المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يفضح الإبداع السياسة:قراءة في رواية المشنقة للدكتور المبدع:ع.ع.غوردو



باسين بلعباس
30/08/2009, 06:12 PM
عندما يفضح الإبداع السياسة:قراءة في رواية المشنقة للدكتور المبدع:ع.ع.غوردو
من المغرب..
من هنا أبدأ :
الاسم الموصول من المعارف..يلحقه الإقرار بالفعل (أعرف). مدخل إلى نص، لا يعرف الحركة داخله ولا يحسنها إلا القليل من الذين يحذرون الألغام الكثيرة المزروعة في كل النواحي ،ولا أستثني الظاهر كالمضمر..ولا أستثني السارد كالراوي..كالناص في زرع هذه الألغام.. "..بل أنا في حاجة إلى نحلات كثيرات للاستدلال على الألغام المزروعة..وأنا منها وجل..
الذي أعرف أن الأموات عادة لا يتحدثون عما جرى لهم بعد الموت، أما أنا فسأعري كل شيء، قبل أن أعود إليه/الموت، مرة ثانية..."
من لم يكن في عجلة من أمره ،فليرافقني في هذه القراءة..والتحرك داخل النص الملغم..:تعلوه"مشنقة" وبابه يبدأ بالمعرفة،وامتلاك الميت العائد لها..وهي من طينة :"وفاة الرجل الميت" للدكتور سعيد بوطاجين..
والمعرفة مركبة من عناصر:الهروب من الجحيم إلى الجحيم
الفوضى التي تملأ المكان..ربما أوسع مما نتصور ليس العالم الذي نعرف بحدوده الجغرافية..بل ما كان في الميتا خيال..
وأحب التنويه أن الرحلة مع المشنقة شائقة جدا..خذ مثلا هذا :" ... طُلِب مني أن أقرأ كتاب حياتي... لكني فتحت سيرتي الذاتية فلم أجد بها ما يقال حقا... ساد الصمت، ويدي كانت ترتجف كعصفور جريح وهي تقلب الصفحات الفارغة... وكان لا بد أن أكتب شيئا لأقرأه... وكان لا بد أن أفعل شيئا لأكتبه.."
هذا الكلام كان في رحلته بين الحياة والموت،وفي عربة من الدرجة الاقتصادية..
يريدونه أن يقرأ ما يريدون ،من كتاب ليس فيه ما يُقرأ..يريد أن يكتب شيئا يمكنه أن يُقرأ..فلما لم يجد ،كان لا بد أن يفعل شيئا ليكتبه،أو يستحق الكتابة فعلا..لكن الأمر يتوقف على نوع الفعل الذي يستحق الكتابة..وكان تحركه بين المكان،والزمان جديرا بصناعة كتاب/خطاب مليء بالوعي السوسيواجتماعي..
هذا الكتاب يقرأ تفاصيله القادمون كالماكثين..جدير بالقراءة فعلا..لذلك ألحُّ على قراءته،والدعوة إلى استعمال أدوات القراءة المكينة..
العبارة تختزن جماليات النص والصورة العامة هنا تختزن إبداعها في عدم تحديد المكان،ولا المستنطقين..إنهم لا يسمعون صوتا يقول :"كتاب حياتي أبيض ناصع.." بل يريدونه أسود قاتم..ليتحول الجسد إلى أحمر قان..
لا أريد أن أسبق الأمر لأني لم أستكنهه بعد..ولكني أتذوق ألم الراوي،وأستنطق المكان المحجوز..ولغة الناص التي تشي بالكثير الكثير.. ؟ ونحن نعلم أن تاريخ المستقبل يكتب في الماضي دائما، كما في الجينات الوراثية، فمن يمنحني توكيلا بالكتابة والفعل؟
ألا تستهويك هذه وأخواتها بالغواية ،والغوص في الرواية..؟؟!!
من حقنا أن نسأل ،وقد مضى شأن الراوي يحبّر كتابه ،ما الذي قام به ليكون جديرا بالكتابة..وفي سيرته الذاتية؟
هذا السؤال ،لا نجد جوابه قبل نهاية القراءة،وقبل الوصول إلى إضاءة القاعة ومعرفة النقاط التي كانت محطاتٍ في حياته،
حسب الذي رصده قلم الناص،..
هل أدلك على نماذج أخرى؟؟
إذا أردت ذلك :لك الرواية من ألفها إلى يائها..
يقول رولان بارت في (لذة النص)ص:14:"..أن أقرأ بلذة هذه الكلمة أو هذه الحكاية،فلأنها كتبت بلذة..هل تضمن لي الكتابة في لذة ـ أنا الكاتب ـ لذة قاريء؟ لا بكل تأكيد هذا القاريء عليّ أن أبحث عنه(أن أراوده عن نفسه )دون أن أدري أين يوجد ولسوف يكون حينئذ مكان للمتعة قد خلق.." ويقول غوردو في المشنقة في حوار شائق بين الراوي والسارد:"
-آسف لكني لا أريد أيّ شخص تخيلته ثائرا متمردا منذ البداية وأول ما ستتبدى فيه ثورتي:قوانينك النمطية في الكتابة وقوالبك السخيفة في السرد..لا تحلم أبدا بفك رموزي..أنا /الطلسم .وأنت واحد
- والقاريء التعيس..؟؟
- ما أدراني ؟..أنت والقاريء واحد أيضا.."
ألم يكن ما قاله رولان بارت متحققا أيضا في هذا المقطع الحواري..إذا اعتبرنا الكاتب ناقلا للخطاب
وليس موجها له..ومغيبا بنيويا بقوة الفعل..أو بفعل القوة..وفي الصفحة ذاتها يضيف رولان بارت:"فليس شخص الآخر هو ما يلزمني،بل إنه المكان.." عن أي مكان يتحدث؟؟ تجيب الرواية بأنه:"النقطة التي تهوي إليها رجلا المعلق من رقبته،إنها النقطة التي تقطع فيها الأنفاس،إنها مباشرة تحت أرجل متدلية"أين نجد هذه العبارة؟؟ من يقرأ يجدها مكدسة بين سطور،تعلن الجنون،ثم العظمة،ثم هما معا،وتنتهي بمشنقة..ولأن ما كان من حدث يدور كله في الظلام،يساعد على الخيال،والتخييل،واستحضار جيوش من أقاصي الدنيا، وتحريكها بعتادها وأحذيتها الخشنة فوق الرمال المتحركة..
ومهما حاول الراوي إيهامنا بأنه مسيطر على أفعاله،وأحيانا يتصرف خارج وعيه،أو مجبر على فعل ما يريد السيد وابنته..وقد يكون التأويل بينهما الطغيان والجبروت،والجمال المزيف،في ثنائية عزفها كله نشاز،ونفور..
وتتلون بنية الراوي النفسية ،يدل على مستوى الوعي الذي وصل إليه،والقدرة على أن يكون من البدون،كما يمكن أن يكون من الجواسيس العاملين المتمكنين،كما يمكن أن يكون أبلها قابلا للزوال في أي وقت..إن هذا الشكل الذي أعطاه له السارد هو:"علم متعة اللغة،كاماسوترا اللغة(وهذا العلم ليس له إلا مصنف واحد هو الكتابة عينها"لذة النص ص:15كما نجد كاماسوترا في النص متجلية كذلك:" –
- سافل محب للانتقام... أعترف، ولا أخجل من ذلك، كما لا أخجل من متابعة عمليات الإغواء في "الكاماسوترا"...
أقر بداية أنها صعبة..وفتح مغلقاتها يحتاج عتادا لا أملك غير رؤى بسيطة تمدني بالعون ،ومحاولة اختراق أصوارها العالية..
وازدادت صعوبتها أنها الكترونية لا ورقية،مما يفرض عليّ العمل ، المكرر في حركة البحث عن عناصرها، المستمر ..لهذا أنبه إلى تجاوز الخطأ المطبعي لا النحوي..أو اللغوي بأشكاله..وأتمنى العودة إليها ،حينما تتوفر الورقية بين يدي..
كما أشعر برابط عاطفي يشدني إليها ربما مرده:
حاجتنا جميعا إلى مشنقة تمسح أفعالنا وخيباتنا المتتاليات..
متابعتي لها وهي تتوالد وتكبر شيئا فشيئا..
إعجابي الشديد بلغة الكاتب ..وقدرته الفائقة على ترويضها ..
من المحيط إلى الخليج:
النص كتبه صاحبه من المغرب الشقيق..وأحداثه في الخليج..يستحضر المكان كما لو كان يعيشه،ويستنطق الراوي كما لو كان أمامه في محضر شرطة يكتب ويقر بكل ما يجري ،وجرى له،كأنه شاهد على أمر ..وما كان ليكون الفعل المشاهدي بهذه الدقة لو لم يكن الناص يملك أدوات النقل،ولغة الخطاب السليمة،وخيال المبدع..ليس السارد ،بل الشاعر كذلك،بل أقول كما يرى حازم القرطاجني في حقيقة التخييل:"والتخاييل الضرورية هي تخاييل المعاني من جهة اللفظ.والأكيدة والمستحبة،وتخاييل اللفظ في نفسه،وتخاييل الأسلوب...."ثم يضيف:"و:" كلما اقترنت الغرابة والتعجب بالتخييل كان أبدع"صص(89/90)..
بل إن من الصعوبة في السرد أن تعتمد ضمير المتكلم ،حتى كأن الناص يخرج من ذاته الراوي،ولكأنّ المتلقي يجد التقاطع بينهما حيث حلّ الحدث،وحيث توازى المسير..وأرى أن تتبع الضمير وحده في الرواية يحتاج دراسة مستقلة..
وهذا النص يحمل القارئ على رمال متحركة دون حاملات جند،ودون خروجه من بيته..بل يحضر لنا ـ نحن أهل المغرب ـ الخليج عندنا،بقصوره وجواريه،وحواريه،وجيوش غزته،وأموال غمرته،وهجمة عالمية قادها أهل العم سام،أنقذته منـ(ـه) ليسقط بينهم صريعا..مازالت أمواج رماله المتحركة تصنع الزوابع،وترتفع كثبانه عاليةً،لتتجاوز الضفة الأخرى..لم يقم بهذا العمل،ولم يحضره إلا من ملك القدرة على الفعل،والسيطرة على الوضع..ويقر الناص ذلك في أكثر من وضع،حين يلتفت إلى المتلقي ليحاوره في حميمية لم تكن فتحا قبله،ولم تعرف التقنية بهذا المستوى،وإن كنت التقيتها منذ تجوالي المستمر بين صفحات القصص..كما فعل بطل الطاهر وطار في "الطعنات" حين تمرد عليه،ورفض القبول بالنهاية التي رسمها له..وكان بينهما الصراع (الحميم) الذي انتهى ،كما يريد الكاتب.. وأرى أن تحليلا نفسيا لحركات الراوي،والتفاته إلى المتلقي ومحاورته في أكثر من وضع ،تعجل بإصدار أحكام على العمل ككل،وربما تسقط في متاهات ،ليس أفضل منها ما ترتب عن خريطة الطريق ،أو متاهات الخليج..ورسومات الشرخ الأوسخ الجديد،كما أعلنته الزنجية،وأعلنه سيدها الراحل من البيت الأبيض للرجل الأسود..وخليفتها الشقراء..
النص بحمولته السياسية لم ينس الجماليات التي أعلنها صاحبها منذ خطه الأول للغة،ولم ينفصل عنها لحظة،بل أحسست أنه ينهي الفصل حين يرى أن اللغة بدأت تفلت من خطابه الفني لتتحول إلى السياسي،والإسقاط الذي قد يخرجها إلى بيان يندد،أو يشجب،ويستنكر على طريقة من يتحكم في رقاب العباد ،وخيرات البلاد..ولذلك جاءت الفصول مختلفة الأحجام..وبعضها دون عناوين ..
تشترك كلها في المتانة اللغوية والأسلوبية،والدقة في تكملة الأجزاء شيئا فشيئا حتى تنتهي إلى المفاجئة بالإنهاء،كأن الناص يريد أن يتخلص من المشنقة التي أحسسنا جميعا أننا نستحقها ،ونحن نعيش ،ونعايش أحداث غزة،وما فعل الصهاينة،بالركَّع،والرضّع،والبهائم الرتّع..والجميع يتفرج ،فكيف تستساغ الكتابة،وكيف لا نستحق المشنقة..؟؟
الخط البياني للراوي:
من هو الراوي؟؟
هل من المغرب جاء؟أم في المشرق نبت؟وهل عرّف عن نفسه..؟.
كان مواطنا عربيا انتقل من بلد إلى بلد ،حتى استقر به المطاف في الكويت..وشهد ما جرى،وعرّف بما يجري ،قبل الذي جرى..إنه فلسطيني جاء من ملجإ قذر ما زالت بعض صوره ملتصقة بالمخيلة،تنقّل بين مدن كثيرة..ليستقر في الكويت..وتنشأ بينهما (حنينية) المكان التي يريدها أن تكون لكنها لم تكن ،وتصبح منطقة عبور إلى مكان آخر لم يعلن عنه..لأن ما حدث كان أكبر من القول بالذهاب إلى مكان له حيز جغرافي..يتقمص البطولة،يتحول من المواطن الباحث عن عمل،إلى الخادم في قصر سيده،إلى المسامر لسفيرة الولايات المتحدة،إلى الزعيم الذي يقرروينفذ،ويذعن الجميع له،ليشنق في الأخير،ويلتفت إلى الجالسة بجنبه أخيرا ليعلن لها أن الفلم انتهى،ويسألها هل أعجبها،لكنها لا تجيب بغير ابتسامة تدفع بها دينا عليها..لكن :
هل أنتجته مجموعة عقد فعلا؟كما قال عن نفسه،أو فضحه السارد السادي؟


بنية النص:
ما بين يدي أو أمامي على الشاشة نص رقمي تحول إلى ورقي ،ليس له حجم ولا غلاف،ولا شكله النهائي الذي أعطته دار النشر،لكنه سحب ورقيا لتسهيل العمل فقط..
إنها مجموعة فصول تتراوح أحجامها بين الصفحات،والخُمس الصفحة..كما تتفاوت في الحمولة أيضا،بل إن السارد يجد السياق مناسبا فيصف،ويداعب بطله،ويكون بينهما الذي بين من يتلذذ بتعذيب الآخر،وبين من يستمتع بقراءة الأحداث،أو تواليها (كرونولوجيا) ينفر منها ويسردها..
إننا نجد في بعض الفصول القصة كاملةً،وذلك لما فيها من حمولة بين حدّي النص،فلو أخذنا الفصل العاشر،ماذا نجد؟:
- وصف للقصر..........................قصر طويل عريض..
- وجود خدم ......................... يوجد اثنان على خدمة من فيه..
- استغلال الخادمات....... ............هناك ضاجعها على المنضدة..
- علاقات غير سوية...................تصده وهي المتمتعة....
- موسم الهجرة إلى الشمال........ ..عطلتها تتزامن مع عطلة سيدي..
- الاحتفال بليلة السفر.................احتفلوا طويلا قبل أن يغادروا..
- احتلال الكويت......................... أيام قليلة أخرى ووقعت الواقعة..
- الخوف من العواقب................. رب القصر يلومني دائما
- تصور رد الفعل....................... لكن عليه أن يعود أولا...
هذه الجمل يسردها الراوي/العامل الأساس في النص..تبين المحتوى..ولماذا احتلت الكويت ثم تكالبت عليها الأمم ،ونصبت المشنقة في الأخير ..وانتهى الأمر إلى الهاوية في كل المنطقة..وبدأت عملية رسم خارطة الشرخ الأوسخ الجديد..
حتى نعبر العتبات:
المشنقة:
عنوان لحدث سياسي..كانت نهايته مأساوية،ليلة عيد الأضحى المبارك..حسب تخطيط ورسم من علقوها وفتلوا حبالها،لكن السحر انقلب على الساحر:"نظرت إليها/المشنقة مرة أخرى..رفضت أن يوضع شريط أسود على عيني..ورفضت أن يوضع رأسي داخل قناع ..ضحك الجميع :أليس اليوم عيد؟؟"الفصل( 45)
خيوطها المحكمة بدأ فتيلها منذ زمن ليس بالقريب..لا يهم كيف؟ولا مع من ؟ ولو كان التحالف مع الشيطان فهذا لا يهم أيضا..فلم يعد له معنى:"إذ لا مجال للحديث عن الخيانة الآن.."الفصل24 ..
وللابتعاد عن حدود العنوان لا بد من فك الرموز حتى لا تبقى معطلة،كما يرى بول ريكور،وتكون قابلة لمساعدتنا على التحرك بحرية يمكن اكتسابها بعد ذلك..وهي محرمة على الراوي،لأن السارد وضعه في خانة اليك،وتلذذ بتعذيبه،وصارعه طويلا ليخرج منها،قد يكون الحيز:قاعة سينما..صحراء..قاعة احتفال صاخب..غرفة خلفية في سجن..يضع إلى جانبه أُمةًً ،امرأة،فكرة غير مهيئة للتشتت،أو التوزيع..في مكان أوسع من الخيال ،يمتد من الماء إلى الماء..مكان يمكننا أن نقرأه،يقول غاستون باشلار:"إنه من المنطقي أن تقول إنه بإمكاننا أن نقرأ بيتا،أو نقرأ حجرا،لأن الاثنين رسمان بيانيان سايكولوجيان يقودان الكتاب والشعراء في تحليلهم للألفة.."جماليات المكان ص:61..
ما الألفة التي تقود السارد إلى أن يقرأ سايكولوجيا المكان :القاعة..الصحراء..الماء..؟..
الحنين غير المعلن أكثرُ الأشياء المحركة لرواية الحدث النفسي ،يقول السارد في الفصل الـثالث:"رأيت حلما قبل أيام..وهو بدا أشبه بقطع أحجية ممزقة تماما كالوطن،والنفق كان طويلا.."ولا أظن أن عبارة (تماما كالوطن) كتبت ببراءة ودون شهيق استنفذ من السارد قطعة من روحه،إنها رسالة وخطاب الوعي في لحظة رفض قصوى..
اللحظة التي يتساوق فيها المسار المحكم الأطراف،ذو الإحداثيات المرسومة بدقة،وينوعها بين الراوي ،والسارد السادي..يدخل إلى المكان /الملائم ،ليقوم بعملية صعق كهربي للمتلقي،قصد إبقائه مرتبطا نفسيا بما يجري،لأنه فاعل، ومشكِّل له،وليس عنصرا على الهامش:"أنا غير عاد ،مختل عقليا،شاذ سلوكيا.."هذه الاعترافات في لحظة الوعي ،لا تجعل من صاحبها شخصا على الهامش،ويرسم بصوت مسموع ،صورة قاتمة لتشغيل عقل المواطن بما لا يفيد،ودفعه إلى اهتمامات شكلية:"هل عليّ كحكواتي سمج أن أن أخفي كل هذا،وأكتفي بالحديث عن "كريمة الفانيلا" وشموع أعياد الميلاد،؟؟ "..
في حركة الراوي النفسية ،يدفع الكاتب بالعلاقة بين الخطاب المحمول والعقل المتلقي له،إلى خلخلة ميتافيزيقا الحضور.كما يرى ج.دريدا..
إن محاولة السارد إيهامنا بأن الراوي متخلف عقليا أو مجنون ،هو ادعاء بأن المعنى ناقص،أو قابل للتناقض والتناقص..لأن منحناه في هذه الحالة(بين الإنتاج في لحظة الوعي،والاستهلاك في لحظة الشك..)يبدأ في ارتداء الاستفهامات المتتالية ويؤول تدريجيا إلى التنازل ما لم يحدث له السارد ما سميته من قبل بـ:الصعق الكهربي"..ولتوضيح الفكرة أكثر،نأخذ هذه النماذج في التنقل بين مستويات السرد:
في الفصل الرابع فقط:
1/ ثمة أفكار تافهة في رأسي ،وإن لم تجد مخرجا ،فلسوف تنفجر.."الفصل. .محمول تافه ديناميتي..
2/كل مرة يعبث الكاتب "السادي" بعدّاد ذاكرتي ،فيعيده إلى الصفر.." الفصل 4 تدخل خارجي..
3/ماكنت محتاجا إلى معالج نفسي ،يشرّح طفولتي ويغوص في تفاصيل ذكرياتي(ف4) إقرار بوعي تام..رفض
4/ القيود موجودة فعلا ..لكن على دماغك " ف 4 هجوم مضاد..
السّارد أراد أن يحوِّل ،بالعبارتين 1،2الراوي إلى هيكل بدون روح،لكن الراوي يعيد الاعتبار لذاته،فيتحول من الصد والرفض،إلى الرد العنيف في الأخير..وهو لا يترك المتلقي بعيدا عن الفاعلية..بل يحدث له هذا الذي سميته بالصعق الكهربي ،ليدفعه إلى ملء فراغات المسار..:"منذ البداية ،إن كانت هناك بداية أصلا، لم أعامل ككائن بشري ،ولدت وأنا ثمل ..الجميع يخرج من رحم ،أما أنا فخرجت من "خمارة"ف5..هذا التوصيف للراوي يربطه السارد بثنائية المكان والزمان..(الزمكانية)..بداية ثم الشك":إن كانت هناك بداية أصلا"..الزمن مهمل ،كأنه يريد أن يتجاوزه..ثم هذا المكان:"الخمارة" ودلالته ،وطن لا يحيا فيه الإنسان بكامل الوعي،منقوص المواطنة،مهدور الكرامة،مغيب العقل،حتى ليشعر بالغثيان..إنه "مواطن بلا وطن"على رأي البراد وني..أو "وطني حقيبة"على رأي النواب..إنّ وطنه:"جدران الملجأ القذرة"ف 6
يظهر الوطن كمكان،أو قل لا حنين يربطه به ..بل كمنطقة عبور:" الكويت مرفئي الأخير حيث حطت سفائني المحطمة الصاري الممزقة الأشرعة.."ومن هذا المرفأ الأخير تبدأ خيوط المشنقة تنسج..
المكونات:
الرواية مكتملة البناء،ومكوناتها عناصر التشكيل الإبداعي لها،وتواجد شخصية التلحيم فيها، تعطي الإحساس بالأمان..والمتعة الفنية..إنها شخصية تطل علينا من حين لآخر،تنفصل عن الراوي،تحاكيه،وتحكي أخباره المسكوت عنها..تتشابك معه حينا وتتكامل،يأتي بها السارد لتبليغ رسالة فنية،وأخرى خطابية..
الحدث:
المرتكز الهام،تحركه شخصية من هذا الممتد فينا ..أردني المنشأ،فلسطيني الهوية،رحل إلى الكويت،وعاش في قصر لرجل يتمتع بالجواري،يرحل إلى الشمال في الصيف، والجواري يرحلن كذلك إلى الشرق الأقصى .يتمتع بهن..تحل الطامة الكبرى بالكويت،ويغزوها جار الشمال،وتنسج خيوط المشنقة بإحكام ..وتتوالى أجزاء الحدث المنفصلة تبني نفسها داخل النسيج العام للرواية..يقول مثلا:"يتهافت الناس على الشراء،يكدّسون العلب والأكياس البلاستيكية داخل العربات..دون حتى أن يقرأوا مكوناتها،فقط من أجل التقليد والمباهاة..لتتورم البطون من أثر المواد المسرطنة وتنتشر البثور..وهم يحبون ذلك ..يحبون كل شيء ،إلا بعضهم بعضا..وينافقون الجميع:ينافقون بعضهم،ينافقون زعماءهم،وزعماؤهم ينافقونهم.."
المفارقة..
يحبون ........... كل شيـــئ
لا يحبون ........... بعضهم بعضا..
فبعضهم بعضا ليس في دائرة (كل شيء)..دائرة تحتوي الكلاب والجواري..

وعليه:بعضهم بعضا # كل شيء
والنتيجة الرياضية:
يحبون = سلوك موجب تقابله الإشارة +
لا يحبون= سلوك سالب،تقابله الإشارة ـ .وعليه : ـ × + = ـ
ومنه : لايحبون × يحبون= لا يحبون
والنتيجة: [لا يحبون بعضهم بعضا في كل شيـئ..]
كل ما هو خارج هذه النتيجة هو سلوك زائف..= نفاق..
ينافقون بعضهم .................. سلوك جمعي
ينافقون الزعماء..والزعماء ينافقونهم..= شعور متبادل..
هذه النتيجة في بناء الحدث هي ما يصل إليه الوضع في المنطقة بكل دقة،لأن الأسباب المؤدية إلى ذلك، هي سلوك بدوي ،كما يراه الدكتور عبد الله شريط في معركة المفاهيم: البداوة الفكرية..لأن صاحبها يعيش القرن العشرين برأس من القرن الرابع الهجري..
وإذا كانت نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج،فمن الغباء أن نبحث عن نتائج صحيحة،بالأسباب التي أوصلت إلى الخطإ..
النفاق والكراهية + تكالب الأعداء :النتيجة الحتمية= المشنقة
ولأن الرواية سياسية نحاول قراءة فقرتها هذه سياسيا
1/سياسة المحاور
2/سياسة التريكا( الثلاثيات/المثلثات)
1/ يحبون كل شيء............. محور اقتضاء ......................... 2 /ينافقون الزعماء

محور تصادم


. محور تناقض . محور تظاهر .محور تبادل

3 /لا يحبون بعضهم بعضا ..........محور :تبادل،تعارض.............. 4/زعماؤهم ينافقونهم


/ وبتتبع الأسهم ،وسياسة المحاور،كما يرى السياسيون،نجد:
-1/محور(1.2) النفاق يقتضي الحب،والتظاهر به
2 /محور(3.2)(2.3)نتيجة اللاحب،والنفاق..محور التصادم..
3/المحور(4.1) (2. 4( 42الزعماء يتظاهرون بالحب،والشعوب لا تحب الزعماء..والكل ينافق
4/محور(1.3) تناقض بين الحب واللاحب..
أو تتبع سياسة الترويكا.المثلثات،كما يرى السياسيون كذلك،نجد:
1/لمثلث(3.2.1)محور التناقض ناتج عن اللاحب/النفاق..تقتضي العلاقات التناقض في كل شيء..المحيل على التصادم
2/مثلث(3.4.1)محاوره التظاهر بالحب ،يقتضي تبادل المشاعر،تتعارض،وتتناقض..
3/مثلث:(4.3.2)محاوره تبادل مشاعر زائفة،تعارض فتصادم..
2/ وفي العبارة الثانية: نجد دائرة أسميها دائرة المشنقة..
ينافقون بعضهم،ينافقون زعماءهم،وزعماؤهم ينافقونهم..
[مجال الدائرة التي سميتها دائرة المشنقة]

.هذه هي دائرة المشنقة،النتيجة الحتمية للنفاق والكراهية..
وهي ما يمكن اعتباره عقدة العقد ،التي لم تكن في النص ذات مستوى واحد،بل سقطت في كل ربوعه..
وقد أهملتها كعنصر مستقل في بنائية النص الروائي،لتجاوز الكاتب المعطى النمطي المتفق عليه..



الأشخاص:أو العوامل:

العامل الرئيس أو البطل ليس له اسم..لم يفصح إن كان عيسى أو موسى أو مصطفى،لم ير للاسم أهمية:"ما المهم في اسم ؟..صدقوني الاسم لا يهم.."الفصل 3..
إنه مواطن عربي يحمل وعيا ،يتصرف كعاقل ولو أقر بالجنون..لكنه يفكر في أحيان كثيرة بصوت مرتفع ..يتقمص شخصيات كثيرات..يتقاطع معها،يكون مرة خادما،فسيدا على خادمة،فحاكما،يأمر وينهى،يحب النساء،لكنه لا يتزوج،يتصور ليالي حمراء يعيشها بكل كيانه،يضاجع الخادمة والديبلوماسية،ويأمر كحاكم قوي،يعطي حماما للكلاب أرضاءً لسيدته،وابنة سيده..يصفه السارد في النص:"رجل شكلته العقد،ويحركه اضطرابه النفسي.."ف4
إنها شخصية هلامية لا نستطيع ضبط أطرافها،ولا السيطرة على تفكيرها،ولا القبض على حركاتها..وأخشى الاستدلال من النص لأن الأمر سيستغرق أكثره،لكني أتوقف على ملامحه في مسارات قليلة:
1/المسار الحركي:
أ/ جاء من الأردن
ب/ استقر بالكويت
ج/ تحرك بخياله في كل النواحي..حتى الأمم المتحدة..
2/ المسار العقلي/الفكري
أ/ عاقل بجنون..
ب/ عاقل يحسن التفكير
ج/ عاقل يحسن التخلص (حسن التخلص في النهاية،المفاجئة..واشتعال الأضواء)
3/ المسار الأخلاقي/السلوكي
أ/ ينافق كل الناس..
ب/ يشتهي الخادمة،ويكره ابنة سيده..
ج/ يضاجع سفيرة الولايات المتحدة في العراق..
وغيرها من المسارات..وهذه تحيل إلى:
- يعي ما يدور حوله من أحداث
- يريد أن يكون فاعلا بالفعل ..لا بالقوة
- يمارس رجولته،وفحولته..
وأخيرا هو شاهد الحادثة التي انتهى إليها الحدث الرئيس..عندما تحول إلى سارد للعملية،إلى شخصية لا تعترف بمن في المكان،إلا بمن تتدلى رجلاه في الهواء،وفوق المكان الذي يعتبر آخر ما احتوت أنفاس الجثة من بقع الأرض..
البقية:السارد/السادي..ينغص حياة البطل،ويتقمصه،يكون الضابط لكثير من تصرفاته،يحاول أن يكونه،أن يأخذ مكانه،أن يعيده إلى تفكيره السوي،أن يرعبه بكثير من الأسئلة عن كثير من المواقف..في البداية يقول له:" ماذا فقدت؟ وماذا أخذ منك الآخرون؟
حياتك؟... تلك مجرد أوهام... فليأخذوا الأوهام... وليرحلوا، كما رحلت أنت..."
وفي مواضع أخرى يقول له:"
- هل كنت أهذي؟ (قلت(.. فأجاب السادي :
- نعم، وبقوة...
- أفهمت شيئا مما هذيت به؟
- ليس الكثير.. لكن كفاية...
- أنا لم أختر معسكري، بل أجبرت عليه...
- وأنا أيضا...
- ربما.. لكنك لست أنا...
- هل كنت أهذي؟ (قال السادي.. فأجبت
- نعم وبقوة... (ثم أضفت) هل تتعاطى أي شيء من ورائي؟
- أنت، في النهاية، مجرد كائن افتراضي تتحمل طغمة سلطة المتخيل والكتابة، ولا يجب أن تتمتع، وتعامل، ككائن من لحم ودم... ما ينبغي أن تعيش وتتصرف على هواك"الفصل الحادي عشر..هكذا يحكم السارد/السادي على الراوي/البطل..أنت لا شيء..أنا من يتصرف فيك..الكتابة هي التي تتحكم في مسارك..
وفي موضع آخر نجد:
- طلب مني "السادي" أن أنتبه لخطواتي، فالجثث باتت تملأ متن النص، والحرائق خارجه كانت في أكثر من مكان.."ثم :
- أنت لا تصغي إلي أبدا (رفع صوته محتجا(...
- مشكلتي أنني أصغيت إليك دائما (قلت)، ربما أكثر مما تستحق...
- ماذا تعتقد أني سأفعل؟
- لا أريد أن أعتقد... أريد أن أعرف...
- إنها الحرب، حتى من دون صفارات إنذار...
- علمتني، امرأة، ألا أثق بالحكام والسياسيين أبدا...
- إنه بلد فاسد"...
- وفي مكان آخر:" –
- لا أعرف كيف استوعب ذهنك كل المعادلات الرياضية، وفيزياء الكوانطا، والجاذبية الكونية، ولم يفهم هذا؟...
- لأنه أشبه بترديد رقية سحرية.. يبدو بسيطا جدا، لكنه ليس سهلا... ليس سهلا أبدا، فهل لديك خطة بديلة؟
- هلوسة، حرب، خراب، جثث، حرائق...
هذه هي القصة التي أكتبها... و لا بدائل لدي..."
هذه نماذج حوارية بين الراوي والسادي..كما يسميه..لكننا نسأل هل هما يمثلان شخصية واحدة؟أم أحدهما يمثل شخصية والآخر موضوعا؟وما حدود الفصل بينهما،والوصل؟
- الراوي العامل الأساس..والسادي يلجأ إليه السارد لحظة انزياح كبرى وبذكاء وفطنة،ليقول لنا أيناكم؟بل يقبض على القارئ المتلصص،أو القارئ الماسح..ليصعقه،ويتحول هو إلى قارئ آخر يحكم على التراكيب،والأفكار:
- " آسف... أعتقد أن هناك أخطاء مطبعية كثيرة في هذا النص... أو أن متنه اختلط مع متن، أو متون أخرى، وهذا يستوجب بعض المراجعة والتقويم... أو أن كل ما كتب لحد الآن، كان يهدف إلى إثبات أيديولوجية متخيلة..."الفصل(11)..
وفي الفصل السابع عشر،أجد تعبيرا عن رفض لحالة سكونية،بل تحفر ،وتهوي إلى السحيق،بطريقة ذكية جدا،لا تعلن عن نفسها ،لكنها لا تخفى على القاريء الذكي:"
– لماذا تسلقت جدار بيتي عند منتصف الليل، أنا الذي كنت معك في خندق واحد طوال سنين؟
- نحن تاجران، سيدي، عقدنا صفقة وخسرناها معا، لماذا حملتني الخسارة وحدي؟ كنتَ جالسا تشرب نخب عشيقاتك الكثيرات، فيما كنت أتعرق وحدي.. كان لا بد أن يأتي وقت تنفجر فيه مثانتك من كثرة الشرب...
توقف القارئ قليلا... تذكر أن مثانته هو أيضا تكاد أن تنفجر... لعن الكاتب، والبطل، والأحداث... لعن كل ما شده إلى هذه الأسطر... وجرى نحو دورة المياه...
عندما عاد، وجدهما حيث تركهما، يتقاذفان التهم..."
في هذه الفقرة ثلاث شخص
1/ الغازي..الذي تسلق الجدران منتصف الليل..
2/المغزو: شخص تافه ،يلهو بالشرب وبالعشيقات..
3 / القارئ..يلعن الحالة، يقوم ليفرغ مثانته..
مثل هذه التقاطعات في النص تجعل القارئ يشكل وعي القراءة،ولا يمر كعابر سبيل،لصا،ماسحا بعينيه،فاقدا ذاته الفاعلة داخل المسار العام..ويفعل السارد ذلك لاعتقاده أن البراءة من المشنقة لا تعني الكثير، ولأنها تعني الكثير..أيضا..
وسأرصف آخرين:1/سيد القصر..2/ابنته..3/الخادمة الفلبينية..4/الشبيه بمهرجي أعياد الميلاد..5/الزعيم..
6/ زوجةالزعيم..7/جنود وجثث..8/وسيدة تنسج خيوط اللعبة من المنطقة..الخ..
الاسم في الرواية مغيب تماما ،لم نجد لأحد اسما بعينه،سوى ما يصفه به..(إذا استثنينا اسم باربي الدمية الجميلة لسفيرة الولايات المتحدة) فهل لذلك من دلالة؟
لا شك،فالراوي يمكن أن يكون أي شخص يأخذ حجم المواطن العربي بلا رائحة،ولا طعم ،ولا اسم..كذلك..وكأن السارد لا يريد أن يربطنا بذوات معينة بالقدر الذي يقدم به الوقائع..كيفما كانت هذه الوقائع..وهذا ما يجعل النص قابلا لأن يمتد في كل الذوات..ويتمطط أكثر من حجمه الحالي ليكون سيمفونية مؤلفة من مقاطع متكاملة،جمالها في تمامها..وإبداعها في قدرة كل منها على الحياة منفصلة..ولأن العناصر فيها لا تحيا بغير التواصل والتقاطع مهما كان الاتجاه..
المكان:
يتنوع المكان : من قصر إلى مقبرة إلى صحراء،إلى قاعة سينما..وفي كل مكان ارتباطه الحنيني بصاحبه،فالقصر مكان لممارسة الرذيلة،يحنّ إليه صاحبه عندما تأتي إليه الفلبينية،ويغادره عندما تغادره الخادمة إلى مانيلا..
والأردن منطقة عبور،يتذكر الوحدات..البقعة..الحسين..يستحضر ملاعب الصبا.."كل ما أعرفه من طفولتي التعسة جدران الملجإ القذرة.."الفصل6..هذه الجدران ولو كانت تعسة لكنها تمتد إلى الطفولة فلها نكهتها الخاصة،ورجع صداها في نفسه،لم تستطع ذاكرته نسيانها،أو تجاوزها،لأن الألفة بالمكان غلّقت أبواب النسيان وشدّته إليها..:" إنَّ أحلام اليقظة تتغذى على أنواع المشاهد،ولكنها تنمو بطبيعتها نحو تأمل الفخامة.." جماليات المكان غ.باشلار ص:170 هذه الفخامة هي من رسم الحنين ، التعسة: رسمتها ولفظتها ظروف لا قدرة له عليها..:" ولأن على الإنسان الفعالية عالية حتى يتمكن من معايشة تجربة المكان الجديد.."م.س.ص:187
نجد هذه الفعالية العالية،والقدرة على معايشة تجربة المكان الجديد في الفصل السابع:" الكويت أيتها الحبيبة الغارقة في الفساد.."..إن دافع الارتباط بالمكان الجديد ،افتقاده نفسيا للاستقرار في مكان آخر..فقد يشعر بالاختناق وهو يعيش فسحة في مكان قد يمتد كصحراء بدون ضفاف..وقد تملأ الفوضى حواسه ومحيطه..لكنه يبقى مشدودا إلى المكان..ولو كان كعش العصفور..هذه الحركة /الألفة بالمكان يصنعها السارد،ويفرضها على الراوي لإحساسه به،وقدرته على التخيل والضرب في أعماق الـ(أنفاق/صحراء/طرقات/ميادين/قاعات/بيوت/قصر/ملجا...)
إن المسافة تحمله في منفاها المتحرك ،كما يقول سوبرفيل..
ولأنهي هذا العنصر يجب التنويه بالصور النفسية كأمكنة تتفاعل فيها أجزاء الحدث الكبير..وقدرة السارد على بناء ذلك وحسن نسجه..
والسارد هنا لا يصف،لأنه يعرف أن مهمته أبعد من حدود الوصف،لكنه يجعل المكان ينطق بعناصره..صحراء بحبات رمالها،ودقائقها..قصر بجواريه،وسيده وابنته،وكلبها،ومجلس يصدر عن زعيمه أمر احتلال المحافظة 19 كاظمة التاريخية..ومع أن المكان تنوع حد التناقض..فقد كان ناطقا،يتناوبه:
الحنين/ والكراهية.....أرض الطفولة والملجأ التعس
الدفاع/التدمير......... خروج من الوطن،ودخول إلى الأرض..
الاحتلال/التحرير...... جار وأخ..أجنبي لمصالح في المكان..
النوم/المضاجعة....... سرير..منضدة
الموت/الحياة............ المقبرة..القصر..
هذه الثنائيات وغيرها :"متعلقة بذوبان الوجود في مكان ذي كيفية عالية ومحددة ذات أهمية بالنسبة لظاهراتية الخيال.."جماليات المكان:غ.باشلار ص:187
الزمن:
الزمن الروائي يمتد من قبل غزو الكويت إلى إعدام الرئيس صدام حسين رحمه الله..إنها أحداث يذكرها السارد حرفيا:"الخميس الحادي عشر من شهر الله المحرم 1411 للهجرة،الموافق للثاني من آب/أغسطس 1990للميلاد..كان الاجتياح إذن.."الفصل12ويختمها بقوله:"فيما كانت رجلاه تهتزان بعنف في الفراغ..ضحك الجميع..أليس اليوم عيد؟؟" .."ثم أسدل ستار النهاية،انتعشت قاعة السنما بالأضواء التي أنارت جنباتها.."ولنا أن نستنتج:
1- كان كابوسا،ربطه بالواقع ،فاستغرق فيه..
2- الأحداث كانت كلها في الظلام،وهذا له دلالاته الكبرى..
أمة لا تعيش خارج دائرة مغلقة معتمة وضعتها فيها تصرفات شعوبها(أنموذج صاحب القصر التافه)..ولم يظلمها أحد ،كل مصائبها من داخل ذاتها،واستعدادها لتكون كذلك وأكثر..
في الرواية الزمن النفسي متواجد بكثرة ويتقاطع في أكثر من فصل مع الزمن الفيزيائي..
ولعل التفاتة السارد إلى زمن احتلال الكويت بوجود صاحب القصر في الخارج للسياحة والاستجمام،هي إشارة ذكية إلى فرار الذين يبحثون عن الحياة الدنيا،فإذا اتسع الأمر تباكوا عن الأوطان،ووضعوا أنفسهم في طليعة المدافعين،وما هم بالمدافعين إلا عن كراسيهم،وبقايا ملك ،يرضى به القادمون من بلاد العم سام..يجعلون الشعوب المسكينة في مقدمة الصفوف.." في ليلة واحدة، ربما في أكثر من ليلة، تقرر مصير أمة مزقها الطغيان والجور"..الفصل الثاني..لماذا كانت قرارات تمزيق الأمة تحاك ليلا..؟؟
ولكن مقابل ذلك يحدث:" - الأوغاد يزدادون صلفا وتجبرا يوما بعد يوم، وما من سبيل لتغييرهم..."..الفصل:الخامس عشر..
الأمة التي يتقرر مصيرها بالليل،يتحرك الأوغاد ويزدادون عتوا،وجبروتا بمرور الزمن..
في هذه اللحظة يتدخل السارد على لسان الراوي،موجها دفة الزمن إلى ثلاثيته:الماضي،الحاضر والمستقبل..كيف نتصوره في هذه اللحظة الفوضوية؟: "في هذه الفوضى علينا أن نعيش اليوم، لأن الأمس قد رحل إلى غير رجعة، ويوم غد قد لا نكون هنا لعيشه.."الفصل 15..
هي نظرة العبثيين للحياة،لا ينبغي أن نفكر أبعد من يومنا..لأن ما انتهى لا نملكه،وما يأتي لا نعلمه،وما هو حاضر يمكن أن نعيشه بكل جوارحنا..وأما المتصوفة فيعتبرون الحاضر لغسل الذنوب الماضية والعلو بالروح عن مستواها الطيني الترابي إلى المستوى السامي(الغد)..
ألم تظهر العبثية نتيجة تأزم الفكر في أوربا بعد أن رأى مثقفوها تدمير العقل لما بناه طيلة الفترة الممتدة بعد تدمير الحرب العالمية الأولى،وتنتهي ببداية الحرب العالمية الثانية؟..
لكننا لم نر ما يدافع عنه صاحب الأرض(القصر) وقد فرّ إلى الغرب لعدم قدرته على إنتاج ما يمكن أن يكون سببا في دفاعه عن المكان..بل اشترى بالمال من ينوبونه في تحرير قصره من الغزاة..
جماليات الرواية:
بعض ما في النص يحدث لذة القراءة ،ومتعة القراءة..واشتغال الناص على اللغة بيِّن وجليّ ،ولو حاولنا أن نحصي هذا الأمر لوجدناه يستغرق النص،ولكن نتوءات كثيرة تخرج به في أماكن متعددة..تفرض التوقف،والتمهل ..وهذه المقاطع تضفي على النص جمالا ومتعة،لنلاحظ مثلا هذه القلة :مثالا لا حصرا:"1/لا أحد يستطيع أن يسابق لريح..
- القاريء محتجا مرة أخرى:"هل تحاول التلاعب بي؟
- ربما...
- الأمر يفلح معك دائما.."
إن مفردة ربما أحدثت متعة الخطاب،وجمال التعبير..فلو غيرها بـ:لا ..أو..نعم..أو حاشا لله..لاعتبرناه عاديا لا يحدث هذا الإمتاع..والتلقي الحسن في نفس المتلقي..ومرد ذلك أن المجيب بـ:ربما لا يُقر بأمر صريح..ولا يقطع الجواب الظني باليقيني..
وكذلك في قوله:2/هل شاهدت فيلم القيامة؟
- كلا..وهل يستحق المشاهدة؟
- لن أدعك تشاهده فحسب... سأجعلك تعيشه..."
الانتقال كان ذكيا بين المشاهدة والمعايشة:قال بداية:
1/هل شاهدت؟واحتمال الجواب عن الحرف هل هو نعم أو لا فقط..
ثم انتقل بعد نفي الراوي المشاهدة :
2/لن تشاهده فحسب" وهو تجاوز لإمكانية المشاهدة..ليقر في الأخير:
3/سأجعلك تعيشه.."
عندما يتكلم عن التداعي الحر ،يستعمله في محاوراته..ويربط الفصول رمزيا ببعض العناوين التي يضعها ،كقوله في نهاية الفصل الحادي عشر:"لكن في أي زمن نحن؟؟"
والجواب يقدمه كعنوان للفصل الموالي:"الإعلام عصب الحياة السياسية في هذا الزمن :"..كان الاجتياح،وكانت وليمة الإعلام الكبرى.."ف.12
وتستمر الرسائل اللغوية أو ما يسمى بماوراء اللغة هي التي تحدد طبيعة الخطاب بين طرفي الحوار..واستحضار القارئ الغائب،وإشراكه في بناء الفكرة،أو إظهار أحد الطرفين بمظهر الساذج غير المبالي باستعمال (ربما) أو هو العبث في الموقف وعدم الاكتراث كذلك بنسقية الفكرة ونموها..بل يُحدث لها قطيعة غير متوقعة تحدث الصعق الكهربي في المتلقي/القارئ:"لكني أعتقد أن كرة خيطك..لا شيء فقط البؤس كائن اجتماعي .."
فالانحراف بالخطاب هنا يذكرني بأجوبة ميرسو بطل الغريب لألبير كامو..الذي أجاب المحقق عن سبب قتله الرجل:الجو كان حارا..أو جوابه لرئيسه في العمل عن سبب التأخر:"المنشفة كانت مبللة" الخ
ويميل السارد في هذا النص إلى مستوى العلاقات الادماجية في بناء الخطاب السردي ،لأننا نصطدم في تراكيب كثيرة بين المحاور المشكلة للخطاب من الأفقي إلى العمودي..وليس على القاريء الفطن إلا اختراق هذه الحواجز الموضوعة من خلال المصطلحات المبثوثة بين شوارع الرواية ،كعلامات فارقة،تحجز المرور،وتسمح به،وتلغيه،وتغلقه..وتمنعه..الخوهذا التجاوز هو الدخول الآمن إلى المعنى الذي لا نتصوره في النهاية فقط،بل من خلال كسر هذه الحواجز ذاتها..
والجمل المشكلة لهذا الخطاب السردي ،تحمل عناصر متضامنة بشكل استفزازي لا تمر على ذهن ببساطة كأنها لأنها تحمل شحنة كهربية مثيرة ومنبهة،فإسقاط بعض العناصر من التشكيل اللغوي ،هو إسقاط للمعنى وإفراغه:"
- إن أردت أن تنزل إلى الشارع،فأنت حر..(قال) لكنك ستقتل..ف.12"
- يبنى المعنى هنا على مفردتي:حر/تقتل..فلو حذفنا إحداهما،أو كلاهما ،سيختل المعنى..ويضيع نهائيا..لكنهما يقبلان تبادل المواقع ،نتيجة التضامن :"إن أردت أن تنزل إلى الشارع ستقتل(قال) لكنك حر.."
- فالحرية مرتبطة بالموت بشكل عبثي..حرية الخروج.............إلى الشارع = موت
كما نجد المفردة المحذوفة تعبر عن نفسها،ولا تقبل أن ينوبها غيرها ،ففي مقطع من الفصل18 يتحدث عن اجتماع القيادة العراقية وقرارها بغزو الكويت،وأن سفيرة الولايات المتحدة أعطته الضوء الأخضر ،يكون الراوي منفردا بالسفيرة(حفيدة العم سام):"وحدنا كنا..وثالثنا كان..." هذا المحذوف لا نتصوره القرار السياسي،ولا غيره إلا الشيطان..وهي توحي بالكثير :سياسيانناجتماعيا..ثقافيا..أخلاقيا..
والسارد في لعبة يتقنها ،يفاجيء القاريء بهذا الذي أسميه الصعهق الكهربي:"توقف أيها المخالس..(قالت وقد أفرجت ما بين ساقيها) –
توقف أيها القارئ! ما هو السؤال الذي يدور في ذهنك في هذه اللحظة؟
- توقف أيها القارئ/المخالس.. وأبعد نظرك، فقد رأيت ما يكفي...
من حقنا أن نتخيل ما نهاية هذا المشهد الغرامي/السياسي،لكن الاسارد يضعنا في الواجهة ولا يهملنا،كأنه يتصور المتلقي في لحظة التلقي عنصرا مكملا للمشهد ..
ومن التعابير الملفتة للانتباه،الوصف مثلا: صاحب القصر، سيدي، كما يحلو له أن أناديه... طويل عريض... ويبدو في عباءته البيضاء، من الخلف، كثلاجة ضخمة" ف.7
"..بدينة جدا .. وهي في ثوبها المزركش تشبه المنطاد... وتكاد أن تنسى حتى أن تتنفس، من فرط ثرثرتها.."ف 9
ثم كأنه يكتشف البارود،ويقدم لنا معلومة في غاية الدقة:" ..(لاحقا علمت بأن "البدون" نوع من "القردة العليا"، تلتقي مع "الإنسان العاقل" في جذر معين لا أعلمه.. لم يمكنها تطورها من أن تصبح إنسانا كاملا... فلم تستحق بذلك كل الحقوق التي يتمتع بها الإنسان الكامل)..
وهذه معلومة تقدم فكرا راقيا ،واعيا وناضجا:
"الأمم المتحدة..مكان جميل للفسق والفجور"..
وفي لحظة انسجام مع ملكة النحل ،يأتينا بأفكار،وحكم :-من الفصل الثامن عشر:
"يفعل الأشرار ما يحلم الصالحون بفعله... لكن لا تقلق، فأنا تربيت في مدارس دينية...
- الشيطان أيضا تربى مع الملائكة!! "
ثم في صورة كاريكاتورية:
- كانت حالتي مزرية، كما لو أني سقطت من على السرير، وكنت أنتظر منها أن تبدي إعجابها بي، ولم أسأل نفسي كيف؟"
- ويستمر التجاوب بينهما ،في لحظة تتجاذبها الوعي بالشبقية :"أشبه ما يكون بنص مستقل مضغوط يختزن الحدث الكبير..وتداعياته:
- زعيمكم المفدى............... أنا اخترعته، كمثل كثيرين غيره...
يقول دون إيمان بما يقول : ..................:" لكنه وصل عبر صناديق الاقتراع"
(وتصدمه)الحقيقة التي يعرفها:................:" هذه شائعة...
ويصر على تصديق الكذبة :................. كانت الانتخابات شفافة ونزيهة؟!
وتصدمه ثانية : ..................." وهذه شائعة أسوأ..."
هذه صورة المواطن البسيط الذي يصدق الكذبة..في لباسها السياسي..
تابعت قائلة وزجاجة الشمبانيا بين يديها :
- عندما يهجرني النوم.. أجلس في غرفتي أعد الجرائم التي فاض بها صدري، كما الفقاقيع التي تفيض من زجاجة الشمبانيا... أنتظر جرعة غزل... وبعض الفحولة .."
وتزداد متعة الجرعات اللغوية والتراكيب الأسلوبية،في هذا الفصل كما في غيره..بمستوياته الانزياحية..وتكثيف الصورة..والقاتمة،المعبرة عن مستوى الوعي السياسي ،والتقزز من الواقع..وتبادل الأدوار بين العاقل المجنون،والمفكر نيابة عن الآخرين،المقصي لقطرات الوعي المتراكمة وراثيا..(أبا عن جد..)
يعرف أن المواطن يغني أغنية الرفض لكن الوادي كان سحيقا لذلك لم يسمعها أحد،من ذوي السلطة،تعرف (باربي) أنها تكلم المواطن الذي لم يكن يوما إلى جانبها:" - أنت لم تكن إلى جواري أبدا، وإلا كنت أخبرتك المزيد... (أضاف.)
- الكثيرون منا كانوا إلى صفك دائما، لكنك كنت تخذلينهم دائما أيضا..."
هؤلاء الكثيرون كانوا السطة،ولم يكونوا الشعب،ولا يعرفون المواطن ،ولا لونه أو رائحته..لكنهم يعلمون أنه يدفع الضريبة التي يحيون بها..
البلازما عنوان ما لم يذكر ولو مرة واحدة..الدم الأحمر الذي ملأ النص،كان سيولا من فوضى،عرق،جيوش،مجازر،جثث،حاملات جند،ثم بلازما بشر،تتلاعب بها (باربي) متحكمة في الشاشة المسطحة لتريه من علاماتها بالمنطقة ما تريد،ويتحول إلى الجهة الأخرى من البلازما،و:
" كنتُ هنا... وكنتُ هناك، لذلك شعرت ببعض التمزق... كنت أتابع الأحداث على شاشة البلازما العملاقة، دون أن يطرف لي جفن، حتى ابتلعتني الشاشة... مررت إلى الجهة الأخرى، ممزقا كحلم، ولم أترك خلفي غير جملة قصيرة:
لقد مر من هنا..."..من هذا الذي مر من هنا؟
الفصل الموالي يجيب..:" في الجهة الأخرى كان هناك بانتظاري، واقفا ما يزال ببزته العسكرية..."
ألم أقل إن اللغة تشدك إلى النص شد الفصول بعضها إلى بعض؟
........................................
آخر المحطات..:
منتهى القول:
إننا نقبض على هذا النص المتوجه إلى النقطة التي لا نصلها..ويكشف عن العلات التي لا نحبذها..ويتكلم عن وعي غائب في الأمة لا يريد عودته الآخر.. وهي عناصر يفضحها النص،ويعيد من خلالها تشكيل الإطار الثقافي والإطار الاجتماعي..كما يراهما محمد أراغون..ولا يمكن أن يكون هذا النص بريئا من معانقة غيره..أو كما ترى ج.كريستيفا:"ليس هناك نص حر من نصوص أخرى ،التي يقوم بينها حوار لا ينتهي.."وما أراه هنا من تقاطع بين نصوص :لا تحتويها مجلدات،ولا تنظمها مؤلفات،لأنها نصوص الحقيقة الغائبة في الأمة كلها..إنها نصوص عودة الوعي،فأين هي هذه النصوص؟؟
المشنقة تبدأ التأريخ ،وتضع نفسها في الصفحة الأولى من هذا السفر الكبير والهام جدا..وليس على التالي إلا أن يكون قادرا على المرور إلى تلوين،بل وتحبير الصفحات الموالية بنفس العظمة وبنفس الحقيقة التي يبحث عنها هذا الذي لا يحمل اسما،ولا هوية،ولا ماض يمكن أن يستند عليه يحميه من أتربة الحاضر وضبابية المستقبل..
الماضي ككتلة قيم أصبح متحكما فيه الوافد المشكل لخريطة العقل العربي الجديد..المرتكزة على قبول الآخر كهيئة تحكّم قادرة على الإزالة،غير قابلة للزوال من الجغرافية،ولا من التاريخ المصنوع بخيباتنا،وبتآمرنا على وجودنا من حيث ندري أو لا ندري..
من أين ندخل؟
ربما الاتجاهات لا تهم عندما لا نملك بوصلة ترشد العقل..أو نملك بوصلة لعقل لا نتحكم فيه،ويشكله الآخر..
النص يدخل معنا في ذواتنا ،يجلدنا حد البكاء،يصل بنا في لحظة قنوط متناهية إلى فتح كوة في أعلى جدار الخيبة يمدنا بضوء،يعلن صاحب القاعة:انتهى العرض..
هذه النهاية تجعلنا وجها لوجه مع ذواتنا ،نستحي أن ننظر إليها في مرآة مهشمة،تعيد صورنا المشوهة..لعلنا نبدأ ،نغير،ننطلق..لعلنا..
ثم :ألا تستحق كل هذه الأعمال ـ وكان يبحث بداية عن فعل ـ أن تكون في كتاب عظيم تدون فيه سيرة هذا الرجل؟..أظنها تستحق وزيادة..
انتهى

..........................
أعتذر من كلا الأخوة الذين وضعوا ردودا هنا وضاعت مع النص ..
أرجو أن تبقى هذه محمية من السرقة..هذه المرة..

شوقي بن حاج
02/09/2009, 02:28 PM
أستاذي / باسين بلعباس
وجدتني الدراسة العميقة متعبا
لكنني تمتعت في مدخلها لأنه حقا إبداع ثاني
وفيها تشويق آخر لقراءة "المشنقة من جديد
سأعود للقراءة وللتمتع للتعمق أكثر في أغوار المشنقة
تقبل الروعة كلها

يحي غوردو
02/09/2009, 02:30 PM
الفاضل باسين أشكرك على هذه القراءة الواعية والنقد المميز

متابع

معتصم الحارث الضوّي
02/09/2009, 02:32 PM
هذه القراءة الرائعة من جنس الرواية المتميزة, والتي اطلعنا على فصول منها عبر الشبكة. شكرا جزيلا للجميع؛ المؤلف والناقد والناقل والقارئ.

تقديري

محسن الحسناوي
02/09/2009, 02:35 PM
شكرا على هذه القراءة المميزة
تحية حب و تقدير

الحاج بونيف
02/09/2009, 02:37 PM
أخي الفاضل الأديب الناقد باسين بلعباس
السلام عليكم ورحمة الله
أعرف الجهد الذي بذلته في سبيل أن ترى هذه الدراسة النور، واعرف مدى تأثرك بالرواية التي طالما تحدثت عنها وأنت تتابع فصولها تزداد عددا كل يوم عبر الصفحات الالكترونية..
أحييك على الوفاء لفصول رواية كتبت وتابعتها حتى النهاية، ومهرتها بما جادت به قريحتك النقدية، فأخرجت هذه الدراسة التي دلت على قراءتك العميقة لما حملته الرواية من دلالات سياسية واجتماعية، وتناولت ما بين السطور لتخرج لنا ما قصده الكاتب وما لم يقصد، كل ذلك بمهارة وفي غاية من البيان والتشريح الجميل..
أشد على يديك، وأنت من ينتقي كلماته في الدراسات النقدية، قوالا للحقيقة غير هياب ولا ميال للمجاملة والمحاباة، فقد أظهرت رواية " المشنقة" في الحلة التي تستحق، فلغتها راقية جدا لا تذكرنا سوى بلغة كاتبها المتميز بجودة لغته، ودقة عبارته، وحسن أسلوبه؛ إنه اللغوي الأديب الدكتورعبد العزيز غوردو..
تابعتُ فصول الرواية التي أخذت من وقت الكاتب الكثير، وهي تجربة رائدة في الكتابة على المباشر، وكنا ننتظر الفصل الموالي لنطلع على مجريات الأحداث وتطورها..
تفاعلنا معها ومع نهايتها التي قادتنا لحل لغز المشنقة التي نصبها الكاتب كعنوان شدنا حتى النهاية..
وكم كان جميلا أن يمتعنا الناقد باسين بهذه الدراسة الوافية ليعيد تذكيرنا بأهم أحداثها، وليضفي عليها مسحة نقدية زادتنا شدا وانتباها..
أهنئ الأخ الكاتب د. غوردو بهذه الدراسة الأدبية وقبلها بطبع هذه الرواية التي تستحق المزيد من الوقفات والدراسات..
فشكرا لك يا أخي باسين على جهدك، وشكرا لك أخي عبد العزيز على العمل الأدبي المتميز..
لكما مني كل التقدير.

علي حاج علي
02/09/2009, 02:38 PM
نحن لا نملك الا ان نقول اننا في منتهى السعادة لان هذا الاثير المعرفي المتدفق جمعنا مع ذلك القلم الناقد المتفرد....... نتمنى لك دوام الصحة والسعادة والاستقرار..........

عبد العزيز غوردو
02/09/2009, 02:40 PM
قرأت هذه الرائعة منذ نزولها بالموقع، ولم أشأ أن أكون أول المعقبين...

أقرأها الآن، دون اعتبار لهذا التعقيب،

لأن لي، بعد انتشاء الروح عودة أكيدة، بإذن الله...

في انتظار ذلك، تقبل أيها الغالي باسين، ما يعجز اللسان، ولا البيان، عن إبلاغه من:

عبارات الشكر والامتنان والتقدير...

صفصاف وارف الظلال.. وعبير تشكيلة من ياسمين وجوري وقرنفل...

ومحبتي معها..

لروحك، أيها العزيز...

" "

باسين بلعباس
02/09/2009, 02:43 PM
أستاذي / باسين بلعباس
وجدتني الدراسة العميقة متعبا
لكنني تمتعت في مدخلها لأنه حقا إبداع ثاني
وفيها تشويق آخر لقراءة "المشنقة من جديد
سأعود للقراءة وللتمتع للتعمق أكثر في أغوار المشنقة
تقبل الروعة كلها
.................................
وأنا راجع هذا العشاء من المسجد بعد الصلاة،وقطرات المطر تلاحق ماسحات الزجاج ،كتبت قصة مبللة من الذاكرة أرسلتها إليك..
لأنك كنت بعيدا هذا الموسم عن البحر..
ربما لتغسل التعب الذي نشعر به جميعا..
أشكرك على الكلمات،وفي انتظار عودتك..
الغيث وما أرسل له..

باسين بلعباس
02/09/2009, 02:43 PM
الفاضل باسين أشكرك على هذه القراءة الواعية والنقد المميز
متابع
العزيز يحيى:
كنت رفيقي ومعيني..
تمنيتَ مثلي أن يظهر المربع السيميائي،ودائرة المشنقة
لكن الجهل الذي يلبسني منع ذلك
شكرا لك..
وألف تحية وتقدير..

باسين بلعباس
02/09/2009, 02:44 PM
هذه القراءة الرائعة من جنس الرواية المتميزة, والتي اطلعنا على فصول منها عبر الشبكة. شكرا جزيلا للجميع؛ المؤلف والناقد والناقل والقارئ.

تقديري
التقدير والشكر لك أستاذ معتصم على المرور والبصمة..
تحيتي واحترامي

غفران طحّان
02/09/2009, 02:45 PM
أستاذي الفاضل باسين
هذه القراءة العلميّة /النقديّة، الماتعة القيّمة
لا يليق بها إلا الرواية الرائعة تلك

كنتُ هنا فتعلمت، واستفدت، واستمتعت
ألف شكراً لاتليق بحجم بهائك
لك كلّ الفرح والخير أستاذي
مودتي لروحك
تقبّل كلّ الياسمين

باسين بلعباس
03/09/2009, 02:19 AM
أستاذي الفاضل باسين
هذه القراءة العلميّة /النقديّة، الماتعة القيّمة
لا يليق بها إلا الرواية الرائعة تلك
كنتُ هنا فتعلمت، واستفدت، واستمتعت
ألف شكراً لاتليق بحجم بهائك
لك كلّ الفرح والخير أستاذي
مودتي لروحك
تقبّل كلّ الياسمين
بداية الشكر الجزيل إلى من أعاد النص إلى مكانه
بعدها:
لكل من قرأ..
وأفاد النص بكلمة،وملاحظة،وقول
وكلكم تملكون الروعة،وتوزعون المودة حين تمرون
غفران المبدعة:
كنت رائعة كالعادة تحملين باقة الياسمين
والكثير من القول الممتع..
تحياتي المباركات..
وكل رمضان والعطر يسكن الباقة البيضاء