المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خذلتنا الدول الإسلامية فى قضية تركستان



دكتور عبد الجليل طاش
29/08/2009, 11:46 PM
خذلتنا الدول الإسلامية فى قضية تركستان21.07.2009
فهمى هويدي
خذلتنا وفضحتنا الدول الإسلامية والعربية فى موضوع اضطهاد مسلمى الصين الذين تعرضوا للهزيمة الشهيرة فى سينكيانج. ذلك أنها لم تكتف بالصمت إزاء ما جرى وأدى إلى قتل 150 مسلما طبقا للأرقام الرسمية (مصادر الأويغور تحدثت عن 400 قتيل إضافة إلى 600 مفقود)، فلم يصدر أى تعليق رسمى من أى عاصمة عربية أو إسلامية، باستثناء تركيا. لكن حدث ما هو أسوأ، إذ تحفظت أهم الدول الإسلامية والعربية على اجتماع دعت إليه أمانة منظمة المؤتمر الإسلاى غدا (الثلاثاء) لمناقشة الموضوع وتحديد موقف إزائه. وهو ما أدى إلى تأجيل الاجتماع إلى موعد لاحق، أو بتعبير أدق إلغاؤه فى الوقت الراهن على الأقل.
القصة الأصلية باتت معلومة للكافة، بعدما تناقلت وكالات الأنباء صور ووقائع ما جرى فى المقاطعة التى كانت تسمى تركستان الشرقية يوما ما، وكانت نسبة المسلمين فيها 100٪، ثم ضمتها الصين بالقوة وسمتها سينكيانج، وقامت بتهجير بعض مسلميها الأويغور، وفى الوقت ذاته استقدمت أعدادا كبيرة من أبناء قومية «الهان» الصينية. وهو ما أدى إلى تخفيض نسبة المسلمين إلى 60٪، وهناك من يقول إن نسبتهم لم تعد تتجاوز 40٪، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما مورست بحق المسلمين صور مختلفة من التمييز والقمع والتضييق فى ممارسة الشعائر والعبادات. وكانت تلك أسبابا كافية لإشاعة الاحتقان بينهم، الأمر الذى أدى إلى انفجار الغضب المخزون والمكتوم فى أكثر من مناسبة خلال نصف القرن الماضى، وكانت انتفاضة بداية شهر يوليو الحالى أحدث مواجهة من هذا القبيل.
حين وقعت الواقعة لم يسمع سوى صوت واحد لرئيس الوزراء التركى الذى أدان موقف السلطات الصينية ووصف ما حدث بأنه جريمة إبادة للمسلمين فى سينكيانج. وكما سكت الرسميون العرب لم تحرك المؤسسات والمنظمات العربية ساكنا. وحده الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى الدكتور أكمل إحسان الدين أوغلو ــ وهو تركى أيضا ــ تحرك على أربعة مستويات. فوجه رسائل إلى المنظمات الدولية المعنية المختصة بحقوق الإنسان والأقليات والحريات الدينية، طالبها فيها بتحمل مسئوليتها تجاه ما يتعرض له المسلمون فى الصين. من ناحية ثانية فإنه أصدر بيانين فى 6 و8 يوليو الحالى أعرب فيهما عن القلق إزاء ما يجرى للأويغور، ودعا الحكومة الصينية إلى التحقيق فيما جرى ومعالجة الموقف بما يحمى حقوق الأقلية المسلمة ويلتزم بمبادئ حقوق الإنسان. من ناحية ثالثة فإنه طلب مقابلة سفير الصين لدى الرياض للتشاور معه حول الأمر. من ناحية رابعة فإنه دعا إلى اجتماع يعقد فى جدة غدا (الثلاثاء) لممثلى الدول الإسلامية لدى المنظمة لبحث الأمر.
ما الذى حدث بعد ذلك، أــ سكتت المنظمات الدولية المعنية. وردت سفارة الصين فى الرياض بأن السفير غير موجود، والقائم بالأعمال مشغول، وأنها ستوفد نائب القنصل للقاء الدكتور أكمل والاستماع إليه، لكن حين علمت السفارة أن اجتماعا سيعقد يوم الثلاثاء لممثلى الدول الإسلامية، فإن القائم بالأعمال (المشغول!) سارع إلى لقاء الدكتور أوغلو، وأمضى معه ثلاث ساعات على مدى يومين متتالين، برر خلالهما موقف حكومته، ونقل إليه دهشتها لصدى الأحداث لدى أمانة منظمة المؤتمر الإسلامى. ثم قال إن لدول المنظمة الإسلامية رأيا آخر نقل إلى بكين، خلاصته أن حكوماتها لا تؤيد تصعيد الموقف والاشتراك فى الاجتماع الذى دعا إليه الأمين العام يوم الثلاثاء.
أسقط فى يد الدكتور أكمل الذى بدا وكأنه يقف وحيدا فى الساحة، وكلف من أجرى اتصالات مع أبرز الدول الأعضاء، فى المنظمة، وكانت المفاجأة أن كلام القائم بالأعمال الصينى صحيح. وتأكدت الأمانة العامة للمنظمة من ذلك أثناء انعقاد مؤتمر قمة عدم الانحياز الذى عقد فى شرم الشيخ. إذ تبين أن على رأس الدول المعترضة على الاجتماع المفترض باكستان والسودان وإيران والسنغال التى ترأس القمة الإسلامية. وكان من بين تلك الدول أيضا مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية واليمن. وكان لكل دولة حساباتها وتوازناتها الخاصة.
إزاء ذلك لم يكن هناك مفر من إلغاء الاجتماع. وكان الحل الوسط الذى أريد به ستر الفضيحة أن الصين وافقت على أن يزور الصين الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى ليتابع الموقف على الطبيعة. على أن ينظر فى الخطوة التالية بعد عودته من الزيارة التى يفترض أن تتم فى أوائل شهر أغسطس ــ لقد كسفونا وقصروا رقابنا أخزاهم الله!
جريدة الشروق