المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسلمون التركستان.. مأساة قابلة للانفجار



دكتور عبد الجليل طاش
31/08/2009, 06:18 PM
المسلمون التركستان.. مأساة قابلة للانفجار

30 مليون موحّد تحت القهر الصيني
المسلمون التركستان.. مأساة قابلة للانفجار

• الاحتلالُ الصيني يمارسُ سياساتِ التطهير العِرْقي والديني لضرب الهُوية الإسلامية.
• نسبة المسلمين انخفضت من 95% عام 1940م إلى 40% فقط بسبب سياسة الاستيطان المنظم الذي تمارسه الصين.
• خطة حكومية لتوطين مئتي مليون بوذي في مناطق المسلمين وأراضيهم.
• الصين تقوم بإجراء التجارب النووية في مناطق المسلمين، وتقارير الأمم المتحدة تؤكد أن مليون شخص كانوا ضحايا هذه التجارب.
• حملات تنصير مدعومة استعماريًا تركز نشاطاتها في تركستان لتنفيذ مخطط التغريب الثقافي الروحي.
• • • •
المسلمون في تركستان الشرقية يبلغ عددُهم 30 مليون مسلم، وهم يعيشون مأساة قابلة للانفجار في أي وقت بسبب الاحتلال الصيني وسياسات التطهير العرقي والديني، فالإحصائياتُ تؤكدُ أن نسبة المسلمين هناك انخفضت من 95 % عام 1940م إلى 40% فقط بسبب سياسة الاستيطان المنظم الذي تمارسه الصينُ لتوطين صينيين بوذيين في الإقليم، إذ تسعى الحكومةُ لتوطين مئتي مليون بوذي في مناطق المسلمين وأراضيهم.
ولا يتوقف الأمرُ عند هذا الحد، بل نجد الصين تجري التجارب النووية في مناطق المسلمين، وتقاريرُ الأمم المتحدة تؤكد أن مليون شخص كانوا ضحايا هذه التجارب، هذا إلى جانب حملات التنصير المدعومة استعماريًا والتي تركز نشاطاتها في تركستان لتنفيذ مخطط التغريب الثقافي الروحي.

• مأساة قابلة للانفجار:
وتركستان الشرقية -التي تعد إحدى أقاليم الصين حاليا- بلادٌ إسلامية دخلها الإسلامُ منذ ثلاثة عشر قرنًا، وتعد معقلا من معاقل الإسلام في آسيا، حيث تضم أكثرية مسلمة، وقضيتها مع الحكومة الصينية مأساة إسلامية جديدة قابلة للانفجار في أي وقت بسبب الاحتلال الصيني الشيوعي الذي يحكمُهم بالحديد والنار، ويقوم بالتطهير العرقي والتهجير في محاولة "لتصيينها" ديموغرافيا حتى تحول المسلمون فيها من أكثرية إلى أقلية، وأطلقوا على الإقليم اسم (سينكيانج) أي (المستعمرة الجديدة) بدلا من الاسم التاريخي المعروف به منذ قرون، والذي يعد اسمًا محببًا لدى أهلها المسلمين؛ لأنه يعني استقلاليتهم عن الصين الشيوعية، وهذه القضية تشبه إلى حد كبير القضيةَ الفلسطينية، إذ تتعلق بإلغاء هُوية شعب، وإحلال شعب آخر محله، وسرقة أراضيه، وإطلاق اسم آخر على وطنه.
وتقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى، ومساحتها 1.828.418 كيلومتر مربع، ويحدها من الشمال روسيا، ومن الغرب الدول الإسلامية التي كانت تمثل تركستان الغربية، وهي (قازاقستان وقيرغيزا وطاجيكستان وأوزبكستان)، ومن الجنوب باكستان والهند والتبت، ومن الشرق الصين، ومن الشمال الشرقي منغوليا.
وحسب الإحصائيات الرسمية فإن نسبة المسلمين في الإقليم عام 1940م كانت 95% وانخفضت عام 1949م إلى 90%، وإلى 55% عام 1983م، وذلك بسبب سياسة الاستيطان المنظم الذي تمارسُه الصين لتوطين صينيين في هذا الإقليم، حتى إن نسبة الصينيين في الإقليم الآن 60% والمسلمين 40% فقط، وتقدم الصينُ الإغراءاتِ لمواطنيها للإقامة في تركستان، فتقدم لهم الأرضَ والمنازل وفرصَ العمل والبدلات، ونفَّذت الحكومة الصينية مشاريع تنمية في الإقليم.
• قيود على الولادة:
وفي المقابل تضع قيودًا صارمة على ولادة أكثر من طفل واحد للأسرة المسلمة، ومن يخالف ذلك تفرض عليه ضرائب باهظة ويُسجن، ومن يفكر في الدعوة إلى الله فلا مكان له سوى السجن، ومنذ عام 1990م أطلق حكامُ الصين شعارَ فتح تركستان الشرقية، فبدأوا موجة مكثفه من استقدام المهاجرين الصينيين في الإقليم، وكثفوا رؤوس الأموال فيه على نطاق واسع.
وقد صار اكتشاف كميات احتياطية كبيرة من البترول وبالا كبيرًا على الشعب التركستاني المسلم، فبفتح حقول البترول في (قاراماي) (أقبولاق) و(قبزيلداغ) و(مايتاغ) و(أوجكيك) و(كوكيار) للاستثمار جرى إسكان أكثر من مليوني صيني في المنطقة، كما أخرجت السلطات الصينية السكان المسلمين من أكثر من 600 منطقة سكنية بالقوة.
وسياسةُ الانفتاح التي تطبقها الإدارةُ الصينية في تركستان تستهدفُ فتحَ الطريق أمام إسكان الصينيين، ونهب ثروات البلاد الطبيعية، وتكثيف عمليات نقل هذه الثروات إلى داخل الصين، وأخيرًا القضاء على الشعب التركستاني المسلم بصهره في المجتمع الصيني صهرًا كاملا.
وأمام كل هذه المحاولات الصينية يحرصُ مسلمو تركستان على إسلامهم وهويتهم، ويبذل رجالُ العلم التركستانيون جهودًا كبيرة من أجل تعليم الشعب المسلم أحكامَ دينه وقواعده الأخلاقية وتاريخه الوطني والقومي، وقد قام أفرادٌ قلائل من المسلمين بحركة انفصالية، وأعدمتهم السلطاتُ الصينية، وتعد محاولاتُ الانفصال مستحيلةً حاليًا بسبب قوة الصين الضخمة، واعتراف الدول الإسلامية بوحدة أراضيها، وقيام علاقات سياسية واقتصادية معها.
وتعود أهمية إقليم تركستان الشرقية "سنكيانغ" عند الصين إلى موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية بما في ذلك النفط والذهب والبلاتين والنحاس والحديد، وكذلك إلى مساحته الشاسعة؛ إذ يمثل حوالي 17 في المئة من مساحة الصين، في حين إن الكثافة السكانية فيه لا تتجاوز نسبة الواحد في المئة بالنسبة لعدد سكان الصين الإجمالي.
وقبل العهد الشيوعي كان المسلمون في الصين يواجهون الاضطهاد الديني، لكن بطريقة عشوائية وغير منظمة، ومن ثم لم يهدد ثقافتَهم بالذوبان، أما في مرحلة الشيوعية فراحوا يواجهون آله ضخمة من التشويه والطمس الأيديولوجي المنظم المدعوم بالسلطة والمال على مستوى الترقيات الوظيفية أو العلاوات في الرواتب والأجور، وكذلك أحقية التوظيف.
• الإسلام في تركستان:
ولقد دخل الإسلامُ إلى هذه الأرض في وقت مبكر، إذ اعتنق أهلُها هذا الدين منذ عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وولده الوليد بن عبد الملك في سنة 705م، وذلك عندما أسلم حاكمهم "ستوق بغراخان"، واستبدلوا بدينهم البوذي والوثني الإسلامَ، ومنذ ذلك التاريخ حمل التركستانيون على كاهلهم نشر الإسلام داخل الأراضي الصينية، وكان لهم فضلٌ في ذلك؛ إذ انتشر الإسلامُ في جنوب الصين وشمالها.
وفي عام 880م نشأت أولُ دولة تركية إسلامية، وغدت مركزًا من مراكز الحضارة الإسلامية، خرج منها العلماء والمشاهير في شتى ميادين العلم والمعرفة.
وكانت مدينتا (بخارى) و(سمرقند) في آسيا الوسطى تجمُّعين مزدهرين للحضارة الإسلامية خلال القرنين الرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، وكانت تركستان القديمة تضم أراضي من الصين وجمهوريات آسيا الوسطى وصولا إلى أفغانستان، ويقع هذا الإقليم المترامي الأطراف الذي كان يقطنُه الناطقون بالتركية على الطريق الذهبي الذي اتبعه الرحالةُ الإيطالي (ماركو بولو) في أسفاره، فشاد هذا الشعب المدن، وأقام الدول، وسعى إلى المحافظة على نقاء عرقه وثقافته.
• الغزو الصيني:
وفي عام 1760م فقد المسلمون التركستانيون دولتهم أمام جحافل القوات الصينية التي أطلقت على هذا الإقليم بعد استيلائها عليه اسم "سيكيانغ" أو الحدود الجديدة، وهرب الكثيرُ من القبائل التركستانية هناك إلى أماكن أخرى من آسيا الوسطى التي أصبحت فيما بعد جزءًا من القيصرية الروسية، وهب الإيفوريون -وهو الاسم الذي كان يُعرف به المسلمون، في وجه الاحتلال الصيني- مئاتِ المرات، وحققوا في بعضها استقلالا مؤقتًا.
وخلال الأربعينيات من القرن العشرين أعيدت السيطرة الاستعمارية الصينية على هذه المناطق، وفي عام 1944م اندلع تمردٌ جديد في مناطق الأقاليم الشمالية المحاذية للاتحاد السوفيتي بحدود طولها 3 آلاف كيلومتر، وفي يوم 12 من نوفمبر من ذلك العام أعلن قيام جمهورية تركستان في مدينة كولجي، إلا أن الأمر لم يصل إلى الاستقلال التام، واقتصر على الحكم الذاتي، وقدم (جوزيف ستالين) الزعيم السوفياتي آنذاك المساعداتِ للحكومة المؤقتة التي كان يعدها عنصرَ توازن في وجه قوة الصين المتعاظمة، وفي الوقت ذاته أرسل ستالين خبراء في علم الأعراق البشرية ليقسموا الأجزاء الجنوبية المضطربة عن الاتحاد السوفياتي إلى عدد من الجمهوريات الصغرى، مما سمح لموسكو بممارسة سلطة أوسع في تلك المدة.
وقد برزت نتيجة لذلك جمهوريات (أوزبكستان) و(تركمانستان) و(كازاخستان) و(فرغيزيا) و(طاجستان)، غير أن مساعي السلطات الشيوعية في كل من بكين وموسكو لم تنجح في إحلال الولاء الوطني محل الهوية الدينية أو القومية لشعوب هذه الجمهوريات في مناطقها؛ إذْ حافظ التركستانيون على هُويتهم الثقافية واللغوية والعرقية، وتمسكوا بجذورهم الإسلامية.
وفي خريف عام 1929م تواترت الأنباء عن مقتل زعيم تركستان الشرقية "اخبمحير قاسمي" إلى جانب وفد من أبرز قادة الجمهورية في حادث تحطم طائرته خلال رحلة إلى بكين للاشتراك في الجلسة الأولى "المؤتمرات الشعبية السياسية الاستشارية" للصين، وقد عدوا ذلك الحادث قضاءً وقدرًا، ويعتقد الكثير من المؤرخين أن قاسمي والوفد المرافق له قتلوا في مؤامرة حاكها الشيوعيون الصينيون والسوفيات.
• ضرب الهوية الإسلامية:
وقد مارست السلطات الشيوعية خطة شاملة لضرب الهوية الإسلامية في تركستان، فأصدرت مراسيم قررت فيها منع الأطفال من التعليم الديني قبل أن يبلغوا 18 عامًا من العمر، وأن يكون التعليم الديني بعد هذه السن في معاهد تُشرف عليها السلطاتُ الشيوعية، وتواصلت الحملات الأيدلوجية على هذا المنوال، وكان الهدفُ من ذلك هو تأهيل الموظفين الذين يستطيعون تطبيق سياسة تسخير الدين لأهداف الحزب الشيوعي، وهذا ما شرحه بالتفصيل كتاب "التوجيه في تفعيل الاشتراكية بالدين" الذي وضعه قسمُ الجبهة المتحدة في الحزب الشيوعي الصيني لولاية كاشغر بالاتفاق مع الإدارة الدينية للأقليات في محافظة كشفر، ويضم الكتاب دروسًا ومحاضراتٍ ألقيت في ندوة ضمت 48 من رجال الدين و24 من رؤساء الإدارات الدينية الشيوعين و43 من مدرسي الدين، وعقدت هذه الندوة في كاشغر بين 5-9 من سبتمبر عام 1994م، وصدر عن هذه الندوة قراراتٌ عدة تحارب جميع الأديان، ونذكر منها ما يتعلق بمحاربة الدين الإسلامي، وهي الآتي:
1- يمنع تنظيم حلقات حفظ القرآن الكريم وتعليم أحكام الدين في المساجد والمنازل، وأن يتم ذلك فقط في المعاهد الإسلامية التي تفتح في المدن الرئيسة تحت إشراف السلطات الرسمية.
2- أن يكون التعليم الإسلامي مقتصرًا على الراشدين الذين تجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم.
3- يمنع ترميم المساجد وإصلاحها أو بناء الجديد منها إلا بإذن رسمي من السلطات الرسمية.
4- يمنع تدخل علماء الإسلام في الأحوال الشخصية الإسلامية مثل عقود الزواج والطلاق والميراث وتحديد النسل والتعليم وجمع الزكاة أو صرفها.
5- تسخير المفاهيم الإسلامية في ترويج النظام الشيوعي، وتأييد ممارسة السلطات الصينية لأعمالها ويمنع الإشارة إلى أي مفهوم ديني ينتقد الفكر الماركسي الشيوعي الصيني.
6- رجال الحزب الشيوعي الصيني لا يمارسون شعائر الدين؛ لأنهم العاملون بنظامه ومنفذو تعاليمه، ولا يحق لأي كائن كان أن يحتقرهم ويسيء إليهم بسبب مواقفهم من الدين.
7- يمنع اتصال الهيئات الدينية ورجالها بالمؤسسات الإسلامية وشخصياتها في خارج الصين، كما يمنع تلقي المساعدات منهم من دون تصريح حكومي، ويمنع السماح لأي عالم أو إمام أجنبي أن يؤم المسلمين أو أن يخطب فيهم في المساجد.
8- يحظر على غير الإمام الرسمي الإمامة والخطابة، كما تمنع الصلاة أو الوعظ في غير المساجد التي تفتح بإذن السلطات الرسمية وتحت إشرافها.
ومن يخالف هذه التعليمات يتعرض لأشد الأحكام فظاظة؛ مثل السجن المؤبد مع الأعمال الشاقة لمدد تتراوح بين خمسة أعوام و20 عامًا، وهناك مئات المعتقلين ما زالوا يقيمون في السجون الصينية لمخالفتهم هذه القرارات.

• التجارب النووية الصينية:
وليست سياسة التجهيل الديني والثقافي المتبعة ضدهم من قبل السلطات الرسمية أخطر ما يواجه المسلمين في تركستان الشرقية، وإنما يواجهون أخطارًا أخرى تهدد وجودهم على أرض أجدادهم، ويتمثل ذلك في إجراء التجارب النووية الصينية على أرضهم منذ الستينيات؛ إذ يقع أكبرُ موقع في العالم اليوم لتجارب الصواريخ والقنابل النووية قرب بحيرة "لوب نور" في صحراء "تاكل ماكر" في إقليم تركستان الشرقيه "سيكيانغ"، وفي هذا الموقع فجرت الصين أولى قنابلها الذرية في الجو خلال نوفمبر 1964م، وواصلت الحكومةُ الصينية إجراء تجاربها في هذا الموقع منذ ذلك التاريخ، وكان آخرها التفجير الذي نفذته في أكتوبر عام 1993م.
وتقول تقارير الأمم المتحدة إن حوالي مليون شخص على طرق الحدود الصينية الروسية كانوا ضحايا هذه التجارب، حيث سقط المئات من الأطفال في تركستان الشرقية ضحية مرض غريب، من أعراضه آلام الأذنين وآلام في الرأس، وتعتقد بعض الجهات الطبية في الأمم المتحدة أن هؤلاء الأطفال تأثروا بالتجارب النووية.
ونتج عن هذه الحملات هجرةُ الآلاف من المسلمين إلى بلدان آسيا والشرق الأوسط، وأحفاد هؤلاء كانوا يعرفون في الغالب بالبخاريين نسبة إلى (بخارى) التي كانت عاصمة إقليم في أواسط آسيا، أطلق عليه الاسم ذاته وهو اليوم الدولة المعروفة باسم أوزبكستان.

• الشيوعية والتنصير:
ولقد جاءت حملاتُ التنصير المدعومة استعماريًا لتركز نشاطاتِها في أقاليم تركستان الشرقية ذي الكثافة السكانية المسلمة التي كانت تعرف تاريخيًا باسم شرق تركستان، وكان المنصرون يلقون كل الدعم في نشاطاتهم ضمن مخطط استهدف التغريب الثقافي الروحي المترافق مع التغريب السياسي الاقتصادي، غير أن المساعي التنصيرية تلك، وإن كانت وجدت لها أرضًا خصبة بين الكونفوشيوسيين والبوذيين الصينيين، إلا أنها اصطدمت بوجود إسلامي قوي يغطي مساحات واسعة من أراضي الصين، وتبين أن للمسلمين ثقافةً دينيةً راسخة لم تستطع البعثاتُ التنصيرية التأثيرَ فيها بالسهولة التي كانوا يتوقعونها، لذلك كان من الضروري من وجهة نظرهم دراسةُ واقع المسلمين بدقة من أجل وضع المخططات اللازمة لإنجاح حملات التنصير.
وفي مطلع القرن العشرين انعقد في أدنبرة باسكوتلندا المؤتمرُ التنصيري العالمي، ونص أحد القرارات التي اتخذت في المؤتمر على تشكيل لجنة مهمتها دراسةُ سبل إقامة بعثة تنصيرية دائمة في الصين.

• السيطرة الشيوعية:
وقد مرت السيطرةُ الشيوعية على تركستان بثلاث مراحل هي:
1- مرحلة البناء الشيوعي والسيطرة الشيوعية الصينية من 1949م- 1965م، وتم في هذه المدة: القضاء على الزعماء الوطنيين والعلماء، وتطبيق النظام الشيوعي بمصادرة الأملاك والأوقاف واعتقال الأثرياء وتكوين المليشيات الشعبية من اللصوص والمنحرفين، وبسط السيطرة الصينية على تركستان الشرقية بتكثيف الموظفين الصينيين في الإدارات والمراكز الحكومية، وتنفيذ خطة الاستيطان الصيني البوذي وفرض التصيين الثقافي والتعليمي.
2- مرحلة الثورة الثقافية من 1966م- 1975م، وفيها عمل الصينيون على القضاء على التعاليم الإسلامية والحضارة التركية والمعالم الوطنية لتركستان، وأغلقت جميع المساجد واستعملت لغير أغراضها، وانتهكت الحرمات، ومنع المسلمون من ممارسة شعائر دينهم، وصودرت جميع الكتب الإسلامية، وأجبر المسلمون على تعاليم ماوتسي تونج، وعلى الزواج المختلط بين المسلمين والبوذيين، وشهدت هذه المدةُ تدميرَ ما بقي من مؤسسات ثقافية أو تعليمية أو دينية، وكان الهدف هو قطع المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وأصالتهم وتراثهم الديني والقومي.
3- المرحلة المعاصرة من 1976م- إلى الآن، وتميزت بتحول الشيوعيين الصينيين من تطبيق سياسة الإرهاب المكشوف إلى ممارسة تطبيق الشيوعية العلمية والتصيين الثقافي، بعد أن نجحت السياسةُ السابقة في بث الرعب في نفوس التركستانيين، والتخلص من القوى الإسلامية والوطنية وسيطرة الصينيين على مقدرات البلاد، وتمكنهم من توطين أكثر من خمسة ملايين صيني بوذي في تركستان الشرقية.
وقد شهدت هذه المدة نوعًا من الانفراج النسبي، ومظاهر التسامح الديني للمسلمين، ولكن الخطر الحقيقي ما زال قائما، ويتمثل في سعي الحكومة الصينية لتوطين مئتي مليون صيني بوذي في هذه البلاد المسلمة.

• ثورات المسلمين:
ولقد وقف المسلمون في تركستان الشرقية بالمرصاد للاحتلال الصيني لبلادهم، وثاروا على الحكم الصيني، واستشهد مئاتُ الألوف من المسلمين في سبيل خلاصهم من الاستعمار الدخيل، وأثمر هذا الجهادُ قيامَ عدد من الحكومات الإسلامية الوطنية، مثل حكومة خوجه نياز عام 1933م وحكومة على خان توره عام 1945م، ولكن دخول الشيوعيين -بعد انتصار ثورتهم في الصين– إلى تركستان الشرقية عام 1949م قضى على آمال التركستانيين في حكم أنفسهم بأنفسهم، وقاموا بثورات مسلحة منها:
1- الثورة الأولى التي امتدت فيما بين الاحتلال عام 1949م وحتى 1951م.
2- الثورة الثانية التي امتدت فيما بين 1954م وحتى سنة 1958م.
3- الثورة الثالثة التي امتدت فيما بين 1959م وحتى 1963م.
4- الحركات الرافضة الكثيرة التي امتدت فيما بين سنة 1965م وحتى 1968م.
وقد واجه الشيوعيون هذه الثوراتِ بالعنف والإرهاب والظلم، وتم عام 1952م إعدام 120 ألف شخص من العلماء والزعماء والشخصيات.
فهل يدرك المجتمعُ الدولي مدى فداحة السكوت عن الاضطهاد الديني والثقافي والعرقي الذي يتعرض له المسلمون في تركستان الشرقية وسائر أقاليم الصين؟ أم أن الصين دولة قوية وصاعدة على مستوى النمو الاقتصادي، وتجد بها رؤوسُ الأموال الغربية أسواقًا مربحة، فلذلك يجري السكوتُ عن جرائمها الوحشية ضد المسلمين وحقوق الإنسان وحرياته؟

• مطالب المسلمين:
إن مطالب المسلمين في تركستان مطالب مشروعة، أعلنوا عنها في أكثر من مناسبة، ويسعون لتحقيقها بكل الطرق والوسائل المتاحة لهم، ويجب أن يقف العالم الإسلامي إلى جانبهم للحصول على هذه الحقوق المشروعة، ومنها:
1- وقف الاستيطان الصيني في بلادهم.
2- وقف إجراء التجارب النووية الصينية في أراضيهم.
3- إلغاء السياسة الصينية الاستعمارية بتصيين المسلمين التركستان ثقافيًا واجتماعيًا ومنحهم الحرية لحفظ كِيانهم ووجودهم الإسلامي وهُويتهم.
4- منح المسلمين التركستانيين حق تقرير المصير في حكم بلادهم، وإجراء انتخابات حرة لاختيار رئيس الحكومة المحلية ورؤساء اللجان الشعبية.
5- وقف تطبيق سياسة تحديد النسل لمسلمي تركستان.
6- إعطاء الأولوية لشباب تركستان للعمل في الأجهزة الحكومية والمؤسسات والمصانع.
7- العمل على رفع المستوى العلمي والصحي والاقتصادي لشعب تركستان.

• المراجـع:
1- تركستان المسلمة وأهلها المنسيون – د. عبد القادر طاش – دار الفتح للإعلام العربي – القاهرة 1999م.
2- مجلة الأسرة - العدد 75 جمادى الأولى 1420هـ.
3- تقارير وكالة الأنباء الإسلامية.
4- موقع محيط - 3 يونيه 2000م.
5- جريدة الشرق الأوسط – 15 يونيو 1987م.
6- مجلة رابطة العالم الإسلامي – العدد التاسع – رمضان 1404هـ "1984م".