المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غرناطة، قبل اللقاء بعد الرحيل



حسام الدين شاشية
09/09/2009, 06:03 PM
حسام الدين شاشية
الإهداء: إلى روح كل الذين هجروا من بيوتهم قبل أربعمائة سنة، إلى أحفاد هؤلاء، إلى كل الأصدقاء في العالم الذين يُؤمنون بعدالة القضية الموريسكية، إلى الذين يؤمنون بالإنسانية
سأجيئُكِ يا غرناطة ككل الشُعراء
تسبقُني الأشعارُ إلى قصر الحمراء
إلى أزهار النارنجِ و الياسمين و الحدائق الخضراء
إلى مجالس الطربِ و الشعرٍ
إلى ولادة و ابن زيدُون
إلى ابن رشدٍ و ابن ميمون
تسبقُني الأشعارُ كطفلٍ صغيرٍ
يركضُ إلى حُضن أُمه...
أ ستذكُرينني يا غرناطة؟
أ ستذكُرين صقر قريشٍ و بني أُمية
و المعتمد بن عباد و يوم الطين؟
أنا مازلتُ أذكرُ...
و مازلتُ أسمعُ المنادي
يقرأُ ذلك القرار المشئُوم
"بأمر الملك أرحلُوا، أرحلُوا..."
مازلتُ أذكرُ كيف قادُونا إلى موانئ التهجير
الأطفالُ يبكُون، و النسوةُ حائرات
و الرجالُ يتوعدُون في صوتٍ منهزمٍ، كسير
و يقبلون تُرابك...
آخرُون حملُوا مفاتيح بيوتهم من ذكرى الطرد الأخير
مازلتُ أذكرُ كيف اقتلعُونا من مدننا و قرانا...
و رمونا في أحضانِ بحرٍ هائجٍ، غامضٍ
في ذلك اليوم الحزين...
السماءُ رمادية، مليئةٌ بغُبار الرحيل
وبعضُ قطرات مطرٍ
كأنها دُموع زيوس يبكي هؤلاء المساكين
و في ركنٍ مُظلمٍ يهددُ القس الأُم
ويأمُرُها بأن تبيعهُ ابنها الصغير
هزيعُ الرعد، و صفيرُ الريح...
كأنهُما يعزفانِ لحنًا جنائزيًا
يُؤبنانِ فيه خمسمائة سنةً من الحضارة
يُؤبنانِ سنينًا من التسامح و التعايُش المُشترك
مُنذُ أربعمائة سنةٍ طُردنا...
غرناطة، هل ستذكُرين؟
هل ستعرفين معنى كلماتي العربية؟
هل ستقولين:"كين أراس"(1)؟
أم ستقولين:" حالَتْ لِفَقْدِكُمُ أيّامنا، فغَدَتْ
سوداً، وكانت بكمْ بِيضاً ليالينا"(2)
سأجيئُكِ يا غرناطةُ بقلب مُحبٍ حالمٍ
لا يخشى في حُبكِ لوم اللائمين
سأُهديك شاشيةً حمراء
و سأكحلُ عينيك الجميلتين
سأغسلُ وجهك الأندلسي بماء الورد
و شعرك الغارق في السواد بماء النسرين
لتبقي يا غرناطةُ حُلم العاشقين
و أملاً في السلام
و ذكرى من زمننا الحزين الجميل
__________________
¿Quién eres?من أنت؟
(2) بيت من قصيدة ابن زيدون التي مطلعها:
أَضْـحَـى التَّنَـائِـي بَـدِيْـلاً مِـــنْ تَدانِـيْـنـاوَنَـــابَ عَـــنْ طِـيْــبِ لُقْـيَـانَـا تَجَافِـيْـنَـا
تنزيل القصيدة في شكل فني جميل
http://www.4shared.com/file/131392843/399da556/____.html?

عبد الرحمن الطويل
10/09/2009, 01:44 PM
أحسنت و أجدت أخي حسام .
و إن شاء الله سنأتيها معك ـ فاتحين لا سائحين ـ بحول الله و قوته .

أما الآن فنقول لها و ما حولها :

لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا .:. إن طالما غير النأي المحبينا .

نزار سليمان
10/09/2009, 08:17 PM
وبعد مرور 400 عام ..
لا تزال الوجوه في غرناطة عربية ..

ولا يزال رمز قرطبة نصب تذكاري لأعظم عاشقين .. ابن زيدون وولادة ..

ولا تزال أشجار النخيل والبرتقال والزيتون شاهداً ..
ولا تزال جنات العريف ( خنراليف ) ناطقة على كل ما كان ..

وآلاف الكلمات العربية لا تزال حية حتى الآن .. فالنارنج ( نارانخدا) .. والقلعة ( كالي ) .. والمخدة ...

ولا تزال محاولات سرقة تراث الأندلس منا .. حتى في موشحاتنا ..

ولا تزال الآثار الهمجية لمحافل التفتيش شاهدة على أوجاع امتدت إلى الخاصرة ...

شكرا لك أخي حسام

جمال الأحمر
10/09/2009, 08:31 PM
شكرا أخي حسام الدين...

يا ابن الأندلس الأصيل...

عجبا لك يا رجل، أما نسيت بلدك الحبيب بعد قرونٍ خمسٍ كاملات؟

من أين يأتيك سحره؟

وكيف بقى الحلم مستمرا على الرغم من ظروف عالمنا المشوشة؟

سيبقى حب الأندلس ينبض في القلوب إلى أن تعود...

لا زال يهيج شوقي المفتاح المعلق على باب داري في الشتات...

إني أقول معك: أواه يا أندلس...

جمال الأحمر
10/09/2009, 08:42 PM
حسام الدين شاشية
الإهداء: إلى روح كل الذين هجروا من بيوتهم قبل أربعمائة سنة، إلى أحفاد هؤلاء، إلى كل الأصدقاء في العالم الذين يُؤمنون بعدالة القضية الموريسكية، إلى الذين يؤمنون بالإنسانية[...]
غرناطة، هل ستذكُرين؟
هل ستعرفين معنى كلماتي العربية؟
هل ستقولين:"كين أراس"(1)؟
أم ستقولين:" حالَتْ لِفَقْدِكُمُ أيّامنا، فغَدَتْ
سوداً، وكانت بكمْ بِيضاً ليالينا"(2)
سأجيئُكِ يا غرناطةُ بقلب مُحبٍ حالمٍ
لا يخشى في حُبكِ لوم اللائمين
سأُهديك شاشيةً حمراء
و سأكحلُ عينيك الجميلتين
سأغسلُ وجهك الأندلسي بماء الورد
و شعرك الغارق في السواد بماء النسرين
لتبقي يا غرناطةُ حُلم العاشقين
و أملاً في السلام
و ذكرى من زمننا الحزين الجميل


أنت تعبر بلساني...حماك الله...

حسام الدين شاشية
11/09/2009, 04:01 AM
شكرًا لكل الأخوة على هذا التفاعل الجميل
نعم بعد 400 سنة لازالت الأندلس حية في قلوبنا، لأنها ليست مجرد تاريخ، بل هي زهرتنا الجميلة التي زرعناها هناك ففاح عطرها على كل العالم،علمًا و هندسةً و طبًا...
اه الحديث عن الأندلس ذو شجون...فكأني الأن أتجول في أسواق غرناطة و أشاهد في اشبيلية عرس المعتمد على اعتماد، و شوق ابن زيدون لولادة، و كأني أخوض معركة الزلاقة و أحضرُ تسليم أبو عبد الله لمفاتيح غرناطة، كأني أسمعُ بكاء الأطفال و عويل النساء في موانئ التهجير...أه ألم أقل لكم الحديث عن الأندلس ذو شجون