المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة ما وقع للمسلمين في تركستان الشرقية «سينكيانج» (مترجم)



دكتور عبد الجليل طاش
29/08/2009, 11:44 PM
حقيقة ما وقع للمسلمين في تركستان الشرقية «سينكيانج» (مترجم)

*ربيعة قدير
حينما تعيد الحكومة الصينية النظر إلى كيفية تعاملها مع القلاقل التي اندلعت في أورومتشي وتركستان الشرقية خلال هذا الأسبوع، من المرجح جدا أنها ستخبر العالم باطمئنان تام أن مصالحها في الحفاظ على الاستقرار كانت هي المحرك الأساسي لسلوكها.
أما ما ستغفل السلطات في بكين وأورومتشي ذكره فهو السبب الذي دفع الآلاف من الأويغور المسلمين إلى المخاطرة بكل شئ في سبيل التعبير عن رفضهم للظلم، وحقيقة أن المئات من المسلمين الأويغوريين وقعوا ضحية لرغبتهم في ممارسة حقهم في الاحتجاج.
لقد نظم عدد من الطلاب مظاهرة احتجاج يوم الأحد في دونج كوروك الواقعة في منطقة أورومتشي. كانوا يرغبون أن يعبروا عن سخطهم على التراخي الذي أبدته السلطات الصينية تجاه قيام الجموع من عرق الهان بقتل الأويغور وسحلهم في مصنع للعب الأطفال في مقاطعة جواندونج الصينية الجنوبية وأن يعبروا عن تعاطفهم مع عائلات القتلى والجرحى.
ما بدأ كتجمع سلمي للأويغور تحول إلى مظاهرة عنيفة حينما رد بعض المتظاهرين على الإجراءات الأمنية الصارمة.- لا شك أنني أدين استعمال العنف من جانب الأويغوريين إدانة مطلقة كما أدين الاستعمال المفرط للقوة من طرف السلطات الصينية في مواجهةالمتظاهرين.
وبينما أثارت الحادثة التي وقعت في جواندونج انزعاج الأويغوريين، فقد أدى تراخي الحكومة الصينية في التعامل مع حوادث القتل المشحونة بدوافع عرقية إلى اضطرار الأويغوريين إلى إظهار سخطهم في شوارع أورومتشي.
لقد ألقى وانج ليتشوان، سكرتير الحزب في «منطقة سينكيانج الأويغورية المتمتعة بالحكم الذاتي» باللوم على شخصي باعتباري من أثارت هذه الاضطرابات؛ مع ذلك، فسبب السخط الذي أبداه الشعب الأويغوري المسلم في الأحداث الجارية هو سنوات من القمع الصيني بلغ أوجه بتأكيد المسئولين الصينيين عدم اكتراثهم بتطبيق قواعد القانون إذا كان في تطبيقه مصلحة للأويغوريين.
إن رد الفعل الصارم من جانب السلطات الصينية تجاه احتجاجات يوم الأحد سيكون من شأنه تعزيز مثل هذه الأفكار. تقول مصادر أويغورية من داخل تركستان الشرقية إن عدد القتلى في مدينة أورومتشي بلغ 400 قتيلا ماتوا جراء إطلاق النار والضرب على يد قوات الشرطة. أماعدد المصابين فليس ثمة أي أرقام دقيقة بشأنهم. لقد فرض حظر للتجول وقطعت خطوط التليفون وما يزال التوتر يخيم على المدينة. اتصل بي بعض الأويغوريين ليخبروني أن السلطات الصينية تقوم بعملية دهم وتفتيش من منزل لمنزل وتقوم بإلقاء القبض على الذكور من الأويغوريين. وهم يقولون أن الأويغوريين يخشون السير في الشوارع في عاصمة وطنهم.
أما القلاقل فتتسع رقعتها. مدن مثل كاشغر وياركند وأقسو وخوتان وقاراماي ربما شهدت هي الأخرى اندلاع اضطرابات، مع أنه من الصعب تبين هذا الأمر في ظل الدعاية الإعلامية التي تديرها أجهزة الدولة.
مدينة كاشغر هي الأسوأ في تأثرها بالأحداث من بين هذه المدن المذكورة، وهناك تقارير غير مؤكدة تصرح بأن ما يزيد عن مائة من الأويغور قد لقوا حتفهم في هذه المدينة. لقد دخلت القوات إلى كاشغر وتقول مصادر من داخل المدينة إن كل بيت أويغوري يقف قبالته جنديين اثنين من الجنود الصينيين.
إن طبيعة عمليات القمع الجارية هذه الأيام قد اتخذت شكلا عرقيا. والحكومة الصينية معروفة بتشجيع النزعات القومية بين الصينيين من عرق الهان حيث تسعى من وراء ذلك إلى إحلال الأفكار القومية كبديل عن الأيديولوجية الشيوعية المفلسة التي اعتادت في الماضي على الإعلاء من شأنها. هذه النزعة القومية كانت بالغة الوضوح حينما هاجمت الحشود الهانية العمال الأويغوريين في مقاطعة جواندونج ، وبدا الأمر وكأن الحكومة الصينية تخطط الآن للسماح لمواطنيها أن يقوموا هم باضطهاد المسلمين الأويغوريين نيابة عنها.
هذا التشجيع للأفكار القومية الرجعية بين الصينيين من عرق الهان يجعل السير إلى الأمام في منتهى الصعوبة. يطالب مجلس الأويغور العالمي، الذي أرأسه، مثله في ذلك مثل الدالاي لاما وحركة التيبت، بمنحنا عبر الوسائل السلمية حق تقرير مصير تتعامل معه الحكومة باحترام حقيقي لحقوق الإنسان وللخيار الديموقراطي. ولتحقيق هذا المطلب، هناك حاجة لإيجاد طريقة لإقامة حوار بين الصينيين الهان والشعب الأويغوري مبني على الثقة والاحترام المتبادل والمساواة. أما في ظل السياسات التي تنتهجها الحكومة الصينية في الوقت الراهن والتي تشجع أفكار قومية لا يمكن السيطرة عليها فهذا الحوار ليس ممكنا.
إذا أردنا أن نصحح الوضع في تركستان الشرقية، فلا سبيل أمام الحكومة الصينية سوى أن تجري كخطوة أولى على الطريق الصحيح تحقيقا في حوادث القتل التي وقعت في مقاطعة جواندونج وأن تُخْضِع المسئولين عن قتل الشعب الأويغوري للعدالة.
نحتاج كذلك إلى إجراء تحقيق مستقل و حر في أسباب القلاقل التي وقعت في أورومتشي حتى يستطيع الشعبان الهاني والأويغوري معرفة الأسباب التي أدت إلى أحداث يوم الأحد والبحث عن سبل لإقامة تفاهم متبادل هو غائب على نحو لافت في المناخ السائد حاليا.
بالنسبة للولايات المتحدة، ثمة دور أساسي لتضطلع به خلال هذه العملية. بوضع الماضي الصيني فيما يتعلق بانتهاكها لحقوق الإنسان الأويغوري في الاعتبار، يبدو أنه من غير المحتمل أن تتخلى الصين عن لغتها المنمقة وأن تدعو الأويغوريين لحوار حول مشاكلهم.
لقد دافعت الولايات المتحدة على الدوام عن المضطهدين؛ ولهذا السبب كان قادتها في مقدمة المدافعين عن قضية الشعب الأويغوري أمام الحكومة الصينية.
على الولايات المتحدة، في ظل هذه المرحلة الفاصلة من عمر قضية تركستان الشرقية، أن تعبر بما لا يدع مجالا عن اهتمامها بالقضية وذلك عن طريق إدانتها أولا للعنف في أورومتشي، وثانيا عن طريق افتتاح قنصلية في أورومتشي ليس فقط لكي تمارس دورها كمنارة للحرية في وسط يسوده القمع العنيف، بل لكي تراقب عن كثب الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان التي تقترف بحق الإنسان الأويغوري.
بينما أُسَوِّدُ صفحات هذا المقال القصير، تتواتر الأنباء أمام مكتبنا في واشنطن عن قيام 4000 مواطن من عرق الهان بالنزول إلى الشوارع في أورومتشي يوم الاثنين طلبا للثأر عبر العنف تجاه الأويغوريين.
يوم الثلاثاء ينزل المزيد من الهان إلى الشوارع. كلما تعالت وتيرة العنف، كلما تنامى الشعور بالألم الذي يعتمل في صدري على الخسائر في أوساط الأرواح البريئة.
أخشى أن هذا الشعور بالألم لن تختبره الحكومة الصينية عندما تقدم للعالم نسختها من واقع الأحداث التي جرت في أورومتشي، وأخشى أن غياب هذا الاستبطان لخبايا النفس هو ما يعمق الانقسام بين الشعبين الهاني والأويغوري

المصدر / موقع لواء الشريعة
10 - 7 - 2009