المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات أستاذ اللغة العربية لغير الناطقين بها الحلقة 2 بقلم:احمد الحبيب بالمهدي



احمد الحبيب بالمهدي
08/09/2009, 04:57 AM
في الورقة الأولى تحدثت عن الأستاذ "بيل" كمحاضر من طراز رفيع و صاحب منهجية صارمة في تعليم اللغة العربية، و مدرك لخصوصيات اللغة العربية التي تتقاطع فيها العناصر الجمالية في الحوار و الممارسة و في الاحتكاك، في هذه الحلقة نتابع الحديث عن أهمية "المحاضرة" ك: ( حديث الأربعاء) و تجعل كل المستويات أمام محك الممارسة الحقيقية و أمام مقدارما استفادوا منه، و نجاعة المنهجية المتبعة، و ذلك من خلال طرح الأسئلة و مناقشة المحاضر و الاتفاق أو الاختلاف في وجهة النظر، محاضرة الأستاذ ندير الاسماعيلي، الأستاذ الذي يعرف كيف يحاور، و كيف يدافع عن وجهة نظره بجرأة و حس علمي، دقيق نتفق معه و نختلف ليس هو الأهم، الأهم هو طرح الأسئلة الجريئة و الحرجة كما يذهب إلى ذلك "رولان بارث" الأستاذ و الصديق العزيز سي ندير الاسماعيلي طرح في محاضرته القيمة أمام طلبة متعطشين لمعرفة كنه اللغة العربية و المواضيع الحساسة المتصلة بها، و بالتالي طرح المفاهيم الحداثية التي تميز فترة حياتنا المعاصرة، الطلبة الأمريكيون كانوا ينظرون إلى الأستاذ الإسماعيلي و هو يحاضر بعربية واضحة مختارة، يعززها من حين إلى حين ببعض المفاهيم الانجليزية، لقد طرح علاقة المرأة و القانون في عصر العولمة و المكتسبات التي حققتها المرأة العربية عامة و المغربية على الخصوص في القرن 21 . موضوع أثاره الأستاذ الاسماعيلي بنبرة الجامعي المتمكن، و بحرص شديد على إيصال وجهة النظر بلغة سلسة نافذة، الاسماعيلي في محاضرته تتفق معه و قد تختلف، و لكن الشيء الأكيد هو حرصه على الطرح النافذ و اللغة المعبرة، و هذا فعلا ما لاحظناه عندما توجه بالسؤال إلى الطلبة للإستفسار و لمعرفة مدى قدرتهم على استيعاب موضوع "المحاضرة" ...

كنت مشدوها و من ورائه أتابع محاضرته بانضباط قوي، و أسجل بعض الملاحظات التي أفرزتها ذاكرة الأستاذ الاسماعيلي، و كأني به بين أسوار المولى إسماعيل الشاهقة و أبوابه الصامدة يستمد الصلابة و القوة ... و يدعو إلى السلام و التسامح في درب "القنوط" الذي تاريخيا كان حيا للتسامح و الحضارة و تبادل الثقافات، أو من خلال مقامه في عاصمة النور(باريس)، متجولا في شوارع "السان ميشل" و ساحة "بوبول"، و الحي "اللاتيني" و دهاليز الجامعة ...

لقد كانت بحق محاضرة داخل النسيج الحضاري لذاكرة المحاضر، و ذاكرة المكان، "فالمركز" هو الآخر تحفة تاريخية و حضارية لابد و أن تعكس قوتها على المتلقي و الملقي، خاصة ذلك الذي عبر بحر الظلمات ... ليستقر و لو مؤقتا في إحدى الدور العتيقة بعد صعوده "سقاية حمادشة" و التبرك بالولي الصالح المغمور "سيدي بولقنادل" ... الطلبة الأمركيون طرحوا أسئلة حرجة و أبانوا عن فهم عميق لعلاقة المغرب بموروثه الثقافي و الحضاري... فكانت "المحاضرة "عنوانا للإستيعاب و عنوانا للتواصل و عنوانا لدرس جديد بلغة جديدة بلغة جميلة و قوية و نافذة، سرعان ما تحدث عشقا متبادلا في لغة الأسماء و الحروف و الأفعال و التوابع ..

احمد الحبيب بلمهدي من المغرب
رئيس نادي السينما و التوثيق و الاعلام ccdimeknes@gmail.com