الجلد وسرطان الكبد وغير ذلك من الأمراض الخطيرة , فمثال ذلك : عدد الشباب المصابين بشلل الأطراف بلغ أكثر من 5000 شخص في كاشغر فقط فيما بين يوليو 1990 ، ومن المعروف أن إهمال الحكومة الصينية بالأمور الصحية له أمر مقصود لاستئصال الوجود الإسلامي .
سابعًا : إجبار أفراد الشعب التركستاني المسلم على تنفيذ سياسة تحديد النسل وممارسة أقصى العقوبات للمخالفين لهذه السياسة التي تهدف إلى خلخلة التركيب الديمغرافي للسكان الأصليين لتركستان الشرقية .
تعترف حكومة الصين الشعبية بقلة الكثافة السكانية في تركستان الشرقة , وتعمل على نقل ملايين الصينيين من داخل الصين إليها , وسياستها تجري على تطوين مائتي مليون صيني فيها خلال الأعوام القادمة .. والمسلمون كلهم - حسب الإحصاء الرسمي وغير الرسمي - لا يزيد عددهم عن عشرين مليون نسمة , ومع ذلك فالحكم الصيني الشيوعي يستخدم كافة الإجراءات الوحشية التي لا مثيل لها في تاريخ الإنسان لمحاربة تزايد عدد المسلمين التركستانيين .. وإليكم التوضيح :
في عام 1991 قدرت الإحصائية الحكومية بأن عدد سكان بلدة "ينكى" حصار حوالي مائتي ألف نسمة , وأن عدد النساء اللاتي بلغن سن الحمل 35 ألف امرأة ؛ فقامت السلطات الحكومية الشيوعية بإجبار النساء على ما يلي :
9360 امرأة استخدمن اللولب .
4200 امرأة ربط مبايضهن .
9530 امرأة أسقط جنينهن .
7420 امرأة أعطين حقن منع الحمل .
1070 امرأة توفين بسبب الإجهاض الإجباري .
1493 امرأة خضعن لتجارب منع الحمل .
والنتيجة أن من تم السماح لهن من النساء بالحمل هو أقل من ألفين , ومن حرم منهن من الحمل أكثر من 33 ألف امرأة , وتفيد التعليمات الحكومية بأن المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 180 ألف نسمة , لا يسمح بتزايد سكانها عن أربعة آلاف نسمة في السنة . وبشرط ألا يزيد عدد السكان الكلي عن 190 ألف نسمة خلال 3 سنوات .
وفي عام 1992 بلغ عدد الرجال والنساء الذين فرض عليهم عمليات منع الحمل 27900 شخصاً , وتم إسقاط جنين 7100 امرأة في ولاية خوتن .. وقد أدت هذه الإجراءات إلى انخفاض عدد المواليد إلى 19700 مولود , أي بنقص 11739 مولود عن عام 1991 .
أما الأسرة التي تتهرب عن الالتزام بنظام تحديد النسل فتتعرض إلى العقوبات التي نصت عليها المادة 44 من نظام تحديد النسل الذي وقعه رئيس المقاطعة (تركستان الشرقية) في 7 أبريل 1992 وهي كالآتي :
1 ـ موظف الدولة غرامة مالية من 300 إلى 10000 يوان سنويًا .
2 ـ الموظف المدني يدفع غرامة مالية من 10000 إلى 20000 يوان سنويًا .
3 ـ المزارع والراعي يدفع ما يساوي مدخوله في العام الماضي , وقد يضاعف إلى عشر أمثاله .
أما شواهد المآسي الشخصية التي يرويها الأفراد عن معاناتهم الذاتية , فتوضح مدى الوحشية التي يعانيها الإنسان ما يمارس ضده من ظلم لا مثيل له كالآتي :
1 ـ يفيد أحد الأطباء العاملين في مستشفى "كرم باغ" في مدينة كاشغر , بأن أكثر من عشرة ولادات تتم في المستشفى المذكور يوميًا , ويتم فيها قتل الجنين بعد ولادته مباشرة بضربه أو خنقه , وتحقن الأم بحقنة منع الحمل بدون إشعارها بذلك , ولا تتمكن من رؤية مولودها لأنهم يفيدونها بأن الجنين ولد ميتًا ، ثم تشحن هذه الأجنة إلى معامل في بكين وشنغهاي .
2 ـ في 14/2/1993 وفي القرية رقم 6 من بلدة "قوما" وضعت السيدة "دولت خان" مولودها الرابع , وباعت كل ممتلكاتها لدفع الغرامة المالية حتى تحتفظ بالطفل , ولكنها في اليوم السادس أجبرت على إجراء عملية ربط المبيض , ثم ماتت بعد ذلك بثلاثة أيام .
ثامنًا :
ومن وسائل التذويب التي يتبعها الصينيون في تركستان الشرقية منذ سنين طويلة , تشجيع الزواج بين التركستانيين والصينيين , ويكافأ كل تركستاني يتزوج من صينية بمبلغ يعادل أربعمائة دولار يدفع له فور إبرازه قسيمة الزواج .. ويعتبر هذا المبلغ كبير إذا قيس بالراتب الذي يتقاضاه الموظف هناك .. وحسب ذكر وكالة الاستعلامات الخارجية فإن الشباب التركستاني العامل في القرى النائية إذا تزوج بالصينية ؛ يحصل على عمل براتب مغري في المدن .. في حين يمنع الصيني العامل في القرية من مجرد القيام بقصد الإقامة في تلك المدن . أما الشاب التركستاني المتزوج بالصينية فإنه يكافأ بألف دولار إضافة إلى عمل جديد في المدينة ، والمولود من هذين الزوجين يحظى برعاية الحزب الشيوعي و ويسجل في النفوس على أنه من الجنس الصيني , وتقول الوكالة في نشرتها بأن التركستانيين يقاطعون كل من يتزوج بصينية من بين أبناء جلدتهم ، ويطردونهم من مجالسهم , وقد وضع الصينيون شروطًا جزائية قاسية لمن يريد تطليق الزوجة الصينية , ومن هذه الشروط دفع نفقة الزوجة المطلقة وتقدر بألفي دولار كحد أدنى .. ومن النادر أن تجد إنسانًا يستطيع دفع مثل هذه النفقة , ولذلك فإن كثيراً من هؤلاء الشباب يقدمون على الانتحار , وهذا نوع آخر من أنواع حرب الإبادة ضد المسلمين التركستانيين.
10- النشاطات الإسلامية السرية :
لا يوجد في تركستان الشرقية عالمًا دينيًا إلا وسجن عدة مرات , ويزيد عدد العلماء الذي تم اعتقالهم عن 54 ألف , ومات كثير منهم بالتعذيب في السجون , وعندما يطلق سراح العلماء تأخذ السلطات الشيوعية منهم تعهدات بعدم تدريس العلوم الإسلامية , ومع ذلك قام بعض العلماء بفتح مدارس سرية لتعليم أبناء المسلمين العلوم الإسلامية وتعليم قراءة القرآن الكريم ، وتوجد الآن مئات المدارس السرية التي يدرس فيها آلاف الطلاب والطالبات من أبناء التركستانيين , وقد حفظ مئات الطلاب القرآن الكريم بكامله ، ولكن مع الأسف الشديد أن هؤلاء الطلاب لا يجدون حتى حصيرًا يجلسون عليه ؛ بل يفترشون التراب ولا يأكلون طعامًا مطبوخًا إلا مرة كل ثلاثة أيام .. وهؤلاء الطلاب يدخلون المدرسة (وهي عبارة عن بيت قروي من بيوت الفلاحين في القرى) ويحمل كل واحد منهم قوته الذي يكفيه لمدة أسبوعين وهي عبارة عن خبز جاف وماء ، ويدخل المدرس معهم أيضًا , ولا يخرجون أبدًا من ذلك البيت القروي لمدة خمسة عشر يومًا كاملاً , ولا يعرف عنهم شيئًا ؛ لأنهم لا يرفعون أصواتهم أبدًا خوفًا من زبانية الشيوعية التي لو علمت بهم تعتقل مدرسهم وآبائهم , ويسومونهم قبل أبنائهم أشد العذاب .
والعلماء التركستانيون الأحرار الذين يقومون بترجمة وتصنيف الكتب الإسلامية , لا يستطيعون طبع كتبهم في تركستان الشرقية , فيرسلونها سرًا إلى مقاطعات صينية مثل كانسو ولينغشيا حيث تطبع بواسطة المسلمين الصينيين , ثم يدخلونها إلى تركستان الشرقية سرًا ويتناقلها المسلمون سرًا .. كما يقوم العلماء والدعاة بالتوعية والإرشاد في حلقات سرية وزيارة الناس في بيوتهم سرًا .
وبسبب العزلة التي يعيشها المسلمون في تركستان الشرقية , لا توجد لهم صلة وعلاقات بالهيئات والمؤسسات الإسلامية في العالم ؛ فالحكومة الصينية تفرض حصارًا محكماً حول تركستان الشرقية , وتراقب كل من يزورها من الأجانب , كما أنها تراقب المسلمين الذي يقومون بزيارة الدول الإسلامية , وحتى إن وفود الحجاج التي تأتي سنوياً لأداء فريضة الحج ترسل السلطات الصينية معهم جواسيس تراقب تحركاتهم وترصد أنفاسهم , وتدقق علاقاتهم بالمهاجرين التركستانيين الذين يعيشون في الأراضي المقدسة وتركيا .. وأما الهيئات والجمعيات الإسلامية العالمية , فلا يمكن لها الاتصال بالمسلمين التركستانيين إلا عن طريق "الجمعية الإسلامية الصينية" التي ما هي إلا جهاز حكومي تنفيذي شُكل لمراقبة الأنشطة الإسلامية وتوجيهها حسب سياسة السلطات الشيوعية .

مرحلة جديدة :
وقد اشتدت عمليات انتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث إن سلطات الاحتلال فيما تحاول على الصعيد الخارجي لاتهام الإيغور بالإرهاب ؛ فإنها تقوم على الصعيد الداخلي في تركستان الشرقية بتصعيد حملاتها القميعة الموجهة ضدهم ، وتم لهذا الغرض إعادة تشديد حملة "الضرب بقوة" التي بدأتها السلطات في شهر أبريل / نيسان الماضي حيث اعتقل العديد من الأشخاص بدعوى ومزاعم واهية .. وشددت السلطات خلال شهر رمضان وعشية عيد الفطر المبارك من حملتها لتضييق الخناق على أداء المسلمين لشعائرهم الدينية ، وفرضت عقوبات صارمة على المخالفين لتعليماتها .
بالإضافة إلى ذلك ؛ شهدت الأشهر الثلاثة الماضية تسريح العديد من العمال الأيغور في المصانع الصينية في تركستان الشرقية من أعمالهم , مما أدى إلى ازدياد وتفشي البطالة بينهم .
ويمكن أن نلخص التطورات الأخيرة في النقاط التالية :
1 ـ محاولة السلطات الصينية لإدراج الأيغور في قائمة الإرهاب الدولية , في الوقت الذي ركز فيه الرأي العالمي بعد 11 سبتمبر في الولايات المتحدة حملته العدائية على الإسلام والمسلمين بدعوى أن الإرهابيين الذين نفذوا الاعتداءات على كل من مركزي التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" في نيويورك وواشنطن يحسبون على الإسلام ويرفعون راية الإسلام , حاولت سلطات النظام الشيوعي في الصين ركوب الموجة والادعاء بأن الأيغور أيضًا "إرهابيون يجب القضاء عليهم" .
فقد زعمت الصين في معرض عرض شروطها الخاصة بدعم الولايات المتحدة وحلفائها في حملتها الرامية إلى استئصال جذور الإرهاب , والتي بدأت من أفغانستان , زعمت الصين أن الأيغور إرهابيون , كما أن كافة المنظمات السياسية والحركات الأيغورية إرهابية ،، وكان الهدف من ذلك محاولة شريرة ويائسة من أجل إقناع الرأي العام العالمي الحر بقيادة الولايات المتحدة - أن قضية "تركستان الشرقية" ليست قضية حقوق شعب وتقرير مصيره بنفسه , كما أنها ليست قضية حقوق إنسان وديمقراطية , وإنما هي قضية إرهاب ضحيتها الصين .
ومن أجل ذلك توالت تصريحات كبار المسئولين الصينين , ومن ضمنهم وزير الخارجية توانغ جاوشينغ , بشأن تركستان الشرقية والأيغور ؛ حيث حاول هؤلاء المسئولون الصينيون الربط بين الأيغور وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن ,, ووصفوا الأيغور "بالإرهابيين المسلمين" .
وإذا رجعنا بذاكرتنا إلى تصريحات للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية يوم 14 نوفمبر الماضي , نجد أنها قد اتهمت الأيغور بالمسؤولية عن أعمال إرهابية مزعومة "وقعت خلال السنوات العشر الأخيرة في تركستان الشرقية ؛ حيث دللت على ذلك بالثورات الشعبية التي قام بها الأيغور خلال التسعينات احتجاجًا على القمع الصيني , ومن أمثال ذلك "ثورة بارين عام 1990" وثورة 5 فبراير 1997 في "غولجا" ومظاهرات 1998 أغسطس في "خوتان" , وغيرها من المظاهرات السلمية التي قام بها الأيغور للتعبير عن احتجاجهم على القمع وسوء المعاملة والتمييز العنصري ضدهم من قبل سلطات الاحتلال الصينية .
ومن المثير للسخرية محاولة الصينيين إدراج عمليات تفجير وقعت خلال السنوات الأخيرة في تركستان الشرقية ولا تمت بصلة للإرهاب , وحتى الجرائم العادية في الأدلة المزعومة .
وإذا كانت المظاهرات السلمية وحوادث التفجير التي تنم عن سخط الشعوب تعتبر حوادث إرهابية ؛ فإن المدن الصينية شهدت ولا تزال تشهد أعمال تفجير شبه يومية ، فعلى سبيل المثال - وحسب ما أفادت وسائل الإعلام الصينية - فقد لقي 47 شخص مصرعهم في انفجار لقنبلة وقع يوم 6 مارس من العام الماضي في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة "جينغشى" الصينية . وأيضًا وبعد مرور 10 أيام وقع انفجار كبير هز مدينة "شيجي جووانغ" مما أسفر عن مقتل 108 شخص وإصابة مئات آخرين بجروح .. ويعد عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم في أربعة انفجارات وقعت في عدد من الأقاليم الصينية خلال هذا الشهر فقط بالعشرات والمصابون بأكثر من مائة .. وحسب ما أفادت الأنباء ؛ فقد نفذت تلك الحوادث منظمات صينية سرية من أجل تحقيق أهداف سياسية لها . وبالإضافة إلى ذلك شهدت بعض المناطق الصينية وقوع ثورات شعبية ضد الحكم الصيني احتل خلالها الأهالي مراكز للحكومة ؛ إلا أنه مما يثير دهشة المرء أن السلطات الصينية لم تصف تلك العمليات بأنها عمليات إرهابية , كما أنها لم تطلق على الأخيرة في تركستان الشرقية - وقام بها أفراد أو أشخاص بدوافع انتقامية بحتة - وصف الإرهاب ..
ويكشف ذلك أن السلطات الشيوعية الصينية تكيل بمكيالين في معاملة الشعوب الواقعة تحت قبضتها , وتطبق سياستين مختلفتين في كل من الصين وتركستان الشرقية , ويظهر هذا جليًا في قيامها بإلقاء المسؤولية عن حوادث تفجير مزعومة في تركستان الشرقية إلى الإرهابيين المسلمين الإيغور .
فعلى سبيل المثال : وعلى الرغم من أن سبب الانفجار الذي وقع لشاحنة عسكرية في شهر سبتمبر من عام 2000 يرجع إلى التقصير في التدابير الاحتياطية الواجب اتخاذها ؛ إلا أنه بات واضحًا أن بعضًا من عمليات التفجير التي وقعت خلال السنوات الأخيرة في تركستان الشرقية قامت بتدبيرها الاستخبارات الصينية , وذلك لإيجاد ذرائع لتصعيد حملاتها القميعة ضد الإيغور .
وخلاصة القول: ورغم قيام السلطات الصينية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بممارسة كافة أنواع الوسائل المتاحة لها من أجل إدراج الأيغور في قائمة الإرهاب الدولية ؛ إلا أن محاولاتها باءت بالفشل التام ؛ حيث لم يقتنع الرأي العام العالمي الحر باتهامات الصين للأيغور.
فقد أعلن كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش والسيدة ماري روبنسون رئيسية لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أثناء زياراتهما الأخيرة للصين , كل على حدة , أن قضية الإيغور في تركستان الشرقية قضية تتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية حيث لا يمكن التراجع عن مبادئ الحرية والديمقراطية تحت ستار الحملة ضد الإرهاب , وذلك ردًا على الاتهامات الصينية للأيغور بممارسة الإرهاب ,, كما حذر الصين من مغبة استغلال الحملة الدولية ضد الإرهاب لتصعيد عملياتها القمعية ضد الإيغور .
إضافة إلى ذلك ؛ أعطى البرلمان الأوروبي والحكومة البلجيكية ردًا قاسيًأ على الاتهامات الصينية , وذلك برعايتهما للدورة الثالثة للمؤتمر الوطني التركستاني الشرقي , والذي انعقد في شهر أكتوبر الماضي في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل .
وأخيرًا يمكننا القول إنه فيما أحبط الموقف الثابت للرأي العام العالمي من القضية الأيغورية الادعاءات الصينية ضد الإيغور بالإرهاب , من جهة أخرى أكد على أن الرأي العام العالمي بدأ يعترف بقضية تركستان الشرقية على أنها قضية حقوق إنسان , وديمقراطية وحرية , وتقرير شعب لمصيره بنفسه .
2 ـ تدهور جديد في أوضاع حقوق الإنسان في تركستان الشرقية بعد 11 سبتمبر : رأت الصين في الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فرصة لا تعوض من أجل القضاء على الشعب الأيغوري في تركستان الشرقية ؛ حيث عمدت إلى تصعيد حملاتها القمعية الوحشية الموجهة ضد الإيغور بعد الحادث .
فقد عقدت القيادات العسكرية والأمنية الصينية في تركستان الشرقية اجتماعاً مشتركًا بعد مرور أسبوع على الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة , قررت فيه أن "حادث 11 سبتمبر فرصة لا تعوض" من أجل القضاء من تزعم أنهم انفصاليون إرهابيون في إقليم سنجيانغ (تركستان الشرقية) وأصدرت أوامر فورية إلى كافة الجهات الأمنية بإعادة تنفيذ "حملة الضرب بقوة" التي بدأت في شهر أبريل نيسان من العام الماضي , والقبض على كل المشتبه فيهم دون استثناء .
وأيضًا أكد وانغ ولجين سكرتير الحزب الشيوعي الصيني في تركستان الشرقية خلال اجتماع في أورومجي في الثامن من شهر يناير الجاري - على "أن الأخطار الثلاثة التي تهدد أمن الإقليم والدولة تتمثل في ثلاثة عناصر : العناصر الدينية المتطرفة والانفصالية والإرهابية وعلينا الاستمرار في توجيه الضربات ضدهم بلا هوادة" كما صدر في نفس الاجتماع قرار بإعطاء مهلة شهرين اعتبارًا من شهر ديسمبر 2001 إلى المشتبه فيهم من العناصر المذكورة لتسليم أنفسهم إلى السلطات .
3 ـ تصاعد الحملة الموجهة ضد الساحة الدينية :
من المعروف أن سلطات الاحتلال الصينية تطبق منذ احتلالها لتركستان الشرقية عام 1949 سياسية الإلحاد ومنع المسلمين الإيغور من أداء شعائرهم الدينية والاستهزاء بالدين .. وقد أصبحت تلك الممارسات منبعًا جديدًا للمعاناة والتعذيب للمسلمين الأيغور خلال السنوات الأخيرة , مما يعني أن القوانين الصينية التي جاء فيها ضمان لحرية القوميات في ممارسة الطقوس الدينية أصبحت حبرًا على ورق .
وأصدرت السلطات خلال السنوات العشر الأخيرة قرارات عديدة بشأن السيطرة على الشؤون الدينية من أمثال "نظم الإشراف على الشؤون الدينية" , وغيرها من القرارات التي تحد ؛ بل وتحول دون أداء الفرد المسلم للعبادات . ومن تلك القرارات تعتبر الوثيقة رقم "7" السرية التي أصدرها مؤتمر المحافظة على الاستقرار في سنجيانغ والذي عقد في يكين في عام 1996 من أخطر القرارات بهذا الشأن ؛ لما تضمنته من فقرات أكدت على أن الخطر الأكبر الذي يهدد أمن الإقليم ينبعث من النشاطات الانفصالية والدينية غير المشروعة .
ومنذ ذلك الحين كثفت السلطات من حملاتها ضد الساحة الدينية ؛ حيث لم تكتف بمنع النشاطات الدينية العادية ؛ بل وحولت الساحة الدينية ككل إلى مسرح لعمليات القمع التي طالت نخبة كبيرة من العلماء والشخصيات الإسلامية ، ونتيجة لذلك اعتقل الآلاف من الأيغور الذين لاذنب لهم سوى القيام بأداء شعائرهم الدينية العادية بمزاعم وتهم "الانفصالية والنشاط الديني غير المشروع" , وتم حظر وإغلاق المدارس الدينية المملوكة للحكومة , وفرضت عقوبات شديدة على المدرسين والطلبة ، وبسطت السلطات سيطرتها على كافة المساجد , وعينت مراقين تابعين لها لمراقبة المساجد .
وانتزعت حق تعيين الأئمة ؛ حيث عينت في المساجد أئمة لا يفقهون من الدين شيئًا سوى الخرافات , وتطبيق أوامر سادتهم الشيوعيين ، وحولت السلطات الدين الحنيف - بفضل هؤلاء الجهلاء - إلى وسيلة لدعم الشيوعية والإلحاد والاشتراكية الثورية ، كما سخرته لخدمة أهداف الاستقرار والأمن في البلاد ، وقامت بهدم العديد من المساجد بعدوى وحجج واهية متنوعة ؛ فضلاً عن منع إنشاء مساجد جديدة .
4 ـ تفشي البطالة بين الأيغور
وعلى الرغم من أن تركستان الشرقية منطقة غنية بالموارد والثروات الطبيعية من النفط والغاز والأرض السلسة السهلة ؛ إلا أنه بسبب سياسة "الإبقاء على الجهل" التي تتبعها سلطات الاحتلال تجاه الأيغور ؛ فقد تحولت تركستان الشرقية إلى إحدى أفقر المناطق في العالم .. كما أنه على الرغم من أن سلطات الاحتلال رفعت خلال الخمسين سنة الماضية شعارات زائفة من أمثال "لنعمل على تطوير وازدهار سنجيانغ ، ولنعمل على جلب السعادة إلى الشعب" إلا أنها كانت تهدف من وراء ذلك إلى تبسيط وتشديد قبضتها على تركستان الشرقية , وجلب المزيد من الصينيين لتوطينهم فيها , ونقل الموارد الطبيعية من النفط والمعادن وغيرها إلى الصين .
والمصانع التي أسست على أرض تركستان الشرقية همها الأول , تشغيل المستوطنين الصينيين , وتجهيز أرضية ملائمة لمعيشتهم , ولا يقبل الأيغور للعمل بتلك المصانع .
فعلى سبيل المثال : وإذا أخذنا مدينة أورومجي - كمثال على ذلك ؛ نجد أن 95 % من العمال في المصانع الصينية فيها من المستوطنين , كما يشكل الصينيون 87 % من عمال آبار النفط والغاز في مدينة قارماي النفطية .
ويكشف ذلك سبب تفشي البطالة بين الأيغور , وزيف ادعاءات وشعارات السلطات "لنعمل على تطوير وازدهار سنجيانغ" , وفي الواقع لا يمكن الحديث عن تطور وتقدم وازدهار أمة تعيش تحت الاستعمار , وليست لها صناعة مستقلة ؛ ناهيك عن حصولها على السعادة المعيشية .
وقد ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة البطالة بين الأيغور بشكل خطير، ويرجع سبب ذلك إلى عاملين اثنين :
1 ـ سياسة تصيبين الإدارات والمراكز الحكومية التي تطبقها السلطات في المدن التركستانية حيث يتم إبعاد الأيغور عن تلك المراكز وإحلال الصينيين محلهم .
2 ـ سياسية الضرائب الثقيلة والإتاوات التي تفرضها السلطات على الفلاحين في القرى , والتي أدت إلى نزوحهم إلى المدن من أجل تأمين معيشتهم .. ويجدر بالملاحظة هنا أن الأرض الزراعية التي يملكها الفلاح الأيغوري لا تعادل مساحة فدان واحد .
3 ـ وكانت السلطات قد أطلقت مع بداية التسعينيات شعار "فتح المنطقة الغربية" , وهي الحملة التي تركز في الأساس على تركستان الشرقية ؛ حيث بدأت في إنشاء مباني وطرق , وتجديد الهياكل الشكلية للمدن ؛ إلا أن تلك المشروعات تم إسناد تنفيذها إلى الشركات الصينية بدلاً من الشركات المحلية الأيغورية .. وقامت تلك الشركات باستقدام العمال الصينيين من الصين ولم تقبل الأيغور للعمل .. ونتيجة لذلك أصبح الأيغور لا يجدون ولو عملاً مؤقتًا في الظروف الراهنة .
4 ـ ومع تطبيق سياسة الإصلاحات الاقتصادية في الصين وتطور الاقتصاد الصيني؛ تقرر بيع القطاع العام إلى القطاع الخاص ، وبسبب أن المصانع المحلية في تركستان الشرقية هي مصانع قديمة تستعمل فيها وسائل وأدوات عفا عليها الزمن ؛ فلم تستطع الصمود أمام المصانع الصينية الحديثة وأعلنت إفلاسها .. ومعظم تلك المصانع قامت بشرائها شركات قادمة من الصين ؛ حيث كان أول عمل تقوم به الشركات هو تسريح العمال الأيغور تحت شعار "تطوير العمل" , وعندما بدأت في عام 1998 سياسية تسريح العمالة الزائدة عن الحاجة ؛ كان أول الضحايا هم الأيغور، وذلك أن أصحاب المصانع هم صينيون , وهم لا ينظرون للقدرات العملية في اختيار العمال بقدر ما ينظرون إلى التمييز العنصري ضد المسلمين الأيغور .

ملحق:
يمكن المراجعة حول هذا الموضوع على الكتب التالية :
1- البلد الإسلامى المنسى، توختى آخون أركن ( دار الأندلس الخضراء جدة)
2- تركستان المسلمة، د. عبدالقادر طاش،(دار الفتح العربى القاهرة باب اللوق)
3- تركستان الشرقية فى عهد الملوك والطوائف، محمد قاسم أمين( دار تكلماكان استانبول)
4- تركستان خلف الستار الحديدى، عيسى يوسف آلفتكن,( دار الكتب المصرية، رمز: ح/ 12652 )
5- التهجير الصينى للتركستان الشرقية، رحمة الله رحمتى، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامى)
6- تركستان قلب آسيا، عبدالعزيز جنكزخان، جمعية الخيرية للجاليات التركستانية فى القاهرة.
7- تركستان الشرقية والصين –صراع حضارتين. د. عزالدين الوردانى- القاهرة.