المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر محمد الأمين سعيدي يحاور محمـد عريج.



ابراهيم ابويه
04/09/2009, 03:48 AM
محمـد عريج.. حين يأتي الشاعر بقصيدة مدح فهو يأتي بصفة شخصية ولا يعكس حالة عامة .
حاوره الشاعر: محمد الأمين سعيدي
02/09/2009
كنت في قلق على الشعر وأتساءل هل مازال في عصرنا هذا شعراء يحملـون لـواء هذا الكائــن المضطهــد ؟
محمد عريج من بين الشعراء الذين عرفتُهم في العالم الرقمي، وامتدّت صداقتنا منذ أكثـر من أربع سنوات على رغم أننا لم نلتق قط، ولكننا في تواصل مستمر.
هو من مواليد19 مارس 1984 بمدينة الدار البيضاء، يعمل أستاذا للرياضيات، غير أنه يهرب من عالم الأرقام والحسابات الدقيقة إلى الشعر، هذا الكائن الذي ما زال يُمثل نافذة للهروب من الواقع / اليقين إلى ما هو فوق واقعي وأقصد به الرؤيا والحلم.حاورناه بعد مشاركته في مسابقة أمير الشعراء التي وصل فيها إلى المرحلة ما قبل الأخيرة، فكانت له أحاديث عن المسابقة وعن المشهد الشعري العربي والمغربي. كنتَ من بين المتأهلين في مسابقة أمير الشعراء ، بل والواصلين إلى مراحل متأخرة منها ، كيف تصف هذه الرحلة ؟ وما هي المكاسب التي جنيتها من ورائها؟
أحمد الله أولا أن وفقني بأن تأهلت في هذه المسابقة التي شارك فيها ألمع الشعراء في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. هذه المرحلة كانت بالنسبة لي نقطة انعطاف في مساري الشعري حيث إنني لم أقابل من قبل عددا كبيرا من الشعراء كما حصل معي في أبو ظبي...ولم أحتك بأي تجربة شعرية عن قرب قط....إلا بهذه التجارب التي رأيتها تمشي أمامي هناك...وهذا مكسب كبير بالنسبة لي كشاعر ما زال يسعى أن يحقق ذاته الشعرية.
لا ريب أنك التقيت كثـرة من الشعراء الشباب الذين يُمارسون الكتابة في شكلين شعريين على الأقل: عمودي موروث، وتفيعيليّ حديث، وربما منهم كذلك من يكتب قصيدة النثـر.
كيف يمكنك تقييم المشهد الشعري العربي انطلاقا من هؤلاء؟
-- في الحقيقة اكتشفت وأنا في أبو ظبي الغبن الكبير الذي يتعرض له الشعر والشعراء في الوطن العربي بسبب الإعلام الذي يضع كمامات خانقة يكتم بها أصوات شعرية تستحق أن تظهر وأن يسمع لها....
كنت من قبل في قلق على الشعر، وأتساءل هل ما زال في عصرنا هذا شعراء يحملون لواء هذا الكائن المضطهد؟
حتى لقيت إجابة مدوية من خلال احتكاكي بتلك الأصوات الشعرية...التي طمأنتني على الشعر، ووعدتني بلسان حالها أنها قادرة على أن تكتب ديوان العرب الحديث، وأن تحافظ على هذا الجنس الأدبي كأرقى أداة للتعبير.
الشعر والمسابقات التلفزيونية، موضوع جديد أصبح يشغل كثـرة من الدارسين والمبدعين أنفسهم، هل ترى وأنت خائض هذه التجربة- أنّ مثل هذه المسابقات هي في خدمة الشعر ؟
في هذا العصر لا يستطيع أن يختلف اثنان أن التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة التي قد تطرق كل بيت في الوطن العربي، لا بل تستطيع أن تدخل حتى من غير طرق واستئذان لأنها تحمل سلطة الإعلام...والشعر كغيره من الأجناس الإبداعية الأخرى من حقه أن يستفيد من هذه الوسيلة العظيمة وأن يضمن له جمهورا ومتتبعين....
وحين نتابع ما يحصل على القنوات الفضائية، التي قد تعنى بأي شيء إلا الشعر...فلا نملك إلا أن نحمد لهذه المسابقات أنها تبنت الشعر وأخذت بيده حتى يدخل بقلب مطمئن إلى بيوت هذا الوطن العربي....وأن يقول ما يشاء دون أن يحس بأي حرج، قد تكون لهذه المسابقات أبعاد أخرى غير الشعر، لكنها في النهاية تسدي خدمة كبيرة لهذا الكائن الغريب، ولا يمكن أن ننكر أننا استطعنا من خلالها أن نتعرف على وجوه شعرية وان نغرف من بحر جمالها وما كان هذا ليتأتى لنا لولا هذه المسابقات.
سمعنا لكثـرة من المشاركين في هذا الموسم، فوجدنا أغلبهم إنما جاء مادحا إما لرجل دولة، أو للبلد المضيف. كيف تفسر هذا ، وهل هو عودة جديدة للاسترزاق الشعري، والوقوف أمام أبواب الخليفة؟
ما أستطيع أن أقوله: إن الشعر حين كان وسيلة للاسترزاق فهو باختيار الشاعر نفسه الذي يوظفه لهذا الغرض، وليس باعتباره إحدى الوظائف التي يؤديها الشعر، رغم أن أحد أهم الأغراض الشعرية التي يعرفها كل مبتدئ في الشعر،كانت نتاجا واضحا لهذه الوظيفة المزعومة للشعر، وهو المدح...أو المدح التكسبي لأن تاريخنا الأدبي يزخر بقائد مدح لم يكن التكسب سببا لها وإنما أشياء أخرى.
وهو الأمر نفسه الذي نراه في مثل هذه المسابقات،فحين يأتي الشاعر بقصيدة مدح فهو يأتي بمبادرة شخصية ولا يعكس حالة عامة، لأن المدح لا يُفرض على هؤلاء الشعراء....والدليل على ذلك أن هناك شعراء حلوا ضيوفا وقدموا قصائد وطنية أو غزلية أو....إلخ دون أن يتطرقوا للمدح.
أقول ختاما، لا يمكننا أن نقيد الشعر ونصدر عليه هذه الأحكام فهو يظل مترفعا عن كل ذلك....وأظن أنه حتى حين يلوى عنقه ليمدح فإننا نحس أنه فعل ذلك مرغما والدليل أن أضعف القصائد التي نسمعها هي التي تكون في المديح.
إذا كان الشعر الحقيقي هو ذاك الذي يغوص في أعماق النفس ، ويختبر علاقتها بالآخر وبالوجود . ألا ترى الخوض في أغراض أكل عليها الدهر وشرب أمرا غريبا جدا؟
الغريب هو أن يتطرق إليها الشاعر بنفس الطريقة والأسلوب القديم، ذاك أنه يتوخى منها أشياء أخرى تشغل باله عن أن يبدع أو يجدد.
أخبرتني يا صديقي أنك التقيت بشعراء من الجزائر في هذه المسابقة. وربما من تونـــــس أو من موريتانيـــــا. في نظرك هل وصل الشعر في المغرب الكبير إلى مستوى ما يُكتبُ في المشرق؟ وهل زالت تلك النظرة المشرقية التي تجعل دائما من المغرب تابعا لا مساهما في الحركة التجديدية؟
من أجمل ما صادفته واكتشفته وأنا في أبو ظبي أنني تعرفت على شعراء ممتازين من المغرب العربي، منهم من حالفه الحظ واستطاع أن يجلس على ذلك الكرسي ويطل منه على هذا الجمهور، ومنهم من لم يوفق وعاد دون أن ينقص ذلك من قدره.
ولا شك أن المغرب العربي ما زال متهما بتبعيته للمشرق.....
وربما يكون ذلك بسبب وسائل الإعلام في مغربنا العربي التي تقصر أكثر من غيرها في إيصال مبدعيها وتصدير منتجاتهم الإبداعية .
فحتى نحن -المهتمين بالأدب- لا نكاد نعرف عن شعراء أوطاننا بنفس القدر الذي نعرف به شعراء مصر وسوريا والعراق و.....إلخ.
وحتى في مقرراتنا التعليمية التي نشأنا عليها كانت تعنى بأدب المشارقة، مما يطرح السؤال الملح:
أليس في مغربنا العربي شعراء يستحقون أن نتعرف عليهم وأن ننهل من أدبهم كما ننهل من أدب الآخرين؟
أظن أن تلك النظرة التي كوَّنها علينا إخواننا في الشرق، نحن من نتحمل المسؤولية كاملة فيها...ونحن المطالبون بتغييرها.
وأظن أن إحدى حسنات تلك المسابقات الشعرية أنها استطاعت أن تعرِّف الجمهور العربي على أصوات شعرية قادمة من المغرب بعد أن تعودوا عليها قادمة من المشرق، وحقيقة لقد سمعتُ من عدة شعراء أولئك الذين التقيتُهم أنهم كانوا يظنون أنه لا شعر في المغرب العربي حتى سمعوا لهذه الأصوات القادمة من ذلك المكان المعتم في خارطة أدبنا العربي.
ما هي مشاريعــــك المستقبليــــة؟ وما هو حالك مع النشر؟
أظن أني استفدت كثيرا من مساحة الضوء التي سلطت علي في برنامج أمير الشعراء، فعلى الأقل صرت معروفا بين الشعراء والمهتمين بالشعر وإن كان عددهم محدودا جدا في بلدي المغرب.
لكن هذا سيفيدني كثيرا كوجه جديد في الساحة الأدبية التي سأعمل على أن أثبت نفسي فيها شاعرا، وذلك من خلال ديواني الأول الذي أفكر أن أنشره في أقرب وقت يسمح لي بذلك.
هل يمكن أن تعرض لنا مقطعا من شعرك لقارئ الموعد الأدبي هنا في الجزائر؟
أقول في قصيدة:''مازال ينزف في الرحيل":
لَمْ يبْقَ مِنْ وَطَنٍ يَسيرُ أمَامَهُ
يَمْضي وَقدْ بَلَغ الرَّحيلُ تَمَامَهُ
مَا بَيْنَ قَافِيَتيْنِ..أوْدَعَ نَجْمَةً
لِيُضيءَ مِنْ رُؤيَا السَّمَاءِ كَلامَهُ
مُتوَضِّئٌ بِدُمُوعِ غَيْمَتِهِ التي
كَانَتْ تُظِلُّ إذَا مَشى أحْلامَهُ
صَاحَتْ صَحَارى خَلفَهُ..وَهوَ الذي
قَدْ عَاشَ يُشْعِلُ في الرمَال غرَامَهُ
وَيُرَتِّلُ النَّخْلَ المُسافرَ في المَدى
آياتِ عِشْقٍ حِينَ يَرْفَعُ هَامَهُ
للعِشقِ أشْجَارٌ...يَقيلُ بظِلِّهَا
فَيَزورُ عُصْفُورُ الوَفَاءِ مَنَامَهُ
أخي وصديقي الشاعر المغربي محمد عريج ، أشكرك على هذا الحوار الممتع ، وأتمنى لك مشوارا شعريا حافلا بالإبداع والتميز.

http://www.elhiwaronline.com/ara/content/view/18410/139/