المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة عملية مطروحة للتقويم



خالد أبو هبة
08/10/2006, 09:27 AM
ضيفي الصامت
عن المعهد العالمي لوحدة المسلمين/ ماليزيا
بقلم: ندى إبراهيم
ترجمة: خالد الشطيبي أبو هبة
My Silent Guest

As the soft rainbow of pink, red and burnt orange streaks painted the clear blue sky, and the stealth of the sunset crept in, there was a sudden shift in the air. Sheets and sheets of calmness descended on the many houses preparing for the congregational magrib prayers. With the descent of the blanket of calmness, I heard a soft, tranquil knock on the door of my heart. My heart skipped a beat, my stomach somersaulted, and the blood rushed, pumping renewed energy through my veins. Here was my guest that I had been waiting for. A quick mental calculation reminded me of the year I spent preparing for the arrival of this guest of mine.
Rushing to the door with a smile stretched across my face, my eyes sparkling in anticipation, I opened the door and saw the healthy glow on my guest’s face, no traces of travel, exhaustion, or weariness to mark its beauty. Bearing countless gifts, the warmest glow of tranquillity burning in those silent intense eyes, it floated in with the sweet, warm fragrance of musk, and a sure promise to stay for a month.
This year I had intended that my guest’s usual stay would be very different to those before, where it usually came as a stranger and departed as a stranger. I was determined that it would not leave a stranger this time. I wanted to know it inside-out, familiarizing myself with all its hues, something like knowing every scar on the back of my hands, like every familiar whiff of the sweet fragrance of a baby’s toothless mouth that you can never get enough of. I wanted it to return the next year in anticipation to meet me again as much as I awaited its arrival.
As each day passed of the month of its stay, I found my guest was changing every fiber of my being. We spent every moment of the day together. We woke up together, ate together, prayed together, recited Qur’an together, studied together, prayed congregational prayers together, traveled together, practically did everything together. It taught me so many new things. It was silently guiding me, leading me, directing me, gently caressing me with its mercy, cleansing my heart, removing layer after layer of the dust and grime that over the years had accumulated on my skin, hair, face, mind, heart, soul, bringing forth a renewed sheen that I hadn’t seen in as far back as those innocent days of childhood bliss. I looked at my guest lovingly with the sweetest and gentlest smile on my face, love shining through the windows of my soul, letting the aura of tranquillity emanating from it flutter into my quivering heart, its soothing touch blanketing each new found layer it uncovered. I let myself go willingly towards it, moving like a parched soul, yearning for more and more of its company.
How generous was my guest, it never asked anything in return, it just kept giving me and giving me and giving me. It asked me what I wanted the first night it arrived. I asked it for tranquillity, I asked it for mercy, I asked it for blessing, I asked it for success, I kept asking and asking, and never did it say no.
Soon it was time for it to leave, 20 days had passed, and only ten remained. How had time passed me by so quick like the wink of an eye? I began to weep, hot tears of desolation rolled down the curve of my cheeks, wrenched from deep within my soul. I did not want it to leave and I told it so. It told me that I had ten days left, where each day would be better than the previous 20 days. Then it told me, within those ten days and nights, I would find a night that is better than a 1000 months, where droves of angels would descend with the Archangel Gabriel, crowding the space between the lower heaven and the earth, and in it I would find a sense and flavour of peace, I have never ever experienced before. It was the night of power.

ضيفي الصامت

بألوان الطيف الزاهية من أحمر وبنفسج وبرتقالي براق، تزينت السماء الصافية حين انسلال غروب الشمس من ذلك اليوم، وعندها حدث تغير مفاجئ للنسيم، وحلت بوادر السكينة على البيوت استعداداً لأداء صلاة المغرب جماعةً. وبدثائر هذه الأجواء العليلة الهادئة ، همست في أذنيَّ دقات طمأنينة على باب قلبي. وحينها بدأ القلب يخفق، والمعدة تتقلب، والدم يجري عبر الأوردة، مجدداً حيويتي. ومن هنا أدركت أن الضيف الذي كنت أنتظره حائل لا محالة، وسرعان ما عادت بي الذاكرة إلى الأيام التي مضت ، وما أعددت لاستقبال ذلك الضيف.
وبشوق العاشق الولهان المبتسم والوامض العينين، فتحت الباب ورأيت وجه ضيفي السمح مفعما بالبريق اللامع، خاليا من آثار السفر من تعب وإرهاق، مكتنزا نضارة وبهاء، حاملا للهدايا التي لا تعد ولا تحصى، متوهجا في حنين عينيه، مغمورا بعذوبة عبير مسكه الفواح، وواعدا بالمكوث شهراً.
في هذا العام يبدو الأمر مختلفا عما سبق، حيث كنت متهئياً لمجيئ ضيفي المعهود، وقد كان في السابق يشرفني غريباً ويعود غريباً، بيد أني كنت واثقاً من نفسي هذه المرة ومتأكدا من أن الضيف لن يغادرغريباً. وقررت عندئذٍ التعرف عليه أكثر فأكثر متوغلاً في أعماقه لسبر أغوار سماته وطبائعه، والتودد والتقرب إليه كأحد أفراد العائلة، وتمنيت بصدق عودة الضيف في السنة القادمة على أمل لقائه مجددا..
ومع توالي مرور أيام الشهر، أحسست بتغيير عميق في كل مفاصل حياتي اليومية، حيث أصبحت أقضي كل لحظة مع الضيف: نستيقظ وندرس ونرتل القرآن ونصلي النوافل وصلاة الجماعة سويا، بل حتى الأكل والسفر وكل صغيرة في حياتي أصبحنا نقوم بها معا..، والحقيقة أنه علمني بهدوءه المعهود الشيء الكثير، لقد وجهني وهداني وغمرني بفضائله ونعمه، طهر قلبي وأزال كميات الرواسب المتراكمة على جلدي وسائر أطراف جسدي وروحي، وسموت بفضله في نعيم السكينة والصفاء الذي لم ألمسه إلا في مرحلة الطفولة البريئة. نظرت إلى ضيفي بكل ود وابتسامة رقيقة ترتسم على محياي، أحسست بنور فياض يغمر روحي و يشمل قلبي بهالة من الطمأنينة والانشراح. تركت نفسي الظمآنة تبحر طواعية في هذا المنهل الروحاني وكلي رغبة جامحة في الاستفادة أكثر وأكثر من صحبته..
لا تتصوروا مدى كرم ضيفي ! لم يطلب مني شيئا على الإطلاق، بل كرس نفسه لعطائي منذ الليلة الأولى عندما سألني عن مرادي، وكان جوابي أن طلبت منه السكينة والرحمة والبركة والنجاح.. ظللت أطلب وأطلب كل مرة دون أن يمانع. فجأة، ودون سابق إنذار، وجدت نفسي في اليوم العشرين من الشهر، مرت الأيام كلمح البصر واقترب موعد رحيل الضيف، لم أستطع مقاومة البكاء من خشية الإحساس بالوحشة والعزلة. لم أرغب في رحيله وقلت لنفسي بقيت عشرة أيام فلأعمل جاهدا على أن يكون كل يوم منها أفضل من سابقيه، وأخبرني ضيفي بأن ضمن العشرة المتبقية توجد ليلة مباركة هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة فيها إلى الأرض ليعم السلام حتى مطلع الفجر، إنها ليلة القدر التي لم أجرب أبدا عظمتها من قبل.

ياسمين مسلم
12/10/2006, 06:23 AM
أولا اسمح الأخ الكريم خالد الشطيبي أن أحيّي في هذه الترجمة تحررها وحرصها على نقل جمال لغوي مقابل لمثله في النص الأصلي
ولكن اسمح لي أيضا أن أستعرض بعض الأمور برأيي المتواضع
مهما يكن فالنص الأصلي المطروح نصا له صبغة أدبية، ومن هذا المنطلق يكون حديثنا إن شاء الله.

"حدث تغير مفاجئ للنسيم"
لن أتحدث هنا عن ما يسمونه اللغة الأدبية أو الشعرية ومفرداتها
ولكن فقط أقول فقط إن هذه الجملة تعرقلت على أذني فلم تستطع التوغل أكثر من ذلك.
لنسأل ماذا تقصد الكاتبة بقولها الهواء. هل تقصد فقط الهواء أم الهواء وكل ما يحمله من هدوء وسكينة وضياء.
إن طبيعة النص الأدبي غالبا تفرض علينا أن نختار الحلول الممتدة عن تلك المحصورة في خيار واحد
فماذا لو قلنا "تبدلت الأجواء فجأة" هذا مجرد اقتراح، لكن المهم هنا شيئان: الأول كسر حدة كلمة suddenly والثاني أن تسير الجملة على مستوى البناء والشكل بنفس الهدوء الذي يحمله المضمون.
نجد هنا أيضا تغيير في بناء الجملة، ولا أعني بذلك أن هذا لا يجوز إذا لزم الأمر ولكن أرى لذلك مواضعه.
فالجملة هنا مركبة من قسمين، يبدأ قسمها الأول من as حتى crept in ويبدأ الحدث التابع من there was حتى نهاية الجملة.
فلنعيد تركيب الجملة معا بنفس الصيغ التي تفضلتم باستخدامها
فماذا ترى لو قلنا:
"ما إن تزينت السماء بألوان الطيف الزاهية من أحمر وبنفسج وبرتقالي براق وتسلل غروب الشمس، حتى تبدلت الأجواء.
ويمكن هنا حذف كلمة فجأة، لأن استخدام الصياغة السابقة (ما إن ...، حتى) قد تحمل أيضا المفاجأة.
وأريد أن أسأل عن
"انسلال غروب الشمس من ذلك اليوم، "
لا أدري هل تثبت هذه الجملة الحدث أم تنفيه، فعندما ينسل شيء من شيء معناه أنه يذهب عنه أما أن ينسل إليه فمعناه أنه تلصص أو زحف إليه والله أعلم.

"هنا أدركت أن الضيف الذي كنت أنتظره حائل لا محالة، "
هل هذا ما تقوله الكاتبة؟ على كل، أظن أن في كلمة "حائل" خطأ غير مقصود، أظنك تقصد حالّ.

فيما يلي مقطع من ترجمة حضرتك للمقارنة:
I wanted to know it inside-out, familiarizing myself with all its hues, something like knowing every scar on the back of my hands, like every familiar whiff of the sweet fragrance of a baby’s toothless mouth that you can never get enough of. I wanted it to return the next year in anticipation to meet me again as much as I awaited its arrival
وقررت عندئذٍ التعرف عليه أكثر فأكثر متوغلاً في أعماقه لسبر أغوار سماته وطبائعه، والتودد والتقرب إليه كأحد أفراد العائلة، وتمنيت بصدق عودة الضيف في السنة القادمة على أمل لقائه مجددا..

جميل جدا تأويلك أخي الكريم، ولكن بالنص تشبيه جميل بالطفل.. أفلا يمكن نقله بشكل أو بآخر.
لنحاول معا.

أما الجملة التي تليها
As each day passed of the month of its stay, I found my guest was changing every fiber of my being.
ومع توالي مرور أيام الشهر، أحسست بتغيير عميق في كل مفاصل حياتي اليومية،

أظنها تفاصيل وليست مفاصل. (زلة قلم/ لوحة مفاتيح)
لكن أيضا لم لا نترجم هذا التشبيه الجميل فنقول مثلا:
و بمرور اليو م بعد اليوم من الشهر الذي قضاه معنا، وجدته يغير كل خيط من نسيج حياتي.

لقد واصلت قراءة الترجمة للنهاية، والحقيقة أنه لولا شعوري بالمجهود المبذول فيها والإبداع الذي ينسال من قلم صاحبها، لما أقدمت على نثر ملاحظاتي.
غاية ما هنالك أن الترجمة الأدبية تحتاج إلى مراجعة ذاتية من نوع خاص، يغيب المترجم عن النص زمنا أكثر مما يغيبه عن النص العادي. ثم يعيد قراءتها بعين محايدة، فلا شك أنه سيجد تعبيرا أفضل من آخر وسيكتشف أشياء في النص المصدر لم يكتشفها في القراءة الأولى ،إن شاء الله.

أخي الكريم الأستاذ خالد الشطيبي،
لتقبل تحيات حرفي وصمتي.
دمت بخير.

أختكم

خالد أبو هبة
12/10/2006, 08:01 AM
الأخت الفاضلة ياسمين
تحية رمضانية مباركة في هذا الشهر الفضيل
أثمن عاليا ملاحظاتك القيمة واقتراحاتك السديدة التي تنم عن خبرة احترافية ودراية بدهاليز الترجمة، كما تؤشرلحس صحفي عال لا يتوانى عن التدقيق في ثنايا الأمور ولا يمر على النص المترجم مرور الكرام..
وكما تفضلت بالقول، فإن ترجمة مثل هذه الخواطر الأدبية يظل من الصعوبة بمكان، خاصة إذا كان الكاتب الأصلي للنص ذا لغة قوية ورصينة، خيال أدبي فسيح و حس مرهف من طراز الأخت ندى إبراهيم الأسترالية الجنسية والنشأة..
ومن ثمة، فإن النص الذي ترجمته يغدو مفتوحا وقابلا كل مرة للتهذيب والتشذيب، وللأخذ والرد بما يزيد من جماليته وروعة صياغته..
مع خالص الشكر والامتنان