المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محنة القصة القصيرة و مبدعيها



محمد عطية محمود
10/09/2009, 02:29 AM
القصة القصيرة جنس أدبي متجدد ، و متفرد باشتقاقه من فني السرد و الشعر ، و بما يحمله من مميزاتهمت معآ ، و بما خطاه من خطوات واسعة / قفزات ؛ لينبض بإيقاع عصر ، و تشظي إنسانه المحمل بهمومه و المتدثر بها .
تحمل القصة سمات ميزتها ، و قفزت بها ؛ لتأخذ أشكالآ مختلفة مبدعة لا تقبل القولبة أو التنميط ، و لا تمثل بلأى حال من الأحوال هذا الشكل القديم لمعنى القصة المسرودة كحدوتة ،التي ربما تصل في بعض الأحيان إلى مستوى الاستخفاف بقارئها ، و كبداية لابد لها من نهاية ، و إن كانت خالية من أية جماليات فنية و لغوية . و هي بقديمها ـ في اعتقاد المتقولبين ـ جُل الفن القصصي و عماد بنائه الذي لا يقبل تطويره أو تغييره أو ( العبث ) به !
لا شك أن هذه القفزات السريعة لفن القصة ( الحقيقي ) و اقترابه بشدة من عالم الشعر ، أو عالم الإحساس المعبر عن معاناة إنسان المرحلة و تأزماته و تعقداته ، و ثورتها على جمود الفكر و قصور النظرة الإبداعية المستسلمة لسهولة الطرح و المعالجة ، قد أوقعت القصة فريسة مضطهدة في أيدي حماة ( الأصالة ) التي تقف على أعتاب حقب زمانية فائتة توقف عندها فكر المواكبة ، حتى كاد بحر الإبداع المستند إليها يجف على هذه المشاهد القديمة ، و حدود الرؤية الذي لا يلائم كل الأزمنة و لا العقول الطامحة إلى الإبداع و محاولة التجديد ، و لا يصلح لمعالجة قضايا و هموم الإنسان في عصر يتغير فيه كل شىء سريعآ .
حقيقة ضاق الحصار على هذا الفن الذي يحاول خلع رداء التقليدية ، و تمزيقه ، رغم المقاومة الشرسة من حماتها ، و تعددت عناصر حصاره
* المساحة الصغيرة المتاحة لنشر هذا الفن ، حتى في الوسائط الورقية التي تعنى بالأدب بصفة عامة و بمحدودية ، ربما وصلت إلى حد التآكل في صفحات الجرائد ـ التي قيل أنها كانت السبب في ذيوع فن القصة القصيرة كوسيط أدبي سهل إدراجه في أقل حيز ممكن ـ إلى درجة عدم الاكتراث بجودة ما ينشر ، غالبآ ،إذ أن القصة صغيرة الحجم و الشأن ـ في نظرهم تتواءم مع مقتضيات الحال بشغلها لهذا الحيز الصغير ، هذا إن فرغ و سمح لها . و إن حازت النشر ربما نشرت مشوهة تنقصها المراجعة و الدقة اللغوية ، و ربما بُتِر اسم صاحبها أو شوه .
* الدورية الوحيدة المتخصصة لا تصدر بانتظام ، و بالطبع لا تفي بمتطلبات نشر أعمال أغلب كتاب القصة المجيدين حتى من أعضاء النادي العريق الذي تحمل اسمه . بينما ينصب العبء على دوريات أدبية معدودة لا تنهض ـ بالطبع ـ بعبء نشر ما يكفي من نصوص قصصية كما ينبغي و إن حاولت .
ناهيك عن اختفاء الأعداد و الملفات الخاصة عن القصة إلا فيما ندر
* المؤتمرات الأدبية المتخصصة ، تعقد على شرف الرواية و الشعر ، تقريبآ بشبه انتظام ، بينما لا تتاح للقصة مؤتمرات ـ ربما محاور فيما ندر ـ لمناقشة قضاياها و تطوراتها و حاجتها الملحة للمواكبة .
بينما تتاح فقط الفرصة فقط لمن يعطي نفسه حق التشدق بأن ( مدارس ) القصة تقف عند حدود و طريقة فلان و فلان من مؤسسى حركة الإبداع القصصي في أوروبا بالقرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين .
بديهي جدا أن تسلب القصة أحقيتها في بلوغ مكانتها اللائقة في مناخ ثقافي لا يعترف بأهميتها ، و لا بمعاناة كاتبها ، و إن كانت معاناته ـ في نظر بعض المنظرين ـ معاناة من الدرجة الثانية أو الثالثة ، فهى في نظر الكثيرين " فن النفس القصير " ، و لا يحق لمبدعها في أن يجرب ويبدع . لا نقول ( يجدد ) ، و إنما يحاول التجديد ، و لا بمحاولة ضخ دماء جديدة في شرايين الحياة الأدبية ، و النقدية المواكبة ، التى مازال جُل تناول بعض رموزها للمسألة الإبداعية جامدآ عند حدود معينة لا يجوز تجاوزها .
هى بلا شك محنة لفن القصة الذي يصارع من أجل وجود مجهض ، لكنه موجود بمبدعيه الجادين يقاوم ، و المحنة محنته ، و ربما كانت أكبر حجمآ من حجب أى ثمرة من ثمرات الابداع المتميز عن مبدعيه إلا من رُحِم

محمد فؤاد منصور
10/09/2009, 08:17 AM
أخي العزيز محمد عطية
مقال جيد يلقي الضوء على فن من أجمل الفنون ، غاية مافي الأمر أنه يخشى عليه من تزمت الأقدمين وشطحات المجددين ، ولكن يبقى لفن القصة ألقه ورونقه مادام محافظاً على خصوصيته وسماته ولم ينزلق ليصبح شعراً منثوراً أو تهويمات لغوية تصول وتجول دون أن تقول .. إنه فن السرد الأدبي الذي يبعث الوعي ويحمل رسالة لمتلقيه .. هكذا أراه ..
مودتي .